اليكم
طريق الصحابة .. ( 1 )
الطاهر ساتي
[email protected] ** لا نتوقع تراجع الحكومة عن قرار وزير ماليتها ، فلو كان القرار ذا صلة بالمجتمع الدولي ربما تراجعت أو فاوضت فيه الطرف الأممي ، ولكن القرار للأسف لا يمس الا بقايا المجتمع السوداني و النقابات و أحزاب الوهن التي تستحق أن ينهرها و يحتقــــرها د. نافع عند كل أزمة ، لتدخل بيت الطاعة إما بالصمت الخجول أو .. بالتحالف المستتر .. أو بالعجز المبين ... .!!
** و لان كل الاذان أصيبت بالصمم تجاه أصوات المنادين بالتراجع ، وكل إرادة طمعت في قوتها الجماهير قد شلت و ماتت إكلينيكيا في وجه القرار الوزاري ، فلندع الأذان في مالطا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ، و نفتح الستار ليقف الرأي العام امام فيلم جديد من أفلام الفساد الإداري و الأخلاقي الذي لن ترفع وزارة المالية و حكومتها الدعم عنه ولو بنسبة " 1 % " ، كما ترفعه عن محروقات الشعب بنسبة " 50 % " ...!!
** الفيلم يبدأ عام 1996 بمشهد توقيع العقد بين وزارة الطرق و شركة شريان الشمال على إنشاء طريق شريان الشمال " ام درمان - دنقلا " بطول " 480 كيلو متر " .. بتمويل من وزارة المالية و أهل الشمال استقطاعا من سكر أطفالهم و أموال مغتربيهم .. !!
**وبدأ العمل - بعد أن امتلأت خزينة الشركة بأموال المغتربين والمكلومين - في ثلاثة قطاعات .. " خالد بن الوليد " ، " أسامة بن زيد " ، " ابوعبيدة بن الجراح " ..وكانت قبل الفتح الرسالي تسمى " الخرطوم ، الدبة ، دنقلا " .. تحت إشراف ثلاثة من صحابة القرن العشرين أيضا ... الفاتح حسين ، على فقيري ، عبد الله الجاز .. و بإدارة مباشرة من أميرهم الحاج عطا المنان ... " رضوان الله عليهم " ...!!
** و انتهى العمل في طريق الصحابة قبل عام و نصف برصف " 410 كيلو " من جملة ال " 480 كيلو " .. وسلمت الشركة الطريق لوزارة الطرق و قبضت التكاليف و الأرباح - على داير المليم - بواقع " 170 مليون جنيه للكيلو الواحد " في المائتين وعشرة كيلو الأولى .. و " 450 مليون جنيه للكيلو الواحد " في المائتين كيلو الأخيرة ... ولأننا اليوم - مثل كل يوم - نجلس على قمة جبل الاستياء، نترك للقارئ مهمة أجراء العمليات الحسابية المعروفة ليستنتج التكلفة المليارية .. و الإغماء من هول الرقم على مسؤولية محاسبه ..!!!
** بعد أن قبضت الشركة كل تلك المليارات الناتجة عن " 170 مليون ، 210 كيلو + 450 مليون 200 كيلو " ، خرجت من الولاية الشمالية و توجهت نحو دارفور وغيرها من ولايات السودان - أعان الله أهلها -.. وبعدها مباشرة خرج الطريق المسفلت عن طوعه و طوع رحلات أهل الشمال و صار مهترئا عصيا، عليه تحمل العربات و إطاراتها ، و مع توالى المرور تفتت وسطه و تآكلت أطرافه وتحول طريق الصحابة - قبل أن يبلغ سن الصبا - إلي شريط من الرمال و أخدود كتلك المذكورة في القرآن . ... .!!
** انتهت الشركة قبل عام ونصف من رصف آخر " 50 كيلو " ، ليكتشف أهل الشمال أن صلاحية الطريق كله أيضا انتهت قبل عام .. و هذا يعنى أن أهل الشمال استخدموا طريق الصحابة - الذي يعاد رصفه اليوم دون محاسبة أبطال الأمس - لمدة نصف عام فقط بعد انتهاء شركة شريان الشمال من رصفه .. و لأننا لم نجد شيئا في تاريخ الأشياء - غير البسكويت و الحلويات - له فترة صلاحية عمر طريق الصحابة ، اجتهدنا لمعرفة أسباب هذه الكارثة التي دفنت مليارات المغتربين و أطنان سكر الحيارى تحت أنقاض ( اللامسؤولية ) و ( اللا رحمة .) ..
** و... عرفنا الأسباب وأبطالها ... غدا نحدثكم بإذن الله....!!!