السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 01:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-07-2006, 03:34 PM

علاء الدين صلاح محمد
<aعلاء الدين صلاح محمد
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 4804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان (Re: علاء الدين صلاح محمد)

    للفاائدة العامة ولجمع كل ما كتب عن هذا الموضوع رايت من الاهمية ادراج المقالات التي كتبه الاستاذ سيف الدبن عيسى مختار حول هذا الامر خاصة وان مقال الدكتور بحر الدين علي دينار جاء في الاصل ردا على ما ورد في مقالات الاستاذ سيف الدين عيسى مختار والمنشورة على صفحات سودانيزاونلاين.
    Quote: السلطان علي دينار و حقيقة حكاية المحمل وكسوة الكعبة وارض "حوش علي دينار" بجدة /سيف الدين عيسى مختار/جدة
    كان السلطان على دينار وطنيا بمعنى الكلمة، يستمد عظمته من مواقفه الكريمة، وبطولاته التي سطرها في ساحات الوغى.كان مسلما أقام سلطنته على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، استجلب العلماء والفقهاء، واستعان بذوي الفضل في إرساء دعائم سلطنته.فها هو القاضي إدريس الدنقلاوي يتولى القضاء، والشيخ عبد الماجد الفلاتي يتولى إمامة مسجد الفاشر , والعديد من العلماء من كافة انحاء السودان تستوعبهم الحياة الثقافية والاجتماعية في الفاشر .
    إن الانجازات الكبيرة التي حققها هذا السلطان السوداني يجب أن نوثقها نبراسا للأجيال القادمة، وهي في نظري أكبر من أي انجاز آخر خارجي، وليس السلطان علي دينار في حاجة إلي أن نمجده أو ننسب إليه أعمالا هنالك شك في نسبتها إليه، فما لديه من الفضائل والمآثر يكفيانه لإحلاله موقعه اللائق في سجل الخالدين في ذاكرة الوطن. يكفيه أنه كان صاحب حس وطني مارس الوطنية في حكمه للسلطنة، يقول الدكتور الشيخ عبد الله عبد الماجد في كتابه القيم (الخرطوم الشعب والدعاة) ص (259) (نقلا من كتاب الدكتور مندور المهدي (تاريخ السودان من أقدم العصور) " إن قيام دولة باسم الإسلام في غرب السودان في دارفور تستمر أكثر من قرنين ونصف من الزمان في حكم متصل ومستمر، ونظام حكومي مستقر واضح لم يعرف له مثيل في في تاريخ ممالك الإسلام السودانية(الفونج) والعبدلاب وغيرهما، وكانت على استعداد لأن تعبر النيل إلي سنار بعد أن تم لها إخضاع كردفان نهائيا، وامتدت بقوتها المادية والبشرية في ربوع السودان وخارجه أدبيا وسياسيا، فاتصلت بالدول الإسلامية الأخرى اتصالا وثيقا وأطلق على سلطانها لقب الرشيد في الأستانة وأنشيء في مصر رواق في الأزهر الشريف عرف باسم رواق دارفور قائم إلى اليوم، كما عقدت الصلة بينها وبين الحجاز فألزمت دولة دارفور نفسها بأن تساهم بقدر كبير في ميزانية الحرمين الشريفين، مشاركة منها، وأرسلت بناء على ذلك ما يعرفه المؤرخون ب (صرة الحرمين ) ".
    إن عظمة سلاطين الفور تكمن في أنهم استطاعوا ضم الكفاءات العلمية إلي سلطنتهم وإقامة دولة العلم والعلماء .
    يقول الدكتور عبد الله عبد الماجد في كتابه الإعلام بالأعلام (ص 297) " القاضي إدريس عبد الله، والشيخ محمد السناري من الأسر العريقة التي قدمت من وسط وشمال السودان واستوطنت دارفور، فالأول دنقلاوي والثاني من السناهير، والتي ساهمت ولا تزال في كثير من أنشطة الحياة المختلفة من اجتماعية واقتصادية وثقافية في الفاشر، وهذا يدل على أن السلطان علي دينار كان قوميا في توزيع وظائف مملكته ولا يحصرها فقط في أبناء دارفور أو قبيلة واحدة).
    لقد كان هدفنا من هذا المقال هو إزالة اللبس عن بعض الأمور المتعلقة بالسلطان على دينار ، والتوثيق للأعمال الجليلة التي قام بها، لذلك فان الذين تحدثوا عن عدم ملائمة الوقت لمثل هذه الموضوعات، قد أسروا حسوا في ارتغاء، لأنهم في الواقع إنما يهدفون إلى أن تظل الحقيقة غائبة، وليست لديهم القدرة على البحث والتقصي لإثبات صحة ادعاءاتهم ، لأنهم على أحسن تأويل لمواقفهم يريدون استثمار كل الظروف لخدمة أهدافهم ومصالحهم الخاصة.
    السؤال الذي يطرح نفسه هنا في مستهل هذا المقال هو: هل حج السلطان على دينار؟ إن كان قد فعل ففي أية سنة؟ هنالك إشارة غير واضحة في كتاب الدكتور بشير محمد سعيد " السودان من الحكم الثنائي إلى انتفاضة ابريل" الجزء الأول ص 15، حيث يقول " كانت علاقة السلطان علي دينار بالحكومة الجديدة في الخرطوم منذ خروجه من أم درمان عقب معركة كرري، واستعادته لعرش أجداده قائمة على أسس سليمة، يدفع للحكومة ضريبة سنوية ويقدم لها بعض الهدايا من منتجات مملكته، مما يحمله عندما يمر بالخرطوم في طريقه إلى مكة المكرمة في موسم الحج، ويتسلم منها الهدايا ، وكان في أول أمره يتبادل الخطابات الودية مع سلاطين باشا ويرد علي ما يصله من خطابات الحكومة ، ولكنه لم يكن يأذن لموظفي الحكومة من دخول سلطنته" ، ولقد أخبرني الشيح الدكتور عبد الله عبد الماجد بأنه قرأ في إحدى رسائل السلطان على دينار بأنه كان قد حج قبل أن يصبح سلطانا على دارفور عندما كان أميرا، وذلك ضمن قوافل الحج الدارفورية، وهنالك من يذهب إلى أنه لم يحج أصلا، فالظروف لم تكن مواتية خاصة أثناء توليه للسلطنة نظرا للاضطرابات العديدة التي شهدتها سلطنته في بدايتها، ثم دخوله في حروب مع المستعمر، وقد ذكر السلطان نفسه في رسالة له إلى الأستانة أن الانجليز قد هيمنوا على طرق الحج ومنعوه من أداء هذه الفريضة ، ولعل الذين اطلعوا على كتابه (العمران) من المؤرخين أو من أفراد أسرته قد يفيدوننا بالخبر اليقين عن السنة التي حج فيها والأعمال التي أنجزها في تلك الحجة إن ثبتت، وكان على دينار قد أرسل كتابه المذكور وهو يحتوي على سيرته الذاتية إلى مصر لطباعته، لكن الحاكم العام الانجليزي في السودان رفض طباعة ونشر الكتاب ولم يسمح إلا بطباعة ست نسخ منه فقط لاستخدامه الخاص سنة 1912م.
    لقد كانت الدويلات والإمارات المختلفة التي حكمت أجزاء من العالم الإسلامي تشعر بواجباتها تجاه خدمة الحرمين الشريفين وترسل من ثم الهدايا والعطايا والمكرمات الملكية، ومن تلك الدول بالطبع سلطنة الفور التي كانت تقدم المساعدات المالية لأشراف مكة القائمين على أمر الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت تلك المساعدة الدارفورية تسمى (صرة الحرم) وتحتوي على المساعدات المادية التي يقدمها سلاطين الفور ومنهم السلطان على دينار، وهذه المساعدات كانت تنقل ، إما عبر جمهورية مصر وإما مباشرة عبر سواكن. وقد حدثني الدكتور عبد الله عبد الماجد بأن محمل (صرة الحرم) السلطان علي دينار كان يتكون من غالب منتجات دارفور إضافة إلى الذهب والفضة، وكانت هذه المنتجات تؤخذ إلى مصر وتباع في الأسواق المصرية ثم ترسل قيمتها نقودا وذهبا إلى الحجاز.
    كانت مصر تنفرد بصناعة الكسوة حتى العام 1962م عندما بدأ المصنع السعودي في إنتاج الكسوة، والمحمل كمصطلح كان عبارة عن بعثة رسمية من الدولة صاحبة الهيمنة على أرض الحرمين الشريفين، وكان المحمل يحمل إضافة إلى الكسوة رواتب موظفي الشريف وزعماء القبائل الذين كانوا يستميلونهم بتلك العطايا تفاديا لغاراتهم على قوافل الحج، وفرمانات عزل الأشراف وتوليتهم، والمعونات لسكان الحرمين الشريفين.
    من الكتب المهمة التي تناولت الكسوة كتاب الأستاذ أحمد السباعي عن تاريخ مكة المكرمة، وكتاب الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار (الكعبة والكسوة من أربعة ألاف سنة وحتى اليوم) الصادر عن وزارة الحج والأوقاف السعودية سنة 1977م، وفيه تفصيل لتاريخ الكسوة ، من ذلك أن أول من كساها هو سيدنا إسماعيل عليه السلام بعد أن رفع القواعد من البيت مع أبيه إبراهيم عليه السلام، ثم أغفل التاريخ ذكر كسوتها إلى عهد عدنان بن أد أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الجاهلية كان أول من كساها الملك أسعد الحميري وهو تبع الذي كان قد غزا يثرب فأشار إليه أحد الهذليين أن يغزو مكة وينهب ما بالكعبة من حلي وجواهر يريد بذلك إهلاكه ،ففطن تبع لذلك وجاء مكة فطاف بالبيت ونحر عنده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام ينحر ويطعم وكسا الكعبة وتنسب إليه هذه الأبيات:
    وكسونا البيت الذي حرم الله مــلاء معضدا وبرودا

    وأقمنا به من الشهـــر عشـــــــرا وجعلنا لبابـه اقليـــدا
    والاقليد هو المفتاح، ويروى انه أري في المنام أن يكسو الكعبة فكساها الخصف وهو نسيج من الخوص والليف، وقيل ثياب غلاظ، ثم أري أن يكسوها أحسن فكساها برودا معافرية من نسج اليمن ، ثم أري أن يكسوها أحسن فكساها الملاء والوصايل ,والوصايل ثياب حمر مخططة يمنية، وهو أول من جعل للكعبة بابا ومفتاحا، ثم استمر خلفاؤه من بعده يكسونها بالقباطي وهي ثياب مصرية، ثم كان أن جمع قصي بن كلاب- واسمه زيد بن كلاب – القبائل العربية وطلب منها أن يترافدوا أي يتعاونوا فيما بينهم في كسوة الكعبة، فكانت الكسوة ثمرة تلك الرفادة، ثم كان أبو ربيعة بن المغيرة وهو جد الشاعر عمر بن أبي ربيعة رجلا موسرا صاحب تجارة فكان يكسو الكعبة عاما وقريش عاما، لذلك سمى العدل بخفض العين، ويذكر التاريخ أيضا أن نتيلة بنت حباب زوج عبد المطلب وأم العباس رضي الله عنه تفردت بكسوة الكعبة وذلك لأن العباس كان قد ضاع منها وهو صغير فنذرت أن تكسو الكعبة إن هي وجدته، فعاد العباس ووفت نتيلة بنذرها ، من هنا ندرك أن كسوة الكعبة كان عملا يتقرب به وكان مباحا لكل من يستطيع ولم تكن على نول واحد أو لون واحد بل كانت من نسيج وجلد، ومن ستائر تسدل و نمارق تعلق، وقد كساها المسلمون عام الفتح وذلك لأن امرأت جاءت تجمر الكعبة فاحترقت الكسوة فكساها المسلمون، وكساها الخلفاء الراشدون ومن مآثر سيدنا عمر رضي الله عنه أنه جعل الكسوة من بيت مال المسلمين، ثم أمر بأن تحاك الكسوة في مصر ، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت (كسوة الكعبة على الأمراء) وهكذا تولاها من كانت له الولاية على المسلمين، وقد اشترى الناصر قلاوون عدة قرى مصرية وأوقف ريعها لصناعة الكسوة حتى جاء محمد على باشا والحق الكسوة بخزينة الدولة المصرية
    يقول الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار في كتابه المشار إليه ص (154) " وكانت كسوة الكعبة من مصر حتى بعد دخولها سنة 923هـ تحت حكم العثمانيين الذين أخذوا على أنفسهم كسوة الحجرة النبوية وكسوة الكعبة من الداخل والطيب والعطور والشموع وزيت القناديل ، وبقى الأمر حتى تولى محمد على باشا حكم مصر وحل الوقف الخاص بالكسوة وتعهدت الحكومة المصرية بالإنفاق على صناعة الكسوة من خزينة الدولة .
    مما سبق يتضح إن الكسوة كانت تمثل شكلا من أشكال السيادة على الحرمين، كما كانت سلاحا تشهره أحيانا ضد أشراف مكة إن هم أرادوا الاستقلال بحكم الحجاز كما حدث ذلك مع الشريف حسين، ونظرا لأن السياسة أصبحت تتحكم في الكسوة فقد قرر الملك عبد العزيز أن تتولى المملكة العربية السعودية الراعية للحرمين الشريفين كسوة الكعبة وذلك من موقف إيماني صادق حتى تبعد أمور الحرمين عن أية نزعات أو صراعات سياسية، وأنشأت مصنعا لذلك، وقد توقفت مصر عن إرسال الكسوة منذ العام 1962م ، من هنا يتضح بأن السلطان على دينار لم يقم بصناعة كسوة الكعبة.
    كانت الكسوة تنقل إلى مكة في محفل مهيب، وقد جاء في موقع إسلام اون لاين أن الباحثة شيرين عبدالحليم القباني قد حصلت على درجة الماجستير ببحث حول 'المحمل المصري في العصرين المملوكي والحديث (648 ه 1372ه 1250 م 1952م)، حيث قالت أن بداية الظهور الفعلي للمحمل المصري في العصر المملوكي، واستمر طوال العصر العثماني إلي أن توقف عام 1962م وأكدت الباحثة أن المحمل لم يكن فقط عبارة عن جمل يحمل كسوة الكعبة وإنما كان رمزا لسيادة مصر علي الحجاز، تلك السيادة التي تمثلت في تقليد إرسال الكسوة المصرية للكعبة ومخصصات الحرمين الشريفين من غلال ومرتبات للإشراف وأموال لفقراء الحرمين، كما أن مرسوم تعيين شريفي مكة والمدينة كان يخرج من مصر بصحبة ركب المحمل، كما يمثل المحمل ظاهرة إنسانية حضارية، انعكست آثارها علي حياة المصريين مثلما انعكست علي حياة الحجازيين أيضا، وتمثل ذلك في الازدهار التجاري الكبير الذي كان يواكب فترة الحج وما ترتب عليه من هجرة الكثير من الجنسيات لمصر من شوام ومغاربة وحجازيين، كما ظهر عدة فنون شعبية ارتبطت بالحج والمحمل مثل جداريات الحج، التي كانت ترسم علي واجهات منازل الحجاج، وأغاني تحنين الحجاج.)
    وفي ذات الموقع هنالك مقال جيد للكاتبة التركية نوزات صواش تصف فيه المحمل العثماني، والصرة العثمانية.
    ويصف الأستاذ أحمد السباعي المحمل في كتابه ( تاريخ مكة المكرمة) ص 576 " وكانت المحامل قد منعت في عهد السعوديين الأول فلما عاد الحكم إلى العثمانيين في هذا العهد استأنف المحمل الشامي والمصري مسيرهما إلى مكة المكرمة ، ولعل الأتراك اكتفوا بإرسال المحمل الشامي الذي كان يحمل صرهم وصدقاتهم إلى مكة ، وكلا المحملان يستقبلان في جدة ومكة استقبالا رسميا ـ وكان إذا وصل ركب أحدهما إلى مكة المكرمة أناخ جمل المحمل بجوار باب النبي في حفل عام تعزف فيه موسيقى مكة والمحمل ثم ينقل على أكتاف الرجال من باب النبي إلى المسجد حيث يستقر كل محمل في مكانه المخصص بين باب النبي وباب فايتباي ويبقيان كذلك إلى يوم السفر فيخرج كل منهما في يومه المحدد ليحتفلوا بتوديعه بعد أن يطوف الجمل به عدة طوفات في الشارع أمام باب على " وقد ذكر السباعي أن مصر كانت تتفرد بصناعة الكسوة.ويبدو إن استقبال المحمل المصري في جدة كان حدثا سعيدا يستقبله الناس بالأهازيج، ويقال أن انطلاقته إلى مكة المكرمة كانت تتم من ذات المكان الذي يقام فيه الآن مركز المحمل التجاري بوسط جدة.
    لقد كان المحمل والكسوة يحتلان مكانة عظيمة في نفوس المسلمين لارتباطهما بالركن الخامس للإسلام، وما من شك في إن مساهمة أية سلطنة أو دولة فيهما تعتبر مفخرة وطنية وعملا يجب أن تتناقله الأجيال جيلا بعد جيل. إن عظمة سلاطين الفور تكمن في أنهم وعوا منذ وقت مبكر الدور الوطني المناط بهم، وأنهم إنما يمثلون ذلك المجتمع المسلم الذي كان قد تشكلت هويته من مجموع تلك القيم الأفريقية العربية، فخلفوا ذلك التراث الإسلامي الذي يعتبر بحق مفخرة للسودان، ولا يعني حديثي عن المحمل والكسوة انتقاص من جهودهما، ولا ينبغي أن يفهم كذلك، وقد كانوا كغيرهم من عظماء هذا الوطن خلفوا أوقافا وأعمالا خيرية في أرض الحرمين الشريفين، بل نستطيع أن نقرر بشيء من الاطمئنان أنهم كانوا أكثر الناس خدمة لحجاج بيت الله الحرام، يدفعهم إلى ذلك إيمانهم العميق وصدق توجهاتهم، وخاصة السلطان على دينار الذي لم يكتف بدفاعه المستميت عن الإسلام والمسلمين بل خلف ديوانا كاملا في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر البروفسير عون الشريف قاسم عليه رحمة الله تعالي في موسوعته عن القبائل العربية في السودان، لقد كان لأهل دارفور نصيب كبير من الأوقاف بالمملكة العربية السعودية، منها أوقاف سلطانية وأخرى أهلية
    ومن الأوقاف التي تحمل اسم هذا السلطان ما يعرف الآن بحوش السلطان على دينار في مدينة جدة، ويقع في حي الواسطة بباب شريف، وتبلغ مساحته حوالي 2500 متر مربع، وبداخله تسكن حوالي أربعين أسرة.
    وهنالك اختلاف حول من الذي اشترى الحوش وأوقفه. فمستشار الشئون الدينية والأوقاف بالقنصلية العامة لجمهورية السودان بجدة يشير في خطابه إلى المحكمة بجدة في العام 1411 إلى أن الحوش كان قد اشتراه السلطان على دينار منذ العهد التركي، لكن لا يوجد صك يؤيد ذلك، أما الأخوة في رابطة أبناء الفور بجدة فيشيرون إلى أن الحوش كانت قد اشترته أميرة من الفور هي السيدة مريم شرف الدين وأوقفته على الحجاج القادمين من السودان وخاصة من الفور، وهذه الأميرة قدمت في عهد السلطان تيراب، أيضا لا يوجد صك شرعي يؤيد هذا الرأي يقول العم فضل عبد الرحمن أبو بكر وكيل أوقاف الفور:" الحوش وقف أوقفته مريم شرف الدين باسم الفور، وقد تم ذلك قبل السلطان علي دينار، علي دينار ليست له علاقة بالحوش، فهو لم يحضر إلى المملكة أصلا لكنه كان يرسل الحملات فتنزل في الحوش وتوزع من هناك الصدقات لذلك اشتهر الحوش باسم علي دينار ، أما مريم شرف الدين فهي من قبائل دارفور وهي أميرة من العائلة المالكة جاءت إلى الحج في عهد السلطان تيراب، ووجدت منطقة الحوش خارج سور باب شريف، وكانت هي محتاجة إلى فضاء لحرسها ومرافقيها ، فطلبت من الشريف إعطائها الحوش واشترته منه، وكان الحوش أكبر مساحة مما هو عليه الآن ، وكانت تنزل فيه القبائل التي ترد من كردفان ودارفور والمتمة وشندي. كل حاج يتخذ قطعة من الحوش ويقيم عليها خيمته ثم يغادر بعد الحج، وكان العم عبد الستار هو أول من أقام في الحوش بشكل مستمر وكان قد قدم من دارفور بعد وفاته جاء رجل يسمى عبد الرحمن أحمد ثم جاءت العجوز عشة فكه لأنهم لم يجدوا أحدا من الفور يستقر في المكان وقد مكثت عشة فكة حوالي خمسة عشرة عاما، بعدها جاء عبد الله إبراهيم كنجا واستلم إدارة الحوش وأوقفت عشة، وقد التقيت أنا بعبد الله وحصلت منه على كل هذه المعلومات، وبعد وفاته حدثت بعض المشكلات مع البلدية وبيت المال فذهبت إلى العمدة وأثبت وقفية الحوش للفور، ثم جاء محمد أحمد جداوي سعودي من أصل فوراوي وتولى الإشراف على الحوش وكان سور الحوش من الطين منذ أيام مريم شرف الدين ، محمد أحمد جداوي هو الذي بنى الحوش بالطوب، ومحمد أحمد جمر القايدة هذا كان والده وزير مالية السلطان علي دينار" وقد جاءت افادة العم فضل في الاجتماع الذي انعقد بالقنصلية بين رابطة ابناء الفور والقنصل العام والمنسقية العامة للحج والعمرة في 12 محرم 1421هـ.
    مما سبق يتضح أنه لا توجد صكوك تثبت ملكية هذا الحوش، وعلى الرغم من تضارب الأقوال حول من الذي أوقف هذا الحوش، إلا انه من الأوقاف التي خلفها سلاطين الفور أيا كان الشخص الذي أوقفه. وقد حاول رجل يدعى العمري الاستفادة من عدم وجود صك شرعي للحوش فاستخرج صكا من محكمة جدة بملكيته للحوش وقام ببيعه بمبلغ ستة ملايين ريال، غير أن أبناء الفور نشطوا في الدفاع عن هذا الوقف حتى استطاعوا إلغاء ذلك الصك المزور، وقد ساعدتهم في ذلك وزارة الأوقاف السعودية، وعمدة الحي ، والمحامي أحمد بن مسلم الحربي الذي كان قد تلقى دراسته الشرعية في معهد أم درمان العلمي، وقد صدر أمر محكمة جدة بإلغاء ذلك الصك المزور، غير أن موضوع الحوش لم يحسم حتى الآن وما يزال لدى القضاء السعودي، وتبذل رابطة أبناء الفور جهودا مقدرة، والمؤمل أن تجد الدعم اللازم من الجهات الرسمية لحفظ هذا التراث السوداني، وهي مناسبة لنشكر الأخوة في المنسقية العامة لبعثة الحج السودانية بجدة وخاصة الأستاذ الخواض الخليفة المنسق السابق والذي اجتهد في تجميع وحفظ الصكوك الخاصة بالأوقاف السودانية، وأصدر عنها كتيبات مفيدة للغاية.
    و نأمل من الأخوة في رابطة أبناء الفور بجدة ، والأخوة في رابطة أبناء السلطان على دينار إلقاء مزيد من الإيضاحات في هذا الخصوص حفظا لهذا التراث .
    وفي المقال القادم سنتحدث عن الأوقاف السنارية في المملكة العربية السعودية.

    سيف الدين عيسى مختار/جدة

    [email protected]

                  

العنوان الكاتب Date
السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان د.علي بحرالدين علي دينار 06-06-06, 02:35 AM
  Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان A.Razek Althalib06-06-06, 03:56 AM
    Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان A.Razek Althalib06-06-06, 07:07 AM
  Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان Aisha Hommaida06-06-06, 04:58 AM
    Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان علاء الدين صلاح محمد06-06-06, 05:16 AM
  Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان قرشـــو06-06-06, 06:39 AM
  Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان JAD06-06-06, 06:52 AM
  Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان شرف الدين آدم إسماعيل06-06-06, 07:07 AM
    Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان علاء الدين صلاح محمد06-06-06, 07:38 AM
      Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان علاء الدين صلاح محمد06-07-06, 03:34 PM
  Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان Aisha Hommaida06-06-06, 09:26 AM
    Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان احمد ضحية06-06-06, 01:34 PM
      Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان احمد ضحية06-06-06, 01:56 PM
        Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان علاء الدين صلاح محمد06-06-06, 05:45 PM
          Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان محمدين محمد اسحق06-06-06, 05:50 PM
            Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان علاء الدين صلاح محمد06-06-06, 05:59 PM
  Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان Aisha Hommaida06-07-06, 09:21 AM
    Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان احمد ضحية06-07-06, 12:23 PM
      Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان A.Razek Althalib06-08-06, 05:33 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de