وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 03:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-21-2005, 11:03 AM

singawi

تاريخ التسجيل: 02-18-2002
مجموع المشاركات: 2226

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس


    وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

    كانت تنامُ على وسائدِ شَوْكِهَا، والقهْرُ يوخِزُها، فتوقِظُها الهواجسُ،
    والكوابيسُ التي تطفُو كمثلِ الطفحِ في وجهٍ جميلْ.
    و مضَتْ تُكَتِّمُ في مَشِيمَةِ حُزْنِها الدَّامِي جنيِنَاً أرّقَتْهُ الفاجعاتُ وأجْهضَتْهُ.
    وفي تصبُّرِهَا العنيدِ أتَتْ بهِ تَحْمِله، وانتبذَتْ به ركْنَاً قصيّا، مرّةً أخرَى، وثالثةً،
    وكان الخوفُ أنْ يصلوا ولمّا ينقضي الليلُ الطويلْ.
    كدأْبِهَا انتظرَتْ فأثمرَتِ الْمَخاوفُ عن رجال (الأمن)، دسّوا في المشيمةِ
    (ميكرفونا) هامِسَاً، وبَقَوْا هنالك راصدين وحاقدين يسجِّلون حياتَهُ، حركاتِه،
    سكناتِهِ، والحزنَ والنبضَ الضَّئِيلْ.
    في حبْله السُرِيِّ أجْهِزةُ التنَصُّتِ كالشرايين التي انتَشَرتْ فَأضْحَتْ كالنَّواشِرِ فوق
    ظهر المِعْصَمِ المَعْروقِ في الجسد الهزيلْ.
    حتّى إذا مدَّتْ ذِراعاً أبيضَاً للنيلِ، كان النيلُ في الرمقِ الأخيرِ يُصَارعُ المَجْرَى
    الذي، قد صار قَبْراً بالذي يجري، وليس الماءُ ما يجرِي، لهذا صار هذا النيلُ
    قبراً أزْرقاً يتوسَّطُ المجرى فينتحبُ النّخيلْ.
    وتسلّلوا كالنّمْلِ فوق الرَّمْلِ، صار النيلُ يبصقُ ضفَّتَيْهِ تِقَيُّأً في المقرن المجدور،
    والخرطومُ ترفلُ في تهتُّكِها الرخيصِ دعارة، وبَدَتْ لها سوْآتُها الكُبْرَى، وليس ثمّةَ
    مِنْ حياءٍ ما يوارِي سَوْأَةَ الوطنِ القتيلْ.
    وتجسَّمتْ في الليل أشْبَاحٌ بدتْ فيهم ملامِحُنَا، فهم أشْباهُنَا وحصادُ ما اكتسَبَتْ
    أيادينا، وهُمْ أوْزارُنا فاحتْ نتانَتُهَا فأغْرَتْ مِن ضواري الليل والآفات، من كل
    النفايات التي يأتي بها ليلاً غُثَاءُ السَّيْلْ.
    ألا، مِنْ أيّ أْركانِ الظَّلام أَتَوْا، وكانوا أوّل الفجرِ الّذي لم نَنْسَ مقدِمَهُمْ، بدَوْا
    مُتَجَمِّلين، على الوجوه براءةٌ ، حتى ظنّنّاهم ملائكةً، وقدّيسين أطْهاراً،
    وما كَلّوا عن التسْبيحِ والترتيلْ.
    وأنْشدْنَا جميعاً خلفَهُم قُدّاسَ عيدِ المجدِ والبُشْرى، تُرَى ما بالُنا حَلّتْ عليهم أو علينا
    لعنةٌ، صاروا وحوشاً واسْتبَاحوا لحْمَها، شربوُا دِماها قَبْلَ قُرْصِ الشمسِ تنْزِعُ
    للأفولْ!
    من أين جاءت هذه الديدانُ ناهشةً، لناخرِ عظْمِها أو ما تَبَقّى مِنْه، ما اكْتَنزَتْهُ يوم
    اليُسر للعُسْر الذي يمتدُّ جيلاً بعد جيلْ.
    إرْثَاً من الأخلاقِ، والنُّبْلِ المُضَاعَفِ نسْجُهُ، وحلاوةِ الإيثارِ، نَجْدةَِ مُسْتَغيثِ الليل،
    والمُسْتصْرِخِ الملهوفِ، سِتْرِ نسائنا، وحمايةِ الجار البعيدْ.
    تبّاً لهُمْ، تبّاً لنا.
    من أيّ لعناتِ السماءِ وسخْطِها حَلّتْ بنا ؟
    صار الفخارَ العارُ، صار العارُ غاراً، ثم أُبْدِلَتِ المَكارِمُ خِّسةً، أضحى التّنافسُ جُرْأةً
    في هتكِ عِرْضِ الجارِ أقْربُ ما يكونُ، وأكْلُ مالَ السُحْتِ مِن أفواهِ أطفالٍ تَهَاوَوْا في
    المجاعات التي تمّتْ مُتاجَرَةٌ بها، مُتَسَوِّلٌ يَفْتَنُّ في إبرازِ عاهَتِهِ ليَسْتَجْدِي الفضولْ.
    أَ ذَا هُوَ الوطَنُ ؟
    أم ذا هو الكَفَنُ ؟؟
    جعلوك قبراً للنفايات التي يوماً ، ستقْبُرُنا ، وتُهْلِكُ نَسْلَنا وتنالُ مِنَّا.

    يا أيُّهَا الوطنُ الذي اغتالوكَ سِرّاً.
    يا أيها الوطنُ المُبَاعُ المُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّأً

    من أيّ أصقاعِ الجحيم تلوحُ صاعقةُ العذابِ الهُونِ عاصفةً ، حُسُوما ؟
    ليس فينا قومُ عادٍ، لا، وما كُنّا ثموداً، نحنُ لم نعْقِر النّاقةَ يا قومُ، ولا الوادي إرَمْ.
    لكنّما هيهاتَ أنْ يجدِي الندمْ!
    أ ذا هو الوطنُ الذي في ساعةٍ، ( كرري ) يُقدِّمُ مَهْرَهُ الدّمويّ في رأْدِ الضُّحى
    عشرةَ آلافٍ من الفرسان، يَنْشَقّون في ساحاتِ عُرْسِ المجد، نِيلاً أحمراً في موْجِه
    يَتَأَصّلُ الوطن الأصيلْ.
    أ ذا هو الوطنُ؟
    أودتْ بهِ الإِحَنُ!
    وهُوَ الذي كان ( الخليفةُ ) في المُصَلّى رابِضَا كالّليثِ، مُؤْتَزِراً وِشاحَ الصّبْرِ
    والإيمانِ يَفْنَى صامِدَاً في الذَّوْدِ عنهُ، يمينُهُ ألقُ الفداءِ، وفي شمائِلِهِ الجَّسارةُ والشهادةْ!

    إنْ كان ذا الوطنُ،
    فما هو الثمنُ ؟
    أَ هُوَ الذي ( دينارُ ) وَطّنَ نفْسَهُ في الجانبِ الغربيِّ مِنْهُ، ليستعيدَ بمؤمنينَ تَدَرّعُوا
    عزْماً وصبراً في البلاءِ، وأقْسَمُوا يردُوا المنونَ حياضَها، أو يدْرِكونَ الثّأْرَ لليومِ
    الجليلْ.
    أم ذلك الوطنُ الذي ( عثمانُ ) في شَرْقِيِّهِ أسداً يُزَمْجِرُ فاتِكَاً فيَدُكّ صرحَ البَغْيِ،
    حِصْناً بعد حصنٍ، خلْفُهُ، " الله أكْبَرُ " صرخةٌ تَعْلُو فيرْتدُّ الصّدَى حِمَمَاً تُدَمّرُ سطوةَ
    البَاغي الدخيلْ.

    كأنْ لمْ يأْتِ للوطنِ المُبَاعِ سبيّةً، زمنٌ مِنَ التاريخِ كانتْ رايةٌ زرقاءُ خافقةً على
    (سنّار)، خيلُ العِزِّ تركضُ في مرابعها، ومنْ فرسانها (بادي) بكلِّ شموخِهِ
    و(شلوخِهِ) وجسارةُ (الزاكي) ونصرُ (عمارة الفونجِ) العريقِ، ومَكْرُماتِ الموتِ
    في شرَفِ القَبيلْ.
    عجباً، ولكِنْ كيف هانَ وكيف هُنّا!
    والأمسُ ذاك، فكيف كُنّا؟
    أ ذا هو الكفنُ؟
    أم ذا هو الوطنُ ؟
    في جوفه تتلاقحُ المِحَنُ!
    وما هو الثمنُ؟

    من قبلُ يا وطنَ الشّموخِ المُشْرَئِبِّ سماحةً، تنداحُ من كفّيك معجزةٌ، فتعتشبُ
    الروابي معجزاتْ.
    هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها، وبها تُخَلِّصُ أرضَنا
    من رجْسِها، حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
    علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
    فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

    تقشّعتْ ظلماتُ هذا اللّيلِ، اخْرِجْ كفَّكَ البيضاءَ يا وطني، وأسْكِرنَا بمعجزةٍ تعيدُ لنا
    الحياةَ ويستفيقُ الروحُ في الجسد العليلْ.

    كانت تئنُ على وسائدِ شوكها والقهرُ يوخزُها، ويُقْعِدُها التوجُّسُ، هلْ ستُوْقِظُها طبولُ
    العِزّ بعدَ سُبَاتِها زمَناً، وما نامَتْ، وهاهِيَ ذِي تُجَددُ معجزاتٍ طالَمَا عُرِفَتْ بِهَا دوماً
    لِتَنْهَضَ من جديدْ.

    مارس/ابريل 1985
                  

العنوان الكاتب Date
وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس singawi04-21-05, 11:03 AM
  Re: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس Nasr04-21-05, 11:35 AM
  Re: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس WadalBalad04-21-05, 12:30 PM
    Re: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس singawi05-01-05, 03:29 PM
  Re: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس singawi04-22-05, 05:33 AM
  Re: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس Sabri Elshareef05-01-05, 10:54 PM
    Re: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس المسافر05-04-05, 02:57 AM
      Re: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً - عالم عباس singawi05-19-05, 10:23 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de