|
الحرامى طلع ولى من أولياء الله
|
حدثت هذه القصة فى نهاية السبعينات حينما تعاقدت وزارة البرق والبريد والهاتف ، مع مجموعة طيبة من السودانيين للعمل فى البريد بالمملكة العربية السعودية ، وتوزعت المجموعة على المدن الرئيسية للمملكة ، وقد كنت وقتها أقطن مدينة الرياض ، وكان أحد اقاربى من ضمن مجموعة البريد فى الرياض ، قام نفر منهم بتأجير بيت شعبى كبير ، بما فى ذلك قريبنا ، ونشأت بيننا وبين المجموعة علاقة حميمة ، وذهبوا سوياً إلى (البطحاء) لشراء أثاث منزلهم من أسرة ودواليب بلاستيك وملايات وثلاجة وغسالة وبوتوجاز ومكيفات وكل ما يخص السكن ، وكانت المبالغ مشتركة لتأثيث المنزل ولم ينسوا حتى أوانى وعدة المطبخ ، وكان بيتاً جميلاً تقاسموا غرفه بكل سماحة السودانيين ،
ونظراً لكونهم جاوؤا فى وقت واحد ، فقد كانت بدلاتهم النقدية تصرف لهم فى وقت واحد ، وحدثت الكارثة الحقيقية حينما إستلم جميع سكان المنزل لبدل السكن ، وكانت علاوة معتبرة تصرف دفعة واحدة وهى عبارة عن مرتب ثلاثة أشهر لكل واحد فيهم ، وفى المساء وضع كل منهم حصيلته المعتبرة فى دواليبهم البلاستيك والتى تقفل بطبلة هزيلة ، يمكن لأى صبى صغير من (تفليسها) ، وكانت مسائل التحويل للسودان صعبة للغاية فى ذلك الزمان ، بل تكاد تكون معدومة ، وكان الناس فى ذلك الوقت يعتمدون على التحويل لأهلهم عن طريق الناس المسافرين ، بتحميلهم الأمانة مع وصف المنزل فى السودان ، أى أنهم كانوا يحولون مصاريفهم بالطرق التقليدية ، ولم يكونوا يتعاملون مع البنوك التجارية
على كل ، ذهبوا جميعاً فى صباح اليوم التالى إلى عملهم ، وجاء (لص) خطير بخطة مدروسة ، فقفز إلى داخل البيت ، وفتح جميع الدواليب وأخذ كل المبالغ التى كانت بالمنزل ،
وعندما جاء المساء ، وعادوا من أعمالهم ، فجعوا بالمصيبة الكبيرة ، ولم يدروا ماذا يفعلون ، وهنا إتجهت الإتهامات إلى شخص (مسكين) وقد إتهموه ظلماً بالواقعة ، حيث إكتشفوا فيما بعد اللص الحقيقى ، الذى سافر فى نفس اليوم إلى مدينة جدة محملا بكل البدلات ، وجاءت الأنباء متواترة من جدة ، من الناس الذين قابلوه وهو فى بحبوحة من أمره وكان يشترى الغالى والنفيس ، وأخذ معه بضاعة كثيرة وسافر إلى السودان من غير رجعة علماً بأنه كان عاطلاً عن العمل أبان وجوده بالرياض ،
نرجع لصاحبنا الذى إتهموه زوراً وبهتاناً ، وكنت أعرف الرجل المتهم ، وقد كنت متأكداً أنه لا يأتى بمثل هذا العمل ، المهم أجمعوا إلى إحضاره بالمنزل ، وأجلسوه فى وسطهم فى غرفة واسعة تتوسطها مروحة سقف كبيرة ، وقد كنت حاضراً هذه الجلسة العجيبة مع قريبى ، وبدأ النقاش عالياً ، والجميع فى حالة فوران وغضب ، وكادوا أن يفتكوا به ، والمسكين يدافع عن نفسه وعن موقفه ، والجميع يزداد غضباً وصياحاً فى النقاش
وفجأة ، وبدون سبب يذكر ، إذا بصوت عالى يفوق كل الأصوات الموجودة فى داخل الغرفة ، وفرقعة كبيرة ، وإذا بمروحة السقف تسقط فى الأرض محدثة ذلك الصوت ، فى وسطهم تماماً فهدأ المكان ، وأسقط فى يدهم ، ولم يتكلموا بل عمّ هدوء مريب وصاروا ينظرون لبعضهم البعض بأعينهم ولا ينبسون بشفة ،
وصحصح الحق ، وتركوا المسكين ، وإنصرفوا (مخلوعين) و (خشومهم ملح ملح) حتى بانت الحقيقة بعد يومين عن اللص الحقيقى والذى كان وقتها يمخر عباب البحر متوجهاً إلى بورتسودان محملاً بالغالى والنفيس ، فأتوا إلي الرجل المتهم ينشدون رضاه فقد إتضح فيما بعد أنه ولى من أولياء الله الصالحين ، وقد نصره الحق عز وجل
فيا سبحان الله
|
|
|
|
|
|
|
|
|