البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 01:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-10-2006, 04:32 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي (Re: خالد عويس)

    الإصلاحات المطلوبة:
    هناك ثمانية عوامل عصفت وستعصف بالتجربة الديمقراطية في السودان ولابد من عمل إصلاح أساسي فيها، تلك العوامل هي: الحرب الأهلية – التوازن الاجتماعي - الانتخابات – الأحزاب – النقابات – الصحافة – القضاء – القوات المسلحة- ونظام الحكم. لا بد من مراجعة الأداء في هذه الملفات، وفقا للخطة التالية:
    1) الحرب الأهلية: الحرب الأهلية تضعف أي نظام حكم، وهي في أي بلد تتطلب ضوابط وإجراءات تنتقص من القواعد الديمقراطية.إن الإصرار على ممارسة الديمقراطية الكاملة في ظروف الحرب الأهلية يعرضها للمخاطر بالإضافة إلى أن الحرب نفسها لها آثار سالبة على النظام الديمقراطي حيث تزيد النفوذ العسكري وتستنزف الموارد المالية والبشرية وتزيد المخاطر الأمنية داخليا وخارجيا. وعليه فان إيقاف الحرب الأهلية من أهم عوامل استدامة الديمقراطية. خطة السلام وردت في ملف السلام.
    2) التوازن الاجتماعي: أهم اصلاحين مطلوبين في هذا المجال هما:
    § استيعاب القوى الحديثة: والتي لها دور سياسي أكبر من وزنها الشعبي فلا يجب التعامل معها بمبدأ الصوت الواحد للشخص الواحد بل يجب استيعابها في النظام الديمقراطي بما يحقق الاستفادة منها ويشبع تطلعها في المشاركة في بناء الوطن
    § التعامل مع الأقليات الثقافية: أيضا هنا لا ينبغي التعامل معها وفق الأغلبية الميكانيكية بل ينبغي أن تراعى تلك الخصوصيات الثقافية وتمثيلها والتعبير عنها بحرية وعدالة بحسب ما ورد في الميثاق الثقافي (ملف البطاقة الفكرية).
    وفي هذه النقطة يجب اصلاح النظام الانتخابي ليحقق التوازن المطلوب على النحو التالي:
    3) الانتخابات:
    1) وضع قانون جديد للانتخابات.
    2) السجل الانتخابي الحالي غير متفق عليه لذلك يجب إجراء إحصاء سكاني قبل الانتخابات
    3) تحديد نوع الدوائر الجغرافية والدوائر الخاصة وتقسيمها بعدالة حسب الوزن السكاني
    4) النظم الشمولية أضعفت المنظمات السياسية وخلقت ظروفا أدت لتقوية الانتماءات المو########.ينبغي اعتماد أساس انتخابي جديد يقوم على التمثيل النسبي عبر قوائم الأحزاب. هذا الإصلاح سوف يؤدي لتمثيل كل ألوان الطيف السياسي عبر الأحزاب ويقوي الأحزاب.
    5) تقفل دوائر بنسبة محددة للتنافس بين المجموعات الآتية:
    × الأقليات ذات الكينونة والتي لا يسمح التنافس المفتوح لها بالنجاح.
    × القوى الحديثة التي لها وزن اقتصادي واجتماعي يفوق وزنها العددي.
    × المرأة لأن الواقع الاجتماعي لا يسمح بتمثيلها بنسبة عادلة عبر الانتخابات.
    3) الأحزاب والإصلاح الحزبي:
    يجب تطوير الأحزاب والممارسة الحزبية بالآتي:
    وضع قانون للأحزاب يكفل حرية تكوين الأحزاب وحرية التنظيم وممارسة العمل السياسي وفق الشروط الآتية:
    ه. الالتزام بمبادئ الميثاق الوطني والمواثيق المؤسسة لبناء الوطن.
    و. أن تكون قومية في تكوينها وفي برامجها وعدم السماح لها بان تخصص لانتماء واحد ديني، أو ثقافي، أو اثني، أو جهوي
    ز. أن تكون ديمقراطية في تكوينها وأن تلتزم بالنظام الديمقراطي.
    ح. أن تضمن شفافية مصادر تمويلها.
    ط. إنشاء آلية قضائية متخصصة للمساءلة على أية مخالفات في هذا المجال.
    4) الإصلاح النقابي:
    الميثاق الاجتماعي
    تلتزم النقابات بميثاق اجتماعي ينص علي :
    أ. حماية مكتسبات الحركة النقابية السودانية
    ب. كفالة ديمقراطية التكوين النقابي بدأً من تسجيل الأعضاء إلي سلامة الترشيح والتصويت.
    ج. قيام سياسة للأجور علي الأسس التالية:
    - تغطية ضرورات المعيشة.
    - وتحديد نسبة مئوية معينة من الدخل القومي كمؤشر لا يجوز لفاتورة الأجور أن تتخلف عنه أو تتخطاه .
    د. الالتزام بمراحل التفاوض الحر بين النقابة والجهة المستخدمة وقبول نتائج التحكيم.
    ه. تنظيم حق الإضراب بحيث لا يكون إلا بعد استنفاذ السبل الأخرى.
    و. المشاركة في الأنشطة النقابية الدولية
    ز. تشجيع الأنشطة التدريبية والتثقيفية.
    ح. تشجيع الأنشطة التعاونية الاستثمارية النقابية والمؤسسات النقابية الخدمية.
    ط. منع كافة محاولات الانحراف بالحركة النقابية عن دورها واستخدامها أدوات للانقلاب المدني.
    تلتزم كافة التكوينات النقابية بهذا الميثاق الاجتماعي وتسجل وفق أحكام قانون خاص بها .
    وتكون آلية قضائية متخصصة للنظر في المخالفات النقابية وإنزال العقوبات المحددة.
    5) الميثاق الصحافي:
    تلتزم الصحافة بالميثاق الصحافي الآتي:
    أ) الالتزام بمبادئ الميثاق الوطني.
    ب) الالتزام بالموضوعية والصدق والأمانة والابتعاد عن الإثارة
    ت) أن توضح بشفافية مصادر تمويلها.
    ث) للصحافة ضوابط مهنية وخلقية لا يرخص لأصحابها الانتساب للمهنة إلا إذا استوفتها.
    ج) تمنح الدولة تسهيلات للصحافة كمهنة وكصناعة
    ح) يضمن للصحافيين تنظيم نقابي ديمقراطي يدافع عن مصالحهم ويحقق لهم منافع تعاونية واستثمارية وخدمية.
    خ) يصدر قانون للصحافة والمطبوعات يوجب الالتزام بالميثاق الصحافي ويحدد أحكام التصديق لإصدار الصحف والمجلات والدوريات.
    د) وتنشأ آلية قضائية متخصصة للمحاسبة علي التجاوز.
    6) القضاء: مع الحفاظ على مبدأ استقلال القضاء يجب أن يراعي القضاء وظائف أجهزة الدولة الأخرى دون أن يتنازل عن صلاحياته الشرعية،كما يجب على القضاة التزام الحياد السياسي.إن إصلاح القضاء على ضوء تجارب الماضي ضرورة لاستدامة الديمقراطية.
    7) القوات المسلحة: هناك ميثاق عسكري مقترح في محور الأمن والدفاع يحدد دور القوات المسلحة الوظيفي ودورها السياسي منعا لتكرار التجارب السابقة ويحدد ما ينبغي عمله لتطويرها.
    نظام الحكم:
    أ. النظام البرلماني السابق الذي يعطي الصلاحيات التنفيذية لمجلس الوزراء ويجعل مجلس رأس الدولة رمزا للسيادة، تعرض للفشل بسبب عدم إحراز أي حزب لأغلبية تمكنه من الحكم المنفرد وبسبب غرابة مفهوم السيادة بدون الصلاحيات التنفيذية على السودان. لذلك صار يحدث شد وجذب بين أطراف الائتلاف مما عوق الأداء الديمقراطي.الإصلاح المطلوب هو التحول نحو النظام الرئاسي الذي يتجاوز هذا الخلل.
    ب. وسبب آخر للتحول نحو النظام الرئاسي هو أن اللامركزية تحتاج لسلطة تنفيذية قوية تتوافر في النظام الرئاسي بأكثر مما تتوافر في النظام البرلماني.إن سرعة البت في المسائل واتخاذ القرار تقفل الباب أمام المغامرين الذين يتعللون بضعف الأداء التنفيذي للنظام البرلماني وبطء القرارات .

    الملف الثامن: نظام الحكم
    لأسباب فصلناها في محور الديمقراطية المستدامة يجب أن تكون الدولة السودانية دولة مدنية ديمقراطية رئاسية لامركزية.
    أولا: الدستــور الديمقراطي:
    ظلت قضية الدستور تمثل على مر العهود محور الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي والديني حول ماضي وحاضر ومستقبل السودان ، وستظل تلقي بظلالها على واقع البلاد ما لم تتواضع كل الفعاليات والتنظيمات والقوى السياسية على وضع دستور قومي ديمقراطي مدني تتولى إعداده لجنة قومية ويجيزه برلمان منتخب انتخاباً حراً مباشراً برقابة قضائية ودولية .
    الموجهات : يجب أن يعبر الدستور ويحمل سمات الدولة المدنية الديمقراطية اللامركزية الرئاسية ،وأن تؤسس مرجعيته على ارثنا الدستوري الديمقراطي وعلى مبادئ وقواعد المواثيق والعهود الدولية .وأن تشمل موجهاته وسماته الأساسية الآتي :
    أولاً : المبادئ :
    1- أن تكون المواطنة أساس الحقوق والحريات والواجبات الدستورية بلا تمييز بسبب الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة أو النوع.
    2- النص على الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية فصلاً تاماً يكفل عدم تغول أي منها على الأخرى.
    3- النص على الحريات والحقوق الدستورية بعبارات وألفاظ صريحة واضحة المعنى والدلالة كما وردت في العهود الدولية التي تكون جزءاً لا يتجزأ من الدستور ومكملاته وبحيث يتم تفسير أحكام ومبادئ الدستور وفقاً لمبادئ ومعايير وضمانات الشرعية الدولية لحقوق الإنسان .
    4- النص على حرية التدين والاعتقاد والفكر حتى يكون للأديان والمعتقدات المحلية والثقافات دور فاعل في إرساء وترسيخ قيم العدل والتسامح والمساواة وقبول الآخر، كمصدر للإلهام والقوة الروحية والأخلاقية.
    5- النص على سيادة حكم القانون والمساواة أمام القانون وكفالة المحاكمة العادلة.
    6- النص على استقلال القضاء استقلالاً إداريا ومالياً تاماً وعلى نهائية وحجية أحكامه وعلى عدم إنشاء محاكم استثنائية أو نيابات خاصة لها سلطات قضائية. ويراجع الهيكل والكادر الحالي للقضاء لضمان حيدته ونزاهته.
    7- النص على حرية التنظيم والفكر والتعبير مع مراعاة حظر تكوين تنظيمات أو أحزاب سياسية على أسس عرقية أو دينية أو جهوية.
    8- النص على التزام الدولة وأجهزتها ومنسوبيها بالدستور وللقانون بحيث لا تكفل التشريعات والقوانين أية حصانة إجرائية أو موضوعية لأية جهة أو شخص فيما يتصل بتجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان.
    9- النص على استصحاب قرينة البراءة وضمانات وقيود وضوابط الاعتقال والحجز والحبس.
    10- النص على قيام محكمة دستورية كجهة قضائية مستقلة حارسة للدستور تختص بالفصل في الدعاوى الدستورية يتم تعيين رئيسها وأعضائها من قبل رئيس الجمهورية بموافقة مجلس القضاء العالي ممن لا تقل خبرتهم العملية في مجال القضاء / العمل القانوني عن خبرة قضاة المحكمة العليا، وتكون مسئولة لدى السلطة التشريعية.
    11- تضمن اتفاقية السلام في الدستور بحيث تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الدستور.
    12- تضمين المبادئ الموجهة للدستور من الميثاق الديني والميثاق الثقافي والميثاق الاجتماعي.
    ثانيا : مصادر التشريع : السودان بلد متعدد الأديان والثقافات واللغات والأعراق ، ولضمان وكفالة ممارسة كل مجموعة دينية أو ثقافية أو عرقية لحقوقها بحرية تامة دون حظر أو قيد أو تدخل في ظل هذا التعدد والتمايز، ولضمان مشاركة كل هذه المجموعات الوطنية في الحياة العامة مشاركة فاعلة وإيجابية، لابد من إقرار دستور مدني ديمقراطي يكفل النقاط الواردة في الميثاقين الديني والثقافي وينص على شروط العلاقة بين الدين والدولة والدين والسياسة على النحو الذي أوضحنا في ملف البطاقة الفكرية.
    ثانيا : حـقــوق الإنســـان:
    وثيقة حقوق الإنسان السوداني:
    تأكيدا علي التزام القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني السودانية بأهمية الحقوق الأساسية للإنسان بوصفها أحد ركائز النظام الديمقراطي القائم علي حكم القانون وبوصفها إحدى آليات استدامة الديمقراطية ، تلتزم القوى السياسية:-
    أولا: جميع المواثيق الدولية الصادرة من منظمات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان عامة وحقوق الفئات الخاصة مثل المرأة، الطفل، كبار السن، وكذلك المواثيق الصادرة من المنظمات القارية والإقليمية.
    ثانيا: تفعيل المواثيق والاتفاقيات الموقع والمصادق عليها من قبل حكومة السودان، والالتزام بالتوقيع والمصادقة علي أية وثيقة أخرى لم ينضم إليها السودان بعد النظر فيها بواسطة الهيئة التشريعية المنتخبة.
    ثالثا: إن التزامنا بمواثيق حقوق الإنسان لا يتعارض مع التزامنا بالأديان السماوية وكريم المعتقدات وقيم المجتمع السوداني.
    رابعا: الإقرار الصريح بأن جميع وثائق حقوق الإنسان وحقوق الفئات الخاصة الدولية هي جزء من دستور البلاد ولها نفس القوة والإلزام القانوني.والتأكد من عدم تعارض أي نص دستوري أو نص في قانون وطني مع هذه الوثائق.
    خامسا: منعا لأي التباس وتأكيدا لما سبق فإننا نلتزم بما يلي:-
    一 حقوق الإنسان المدنية والسياسية المتعارف عليها دوليا.
    二 الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية وفقا للمواثيق والاتفاقات الدولية.
    三 حقوق الطفل وفق ما هو منصوص عليه في الاتفاقات الدولية.
    四 حقوق المرأة وفقا للمواثيق والاتفاقات الدولية المنظمة لذلك.
    五 حقوق كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة وأي فئات أخرى تمنح رعاية خاصة.
    سادسا: إنفاذا لما سبق أعلاه فإننا نلتزم بإيجاد وتفعيل الآليات التالية كوسائل لإشاعة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان وتكريس الوعي العام بهذه الحقوق والتأكد من سلامة تطبيق الإجراءات الكفيلة بضمان صيانة هذه الحقوق والآليات هي:
    一 تضمين المناهج الدراسية في جميع المراحل التعليمية مادة تتعلق بحقوق الإنسان واعتبارها من المواد الأساسية حتى ينمو النشء وهم علي علم ودراية بحقوق الإنسان.
    二 رفع مستوي وعي المواطن بحقوقه الأساسية من خلال التوعية المستمرة عبر أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ووسائل الإعلام المختلفة. لتكوين رأي عام فاعل ومتنام بأهمية حقوق الإنسان وتبصير المواطن بإمكانية الضغط علي المشرعين بعدم تمرير أية تشريعات تنال أو تنتقص من حقوق الإنسان. والمراقبة الفاعلة للجهاز التنفيذي والتأكد من عدم قيامه بأية ممارسة تنتهك حقوق الإنسان.
    三 تضمين ثقافة حقوق الإنسان لتصبح أحد أساسيات التأهيل المهني للمشتغلين في أجهزة تطبيق القانون المختلفة والإداريين.
    四 تكوين هيئة قومية مستقلة لحقوق الإنسان لحماية ومراقبة والدفاع عن حقوق الإنسان في السودان.
    سابعا: أن يضمن هذا الميثاق في اتفاقية السلام.
    ثامنا: تلتزم الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة حقوق الإنسان بما جاء فيها باعتباره الحد الأدنى المقبول للحقوق الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتلتزم بتطبيق المعايير داخل الوثيقة وإنفاذها في حال تولي السلطة التنفيذية أو في حال المشاركة في المؤسسات التشريعية ومن خلال عضويتها.
    الهيئة القومية لحقوق الإنسان
    الاختصاصات والمسؤوليات:
     تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
     تكون لها ولاية قدر الإمكان ومنصوص عليها صراحة في الدستور أو التشريع يحدد تشكيلها ونطاق اختصاصها.
     تقديم فتاوى وتوصيات ومقترحات وتقارير، علي أساس استشاري إلى الحكومة أو البرلمان أو أي جهاز آخر مختص، سواء بناء علي طلب السلطات المعينة أو باستخدام حقها في الاستماع إلى إي مسألة دون إحالة من جهة أعلي. كما يجوز للهيئة القومية أن تقرر نشر هذه الفتاوى والتوصيات والتقارير والمقترحات علي الكافة.
    1. مجالات العمل:
     مراجعة التشريعات الوطنية القائمة ومدي مطابقتها للشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وبصفة خاصة المواثيق والإعلانات الدولية التي انضمت إليها حكومة السودان والعمل علي تنفيذها بطريقة فعالة.
     تشجيع الحكومة علي التصديق علي الصكوك الدولية التي لم تنضم إليها بعد علي سبيل المثال لا الحصر: سيداو، العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.. الخ
     إعداد تقارير دورية عن أوضاع حقوق الإنسان بوجه عام بالبلاد وكذلك عن مسائل أكثر تحديدا.
     المساهمة في إعداد التقارير الدورية التي ينبغي للدولة أن تقدمها إلى هيئات ولجان الأمم المتحدة وكذلك إلى المنظمات الإقليمية تنفيذا لالتزاماتها التعاهدية. وعند الاقتضاء إبداء الرأي في هذا الشأن مع احترام استقلالها.
     استدعاء نظر الحكومة السودانية إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان في أي جزء من البلد وتقديم مقترحات إليها تتعلق بمبادرات رامية إلى وضع حد لهذه الحالات، وعند الاقتضاء إبداء الرأي بشأن موقف الحكومة وردود فعلها.
     التعاون مع الأمم المتحدة وجميع المؤسسات الأخرى في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والهيئات الإقليمية المشابهة المختصة بمجالات تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
     تثقيف الرأي العام السوداني وتعزيز الوعي بحقوق الإنسان واحترامها والمساهمة في إعداد البرامج المتعلقة بالتعليم والبحوث المتصلة بحقوق الإنسان والمشاركة في تنفيذها في المدارس والجامعات.
     توفير المعلومات عن حقوق الإنسان بالبلاد.
     تلقي وبحث الشكاوي المتعلقة بحالات فردية.
    التشكيــل: تشكيل هيئة قومية الأهداف حيادية التكوين، تحكيمية تتراضى على تكوينها كافة الأطراف المعنية، تنشأ بقانون، و تمول من الميزانية العامة أسوة بالهيئات المستقلة.
    ثالثا: الحكم اللامركزي
     لقد أثبت الحكم الاتحادي جدواه في كثير من البلدان متقدمة ونامية التي تعيش ظروفاً مشابهة لظروف السودان وقد تواضعت القوي السياسية في السودان علي قبوله بالنظر للمعالجة النظرية التي وفرها لاحتواء التباينات المختلفة والمساعدة في تقليص الفوارق التنموية بين الأقاليم وكأنسب تدبير سياسي وإداري يمكٌن من تلبية طموحات المواطنين والأقاليم ويؤدى إلى تقصير الظل السياسي والإداري .
     بيد أنه قد شاب تطبيق النظام الاتحادي في السودان الكثير من المثالب التي أملتها طبيعة نظام الإنقاذ التي تستبطن الاستبداد وتدمن تركيز السلطات والموارد مما يتضارب مباشرة مع طبيعة الحكم الاتحادي الديمقراطية ومع الاستقلالية . لقد تم تقليص سلطات الحكم الاتحادي إلى مجرد سلطات تفويضية يمكن للمركز سحبها والالتفاف حولها بدعاوى شتي وقد تمثل ذلك في التعديلات الدستورية التي أعلت سلطة رئيس الجمهورية علي سلطة الولايات ليتم تعين الولاة بواسطة رئيس الجمهورية بدلاً من انتخابهم ومحاسبتهم بواسطة شعب الولاية وأجهزتها .
     وفي المستوى المحلي أخضعت المجالس المحلية للقرار الولائي فتحكمت الولاية في تشريعات وسلطات وموارد الحكم المحلي وجاء المحافظون بسلطات سياسية وأمنية ابتدعوها فأجهزوا علي الحكم المحلي تماماً فأصبحت أجهزته هياكل خاوية بعد أن كان يؤمل أن تكون القاعدة السياسية والإدارية للحكم .
    لقد احتفظ المركز في علاقته بالولايات { والولايات في علاقتها بالمحليات } بكافة الموارد المالية والمادية والبشرية التي يحتاجونها وابتلوا المحليات بمسئوليات و مهام لم يخولوا ما يتكافأ معها من موارد مما اقعد بها وأعجزها بصورة مستمرة.
    ومن ناحية أخرى عمد النظام ولاعتبارات سياسية أمنية بحتة إلى إعادة تقسيم البلاد في 2000م إلى كم هائل من الولايات ( 26) ولاية والمحافظات ( 121) محافظة والمحليات 674( قلصت إلى 531 لاحقا ) بعد أن كانت 9 ولايات و19 محافظة و240 محلية فقط في 1990م الأمر الذي ارتفع بتكلفة إدارتها من مبلغ240 مليون دينار في عام 1990م إلى 43،5 مليار دينار في عام 2000م بنسبة زيادة 18125% (وهذه الأرقام لا تشمل الولايات الجنوبية والعاصمة القومية ) لقد أدى ذلك إلى إدخال الولايات والمحليات في عجز مالي متصل عجزت معه 60% من المحليات عن مقابلة الفصل الأول( أجور ومرتبات ) ناهيك عن التفكير في تأسيس وتسير خدمات ضرورية أو ارتياد أي مجال تنموي لذا لجأت الولايات والمحليات إلى اعتصار المواطن بفرض الضرائب والرسوم والاتاوات التي أرهقت كاهله وزهدته في الحكم الاتحادي والمحلي .
    لقد تحولت الولايات والمحليات تحت ظل الإنقاذ إلى مستوى آخر إلى جانب المركز تمارس فيه سطوة الشمولية والتمكين مما اضطر المواطن إلى النأي بنفسه عن مجالس وأجهزة الولايات والمحليات والي مقاطعتها والامتناع أو التهرب أو التحايل علي دفع أي التزامات مالية يعلم تماماً إلى أين تذهب .
    وحتى يحقق الحكم الاتحادي أهدافه في المشاركة السياسية والاقتصادية والعدالة وحسن الإدارة يجب الآتي:

    1) عقد مؤتمر قومي جامع ديمقراطي لتقويم تجربة الحكم الاتحادي والبناء علي إيجابياته وتجاوز سلبياته.
    2) تعزيز مبدأ الديمقراطية لأن الديمقراطية شرط لازم لنجاح واستدامة أي نظام اتحادي.
    3) إعادة النظر في تجربة الحكم الاتحادي الحالية بمجملها.
    4) إعادة النظر في التقسيم الحالي ليتم على أسس واقعية وموضوعية تأخذ في الحسبان توفر الموارد المالية اللازمة والحقائق السكانية والجغرافية .
    5) ضمان عدالة توزيع الثروة والموارد وتكافؤ الموارد والسلطات مع المهام والصلاحيات حتى لا تضطر الولايات للخضوع للمركز ولا المحليات للخضوع للولايات كما هو حادث الآن وهنا لابد من اتباع مبدأ التمييز القصدي في المجال التنموي والخدمي لإزالة الغبن والمظالم وتحقيق التوازن وتعزيز التكافل بين الولايات .
    6) إزالة التضارب والتداخل في التشريعات والصلاحيات والسلطات .
    7) توفير أقصى درجات الاستقلالية واللامركزية التي تلبي طموحات المواطنين والأقاليم وتقلل من مجالات الاحتكاك والتظلم من المركز فتحتوي بذلك أي نزعات انفصالية.
    تقديم الضمانات السياسية والدستورية بإقامة مجلس للولايات يؤمن مشاركة الولايات في صياغة الإرادة الوطنية ويؤمن مصالحها ويحميها من تغولات المركز .
    9) مراجعة الكم الهائل من الهياكل والأجهزة والمناصب التي استحدثت ليتم إعادة ترسيم حدودها وتقليصها بما يتوافق وإمكانيات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والبشرية ومع درجة التقدم للمناطق والمواطنين .
    وفي هذا الصدد:
    أ/ تبقي الصلاحيات الآتية مركزية وهي: العملة- العلم-التخطيط القومي- الدفاع-المصالح العابرة للولايات .
    ب/ يكون التقسيم الإداري للبلاد كما يلي:عدد الولايات 9 ولايات وعدد المحافظات 19
    الحكم المحلي:
    لابد من تدعيم الحكم المحلي ليكون بحق القاعدة الأساسية دستوريا وإداريا للحكم وذلك : ـ
    1) بتوطيد وضعية اكثر خصوصية واستقلالية له في المجالات الدستورية والقانونية والإدارية .
    2) تأسيسه علي قاعدة شعبية تنتخبه ديمقراطيا مع ضمان كفاءتها وتأهيلها .
    3) منحه موارد حقيقية تتكافأ مع ما يناط به من مهام ومسئوليات، وعلي قدر موارده الاقتصادية والبشرية .
    4) تحدد علاقته بالإدارة الأهلية بموجب قانون لتكون تحت أشرافه ومساعدة له
    .الإدارة الأهلية:
    الإدارة الأهلية نظام ترسخ تاريخياً واجتماعياً في الكثير من المناطق فلابد من الاعتراف به وبدوره التاريخي وبضرورته المرحلية في بعض المناطق ولابد من تقنين وجوده بتحديد صلاحياته وتوضيح علاقاته ودعمه معنويا وماديا ليسهم بفعالية في تحقيق السلام الاجتماعي وفي النواحي الإدارية والأمنية.لقد تعرضت الإدارة الأهلية لنكسات في العهود الشمولية إما بقرارات متطرفة غير مدروسة ومتجاوزة للواقع الاجتماعي مثلما حدث في عهد مايو وما ترتب على ذلك من آثار سالبة ،أو باستغلال سياسي أحدث تمزقا اجتماعيا وفتنا مثلما هو حادث في عهد الإنقاذ.وللوصول لدور إيجابي للإدارة الأهلية ينبغي الآتي:
    · الاعتراف بدور للإدارة الأهلية يحدد بوضوح ويقنن مع تحديد علاقات الإدارة الأهلية بمستويات الحكم المختلفة.
    · مراجعة ومعالجة الاختلالات التي أحدثها النظام في الإدارة الأهلية.
    · العمل على تطوير الإدارة الأهلية وتأهيل زعمائها وتطوير أسس الاختيار والتوفيق بين الأسس التقليدية وآليات الاختيار.
    · وضع سياسة جديدة لحيازة الأراضي.
    وفي النهاية ينبغي أن تبني استراتيجية الحكم وتعمل علي صهر الكيانات السودانية المختلفة والمتباينة في قومية وكيان واحد وذلك بخلق رابطة سياسية واجتماعيه متينة عن طريق تنظيم العلاقات الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وعن طريق تعزيز وسائل وأساليب التواصل المادي والمعنوي بما في ذلك الحرص علي البناء القومي الجامع للكيانات السياسية والاجتماعية والثقافية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني كافة وبالحرص علي قومية جهاز الخدمة العامة ( مدنية وعسكرية ) ليصار بالحكم الاتحادي إلى وسيله فعالة لبناء وتعزيز الوحدة الوطنية وتمتين النسيج الاجتماعي واحتواء ومحاصرة أية نزعات سالبة قد تهدد الوحدة الوطنية والأمن القومي.

    الملف التاسع: الخدمة المدنية
    انشأ الاستعمار مؤسسات الدولة الحديثة بصورة غير متوازنة ميزت أقاليم معينة وهمشت أقاليم أخرى وميزت شرائح معينة من المجتمع و همشت شرائح أخرى. هذا التمييز والتهميش انتقص من قومية مؤسسات الدولة الوطنية في السودان. وجاء النظام الحالي في السودان بإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس جديد للتمييز لصالح حزبه ولتهميش للآخرين. يجب الاعتراف بهذه العيوب ووضع خطة محكمة لإزالة التمييز والتهميش وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس قومي عادل ومتوازن. مؤسسات الدولة الدائمة كما أشرنا آنفا هي: الخدمة المدنية، القوات النظامية، الاقتصاد الوطني والبنية التحتية. وقد تعرضنا للمؤسسات الثلاث الأخيرة في أبوابها.
    الخدمة المدنيـة: بالإضافة لما تعاني منه الخدمة المدنية من خلل موروث في التوازن فإنها مؤخرا تضخمت بصورة مَرَِضية وسيست لصالح فصيل سياسي واحد في المجتمع السوداني. لذلك صار المطلوب إعادة هيكلة الخدمة المدنية على ضوء الأهداف الآتية:
    1) إزالة التضخم المَرَضي الذي علق بها وتخليصها من الشحم والورم والفساد.
    2) تحقيق حيدتها الإيجابية ورفع كفاءتها.
    3) التوازن في كوادرها بحيث يشعر الجميع بأنها قومية وأنها مرآة للواقع السكاني السوداني.
    4) الالتزام بالتوجه القومي اللامركزي هدفا أساسيا تراجع بموجبه هياكل ومؤسسات الدولة النظامية والمدنية لضمان مواكبتها للنظام اللامركزي في البلاد وللحكم المحلي، وللإدارة الأهلية المطلوبة سيما في المناطق الريفية والبدوية.
    5) مراجعة التعيينات الحزبية التي تمت في هذه المجالات للإبقاء على المستحقين وإعفاء الآخرين على أن تقوم بهذا آلية قومية قبل الانتخابات.
    6) إنصاف الذين فصلوا من الخدمة النظامية والمدنية بدون وجه حق قانوني بالإرجاع للخدمة أو أية وسيلة عادلة أخرى.
    7) فك الارتباط نهائيا بين أجهزة الدولة والحزب الحاكم.
    تكون آليات الالتحاق بمؤسسات ومرافق الدولة قومية التكوين وملزمة بمقاييس موضوعية.
    سياسات الأجور:
    لا شك أن موضوع الأجور في السودان ظل من القضايا المثيرة للجدل منذ نهاية الستينات وقد تمت عدة معالجات آخذة في الإعتبار الحد الأدنى من الدخل الذي يوفي بالحد الأدني من مستوى المعيشة الذي يقبله المجتمع ويقي صاحبه من السؤال غير أن الزيادة الكبير في الدخول غير المكتسبة وخاصة المتولدة من الأعمال الهامشية قد أوجدت فوارق كبيرة بين قطاع العاملين في الأعمال المنظمة وتلك الشريحة الطفيلية خاصة بعد سياسة التحرير غير المدروسة التي أتخذتها الإنقاذ مما خلق آثاراً سالبة تتمثل في ارتفاع المتسوى العام للأسعار والضغوط النفسية المتزايدة مما جعل كثير من العاملين يترك العمل سعيا وراء الدخل المرتفع وقد أثر ذلك علي النمط الإستثماري مما جعل كثير من العاملين في الدولة غير مكترثين للعمل بسبب ضعف مردوده الأمر الذي قاد إلي تدهور كفاءة العمل وضعف الإنتاج ولمعالجة ذلك يطرح حزب الأمة مبادرة للعقد الإجتماعي تندرج في إطارها التوصيات التالية :
    1. توفير وسائل ومقومات الإنتاج للمشاريع الإنتاجية في القطاع العام والخاص وهو المخرج من معضلة تدني الأجور في مواجهة تكاليف المعيشة.
    2. دعم المشروعات الاقتصادية للعاملين وتمليكهم وسائل الإنتاج لهذه المشروعات وفقاً للإتفاقيات التي تبرم في هذا الشأن.
    3. وضع السياسات التي تحقق الإستقرار في الخدمة المدنية وإزالة الأسباب التي جعلتها طاردةً لابنائها. وفي سبيل ذلك لا بد من إعادة النظر في الهيكل الراتبي والتدرج الوظيفي بما يواكب تكاليف المعيشة المتصاعدة.
    4. ربط الأجر بالإنتاج وإعمال مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتكافئ وعدم اللجوء لازالة الفوارق بالمعالجات القطاعية.
    5. لتحقيق العدل المنشود في هذا المجال لا بد من العمل علي الوصول بالعاملين إلي أجر الكفاية.
    6. وضع السياسات التي تدرأ آثار التضخم الذي ينعكس سلباً علي الأجر الحقيقي للعاملين.
    7. ضرورة تفعيل دور ومهام المجلس الأعلى للأجور فيما يتعلق بالأجر العيني للعاملين إلي جانب الأجر النقدي والذي لا بد من استمرار المراجعة الدورية له.

    الملف العاشر: القوات النظامية والفصائل المسلحة
    أولا: القوات النظامية:
    القوات النظامية هي: القوات المسلحة- جهاز الأمن- الشرطة- السجون- وقوات حماية الحياة البرية. تتصف السياسة تجاهها بالآتي:
    1) القوات المسلحة:
    لم تكن الإدارة البريطانية التي كونت قوة دفاع السودان معنية بقومية هذه المؤسسة، فقد كانت أغلبية الجنود من غرب البلاد ومن غير قبائل الأنصار. بينما تم استيعاب الضباط من قبائل الشمال. ومهما يكن من أمر فإن هذه الخلفية تنتقص شيئا ما من قومية القوات المسلحة. ولكن تطورات لاحقة زادت من الشكوك في إمكانية إطلاق صفة القومية على القوات المسلحة وهي الحرب الأهلية الطويلة وما صحبها من استقطاب حاد، ثم تسييس القوات المسلحة من قبل نظام الإنقاذ .كذلك حدثت تطورات سالبة أخرى وهي تعدد الجهات الحاملة للسلاح. لذلك لا بد عند حديثنا عن الإصلاحات المطلوبة في مؤسسات الدولة عموما وفي القوات المسلحة على سبيل المثال أن ندعو لأن يكون تكوين القوات المسلحة عاكسا صادقا للتعدد الإثني في السودان، وإلا أصبحت أداة تثاقف إجباري كما حدث في عهد عبود، وكما حدث في الإنقاذ.
    فدور القوات المسلحة هو حماية البلاد وحدودها وحماية الشرعية الدستورية ويجب أن تقوم بمهامها وفق الدستور والقانون. إن هيكلة القوات المسلحة على أساس جديد هي التي تتطلب درجة عالية من الاهتمام والوضوح لما دب فيها من استغلال سياسي ساهم في تدميرها وفي تدمير الوطن باسم شعارات زائفة أضرت أضعاف ما أصلحت.
    ولكي تقوم القوات المسلحة بدورها وتحمي النظام الديمقراطي يجب اتباع المبادئ التالية:
    أولا: أن تكون القوات المسلحة عالية الكفاءة والتدريب . و أن تكون قاعدتها المهنية قابلة للتوسع عند اللزوم (النهج السويسري).
    ثانيا: اعتماد الخدمة الوطنية الإلزامية والدفاع المدني والاحتياطي الشعبي لتأمين الإمداد البشري في أوقات الطوارئ والحاجة للدفاع عن الوطن.
    ثالثا: ضبط الصرف العسكري للسماح بإعطاء أولوية للتنمية.
    رابعا: إلزام القوات المسلحة كمؤسسة وأفراد بعقيدة عسكرية محددة ملتزمة بالديمقراطية أساسا لشرعية الحكم، وملتزمة بالوظيفة الدفاعية أساسا للقوات المسلحة، وملتزمة بطاعة القيادة التنفيذية المنتخبة.
    خامسا: ابتعاد القوات المسلحة تماما عن صراعات السلطة في البلاد وإبعادها عن مهام الأمن الداخلي.
    سادسا: تنظيم الاستثمار الاقتصادي والنشاط التجاري والخدمي التعاوني في القوات المسلحة و تطوير دور القوات المسلحة في ترقية مجالات التنمية أثناء فترة السلم على نحو لا يتعارض مع مهام إعدادها أو تدريبها الفعلي لمهامها الأصلية، وتطوير وتوسيع الخدمات الاجتماعية التي تقدمها القوات النظامية للمواطنين عبر وحداتها وأفرعها المتخصصة (القوات المنتجة)..
    سابعا: ضبط و تقنين وظائف كافة القوات النظامية منعا للتداخل في الاختصاصات.
    ثامنا: مراعاة التوازن في تركيبة القوات المسلحة على كافة المستويات مما يجعلها مرآة صادقة للتكوين السكاني للبلاد.
    تاسعا:حصر وظيفة القوات المسلحة في مهام الدفاع.
    عاشرا: حصر المهام الشرطية والادعاء في النيابة والشرطة. وتقنين أمن الدولة والأمن الخارجي بالحصر في جمع المعلومات للجهات المعنية وحصر التنفيذ في الشرطة والنيابة.
    حادي عشر: اتخاذ إجراءات محددة لحماية البلاد من الانقلابات العسكرية.
    ثاني عشر: تطوير الدارسات والبحوث الأمنية والعسكرية المساعدة في اتخاذ القرار في شئون الأمن القومي.
    2) الأمن:
    إن تجربة أجهزة الأمن في العهود الشمولية أفرزت أجهزة تميزت بالبطش وأفرزت ضررا بليغا بأرواح المواطنين وأعراضهم وأموالهم وتميزت بالانقلاب والصرف البذخي على أجهزة متعددة يعمل كل منها حسب هواه مما خلق عداءا وبغضا بينها وبين المواطن.
    إن ارتباط الأجهزة الأمنية بحرمان المواطنين من حقوقهم جعلها بغيضة ولكن الأجهزة الأمنية القوية مطلوبة لحماية النظام الديمقراطي داخليا وأمن الوطن خارجيا.
    1. المطلوب النص في الدستور على قيام جهاز أمن داخلي وخارجي تحدد مهامه ويفصلها القانون.
    2. أجهزة الأمن هذه تقوم بجمع المعلومات الدقيقة الخاصة بأمن الوطن والمواطن داخليا وخارجيا وتحليل المعلومات والتوصية بما يجب عمله دون القيام بأية مهام تنفيذية.
    3. تلحق هذه الأجهزة بالسلطة التنفيذية العليا للبلاد.
    4. يتولى هذه المهام الأهلية كوادر مؤهلة ومدربة تدريبا عاليا وتزود بأجهزة حديثة للقيام بمهامها.
    5. يراجع مجلس الدفاع الوطني الأجهزة الحالية لإعادة هيكلتها وتكوينها بما ينقلها من المهام الحالية إلى المهام القومية من حيث الهياكل والكوادر.
    6. تكوين لجنة ذات اختصاص لوضع ورقة عمل تفصل ما يجب عمله.
    7. في مرحلة الستة أشهر الانتقالية تعمل ضوابط وإجراءات معينة تحكم عمل جهاز الأمن.
    3) الشرطة: تلعب الشرطة دورا مهما في الحفاظ على الأمن الداخلي للوطن وأمن المجتمع والأفراد- المادي والمعنوي- وفي تقديم بعض الخدمات.
    السياسات المطلوبة:
    1) ضمان قومية تكوين الشرطة لتعكس التنوع السوداني.
    2) تأهيل أفراد الشرطة وتقوية المناهج الشرطية وإدماج مفاهيم حقوق الإنسان فيها.
    3) إعادة تأهيل قوات الشرطة وتوفير الآليات والمعدات اللازمة لأداء مهامها.
    4) الاهتمام بأقسام الشرطة الفنية.
    4) السجون: دور السجون مكمل لدور الشرطة والأجهزة العدلية في حماية المجتمع وعقاب وإصلاح المنحرفين. في هذا الصدد يجب:
    · وضع استراتيجية شاملة للسجون توضح فلسفتها العقابية والإصلاحية ومراعاتها لحقوق الإنسان.
    · التركيز على الجوانب الإصلاحية والتربوية الهادفة لإعادة إدماج النزيل في المجتمع.
    · تأهيل أوضاع السجون-لاسيما سجون النساء والأحداث- لتقوم بدورها.
    · تأهيل العاملين بالسجون وتثقيفهم بمفاهيم حقوق الإنسان.
    5) قوات حماية الحياة البرية: تعمل هذه القوة على حماية الحياة البرية ومحاربة التعديات عليها. يجب تأهيل هذه القوات بما يمكنها من أداء مهامها بالتعاون مع الجهات ذات الصلة بحماية البيئة والحياة البرية كما هو وارد في محور البيئة.
    ثانيا: الفصائل المسلحة:
    في الآونة الأخيرة تعددت الفصائل المسلحة التي لا تتبع للدولة، وعلاوة على الجيش الشعبي لتحرير السودان وجدت جيوش أخرى في الجبهة الجنوبية- والجنوبية الشرقية- والشمالية الشرقية والآن في دارفور. يجب وضع استراتيجية للتعامل مع تلك الفصائل في إطار عمليتي السلام والتحول الديمقراطي.

    الملف الحادي عشر: السياسة الخارجية
    السياسة الخارجية هي مرآة للسياسة الداخلية للدوله واوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وموقعها الجغرافي وأهميتها الاستراتيجية ودورها في المحيطين الإقليمي والدولي وهي الوسيلة التي تحقق بها الدولة مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية . ولهذا كان لابد من وضع وتأسيس العلاقات الإقليمية والدولية لبلادنا وفق مبادئ وأسس تحقق مصالح البلاد في التنمية والأمن وتراعي انتماءاتها الحضارية وتنظيم علاقاتها بالدول ذات التداخل الخاص مع السودان.
    في هذا الملف نستعرض السياسة الخارجية المثلى لبلادنا عبر المحاور: واقع السياسة الخارجية السودانية- الدبلوماسية السودانية- العلاقات الإقليمية- والسياسة الدولية.
    (1) واقع السياسة الخارجية السودانية
    لقد أنجزت حكومة الديمقراطية الثالثة في مجالات التعاون التنموي عبر منظمة الإيقاد والمنظمة الدولية، والبرناج الإغاثي "شريان الحياة" الذي صار يعرف باسم "الصيغة السودانية" والعون الأجنبي في درء آثار السيول والفيضانات 1988م، وفي التسليح وغيره مما يعكس نجاح السياسة الخارجية الديمقراطية في جذب التعاون الدولي للمصلحة القومية السودانية. ولكن السياسات التي اتخذت على عهد الإنقاذ الأول من تبنى النظام سياسة أحادية متطرفة داخليا وخارجيا برزت في الموقف من حرب الخليج (أغسطس 1990- يناير1991) - وتكوين المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي كمنبر راديكالي ضد الشرعية الدولية- وفتح الحدود: لكل المطرودين والمطاردين والمعارضين لأنظمتهم وسمح لهم بالدخول دون جوازات سفر أو تأشيرات مما جعله بؤرة تجمع فيها هؤلاء. إعطاء العرب الأفغان موئلا للإقامة وجوازات سفر سودانية. وتبني الإعلام الرسمي رسالة إعلامية متطرفة بشرت بعذاب أمريكا وروسيا وبالصلاة في الفاتيكان وأساءت لرؤساء الدول العربية.. بل بلغ التطرف إلي حد الإعتراف بالإنقلاب الشيوعي الذي وقع بالإتحاد السوفيتي علي جورباتشوف.
    تدهورت علاقات النظام الثنائية مع إرتريا – ويوغندا- وإثيوبيا خاصة بعد محاولة إغتيال الرئيس حسني مبارك على أراضيها – ومع مصر التي كانت تشكو من نشاط الجماعات الإسلامية وتشير للحكومة السودانية بإصبع الاتهام، ثم كانت محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس المصري بأديس أبابا والتي اتهمت فيها مصر الحكومة السودانية. مما جلب للنظام السوداني سلسلة من الإدانات الإقليمية والدولية: قرار مجلس الأمن رقم 1044 و1054 و1070. وتدهورت علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية التي أدرجته ضمن الدول الراعية للإرهاب في 1993. وفي نوفمبر1997 أصدر الرئيس الأمريكي مرسوماً رئاسياً بموجب قانون الطوارئ الدولية فرض بموجبه حظراً اقتصاديا علي السودان بسبب دعمه للإرهاب الدولي ومحاولته زعزعة استقرار الدول المجاورة وسجله المخزي في مجال حقوق الإنسان.
    استجابة للضغوط الداخلية والخارجية بدأ النظام ومنذ 1996 في التراجع نسبيا عن تلك السياسات، بدءا بطرد بن لادن في ذلك العام ومرورا بالاستعداد للتعاون مع مصر وإثيوبيا وأمريكا، وتجميد المؤتمر الشعبي عام 1999م، وتسليم كارلوس لفرنسا، وتمت زيارة بابا الفاتيكان للخرطوم. وتم القبول بمبادئ الإيقاد في 1997م. وتم فتح البلاد لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية للتفتيش لمدة عام بالبلاد. وتم توقيع اتفاق يسمح للجيش اليوغندي بدخول البلاد ومطاردة قوات جيش الرب وتم تجديد ذلك الاتفاق عدة مرات.. ومع كل هذا سارت العلاقات الخارجية للنظام سيرا بطيئا بسبب أزمة الثقة والشك الذي يحيط بالنظام.. هذا بعض من حصاد النظام في علاقاته الخارجية التي رفع شعار إعمارها فصار الجواز السوداني لأول مرة إما وصمة عار في جبين حامله بالإرهاب أو جواز مرور للعطف وإعادة التوطين!.
    وفي مجال الدبلوماسية السودانية تم إقصاء الكفاءات وإحلال كادر حزبي غير مدرب، وتمت ما يشبه تصفية للكادر النسائي العامل بالخارجية، وتعددت قنوات اتخاذ القرار في السياسة الخارجية بين الوزارة ومجلس الصداقة العالمية ورئاسة الجمهورية ومستشارية السلام ونواب رئيس الجمهورية ومستشاريه.. هذا التعدد هو أحد وجوه تعدد مراكز القوى في النظام عززته التناقضات داخل النظام التي تفجرت في انقسام الحزب الحاكم –حزب المؤتمر الوطني- إلى قسمين إثر مصادمات وإجراءات جراحية، على أن ذلك لم يحسم مسألة التعدد داخل النظام وفي مراكز اتخاذ القرار في السياسة الخارجية.
    فما هو السبيل لتجنب أمثال هذه الإخفاقات، ولبناء السياسة الخارجية التي تحقق مصلحة البلاد؟
    (2) الدبلوماسية السودانية
    نستعرض البرنامج المطلوب فيما يتعلق بالدبلوماسية السودانية عبر محاور: موجهات عامة- الدبلوماسية الرسمية- الدبلوماسية الشعبية- والإعلام الخارجي.
    موجهات عامة للبلوماسية:
    في المجال الدبلوماسي هنالك موجهات ينبغي ان تلتزم بها الدبلوماسية في السودان هي:
    1- اتخاذ استراتيجية واضحة ومدروسة للسياسة الخارجية في المجال الإقليمي، وأخرى في المجال الدولي (يرد تفصيلهما فيما بعد).
    2- العمل على تحقيق المصالح القومية وفق الثوابت الوطنية المشار لها في باب البطاقة الفكرية.
    3- تعطى أهداف: الوحدة الطوعية- السلام العادل- التنمية المستدامة أولويات في صياغة السياسة الخارجية.
    4- خلق إجماع قومي حول سياسة البلاد الخارجية وعدم انفراد جهة معينة بذلك وفقا لرؤية حزبية أحادية.
    5- تعكس السياسة الخارجية التنوع السوداني بكافة أوجهه، فلا تنحاز لجماعة ثقافية أو إثنية أو دينية دون الأخريات.
    6- التكامل بين أداء الدبلوماسية الرسمية، والدبلوماسية الشعبية، وقطاع الإعلام الخارجي للوصول إلى أفضل أداء للسياسة الخارجية.
    7- التكامل بين دور الدبلوماسية التقنية (التكنوكراط) والسياسية (التي تمثلها الأحزاب) بشكل مؤسسي يمنع التضارب ويحقق المصلحة.
    8- عمل مركز للمعلومات والاتصالات تابع للوزارة يعمل على مسح الفرص المتاحة للدول والشركات والجامعات والمنظمات المختلفة في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والفني وإتاحتها لقنوات الدبلوماسية الرسمية والشعبية والإعلام الخارجي.
    الدبلوماسية الرسمية
    تتخذ الدبلوماسية الرسمية سياسات وموجهات معينة في مجالات: الكادر الدبلوماسي- والأمن القومي.
    الكادر الدبلوماسي:
    - تعكس تركيبة الكادر التنوع الثقافي والإثني والديني والنوعي والتعدد الحزبي، كما تتيح مجالا لتواصل الأجيال. بحيث يكون الجهاز الدبلوماسي الرسمي قومي التكوين وعادل بالميزان النوعي والعمري.
    - يتم اختيار الكوادر المؤهلة على أسس موضوعية هي: الخبرة- المقدرات الذاتية- العدالة الجهوية والثقافية والإثنية والنوعية. ويبتعد عن سياسات التغول على السلك الدبلوماسي بخطط عشوائية غير مدروسة.
    - ترقية الكادر الدبلوماسي عبر التدريب وإتاحة المعرفة عبر مركز قومي للدراسات الدبلوماسية، وإنشاء بنية تحتية للمعلومات والاتصال السهل والسريع داخل وزارة الخارجية.
    - ربط ثقافة الدبلوماسي بالتوجه القومي وبالثوابت القومية –لا الحزبية- الواردة في باب البطاقة الفكرية. وتركيزها على البعد التنموي وتحديات واقع العولمة الجديد.
    - العمل على استقرار الحكم، واستقرار الكادر الوزاري بصورة معقولة تقي من التخبط الناتج من التبديلات الوزارية الفجائية والمستمرة.
    الأمن القومي :
    هنالك صلة مباشرة بين السياسة الخارجية والأمن القومي، فنجاح الدولة في تحقيق الأمن لنفسها يؤثر على فعالية سياستها الخارجية، والسياسة الخارجية السيئة تهدد الأمن القومي. وقد أعطت "الإنقاذ" خير دليل على إمكانية تاثير السياسة الخارجية على الأمن القومي. من ذلك نشير لما تقدمنا به من تحويل الحرب في الجنوب إلى حرب عنصرية دينية وتأليب منظمات حقوق الإنسان والكنائس الإفريقية والعالمية، ثم السماح لقوات أجنبية يوغندية بالبقاء في الجنوب.
    الأمن القومي والسياسة الخارجية:
    تهدف الدولة لتحقيق الأمن القومي عبر المحاور العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السياسية، وتخطط لذلك عبر السياسة الخارجية بالآتي:
    · أول الطريق نحو سياسة خارجية تؤمن الأمن القومي هو الاستجابة للتوسط الدولي والإقليمي الحالي بقلب مفتوح لإنهاء الحرب ولتحقيق الحل السياسي الشامل بشقيه السلام العادل والتحول الديمقراطي.
    · تسعى الخارجية السودانية لاستقطاب الدعم الإقليمي والدولي لعملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، ولتحقيق الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي السوداني عبر دعم المشاريع المؤدية لذلك.
    · تدعيم الصلة بين وزارة الخارجية وأجهزة الأمن القومية والتنسيق فيما بينها لخدمة مصالح السودان العليا.
    · ترتيب المهددات الأمنية وفق المصالح الحيوية للبلاد، وتنشيط السياسة الخارجية في هذا الاتجاه.
    · تكون للأجهزة الأمنية أعراف وتقاليد قومية ويتم اختيار بعض عناصرها من كادر الدبلوماسية ذي الدراية. في المقابل يتم اختيار بعض عناصر الأمن ذات الكفاءة للعمل بالسفارات والقنصليات بالخارج.
    · رصد وتنظيم عمل منظمات الإغاثة والشركات الأجنبية بشكل يضمن عدم تأثيرها على الأمن القومي.
    · حل مشلكة اللاجئين وتنظيم إقامتهم بواسطة الأجهزة المختصة.
    · احتواء الصراعات القبلية والأهلية قبل استفحالها.
    · عقد اتفاقات تجارة حدود وخلق مصالح حدودية سلمية بين السودان وجيرانه. والتنسيق مع الدول المجاورة للحد من التهريب الجمركي، ولمراقبة الجرائم مثل تهريب المخدرات وغيرها.

    الدبلوماسية الشعبية
    تتخذ الدبلوماسية الشعبية أبعادا: ثقافية (عبر البعثات الدراسية والمراكز الثقافية وكلها تنشر المعرفة والفنون والتراث والتعليم)- اقتصادية (الأنشطة التجارية والصناعية التي تقوم بها الشركات متعددة ومتعدية الجنسيات والاستثمار الأجنبي بالداخل أو السوداني بالخارج)- ورياضية (بالمشاركة في الأنشطة الرياضية العالمية أو استضافتها في البلاد) وبشرية (عبر الجاليات السودانية في الخارج).
    تندرج في الدبلوماسية الشعبية كل العلاقات الخارجية للتنظيمات الأهلية والسياسية والنقابية والأندية الرياضية واتحادات الغرف التجارية والصناعية، وتنظيمات الشباب والمرأة وروابط الجامعات والبعثات الدراسية، وكافة المؤسسات غير الحكومية وجمعيات الإخاء والصداقة مع الشعوب.
    لقد أعطى "المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي" مثالا سيئا للدبلوماسية الشعبية حيث لعب دورا في تخريب المصلحة الوطنية. أما مظلة النشاط الدبلوماسي الشعبي وهي "مجلس الصداقة الشعبية" والذي وإن كان أداؤه أفضل من المؤتمر الشعبي، فإنه مثله مثل غيره من المؤسسات الأهلية المناصرة للنظام يقع تحت النفوذ الحزبي لمناصير النظام ولا يشكل ذراعا شعبيا قوميا للدبلوماسية السودانية. هذا علاوة على وجوده إلى جانب مراكز أخرى أشرنا لها تسببت في تعدد مراكز اتخاذ القرار.
    لقد شكلت المعارضة الخارجية وجماعات حقوق الإنسان خارج السودان دبلوماسية شعبية عالية الصوت نالت احترام المجتمع الدولي والإقليمي. كما توسع سودان المهجر وانتشر على طول الدنيا وعرضها.. هذا النشاط الدبلوماسي الشعبي غالبا يتم بعيدا عن السفارات السودانية بل وبعداء نحوها لاتخاذها نهجا حزبيا أحاديا إقصائيا لا يسمح بوجود الآخر معه.
    وينبغي لتجنب هذا التنافر الرسمي- الشعبي، و للارتقاء بالدبلوماسية الشعبية السودانية الآتي:
    - أن ترحب الدواوين الرسمية بمناشط الدبلوماسية الشعبية المختلفة وتسعى للتعاون معها وتأهيلها. وفي المقابل لا بد من توحيد مراكز اتخاذ القرار الرسمية وعدم تغول بؤر الدبلوماسية الشعبية على ذلك.
    - التنسيق بين المنظمات الشعبية السودانية في إطار النشاطات الخارجية.
    - تنمية موارد وإمكانات العمل الشعبي بما يوفر تمويلا منتظما للنشاط الشعبي الخارجي.
    - إنشاء علاقات مع تنظيمات الدبلوماسية الشعبية العالمية.
    - تشجيع قيام الجمعيات الوطنية للصداقة مع شعوب العالم ووضع التدابير التي تضبط أداءها.
    - المساهمة في معالجة المنازعات الإقليمية والعالمية بالجهود الرسمية والشعبية. والترحيب بالدور الإقليمي والعالمي للتوسط في المنازعات المحلية.
    - تشجيع تبني المؤسسات الأهلية لموضوعات تهم الإقليم والعالم مثل: القضية الفلسطينية- حوار الأديان والحضارات..الخ.
    - تشجيع قيام منظمات فاعلة لحقوق الإنسان وأنصار حماية البيئة بخلق حوار قوي ومؤثر يكون له مردود في مجال حماية البيئة وحقوق الإنسان العالمية.
    - توظيف الرصيد الكبير في العمل الشعبي في إفريقيا والعالم العربي والإسلامي والمتمثل في الموروث الحضاري المشترك. ومد جسور مشتركة بين المنظمات الفكرية والثقافية نحو العالم وإفريقيا على وجه الخصوص لخلق توازن في الذات السودانية.
    - توثيق الصلة بالجاليات السودانية بالخارج والتعامل مع قطاع سودان المهجر كمحور أساسي في إطار الدبلوماسية الشعبية وذلك بالتنسيق مع سفارات السودان بالخارج.
    - تشجيع الجامعات على تبادل البعثات الدراسية مع الجامعات بالخارج. وإقامة الروابط الجامعية الأكاديمية والثقافية التي تسعى لتوطيد علاقاتها بالروابط المشابهة بالخارج.
    - تشجيع منظمات المجتمع المدني المعنية بالتنمية البشرية ومحاربة الفقر للاتصال بالمنظمات ذات التجارب الناجحة في هذا المجال في الدول النامية وبمنظمات الأمم المتحدة الإنمائية.
    - تفعيل المناشط الرياضية والفنية بين دول الجوار وعلى مستوى العالم.
    - الحرص على الاشتراك في المعارض والمهرجانات الإقليمية والدولية التي تقام في المجالات التجارية والثقافية والفنية والتكنولوجية.
    - الإفادة من قطاعات سودان المهجر في دعم الدبلوماسية الشعبية وتوجيهها نحو ترفيع التعاون الثقافي والاقتصادي والتقني مع الدول التي يقيم فيها السودانيون، وخدمة الثوابت الوطنية، وتمويل التنمية.
    الإعلام الخارجي:
    - يؤهل قطاع الإعلام الخارجي عبر تدريب كادره ليلم بمكونات النظام العالمي ، والواقع السوداني وتغيرات كل منهما.
    - غرس الوعي داخل الكادر الإعلامي بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ودوائر التعاون الدولي المختلفة في مجالات المياه والبيئة والمرأة والسكان والاقتصاد والسلام الدولي وغيرها.
    - إتاحة دراسات ومعلومات للإعلاميين للوعي بالتركيبة السودانية المتنوعة طبوغرافيا وتاريخيا وإثنيا وثقافيا.
    - تأهيل الملحقيات الثقافية والإعلامية بالسفارات السودانية، ودعم المراكز الثقافية السودانية بالخارج معنويا وماديا.
    - الشفافية في الأداء السياسي والدبلوماسي وإتاحة الحرية الصحفية كضرورة لتطور قطاع الإعلام الخارجي خاصة والإعلام عامة.
    - كل أجهزة الإعلام الخارجي الرسمية والأهلية تعمل على جذب الاستثمار الخارجي خاصة في مجالات الانفتاح على الأسواق العالمية والمؤسسات الخارجية الأهلية.
    التنوع الثقافي داخل الوحدة:
    إن التنوع الثقافي السوداني يمكن استثماره دبلوماسيا بهدف تقريب الشقة بين شعب السودان والشعوب الأفريقية والعربية وبقية شعوب العالم. ويمكن للأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والإعلام المساهمة بفعالية في وإنطلاقا من الإقرار بالتنوع داخل الوحدة تحرص السياسة الخارجية على الموجهات التالية:
    - تنطلق البعثات الدبلوماسية وتوجه الدبلوماسية الشعبية والإعلام الخارجي من حقيقة الوحدة مع التنوع. وتتخذ لنفسها لغة قومية تستصحب التنوع وتظهر جانب الوحدة.
    - تؤهل الكوادر العاملة في وزارة الخارجية لتلم إلماما كاملا بهذاالتنوع وتتفاعل معه.
    - يتم التعامل مع الدوائر الخارجية المؤثرة في السياسة السودانية (الإسلامية والعربية والإفريقية) بتوازن ومن منطلق الهوية السودانية.
    - تعكس السياسة الخارجية تركيبة السودان المتنوعة ثقافيا ودينيا وإثنيا ولا تقتصر على تفضيلات فئة دون الآخرين.
    - يتم عكس التنوع في مؤسسات وبعثات وزارة الخارجية.
    (3) العلاقات الإقليمية
    لقد جاء في باب البطاقة الفكرية قراءة للواقع الإقليمي ومشاكله والمطلوب للخروج من أزماته. وفي هذا الباب نركز على السياسة الخارجية التي يجب على السودان اتباعها حيال إقليمه:
    ملامح السياسة الإقليمية:
    تتسم السياسة الخارجية في الإطار الإقليمي بالآتي:
    - سيادة مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول المجاورة وفي الإقليم وعدم التدخل في شئونها الداخلية، وبناء العلاقات على التعاون والمصلحة المشتركة.
    - الاعتراف بالشرعية الدولية.
    - حل الخلافات والنزاعات بالوسائل السلمية لاسيما الخلافات حول الحدود، وقبول التحكيم الدولي فيها.
    - التوازن بين انتماءات السودان المختلفة. والتكامل والتعاون والمشاركة الفعالة في المنظمات الإقليمية وفقا للرؤية الواردة في باب البطاقة الفكرية.
    - وفيما يتعلق بالانتماء الأفريقي تأكيد أنه جيوسياسي قاري ويحظى بالاهتمام الجيوسياسي الأول.
    - وفي الإطار العربي يعرف الانتماء ثقافيا وتراعى التزاماته على السودان، مع مراعاة توجهات تكوينات السودان غير العربية كما ينبغي أن يهتم بتوثيق العلاقات العربية الأفريقية ليصل السودان ما فصلته الصحراء الكبرى.
    - وفي الإطار الإسلامي يجب مراعاة أن بالسودان أغلبية مسلمة وعليها أن تراعي وجود مجموعات وطنية متعددة الأديان بجانب الوجود الإسلامي. وان تراعي ان ثلث المسلمين يعيشون أقليات داخل بلدان أخرى. وان في العالم تنوعا دينيا والمطلوب مراعاة كل هذه العوامل بصورة تكفل حرية الأديان وحقوقها والتعايش السلمي بينها.
    الخطط والسياسات الإقليمية
    تقوم السياسات الإقليمية على ترفيع مستوى التعاون الثنائي مع الدول المجاورة والصديقة في الإقليم، والتعاون المتعدد الجبهات عبر التكتلات والاتحادات الإقليمية.
    فيما يتعلق بالسياسات الإقليمية نتعرض للموقف من: الاتحادات الإقليمية- التكتلات الإقليمية- التكامل السوداني المصري - والتكامل السوداني الليبي.
    الاتحادات الإقليمية
    ثمة انتماء قومي وإسلامي وإفريقي يوجب العمل المشترك في مؤسسات رسمية إقليمية ودولية. تلك المؤسسات تقوم على مراجعة للمؤسسات الحالية تتخلص من مكامن العجز الذاتية وتوجب إعطاء المؤسسات المشتركة صلاحيات حقيقية وتقيم أجهزة قيادية مشتركة بين الدول ومشاركة بآليات محددة للشعوب.
    أهم المؤسسات الرسمية الإقليمية هي الاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة مؤتمر الدول الإسلامية وتتفرع عنها هيئات أخرى. إن هذه المؤسسات مرآة صادقة لعجز الدول الأعضاء فيها..
    لا سبيل للفعالية في تلك المنظمات بدون حكومات ديمقراطية شرعية صحيحة النيابة عن الشعب قادرة على تفويض الصلاحيات لجسم مشترك.
    الاتحاد الإفريقي:
    لقد كان نشاط السودان الإفريقي ثانويا بالنسبة لنشاطه في الدائرتين الإسلامية والعربية. ولأسباب رصدت في مكان آخر من هذا البرنامج تم الالتفات لأهمية البعد الإفريقي في سياسة السودان الخارجية.
    بداية الاتحاد الإفريقي بالدعوة للديمقراطية وعدم الاعتراف بالانقلابات التي تقوم على حكومات شرعية ديمقراطية بداية حميدة. ونية النيباد –التي أسفرت اجتماعاتها عن تكوين الاتحاد- في ربط الدعم التنموي بالديمقراطية نية سليمة. يعمل السودان الديمقراطي الدستوري من داخل الاتحاد لتعضيد مفاهيم التحول الديمقراطي في القارة، ويدعو الاتحاد للآتي:
    أن يعمل على تعضيد التفسير القاري للإفريقانية وربطها بالعوامل الجغسياسية المشتركة، ورفض الفصل بين إفريقيا جنوب الصحراء وشمالها.
    والسعي لضرورات الجغسياسة للتعاون مع العالمين العربي والإسلامي. فغالبية العرب أفارقة وغالبية الأفارقة مسلمون.
    الدعوة لآلية لإشراك الشعوب في أعمال الاتحاد. ولدور أكبر لمنظمات المجتمع المدني. ودور أكبر للتخطيط الثقافي والنظر لدور الثقافة في النهضة الأفريقية، ودعم التعاون الثقافي بين دول القارة.
    والسعي للنهضة بشكل تأصيلي يرفد من الحضارة الأفريقية ويتلاقح مع الحضارة الوافدة بدلا عن أن يستلب لها.
    الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية:
    يعمل السودان من خلال عضويته في هاتين المؤسستين على تحقيق الآتي:
    الدعوة لتوسيع التعاون العربي والإسلامي والذي كان حلما وأصبح الآن ضرورة للبقاء والمنافسة.
    دعوة المؤسستين إلى تحقيق حد أدنى من تجميع الرأي العربي والإسلامي للضغط باتجاه حل للمسألة الفلسطينية وكل القضايا العربية العالقة والمستجدة.
    يجب أن تقود الجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامي الدعوة للتحول الديمقراطي وللشرعية الدستورية.
    البحث عن آليات داخل الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية لإشراك الشعوب ومنظمات المجتمع المدني فيهما.
    المرأة العربية الإسلامية تلاقي قيودا أكثر من غيرها، يدعو السودان الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية قيادة الطريق لفك تلك القيود.
    فجوة المعرفة في العالم العربي لا تتناسب مع مكانته التنموية فالتدني المعرفي العربي هو الأبلغ في العالم، يجب زيادة الاستثمار في المعرفة.
    يجب على الجامعة العربية أن تقود العرب في مواجهة العولمة واستصحاب جانبها الحميد والتنسيق للحماية من جانبها الخبيث. نفس الشيء ينتظر من منظمة الدول الإسلامية.
    وفي ظل النظام الدولي الحالي على الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية السعي لتعريف الإرهاب (الترويع) بشكل موضوعي يربطه بالاستخدام التعسفي للعنف لتحقيق أهداف سياسية.
    التكتلات الإقليمية:
    انضم السودان في عهد الإنقاذ إلى بعض التكتلات الإقليمية (مثلا الكوميسا والاتحاد الجمركي العربي ودول الساحل والصحراء) دون إعداد أو دراسات عميقة لإمكانات الاقتصاد السوداني.
    وصرف السودان في الآونة الأخيرة مبالغ طائلة لاستضافة مؤتمرات قمم لبعض تلك المنظمات.. مؤتمرات فطيرة الإعداد لا تدرك التغيرات الدولية ومنطق الاستجابة لها، فكانت بمثابة منابر علاقات عامة عالية الصرف قليلة الفائدة.
    ينبغي أن تدرس هذه التكتلات على أساس المنافع المتبادلة والجدوى والخطط الأفضل لتحقيق المصالح المشتركة.
    نتعرض هنا لاثنين من هذه التكتلات: دول الكوميسا- ودول حوض النيل.
    دول الكوميسا:
    كانت الهيئة الاقتصادية الإفريقية المتفرعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة –ومقرها أديس أبابا- قد اقترحت أربعة تكتلات اقتصادية إفريقية منها كتلة شرق وجنوب إفريقيا التي نبعت عنها فكرة الكوميسا "السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا" عام 1993م الذي يضم عشرين دولة من بينها السودان، وبقية دول حوض النيل مع دول أخرى. خطت الكوميسا لنفسها أهدافا تكاملية اقتصاديا وبيئيا ودبلوماسيا.
    إن تحقيق التعاون المرجو من خلال الكوميسا مربوط جزئيا بالوصول إلى اتفاق حول مسألة مياه النيل على النحو المشار له أعلاه وإلا منع التوتر بين دول الحوض أي تعاون بينهم في مجال الكوميسا.
    ونجاح الكوميسا مربوط بالوعي بالمستجدات الدولية وعلى رأسها بروز مسألة الحكم الديمقراطي الصالح على رأس الأجندة الدولية. وربط المساعدة في تحقيق التنمية بحقوق الإنسان واحترامها.
    نجاح الكوميسا أيضا مربوط بإنهاء دور ملتقيات القمة أن تكون مجرد منابر علاقات عامة، واستثمارها لتقديم أفكار نابهة مبنية على دراسات واعية بواقع البلدان المعنية والعالم من حولها.
    كما يجب على دول الكوميسا الضغط عالميا من أجل تحقيق ظروف اقتصادية أفضل لدول الجنوب عامة وللدول الأقل نموا خاصة.
    دول حوض النيل
    تتشاطأ على حيضان النيل الثلاثة عشر دول هي: أثيوبيا – الكنغو- رواندا – بوروندي – تنزانيا – كينيا – يوغندا – إرتريا – السودان – مصر. وتشكل مسألة مياه النيل من أهم أوجه التعاون مع دول الحوض وأهم مسببات النزاع فهي باب للوعد أو للوعيد. وإذا تحقق وعد النيل فإن من شأنه أن يفتح الباب واسعا للآتي:
    أولا: خلق مناخ فكري وسياسي وفني يسمح بقيام تكتل اقتصادي إقليمي يضم دول حوض النيل ويحقق أهداف الأندوجو ويتجاوزها إلى إيجاد قوة إقليمية متعاونة وقادرة على حماية مصالح أعضائها في مناخ العولمة.
    ثانيا: تحقيق تواصلا إيجابيا بين أفريقيا شمال الصحراء وأفريقيا جنوب الصحراء، ويمهد لترابط عربي/أفريقي يعود بالفائدة على الشعوب العربية والإفريقية.
    ثالثا: السماح بتعاون أمني يحشد طاقات دول وشعوب الإقليم في اتجاه القضاء على الحروب الأهلية وتحقيق الاستقرار.
    رابعا: صون حوض النيل من آثار التوتر والنزاع والصدام الذي أحاط بأحواض مجاورة في إفريقيا وفي آسيا.
    خامسا: فتح باب واسع للدول الغنية والمؤسسات الدولية المتخصصة لتساهم مساهمة قوية في دعم مشروعات تنمية موارد النيل المائية بالإمكانات المالية، والفنية، والبشرية.
    ولتحقيق ذلك الوعد وتجاوز الوعيد الماثل في التهديدات المتبادلة بين دول الحوض، تعمل دول حوض النيل على عقد معاهدة شاملة لمياه النيل:
    مشروع معاهدة شاملة لمياه النيل
    لقد انطلقت مبادرة حوض النيل من دار السلام في فبراير 1999م مواصلة للمجهودات التعاونية التي سبقتها. إن مبادرة حوض النيل شراكة إقليمية تضامنت بموجبها دول حوض النيل لكي تحقق التنمية المستدامة لموارد النيل وإداراتها المشتركة. مبادرة حوض النيل خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها لن تستطيع تحقيق الآمال المنوطة بها إلا إذا صارت آلية تتفاوض عبرها دول حوض النيل من أجل الاتفاق على معاهدة شاملة لمياه النيل.. معاهدة تقوم على واحد وعشرين بنداً هي :
    1. النيل وحدة مائية وتلتزم دول الحوض بالامتناع عن القيام بأية أعمال منفردة فيه تلحق ضررا بالدول الأخرى.
    2. السيادة على النيل مشتركة بين كل الدول المتشاطئة عليه.
    3. تتجنب دول الحوض الابتزاز، والتهديد، والتلويح باستخدام القوة وتحرص على حسم الخلافات بالوسائل السلمية.
    4. استغلال مياه النيل يخضع لاتفاق شامل وملزم تبرمه وتلتزم به دول الحوض.
    5. تلتزم دول حوض النيل بترشيد الطلب على المياه، وبالعمل لزيادة العرض من مياه النيل، وبإصلاح البيئة الطبيعية في حوض النيل، وبحماية النيل من التلوث، وتلتزم بالتعاون بينها لتحقيق هذه الأهداف.
    6. لأسباب تاريخية تتعلق بالضرورة، والكثافة السكانية، وغياب البديل المائي، سبقت مصر ثم السودان إلى استغلال مياه النيل فصارت لهما حقوق مكتسبة.
    7. لأسباب جغرافية -كثرة الأمطار، وأسباب طبغرافية- المرتفعات، لم تنل دول أعالي النيل حصة من مياه النيل في الماضي. لكن الضرورة التنموية، والزيادات السكانية، والإمكانات التقنية، أتاحت لدول منابع النيل فرصا لاستخدام مياه النيل للري والإنتاج الكهرومائي فصارت تطالب بحقها فيها. تعتبر المياه التي تستغلها دول منابع النيل الآن حقا مكتسبا. وتعتبر الحصص التي تطالب بها حقا مطلوبا.الحقوق المطلوبة تقوم على مستجدات.أما الحقوق المكتسبة فتقوم على موروثات.الماء ليس كالبترول كما قيل فالبترول ثروة طبيعية كامنة في جوف الأرض إلى أن يتم استخراجها.أما المياه فهي جارية من آلاف السنين ومن ثم ترتبت على ذلك حقوق مكتسبة.
    8. تعترف كافة دول حوض النيل اعترافا متبادلا بالحقوق المكتسبة والحقوق المطلوبة.
    9. بناء على الكثافة السكانية، والحاجة للمياه، وقلة البدائل لمياه النيل، يتفق على تحصيص مياه النيل على النحو التالي:
    أ. إعطاء مصر -دولة المصب- والسودان –دولة المجرى-معاً 80% تقسم بينهما وفق اتفاقية 1959م على أساس 3 :1في الحصة المشتركة وعلى أساس اقتسام النقص والزيادة بالتساوي .
    ب. يكون لدول المنابع نصيب محدد من المياه النابعة في أراضيها20%.
    10. الأنصبة المتفق عليها تخص دفق المياه الحالي. والمياه المترتبة على زيادة دفق مياه النيل توزع على أساس الثلث للدولة المعنية، والثلث لمصر، والثلث للسودان. كذلك يوزع أي نقص في دفق المياه على أساس الثلث على مصر والسودان والدولة المعنية.
    11. يوضع برنامج محدد متفق عليه بين كافة دول حوض النيل للمشاريع المشتركة لزيادة دفق مياه النيل:قناة مشار-بحيرة فكتوريا-بحيرة تانا-قناة جنقلي وهلم جرا.
    12. تدرس آثار هذه المشروعات على السكان المقيمين في مناطقها وعلى البيئة لاحتواء أية أضرار ناتجة عن المشروعات وكفالة مصالح السكان وسلامة البيئة الطبيعية.
    13. يجوز لأية دولة من دول حوض النيل أن تزارع أية دولة أخرى من دول الحوض على أساس مزارعة شراكة بين المياه، والأرض، والمال.
    14. يجوز لأية دولة من دول حوض النيل أن تبيع نصيبها في المياه أو جزءاً منه لدولة أخرى من دول الحوض.
    15. تقيم دول حوض النيل هيئة مشتركة كإدارة موحدة لموارد مياه النيل.
    16. هيئة مياه النيل المشتركة تكون لها سلطة وزراية عليا، وسكرتارية، وأجهزة فنية لتبادل المعلومات، ولتوجيه الأبحاث العلمية، ولتحقيق التعاون الفني وإقامة آلية لمتابعة وتنفيذ التوصيات والمتابعة اللصيقة للأمور الفنية والمتخصصة المتعلقة بمياه النيل.
    17. إنشاء مؤسسات لاستغلال الموارد البديلة مثل المياه الجوفية وإعادة استعمال المياه العادمة(مياه الصرف) في كافة دول الحوض وتتولى هذا الأمر مؤسسات مشتركة قائمة بذاتها وتتحمل دول المصب نصيباً كبيرا من التمويل.
    18. تطوير النظام المؤسسي للتعاون بين دول حوض النيل بإنشاء نظام تمويلي يبين كيفية التمويل والتزامات الدول الأعضاء بما يقوي الاعتماد على الذات ويضمن المساعدات المشتركة لكل حسب حاجته وقدرته في تكامل مع المعونات الخارجية وموارد التعاون الدولي لدول الحوض.
    19. الاهتمام بالمشاركة الشعبية والجهد الطوعي غير الحكومي. وإشراك القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وذلك بتوسيع قاعدة المشاركة بشأن قضايا تنمية الحوض والانتفاع الأمثل بالموارد المائية في تنمية المشاريع الاستثمارية والخدمية.
    20. إنشاء مركز تدريب ودراسات لحوض النيل.
    21. إنشاء بنك معلومات يعنى بكافة الإحصاءات والبيانات المتعلقة بمياه النيل.
    .. هذه المبادئ تعلنها دول حوض النيل وتتخذها أساسا لمعاهدة شاملة وملزمة. هذه المعاهدة من شأنها أن تنقل حوض النيل من التوتر العدائي إلى التعاون الاستراتيجي.
    إن الوقت يمضي مندفعا، وعوامل كثيرة تؤجج نيران الاختلاف وتوشك أن تجعل الاحتمالات العدائية حقيقة تجسد وعيد النيل. وفي الوقت نفسه إن وعيا قويا وطنيا، وإقليميا، ودوليا يحيط بحوض النيل ليحقق النيل الواعد هدية لشعوب الحوض في مطلع القرن الميلادي الجديد.
    التكامل السوداني المصري:
    لقد مرت على العلاقة بين مصر والسودان تجارب قاسية وتقلبت العلاقات بين البلدين. والعلاقات بين كافة دول حوض النيل في المناخ الإقليمي والعالمي الراهن توجب وصالا استراتيجيا يحقق اتفاقا شاملا كما بينا أعلاه. علينا في نطاق العلاقات بين مصر والسودان أن نتجنب الخصال الآتية: الركون للعاطفة ــ الركون للقوة ــ الركون للمداهنة. وعلينا أن نلتزم بثلاثة خصال : الحكم بالعقل والحكم بالمصلحة والحكم بالشفافية. إن بين مصر والسودان علاقة خاصة يمكننا أن نفسدها بالتمادي في اتجاه العاطفة أو الصدام أو المناورة. أو نصلحها بذهنية الوصال الاستراتيجي، وينبغي في مجال إصلاحها أن نقننها. يتم تقنين العلاقة عبر ميثاق للإخاء أو التكامل بين البلدين يقوم بين الشعوب الحرة مبنيا على مصالح شعبينا، بديلا لمشروع التكامل الذي اتفقت عليه –مع مصر- حكومة مايو الاستبدادية واستغلته للبطش بالشعب السوداني.
    أهم المعاني التي ينبغي أن تتضمن في ميثاق الإخاء هي:
    في المجال السياسي: تجاوز ذهنية العواطف الصماء من محب لمصر وكاره لها أي منطقي التبعية والعداء في السودان، وتجاوز المنطق المصري في التعامل مع النظم القهرية السودانية أو حصر التعامل مع فصيل سوداني موال. والتبشير بذهنية الوصال الاستراتيجي القائم على التسليم بالشرعية الديمقراطية أساسا للحكم في السودان.
    في المجال الاقتصادي: إصلاح الخريطة السكانية في كل من مصر والسودان بتنظيم هجرة مصرية للسودان لإقامة مشروعات زراعية لمصريين بغطاء مصري مائي ومالي (من السودان الأرض ومن مصر البشر والري والتمويل) ذلك لأن مصر تعاني من مشكلة عكسية وهي أن سكان مصر تقريبا يسكنون في 3% من أراضيها على شريط النيل و في الدلتا وهنالك محاولات متكررة منذ عهد مديرية التحرير والآن الوادي الجديد و توشكي للخروج من المواقع السكانية المعهودة والانتشار السكاني مع التكلفة العالية لإعمار الصحراء – في حركة هي عكس الحالة السودانية تماما. . الاتفاق على مشروع أمن غذائي متكامل بين البلدين و متكامل مع دول أخرى تدخل في المشروع التكاملي المرتقب. تطوير البنية التحتية: وسائل المواصلات البرية، والبحرية، والجوية، ووسائل الاتصالات الهاتفية، والإلكترونية فهي التي يؤدي تطويرها لتكامل اقتصادي. كذلك ينبغي التعاون في مشروعات زيادة مياه النيل، والإنتاج الكهرومائي، وخزانات المياه المطرية، واستغلال المياه الجوفية. وفي مجال الصناعة تعاد الهيكلة الصناعية ليوجه الإنتاج الصناعي لسوق مشتركة بين البلدين وليجد الاستثمار الأجنبي مجالا واسعا.
    في المجال الثقافي: هنالك مناطق تقاطع ثقافي بين البلدين تبدأ من حلقة النوبة في السودان ومصر والثقافة المشتركة، وتتصل بالعروبة والإسلام والتاريخ القديم المشترك (على عهد الفراعنة وممالك النوبة القديمة) والحديث المشترك على عهد أسرة محمد علي. وهنالك فروقات في التكوين الثقافي لكل من البلدين فمصر تعيش تجانسا ثقافيا برغم وجود المسيحيين كأقلية مع المسلمين، والسودان متعدد ثقافيا وإثنيا ودينيا.. التعاون الثقافي بين البلدين ينبغي ألا ينطلق من ثقافة المركز في السودان ويسقط الثقافات الأخرى بل يراعي التنوع الثقافي و الحقوق الثقافية. لقد كان لمصر دور هام في دعم التعليم في السودان. هذا الدور المصري انقطع بصورة وحشية على يد النظام الحالي في السودان. وينبغي استئنافه ولكن بأسس جديدة وذلك لأن التعليم المصري في السودان كان مشغولا بدوافع مثل تدعيم الموقف المصري في السودان، وإيجاد بديل للتعليم الغربي. ينبغي أن يكون التعاون المصري السوداني في مجال التعليم بموجب الإصلاح التعليمي المزمع في السودان. وفي مصر كذلك لأن التعليم في مصر يحتاج إصلاحا جذريا .
    في مجال الأمن والدفاع: مفهوم الأمن القومي واسع و متعدد الجوانب. وهو بالنسبة للسودان ومصر متداخل بحيث لا يمكن تحقيق الأمن القومي في البلدين بمعزل عن الآخر. والتداخل الأمني يقتضي وضع ميثاق الأمن المشترك وبرنامج مفصل لتحقيقه وأجهزة مؤهلة لتنفيذه.
    في المجال الدبلوماسي: تتقاطع الانتماءات السودانية مع المصرية في الإفريقية والعروبة والإسلام، ويمكن للبلدين التنسيق في التعامل مع الاتحاد الأوربي وأمريكا ودول الخليج والدول الآسيوية والإطار الدولي، والتعامل مع العولمة.. في هذه الأطر جميعا سيكون للسودان ولمصر سياستهما الخاصة ولكن ينبغي ان يتفق على خطوط عريضة للسياسة الخارجية تحقق المصلحة المشتركة وتحول دون التناقض، هذا على الصعيد الاستراتيجي. وعلى الصعيد الآني ينبغي تفعيل الدور المصري في عملية السلام السودانية سواء عبر المبادرة المشتركة أو إشراكها في عملية السلام الدولية الجارية في كينيا الآن والتي تنطلق عن بروتوكول مشاكوس في يوليو 2002م.
    التكامل السوداني الليبي:
    العلاقة بين السودان وليبيا علاقة قوية تدعمها العوامل الجيوسياسية والانتماءات المشتركة. وقد وصلت العلاقة بليبيا أقصى قممها في فترة الدولة الديمقراطية الثالثة استنادا على الدور الذي قامت به في دعم المعارضة السودانية لإسقاط النظام المايوي. ولليبيا دور مشهود في قيادة الدور العربي للدفع نحو الحل السياسي السوداني الشامل. ولإجراء التكامل مع ليبيا يرجى الآتي:
    - على الصعيد السياسي والدبلوماسي: في الوقت الحالي العمل على تفعيل الدورين الليبي والمصري في إطار المبادرة المشتركة. واستراتيجيا التعاون والتنسيق المشترك في إطار العلاقات الإفريقية حيث لليبيا علاقات جيدة- والعلاقات العربية والإسلامية- والعلاقات بالدوائر الأمريكية والأوربية خاصة إذا توصل السودان للحل السياسي الشامل وتوصلت ليبيا لصيغة تعايش مع المجتمع الدولي.
    - العلاقات الاقتصادية: تنظيم التعاون والتكامل الاقتصادي:
    o يمكن لليبيا أن تشارك في مشاريع استثمارية في السودان مثل: زراعة الحبوب- تصنيع الزيوت- التعدين- والتعاون الفني في مجال النفط.
    o عقد الاتفاقات التجارية والجمركية وإقامة مناطق التجارة الحرة والمعارض التجارية المتخصصة المشتركة.
    o التعاون المصرفي بين البلدين. والتعاون في المجال الزراعي ومكافحة الآفات والحجر الزراعي والبيطري.
    o الاتفاق على ترتيب أوضاع العمالة الوافدة في كلا البلدين.
    - العلاقات الثقافية: التعاون في مجالات الثقافة العربية والإسلامية والإفريقية- تنظيم أنشطة التبادل الثقافي.
    - التعاون في مجالات البيئة ومكافحة التصحر وحفر آبار المياه على طول الطريق البري الرابط بين البلدين.
    - إقامة اتفاقات تكاملية مؤسسة مبنية على رضا الشعوب.
    (4) السياسة الدولية
    الانفتاح الواسع علي الدول المختلفة يمكن السودان من الوجود الفاعل في الساحة الدولية في إطار من التعاون مع جميع الدول في ظل الاحترام المتبادل وعلي قدم المساواة معها في ظل العرف والقانون الدوليين . علي ان يراعي ذلك الانفتاح المتغيرات الدولية آنفة الذكر وخاصة تحول العالم من نمط القطبية الثنائية، والعولمة .
    إن صحة وعافية النظام الدولي يعتمد على تجاوز ذهنية الصدام، وما يتطلبه من إصلاحات في النظام العالمي وسلوك نهج الاستنارة الغربي وتحقيق شروط الصحوة الثقافية الإسلامية واتفاق الحد الأدنى بين المسلمين –كما ورد في ملف البطاقة الفكرية.
    يتم بحث السياسة الدولية هنا عبر محاور: الإطار الدولي – الإطار الأمريكي – الإطار الأوربي – الإطار الآسيوي – إطار العولمة – والتعاون الاقتصادي.. إن سياسة السودان الخارجية في المجال الدولي التي تحقق مصالحه القومية وتساعده في خدمة أهدافه الوطنية، وتمكنه من لعب دور رائد في مجالات التعاون بين الشمال والجنوب، وفي مجالات الدعوة لنظام دولي أفضل وأعدل، ينبغي أن تنطلق من الموجهات التالية:

    أولا: في الإطار الدولي:
    - على السودان دعم الشرعية الدولية ودعم الأجندة الدولية التي اتفقت عليها المؤتمرات الدولية المتخصصة، والمواثيق العالمية التي وقع عليها.
    - يسعى السودان لإصلاح المنظمة الدولية في الملفات الست الواردة في باب البطاقة الفكرية عبر الشرعية الدولية وآلياتها.
    - يسعى السودان لدفع المنظمة الدولية لاتخاذ سياسات تنهي البؤر الملتهبة التي خلفها الاستعمار في العالم مثل مشكلة فلسطين ومشكلة جامو كشمير والفلبين وتايوان ومشكلة جنوب السودان وغيرها.
    - يسعى السودان لجعل المنظمة الدولية قادرة على فرض السياسات الدولية الراشدة مثل تحريم الألغام الأرضية- معاهدة كيوتو لسلامة البيئة- إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وغيرها والتي توقفت بسبب معارضة قوى ذات وزن مثل الولايات المتحدة الأمريكية لها.
    - ضرورة مشاركة المنظمة الدولية ومؤسساتها المتخصصة في عملية إعمار ما دمرته الحرب بعد تحقق عمليتي السلام والتحول الديمقراطي.
    - يسعى السودان لضبط مصطلح الإرهاب وفقا لما ورد في باب البطاقة الفكرية.
    ثانيا: في الإطار الأمريكي:
    - لقد تأرجحت سياسات الدول الصغيرة نحو الولايات المتحدة الأمريكية بين التبعية والعداء. كلا التبعية والعداء يؤدي لتفريط في المصلحة الوطنية. وزن الولايات المتحدة الأمريكية الإستراتيجي والاقتصادي في العالم وزن فريد يوجب التعامل الإيجابي معه لتحقيق المصالح الوطنية. تقوم العلاقة مع أمريكا على أسس التعاون والمصلحة المشتركتين. وتبتعد عن منطقي العداء والتبعية.
    - السياسة الأمريكية تجاه السودان كانت أفضل من سياستها في الشرق الأوسط، يثمن السودان التوسط الأمريكي في عملية السلام ويسعى ليكون بحق مساعدة للسودانيين لمساعدة أنفسهم للوصول للحل السياسي الشامل بشقيه السلام العادل والتحول الديمقراطي.
    - يسعى السودان لاستقطاب الدعم الأمريكي لبناء ما دمرته الحرب بعد تحقيق السلام، ولتحقيق التنمية المستدامة في كافة بقاع السودان. ولمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في حملة استقطاب الدعم الدولي لذينك الغرضين.
    ثالثا: في الإطار الأوربي :
    - الاتحاد الأوربي وزن اقتصادي عالمي وثقل ثقافي وحضاري والسودان يتطلع لعلاقات قوية بالاتحاد الأوربي. وسيجد أهمية لتعامل مع أوربا الشرقية بصورة تتكامل مع العلاقات بالاتحاد الأوربي.
    - الاستفادة من اتفاقية كوتونو الموقعة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي في يونيو 2000م، والتي شملت العديد من السياسات في مجال العون الإنساني. إن شروط الاستفادة من المساعدات التنموية حسب هذه المعاهدة هي: السلام- حقوق الإنسان- التحول الديمقراطي- الشفافية والحكم الصالح، مما سيفتح باب التعاون واسعا للسودان الديمقراطي.
    - يعد السودان استراتيجية واضحة لخلق علاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية والفنية وغيرها مع الاتحاد الأوربي تقوم على أسس منهجية ودراسة وافية.
    - يسعى السودان بعد تحقيق الحل السياسي الشامل لإعفاء ديونه من دول الاتحاد الآوربي ويستحق ذلك حسب شروطها. الجزء الأكبر من ديون السودان –البالغة 22 مليار دولار- مستحق لدول الاتحاد الأوربي بشكل أو آخر، والاتحاد فاعل في مسألة معالجة ديون الدول النامية الفقيرة والعالية المديونية (السودان منها).
    - يسعى السودان لترفيع مستوى التبادل التجاري وزيادة التصدير في السلع الغذائية والحبوب الزيتية والسكر وغيرها. كما يسعى للاستفادة من فرص تدفق الاستثمارات الخارجية في تلك الدول.
    - يسعى السودان لتوطيد العلاقات الثقافية بدول الاتحاد الأوربي والإفادة من فرص التدريب في مختلف الجوانب التكنلوجية والإنسانية والفنية.
    رابعا: في الإطار الآسيوي: اليابان، والصين، والهند، عمالقة آسيوية ينبغي تكوين علاقات اقتصادية وتجارية متينة معها. كذلك النمور الآسيوية: كوريا الشمالية- وماليزيا وأندونيسيا.
    خامسا: في إطار العولمة:
    - العولمة حلقة متقدمة من حلقات التنمية قادت إليها ثورة الاتصالات والمعلومات وتمدد السوق الحر. هنالك جوانب حميدة في العولمة توجب الاستعداد للتعامل معها والانتفاع بها. وهنالك جوانب خبيثة توجب حماية المصالح الوطنية منها.
    - بلورة موقف عالمي يحترم عطاء ودور الثقافات والحضارات المختلفة ويؤمن على استصحابها للحداثة بعد أقلمتها لبيئتها اختياريا وتفاعلها مع العولمة طوعيا.
    - رفض منطق الاستعلاء في الغرب والتآخي مع تيار الاستنارة فيه. ورفض منطق الانكفاء في كافة الحضارات ومنطق التبعية فيها، ودعم اتجاهات التحديث المؤصل.
    سادسا: التعاون الاقتصادي مع المجتمع الدولي
    إلى جانب التاثيرات الجيوسياسية والإنتماءات الحضارية والأيديولوجية، فقد برزت بشكل متنام المصالح الاقتصادية كأساس للعلاقات الدبلوماسية حتى لتكاد تطغى على غيرها من الأسس. وفي فترة حكومات الديمقراطية الثالثة، كان التعاون الاقتصادي الدولي كبيرا، هذا بالرغم من عدم رضا الولايات المتحدة الأمريكية عن إسقاط الديمقراطية الثالثة لحليفها النظام المايوي. فالحكومة الأمريكية كانت تطلب من الحكومة الديمقراطية رد ديونها وفوائدها التي أقرضتها من قبل للنميري ليقهر الشعب السوداني ويعيق الهبة الديمقراطية، كشرط للحكومة الديمقراطية لتلقى معونات تصل إلى 1% من حظ معونات نظام مايو. فتكون الحكومة الديمقراطية هي الممول لأمريكا في الناتج النهائي: تدفع 44 مليون دولار مثلا لتتلقى 25 مليون دولار، ومنتظر أن يهبط المبلغ الأمريكي لخمسة ملايين. بالرغم من ذلك فقد نجحت الديمقراطية الثالثة في استقطاب دعم المنظمة الدولية ومنظماتها المتخصصة مثل: البنك الدولي- برنامج الأمم المتحدة للتنمية وغيرهما. كما بلغت جملة المبالغ المستقطبة من أجل التنمية 3 بليون دولار، وولج التعاون السوداني الفعال عوالم دولية جديدة مثل اليابان والصين وإيطاليا ويوغسلافيا وألمانيا الشرقية. وفي نظام الإنقاذ وصل التعاون الاقتصادي حد المرسوم الرئاسي الأمريكي في نوفمبر 1997م الذي فرض بموجبه حظر اقتصادي علي السودان. إن تغيير سياسة النظام الخارجية بعد ذلك لم تثمر كثيرا تجاه الولايات المتحدة وإن لقت استجابة من الاتحاد الأوربي. كما أن التحسن الاقتصادي بسبب استخراج البترول قد جلب للنظام فرصا جديدة للتعامل مع بعض الجهات الدولية مثل البنك الدولي. فرص تشترط لاهتبالها تحقيق السلام والحكم الديمقراطي الراشد والحر، والشفافية، والقسمة العادلة للثروة والسلطة، وإزالة الفوارق التنموية بين ولايات السودان.. تشترط أن يزول النظام!.
    ومن أبرز الانتقادات على السياسة الحالية فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي الدولي:
    - عشوائية التجارة الخارجية، فالأسواق السودانية مغرقة بسلع مختلفة يمكن إنتاجها أو تصنيعها في السودان إذا كان للسودان استراتيجية واضحة للاندماج في التكتلات الإقليمية أو التعاون مع التكتلات الدولية.
    - كان السودان يتقدم الدول العربية والإفريقية بكوادره المميزة. ولكن وكنتيجة كبيرة لسياسات الإنقاذ في الخدمة المدنية عامة والخارجية خاصة فقد تدنى مستوى الخدمة المدنية بدرجة صارت المشروعات التي تقدم للمؤسسات الاقتصادية الدولية والإقليمية ترفض لسوء الإعداد (في مرحلة التقييم) أو تتعثر في مراحل التنفيذ أو المتابعة،
    - الانهيار الاقتصادي الكبير وانكماش القوة الشرائية لدخول الأفراد بسبب عجلة التضخم الكبير، أدى لزيادة الفقر بشكل حاد. من جهة أخرى فإن فوارق التنمية على الصعيد الداخلي والتي زادت بسبب سياسات الإنقاذ المنحازة، كل ذلك تسبب في ريبة البنك الدولي تجاه النظام ونواياه في الإصلاح التنموي والاقتصادي.
    - الحرب التي كانت دائرة أصلا في الجنوب. وأججتها سياسات الإنقاذ وأوقفت عملية السلام التي شارفت مرساها إبان الديمقراطية الثالثة. وبسبب تلك السياسات فقد تعددت جبهات الحرب شرقا وغربا. هذه الحرب من أهم العقبات أمام التعاون الاقتصادي الدولي.
    - الشمولية. فقد تغير المناخ العالمي الآن وصار يتطلب الديمقراطية للتعاون الاقتصادي كما سبق التفصيل في ملف الديمقراطية المستدامة.
    - عدم الالتزام بمتأخرات المؤسسات القارضة مما يوقف الدعم أو يمنع الدخول في استثمارات جديدة.
    موجهات التعاون الاقتصادي الدولي:
    إن تعبئة الجهد الاقتصادي الوطني ضروري لعملية التنمية. وستظل الدول النامية وتلك الأقل نموا كالسودان تحتاج للدعم الخارجي لوقت يطول أو يقصر لتمويل التنمية، سواء أكان من المؤسسات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، أو كان من المؤسسات الاقتصادية الإقليمية مثل البنك الإسلامي للتنمية، البنك الإفريقي للتنمية أو مجموعة الصناديق العربية، أو كان عبر التكتلات الدولية والإقليمية مثل الاتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي والنيباد والكوميسا وغيرها، أو من الدول الشقيقة والصديقة بشكل تعاون ثنائي.
    من أهم الموجهات لترفيع التعاون الاقتصادي الدولي لخدمة التنمية السودانية المستدامة الآتي:
    - السلام والديمقراطية هما أول المطالب لتحقيق التعاون الاقتصادي الدولي الآن، وهما مطلوبان لذلك ولبناء الوطن بشكل سليم.
    - التركيز على تمويل مشاريع إعادة ما دمرته الحرب واستقطاب الدعم الدولي لذلك.
    - توجيه التعاون الدولي نحو المناطق الأقل نموا لتحقيق العدل التنموي في السودان.
    - استقطاب الاستثمار في مجالات البنية التحتية المختلفة أو الدعم لتمويلها.
    - عملية تسوية متأخرات السودان مع المؤسسات الاقتصادية والتكتلات والدول ينبغي أن تنطلق من موقفين: الأول مخاطبة المؤسسات والتكتلات الإقليمية بالنظر في متأخراتها على ضوء الحقائق المذكورة في محور الديون (ملف التنمية المستدامة). هذا يفتح باب الحديث عن النسبة اللازم ردها لهذه التكتلات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تحقيق السودان للحكم الديمقراطي الراشد وللسلام يوجب إعفاء الديون لدى الاتحاد الأوربي، وتنضم أمريكا وكل دول الشمال المتقدمة لهذا الموقف.
    - حسن إعداد المشروعات التنموية المقدمة للمؤسسات الاقتصادية الدولية والإقليمية.
    - الإعداد لعضوية السودان في منظمة التجارة الدولية على أسس ونظرة عميقة للاقتصاد السوداني وإمكانية إدماجه في الاقتصاد الإقليمي والدولي على أساس المنافع المتبادلة والجدوى الفنية والاقتصادية والشراكة المنتجة والمستدامة وفق سياسة التحرير الاقتصادي.
    - زيادة الاستثمار في مجال المعلومات والمعرفة فهو يخدم مجال الاستثمارت الأجنبية بشكل كبير.
    - التركيز في التمثيل الدبلوماسي على مناطق الثقل التجاري والاستثماري والاقتصادي.
    - يسعى السودان لاستئناف المنظمة الدولية لحوار الشمال والجنوب الذي تم في السبعينيات وتحقيق توصياته: إزالة الفوارق في الدخول على المستوى العالمي بين الدول الغنية والدول الفقيرة- إعادة هيكلة النظام المالي العالمي وجعله مستجيبا للدول الفقيرة في العالم- ومعالجة مشاكل السلع الأولية والعمل على تصنيع الدول النامية عن طريق معالجة السلع الأولية قبل التصدير- وتقليل اعتماد الدول النامية على الدول المتقدمة. مع مراعاة مفاقمة مشاكل دو ل الجنوب مع العولمة، وضرورة ربط المساعدات التنموية بالحكم الراشد الدستوري الديمقراطي الحر والشفاف.
    الملف الثاني عشر: الثقافة والإعلام:
    الثقافة هي حياة الناس ومنتجاتهم المادية والمعنوية. والإعلام هو السلطة الرابعة التي تتضافر مع سلطات التنفيذ والتشريع والقضاء بغية ضبط وتوجيه وترقية الحياة العامة بمختلف جوانبها السياسية والثقافية والاجتماعية والبيئية، لذلك لهما علاقة وثيقة بكل جد وكل متعة حولنا.
    والثقافة والإعلام من أكثر الحقول التي تتأثر بحال البلاد من حرية وشمولية وتقدم أو تخلف.
    الثقافة:
    السياسة تجاه الثقافة تنقسم إلى نوعين: سياسة تجاه التركيبة الثقافية. وخطة للعمل الثقافي: الآداب والفنون والفلكلور.
    السياسة تجاه التركيبة الثقافية:
    سبق لنا في ملف البطاقة الفكرية مسح التنوع البيئي والبشري في السودان، فكيف تم التعامل مع حقيقة التنوع عبر الحكومات المختلفة؟.
    دولة الحكم الثنائي التزمت سياسة نحو ثقافات السودان مرتكزة على ثقافة المركز أفضت إلى صورة ثنائية بين المناطق السالكة –وهي أقاليم الشمال- والمناطق المقفلة –وهي أقاليم الجنوب.
    الحكومات الوطنية التي توالت على حكم السودان منذ استقلاله اعتبرت تلك الثنائية خطيئة استعمارية، وبافتراض أن بناء الدولة القومية ينطلق من وحدة ثقافية اندفعت لتجعل ثقافة المركز ثقافة السودان. هذه الواحدية الثقافية التزمت بها الحكومات الوطنية الديمقراطية التزاما ناعما تتخلله درجة من الحوار ودرجة من المشاركة.
    الحكومات العسكرية الصرف والمتحالفة مع أحزاب الأيديويجيات الشمولية التزمت بواحدية ثقافية خشنة بلغت دركا من السوء على عهد مايو المباد، ولكنها على عهد "الإنقاذ" حطمت كل رقم قياسي في فرض واحدية ثقافية بالعصا والحديد والنار.. المدهش حقا أن هذا التعصب الأعمى حل بالسودان في وقت انهيار حائط برلين وبداية صعود التيار الديمقراطي، وبشائر حقوق الإنسان عالميا.
    وداخليا تنادت كل القوى السياسية – ما عدا صناع الانقلاب- للبرنامج الانتقالي الذي وقع عليه 29 حزبا ونقابة، والذي أكد العزم على عقد مؤتمر قومي دستوري في 18 سبتمبر 1989م.. مؤتمر من بنود أجندته حسم قضية الدين والدولة، والهوية السودانية، والمشاركة العادلة في الثروة والسلطة.
    النظام الانقلابي الجديد أدان هذا التوجه وخونه وفرض واحديته الثقافية.
    القوى السياسية التي أطاح بها الانقلاب والتي أجرت ذلك الحوار واصلت حواراتها مع الحركة الشعبية وحلفائها داخليا وخارجيا، عبر حلقات الحوار في الداخل، وعبر المؤتمرات في الخارج التي بلغت قمتها في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية في يونيو 1995م حيث تقرر الآتي:
    · التخلي عن الأحادية الثقافية واعتماد السودان وطنا متعدد الديانات، والثقافات والإثنيات.
    · إبعاد الدولة الدينية أو القومية بمفهوم إثني لصالح الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة أساسا للحقوق الدستورية.
    · الاعتراف بوجود فجوة ثقة لا تسمح بافتراض الوحدة مستمرة تلقائيا، وتوجب تجديد الثقة في الوحدة أو نفيها عبر استفتاء حر.
    لقد كان للاختلاف حول الملف الثقافي دوره الهام في هدم الجسور وتمزيق الثقة بين حراس ثقافة المركز والمجموعات السودانية الأخرى. لذلك يرجى أن يكون للاتفاق حول الملف الثقافي دور هام في ترميم جسور الثقة.
    الرؤية الشمالية: كانت رؤية القوى السياسية كما نضجت في الشمال تفترض أن الثقافة الإسلامية العربية سوف تهيمن على كافة الثقافات السودانية الأخرى. وتعتبر أن الهوية الثقافية المسيحية الانجلوفونية التي تقمصها المثقفون الجنوبيون غرسا أجنبيا لا يؤبه به.
    هذا المنطق غذى نهجاً سياسياً بدأ بمذكرة مؤتمر الخريجين التاريخية في عام 1942م فقد اشتملت ثلاثة من بنودها الاثني عشر على إلغاء المناطق المقفولة، ووقف المعونات الرسمية لهيئات التبشير المسيحي، وتوحيد التعليم في شطري البلاد. وهذه هي أدوات تكريس الهوية المسيحية الأنجلوفونية.
    هذا الخط اتبعته كافة العهود الوطنية التي حكمت البلاد منذ الاستقلال مع اختلاف في أن الحكومات الديمقراطية اتبعت نهجا ناعما بينما اتبعت الحكومات الدكتاتورية نهجا خشنا. أما نظام الإنقاذ فقد بلغت سياساته بالمواجهة الدينية والثقافية قمتها ورفعت درجة الاستقطاب لحدها الأقصى وتقف الآن أمام مفرق طريق: أن تتخلى تماما عن الأحادية الدينية والثقافية في سبيل وحدة السودان أو أن تبقى على جوهر أجندتها وتحمي سلطانها بالعمل على انفصال الشمال من الجنوب

    رؤى العلمنة والأفرقة: هناك رأي آخر يرى أن الاحتجاج ضد سياسات النظام الأحادية بلغ درجة من الاحتجاج الإثني والكنسي المدعوم بتعاطف دولي وإقليمي متين لا مجال معها للتعايش المنشود بل هنالك خياران: الأول سودان بديل معلمن واثنيا مؤفرق والثاني دولة جنوبية موسعة.
    رؤية التعايش: هناك خط آخر في السياسة الوطنية. لقد كنا كالآخرين نتطلع لذوبان الثقافات الأخرى في الكيان العربي الإسلامي وإن اختلف موقفنا بالتطلع لحدوث ذلك طوعا.
    ولكن حواراتنا مع القيادات السياسية الجنوبية أدت لتصور آخر. بدأ موقفنا بما أعلناه في كتاب مسألة جنوب السودان الصادر في أبريل 1964م. هذا الموقف تطور عبر مؤتمر المائدة المستديرة 1965م، ولجنة الاثني عشر 1966م، ومؤتمر الأحزاب السودانية 1967م ثم عبر تكوين مؤتمر القوى الجديدة في 1968م، ومؤتمر الوفاق الوطني 1987م، ومؤتمر كوكادام 1986م، وبرنامج القصر الانتقالي 1989م، ومؤتمر نيروبي 1993م، ولقاء شقدوم 1995م، ثم مؤتمر أسمرا 1995م.
    خلاصة هذا التوجه يقتضي وضعا سودانيا جديدا يقوم على التنمية المتوازنة، واحترام التعددية الدينية والثقافية، وتحقيق لا مركزية فعالة، ومراجعة مؤسسات الدولة لاستيعاب هذه الإصلاحات، وتعديل سياسات البلاد الإقليمية والدولية لتتمشى مع هذه المستجدات.
    هذا التوجه ينطلق من ميثاق ثقافي يرفد استراتيجية ثقافية تحقق التراضي والتعايش وتساهم مع غيرها من العوامل في تحقيق الوحدة الطوعية.
    الحقيقة هي أن الرأي الأول (الرؤية الشمالية) والثالث (العلمنة والأفرقة) مهما وجدا من تأييد لأصحاب الأجندات الخاصة فإنهما لن يوقفا الحرب ولن يوقفا التدخل الأجنبي بل سوف يوجدان أسبابا جديدة لاستمرار الحرب ولزيادة التدخل الأجنبي.
    خلفية عن خطة العمل الثقافي:
    بالعمل الثقافي نعني كل مناشط المؤسسات الرسمية والجامعات والأفراد والجماعات والروابط والمنظمات العاملة في الحقول الثقافية: الآداب بأنواعها- الغناء والرقص- الدراما- السينما- الصحافة- التشكيل- الإذاعة والتلفزيون- والفلكلور، على تداخل بين هذه الحقول وتنوع داخلها. تشمل هذه المناشط أعمال الوزارات المعنية مثل وزارة الثقافة والمؤسسات التابعة لها- ووزارة التعليم خاصة إدارة وضع المناهج- وأقسام وكليات الآداب في الجامعات وكليات الفولكلور - وكلية الفنون الجميلة والتطبيقية- والمعهد العالي للموسيقى والمسرح- وغير ذلك من روابط أدبية وفنية وتراثية.
    ظل حقل العمل الثقافي يعمل بدون تنسيق بين مكوناته، والأوقات التي خضع فيها لخطط مرسومة كانت هي فترات الشمولية فلم يقصد بتك الخطط ضبط العمل الثقافي بمقتضيات الثوابت الوطنية، بقدر ما قصد بها تقييده بالثوابت الأحادية الحزبية للحكومات الديكتاتورية. وكانت تجربة "المشروع الحضاري" على عهد الإنقاذ خير دليل. عانى العمل الثقافي فيها من:
    o تحكم النظام في الخطاب الثقافي عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف وغيرها بحيث تتقيد بمضمون المشروع الحضاري.
    o وفرض قيودا على عمل المسرح والدراما التلفزيونية في المادة المعروضة والأزياء بشكل تسلطي.
    o حاكم الأعمال الثقافية الخاصة والتراثية بمقياس الثقافة العربية والإسلامية مما فاقم في الغبن الثقافي الموجود.
    o قام بمحاولة منهجية لإخضاع الفنون لخطابه الأيديولوجي. واتخذ أطروحات حول "الدين والفن" مستمدة من مصدرين: قراءة فقهية منكفئة تحرم أغلب أنواع الفنون- وقراءة فلسفية تقوم على أن الفن ليس نشاطا عقليا موضوعيا بل نشاط مرتبط باللذة الحسية وبالشهوة مثله مثل السلطة والمال والجنس. وفقا لهاتين الفكرتين، فقد تم التعامل مع الجمال والفن باعتبارهما مؤديان للغواية والانصراف عن الله. فإما أن نخوض فيهما أو نتجاوزهما ونستغلهما لمصلحة توجهنا الديني. ولذلك تم التضييق على الفنون إلا تلك التي تدعم "الجهاد"
    o احتوى دستور 1998م على مادتين: المادة 12 (العلم،الفن والثقافة) والمادة 18 (التدين) تؤكدان التزام الدولة بتشجيع كل أنواع الفنون وتعمل على حمل المجتمع على القيم الدينية لتتوجه نحو الجزاء الأخروي. مما يعني توجيه الفنون لرؤية معينة.
    o هذه المواد كانت تأكيدا لقياسات إدارية موجودة أصلا وسارية المفعول منذ سني النظام الأولى. من ذلك تعيين المحاسيب للمناصب القيادية في مؤسسات الفن، الجامعات، وأجهزة الإعلام.وحل اتحادات الكتاب والفنانين مثل اتحاد الكتاب السودانيين. وإنشاء منظمات مواكبة بديلة لتلعب دورا في تحفيز ما سمي الفن الرسالي.
    o تراجع العمل الثقافي الرسمي بين الأطفال وإن كان النشاط الأهلي قد شهد نشاطا ملموسا.
    o ومنذ 1997م غير نظام الإنقاذ خطابه الأيديولوجي المتشدد وأظهر نوعا من الانفتاح، بدأت فيه الحركات الصحفية والتشكيلية والسياسية تتخذ لنفسها حيوية أكبر وتسعى لفك القيود التي لا زالت تكبلها، إذ أن موقف النظام لا زال يتذبذب بين المناورة والحوار.
    وهنالك مشاكل أخرى يعاني منها العمل الثقافي عامة، مثل مشاكل التأهيل الأكاديمي واستلاب العديد من المناهج وخلوها من المعرفة الموجهة للسودان وخدمته، وعدم اعتبار المعرفة التقليدية في مجالات الثقافة مثل الموسيقى والتشكيل والآداب الفولكلورية في تلك المناهج.
    البرنامج الثقافي المطلوب
    أولا: التزام الدولة وتوقيع كافة الأحزاب والمؤسسات الأهلية على الميثاق الثقافي –الوارد في البطاقة الفكرية- والالتزام ببنوده.
    ثانيا: وضع خطة قومية للثقافة تستهدي بالميثاق وترسم السياسات التي تنفذه في مجالات:
    - التعليم والمناهج التعليمية.
    - السياسة التنموية.
    - المجتمع المدني
    - الإعلام.
    - العلاقات الإقليمية والدولية
    - الأراضي والتخطيط العمراني.
    - القوات النظامية خاصة الشرطة.
    ثالثا: تلتزم كافة جهات العمل الثقافي، أفرادا وجماعات ومؤسسات، والروابط الثقافية، مثل اتحاد شعراء الأغنية السودانية- اتحاد الفنانين السودانيين- الاتحاد العام للتشكيليين السودانيين- جميعة التشكيليين السودانيين وغيرها بالميثاق الثقافي وتعمل على تنفيذ بنوده المتعلقة بالعمل الثقافي.
    رابعا: عقد مؤتمر قومي تخصصي يناقش مشاكل ومعوقات العمل الثقافي ماضيها وحاضرها ويضع المعالجات الكفيلة بإصلاح العمل الثقافي.
    خامسا: العمل على عودة الكوادر الإبداعية التي شردتها الظروف الطارده وجعلتها تعيش الغربة الطاحنة داخل وخارج وطنها .
    سادسا: تهيئة المناخ الصالح للإبداع وتوفير المعينات الكاملة لذلك .
    سابعا: وضع خطه متكاملة لجمع التراث وتوثيقه وحفظه وذلك بواسطة المتخصصين في هذا المجال .
    ثامنا: تعضيد مراكز العمل الثقافي وسط الشباب والأطفال من ذلك تجربة قصر الشباب والأطفال لخلق البنية التحتية للعمل الثقافي بضروبه المختلفة: الموسيقى- الدراما- التشكيل..الخ.
    تاسعا: مراجعة الاستراتيجيات والمناهج الدراسية في الكليات التي تؤهل للعمل الثقافي مثل: كلية كلية الموسيقي والمسرح، كلية الفنون الجميلة- كليات الآداب وأقسام الفولكلور والإعلام في الجامعات والمعاهد المختلفة . بحيث تتسم تلك المؤسسات بالتالي:
    - استقلالية المؤسسات الأكاديمية عن سيطرة الدولة، وإشاعة الحرية البحثية والعلمية والفنية داخلها، مع الالتزام بالثوابت الوطنية، والموازنة بين حرية الطالب وتوجيه الأستاذ.
    - توضع المناهج بحيث تثري معرفة الطلاب وتنمي الرؤية النقدية فيهم.
    - ضرورة إعادة النظر في أقسام المعاهد والكليات على نحو يقابل الاحتياجات الفعلية في مجالات العمل الثقافي: المسرح- الموسيقى- الإذاعة- التلفزيون- المؤسسات الحكومية- الصناعة (الفنون التطبيقية)-..الخ.
    - توجيه المناهج نحو خدمة الثقافة السودانية التقليدية بتوثيقها وتحليلها وتطويرها عبر تدريب حامليها على الوسائل الحديثة.
    عاشرا: تشجيع وتحفيز المبدعين في المجالات المختلفة الأدبية والثقافية الفنية والفكرية مادياً ومعنوياً ويتم ذلك بصورة احتفاليه تقدم فيها أعمالهم وتقام دورية في أقاليم السودان حتى تعم الفائدة وتشحذ الهمم وتفتح الباب لولوج الكوادر المغمورة .
    حادي عشر: تطوير وتحديث البنيات الأساسية للثقافة والارتقاء بها حتى تصبح صنواً لبقية العلوم الإنسانية الأخرى.
    ثاني عشر: الانفتاح علي العالم وتبادل المعرفة مع دوله المختلفة بطرح ما لدينا وتلقي ما عندهم حتى نصل إلى تلاقح وتمازج الأفكار .
    ثالث عشر: الاستفادة من المراكز الثقافية للدول المتقدمة الموجودة بالخرطوم لتدريب الكوادر الثقافية، ومن العلاقات الدولية لتوفير فرص التدريب. وتشجيع تعلم العمل على الكمبيوتر والإنترنت والإفادة من المواقع الثقافية المتاحة فيها.
    الإعلام:
    الأجهزة الإعلامية السودانية تتمثل في: الإذاعة- التلفزيون- الصحافة- المواقع على الإنترنت- وبعض الوكالات والمنظمات الإعلامية.
    الإعلام في النظم الديمقراطية والشمولية
    الإعلام سلطة لأنه ضوء كاشف على ممارسات الأجهزة الرسمية والمنظمات الحزبية والمجتمعية وأدوات العمل الثقافي والرياضي.. إنه يخبر بما يدور ويحلل ويتوقع، ويشير للإنجازات كما ينبه للمؤامرات أو الصفقات اللا أخلاقية.. إنها سلطة تحيا بالحرية وتحييها، وتموت بالشمولية وتميتها. لذلك تزدهر أجهزة الإعلام في العهود الديمقراطية وتضمر لتكون مجرد أبواق للنظام في الأوتقراطية.
    وكأي حرية لا بد لها من سقف (هو سقف الثوابت الوطنية) فإن تجاوز ذلك السقف يضر بالحرية ذاتها. هذا ما حدث في الديمقراطية الثالثة حيث قامت الحكومة برفع يدها عن مؤسستي "الصحافة والأيام" الصحفيتين الرسميتين، وتزامن ذلك مع استثمار الجبهة الإسلامية القومية الكبير في قطاع الإعلام ممولا بدعم خارجي من المنظمات الإسلامية، ففتح الباب أمام صحافة أضرت بالديمقراطية وروجت للشائعات وسممت الجو في الديمقراطية الثالة ممهدة للانقلاب الذي قامت به الجبهة الإسلامية. تلك الصحافة استمرت في بعض رموزها لما بعد عهد الإنقاذ.
    وبالإضافة لثقافة هدم المثال الديمقراطي بكافة وسائل الهمز واللمز والتدليس، فقد أغلقت الإنقاذ في أول عهدها كل الصحف الوطنية وأصدرت صحيفتي "السودان الحديث" و"الإنقاذ الوطني" اللتان مثلتا دركا في العمل الصحفي وانفض من حولهما القراء.
    ومع زيادة هامش الحرية في أواخر التسعينيات سمح للكثير من الصحف بإعادة صدورها ولصحف جديدة بالصدور. وقد أحسنت الصحافة السودانية استغلال هامش الحرية وإن كانت لا زالت تعاني من:
    - القيود ومخاطر الإيقاف للصحف وللصحفيين حين تجاوز المقياس الأمني القهري للحرية.
    - المشاكل الفنية في التحرير وجودة الطباعة. ومشاكل ضعف التحرير في المادة المقدمة وفي التصحيح اللغوي.
    - مشاكل التمويل وتتعلق بها مشاكل ضعف التوزيع يرجع ذلك لعدة أسباب منها زيادة حدة الفقر لدى المواطن السوداني.
    - الصحف والنشرات الإعلامية تصدر غالبا من المركز وهنالك شبه غياب لصحافة الولايات.
    - انحصار الرسالة الإعلامية نفسها في مشاكل المركز وعدم الاعتبار الكافي للولايات وقضاياها.
    - الكثير من الصحف والصحفيين يروجون لثقافة تضاد الديمقراطية. وبعض الرسالة الصحفية مروجة لثقافة الحرب والاستعلاء الثقافي.
    - اختفاء الكثير من المجلات والدوريات أو تقلصها. ينطبق ذلك بصورة كبيرة على مجلة الطفل.
    أما بالنسبة للإذاعة والتلفزيون فقد عانى هذان الجهازان من التسلط الشمولي بدرجة كبيرة: تشريد وفصل الكفاءات- إحلال الكوادر المالية غير المدربة- ضعف الرسالة الإعلامية- سيادة خطاب إعلامي إنكفائي وعدائي كما في برنامج "في ساحات الفداء"- التضييق الأقصى والرقابة الشديدة على كل المادة المبثوثة- تركيز المادة الثقافية على ثقافة المركز برؤية أحادية منكفئة يمثلها خطاب الجبهة القومية والمؤتمر الوطني الحزب الحاكم الذي خلفها- طغيان المادة الدينية الإسلامية المنكفئة في برامج الفتاوى والقضايا الإسلامية.. هذا علاوة على تخلف في التلفزيون والإذاعة الولائيتين، وانحصار المادة المقدمة –أو تكاد- في الأجهزة القومية على المركز وقضاياه، وشبه غياب للرسالة الإعلامية الولائية.
    .. الإذاعة والتلفزيون لا زالتا تحت القيد الشمولي لم تدركهما الحرية النسبية التي أدركت العمل الصحفي، ولا الحرية الأقل في العمل الحزبي.
    البرنامج الإعلامي
    أولا: الإعلام يتداخل مع الثقافة ومع أن تعبير (الثقافة والإعلام) أطلق على كثير من الوزارات، فإن الربط محصور في الاسم وليس في الفعل.. ينبغي أن يعبر الإعلام بكل وسائله المعرفية والتعليمية والأدبية والفنية والترفيهية عن الاستراتيجية الثقافية (الميثاق الثقافي).
    ثانيا: تعبر أجهزة الإعلام عن الوحدة والتنوع الثقافي في البلاد بصورة متوازنة.
    ثالثا: تخدم الأجهزة الإعلامية الثوابت الوطنية (الواردة في باب البطاقة الفكرية) فترفد الوحدة الطوعية- السلام- التنمية- السيادة الوطنية- الشرعية الدستورية- حقوق الإنسان- العلاقات الخارجية المتوازنة..الخ.
    ثانيا: يتاح للأجهزة الإعلامية الحرية حتى تقوم بمسئوليتها المقدسة.
    ثالثا: ضرورة كتابة ميثاق صحفي لضبط الرسالة الصحفية بحيث لا تضر بالثوابت القومية (الواردة في البطاقة الفكرية).. الميثاق الصحافي المقترح وارد في باب (الديمقراطية المستدامة).
    رابعا: يكون هيكل الإعلام نفسه متوازنا بين المركزية واللامركزية. ينطبق هذا على الإذاعة والتلفزيون والصحف.
    خامسا : ترقية تأهيل الأجهزة الإعلامية المختلفة المرئية والمسموعة والمقرؤة وتأهيلها لتناول ذلك بصورة تسمح بترويجه محلياً وعالمياً وتوفير التقنية المتقدمة لها.
    سادسا: يوجه الإعلام للتنمية خاصة الإعلام الولائي لتنمية الريف. والإعلام الخارجي للتعريف بفرص الاستثمار للتنمية في السودان.
    سابعا: يخدم الإعلام الديمقراطية وحقوق الإنسان ويوجه للدعوة لأقلمة منجزات الحداثة، ولنقض دعايات الديكتاتوريين المغرضة.
                  

العنوان الكاتب Date
البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:25 AM
  Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:27 AM
    Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:27 AM
    Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:29 AM
      Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:29 AM
        Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:31 AM
          Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:32 AM
            Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي اساسي04-10-06, 04:44 AM
              Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 04:53 AM
                Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي اساسي04-10-06, 05:01 AM
  Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي Adil Osman04-10-06, 04:57 AM
    Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي خالد عويس04-10-06, 05:12 AM
      Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي lana mahdi04-18-06, 07:20 AM
        Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي Rashid Elhag04-18-06, 09:14 AM
  Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي عبد الله عقيد04-18-06, 11:13 AM
    Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي lana mahdi04-18-06, 11:26 AM
  Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي Tariq Sharqawi04-24-06, 01:48 AM
  Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي JAD04-24-06, 08:06 AM
    Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي عبدالرحمن الحلاوي04-25-06, 02:46 AM
      Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي زول ساكت04-25-06, 04:04 AM
        Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي إسماعيل وراق04-25-06, 04:53 AM
  Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي AbuSarah04-25-06, 06:54 AM
    Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي محمد حسن العمدة05-09-06, 05:09 AM
      Re: البرنامج السياسي لحزب الأمة القومي aymen05-09-06, 07:38 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de