ذهبت للوطن خلال الأسبوع الماضي للعزاء في فقيد الأسرة الابن (عثمان معتصم عبد الله) وقد ودع الدنيا في نضارة الشباب وخلف مساحات من الحزن نسأل الله أن يتغمده برحمته وينزل الصبر علي الأهل كافة. وقد كان الأسبوع كله حركة دءوب بين مضارب الأهل الذين انتشروا في ربوع الوطن الحبيب وهى مناسبات برغم مصيبة الموت ووجع الفقد والأحزان لكنها تبقي مساحات تواصل وصلات أرحام وفرصة للتلاقي مع الأهل مما يجعل الأيام كلها عبارة عن حركة مستمرة. وحيث أن مشاغل الحياة قد كثرت وتشعبت فكان لزاما أن تترك بعضها لتتم البعض ومن حكم المولي سبحانه أن تقصر صلاتك لذات الأسباب وللأصوليين قاعدة رائعة تقول (ما لا يدرك كله لا يترك جله) ولذا فقد تخليت بداية عن الموبايل واستعنت ببعض الإخوة في الاتصالات الضرورية ومن ثم فقد تركت العولمة الاتصالية بكل أدواتها ووسائطها وهى خطوة في منتهى الجرأة والشجاعة فهذا الوضع يفترض أن يجعلك بمعزل عن الناس ويفترض أن يعزلك تماما عن العالم وقد جعل الناس من الوسائط مقام كل شئ وبرغم ذلك فقد تجاهلت العولمة وابتعدت عن ( الهناي). بقدر ما قدمت عولمة الاتصال من منافع وفوائد لكن لحظات الاتصال ومتابعة المواقع والتعامل مع الأجهزة هي قطعا تحرمك متعة التواصل المباشر مع الذين حولك فتظل بينهم جسدا بلا روح وهي حالة أصبحت بكل أسف واقعا مؤلما حين تجد مجموعة من الناس في غرفة واحدة تفصل بينهم مساحات شاسعة حيث يعيش كل فرد في عالمه وداخل قوقعته الاتصالية فتفتقد متعة المؤانسة وتجاذب أطراف الحديث والنقاش مع الناس خاصة وأهلنا معروف أن ما في بالهم علي لسانهم لذا فأنت تعرف كل شي عنهم بسهولة فتسعدك أخبارهم تارة وتحزنك تارة أخري ولعلي هنا قد استفدت كثيرا من زمن كان سوف يهدر في الحملقة نحو الموبايل والانصراف عن الناس. لم تكن عبارة ( الهناي) في العنوان اعتباطا فقد احترت هل إنني ابتعدت عن الموبايل أو الواتس أم الفيس أم تصفح المواقع والبريد ولما كانت الإجابة عن كل ذلك فلم أجد ما يجمع ذلك الخليط غير هذه اللفظة السودانية التي تعبر عن عديد من الأسماء والصفات وقد ظل الشارع السوداني يستعملها بصورة تلقائية ويطلقها لتعبر عن المقصود فيفهمها المتلقي بكل يسر. يحكي واحد الأصدقاء وهو يستعجب من أمه حين تقول لأخته ( يا بت جيبي الهناي ختيتو هناك فوق الهناي داك) فتاتي أخته بالغرض المطلوب وتفهم جيدا ماهو هذا الهناي الذي تطلبه أمها وقد يتكرر الطلب لأغراض أخري بيد أن (الهناي) يظل كما هو اسما يتنوع ويتشكل حسب الحالة. علي الكرار هاشم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
علي الكرار هاشم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست