ما حدث من زيادات في اسعار مختلف السلع الحيوية هذه الايام لم يحدث نتيجة لما يحاولون تسويقه عل انه رفع للدعم الحكومي عن السلع. لا يوجد فى الاصل دعم حتى يتم رفعه. و لكي تتفهم هذه الحكاية يجب ان ننظر بعمق و نراجع بعض التفاصيل.
أصلا الدولة هى المسؤول عن ادارة العملية الاقتصادية في البلاد. و فى هذا الصدد هى التى تتحكم فى عملية ادارة الموارد العامة مثل البترول و الذهب و كذلك التحكم في عملية التصدير للخارج. كل هذه الموارد المختلفة تساهم فى رفد خزينة الدولة بالعملات الاجنبية. و الدولة ايضا هى التي تسك العملة الوطنية و تحدد سعرها مقابل عملة اجنبية مرجعية (الدولار فى هذا الحالة). في زمن سابق كان يتم تحدد قيمة العملة بالذهب. حتي وقت قريب كان بنك السودان يحدد سعر الجنية السوداني مقابل الدولار الامريكي بقيمة ١ دولار يساوي ٦ جنيهات سودانية.
مثلما ان الدولة تتحكم و تدير الموارد العامة و مداخليل العملات الاجنبية للبلاد هى بالضرورة مسؤولة اخلاقيا و قانونيا عن توفير العملات الاجنبية اللازمة لشراء ضروريات الحياة لاهل هذه البلاد. لانها هى التى تستلم اموال العملات الاجنبية بالانابة عن الشعب. أموال البترول او اموال ترحيل بترول الجنوب اموال الذهب و غيرها من مختلف المصادر تذهب الي الدولة ليست لجيوب المواطنيين. و فى هذا الاطار كانت الدولة توفير عملات اجنبية لواردات الدواء. السعر ٦ جنيهات للدولار ليس بسبب الدعم انما هو السعر الذى حدده بنك السودان (كممثل للدولة) لقيمة العملة الوطنية و هو سعر ينعكس اشياء اخري كثيرة منها المرتبات التى تدفعها الدولة لقاء العمل.
مثل تابع الناس أعلن بنك السودان عن اجراءات اقتصادية جديدة يزعم ان غرضها تحفيز التحويلات البنك الرسمية عن طريق دفع حافز للتحويلات يزيد عن 120%. هل سمعت عن حافز بمثل هذا الحجم؟ حول دولار و احصل ما يزيد عن سعره كحافز؟ كل هذه المسميات من حافز و دعم هى تسميات وهمية و كاااذبة مثل الكذب الذى جبلت عليه جماعة الاخوان المسلمين طوال تاريخها. لا يوجد دعم ولا يوجد حافز، ما حدث هو تخفيض لقيمة العملة السودانية بمقدر يفوق الــ 130%. لذلك بين ليلة و ضحاها اصبح سعر الدولار الرسمي 16 جنية بدلا عن 6 جنيهات. و مثل هذا التخفيض ينعكس مباشرة على مدخرات الناس المالية (اذا كانت بالعملة السودانية) و كذلك علي قيمة المرتبات.
عملية تخفيض سعر العملة الوطنية هي وصفة ثابته و دائمة تقدمها المؤسسات المالية العالمية (الامبريالية) ديك كحل للازمات الاقتصادية في بلداننا. و هى وصفة اشبه للمخدرات، تسكن الالام الدولة الي حين بحل ازمتها الاقتصادية فى ظوهر اليتامى و الفقراء من أهل البلاد. لكن ما ان تمر فترة قصيرة الا و تعاودها الالام مرة اخرى لتبدأ مرة اخرى حل الازمة على ظهور الفقراء بتخفيض جديد لقيمة العملة. هذا السيناريو ظل يتكرر لجماعة الانقاذ منذ ايام عبد الرحيم حمدي و صلاح كرار و حتي اليوم لم يفقهوا شيئا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة