في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 02:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-25-2016, 10:09 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين (Re: Yasir Elsharif)

    المشاركة السابعة والأخيرة من خطاب الأخ النور وضعها في يوم 31 ديسمبر 2003:

    ـــــــــــــــ

    على ومعاوية:


    سمعت الأستاذ مرة يقول: "موضوع علي ومعاوية، يحتاج إلى فكر، يغطّس الزانة، ويطفّح المسحانة". فلماذا قال ذلك؟ ولماذا يحتاج أمرهما إلى هذا النوع من الدقة في التمييز؟ أليس الأمر، في ظاهره بسيطا، وهو أن عليا، أحق بالخلافة، من معاوية. ألا يمثل علي الدين، وهو الحق، ومعاوية الدنيا، وهي الباطل؟ غير أن حقيقة الأمر ليست بتلك البساطة. أقول هذا مواصلة للفقرات السابقة، التي سبق أن ركزت فيها على ضرورة التفريق بين عيش السماء، وعيش الأرض. فالتفكير الديني يميل إلى التزمت. والتزمت يفرض على الناس أساليب عيش "تطهرية" puritan)). وهي أساليب غير واقعية. ولا هي تعني بالضرورة سموا في حياتيْ الفكر والشعور. وهي أساليب، حين يخرج بها الناس عن إطارها، وحكم وقتها، تقود إلى نفاق مؤسف. حدث ذلك للقساوسة بعد ذهاب المسيح، ولا يزال يحدث لهم كل صبح جديد. كما حدث للمتزمتين من المسلمين، وما أكثرهم. وتجربة أهل الجبهة في النفاق، بعد أن تسلموا مقاليد الأمور في السودان، لأكبر شاهد، على ما تفعله المفاهيم المتزمتة بأهلها.

    لقد نصر الناس معاوية على علي، لأن حكم الوقت، كان مع معاوية، وقد عنى ذلك أن يعود الناس ليعيشوا عيشا أرضيا طبيعيا. فسيدنا علي، رضي الله عنه، كان يمثل امتدادا لتجربة العيش مع النبي، وتلك تجربة سماوية، ما كان لها أن تستمر. ولا بد أن الناس قد تعبوا منها. ولم يفلح أبناء علي، كرم الله وجهه، بعده، في إعادة الأمور إلى نصابها، وقد جرى تقتيلهم، واحدا بعد الآخر. الشاهد، أن تجربة العيش في السماء، قد انتهت، يوم أن التحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى. عرج معه الناس، ثلاثة وعشرين عاما، ثم عادوا إلى حياتهم العادية، بعد أن التحق بالرفيق الأعلى. هذه التجربة سوف تتكرر مرة أخرى أيضا. عشنا مع الأستاذ عيش السماء، وعدنا لعيش الأرض يوم أن ذهب. غير أن الوضع الآن أفضل من سابقه، وبما لا يقاس. فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. إذ لم تعد الدنيا والأخرى ضرتين. نعم هناك هبوط، أعقب ذهاب الأستاذ، ولكنه أرفع، في أقل حالاته، من حالة الهبوط، التي اعترت المؤمنين حين تركهم النبي. الناس اليوم أكثر رفاعة من قبل، وأقدر على التنقل بين الأرض والسماء، كل لحظة وأخرى. والقدرة على التنقل في العيش بين السماء والأرض كل لحظة وأخرى هو المطلوب. عيش السماء الصرف، إفراط في الروحانية، وعيش الأرض الصرف، تفريط في الروحانية، والكمال في القدرة على المزاوجة، وتلك قدرة تزيد كل يوم بفضل الله.

    حُكم معاوية، على مفارقته لظاهر الشرع، ولحالة التشمير التي ربما كان الإمام علي، سوف يحمل الناس عليها، مهد إلى خلق حضارة إسلامية مادية، استمرت لقرون طويلة، انتشر خلالها الإسلام انتشارا كميا، أكثر من كونه كيفيا. ولكن كان لذلك الانتشار الكمي ما بعده، وكانت له قيمته التي انسربت في شعاب التاريخ حتى وصلت كل من وصلت إليه، في وقتنا الحاضر. ولو صار الأمر لعلي وقتها، فربما كانت الصورة قد اختلفت تماما. فعلي سماوي، ولربما حمل الناس على عيش سماوي ما عادوا يطيقونه. الطريقة التي عاش عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسيدنا علي، لو قدر لها أن تستمر، لربما حالت دون أن تتحول النفحة الروحية التي جاء بها النبي الكريم، إلى حضارة ذات قاعدة متسعة. فمعاوية، ومن خلفوه كانوا القنطرة التي من فوقها تحولت الفكرة الإسلامية، إلي مملكة، ومن ثم إلى حضارة مادية، زحفت حتى وصلت أوروبا. وربما توجب علينا أن نشير أن عصر الترجمة عن اليونانية الذي بدأه العباسيون، هو الذي ربط الحضارة الإسلامية بالفكر اليوناني، وبالعلوم اليونانية. دفع العرب بتلك المعارف قدما، وتسلمتها منهم أوروبا، بعد أن شاخت إمبراطوريتهم، وتفتتت، واضمحلت، وتم إخراج المسلمين من الأندلس، وبدأت من ثم نهضة أوروبا في الصعود. وهذا كله، يقع ضمن ما أشار إليه الأستاذ من أن الحياة، إنما تسير على قدمين من روح، ومادة. الشاهد، أنه لا سبيل إلى عيش سماوي صرف على ظهر الأرض. وحتى العهد الألفي الموعود، على شرفه وعزته، ما هو إلا بداية النهاية لهذه الدورة الوجودية. فالرغد المادي سوف يفقد الناس القدرة تدريجيا على المزاوجة بين السماء والأرض. ولسوف يطرد ذلك، حتى يصبح العيش، عيشا أرضيا صرفا، وحينها تبدأ الحياة رويدا رويدا، في الرجوع إلى الغابة، حيث خرجت، ثم لن تلبث أن تتآكل حتى تقضي على نفسها. هذه مجرد إشارات، إلى ما من أجله قال الأستاذ: "موضوع علي ومعاوية يحتاج إلى فكر، يغطّس الزانة، ويطفّح المسحانة". ولي نية في الكتابة، بتوسع في هذه المسألة.

    عصر الفردية:

    ما أراه، هو أن نفكر أكثر، ونتعمق أكثر، في تصور عهد الفرديات، وقيمة الفردية. علينا أن نفعل ذلك، بعقول متحررة من بقايا التجربة الماضية. أعني تجربة مدرسة "التسليك". ويجب ألا يذهلنا عن ذلك، حسن النية، القائم وراء الدعوة إلى ترشيد الناس. ومعلوم دولة الشريعة، تقتل من لا يصلي، حتى وإن شهد ألا لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. كما تقوم بتعزير من لا يصوم. وتفعل أمورا أخرى كثيرة لتضع الناس على الجادة. وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يعلو الناس بدرته، (أي يضربهم بعصاه)، في قارعة الطريق، كما ورد في الأثر. وعموما، فطاعة الله في الشريعة، لها أشكال محددة، ويجب التزامها حرفيا. وهي أشكال يتم فرضها قهرا، كلما تمرد عليها الأفراد. قيام الدستور يعني وضع الوصاية على الناس، جانبا. أكثر من ذلك، يعني التعمق في التعرف على ما خفي من الوصاية، واستتر، ولَطُفَ، وما أكثره. ليس أمرا سهلا، التأسيس لعهد المسؤولية الفردية. هذا أمر يتطلب أفرادا أحرارا، حرية حقيقية. والناس في مجموعهم، قد تمردوا، منذ قرون خلت، على الدولة الدينية بكل أشكالها، وانتزعوا حقوقهم وحرياتهم بأنفسهم، منها عنوة. لم تستطع أي دولة دينية أن تطبق ما أرادت، على الناس، ولن تستطيع. نعم، في بلد مثل السعودية، مثلا، وهي تمثل آخر معاقل الدولة الدينية القابضة، يوجد بعض المتهوسين الذين يسمونهم بالمطوعين. وهم قوم تبارك الدولة مساعيهم، أو على الأقل، تغض الطرف عما يفعلون. يقوم هؤلاء، بحث الناس بالذهاب إلى المساجد، ساعة الصلاة. فيأمرون بإغلاق المحال التجارية. وربما قاموا، في بعض الأحيان، بتفقد من لم يحضر إلى صلاة الصبح، مع الجماعة في المسجد، مثلا. ويبدو أن مثل تلك الممارسات قد ضعفت عموما، حتى انحصرت في بعض القرى، والمدن الصغيرة النائية.

    ربما يقول قائل، ما أراد الكاتب بهذا مثلا؟ فلا أحد يريد أن يقتفي آثار السعودية، أو يطبق القهر، كما حدث في شريعة القرن السابع. الشاهد، أننا في فترة السلوك، كان لنا وضع مشابه، لأوضاع الشريعة، مع الفارق في الحكمة. لقد أبدلنا نحن سلطة الدولة، وسلطة الوالي، بسلطة مجتمع السالكين، الذين يحيطون بالسالك، إحاطة السوار بالمعصم. حيث يمثل الضغط النفسي، المتشكل، بحكم البرنامج المكثف، وبحكم الحوافز، قوة قهر خارجية، تجعل السالك يتحرك أحيانا كثيرة، بوحي من خارجه، أكثر مما يتحرك من داخله. هل نريد، حين ندعو إلى السلوك، وإلى الجلسات، أن نعيد ذلك الوضع القابض، مرة أخرى؟ وهل من الحكمة إعادة ذلك الوضع الآن؟ ما جعل ذلك الوضع محتملا، هو وجود الأستاذ بيننا. ولذلك فإن نقل تلك التجربة، بحذافيرها، إلى الظرف الجديد، أمر محفوف بمحاذير كثيرة. وعموما فقد قيل، أنه ليس هناك رجل هو من الكمال، بحيث يؤتمن علي حريات الآخرين. والحرية، تعني في المقام الأول، حرية أن تخطئ، وأن تتعلم من خطئك. وتعني حفظ خصوصية المرء، وحرية ضميره، بعيدا عن المراقبة، أو المحاصرة على أي شكل كانت. فالمجتمع من حيث هو كمجتمع، قوة قاهرة، وقوة متغولة على المساحة الفردية. كان ذلك كذلك على الدوام، ولا بد من الخروج عن ذلك، وبعلم كبير. لقد نبذ الغربيون سيطرة المجتمع نبذا فيه الكثير من التطرف. فالمجتمع كثيرا ما يحشر أنفه في شؤون الفرد. ما قام به الغربيون ليس باطلا، وإنما فقط تنقصه القيمة، في الظرف الراهن. قل ينقصه المنظور الكوني المتكامل. لكن ما يقوم به الغربيون من تقليص لسلطة المجتمع، وهي سلطة رزح الناس تحت نيرها بعمر الحياة كلها، سير في الوجهة الصحيحة. حالة الشطط الغربية الراهنة، مصيرها الاعتدال. فالثورة كما هو مقرر عندنا لا تملك أن تعتدل، بادئ أمرها. التطرف الغربي في الفردية، مؤشر، يجب أن نقرأه بعناية شديدة.

    أما الدستور، وهو من ندعو إلى إقامته من القرآن، فإنه يعاقب على الخطأ في حق الجماعة، ولكن لا يعاقب على الخطأ الذي يتضرر منه الشخص المخطئ وحده. بل هو لا يسعى، ولا يحض على السعي إلى تعقب عورات الأفراد. ومن ثم هو لا يحض على "خم" الناس ومحاصرتهم، حتى إن بغينا بهم الخير. أما الشريعة، فتعاقب في الحالين. ومن هذا كان حد شرب الخمر فيها منصبا على الشرب، وليس على السكر، كما مقرر في الدستور. وهذا هو الفرق الجوهري بين الشريعة والدستور. ما أود إيضاحه، باختصار، أن السلوك القائم على حصر السالك، في مناخ بعينه، فيه وصاية. وهي وصاية قد جعلها عملية، اختيار المرء لها. ثم اختياره ضمن ذلك الاختيار الأساسي، إحاطة نفسه بالسالكين. ولكنها، مع ذلك، غير عملية، خارج هذا الإطار. ولا أعتقد أن كثيرين من الناس سوف يسيرون في مثل ذلك الاتجاه في اختيار تقييد النفس على ذلك النحو. مرة أخرى، ذلك أمر تعلق بصفوة منتقاة في ظرف تاريخي بعينه. يضاف إلى ذلك، أن السعي إلى تسليك الناس يتضمن تزكية للنفس، من جانب المسلك، لا ريب في ذلك أبدا. فيه قول صريح مفاده، (أنا أقرب منك إلى الله، وأنا أعرف الطريق خيرا منك. سلمني عقلك، ولسوف تسلم، أو دعني أختار لك). التسليك، باختصار، يعني، اتبعني، وسوف أجنبك المزالق. والحرية تعني، دعني أجرب، وأخطئ ، وأتعلم من خطئي، من غير ضغوط. أخرج أنت منها، ودعني أجرب، وليرتطم رأسي بالحائط، ثم أفيق من آثار الارتطام، و أعود إلى الجادة وحدي. ولذلك، فإن المخرج في التبشير، وليس في "التسليك"، والتعبئة، والمحاصرة، ورقابة الجماعة. نعم، فليلتقٍ الأخوان، وليتفاكروا، وليذكروا بعضهم البعض. ليلتقوا مثلما يلتقي الناس المتقاربين فكريا، ووجدانيا، في كل المجتمعات البشرية. ليتبادلوا الآراء فيما بينهم، وليسعدوا ويستأنسوا بصحبة بعضهم البعض، وليستعينوا ببعضهم البعض، وليذكروا بعضهم البعض عن عمار أحوالهم، وقيمة ما ينطقون به، بدل أن يلتقوا ليعرضوا نياشينهم، ومواقعهم في الهرم التنظيمي. لو التقى الإخوان، بمثل هذه الصورة، فإن المحبة بينهم ستعود، وستبقى. فلو نحن التقينا كمفكرين، وكهائمين بعوالم الفكر، وكعشاق للحقيقة، فهذا هو ما أرادته الفكرة بالبشر. واجب المرحلة، هو الابتعاد عن الطقوس، ونسيان المقامات، التي أعطيت لنا فيما مضى، أو أعطيناها لأنفسنا. مرة ثانية، علينا أن نبتعد عن "التسليك" المؤسسي. هذا أمر ضار، في غياب مرشد مثل الأستاذ. وهو على أية حال، لن يعود. وكلما جنح الناس نحوه، كلما تفرقوا، وتقسموا. في ما أرى، أن التبشير باتباع الطريق النبوي، يختلف عن "التسليك". والمطروح للإنسانية، في عمومها، لتعمل به من غير "مُسلِّكين" هو الطريق النبوي، في شكله البسيط، المعروض في كتيب الطريق.

    علينا أن نفكر بروية، وبعمق، وبحذر في مسألتي التذكير و"التسليك". أخشى أن نكون في طريقنا إلى خلق مؤسسة دينية قابضة. لقد رفضت البشرية المعاصرة سلطة المؤسسة الدينية، وبحزم شديد. وعلينا أن نلاحظ، أن الكهنوت، يلطف هو الآخر، ويلبس لبوسا مختلفة. كثير من الناس اليوم، في الغرب، اتجهوا إلى التدين الفردي. فهم يعبدون بخليط من الأساليب المأخوذة من عديد من الديانات. وهناك كثير من الحديث عن الروحانية، بعيدا عن المؤسسات القابضة كالمؤسسات الكنسية، وما شابهها. وكثيرا ما تسمع من المقبلين على ممارسة نهج ما للتعبد، عبارات من شاكلة، أنا روحاني، ولكني لست متدينا. (I am a spiritual person, but I am not religious). حتى إن كثيرين منهم يشاركوننا فهمنا، أن أغلب المؤسسات الدينية، لا علاقة لها بالروحانية. فالمؤسسات الدينية غالبا ما تجنح إلى مصادرة، حق الناس في التجريب، وفي تعليم أنفسهم بأنفسهم. بإختصار، أنا لا أقول بأن السلوك غير ضروري، وإنما هو شأن فردي. أساس تطوير التشريع هو رفع سيف الشريعة المسلط عن رقاب الناس. وأيضا، رفع ظلاله الممتدة، في تجربة "التسليك" الصوفية، التي لا تصلح إلا في مجتمعات مغلقة، تعيش عيشا بسيطا، وفي محيط جغرافي محدود. هذا بعض مما من أجله قيل، إن الطرق لم تعد واسلة ولا موصلة، منذ اليوم. لقد ارتفع الأفراد، في مجموعهم، بفضل الله، ثم بفضل قفزة أساليب الحياة الحديثة، وعلومها. وجاء، من ثم، عهد النهج الفردي. يأخذ الناس الطريق أفرادا، ويعملون به أفرادا. يقعون ويقومون أفرادا. وسنظل نحن نبشر بالطريق، وندل عليه، ونأخذ ونرد مع من يريد أن يأخذ ويرد معنا. ولكنا لا نحاصر الناس، ولا نخلق لهم برنامجا "تسليكيا"، نسعى من وراءه إلى محاصرتهم، ووضعهم على الجادة. كما أننا يجب ألا نسعى إلى جعلهم يستوحشون من حياتهم العادية، ومن الناس المحيطين بهم، غافلين كانوا أم حاضرين. العمد إلى خلق حالة الاستيحاش في "السالك" واحدة من امتدادات التجربة الصوفية. وفي تقديري، أن الأستاذ حين استخدمها، إنما رفد بها الطريق رفدا حكيما، في إطار مدرسة "تسليكية" أنشأها بنفسه، وأشرف على تفاصيلها بنفسه، وحض الناس على الإقامة في "داخلياتها". ومع ذلك، لم تسلم التجربة من الهزات العنيفة. الشاهد، أن "التسليك" كما نفهمه، وضع مرحلي، خدم غرضه، حتى استنفده تماما. علينا ألا تنسينا تجربتنا في السلوك الروح الأصلي للفكرة الجمهورية، كفكرة عالمية.

    يجب ألا تكون هناك وصاية من أحد على أحد، مهما لطفت. كل ما سيبقى إنما هو المشاركة، والزمالة، ليس أكثر، ولا أقل. علينا أن نبتعد عن محاصرة الناس، والتضييق عليهم، بحجة "تسليكهم" وحفظهم في الحظيرة. خاصة، أن التفاوت بين القامات بين البشر المعاصرين، لن يكون كبيرا جدا. ولذلك فإن سوء استخدام المركز الديني، هو المتوقع وهو الأرجح، في تقديري. علينا أن نبتعد عن التجييش، والحشد، والتوجيه، والتعبئة. علينا أن نبشر، وأن نبشر فقط. فقد بعثنا مبشرين، ولم نبعث منفرين. وعلينا أن نتذكر دائما، أن الطرق إلى الله، بِعَدِّ أنفاس الخلائق، وينبغي ألا تخدعنا العقيدة القائمة على ضرورة اتباع المنهاج، فنخلق منها صنما يحجب عنا رؤية حقائق الأشياء. دعوا الناس يتوافون على المنهاج، طوعا، واختيارا، ومن غير أن نقف لهم بالعصي في الطرقات. غلُظت تلك العصي، أم رقّت. الوصاية، سواء كانت وصاية الشريعة، أو وصاية مجتمع السالكين الذي يمارس إرهابا نفسيا ملطفا، لا تمكنان المرء من أن يستمع إلى صوت نفسه، ولا أن يصبح نفسه. وإنما ستدفعان به، بطريقة أو بأخرى، إلى اتباع ما تمليه عليه القوى الخارجية، من غير قناعة داخلية. فإلى أين سيرتقي من كانت هذه حاله؟ وعلى أية حال، فالدعوة الكوكبية هي دعوة لمجتمعات خرافية، من حيث الضخامة. هذه دعوة لمدن مثل نيويورك، وشيكاغو، وطوكيو، وغيرها. حيث الفردية هي سمة العيش، التي لا فرصة لسواها، وحيث التنقل السريع، وسيطرة ضيق الوقت على كل شئ. علينا ألا نذهل، بحال مجتمعاتنا الشرقية الكسولة، وأقطارنا البور، التي يتثاءب فيها الزمن، ويتمطى، عن عالمية الدعوة. علينا أن نفحص ما هو مرحلي، وما يمكن أن يصلح لأن يكون أمرا دائما، وثابتا، وكوكبيا. ففقدان القدرة على قراءة الواقع، ومراقبة الكيفية التي تطور بها الحياة نفسها، وهي ترتقي من الأكثف نحو الألطف، يمكن أن يقود، وبسرعة شديدة، إلى تحويل الفكرة المستنيرة إلى عقيدة مغلقة، قابضة .(cult)

    أكتفي بهذا، وأرجو في مقبل الزمن من أن أتمكن من توسيع بعض النقاط. وأشكرك على ورقتك الحارة، الصادقة. فقد ألهمتني، واستحلبت وارداتي. نعم، دعونا نُكَمِّل بعضنا بعضا. ودعونا نرى جمال الفكر، فيما يخرج من كل منا. هذا هو طريق المحبة. أعني، أن يتعلق المرء، بالقيمة في الشخص الآخر، قيمة العقل الصافي، والقلب الكبير، والوجدان العامر. مثل هذا النوع من التحابب، هو ما ظلت البشرية تسعى إليه، وتنشده منذ عهد آدم.

    أخوك: النور حمد



    صورة إلى كل من الإخوان:-

    - مجذوب محمد مجذوب
    - خالد الحاج
    - عصام عبد الرحمن
    - بشير بكار
    - عمر القراي
                  

العنوان الكاتب Date
في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 12:40 PM
  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عاطف عمر04-16-16, 01:07 PM
    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 06:45 PM
      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين فقيرى جاويش طه04-16-16, 08:13 PM
        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 08:59 PM
          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 09:01 PM
            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 10:20 PM
              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 10:24 PM
                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Elmoiz Abunura04-16-16, 10:51 PM
                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين أبوبكر بشير الخليفة04-17-16, 03:23 AM
                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-17-16, 09:44 AM
                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-17-16, 11:23 AM
                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-18-16, 10:27 AM
                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-21-16, 09:20 AM
                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-21-16, 09:57 AM
                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Kostawi04-21-16, 05:41 PM
                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-22-16, 09:43 AM
                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-22-16, 10:25 AM
                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين اميرة السيد04-22-16, 10:30 AM
                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-22-16, 11:43 AM
                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Kostawi04-23-16, 10:31 PM
                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:28 PM
                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 10:58 PM
                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:10 PM
                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:15 PM
                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:25 PM
                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Kostawi04-24-16, 05:03 AM
                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-24-16, 08:57 AM
                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-24-16, 03:56 PM
                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-24-16, 04:51 PM
                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-25-16, 04:20 AM
                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 09:05 AM
                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 11:41 AM
                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 02:24 PM
                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:06 PM
                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:09 PM
                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:11 PM
                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:26 PM
                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:48 PM
                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-25-16, 05:42 PM
                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 06:58 PM
                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-26-16, 05:42 AM
                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 01:07 PM
                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 09:13 PM
                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 09:23 PM
                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 11:28 PM
                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 11:34 PM
                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:32 AM
                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:45 AM
                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:48 AM
                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:51 AM
                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:57 AM
                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-27-16, 05:38 AM
                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 10:10 AM
                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 09:31 PM
                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-28-16, 10:20 AM
                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-29-16, 05:05 PM
                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين الشفيع وراق عبد الرحمن04-29-16, 06:39 PM
                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-29-16, 11:21 PM
                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-01-16, 12:48 PM
                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-02-16, 04:17 AM
                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Haydar Badawi Sadig05-02-16, 06:30 AM
                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-02-16, 05:32 PM
                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-03-16, 07:56 AM
                                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-03-16, 09:51 AM
                                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-03-16, 06:52 PM
                                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-03-16, 11:53 PM
                                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-05-16, 11:22 AM
                                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-07-16, 12:44 PM
                                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عاطف عمر05-07-16, 01:50 PM
                                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-09-16, 01:53 PM
                                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-13-16, 08:59 AM
                                                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-15-16, 10:03 PM
                                                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-23-16, 10:26 AM
                                                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-23-16, 11:04 AM
                                                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-26-16, 03:00 PM
                                                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-26-16, 03:22 PM
                                                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-11-16, 03:56 PM
                                                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-12-16, 05:23 PM
                                                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-15-16, 07:11 AM
                                                                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-24-16, 11:23 PM
                                                                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 06:09 AM
                                                                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 07:02 AM
                                                                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 07:35 AM
                                                                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 08:17 AM
                                                                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 09:38 AM
                                                                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 10:09 AM
                                                                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif11-01-16, 10:17 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de