في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 01:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-22-2016, 10:25 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين (Re: Yasir Elsharif)

    قبل المواصلة في السرد لدي توقف عند بعض نقاط الأستاذ خالد الحاج في مقاله الأخير بعاليه:

    Quote: 1. الفكرة الجمهورية هي دعوة الأستاذ محمود محمد طه وليس للجمهوريين فيها إلا نصيب التلمذة

    نعم، الفكرة الجمهورية هي دعوة الأستاذ محمود محمد طه، وقد برهن على صدقه فيها بتفديته إياها بنفسه في تلك الوقفة المشهودة "ما زاغ البصر وما طغى". وقد كان موقف التلاميذ كما وصفه الأستاذ خالد الحاج نفسه في مقال سابق في التسعينات بأنهم "ذهبوا مغاضبين" وبذلك دخلوا بطن الحوت كما حدث للنبي يونس عليه السلام. ذاك المقال من عام 1998 يسلط الضوء على عبارة أن الجمهوريين ليس لهم نصيب في الفكرة الجمهورية سوى التلمذة. أرجو قراءة ذلك المقال التاريخي النادر قبل أن أجد الفرصة للعودة، ونسأل الله أن يرحم أخينا الراحل المقيم الأستاذ بشير بكار الذي كان سببا في كتابة الأستاذ خالد لهذا المقال:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أهل الصالون
    سلام عليكم

    من إطلاعى على بعض ما دار في صالونكم، شعرت أن الفضل - من بعد الله - في ما أنتم فيه من نعم الوصال، والحوار، يرجع إلى هوارى، وعبد الله عثمان " شيخ على المهجر" فجزاهما الله عن الجميع كل خير.
    وذكر المهجر، ذكرنى، بطائفة من عباقرة الأدب والفن، سبقوكم إلى أرض المهجر، واشتهروا بها في مجال فنهم، فكانوا رواداً، مهدوا لكم الطريق، وعلى رأس هؤلاء جبران، ومخائيل نعيمة، وإيليا ابو ماضى.. وقد كانت لى مع جبران رفقة طيبة أيام الشباب، ولازلت أحن إلى سماع أنغام كلماته المشبعة بالتعاطف مع أحزان الانسان، حتى بعد أن أصبحت لى رؤية جديدة، وحس جديد في التعامل مع هذه الاحزان..
    نستأذنكم في الدخول الى صالونكم.. ولكن سوف يكون دخولنا من غير الباب الذي يدخل به الداخلون عادة عندكم، أعنى باب اللغة الانجليزية.. ربما كان باب اللغة الانجليزية حتى الآن، تكنولوجياً، هو الباب الوحيد الذي يمكن الدخول عبره.. ولكن يمكن لاصحاب الملكات أن يترجموا حديثى هذا، بالصورة التي تمكن من حشره عبر المدخل.. أو يمكن أن اكون عضواً منتسباً إلى صالونكم، تتم مشاركته من الخارج.. فأنا أحب أن اكتب باللغة العربية، لأننى لست على ثقة من إنجليزيتى خصوصاً عندما يكون الموضوع له صلة بالعرفان.. ليست لى واردات بالانجليزى، ولا أستطيع ان أتذوق معانى القرآن بالانجليزية..
    من الطرف الذي إطلعت عليه، يبدو لى أن الحوار يدور حول الطرح الذي طرحه الأخ بشير بكار.. وقد لاحظت أن المساهمات تجىء قصيرة جداً، ثم بعد ذلك يعتذر المساهمون عن التطويل؟ وأنا أعتقد أن طبيعة القضايا التي طرحت والتي يمكن أن تطرح، لا يمكن معالجتها بصورة مناسبة، من خلال هذا الأسلوب التلغرافى، فبهذا الأسلوب يصبح الحوار غير مثمر، في تقديرى.. أنا لست مع التطويل، ولكننى ضد الاختزال.. إن ما يعين على الاختصار، أن المتحاورين، يحملون أفكاراً مشتركة، ولغة إصطلاحية مشتركة، وينطلقون من نفس المسلمات، ولكن هذا كله لا يجعل الأسلوب التلغرافى، أسلوباً مناسبا، فهو لا يحقق الثمرة ولا المتعة.
    سوف يكون حديثى إليكم عبارة عن "دردشة" ولكنها بطبيعة الحال، ستكون دردشة جادة، تهدف إلى أن تكون معينة، ما امكن ذلك. وأنا لا أود أن يكون حديثى، ولا حديث أى أحد من الاخوان والاخوات، رداً على أحد بعينه، وانما تناول للقضية في عمومها، ولكن لما كان حديث الأخ بشير هو المنطلق، فسوف أعلق على بعض ما أثاره قبل الدخول في القضية.
    إن القضايا التي طرحت من خلال ما كتب بشير، تتلخص حسب تقديرى في النقاط التالية:
    (1) هل نحن طائفة؟ Are we a cult ؟
    (2) يعتبر الدين صحيحا إذا ضمن له أهله، أن يعيش فعالاً..
    Every religion or policy is considered true if it survives.
    (3) الوقت..وعودة المسيح.
    وأنا أعتقد أن القضية الاساسية، ليست هي هذه القضايا، كمواضيع فكرية وعرفانية، وانما القضية الاساسية هي الواقع الذي تطرح عبره هذه القضايا، وغيرها من قضايا تتعلق بفكرتنا.. هذا الواقع الذي أعنيه هو 18 يناير 1985م.. التاريخ والحدث.. فنحن جميعنا اليوم، عندما نتناول قضايانا المتعلقة بالفكرة، بالحديث، أو بعدم الحديث، لا نفعل إلا وعقولنا وقلوبنا ونفوسنا، متأثرة بالحدث، فتأتى أفكارنا ومواقفنا متلونة بلونه أو بلون رؤيتنا له.. وكثير مما يدور، هو إنفعال بالحدث، ومجرد موقف نفسى، وإن بدأ لأصحابه أنه فكر.. ولذلك سأجعل من الحدث مدخلى ومنطلقى، والمحور الذي سيدور حوله حديثى، هو الحياة الكاملة، الحياة الخالدة، الحياة السعيدة.. فكل الوسائل ينبغى أن توظف لخدمة هذه الحياة، وكل الوسائل ينبغى أن تنظم لتفضى إليها، وهذا ما تفعله الفكرة، ودون سواها من الاديان والفلسفات والأفكار..

    الله ظهر!!
    فليعذرنى الأخ بشير، فأنا رغم أننى لا أود أن يكون حديثى رداً على أحد بعينه، أو مناقشة أحد بعينه، فاننى هنا، في هذه الجزئية، أود أن أعلق على بعض ما ورد في حديثه، وما أعلمه عن نفسى، أن مبعث تعليقى هذا هو محبتى للأخ بشير..
    فى تقديرى أن الأخ بشير، يكتب وهو منفعل بالحدث، وقد أدى هذا الانفعال الى تلوين المنظار الذي يرى به الأشياء، وهذا ينطبق علينا جميعا، على تفاوت فيما بيننا.. فنحن جميعاً نظرتنا للأمور، تكونت بلون رؤيتنا للحدث..
    الاخ بشير، في بدايات حديثه ينعى لنا الأخ الراحل، عم الأمين عبد الغفار، ذلك الرجل الفذ.. ويثير رحيل عم الأمين في بشير، ذكرى اللحظات الغالية التي عاشها، فيقول:
    He reminds me of precious moments in life that are never going to come back again.
    وهكذا، ومنذ البداية، حدد بشير لون المنظار الذي يرى من خلاله الأشياء.. وجميع حديث بشير الذي ذكره له هذا اللون، ولكن بصورة خاصة حديثه عندما تحدث عن الوقت.. فعنده الوقت لن يجىء حتى عام 2017 ولا حتى بعد ذلك!! وعام 2017 هذا الذي ذكره بشير- إذا لم يكن هنالك خطأ مطبعى - ليس بعيداً، بالصورة التي تفيد المبالغة التي كان يرمى إليها بشير، فهو بعد عشرين عاما!! ولكن بشير في تقديرى، كان منقسماً، وهو يقرر هذا التقرير.. هنالك شىء في داخله يقول له أن الأمر خلاف ذلك، وهذا الشىء هو الذي حجم مبالغته.
    إن الأمر الذي أردت أن أتناوله من حديث بشير قبل الدخول إلى القضية هو ظهور "الله"، لما له من إرتباط بقضيتنا الأساسية.. والأمر الذي يطالعنى من كتابة بشير في هذا الجانب، هو سيادة روح الاديب الفنان، الذي تستهويه الصور الشعرية، ولذلك أعتقد أن بعض الحديث ليس مقصوداً بحرفيته، وإنما المقصود عرض اللوحة الفنية، التي إذا نظرت إليها من قريب، ورحت تحلل تفاصيلها أفسدتها، وذهبت بجمالها الفنى.. ورغم ذلك لا بد من النظر من قريب! يقول بشير:
    Throuhout history, there have been hundreds of religious sects whose followers were waiting for the coming of God. But God has never shown up. Even when the Shukria ( my kinsmen) challenged him to come down after the death of their sheikh. I love their realism and defiance!!
    وحادث الشكرية المشار إلية، يتلخص في أن أفراد قبيلة الشكرية غضبوا عند وفاة شيخهم (الشيخ عوض الكريم أبوسن) وضربوا النحاس، وسلوا سيوفهم، وهم "يعرضون" ويبكون، وربما ظهرت منهم بعض العبارات التي أشار إليها بشير في تحديهم لله.. والسلوك جميعه - إذا جردناه من الصورة الأدبية - هو ردة إلى الجاهلية الاولى.. والشكرية في عملهم هذا، كانوا ينتصرون لإله صغير جداً، ولكنه مباشر، هو شيخهم.. ولا أرى أنهم كانوا عمليين بأى وجه من الوجوه.. ولا أدرى ماهو تصورهم لله، الذي يتحدونه بهذه الصورة البدائية جداً، وعلى كل، لم يكن تحديهم مجدياً، ولم يعد شيخهم إلى الحياة، وما كان له أن يعود، ولم يستطع واحد منهم أن يحمى نفسه بسيفه من الموت.. ولكن هل حقيقة لم يظهر الله لهم!؟ ما رأيك في من يرى ان الله ظهر لهم في شخص " السدارنة "!!
    وهل حقيقة أن الله لم يظهر عبر التاريخ للجماعات الدينية التي كانت تنتظر ظهوره!؟ أنا لا أوافق على ذلك..فالله لم يغب عبر التاريخ عن الظهور للجماعات التي تنتظر ظهوره.. وأنا هنا لا أعنى المعنى العرفانى الواسع للظهور، وأنما أعنى ظهور "الله" المجسد في اللحم والدم.. وبالطبع لا أعتقد أن من يُنتظر ظهوره، هو الذات، وانما هو تجسيد الاسم، فمنذ أن تنزل الاسم، في آدم أبو البشر، لم يغب عن مسرح الحياة.. ثم ظهر في قمة في النبى الكريم، الذي قال عنه تعالى: (( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق ايديهم )) وهو قول واضح وحاسم.. ومن الطبيعى أن يكون الظهور حسب حكم الوقت، وحسب انتظار المنتظرين، وعلى ذلك هو ظهور نسبى، ولم يستعد المكان في الارض، عبر التاريخ، للظهور الكامل، وكانت كل مستويات الظهور هي مقدمة، لهذا الظهور الكامل، والذي نعتقد أن الأرض، الآن، ولأول مرة، بفضل الله، وبفضل مستويات الظهور السابقة، قد تهيأت له، وهذا ما نحن بصدده.. والآن ونحن ننتظر، لا أعتقد أننا ننتظر في مستوى واحد، من التصور للمنتظر، ولا للانتظار، ولكن تصورنا جميعاً، في عمومه يختلف إختلافاً جذرياً عن تصور المنتظرين الآخرين، عبر التاريخ وإلى اليوم.
    أما عن نكتة Norman Mailer ، فان أبسط ما يقال عنها هو أن إلهنا يختلف كثيراً عن إله Mailer، فاذا كان إله هذا الأخير يزعجه دعاء عباده له، فإن إلهنا يحب عبده الملحاح في الدعاء، وقد يؤخر الاستجابة لعبده لأنه يحب أن يسمع صوته، ولذلك أنا أرى أننا في حالة تقصير كبير في أمر الدعاء والالحاح فيه.
    الخروج من بطن الحوت:
    إن واجبنا المباشر، في الوقت الحاضر، هو العمل على الخروج من بطن الحوت.. وأنا هنا أعيد ترتيب الأوراق، وفق تصورى للأولويات، وهو بالطبع، تصور ليس ملزماً لأحد.
    اننى أجعل من 18 يناير 1985م المدخل، كما سبق أن أشرت، وذلك لأننى أرى أن الحدث، والموقف منه، هو الذي أعطى أفكارنا، ومواقفنا طابعها.. ونحن عندما نتحدث عن الفكرة بعد التنفيذ، لا يمكن لحديثنا ان يكون غير متأثر بما جرى، وتصورنا له، وأنفعالنا به.. وأنا هنا استطيع أن أعمم، وأقول إننا جميعاً بعد التنفيذ دخلنا بطن الحوت، على تفاوت بيننا.. وأنا هنا أعنى حوت " صاحب الحوت" (ذا النون)!! فتجربة سيدنا يونس تجربة مفيدة جداً، في إلقاء الضوء على موقفنا من التنفيذ وانفعالنا به، كما هي مفيده في إعانتنا على الخروج مما نحن فيه.
    وقصة يونس باختصار، أنه عندما أرسل الى قومه مكث بينهم وقتاً طويلاً ولم يستجيبوا له، فدعا ربه أن ينزل عليهم العذاب، وأنذر قومه بعذاب وشيك، ولم ينزل بهم العذاب، فغضب يونس، ولم يحتمل أن يعتبره قومه كذاباً، يعدهم بالعذاب ولا يتحقق، فخرج مغاضباً لربه، ظناً منه أن ربه أخلفه وعده، ومغاضباً لقومه، وعند البحر وجد قوماً يركبون سفينة فحملوه معهم، ولكن السفينة إحتبست، فقال الملاحون ان فيها عبداً آبقاً عن سيده، ولن تتحرك السفينة الا اذا أخرجوه منها، فأقترعوا لمعرفة العبد الآبق، وكانت القرعة تخرج دائماً على يونس فألقوا به في البحر، فابتلعه الحوت، وظل حبيساً في الظلمات، ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، وظلمة نفسه، إلى أن دعا الله، فاستجاب له وأنجاه، يقول تعالى: (( وذا النون إذ ذهب مغاضباً، فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا انت سبحانك إنى كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين ))
    ونحن بعد التنفيذ ذهبنا مغاضبين، لأن الله لم ينفذ ما نريد.. ولأننا ظننا أنه أخلف وعده لنا.. فقد كنا نضع له السناريو، ونطلب منه هو أن ينفذه، ولكنه جعل كيدنا في تضليل، وفجعنا بما لم يكن في حسباننا، وأنفذ السناريو الذي وضعه هو، لا الذي وضعناه نحن، فظهر في دواخلنا يونس، وذهب كل منا، وعلى التعميم، مغاضباً، فدخلنا بطن الحوت، لنعلم أنه يقدر علينا، ويقدر لنا، بأفضل مما نظن.. وكنا في ذهابنا مغاضبين طرائق عده، فمنا من أوغل بعيداً، ومنا من بدأ العودة من قريب، وكل ذلك حسب حال كل منا قبل التنفيذ من الإيمان ومن العلم والعمل.. وقد شفع ليونس وأنجاه من الغم أمران: أولهما، أنه كان قبل أن يبتلعه الحوت من المجتبين المسبحين.. (( فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )).. والامر الثانى، إستفادته من التجربة، واعترافه بظلمه، وعودته للتسليم لقدرة القادر، (( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا انت، سبحانك، انى كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين )).. فكانت النجاة النهائية باسم الله الاعظم "الله".. وكذلك الحال بالنسبة لنا، فقد دخلنا جميعاً بطن الحوت، وسنخرج جميعاً منه، على تفاوت بيننا في زمن الخروج.. وسيكون السبب الأول في خروجنا، هو الاجتباء، الذي دخلنا به الحرم الآمن، حرم الفكرة، فاصبحنا من المسبحين.. والسبب الثانى هو الفضل والاستفادة من التجربه، ونحن سيكتمل خروجنا، بالاسم الأعظم " الله " فضلاً ومنة: (( قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا، هو خير مما يجمعون )).. فأنا لا أخشى على أحد من عدم الخروج من بطن الحوت.. فكل من كان مؤمناً حتى وقت التنفيذ، هو من أهل بدر!! الحاله الوحيده التي أخشى فيها، هي أن يكون أحدهم مع الجماعة وهو ليس منها، أعنى ليس مؤمناً، ولكن كل من كان مؤمناً حتى لحظة التنفيذ، فليتخبط ما شاء، فانه داخل حرم العناية، وقد أحاطت به شبكة الرحمة الرحيمية، وهو لن يخرج منها مهما فعل، مصيره مصير يونس، سيلفظه الحوت، ويخرج من الظلمات وضيق السجن، الى النور، وباحات الحرية الواسعة.
    وما أرى إلا أن حركة الخروج من بطن الحوت قد بدأت منذ حين، وقد بدأت في البداية بطيئة جداً، ثم تسارعت والآن أرى الناس يتزاحمون في الخروج، ويتدافعون بالمناكب.
    والآن فلنعد إلى الحدث، وإلى خلفية الحدث، ونذكر أننا قلنا أن محور حديثنا هنا سوف يكون الحياة، لأنها وحدها هي الغاية.. والحدث مرتبط بالموت، فكيف ذلك!؟
    هنا أبدأ الحديث عن قضية المسيح المنتظر.. فهل نحن جماعة ليس عندها سوى إنتظار عودة المسيح المنتظر!؟ ربما كان هذا تصور بعض الأخوان والأخوات، واذا صح ذلك، فانه ظلم شنيع للفكرة.. بل هو يكاد يكون إنكاراً لوجودها، وتعامى عن حقها، وعن فضلها علينا.. أنا شخصياً، عندما بدأت إنتمائى لم اكن قد سمعت بأمر عودة المسيح، كقضية مرتبطة بالفكرة، ولم يكن لهذه القضية أى دور في التزامى.. ثم ظللنا ونحن داخل الفكرة وقضية عودة المسيح لا تشكل أى جزء من أدبياتنا.. والآن لنفرض - جدلاً - أن قضية المسيح لم تكن واردة!! فهل هذا يقدح في الحق الذي في الفكرة، ويجعلها غير جديرة بأن تلتزم!؟ إننى لا أجد على الاطلاق شبيه، من قريب، أو من بعيد، بالفكرة، كمذهبية، تعالج قضايا الوجود، وقضايا الحياة الاساسية، وتقدم الحلول المقنعة والعملية لها.. وانا إذا لم تكن قضية المسيح موجودة لا يسعنى إلا أن اكون جمهورياً، عن قناعة، وعن تذوق حقيقى للفضل الذي أنا فيه بفضل انتمائى لها..
    فعندما إلتزمت الفكرة، كان السبب الفكرى الذي قادنى إليها هو قضية التسيير والتخيير و التي هي في إعتقادى أم القضايا جميعها، وقد كنا ندرسها في الجامعة، ضمن دروس الفلسفة Problems of philosphy ، وضمن اللغة العربية، في دراسة حول المذاهب الفكرية الاسلامية.. وقد جعلتنا هذه الدراسة في حيرة وبلبلة شديدة، إلى أن قيض الله لى كتابى ـ ( الاسلام ) و ( اُسس دستور السودان )، ويلاحظ انهما من الكتب الصغيرة ـ التي لا تتناول قضية الجبر والاختيار بصورة مباشرة، ولكن رغم ذلك وجدت فيهما ضالتي.. وأدى ما ورد فيهما إلى تهدئة البلبله الذهنية والنفسية التي أثارتها دراسة الفلسفة للقضية المذكورة.. ثم ظللنا الى وقت طويل ونحن في مجتمع الفكرة، ليس لنا دراية بأمر عودة المسيح، ولا هي من الأدبيات المعلنة، ولا الأدبيات الداخليه - ربما يكون من سبقونا لهم علم بالأمر - ولكن الذين أتوا مؤخراً وقد تكامل إعلان الفكرة، وجدوا أن القضية مطروحة بصورة واضحة، في الطرح العام، وفى الثقافة الداخلية..وبالطبع هي قضية ليست قاصرة علينا، ولا هي قضية قاصرة حتى على الأديان الكتابية الثلاث، فانت تكاد تجدها في معظم الأديان الكبيره، بما فيها الاديان الهندية، وفى الاساطير..
    وبكتاب صمويل بيكيت "في إنتظار جودو" دخلت مجال الأدب.. ولكن العبرة بالفهم ووضوح الرؤية، وأنا لا أجد في هذا الصدد مجالاً للمقارنة بين الفكرة، وبين الافكار والفلسفات والأديان الأخرى.. فقضية المسيح في الفكرة هي جزء من بناء متكامل، يتناول جميع نواحى وقضايا الوجود الاساسية، وهي لا تنفصل عن نسيج هذا البناء.. كما أنها تقوم على مفهوم أساسى في فلسفة التطور التي تطرحها الفكرة، فهي تعبير عن رؤية الكمال الحضارى، والكمال الانسانى، الذي يفضى اليها هذا التطور.. فالرؤية متكاملة ومتماسكة، ومبنية على طرح فكرى واضح، وسند دينى بيّن، ويمكن لمن يعرف لغة التوحيد، إدراكها من خلال مؤشرات الواقع المعاش، واتجاه الحركة فيه.
    قبل التنفيذ لم تكن هنالك أى مشكلة بخصوص مفهوم عودة المسيح، فمن أين أتت المشكلة بعد التنفيذ!؟
    أتت المشكلة في تقديرى اساساً من:
    1- الربط بين شخص الأستاذ والموعود وفق تصورات معينة للظهور.
    2- غياب الموت عن الصورة، والارتباط العاطفى القوى بالأستاذ.
    3- تراخى الزمن..
    وجميع هذه الامور مرتبطة بتصور الأفراد للفكرة، ولقضية التوحيد، ولبعض الأقوال والمعارف المتداولة، وهي يختلف فيها الناس كثيراً.
    هل ما حدث كان منتظراً أن يحدث!؟ بالنسبة لى من المؤكد أنه لم يكن منتظراً.. وأعتقد أنه بالنسبة لكل الأخوان والأخوات، تقريباً، لم يكن منتظراً.. واذا وجدت حاله، أو بعض حالات قليلة، هي بخلاف ذلك، فهي تشكل استثناء.. ولكن لماذا كان الأمر كذلك!؟ هنالك عدة اعتبارات يمكن أن تذكر في هذا الصدد..
    أولاً: هنالك الارتباط العاطفى القوى بالأستاذ.. ذلك الارتباط الذي يجعل الموضوع مرفوض نفسياً، بصورة مبدئية، لا تسمح بمجرد الخواطر.. وأنا هنا اتكلم عن تجربتى الشخصية ولا اعتقد أنها مختلفة كثيراً عن الآخرين.. فقد سمعت كلاماً واضحاً في السبعينات عن ما أصطلحنا في ما بعد على تسميته بالتنفيذ.. قال الأستاذ: كل ما حدث للمسيح الاول تحدث صورة منه للمسيح الثانى.. بما في ذلك الصلب!! حاولت أنا شخصياً أن أعطى الأمر تفسيراً معنوياً، فتحدثت عن الصلب بمعنى حل التعارض بين العقل الواعى والعقل الباطن، أو شىء في هذا المعنى.. قال الأستاذ: لا.. الصلب الحسى.. ولقد انزعجت وقتها انزعاجاً شديداً، وأصبحت لا استطيع النوم المتواصل، وقد استمرت هذه الحاله لأكثر من شهر.. ثم نسيت!! نعم نسيت، وهذا أمر محير، وأعتقد أن له دلالة روحية إلى جانب الدلالة النفسية.. وأنا الآن استطيع أن اقول أننى لم انس، وانما أُنسيت!! وأعتقد أن الموقف كله كانت فيه حكمة تتعلق بانضاجنا روحياً وفكرياً وعاطفياً.. ولقد ظل الامر مرفوضاً عندى حتى بداية مساء 17 يناير 1985م.. وفى ذلك المساء تأكد لى التنفيذ.. وعندما تم التنفيذ وكنا بمنزل العم أحمد عمر بكوبر، ونسمع صوت المايكرفون، شعرت بسكينة حقيقية تتنزل على، وأعتقد أن هذا كان حال كل الأخوان والأخوات.
    الأمر الثانى، الذي يجعل ما حدث كان من غير المنتظر عندنا أن يحدث هو ضعف تصورنا لقضية الموت والحياة.. فرغم عمق معارفنا في الجوانب الأخرى، إلا ان معرفتنا في هذا الجانب، لم تكن تختلف كثيراً عن معرفة الآخرين.. هذا رغم أن الحديث ورد كثيراً في هذا الأمر، في الكتب وفى الأحاديث الخاصة، وفى بعض الحالات كان الحديث يذهب إلى عمق المسألة.. ولكن يبدو أننا لم نكن في مستوى استحقاق المعرفة.
    لقد كان الأستاذ، منذ أيام الخلوة في 1948م ينتظر "التنفيذ" وقد تحدث في ذلك للبعض، ومنهم المرحوم العم مختار على الشيخ.. فعندما صدر الحكم على الأستاذ قال مختار ان هذا الحكم سينفذ!! فقام عليه البعض يهاجمونه في قوله هذا.. فقال لهم: هذا ليس قولى وانما قاله لى الأستاذ محمود بنفسه، ففى احدى زياراتى له في خلوته قال لى أنه سيأتى يوم يعدم فيه.. وأنه في ذلك اليوم من يكون معنا يناله خير كثير، ومن لا يكون معنا هو الخاسر - شىء في هذا المعنى - قال مختار، قلت له: عليك الله يا أستاذ، وبحق العلاقة التي بيننا لا تنسانى في ذلك اليوم.
    وقد تحدث الأستاذ عن الموضوع عدة مرات، بعضها مباشر، وبعضها غير مباشر.. وورد الحديث في الكتب بصورة عرفانية.. وأعتقد أن أوضح ما قيل في هذا الصدد ما نقلته أنا، وما ورد في حديث الفداء، وما رواه إبن البان، وما نقلته بعض الأخوات خصوصاً سامية حجاز، بالاضافة إلى تفسير آيات (الله نور السموات والأرض)، وخطاب الأستاذ للشيخ على حمد.. ومما جاء في حديث ابن البان 29/3/1951م في الحديث عن اليوم الآخر، ساعة التعمير، جاء قول الأستاذ: "إن ذلك لا يجىء إلا حين تنتصر الحياة على الموت بتجربته واجتيازه".. (تجربته واجتيازه) هذه هي العبارة الأهم، والأكثر دلالة على الموضوع.. وفى تفسير أو تأويل (الله نور السموات والأرض) 15/9/1965م جاء قوله: "فإن البيوت أجساد العارفين.. وفى طليعتهم الانسان الكامل.. فإن جسد العارف أذن الله له أن يرفع من الأموات.. فهو إنما يجيء إلى هذه الدنيا من العالم الآخر.." أما خطاب الشيخ على حمد 23/7/1962م، فمما جاء فيه قول الأستاذ: "وفى قمة العبودية الخاصة خلق الله خلقاً بذاته، وليس بينه تبارك وتعالى، وبينهم واسطة.. فاذا أشعرهم، تبارك وتعالى، بذلك شعوراً يقينياً، في مرتبة حق اليقين، فقد خلع عليهم إسمه الحى.. فهؤلاء لا يكادون يموتون، ولا ينشرون، لأنهم قد خرجوا من أجسادهم، في حياتهم الدنيا، خروجاً يكاد يكون تاماً، ورفعوا الوسائط بينهم، وبينه، فأفاض عليهم الديمومة، والبقاء. وأعلى هؤلاء ينتقل، من جانب الحياة الدنيا، إلى الحياة العليا.. (الحياة الاخرى على مألوف التعبير) كما ينتقل المهاجر من بلد الى بلد بكليته..".. أرجو أن تلاحظ عبارة "فهؤلاء لا يكادون يموتون" لأن هنالك ما يشبه الموت، وهو ليس بموت حسب مألوف الناس عن الموت.. أو هنالك انتصار على الموت "بتجربته واجتيازه" حسب العبارة التي قيلت لابن البان "فالتنفيذ" هو هذه التجربة، وهو لا يكاد يكون موتاً لقد قيل لى في منام، وأنا أنظر الى عنق الاستاذ خشية أن يكون حبل المشنقة ترك بعض الأثر عليها، قال، حسب النص: "مافى حاجة حصلت.. الناس ديل ما عملوا أى حاجة.. الأمر كله لطف في لطف!!".. وغير ذلك كثير.. والأمر هو قمة التحقيق في العبودية، وهو قمة انتصار الحياة، التي قلنا أنها هي المحور الذي ينبغى أن يدور عليه حديثنا.. ولا سبيل لانتصار الحياة إلا اذا انتصرت على الموت.. وأمر بهذه الدقة، وبهذا العظم، ومخالف لمألوف الناس منذ أن كانت الحياة على الأرض، ليس بمستغرب أن يؤدى إلى فتنة البعض.. أقول مخالف لمألوف الناس، وأنا أعلم أن الناس قد ألفوا في بعض الحالات، عودة من ماتوا الى الحياة.. ولكن هذا الامر يختلف عن ذلك كثيراً.. الأمر ليس هو عودة للحياة بعد الموت، وإنما هو إنتصار على الموت، وشتان بين الامرين.. ولا أرى مجالاً للحديث عن الحقيقة العرفانية: الألوهية لا تكرر نفسها.. ليس هنالك تكرار وانما الامر واحد متصل.
    إهتم بعض الاخوان عندنا في رفاعة بسماع رواية د. محمد برعي ولكننى لم أجد في نفسى حاجة لسماعها.. و د. محمد برعي هو طبيب من أبناء رفاعة، كان يعمل بالمستشفى العسكرى، وأحضروه بالأمر لكى يقرر في الحالة بعد التنفيذ، وخلاصة ما ذكره للاخوان، أنه بعد إنزال الأستاذ من المشنقة كشف عليه، ووجد أن الموت لم يحدث، وخشى إن هو قال لهم ذلك أعادوه مرة أخرى إلى المشنقة، فقرر أن الموت قد حدث.. ثم هو شعر بتأنيب الضمير، وعاش في فترة قلق مزعجة، ظناً منه أنه تسبب في دفن إنسان حى.. ومنا من ذهب يستلهم حالة "البيات الشتوى".. ومنا من استخرج الحدث من نبوءات ابن عربى ونوستراداموس، وكل ذلك يمكن أن يكون معيناً، ولكن ألسنا نحن أولى بالأمر من إبن عربى!!
    إن الأمر، أمر توحيد وايمان، فمن قصر به توحيده ينبغى أن يسعفه إيمانه، وهذا هو الحال في كل معرفة.. وما ترك من الجهل شيئاً من ظن أنه يمكن إدراك جميع الاسرار.. واكثر منه جهلاً من ظن أن ما لا يعلمه هو فهو غير موجود.
    إن ما حدث من أمر "التنفيذ" له دلالات وأبعاد كثيرة، وأبعاد حكمته لا تستنفد، ولكن بالنسبة لنا، هو محك حقيقى لامتحان وتمحيص ايمان المؤمنين، كما هو تشميس لنا.. فنحن كجماعة، اكثر جماعة رخوة، عبر تاريخ الجماعات، ولعلنا الجماعة الوحيدة، التي تفديها قيادتها، والى حد كبير يرجع ذلك الى ان الوقت وقت الفضل.. والآن قد رفع عنا الظل وتركنا لنواجه حرارة الشمس، ولينمى كل منا حصيلته لمواجهة المرحلة الجديدة، مرحلة ما بعد "التنفيذ".. فالمرحلة الأولى، مرحلة ما قبل "التنفيذ" كان بها الدخول العام، فمن دخل فقد دخل في الفضل، وأخذ لونه الذي لا يحول "لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة، لا تبديل لكلمات الله، ذلك هو الفوز العظيم".. فالكل من أصحاب بدر.. أما المرحلة الثانية، مرحلة ما بعد "التنفيذ" فهي مرحلة تجربة وتمحيص لمن إجتازوا امتحان المرحلة الأولى، والفضل شامل. أن يذهب البعض مغاضباً، ويوغل بعيداً، وأن يشك البعض، ويظن أنه قد كذب، كل ذلك وارد، وموعود.. (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا).. وأنا لا أستبعد أن تحدث البعض أنفسهم، بأن الساحة قد خلت لهم، وأن الأمر أصبح أمرهم!! فنحن موعودون بكثيرين يدعون المقام، ولا يوجد ما يمنع أن يكون بعضهم من بيننا!! كنت أظن أصحاب الادعاء عادة يكونون من أصحاب التجربة في العبادة الذين يلبس عليهم.. ولكن بعد تجربة "الشايقى" تأكد لى خطأ ظنى هذا.. فكل صاحب نفس، مهما كان حظه من التجربة الدينية، أو عدم التجربة الدينية، يمكن أن يدعى، ويدعى أى مقام.. فنحن لنا أصلين، أصلنا الأول هو الله، وأصلنا الثانى التراب، ووجود الأصل الاول فينا يجعل الاستعداد للادعاء جاهز، ينتظر ما يثيره، حتى ولو خاطر، أو نفثة من نفثات الشيطان.. أما تجربة الآخر، فأمر محزن وخطير أشد الخطوره وهي تدل على أن قانون المعاوضه، قانون صارم.. كما تدل على أن النفس البشرية يمكن أن تدعى أرفع المقامات، وهي في أشد حالات هوانها وبعدها، أو ربما بسبب ذلك الهوان والبعد.
    خلاصة ما أريد أن أقوله هنا، هو ان الفكرة الجمهورية هي الاسلام، وهي خلاصة تجربة الحياة، وتجربة الفكر والدين على الارض.. وهي مذهبية متكاملة، تعالج جميع قضايا الوجود الاساسية، وتقدم لها الحلول، بصورة تقنع العقل ويطمئن لها القلب.. وهي الحق، ان كان هنالك مسيح ينتظر له أن يجىء، أو لم يكن.. ومفهوم المسيح في الفكرة ليس مفهوماً منبتاً، وانما هو تعبير عن الكمالات الانسانية التي تبشر بها الفكرة وترسم الطريق العلمى والعملى لتحقيقها.. ففى الفكرة جرثومة الإنسان الكامل في كل إنسان حتى ولو كان أبله، ومصير كل إنسان اليه.
    اننى أعتقد بجعلى منطلق الحوار هو 18 يناير 1985م الحدث، قد وضعت النقاط على الحروف، وأنا أعتقد أن الكثيرين يريدون أن يدخلوا من هذا الباب، لكنهم ظلوا يحومون حول الحمى..

    التيار الرئيسى:
    وردت عبارة هي من مفاتيح الحديث الذي دار في الحوار، وترجمة العبارة يمكن أن تكون: من أجل أن تتفادى أى جماعة دينية، وصف الطائفية cult عليها أن تعيش.. عليها أن تنال إعتراف جزء كبير من التيار الرئيسى..
    So, for a religious group to escape the description of "cult", it has to survive. It has to gain the recognition of a large part of the main stream.
    ولم يذكر لنا المتحدثون ماذا يعنون بالتيار الرئيسى!؟ ولذلك أنا هنا أفترض أنهم يعنون بالتيار الرئيسى، مجموع الناس الذين يمثلون الحضارة السائدة، وما تقوم عليه حياة هؤلاء من أفكار، ومفاهيم وقيم، تعطى الحياة القائمة لونها، وتوجه مسيرتها.. والحضارة السائدة بالطبع هي الحضارة الغربية.. وهذا التعريف الذي سأعتمده إلى أن يظهر لى أن المعنى كان خلافه.. وعلى ضوء هذا المعنى، أنا لا أوافق على العبارة في عمومها.. فالأفكار الثورية، لا تعمل على مسايرة الواقع الحضارى، أو نيل إعترافه، وانما هي تعمل على تغيير هذا الواقع، ليتوافق مع رؤاها هي، ولا أعتقد أن كلمة Recognition ، تعطى هذا المعنى.. فالعبارة حسب المعنى الذي أعطيته لها، تجعل الواقع الحضارى هو المعيار.. وما أراه، أن الفكرة هي المعيار الذي يقرر في أمر الواقع الحضارى.
    معلوم أن أى دعوة تغيير لا بد أن تتنزل لأرض الواقع. ونحن نقول الثورة الثقافية هي إلتقاء الفكر بالواقع من أجل تغييره.. الواقع المراد هنا هو طاقة الناس وحاجتهم.. ففى الواقع دائماً يوجد أمران: ما ينفع الناس، والزبد.. وما ينفع الناس هو التيار الرئيسى، ولكنه قد يكون مغطى بركام من الزبد يطغى عليه، والزبد دائماً يكون أعلى الماء، والفكر الذي يدعو إلى التغيير عليه أن يعرف ما ينفع الناس لينميه، ويعرف الزبد ليزيله من وجه الماء.. وفى المنعطفات التاريخية الكبيرة - ونحن الآن في اكبرها - يطغى الزبد بصورة حاسمة، وتنبهم الرؤية، ويحتاج الأمر إلى تدقيق شديد لمعرفة التيار الحى.. فالتيار الرئيسى ليس هو ما تمثله الأغلبية، ولا هو التيار الذي تكون له السيادة.. فالأغلبية قد تكون أغلبية الى نقصان، والسيادة قد تكون سيادة الى زوال.. ولكن التيار السائد الحقيقى، هو التيار الحى، الذي يملك مقومات الاستمرارية والانتشار في المستقبل، والذي يملك منذ الآن وعود المستقبل.. ومعرفة هذا التيار تقتضى معرفة اتجاه الحركة ومعرفة القيم التي تملك صلاحية الاستمرار.. فالحياة ليست هي الاعتراف، ولا هي السيادة.. الحياة الحية هي التي تستعصى على الموت بمعنى الفناء!! الحياة الإنسانية ليست هي مجرد العيش، وانما هي تتضمن العيش وتتجاوزه بكثير.. ولا بد من اعتبار بعدين: بعد حياة الفرد وقضاياه الوجودية.. وبعد حياة المجتمع وحاجاته المادية والمعنوية، والعنصر المشترك في البعدين هو الحرية.. والبعد الأول والأساسى - بعد حياة الفرد وقضاياه الوجودية - تكاد الحضارة الغربية لا تقدم فيه شىء اكثر من العيش، وهي بطبيعتها لا تملك أن تقدم أكثر من ذلك.. وهي قد إنصب جل إهتمامها على البعد الاجتماعى، وبسبب الانعكاسات لغياب البعد الأول، على البعد الثانى، هي لم تبلغ ولن تبلغ طائلاً.
    ماذا أريد كانسان اكثر من أن أنال تصوراً للكون يقتنع به عقلى وتطمئن له نفسى، وينسجم مع معطيات العلم المادى، ومع العرفان.. وأن أجد الفكر الذي يحل لى التناقضات الاساسية في الوجود، ويعطى المعنى للحياة، ويحدد الغايات والأهداف.. ويجعل كل ذلك في إطار الممكن عملياً.. ويجعلنى أتذوق طرفاً من وعوده الآن، ثم هو يجعل الأمل في الغد المشرق، لى وللانسانية جمعاء، نتيجة طبيعية للمقدمات التي يقدمها.. ماذا أريد اكثر من أن تكون أبواب المعرفة مشرعة امامى دائماً.. وكذلك أبواب الحياة، الحرة الكريمة، التي تتطلع إلى تجاوز كل صور الشر، وتتسامى على كل قيد.. أنا لم أجد غير الفكرة، ما يمكن أن يعطى ذلك أو يعد به، ولو من بعيد.. ولا أعتقد أننى قصرت في البحث، وإن كنت أساساً لست في حاجة إلى هذا البحث.. فقد وجدت ضالتي، فمن يجد منكم ما هو أفضل فليهدنى إليه، وأعده بأننى سأتعامل معه بجدية وسعة أفق..
    ولكن الآن دعونا من الحديث المنظم، ولندردش، دردشة غير منظمة.. كانت إحدى الأخوات تحمل إناء الطعام وهي تطارد طفلها لتطعمه.. والطفل يجرى منها وهو يضحك لاهياً.. ( يا محمد جننتنى، أقيف هاك دا.. أنا ما بقدر على المساككة دى ).. والطفل في جريه، وهي لا تزال تتابعه بإنائها.. ثم تعثر الطفل ووقع على الأرض، وأخذ يصرخ ويبكى.. فوضعت هي إناء الطعام جانباً، وحملته وقد إكتسى وجهها بعلامات الحزن، وأخذت تنفض عنه التراب، وتحاول إسكاته.. لكن لم يسكت.. انتابها شعور بأنها هي التي تسببت في وقوعه، فأخذت تهدهده، وهي تبكى في صمت إلى أن نام!!
    يقول اريك فروم إن حب الأم، هو الحب الحقيقى، لأنه من غير مقابل.. وما لا يعرفه فروم أن "أبونا" هو أكبر أم!! ولنقرأ الآن سطوراً من سفر الحياة، سفر الجمال..

    اللوحة الأولى:
    كنا قد حضرنا إلى كوستى لتونا، ونزلنا بمنزل الأستاذ.. وبسرعة مذهلة تجمع بعض الدراويش من أصدقاء الأستاذ بالمنزل.. ولا أحد يدرى كيف علموا بخبر حضوره بهذه السرعة.. وجلس الأستاذ على سرير وبعضهم حوله في نفس السرير، وأخذوا يتسامرون، ويحكى بعضهم مشاكله ونحن نتفرج.. ( يا شيخ محمود.. حمارتى البيضا، ما راحت!! ).. وكانوا يضحكون من قلوبهم كالأطفال، والأستاذ يضحك معهم، ومن وقت لآخر يمسح عينيه من الدموع.. وكان ود جاد الرب، يضحك ويضرب الأستاذ على ظهره ويقول لنا: الليلة أديت ليكم أستاذكم على رأسه!! فيضحك الأستاذ لقوله حتى تدمع عيناه!!

    اللوحة الثانية:
    منزل الأستاذ بالثورة، وكنا نجلس حول الأستاذ أمام الصالون، بعد المغرب.. حضر أحد الأصدقاء.. وبعد فتره من الحديث، شارك الضيف برواية حديث كان متداولاً بين الناس عن أحد الزعماء السياسيين،الذين كتبنا نحن عنهم.. وقد غضب الأستاذ لحديث الرجل، وزجره بصوره شديدة، لم نعهدها قبل ذلك.. وقال: لا يا أخ.. ما تقول كدا!! قال الرجل: دا ما قلته أنا، حتى جماعته يقولوه.. قال الأستاذ: ما تنقله عندنا.. وإذا مصر تقوله ما تجى عندنا تانى!! وكانت العبارات شديدة، وتنم عن غضب شديد، جعلتنا نشعر بخشية وكأننا إشتركنا في جريمة الكلام المنقول.. ثم سادت المجلس فترة صمت، إلى أن تحول الحديث إلى مجال آخر..

    اللوحة الثالثة:
    وهي كثيراً ما اكررها للأخوان.. كان قد توفى بالخرطوم بحرى المرحوم الجبر ناصر من أهلنا بالديم، وقد أُرسل للأستاذ، فذهب مع بعض الأخوان فحضروا مراسيم التجهيز والتشييع ورجعوا.. وكنا بعض أبناء الديم، لم نحضر الخبر.. وعندما ذهبنا للأستاذ بحجرته حكى لنا الصورة بالتفصيل.. وكان يحكى لنا حزن زوجة المرحوم، على زوجها، وكيف أنها كانت تبكى وتقول: (( يا ريته كان غلّط على يوم واحد!!)) وكان الأستاذ وهو يحكى لنا ذلك دموعه تجرى على خديه، وتنقط على مشمع أرضية الحجرة!! ألا ما أعظم دموع الرجال، عندما تكون تعبيراً عن حب الانسان، ومشاركة له في اتراحه، وأفراحه!!
    أتدرون ماذا قال الأستاذ عن أفضل ما في الوجود!؟
    قال: هو العواطف الانسانية ‍‍
    وليس من رأى كمن سمع.. ويا خيبة من رأى ولم يرى!!
    السؤال المحير هو: هل نحن لسنا مجانين بما يكفى!؟ أم ترانا كذلك ولا ندرى؟!

    لعل هذه الكتابة قد طالت، ولكن رغم التطويل ورغم ما هو مشترك بيننا، إلا أننى أشعر أن بعض القضايا لم تجد منى البيان الكافى.. ولكن ربما كانت لنا عودة فأرجو أن أتمكن من المواصلة.. وسوف يكون حديثى القادم محاولة لقراءة بعض المؤشرات في الحضارة القائمة، على ضوء التوحيد، وفى ارتباط بوعود الاسلام "الفكرة" المتمثلة في الوقت.. وعودة المسيح.. وقد حددت عنوانين للكتابة هما:

    1- ما أكثر الأنبياء.. ولكن!!
    2- قالت لى دولى Dolly !!

    ودمتم في حفظ الله ورعايته.. وحتى نلتقى لكم
    خالص الحب.

    (تاريخ الرسالة 1 أغسطس 1998)
                  

العنوان الكاتب Date
في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 12:40 PM
  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عاطف عمر04-16-16, 01:07 PM
    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 06:45 PM
      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين فقيرى جاويش طه04-16-16, 08:13 PM
        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 08:59 PM
          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 09:01 PM
            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 10:20 PM
              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-16-16, 10:24 PM
                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Elmoiz Abunura04-16-16, 10:51 PM
                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين أبوبكر بشير الخليفة04-17-16, 03:23 AM
                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-17-16, 09:44 AM
                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-17-16, 11:23 AM
                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-18-16, 10:27 AM
                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-21-16, 09:20 AM
                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-21-16, 09:57 AM
                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Kostawi04-21-16, 05:41 PM
                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-22-16, 09:43 AM
                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-22-16, 10:25 AM
                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين اميرة السيد04-22-16, 10:30 AM
                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-22-16, 11:43 AM
                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Kostawi04-23-16, 10:31 PM
                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:28 PM
                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 10:58 PM
                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:10 PM
                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:15 PM
                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-23-16, 11:25 PM
                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Kostawi04-24-16, 05:03 AM
                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-24-16, 08:57 AM
                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-24-16, 03:56 PM
                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-24-16, 04:51 PM
                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-25-16, 04:20 AM
                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 09:05 AM
                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 11:41 AM
                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 02:24 PM
                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:06 PM
                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:09 PM
                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:11 PM
                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:26 PM
                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 04:48 PM
                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-25-16, 05:42 PM
                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-25-16, 06:58 PM
                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-26-16, 05:42 AM
                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 01:07 PM
                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 09:13 PM
                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 09:23 PM
                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 11:28 PM
                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-26-16, 11:34 PM
                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:32 AM
                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:45 AM
                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:48 AM
                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:51 AM
                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 00:57 AM
                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-27-16, 05:38 AM
                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 10:10 AM
                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-27-16, 09:31 PM
                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-28-16, 10:20 AM
                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني04-29-16, 05:05 PM
                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين الشفيع وراق عبد الرحمن04-29-16, 06:39 PM
                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif04-29-16, 11:21 PM
                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-01-16, 12:48 PM
                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-02-16, 04:17 AM
                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Haydar Badawi Sadig05-02-16, 06:30 AM
                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-02-16, 05:32 PM
                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-03-16, 07:56 AM
                                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-03-16, 09:51 AM
                                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-03-16, 06:52 PM
                                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-03-16, 11:53 PM
                                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-05-16, 11:22 AM
                                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-07-16, 12:44 PM
                                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عاطف عمر05-07-16, 01:50 PM
                                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-09-16, 01:53 PM
                                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين عبدالله الشقليني05-13-16, 08:59 AM
                                                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif05-15-16, 10:03 PM
                                                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-23-16, 10:26 AM
                                                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-23-16, 11:04 AM
                                                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-26-16, 03:00 PM
                                                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif09-26-16, 03:22 PM
                                                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-11-16, 03:56 PM
                                                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-12-16, 05:23 PM
                                                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-15-16, 07:11 AM
                                                                                                                                                  Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-24-16, 11:23 PM
                                                                                                                                                    Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 06:09 AM
                                                                                                                                                      Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 07:02 AM
                                                                                                                                                        Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 07:35 AM
                                                                                                                                                          Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 08:17 AM
                                                                                                                                                            Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 09:38 AM
                                                                                                                                                              Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif10-25-16, 10:09 AM
                                                                                                                                                                Re: في سبيل إصلاح ذات البين بين الجمهوريين Yasir Elsharif11-01-16, 10:17 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de