مهنية الشرطة .. تجارب من الواقع.

Quote: قبل عدة اشهر .. وانا ذاهب للعمل صباحا وكعادة الخرطوم عند اقتراب مواعيد الدوام تتحول شوارعها الى ما يشبه سباقات الرالي .. عبرت اشاراتين من مكان سكني ثم انحرفت يمينا مع الثالثة متجها الى الشرق من تقاطع شارع اوماك مع الستين وبالقرب من شركة MTN كانت هنالك عربة خارج الطريق تتربص الدخول السريع من الناحية الجنوبية من اجل اللحاق بمنعطف يحيلها الى الاتجاه المعاكس وكنت انا على اقصى اليسار وعند اقترابي من MTN بامتار قليلة قرر سائق العربة الدخول بصورة مفاجئة واخذ المسار الايسر للانعطاف بصورة اسرع ، اي انه لم يترك لي مجالا لتفاديه هو على اليمين والفاصل الاسمنتي على يساري فاصطدم بالجانب الايمن لسيارتي ووقع الاصطدام بمقدمة سيارته على الباب الايمن والاطار الامامي لسيارتي وكان الاصطدام قويا لانه زاد من سرعته ليفلح في "سرقة" الطريق فانفجر الاطار وكانت بجانبي زوجتي ولكريم لطف الله بنا لم نصب باي اذى سوى بعض الالام الخفيفة لزوجي نتيجة الاهتزاز القوي .. تحكمت في السيارة حتى اوقفتها يمينا نزلت وحاولت فتح الباب الايمن فعصى علي فتحه فساعدني بعض المارة في فتحه وتبرعت سيدة فاضلة بارجاع زوجتي للبيت وحضر رجل المرور وشرع في اجراءاته وبعدها حضر اهل سائق العربة الاخرى واكتشفت انهم من معارفنا ووالدهم صديق لوالدي .. تبرعوا مشكورين بنقلي الى مكان عملي وتكفلوا بسحب العربة واتفقنا على الذهاب الى قسم المرور عند الساعة 12 ظهرا .. ذهبنا الى قسم المرور وهنا بدأت مسلسلات مارثوانية من التعسف .. بعد فتح البلاغ انتظرنا المتحري لقرابة الساعة وبعد حضوره قام بالتحري معنا .. بعد اكتمال التحري ذهبنا للمهندس المسئول عن تقييم ضرر الحادث وعلى الرغم انه اجراء سهل لا يأخذ وقتا لكن لابد ان تدس بعض الجنيهات في جيب "المهندس" ليكمل لك التقييم وربما تبرع باضافة ضرر اخر لم يكن في الحادث ولحسن ظني ظننت ان الاجراءات اكتملت وسأخذ التقييم واذهب لشركة التأمين ذهبت للضابط المناوب وسالت عن التقرير وكان اليوم هو الاربعاء فاخبرني التقرير لن يخرج قبل الاحد لعدم وجود "فورمات" .. قدمت له عدد من المبررات لكنها لم تشفع لي .. اوكلت امري لله وعدت اليهم يوم الاحد وكالعادة لا يوجد من يرشدك ان يمكن ان تكمل اجراءك في نهاية الامر وجدت احد المغلوبين على امرهم مثلي فدلني على مكتب القيودات .. دخلت الى المكتب فاذا هو محشو بعدد كبير من الملفات اشبه بمكاتب المدارس قديما عند جمع الكراسات .. تتناثر الاوراق في كل مكان وتفوح منه روائح "عطنة" .. سالني مسئول القيودات عن رقم بلاغي وامرني بدفع رسوم في استخراج تقرير في الخزينة .. دفعت الرسوم واحضرت اليه الايصال فحشره وسط البلاغ وامرني بالحضور غدا فاحتديت معه بان بلاغي منذ الاربعاء فرد بان البلاغ وصله اليوم وامامه تقارير كثيرة واعطاني محاضرة في احترام من هم قبلي في الاجراء ذهبت وانا ارى احد زملائه يدس له بلاغ مع شفرة "عليك الله معاك دا يا دفعة"!!.. استسلمت للامر وعدت اليهم يوم الاثنين فعلمت انه لم يحضر اصلا الى العمل لانه ذهب الى رئاسة الشرطة ولن يعود قبل نهاية الدوام .. حضرت في يوم الثلاثاء وكنت قد تأبطت شرا ودخلت مباشرة لمدير القسم وشرحت له كل الملابسات وكان شاب مهذب فذهب بنفسه معي الى مكتب القيودات واغلظ على المسئول في القول وامره بالاسراع في كتابة التقرير حالا .. تعلل ان بعض التقارير تكتبها زميلة له وربما كان تقريري معها وهي لم تحضر اليوم .. وعدني مدير القسم ان غدا سيكون الفاصل الاخير في هذه المسرحية السمجة .. وصدق في قوله عدت يوم الاربعاء واستلمت تقرير الحادث وانتهت المعركة الاولى لتبدأ معها معركة اخرى اشد شراسة مع شركات التأمين ..