|
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
نحو أفق جديد كسر الحلقة الشريرة (3) _________ قلنا في المقال السابق، أنه، وبالرغم من الجوانب الإيجابية الكثيرة لدور المجتمع الدولي في المشهد السياسي السوداني، إلا أننا، وفي حالات كثيرة، ننظر إلى هذا الدور، بإعتباره من ضمن مكونات الحلقة الشريرة. وإذا كنا نطرح كسر الحلقة الشريرة، على الصعيد الداخلي، بتوطين الحكم الديمقراطي ودحر التفكير الإنقلابي وإقتلاع جذور الحرب الأهلية، فإننا أيضا مطالبون بالنظر في دور المجتمع الدولي، في هذه الحلقة، والذي كثيرا ما يفاقم من ذات محتواها "الشرير". فماذا نعني بأن دور المجتمع الدولي يمكن أن يكون من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في بلادنا؟ أعتقد لن يختلف إثنان في أن تدخل المجتمع الدولي في المشهد السياسي الداخلي، لأي بلد، يأتي تعبيرا عن عدة عوامل، في مقدمتها، عجز القوى السياسية الوطنية عن معالجة أزمة الحكم وبناء الوطن، إضافة إلى سعي المجتمع الدولي لضمان مصالحه. وهذه العوامل تنعكس، بالضرورة، في الحلول والوصفات العلاجية التي يقدمها المجتمع الدولي لعلاج الأزمات المتفجرة في دول العالم الثالث. فالملاحظ في هذه الوصفات العلاجية، أنها دائما ما تنزلق إلى مهاوي الحلول المؤقتة والهشة والجزئية، والتي تخاطب الظاهر لا الجوهر. قدم المجتمع الدولي خدمات جليلة في العديد من مناطق العالم، سيراليون وساحل العاج ومالي وأفريقيا الوسطى والعراق وليبيا والسودان...الخ، وحقق نجاحات صفق لها الكثيرون. لكن تشظيات الأزمة في هذه البلدان ظلت كما هي، محدثة إنفجارات داوية من حين لآخر. بل وفي بلد كالصومال مثلا، إنتهينا بما يشبه إندثار الدولة. ما يمكننا إستنتاجه حول دور المجتمع الدولي في هذه المناطق، أنه لم يقدم حلولا جذرية لأزماتها، بل أضاف تعقيدات جديدة في واقعها السياسي. وما يحدث الآن في بلادنا، والتي صارت أزماتها مطروحة على بساط البحث والعلاج في دهاليز المجتمع الدولي، منذ أكثر من عقدين من الزمان، وهو لا يزال يصدر وصفاته العلاجية كأنها الوصفة الأولى، يؤكد ما ذهبنا إليه. لقد إستقبل الشعب السوداني، بفرح يشوبه القلق، فكرة التدخل الدولي في البلاد خاصة وأن "الروح بلغت الحلقوم"، وكان يظن خيرا في الحلول المطروحة/المفروضة بأنها ستوقف الحرب وتحقق التحول الديمقراطي والوفاق الوطني...، فماذا كانت النتيجة؟ وقطعا ما حدث من إنفصال وإعلان لجمهورية جنوب السودان، وما أعقب ذلك من حرب عاصفة دامية على الحدود بين الدولتين، ثم الحرب العبثية المدمرة في دولة الجنوب، ليس هو ما كان يتوقعه الشعب السوداني يوم سمع بأن منتجع نيفاشا تحوم في سمائه، وتعشعش في أرضه، أطياف المفكرين والمنظرين وعلماء السياسة وفض النزاعات الدوليين. أما الحدث المتكرر بصورة ممجوجة في مفاوضات أديس أبابا، فيؤكد فداحة ما تقودنا إليه الحلول المعلبة العابرة للقارات، حتى أن الذهن يجد صعوبة في إستبعاد وجود رؤية/مؤامرة محكمة تهدف إلى إعادة تشكيل السودان إلى دويلات على أساس المكون الإثني. وللأسف، هذه الرؤية/المؤامرة هناك من يتبناها داخل نظام الإنقاذ، إن لم يكن بوعيه فبممارساته، وما ذاك الطرح حول المثلث العروبي الإسلامي، والذي إشتهر بمثلث حمدي، ببعيد عن الأذهان. وبالمناسبة، نود التأكيد على أن حديثنا حول أمكانية أن يصبح دور المجتمع الدولي من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في بلادنا، لا يعني البتة إعتراضنا على ما ظل يساهم به المجتمع الدولي في حل أزمات بلادنا وبلدان العالم الثالث الأخرى. فنحن ندرك تماما موضوعية هذا الدور وهذه المساهمة في إطار علاقات العولمة التي لا فكاك منها في عالم اليوم. ولكننا في نفس الوقت نفرق، وبوعي تام، بين دور ومساهمة المجتمع الدولي، كظاهرة موضوعية حتمية، بل ومطلوبة، وبين محتوى الحلول المضمنة فيهما. ومن زاوية أخرى، نحن نتقبل ونتفهم تماما سعي المجتمع الدولي لتحقيق مصالحه في تجفيف منابع الإرهاب وضمان إنسياب المعاملات والحركة الإقتصادية. ولكن، ما نود قوله هنا، وبكل الحزم الممكن، أن مصالح المجتمع الدولي لا يمكن أن تكون على حساب مصالح شعوبنا. ومن هنا جاءت محاذيرنا بخطل أن يتعامل المجتمع الدولي وكأن الصراع في السودان ينحصر بين طرفين فقط، حتى ولو كانا هما الطرفين القويين في نظر علماء السياسة وبنوك التفكير المرتبطة بمراكز إتخاذ القرار في المجتمع الدولي. وفي محاولة لتعليل وشرح كيف أن دور المجتمع الدولي في المشهد السياسي السوداني أصبح من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في البلاد، نقول: أولا: جزئية وإنتقائية منهج الحل، وإنطلاقه من أفكار مسبقة يغلب عليها الطابع الأكاديمي وقوة المصلحة. وحتى عندما يقترب الحل المطروح من الشمول ومخاطبة كل التفاصيل، تهزمه آليات التنفيذ القاصرة، والتي مرة أخرى يسيطر عليها المنهج الجزئي والإنتقائي، فتحصر الحل في طرفين فقط، مثلما حدث في إتفاقية السلام الشامل. ثانيا: سيطرة فكرة أولوية الإستقرار على الحرية والديمقراطية، في تجاهل متعمد للعلاقة الجدلية بين الإثنين، وفي فرض معيار خاص لدول العالم الثالث يخفض من سقف طموحاتها المتطلعة للديمقراطية وحقوق الإنسان، وذلك إنطلاقا من فرضية أن هذه الدول غير مهيأة لإستقبال الديمقراطية كاملة، وأن مجتمعات العالم الثالث يكفيها انتخابات ذات مصداقية جزئية دون الإلتزام بمعايير الحرية والنزاهة والشفافية المتعارف عليها دوليا...! أنظر تجربة المجتمع الدولي في التعامل مع إنتخابات 2010 في السودان. أعتقد أن هذه الفرضية فيها قدر من النظرة الدونية تجاه هذه المجتمعات. ثالثا: وفي الحقيقة، فإن إتجاهات التفكير الجديدة، والمعبر عنها بفرضية أولوية الاستقرار على الديمقراطية وحقوق الإنسان، بدأت تتشكل في بعض مراكز المجتمع الدولي، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 المؤسفة. وبالطبع، سنكون مخطئين إذا تجاهلنا حقيقة أن التحركات الدولية تجاه السودان ظلت مرتبطة بالسياسات الآخذة في التبلور على الصعيد الدولي بعد تلك الأحداث، وارتباط نظام الإنقاذ أنذاك بأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، ومحاولاته المحمومة للإفلات من أي ضربة أمريكية محتملة، حتى وإن أدى ذلك لتفريطه في وحدة وسيادة البلاد. وكلنا يذكر، أنه بعد أحداث 11 سبتمبر وتعاون حكومة الإنقاذ مع الولايات المتحدة بأكثر مما كانت تتوقع في محاربة الإرهاب، شرعت تلك الدوائر الدولية في الاستعداد للعودة السودان، ضمن مشروعها للسيطرة على النفط الأفريقي من تشاد والبحيرات حتى انقولا. لهذا أصبح من مصلحتها البدء بأسبقية إيقاف الحرب واستقرار مناطق البترول في البلاد، وما عدا ذلك يأتي في مرتبة ثانية بما في ذلك التحول الديمقراطي. رابعا: من واقع السيناريوهات التي ظل يطرحها المجتمع الدولي لعلاج الأزمة العامة في بلادنا، تولد لدينا شعور قوي بأن المجتمع الدولي لم يعد معنيا بمفاهيم وتصورات الوحدة في إطار التنوع، وهو يغض الطرف عن القوة الكامنة التي تفرزها هذه المفاهيم والتصورات في خلق نظم ومؤسسات تستوعب الجميع وتحد من طغيان الصراع الإثني والديني. وبالمقابل، إزدادت شكوكنا حول أن المجتمع الدولي أصبح يدعم المشاريع المتطلعة إلى فكفكة الروابط التي تشدنا إلى البقاء تحت راية الوطن الواحد، في إستجابة هادئة، وتحرك حذر نحو تجسيد مفاهيم الشرق الأوسط الجديد، وإعادة رسم خارطة المنطقة. بعد كل هذا، ألا يحق لنا وصم بعض جوانب من دور ومساهمات المجتمع الدولي في التصدي لحل النزاعات في مناطق التوتر، وما يطرحه من حلول جزئية وهشة وسريعة الإنهيار، مسببة إنفجار الأوضاع مرة أخرى، ألا يحق لنا وصم كل ذلك بأنه من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في بلادنا؟! (نواصل). د. الشفيع خضر سعيد
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع خضر | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:10 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:11 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:12 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:13 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:14 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:49 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:52 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:57 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:53 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | صلاح عباس فقير | 11-07-15, 11:30 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:55 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | أحمد الشايقي | 11-07-15, 06:54 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | حمد عبد الغفار عمر | 11-07-15, 09:15 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | adil amin | 11-07-15, 11:36 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:16 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:05 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:58 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:18 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:19 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:20 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:21 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-07-15, 06:20 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-07-15, 06:29 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:27 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:29 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:30 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:30 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:31 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:32 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:33 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | adil amin | 11-08-15, 09:06 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-08-15, 01:36 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-10-15, 03:05 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Osman M Salih | 11-10-15, 08:20 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | سيف اليزل الماحي | 11-10-15, 09:16 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | اسامة الكاشف | 11-10-15, 11:29 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Osman M Salih | 11-10-15, 12:55 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | سيف اليزل الماحي | 11-10-15, 03:23 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:34 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-10-15, 04:59 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:36 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:31 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-15-15, 03:23 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-18-15, 04:54 AM |
|
|
|