|
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
نحو أفق جديد كسر الحلقة الشريرة (9) _________ النظرة الموضوعية، بعيدا عن حالات الإحباط المؤقت، لا يمكن أن تسقط خيار الانتفاضة ولا يمكن أن تشير إلى ضيق فرصها، مهما بدا على السطح من ركود الحركة وعدم تجاوبها العام مع هذه التظاهرة أو ذاك الحراك الجماهيري. أعتقد أن عددا من العوامل هي وراء حالات الإحباط واليأس الذاتي التي تصيب البعض، منها: الإصرار على تفكير بعينه حول التغيير، راسخ في أذهان العديد من القيادات، يفترض أن الانتفاضة والعصيان المدني سيتجسدان بنفس طريقة أكتوبر 1964 وأبريل 1985، فيصطدم هذا التفكير بحقيقة أن القوة الضاربة المنظمة التي حسمت معارك أكتوبر وأبريل، وفي مقدمتها النقابات والإتحادات المهنية والطلابية، هي اليوم إما غير موجودة أو ليست بتلك القوة التي كانت تتمتع بها آنذاك. أيضا، هنالك عامل القمع غير المسبوق الذي يجابه به النظام التحركات السلمية، فاتكا بحياة المئات من الشباب والصبية، وفق خطة محكمة، (الخطة ب أو plan B)!!، كما حدث إبان مظاهرات سبتمبر 2013، وتأكيد إستعداده، أي النظام، على إستخدام مليشياته في ردع أي تحرك، جماهيري سلمي، بقوة الرصاص الحي مهما كانت شعارات هذا التحرك. وهو ما نشهده بالفعل في كل التحركات، حتى المطلبية منها مثل الإحتجات المتعلقة بغياب الخدمات أو ضد سلب ملكية الأراضي. لكن، من أهم العوامل المحبطة، في تقديري، غياب المركز المعارض الموحد والملهم، الذي يعي الواقع ويستلهم الدروس من تجاربنا وتجارب الآخرين، فيبدع مداخلا جديدة للإنتفاضة، ويخطط، ومن ثم يقود. صحيح أن واقعنا الراهن يعج بالكثير من المؤشرات السالبة على قضية الإنتفاضة. فالحزب الحاكم يمسك منفردا، وبقوة على كل المفاصل في السياسة والإقتصاد والمجتمع، مخلفا: كبت الحريات، إحتكار وسائل الإعلام والتعبير، محاولة التحكم في الانشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية، وحتى في حياة الناس الخاصة، سيطرة قلة من خلصائه على الأموال وحركة السوق، التدهور التنموي والخدمي، العطالة والإنهيار القيمي، هجرة الأدمغة وسواعد البناء...الخ. لكن، إذا أمعنا النظر في كل هذه المؤشرات السالبة، سنجدها في ذات الوقت هي أيضا مؤشرات وبواعث الحراك نحو التغيير. فقط، علينا إدراك عدد من الحقائق، لا حول الواقع المعاش ومؤشراته فحسب، بل وحول تاكتيكاتنا للتعامل معه. أنظر مثلا، إلى واقع إنتقال قطاعات الشعب السوداني من مرحلة الاحتجاج الصامت إلى مرحلة إنتزاع الحق عبر الفعل الايجابي، المحدد والمنضبط، دون خوف أو وجل. وإذا إستذكرنا دروس التاريخ جيدا، سنجد هكذا تبدأ الثورات. فإذا كانت الجماهير الساخطة والمحتجة طلبا لماء الشرب أو الكهرباء أو حقها في الأرض أو العلاج أو الخبز أو مزيدا من الامان لأطفالها في طرق المرور السريع...الخ، إذا كانت هذه الجماهير، في هذه المرحلة من حراكها، تصر وتطالب بحضور المسئول أمامها ليستمع إلى مطالبها، فإنها، في المرحلة التالية، ومع إستمرار الغبن والعسف، ستطلب منه أن يرحل. إن هذا النوع من الاحتجاجات، في ظل حالة التآكل والانحلال التي تعيشها بنية نظام الإنقاذ، ومهما بدا وكأنه يبتعد عن السياسة، فسيصطدم بالسياسة عاجلا، فارضا نفسه في قمة تاكتيكات العمل السياسي الهادفة لإنقاذ البلاد وحمايتها من السقوط في الهاوية. إن الوقائع اليومية في السودان تقول إن الشعب ليس في حالة يأس وإستسلام، بقدر ما هو في حالة غليان داخلي يتصاعد بالتدريج. والشعب السوداني، وهو في حالته الراهنة، تمكن من تحقيق العديد من النجاحات. مثلا، إذا كان سقف مطالب أبناء الهامش في أزمان سابقة يتمثل في أن يكون الحاكم أو الوالي من أبناء المنطقة، وأن يتفضل المركز ببعض التحسينات والإصلاح في الخدمات المحلية، فإن سقف مطالبهم اليوم إرتفع لمناقشة إشتراكهم في حكم البلاد، وليس منطقتهم فقط، ومناقشة الاقتسام العادل للموارد والثروة. وهذا السقف الجديد، والعادل في نفس الوقت، ما كان من الممكن الوصول إليه لولا نضالات وتضحيات أبناء الهامش. وفي مناطق السدود، فرض أهل المنطقة أن يتم التفاوض مباشرة بينهم والحكومة، وذلك على أساس ما من قوة في الأرض يمكن أن تفرض قيام السد في منطقتهم دون موافقة جماهير المنطقة المتأثرة بالسد. وفي الخرطوم، ورغم ما ظل يواجهه الشباب من قمع لاحدود له، ورغم تجربة سبتمبر الدموية، فإن هولاء الشباب لا يتورعون عن معاودة الاحتشاد في وقفة احتجاجية لدعم هذه القضية أو تلك، حتى ولو كانت قضية تجفيف المستشفيات المركزية، أو قضية مصادرة المراكز الثقافية، أو حضور محاكمات قادة المعارضة. وهنا، لا يهمني أن يكون عدد الواقفين أكثر من ألف شخص أو أقل من عشرة أشخاص. فالمهم أن هناك جذوة متقدة ضد الظلم، والمهم هناك من يقف ويتصدى للدفاع عن قضايا الشعب بجسارة. والمهم إدراك أن الوصول بأي قضية إلى نهاياتها المنطقية، لن يتأتى من الضربة الأولى، وأنه رغم الهزائم والعثرات، سيتحقق فرض إرادة الشعب على الحكام. وهكذا، سيظل التحدي الرئيسي أمام الحركة السياسية السودانية هو كيفية تفجير طاقاتها لقيادة معارك تعبئة الحركة الجماهيرية واستنهاضها، إنطلاقا من المعارك المطلبية الملموسة، لتطوير هذه المعارك وهذا الحراك، في خط تصاعدي يؤدي إلى تغيير ميزان القوى لصالح التحول الديمقراطي، ومن ثم السير في مسار كسر الحلقة الشريرة. وإذا كانت سلطة الانقاذ تعمل بكل وسعها على الإستفادة من تناقضات الواقع السياسي في البلاد، بما في ذلك محاولتها لإتقان لعبة الحرب والسلام، فعلى الآخرين، في الضفة المقابلة، إتقان لعبة تعدد أوجه وأشكال المقاومة، بحيث نتجنب رمي كل جهودنا تجاه مسار واحد. لأنه في حالة عدم بلوغ هذا المسار غايات النجاح المرجوة، سيصاب بحالة الإحباط واليأس المضاعف. الشعب المصري، حجبت عنه، ولأكثر من أربعين عاما، إمكانية التغيير عبر المنافسة النزيهة الشريفة الشفافة في الانتخابات، فأصابه اليأس من هذه الإمكانية لكن لم يصبه اليأس من إمكانية التغيير حتى حققه وإنتصر له بإسلوب آخر. وفي نيكاراجوا، ذلك البلد الصغير في أمريكا الوسطى، كانت البلاد ترزح تحت نير حكم شمولي مطلق على رأسه ديكتاتور دموي يدعى إنستازيو سوموزوا، ظل يذيق شعبه الويل والأمرين. وكانت الجماهير المسحوقة تسعى لإختراق جدار الشمولية عبر عدة محاولات، في حركة صعود وهبوط، حتى تمكنت من تنظيم تحالف جبهوي واسع بإسم جبهة ثوار الساندينستا. خاضت جبهة الساندنيستا نضالا طويلا، سياسيا وعسكريا، حتى تمكنت من دحر الديكتاتورية ودخول عاصمة البلاد، ماناجوا في 19 يوليو 1979. وخرجت ملايين الشعب النيكاراجوي معبرة عن فرحتها بإنتصار الثورة. لكن بعد أقل من عامين من إنتصار الثورة، إندلعت حرب أهلية في البلاد عندما شنت مجموعات الكونترا، أي تحالف فلول النظام القديم والمجموعات المتضررة من سياسات نظام الساندنيستا، مدعومة بقوة من الولايات المتحدة الأمركية التي قالت آنذاك أنها لن تسمح بقيام كوبا جديدة في المنطقة، شنت حربا ضروس ضد نظام الساندنستا الجديد، ولم تتوقف الحرب إلا بعد مفاوضات مضنية كللت بإتفاق وقع بين الأطراف المتحاربة في أواخر الثمانينات. وبموجب ذلك الإتفاق، أجريت إنتخابات حرة حقيقية في فبراير 1990، وخسرتها جبهة الساندنستا التي كانت في الحكم! لم يرفض الساندنستا نتيجة الانتخابات، ولم يقولوا نحن الذين دحرنا الديكتاتورية وقدنا ثورة الشعب حتى الانتصار وبذلك نحن الأحق بالحكم، ولم يعودوا إلى حرب العصابات، بل إستمروا في المعارضة ومراجعة نهجهم عندما كانوا في الحكم، وظلوا ينظمون الجماهير الشعبية، ويخوضون الانتخابات التالية، ويخسرون!! إلى أن جاء العام 2006 حيث إنتخبهم الشعب وتبوأ قائد الجبهة، دانيال أورتيقا، منصب رئيس الجمهورية. (نواصل) د. الشفيع خضر سعيد
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع خضر | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:10 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:11 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:12 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:13 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:14 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:49 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:52 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:57 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:53 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | صلاح عباس فقير | 11-07-15, 11:30 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:55 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | أحمد الشايقي | 11-07-15, 06:54 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | حمد عبد الغفار عمر | 11-07-15, 09:15 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | adil amin | 11-07-15, 11:36 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:16 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:05 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:58 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:18 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:19 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:20 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:21 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-07-15, 06:20 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-07-15, 06:29 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:27 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:29 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:30 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:30 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:31 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:32 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:33 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | adil amin | 11-08-15, 09:06 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-08-15, 01:36 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-10-15, 03:05 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Osman M Salih | 11-10-15, 08:20 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | سيف اليزل الماحي | 11-10-15, 09:16 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | اسامة الكاشف | 11-10-15, 11:29 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Osman M Salih | 11-10-15, 12:55 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | سيف اليزل الماحي | 11-10-15, 03:23 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:34 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-10-15, 04:59 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:36 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:31 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-15-15, 03:23 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-18-15, 04:54 AM |
|
|
|