|
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
كسر الحلقة الشريرة (1) _________ ثورة أكتوبر 1964، وإنتفاضة أبريل 1985، انتجتا واقعا جديدا، تخلق وتشكل منذ الوهلة الأولى بشكل مباشر وملموس. عنوان الواقع الجديد كان الإنتقال من الشمولية الديكتاتورية إلى التعددية الديمقراطية، أو "بَلى وإنجلى" كما عبر عنه شاعر الشعب الراحل محجوب شريف. وطيلة فترة حكم الإنقاذ ظل الناس في انتظار تغيير مماثل ينجلي بموجبه "البَلى"، لكن لم تشفي غليلهم إنتفاضة هادرة، ولم يروا في الأفق تخلقا أو تشكلا مماثلا أفرزته أي من إتفاقيات نيفاشا أو أبوجا أو الدوحة أو القاهرة أو الشرق. وعن حق إلى حد بعيد، ظل النظام في نظر الناس هو نفس النظام، والمعاناة هي نفس المعاناة. ومع الإقرار بأن إتفاقية نيفاشا أنهت حربا أهلية مدمرة، ولم تمنع تجددها، فإن البعض يجزم أن سقف الإتفاقية الأعلى كان هو فصل الجنوب، وأن السقف الأعلى للإتفاقات الأخرى كان هو إعادة إقتسام كراسي السلطة، ناهيك عن الشعور بأن تلك الإتفاقات، جميعها، بدلا من أن توفر الأمان للوطن والمواطن، ربما وفرته لمنتهكي حقوق الإنسان ولشرائح الطفيلية الجديدة وأثرياء الحرب وسماسرة المجاعة وناهبي المال العام...! وفي الحقيقة ما كان من الممكن تطابق الواقع الناتج بعد ثورة أكتوبر أو إنتفاضة أبريل مع ما أتت به المفاوضات والاتفاقات في 2005. فالقاعدة واضحة: شكل ومحتوى الواقع الجديد، أي البديل، يحددهما أسلوب التغيير والإنتقال من الواقع القديم. فالطابع غير الجماهيري للتغيير، انقلاب مثلا، يعني قطع الطريق أمام الحراك الجماهيري مما يؤدي إلى سرقة أي انتفاضة محتملة، وإلى الوصاية ومصادرة الديمقراطية والرجوع إلى مربع الأزمة. والحلول التصالحية السطحية والتي لا تخاطب جوهر الأزمة، أو تقتصر مخاطبتها على الورق فقط دون التنفيذ، تعني أن النظام القديم سيشكل الجزء الأقوى في البديل الجديد، مما يعني أيضا الرجوع إلى مربع الأزمة. في حين أن الطابع الانتفاضي الجماهيري للتغيير يعني بدء السير في طريق خلق واقع أفضل لصالح طموحات هذه الجماهير. وهنا ينطرح سؤال هام: كيف برزت آلية الحل التفاوضي وصعدت إلى القمة في حين تعثر الطابع الإنتفاضي للتغيير؟ أعتقد الإجابة تكمن في: أولا، عجز الأحزاب والحركة الجماهيرية عن تفجير الانتفاضة نتيجة الضعف الملحوظ في نشاطها، غض النظر عن أسباب هذا الضعف، وفي نفس الوقت عجز الحكومة عن القضاء على المعارضة والحكم بإرتياح. هذا الوضع أدى إلى حالة من التوازن، توازن الضعف والإرهاق الذي تمكن من الصراع السياسي في البلاد والذي كانت نتيجته الركون إلى التفاوض. ثانيا، الثقل الدولي دفع بكل آلياته في السودان من أجل وقف الحرب وفرض الحل التفاوضي. ثالثا: التفاوض ومانتج عنه من إتفاقيات، ليسا فقط ثمرة الفعل العسكري في ميادين القتال بين الفصائل المسلحة، وتحديدا حركة الشعبية، والحكومة، أو نتيجة لجهود المجتمع الدولي وحدها، بل هما ثمرة الجهد الجماعي والإرادة الجماعية لكافة الأطراف: ميادين القتال، الفعل السياسي المعارض، المنظم والعفوي، مقاومة الشعب السوداني للحرب، ثقل المجتمع الدولي ومساهمات أصدقاء السودان دوليا وإقليميا. بالطبع، ومن البديهي، لم ولن يكن معيار نجاح أي منبر تفاوضي هو ما سيحققه هذا المنبر من مكاسب لأطراف التفاوض، وإنما في قدرته على فض حلقات الأزمة لصالح الشعب السوداني. ورغم إقرار قطاعات واسعة من الشعب السوداني بأن قضيتها الأولى هي وقف الحرب، وأن ما تم في منابر الإيقاد وأبوجا والدوحة والشرق خطوة هامة في هذا الإتجاه، فإن بعض هذه القطاعات الواسعة ظل يتهم منبر الإيقاد بأنه لا يرى في السودان سوى الحكومة والحركة الشعبية، لذلك جاءت بروتوكولات ماشاكوس تعبيرا عن الرؤى السياسية لهذين الفصيلين، في حين القضايا الأخرى ذات الصبغة القومية الشاملة جاءت كناتج ثانوي لهذه الرؤى. وأن منابر أبوجا والدوحة والشرق لم تتناول قضية دارفور وقضية التهميش في شرق السودان وفق المنظور السياسي القومي، بل إختزل الأمر في إتفاق فوقي حول تقسيم السلطة. وفي ذات الوجه فإن البعض لخص مفاوضات القاهرة بين التجمع والحكومة، رغم بنودها الثلاثة عشر التي تغطي معظم حلقات الأزمة السودانية، لخصها في إنها محاولة لزيادة نصيب إحزاب التجمع في كيكة السلطة! وغض النظر عن الإتفاق أو عدمه مع أي من هذه الرؤى، إلا أنها، في تقديري، تحتوي على بعض الجوانب الموضوعية التي ظلت تتوطد مع إزدياد تجاهل الدعوة إلى ضرورة التبني العملي لآليات الحل السياسي الشامل. من ناحية أخرى، فإن المفاوضات، في كل المنابر، كانت تحاط بسياج متين من التعتيم والسرية مما عمق الشعور بأن هذه المفاوضات ربما تسير وفق إرادة النخب السياسية وليس بإرادة الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية، وأنها تسير تحت ضغوط أجنبية مختلفة ومتباينة المصالح وليست ضغوط وإرادة شعب السودان، وأن ما يتم من تقرير في ما يخص حاضر ومستقبل البلاد، لن يكتب له الاستمرار، ولن يكتسب الشرعية بحكم الواقع أو بوضع اليد، ناهيك عن الاستدامة، لأنه يتم من وراء ظهر الأغلبية الساحقة من شعب السودان. يا ترى هل كان ذلك الشعور زائفا أم كان قراءة حقيقية لما هو متوقع وسيأتي؟. وحتى لا نتهم بالتهويل وحب المبالغة، فإن كل ما ذكرناه لن يعمينا عن حقيقة أن المحصلة النهائية للتفاوض، في كل تلك المنابر، وبغض النظر عن درجة رضانا عن تفاصيلها، حققت على الأقل أربعة إنتصارات رئيسية هي: أولا، وقف الحرب طويلة الأمد بين الجنوب والشمال، وإن لم تمنع تجددها، ولم تطوي صفحتها في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفور، ولم تنزع فتيل التوتر في البلاد. ثانيا، الاتفاقات شكلت اختراقا قويا في جدار الشمولية، كما فتحت كوة بشّرت، ولو على إستحياء، وغض النظر عن الإسراع بتضييق هذه الكوة، بإمكانية التحول الديمقراطي، وبتهية مناخ أفضل للصراع السياسي. ثالثا، تلبية بعض مطالب سكان مناطق التوتر. رابعا، التأكيد على فشل وهزيمة مشروع بناء الدولة السودانية على أساس آيديولوجي، أيا كانت هذه الآيديولوجية، أو على أساس تصور حزبي ضيق، أيا كان هذا الحزب. لا أعتقد بوجود خلاف حول أن المفاصل الرئيسية للأزمة في السودان تشمل: الديمقراطية (بما في ذلك قضية السلطة والحكم) والسلام والتنمية والوحدة في مقابل الإنفصال ودعوات حق تقرير المصير السابقة والمتوقعة..!. وأنه في كل لحظات التحول السابقة، إبان ثورة أكتوبر وإنتفاضة أبريل، كان التصدي لهذه المفاصل يسبق جهود وقف الحرب. ولكن هذه المرة، وعلى عكس كل المرات السابقة، فإن مخاطبة هذه المفاصل تأتي كناتج ثانوي لمسألة تصفية الحرب الأهلية. وفي ذات السياق، فإن إتجاه حركة الصراع السياسي ينطلق هذه المرة بقوة من الأطراف إلى المركز، وليس العكس كما كان سابقا، وإن كان هذا لا ينفي إمكانية الحراك من المركز. صحيح أن ثنائية الحرب والسلام تعتبر حلقة محورية في مفاصل الأزمة، لكنها حلقة واحدة ضمن عدة حلقات أخرى. فالسلام وحده لن يشبع الجوعى ويكسي العرايا ويعالج المرضى. فوقف الحرب في الجنوب لم يوقفها في دارفور، ولم يمنع إندلاعها في كوردفان والنيل الأزرق، كمل لم ينزع فتيلها في باقي البلاد. ومن ناحية أخرى، فإن الصراع السياسي في السودان ليس مجرد صراع حول السلطة بين المعارضة والحكومة، مثلما لا يمكن توهم حله بمجرد وقف القتال بين المتحاربين، أو بمجرد توقيع القوى المختلفة على ميثاق شامل!. لكن جوهر الصراع هو في الحقيقة حول إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة، القائمة على تقنين التعدد الاثني والديني والثقافي، والمرتكزة على أسس النظام الديمقراطي التعددي المدني، وعلى التنمية المتوازنة بين كل أطراف البلاد، وذلك في ظل نظام للحكم يحقق هذه الأهداف. هذا هو المدخل لتحقيق حلم كسر الحلقة الشريرة. ومن الواضح أن عدة عوامل تتحكم في هذا الموضوع منها: ميزان القوى في الصراع السياسي، آلية تحقيق البديل (فناتج الإنتفاضة ليس كناتج التفاوض). ومن ناحية أخرى فالحلم لايتحقق بضربة واحدة، وإنما عبر عدة مراحل. (نواصل) د. الشفيع خضر سعيد
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع خضر | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:10 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:11 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:12 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:13 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 04:14 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:49 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:52 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Kabar | 11-07-15, 08:57 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:53 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | صلاح عباس فقير | 11-07-15, 11:30 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:55 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | أحمد الشايقي | 11-07-15, 06:54 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | حمد عبد الغفار عمر | 11-07-15, 09:15 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | adil amin | 11-07-15, 11:36 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:16 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:05 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 11:58 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:18 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:19 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:20 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 12:21 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-07-15, 06:20 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-07-15, 06:29 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:27 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:29 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:30 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:30 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:31 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:32 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-07-15, 10:33 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | adil amin | 11-08-15, 09:06 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-08-15, 01:36 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-10-15, 03:05 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Osman M Salih | 11-10-15, 08:20 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | سيف اليزل الماحي | 11-10-15, 09:16 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | اسامة الكاشف | 11-10-15, 11:29 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | Osman M Salih | 11-10-15, 12:55 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | سيف اليزل الماحي | 11-10-15, 03:23 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:34 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | كمال عباس | 11-10-15, 04:59 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:36 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-11-15, 11:31 AM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-15-15, 03:23 PM |
Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع | بشرى محمد حامد الفكي | 11-18-15, 04:54 AM |
|
|
|