|
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات (Re: بله محمد الفاضل)
|
محمود درويش.. عكس التيار
----------------------
* وكيف تعاين تجربة الشاعر محمود درويش، الذي انطلق في بداياته من كيمياء شعرية عربية، تجمع بين: السياب وقباني والبياتي ثم حاوي وأدونيس، مروراً بتجارب متوسطية: لوركا، كفافيس، إيليتس، ريتسوس، فاسكو بوبا...إلخ وصولاً إلى بلورة صوت شعري خاص به، ومتجاوز فعلاً؟
** وحده محمود درويش بين شعراء الحداثة العرب الكبار، سار عكس التيار فعلاً. بمعنى أن بداياته الشعرية كانت متواضعة للغاية، أو فلنقل إنها كانت عمومية، يكتبها الجمهور لنفسه عبر محمود، أكثر مما يكتبها محمود لنفسه وللجمهور معاً.. ثم اختلفت قصيدته وتغايرت كلياً في ما بعد.
باختصار، قصيدته كانت هي القصيدة – القضية، وكانت قدراً عليه، وعلى كل الشعراء والمناضلين الفلسطينيين معه. لكن محمود عرف كيف يتخطّى هذه العقدة الضمنية، وبجدارة الشاعر القوي فيه، جاعلاً الرافعة السياسية، بالتالي، تتراجع أمامه لمصلحة إعلاء الصوت الشعري الخصوصي المستقل لديه. وكانت تلك «الشعرية النضالية الدرويشية»، هي سبب خلافي معه، وسبب كل السجالات التي دارت بيننا، في مطالع الثمانينيات من القرن الماضي في بيروت، وخصوصاً بعدما كتب هو في «السفير»، مُهاجماً شعر الشعراء الشباب في لبنان والعالم العربي، صارخاً وقتها صرخته الشهيرة: «أنقذونا من هذا الشعر». وكان الدرويش حينها، على ما أظن، قد ضاق ذرعاً بشعر الأغلب الأعم من الشباب العرب، ممن لم يعودوا يهجسون بالمضامين السياسية والنضالية التي كان هو يهجس بها.
كان سجال بيننا، أخذت فيه على محمود حينها خندقة الشعر في إيديولوجيا معينة، أو تعليبه في إطار مناصرة القضية الفلسطينية، التي كنت ولم أزل، في المقدمة من داعميها، والدفاع المستمر عنها، لأنها قضية حق وعدل ضد مغتصب ومحتل. لكن القضية شيء، والشعر شيء آخر، حتى وإن كتب الشاعر باستمرار بوحي منها، أو بوحي من أي قضية أخرى محقة وعادلة.
* ولكن يا بول، محمود درويش، ومنذ زمن طويل، وقبل أن يطلق نداءه في صحيفة «السفير» في الثمانينيات: «أنقذونا من هذا الشعر»، كان قد سبق له وأصدر نداء مشابهاً في العام 1969 تحت عنوان: «انقذونا من هذا الحب القاسي» نشرته مجلة «الجديد» في الأرض المحتلة، ركّز فيه على اتّباع المعايير الفنية لا السياسية وحدها في كتابة الشعر.. ما يعني أن الرجل كشاعر، كان واعياً لمسألة الإيديولوجي وغير الإيديولوجي في الشعر.. بماذا تعلق؟
** صحيح ما تقوله، لكنني كنت أعلّق وقتها على ندائه الذي أثاره عبر صحيفة «السفير» اللبنانية، وكنت أيضاً مهتماً كثيراً بما يكتبه وينشره من شعر، وما يصدر عن لقاءاته الصحافية، من أحكام ومعايير نقدية حول شعر الآخرين. لكن محمود وكشاعر كبير، كان لا يأبى إلا أن يفاجئ نفسه، وقبل أن يفاجئ الآخرين، بانقلابات شعرية ذاتية، تقطع كلياً مع كل ما سبق وسجلّه في خطّ مساره الشعري المنفتح على مجهول الابتكار. فعندما أصدر مجموعته الشعرية: «سرير الغريبة» في العام 1999، صدم محمود درويش المشهد الشعري الفلسطيني والعربي بأسلوبيته الجديدة. بدا وكأنه يكسر تاريخا مديداً من الكتابة داخل مناخ شعر الوطن والثورة والمقاومة، والذي اعتاد عليه جمهوره العريض، من فلسطينيين وعرب. حتى أن البعض نقم على محمود، بسبب هذا التحوّل الذي أحدثه من خلال «سرير الغريبة»، واعتبره خائناً لثوابته الوطنية، ووجدانه الفلسطيني الجمعي والنضالي. أما هو، فأمعن في تمرده الفني، وأخلص لنداء الشعرية الداخلي فيه، بمعزل عن ردود فعل قرائه ومحبيه. وهكذا جاءت مجموعته «سرير الغريبة» بمثابة ملحمة حب مفارقة في كل شيء، داخل فضاء تجربته، ذات المنحى الغنائي العام.
شخصياً، قرأت مجموعة «سرير الغريبة»، ولم أصدق للوهلة الأولى أنني أمام هذه النقلة الشعرية الهائلة التي حققها محمود درويش. بدا خلالها وكأنه شاعر جديد، غيره تماماً في جميع دواوينه السابقة. هكذا، وبالنقلة الشعرية التي أحدثها، من خلال ديوانه المفارق، بل أيقونته الشعرية المتوهجة: «سرير الغريبة»، أستطيع القول جازما،ً إن الدرويش تحوّل إلى ظاهرة شعرية عكسية بين رواد الشعر العربي الحديث. لقد بات بينهم بالفعل، هذا البادئ المتواضع، والرائد المتأخر.
* إذن، وحسب استنتاجك، شعراء من طراز: أدونيس والحاج، وحاوي، والماغوط، وحجازي، وصلاح عبد الصبور، وغيرهم.. كيف سيجري حكم القيمة النقدي عليهم؟ وما هو موقعهم في مسار حركية الإبداع الشعري العربي الحديث بمقاييس تجريبيات اليوم والغد؟.
** أولا،ً لنكن منصفين.. هؤلاء وغيرهم من شعراء عرب، رفدوا الشعرية العربية الحديثة بنَفَسٍ جديد، وبأفكار جديدة، استفدنا منها نحن كجيل شعري لاحق عليهم، وتحديداً شعراء السبعينيات. تعلّمنا منهم الجرأة، الرفض، المغامرة، القلق الوجودي، كسر التابوات وكل ما هو مفروض تاريخياً، بما في ذلك تقديس التراث وتوثينه. لكنهم لم يكملوا مشوار المثاقفة الشعرية والمعرفة النقدية والتقويمية المفتوحة على نتاج الشعراء الذين لحقوهم، عربياً وعالمياً. اكتفوا بتجاربهم هم، وأوقفوا حركة الشعر العربي الحديث عندهم.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-19-15, 08:17 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-20-15, 08:12 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-20-15, 08:14 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-20-15, 08:15 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-20-15, 08:16 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-20-15, 08:17 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | Elmosley | 09-20-15, 01:12 PM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-21-15, 02:37 PM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | osama elkhawad | 09-21-15, 08:35 PM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-27-15, 11:49 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | osama elkhawad | 09-28-15, 02:53 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | أبوبكر عباس | 09-28-15, 10:32 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-28-15, 12:07 PM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-28-15, 11:57 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | osama elkhawad | 09-28-15, 06:14 PM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | معتصم الطاهر | 09-29-15, 00:30 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-30-15, 09:15 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 09-30-15, 09:14 AM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | osama elkhawad | 09-30-15, 07:55 PM |
Re: شعراء اليوم بلا آباء ولا مرجعيات | بله محمد الفاضل | 11-03-15, 08:41 AM |
الشاعر كلب المدينة المفضل-هرمس | بله محمد الفاضل | 11-18-15, 05:25 PM |
"الوردية الثانية" | osama elkhawad | 11-19-15, 02:57 AM |
لماذا يمارس "الكُتَّاب العرب" الكتابة ك"وردية ثانية" | osama elkhawad | 11-20-15, 05:55 AM |
إمتاع النفس | بله محمد الفاضل | 11-21-15, 09:31 AM |
|
|
|