في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 00:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-14-2015, 09:35 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48584

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة (Re: معاوية الزبير)

    معاوية الزبير سلامات
    Quote: يستاهل ما يودعو زول، مصطفى سعيد دا زول كعب طبعا

    مصطفى سعيد قال عن نفسه أنه ما عنده أهل، عاش مع أمه بينما توفي أبوه وهو ما يزال في بطن أمه. الطيب صالح ترك هذه المنطقة كي يشترك القارئ في تخيلها. ومن يقرأ تاريخ السودان في تلك الفترة والحياة في الخرطوم في بداية القرن بعد هزيمة الدولة المهدية يمكنه أن يتصور.
    Quote:
    كلما ألقى الرواية دي قدامي بقرأ المشهد دا، نادرا ما تناول النقاد حياة مصطفى سعيد قبل مغادرة السودان، الطيب صالح زاتو اختصرها كتير وركّز على حياته بعد عودته
    عارف موضوعك هو موضوع القطر يا ياسر، لكن قلت في الأول أسجل موقف من الزول الوصف نفسو بكرة التنس تدق الحيطة وتجئ راجعة وشنو كدا مطفحة فوق الموية
    زول ما عندو إحساس ياخ.

    طبعا مصطفى صار إنسان بدون إحساس نتيجة مؤثرات معينة لم يذكرها الطيب صالح صراحة، وإنما وضعها بطريقة خفية في هذه السطور وما بين السطور. وذلك فيما يحكيه الراوي عندما اكتشف أن مصطفى سعيد يخفي خلفه شخصية إنسان آخر لم تكن معروفة للناس في القرية عند منحنى النيل. سأستعين بالألوان في الكلمات والعبارات التي أحب التركيز عليها وهي كما قلت متروكة لخيال القارئ. المهم هذه هي الفقرات التي أريد وضعها، مع استحضار ما قاله الموظف المتقاعد للراوي عما كان يقال عن أم مصطفى سعيد وأنها كانت من الأرقاء.


    بعد هذا بنحو أسبوع ، حدث شيء أذهلني . دعاني محجوب لمجلس شراب . وبينما نحن نسمر جاء مصطفى يكلم محجوباً في شأن من شؤون المشروع . دعاه محجوب أن يجلس فاعتذر ، ولكن محجوب حلف عليه بالطلاق . مرة أخرى لاحظت سحابة التبرم تنعقد ما بين عينيه ، ولكن جلس ، وعاد بسرعة إلى هدوئه الطبيعي . وناوله محجوب كأساً من الشراب ، فتردد برهة ثم أمسك بها ووضعها إلى جانبه ..
    دون أن يشرب منها . ومرة أخرى أقسم محجوب ، فشرب مصطفى . كنت أعرف محجوباً متهوراً ، فخطر لي أن أمنعه عن مضايقة الرجل ، إذ من الواضح أنه غير راغب في الجلسة أصلاً . لكن خاطراً آخر هجس في ذهني ، فتوقفت . شرب مصطفى الكأس الأولى باشمئزاز واضح ، شربها بسرعة ، كأنها دواء مقيت . لكنه لما وصل إلى الكأس الثالثة ، أخذ يبطئ ويمص الشراب مصاً ، بلذة . حينئذ ارتخت عضلات وجهه ، وغاب التوتر في أركان فمه ، وأصبحت عيناه حالمتين ناعستين ، أكثر من ذي قبل . القوة التي تحسها في رأسه وجبهته وأنفه ، ضاعت تماماً في الضعف الذي سال ، مع الشراب ، على عينه وفمه . وشرب مصطفى كأساً رابعة ، وكأساً خامسة . لم يعد في حاجة إلى تشجيع ، لكن محجوباً كان يحلف بالطلاق على أي حال . دفن مصطفى قامته في المقعد ، ومدد رجليه . وأمسك الكأس بكلتا يديه ، وسرجت عيناه ، كما خيل لي ، في آفاق بعيدة ، ثم ، فجأة سمعته يتلو شعراً إنكليزياً ، بصوت واضح ونطق سليم . قرأ قصيدة وجدتها فيما بعد بين قصائد عن الحرب العالمية الأولى :
    ( هؤلاء نساء فلاندرز ينتظرن الضائعين ،
    ينتظرن الضائعين الذين أبداً لن يغادروا الميناء ،
    ينتظرن الضائعين الذين أبداً لن يجيء بهم القطار ،
    إلى أحضان هؤلاء النسوة ، ذوات الوجوه الميتة ،
    ينتظرن الضائعين ،
    الذين يرقدون موتى في الخندق والحاجز والطين في ظلام الليل .
    هذه محطة تشارنغ كروس . الساعة جاوزت الواحدة .
    ثمة ضوء ضئيل
    ثمة ألم عظيم ) .
    وبعد ذلك تأوه ، وهو لا يزال ممسكاً بالكأس بين يديه وعيناه سارحتان ، في آفاق داخل نفسه .
    أقول لكم ، لو أن عفريتاً انشقت عنه الأرض فجأة ، ووقف أمامي ، عيناه تقدحان اللهب ، لما ذعرت أكثر مما ذعرت . وخامرني ، بغتة ، شعور فظيع ، شيء مثل الكابوس ، كأننا نحن الرجال المجتمعين في تلك الغرفة ، لم نكن حقيقة ، إنما وهماً من الأوهام . وقفزت ، ووقفت فوق الرجل ، وصحت فيه : ( ما هذا الذي تقول ؟ ما هذا الذي تقول ؟ ) نظر إلي نظرة جامدة ، لا أدري كيف أصفها ، لكن لعلها كانت خليطاً من الاحتقار والضيق . ودفعني بعنف بيده ، ثم هب واقفاً ، وخرج من الغرفة في خطوات ثابتة ، مرفوع الرأس ، كأنه شيء ميكانيكي . كان محجوب مشغول يضحك مع بقية من في المجلس ، فلم ينتبه لما حدث .
    ذهبت إليه ثاني يوم في حقله ، فوجدته مكباً يحفر الأرض حول شجرة ليمون . كان مرتدياً سروالاً من الكاكي قصيراً ..
    متسخاً ، وقميصاً من الدبلان يصل إلى ركبتيه ، وعلى وجهه بقع من الطين . حياني بأدبه الجم كعادته وقال لي : ( بعض فروع هذه الشجرة تثمر ليموناً ، وبعضها يثمر برتقالاً ) . فقلت له بالإنجليزي ، عمداً : ( شيء مدهش ) . فنظر إلي مستغرباً وقال : ( ماذا ؟ ) فأعدت الجملة . ضحك وقال لي : ( هل أنستك إقامتك الطويلة في إنجلترا العربي ، أم تحسب أننا خواجات ؟ ) قلت له : ( لكنك ليلة أمس قرأت الشعر باللغة الإنجليزية ) .
    غاظني صمته . فقلت له : ( من الواضح أنك شخص آخر غير ما تزعم . من الخير أن تقول لي الحقيقة ) . لم يبد عليه أي تأثر بالتهديد الذي ضمنته كلامي ، ومضى يحفر حول الشجرة . ولما فرغ من حفره ، قال وهو ينفض الطين عن يديه دون أن ينظر إلي : ( لا أدري ما ذا قلت وماذا فعلت في الليلة الماضية . السكران لا يؤاخذ على كلامه . إذا كنت قلت شيئاً ، فهو كخترفة النائم ، أو هذيان المحموم . ليست له قيمة . أنا هو هذه الشخص الذي أمامك ، كما يعرفه كل أحد في البلد . لست خلاف ذلك ، وليس عندي شيء أخفيه ) .
    ذهبت إلى البيت ، ورأسي يضج بالأفكار . أنا واثق أن وراء ( مصطفى ) قصة ، أو شيئاً لا يود أن يبوح به . هل خانتني أذناي ليلة البارحة ؟ الشعر الإنجليزي الذي قرأه ،
    كان حقيقة . لم أكن سكران ، ولم أكن نائماً ، وصورته وهو جالس في ذلك المقعد ، ممداً رجليه ، ممسكاً بالكأس بكلتا يديه ، صورة واضحة لا مراء فيها . هل أحدث أبي ؟ هل أقول لمحجوب ؟ لعل الرجل قتل أحداً في مكان ما وفر من السجن ؟ لعله .. لكن أية أسرار في هذا البلد ؟ لعله فقد ذاكرته ؟ يقال أن بعض الناس يصابون ( بالامنيزيا ) إثر حادث . وأخيراً قررت أن أمهله يومين أو ثلاثة ، فإذا لم يأتني بالحقيقة ، كان لي معه شأن آخر .
    لم يطل انتظاري ، فقد جاءني مصطفى عشية ذلك اليوم . وجد أبي وأخوي أيضاً ، فقال أنه يريد أن يحدثني على إنفراد . قمت معه ، فقال لي : ( هل تحضر إلى بيتي مساء غد ؟ أريد أن أتحدث إليك ) . ولما عدت سألني أبي : ( ماذا يريد مصطفى ؟ ) فقلت له أنه يريد أن أفسر له عقداً بملكية أرض له في الخرطوم .
    رحت إليه عند المغيب ، فوجدته وحده ، أمامه آنية شاي . عرض علي الشاي فأبيت ، فقد كنت في الحقيقة أتعجل سماع القصة . لابد أنه قرر أن يقول الحقيقة . أعطاني سيجارة فقبلتها .
    تفرست في وجهه وهو ينفث الدخان ببطء ، فبدأ هادئاً قوياً . أبعدت الفكرة ، وأنا أنظر في وجهه ، أن يكون قاتلاً . إستعمال العنف يترك أثراً في الوجه لا تخطئه العين .
    إما أنه فقد ذاكرته ، فهذا محتمل . وأخيراً بدأ مصطفى يتحدث ، ورأيت الطيف الساخر حول عينيه أوضح من أي وقت رأيته فيه . شيء محسوس ، كأنه لمع البرق .
    ( سأقول لك كلاماً لم أقله لأحد من قبل . لم أجد سبباً لذلك قبل الآن . قررت هذا حتى لا يجمح خيالك ، وأنت درست الشعر ) . ضحك حتى يخفف حدة الاحتقار التي بدت في صوته وهو يقول هذا .
    ( خفت أن تذهب وتتحدث إلى الآخرين . تقول لهم أنني لست الرجل الذي أزعم . فيحدث .. يحدث بعض الحرج ، لي ولهم . لذا فإن لي عندك رجاء واحداً . أن تعدني بشرفك ، أن تقسم لي بأنك لن تبوح لمخلوق بشيء مما سأحدثك به الليلة ) .
    ( هذا يعتمد على ما ستقوله لي . كيف أعدك وأنا لا أعلم عنك شيئاً ؟ ) .
    فقال : ( إنني أقسم لك بأن شيئاً مما سأقوله لك لن يؤثر على وجودي في هذا البلد . إنني رجل في كامل عقلي ، مسالم ، لا أحب لهذا البلد وأهله إلا الخير ) .
    لا أكتمك أنني ترددت . لكن اللحظة كانت مشحونة بالاحتمالات ، وكان فضولي عارماً ليس له حد . خلاصة القول أنني وعدت وأقسمت ، فدفع مصطفى إلي برزمة أوراق وأومأ لي أن أنظر فيها فتحت ورقة فإذا هي وثيقة ميلاده .
    مصطفى سعيد ، من مواليد الخرطوم ، 16 أغسطس عام 1898 .. الأب متوفي ، الأم فاطمة عبدالصادق ، فتحت بعد ذلك جواز سفره ، الإسم ، المولد ، البلد ، كما في شهادة الميلاد . المهنة ( طالب ) . تاريخ صدور الجواز عام 1916 في القاهرة وجدد في لندن عام 1926 . كان ثمة جواز سفر آخر ، انكليزي ، صدر في لندن عام 1929 . قلبت صفحاته فإذا أختام كثيرة ، فرنسية وألمانية وصينية ودنماركية . كل هذا شحذ خيالي بشكل لا يوصف ، فلم أستطع المضي في تقليب صفحات جواز السفر ، وانصرف ذهني عن بقية الأوراق . ولابد أن وجهي كان مشحوناً بالترقيب حين نظرت إليه . مضى مصطفى ينفث في دخان سيجارته برهة ، ثم قال :
    إنها قصة طويلة . لكنني لن أقول لك كل شيء . وبعض التفاصيل لن تهمك كثيراً ، وبعضها .. المهم أنني كما ترى ولدت في الخرطوم . نشأت يتيماً ، فقد مات أبي قبل أن أولد ببضعة أشهر ، لكنه ترك لنا ما يستر الحال . كان يعمل في تجارة الجمال . لم يكن لي أخوة ، فلم تكن الحياة عسيرة عليَّ وعلى أمي . حين أرجع الآن بذاكرتي ، أراها بوضوح ، شفتاها الرقيقتان مطبقتان في حزم ، وعلى وجهها شيء مثل القناع . لا أدري . قناع كثيف ، كأن وجهها صفحة بحر ، هل تفهم ؟ ليس له لون واحد بل ألوان متعددة ، تظهر وتغيب وتتمازج . لم يكن لنا أهل . كنا ، أنا وهي ، أهلاً بعضنا لبعض . كانت كأنها شخص غريب جمعتني به الظروف صدفة في الطريق . لعلني كنت مخلوقاً غريباً ، أو لعل أمي كانت غريبة . لا أدري . لم نكن نتحدث كثيراً ، وكنت ، ولعلك تعجب ، أحس إحساساً دافئاً بأنني حر ، بأنه ليس ثمة مخلوق أب أو أم ، يربطني كالوتد إلى بقعة معينة ومحيط معين . كنت ..
    أقرأ وأنام ، أخرج وأدخل ، ألعب خارج البيت ، أتسكع في الشوارع ، ليس ثمة أحد يأمرني أو ينهاني . إلا أنني منذ صغري ، كنت أحس بأنني .. أنني مختلف . أقصد أنني لست كبقية الأطفال في سني ، لا أتأثر بشيء لا أبكي إذا ضربت ، لا أفرح إذا أثني عليَّ المدرس في الفصل ، لا أتألم لما يتألم له الباقون . كنت مثل شيء مكور من المطاط ، تلقيه في الماء فلا يبتل ، ترميه على الأرض فيقفز . كان ذلك الوقت أول عهدنا بالمدارس أذكر الآن الناس كانوا غير راغبين فيها . كانت الحكومة تبعث أعوانها يجوبون البلاد والأحياء ، فيخفي الناس أبناءهم . كانوا يظنونها شراً عظيماً جاءهم مع جيوش الإحتلال . كنت ألعب مع الصبية خارج دارنا ، فجاء رجل على فرس ، في زي رسمي ووقف فوقنا . جرى الصبية ، وبقيت أنظر إلى الفرس وإلى الرجل فوقه . سألني عن اسمي فأخبرته . قال لي كم عمرك ، فقلت له لا أدري . قال لي : ( هل تحب أن تتعلم في المدرسة ؟ ) قلت له : ( ما هي المدرسة ؟) فقال لي : ( بناء جميل من الحجر وسط حديقة كبيرة على شاطئ النيل . يدق الجرس وتدخل الفصل مع التلاميذ . تتعلم القراءة والكتابة والحساب ) . قلت للرجل : ( هل ألبس عمامة كهذه ؟ ) وأشرت إلى شيء كالقبة فوق رأسه . فضحك الرجل وقال لي : ( هذه ليست عمامة . هذه برنيطة . قبعة ) . وترجل من على فرسه ووضعها فوق رأسي فغاب وجهي كله فيها . ثم قال الرجل : ( حين تكبر ، وتخرج ..
    (25)
    من المدرسة ، وتصير موظفاً في الحكومة ، تلبس قبعة كهذه ) قلت للرجل : ( أذهب للمدرسة ) . أردفني الرجل خلفه فوق الحصان ، وحملني إلى مكان ، كما وصفه ، من الحجر ، على ضفة النيل ، تحيط به أشجار وأزهار . ودخلنا على رجل ذي لحية ، يلبس جبة ، فقام وربت على رأسي ، وقال لي : ( لكن أي أبوك ؟ ) فقلت له أن أبي ميت . فقال لي : ( من ولي أمرك ؟ ) قلت له : ( أريد أن أدخل المدرسة ) . نظر إلي الرجل بعطف ، ثم قيدوا اسمي في سجل ، وسألوني كم عمري فقلت لهم لا أدري . وفجأة دق الجرس . فررت منهم ، ودخلت إحدى الحجرات فجاء الرجلان وساقاني إلى حجرة أخرى وأجلساني في مقعد بين صبية آخرين عدت إلى أمي في الظهر فسألتني أي كنت ، فحكيت لها القصة . نظرت إلي برهة نظرة غامضة ، كأنها أرادت أن تضمني إلى صدرها . فقد رأيت وجهها يصفو برهة ، وعينيها تلمعان ، وشفتيها تفتران كأنها تريد أن تبتسم ، أو تقول شيئاً . لكنها لم تقل شيئاً . وكانت تلك نقطة تحول في حياتي . كان ذلك أول قرار اتخذته ، بمحض إرادتي .
    إنني لا أطلب منك أن تصدق ما أقوله لك . لك أن تعجب وأن تشك . أنت حر . هذه وقائع مضى عليها وقت طويل ، وهي كما ترى الآن ، لا قيمة لها . أقولها لك لأنها تحضرني ، لأن الحوادث بعضها يذكر بالبعض الآخر .
    المهم أنني انصرفت بكل طاقاتي لتلك الحياة الجديدة .
    وسرعان ما اكتشفت في عقلي مقدرة عجيبة على الحفظ والاستيعاب والفهم . أقرأ الكتاب فيرسخ جملة في ذهني . ما ألبث أن أركز عقلي في مشكلة الحساب حتى تتفتح لي مغالقها ، تذوب بين يدي كأنها قطعة ملح وضعتها في الماء . تعلمت الكتابة في أسبوعين ، وانطلقت بعد ذلك لا ألوي على شيء . عقلي كأنه مدية حادة ، تقطع في برود وفعالية . لم أُبال بدهشة المعلمين وإعجاب رفقائي أو حسدهم . كان المعلمون ينظرون إليَّ كأنني معجزة ، وبدأ التلاميذ يطلبون ودي . لكنني كنت مشغولاً بهذه الآلة العجيبة التي أتيحت لي . وكنت بارداً كحقل جليد ، لا يوجد في العالم شيء يهزني . طويت المرحلة الأولى في عامين ، وفي المدرسة الوسطى اكتشفت ألغازاً أخرى ، منها اللغة الإنكليزية فمضى عقلي يعض ويقطع كأسنان محراث . الكلمات والجميل تتراءى لي كأنها معادلات رياضية ، والجبر والهندسة كأنها أبيات شعر . العالم الواسع أراه في دروس الجغرافيا ، كأنه رقعة شطرنج . كانت المرحلة الوسطى أقصى غاية يصل إليها المرء في التعليم تلك الأيام . وبعد ثلاثة أعوام ، قال لي ناظر المدرسة ، وكان إنكليزياً : ( هذه البلد لا تتسع لذهنك ، فسافر . إذهب إلى مصر أو لبنان أو إنكلترا . ليس عندنا شيء نعطيك إياه بعد الآن ) . قلت له على الفور : ( أريد أن أذهب إلى القاهرة ) . فهل لي ، فيما بعد ، السفر ، والدخول مجاناً
    في مدرسة ثانوية في القاهرة ، ومنحة دراسية من الحكومة . وهذه حقيقة في حياتي ، كيف قيضت الصدف لي قوماً ساعدوني وأخذوا بيدي في كل مرحلة ، قوماً لم أكن أحس تجاههم بأي إحساس بالجميل . كنت أتقبل مساعداتهم ، كأنها واجب يقومون به نحوي .
    حين أخبرني ناظر المدرسة بأن كل شيء أُعد لسفري للقاهرة ، ذهبت إلى أمي وحدثتها . نظرت إلي مرة أخرى ، تلك النظرة الغريبة افترت شفتاها لحظة كأنها تريد أن تبتسم ثم أطبقتهما ، وعاد كعهده ، قناعاً كثيفاً ، بل مجموعة أقنعة ، ثم غابت قليلاً ، وجاءت بصرة وضعتها في يدي ، وقالت لي : ( لو أن أباك عاش ، لما اختار لك غير ما اخترته لنفسك . افعل ما تشاء . سافر . أو ابقَ ، أنت وشأنك . إنها حياتك ، وأنت حر فيها . في هذه الصرة ما تستعين به ) .
                  

العنوان الكاتب Date
في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 03:09 AM
  Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 03:35 AM
    Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة سيف النصر محي الدين08-13-15, 03:54 AM
      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة خالد العبيد08-13-15, 04:28 AM
      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 04:29 AM
        Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 04:37 AM
          Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة اسامه العريفي08-13-15, 06:35 AM
            Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة عبدالحفيظ ابوسن08-13-15, 06:42 AM
              Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-13-15, 06:58 AM
              Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة محمد المرتضى حامد08-13-15, 07:14 AM
                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-13-15, 07:32 AM
                  Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة عبدالحفيظ ابوسن08-13-15, 07:49 AM
                    Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة جلالدونا08-13-15, 08:23 AM
                      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-13-15, 08:27 AM
                        Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 09:21 AM
                          Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 09:37 AM
                        Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة أبوبكر عباس08-13-15, 09:32 AM
                          Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 09:52 AM
                            Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 10:23 AM
                              Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 10:50 AM
                                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة يحي قباني08-13-15, 03:17 PM
                              Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة ابراهيم حموده08-13-15, 10:51 AM
                                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة عبد العزيز محمد عمر08-13-15, 11:15 AM
                                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة willeim andrea08-13-15, 11:19 AM
                                  Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 03:04 PM
                                    Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة عبدالحفيظ ابوسن08-13-15, 03:28 PM
                                      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة يحي قباني08-13-15, 03:49 PM
                                        Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 07:04 PM
                                          Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-13-15, 09:46 PM
                                            Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة خالد العبيد08-13-15, 10:40 PM
                                              Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة محمد على طه الملك08-14-15, 00:37 AM
                                                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-14-15, 01:44 AM
  Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة مبارك محمد08-14-15, 01:58 AM
    Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-14-15, 02:09 AM
      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة مبارك محمد08-14-15, 03:50 AM
      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-14-15, 04:03 AM
        Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-14-15, 04:37 AM
          Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة عبدالحفيظ ابوسن08-14-15, 05:57 AM
            Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-14-15, 06:58 AM
              Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة Yasir Elsharif08-14-15, 09:40 AM
                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-14-15, 12:32 PM
                  Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة Yasir Elsharif08-14-15, 09:35 PM
                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة محمد على طه الملك08-14-15, 12:44 PM
                  Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-14-15, 02:55 PM
                    Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-14-15, 06:40 PM
                      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة مني عمسيب08-14-15, 06:49 PM
                        Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-14-15, 07:40 PM
                          Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة مني عمسيب08-14-15, 07:48 PM
                            Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-14-15, 08:15 PM
                              Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة محمد على طه الملك08-14-15, 09:49 PM
                                Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة خالد العبيد08-14-15, 11:54 PM
                                  Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-15-15, 10:38 AM
                                    Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية المدير08-18-15, 02:58 AM
                                      Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-18-15, 03:28 AM
                                        Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-31-15, 02:36 AM
                                          Re: في صورة بروفايل معاوية المدير.. الجديدة معاوية الزبير08-31-15, 03:45 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de