القرآن برواية حفص

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 12:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-09-2014, 00:54 AM

مجدى محمد عبد الله
<aمجدى محمد عبد الله
تاريخ التسجيل: 01-09-2013
مجموع المشاركات: 563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القرآن برواية حفص (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)


    Quote: فالتفكير ينتج من الدماغ والدماغ مادي ولولا وجود الدماغ لما كان التفكير، ولكن هل بإمكاننا معرفة العلاقة بين الدماغ وبين التفكير؟ بالطبع يُمكننا ذلك عن طريق قياسات كهربائية تُلاحظ التغيرات الكهربائية في الدماغ أثناء عملية التفكير أو التذكر وحتى أثناء الحلم، ومن المشاهدة العيانية فإن الإنسان الميت لا ينتج أي تفكير، وهذا ما يجعلنا نقول إن التفكير (والمشاعر والعواطف) مادية أو نتاج مادي لارتباطها بالمادة.





    من كتاب العلم في منظوره الجديد
    Quote:
    العقل
    يقتضي مبدأ البساطة ، فيما يبدو ، أن يفسر العلم الأشياء الطبعيية بلغة المادة وحدها ، مالم يثبت أن مثل هذه النهج غير قابل للتطبيق . وفي هذا السياق تبدو النظرة القديمة إلى العقل معقولة إلى حد بعيد. فهي تحتج بأن جميع الأشياء الطبيعية تنشأ في نهاية المطاف عن تفاعلات بين جسيمات تتكون منها هذا الأشياء . وهكذا فالماء سائل على نحو ما نعرفه لأن جزيئاته تنزلق بجانب بعضها بعضا بقليل من الإحتكاك . والمطاط متمغط لأن جزيئاته بحكم مرونتها تغير شكلها بسهولة .والماس شديد الصلابة لأن ذرات الكربون الموجودة فيه متراصة بشكل على هيئة شعرية محكمة النسج . ولابد أن الأمر نفسه ينطبق على العقل.

    ويذكر عالم الأحياء توماس هـ . هكسلي Thomas H.Huxely ، وهو من علماء القرن التاسع عشر ، أن " الأفكار التي أعبر عنها بالنطق ، وأفكارك فيما يتعلق بها إنما هي عبارة عن تغيرات جزيئية. فخير طريقة للبحث في العقل ،من زاوية النظرة القديمة ، هي إظهار كيفية أنبثاق العقل من المادة .
    وإحدى النتائج التي تستتبعها هذه النظرة هي أن العقل البشري لايستطيع أن يختار بحرية لأن المادة لا تتصرف إلا بضرورة ميكانيكية. وهذا هو السبب في نزوع النظرة القديمة إلى تفسير تصرفات الإنسان بلغة الغريزة، والفسيولوجيا ( علم وظائف الأعضاء ) ،والكيمياء .والفيزياء ، فلا مجال هناك لحرية الاختيار.

    والواقع أنه لو أحذنا بالمذهب المادي بمفهومه الضيق فلا مناص من إنكار أي تأثير للعقل أو للإرادة في الدماغ .فالتغيرات المادية هي التي تسبب الأفكار ، لا العكس ، وقد عبر و.ك كليفورد W.K.Clifford ، أحد علماء الرياضيات في القرن التاسع عشر ، في محاضرة له عن العلوم عن هذه الفكرة بإيجاز بليغ " إذا قال أحد أن الإرادة تؤثر في المادة فقوله ليس كاذباً فحسب ، وإنما هو هراء " .
    ويصف هكسلي العلاقة بين العقل والجسد على هذا النحو :
    " يبدو أن الوعي متصل بآليات الجسم كنتيجة ثانوية لعمل الجسم ، لا أكثر ، وأن ليس له أي قدره كانت على تعديل عمل الجسم مثلما يلازم صفير البخار حركة القاطرة دونما تأثيرعلى آليتها "..

    ومن المستلزمات الأخرى لتصور العقل وفقا للنظرة القديمةأن لاشيء في الإنسان يمكن أن يبقى بعد الموت . فإذا كان التفكير والإرادة نشاطين من أنشطة الدماغ فليس هناك سبب يجعلنا نفترض أن هذين النشاطين يمكن أن يستمرا بعد فناء الدماغ ، وإذا كان كل جزء من أجزاء الإنسان مادة فلابد من أن يكون كل جزء منه عرضه للفناء. ففي النظرة القديمة لاخلود إلا للمادة.

    وعلى ذلك ، كان للنظرة القديمة برنامج واضح لتفسير العقل ، ولكن مامن أحد في القرن التاسع عشر استطاع أن يحدد بالضبط كيفية انبثاق العقل من المادة . وكان علماء الفسيولوجيا يتوقعون أن يأتي المستقبل بالجواب . وفي عام 1886 كتب هكسلي يقول " وهكذا سيوسع علم وظائف الأعضاء في المستقبل شيئا فشيئا من عالم المادة وقوانينها إلى أن يصبح مساويا في امتداده نطاق المعرفة و الشعور والعمل . وقد تطلع الكثيرون إلى القرن العشرين لإنجاز هذا البرنامج المادي.
    ولقد جاء القرن العشرون بكشوف رائعة عن الفسيولوجيا، ولكنها لم تكن بأي حال من النوع المتوقع . فالكشوف الجديدة لم تكمل النظرة القديمة ، ولكنها قدمت نظرة جديدة بدات بالسير تشارلز سرنغتون الذي يعتبر مؤسس فسيولوجيا الأعصاب الحديثة . ونتيجة بحوثه الرائدة في الجهاز العصبي والدماغ خلص شرنغتون إلى مايلي " هكذا ظهر فرق جذري بين الحياة والعقل . فالحياة هي مسألة كيمياء وفيزياء ، أما العقل فهو يستعصي على الكيمياء والفيزياء".

    ويقصد شرنغتون بالحياة الإشارة إلى التغذية الذاتية ، واستقلاب الخلايا( الايض ) cell Cetabolism والنمو ، فهو يقول أن هذه الظواهر تتم بواسطة قوانين الفيزياء والكيمياء ويمكن تفسيرها بلغة هذين العلمين .أما أنشطة العقل فهي تتجاوز آليات الفيزياء والكيمياء.
    ويوافق على ذلك السير جون اكلس ، المتخصص في مبحث الأعصاب ، فيقول : " التجارب التي تنم عن الوعي تختلف في نوعها كل الاختلاف عما يحدث في آلية الأعصاب . ومع ذلك فإن مايحدث في آلية الأعصاب شرط ضروري للتجربة . وإن كان هذا شرطاً غير كاف ".
    فلنورد مثالا لتوضيح المراد من أقوال اكلس وشرنغتون ، ماذا يحدث ، مثلا ، عندما يرى سقراط شجرة؟ تدخل أشعة الشمس المنعكسة من الشجرة في بؤبؤعين سقراط ،و تمر من خلال العدسة التي تركز صورة مقلوبة ومصغرة للشجرة على شبكة العين فتحدث فيها تغيرات فيزيائية وكيميائية .فهل هذا هو الإبصار ؟ كلا ، إذ لو كان سقراط فاقد الوعي لأمكن تركيز تلك الصورة على شبكية عينيه ، محدثة نفس التغيرات الفيزيائية والكيمائية ، ولكنه في هذه الحالة لايبصر شيئا. وبالمثل ، تركز آلة التصوير على صورة ما ، فيتعرض " الفيلم " الموجود في الآلة لتغيرات فيزيائية وكيميائية،ولكن آلة التصوير لاتبصر بالمعنى الحرفي في الألوان والأشكال التي تسجلها.

    أما إذا أردنا أن نفسر إبصار سقراط فنحن بحاجة إلى أكثر من ذلك كثيراً. فالشبكية ، وهي صفحة من المستقبلات شديدة التراص ( عشرة ملايين مخروط ومائة مليون قضيب) ، تبدأ ، حين ينشطها الضوء المنبعث من الشجرة ،بإرسال نبضات الى العصب البصري الذي ينقلها بدوره إلى قشرة الدماغ البصرية . وكل شيء إلى الآن قابل لأن يفسر بلغة الفيزياء والكيمياء . ولكن أين مكان اللون الأخضر من كل هذا؟ فالدماغ نفسه رمادي اللون أبيضه . فكيف يستطيع أن يتلقى لونا جديداً دون أن يفقد لونه السابق ؟ وكيف يستطيع دماغ سقراط أن يبصر الضوء إذا كان دماغه مغلقاً ومعزولاً تماما عن أي ضوء؟ ويكون الأمر معقولا لوان سقراط ، حين وجه بصره نحو الشجرة ، لم يحس إلا بأزيز من الكهرباء في دماغة ، ولكن النشاط الكهربائي والكيميائي لدماغه ، الذي يمكنه من الإبصار بطريقة ما ، هو بالضبط مالايراه سقراط ، وبدلا من ذلك فسقراط عندما ينظر يرى الألوان والأشكال والحركات والضوء ، وكلها بأبعادها الثلاثة . بل من العسير أن نتخيل كيف يكمن لأي من هذه الأشياء أن ينشأ عن المواد الكيميائية والكهرباء .

    ويؤكد أكلس على سر الإدراك الحسي فيتسائل " أليس صحيحاً أن أكثر تجاربنا شيوعاً تقبل دون أي تقدير لما تنطوي علي من غموض هائل ؟ ألسنا لا نزال كالأطفال في نظرتنا إلى مانقبله من تجاربنا المتعلقة بالحياة الواعية . فلا نتريث إلا نادراً للتفكير في أعجوبة التجربة الواعية أو لتقديرها ؟ فالبصر ، مثلا ، يعطينا في كل لحظة صورة ثلاثية الأبعاد لعالم خارجي ، ويركب في هذه الصورة من سمات الإلتماع و التلون مالاوجود له إلا في الإبصار الناشيء عن نشاط الدماغ . ونحن بالطبع ندرك الآن النظائر المادية لهذه التجارب المتولدة من الإدراك الحسي كحدة المصدر المشع والطول الموجي للإشعاع المنبعث . ومع ذلك فعمليات الإدراك ذاتها تنشأ بطريقة مجهولة تماما عن المعلومات المنقولة بالرموز من شبكية العين إلى الدماغ.
    فالصورة التي تسلط على الشبكية ، مثلا ، لاتعود أبدا إلى الظهور مجددا في الدماع ، بل لابد للعقل الواعي من أن يعيد تركيبها من أنماط النبضات المرموزة. فكل عملية إدراك حسي تتكون من ثلاث مراحل : المنبه الأصلي لعضو الحس ، والنبضات العصبية المرسلة إلى الدماغ ، ونمط النشاط العصبي المثار في الدماغ ، ويلخص أكلس هذه العملية فيقول : " أن عملية النقل من عضو الحس إلى قشرة المخ تستخدم نمطا من النبضات العصبية معبراً عنها برموز تشبه رموز مورس ، وتنحصر فيها النقاط في تسلسلات زمنية شتى . ومن المؤكد أن هذا النقل المرموز يختلف تمام الإختلاف عن عملية الحفز الأصلي لعضو الحس المعني ، كما أن النمط المكاني / الزماني للنشاط العصبي المثار في قشرة المخ مختلف هو الآخر كل الأختلاف .

    وعملية الترجمة المزدوجة هذه تضخم أعجوبة الإدراك الحسي . ذلك أن هذه السلسلة من الترجمات الفيزيائية / الكيمائية تسفر عن تجربة حسية محددة كإبصار " اللون الأخضر " ، وفي هذه النقلة ما يبعث على قدر من الذهول ليس أدنى إثارة للعجب من حالة شخص يفهم فجأة نصا ترجم له من لغة يجهلها إلى لغة أخرى يجهله كذلك.
    إذا فعالم الإحساس، وفقا للنظرة الجديدة ، يتوقف على عالم الفيزياء والكيمياء ، ولكنه ليس مقصوراً عليه . وقد تفيد مقارنة مافي إيضاح هذا الفارق الدقيق : فمن المؤكد أن وجود كتاب ما يتوقف علىعناصر الورق والصمغ والحبر التي يتكون منها ،ومن دونها لايمكن أن يوجد الكتاب. ومع ذلك ، فالكتاب لايٌفهم فهماً كافياً بمجرد إجراء تحليل كيميائي للحبر ولألياف الورق . وحتى لو عرفنا طبيعة كل جزء من جزيئات الورق والحبرمعرفة كاملة فذلك لايكشف لنا شيئا عن محتوى الكتاب . ذلك أن محتوى الكتاب يشكل نظاماً أسمى يتجاوز عالم الفيزياء والكيمياء . وبطريقة مماثلة تؤكد النظرة الجديدة أن أحاسيسنا تتوقف علىأعضاء الجسم ، ولكن لايمكن حصرها في الخواص الفيزيائية والكيميائية للمادة.
    و يتناول شرنغتون مثال البصر لايضاح النظرة القديمة التى يسميها مخطط الطاقة لا تستطيع ان تعلل احساسنا بنجم نراه فمخطط الطاقة يتناول هذا الاحساس و يصف مرور الاشعاع من النجم الى العين و الصورة الضوئية الصغيرة التى تتشكل له فى قاع العين و ما يسفر عنه ذلك من النشاط الضوئى الكيميائى فى الشبكية و شلشلة التفاعلات التى يحتمل ان تحدث ابنداء بالعصب و انتهاء بالدماغ و كذلك التشويش الكهربائى فى الدماغ و لكنه لا يقول شيئا عن ابصارنا للنجم فمخطط الطاقة لا يفسر ادراكنا ان للنجم سطوعا و اتجاها وبعدا و لا كيفية تحول الصورة فى قاع العين الى نجم نراه فوق رؤوسنا نجم لا يتحرك رغم أننا و أعيننا حين نحمل الصورة معنا ولا هو يفسر أخيرا إدراكنا الأكيد أن الشىء المرئى هو نجم و مخطط الطاقة يتناول النجم بالبحث كواحد من الأشياء التى يمكننا مشاهدتها ولكنة يسكت سكوتا تاما عن إدراك العقل له وقد يقال عنه انه يوصلنا الى عتبة فعل الإدراك ليودعنا هناك وهو فيما يبدو ينقلنا الى صميم المكان و الزمان المرتبطين بالتجربة الذهنية ولكنة لا يعطينا اى إشارة خفية أخرى .

    إذا فالنشاط الفسيولوجى و الكيميائى للدماغ وفقا للنظرة العلمية الجديدة أمر ضروري للإحساس متزامن معه ولكنه ليس الإحساس بعينه والمادة وحدها لا تستطيع أن تفسر الإدراك الحسى فالنظرة القديمة تستطيع أن تتحدث عن الموجات الضوئية والتغيرات الكيميائية والنبضات الكهربائية فى الأعصاب ونشاط خلايا المخ أما عن عمليات الإبصار و الشم و الذوق و السمع واللمس ذاتها فليس عند المادية ما تقوله .
    إن الإدراك الحسى حقيقة ولكنة ليس المادة ولا هو من خواص المادة وليس فى مقدور المادة ان تفسره ومن هنا يخلص شرنغتون الى ان كون وجودنا مؤلفا من عنصرين جوهريين أمر ليس فى تصورى ابعد احتمالا بطبيعته من اقتصاره على عنصر واحد فالنظرة الجديدة تفترض وجود عنصرين جوهريين فى الإنسان : الجسم و العقل .
    لقد تناولنا بالبحث حتى الآن مثالا واحدا وهو الإدراك الحسى ولكن ماذا تقول النظرة الجديدة عن العقل البشرى قبل ان نطرف هذه المسالة يلزم أولا ان نميز بوضوح بين العقل وملكتنا العقلية الأخرى وسنفعل ذلك بإيجاز وبطريقة معقولة استنادا الى ما نشترك فيه جميعا من تجارب داخلية.
    أن كلمة إدراك تعنى ( المعرفة او الوعى ) وبهذا المعنى فاى نشاط ينطوى على معرفة أو إدراك هو من لنشطة العقل المدرك فالمسالة كلها تبدأ بالإدراك الحسى والحواس الخارجية هى الأساس الأول لكل المعارف الإنسانية ومصدرها ومن دون المعلومات الآتية من هذه الحواس لا يكون لدى الذاكرة اى شىء تتذكره ولا للخيال اى شيء يتصوره و لا للعقل اى شىء يفهمه وكل حاسة من الحواس الخمس – البصر و الشم والسمع و الذوق واللمس – تدرك صفة محددة من صفات الأشياء المادية . فحاسة البصر وحدها تدرك الألوان وحاسة اللمس درجات الحرارة والأنسجة والضغوط وبعض الصفات الأخرى كالحجم والشكل يمكن إدراكها بأكثر من حاسة واحدة . فنحن نستطيع مثلا ان نعرف حجم قطعة نقدية عن طريق حاسة البصر أو حاسة اللمس واللمس وحده بين الحواس الخارجية الخمس موزع على مختلف أنواع أجزاء الجسم أما الخواص الأربع الأخرى فكل منها يقتصر على عضو متخصص : العين ، أو الأذن أو الأنف أو اللسان .
    وإلى جانب الحواس الخارجية نجد تحت تصرفنا مجموعة كبيرة من ملكات الإحساس الداخلى . نأمل لحظة اننا نملك القدرة على الإحساس لا بالبياض وبحلاوة الطعم فحسب بل على ادراك الفارق بينهما فالعين يدرك البياض و لا تدرك الحلاوة واللسان يدرك الحلاوة ولا يدرك البياض فلا اللسان ولا العين يستطيعان التمييز بين البياض و الحلاوة لأن أيا منهما لا يدرك الأثنين معا . ويصدق هذا القول نفسه على الفرق بين ارتفاع الصوت وارتفاع الحرارة . ذلك لأن أى ملكة قادرة على مقارنة شيئين لا بد لها من أن تعرفهما كليهما . وما من حاسة خارجية تستطيع أن تؤدى هذه المهمة تبعا لذلك لا بد من أن تكون فينا حاسة داخلية تستطيع أن تدرك جميع الصفات التى تدركها الحواس الخارجية وأن تميز بينهما .

    ونحن كذلك نملك القدرة على أن نستدعى أمورا لم تعد حاضرة . فعملية التذكر شىء حاضر بالفعل ، ولكن الشىء الذى نتذكره ليس كذلك ، إذ إن إدراكنا الحسى الأصلى قد زال على نحو ما ولكنه مع ذلك تحت تصرفنا فالذاكرة لا تستحضر التجربة الماضية فحسب ، بل تستحضرها بوصفها حدثا ماضيا ، وتستطيع ترتيبها من حيث صلتها بتجارب أخرى ماضية . بل إن الأدعى الى الدهشة هو قدرتنا على أن نجعل أنفسنا نتذكر الشىء المنسى .صحيح أن الذاكرة تخوننا أحيانا فلا نستطيع أن نتذكر اسم شخص ما ، ولكننا نستطيع فى الغالب أن نحمل أنفسنا على تذكره بالتركيز على أمور أخرى مرتبطة بذلك الاسم .
    والخيال ملكة حسية داخلية أخرى نستطيع بواسطتها أن نتصور لا الأشياء المدركة بالحواس فحسب ، بل الأشياء التى لا تدرها هذه الحواس كجبل من ذهب أو فيل بحجم البرغوث ، فالخيال ، بخلاف الذاكرة ، يستخدم المعلومات الواردة من الحواس الخارجية الخمس بحرية وبطريقة إبداعية .
    ثم إن قدرتنا على الإحساس بالعواطف ، كالحب والغضب والفرح و الخوف والأمل و الرغبة والحزن ، تربطنا بالعالم بطريقة أخرى مختلفة كذلك . فكل عاطفة تنشأ من فعل ملكة حسية ، سواء كانت حاسة خارجية كالخيال ، أو الذاكرة فالغضب مثلا يثيره الإحساس بالضرر او الإهانة والخوف يحركه تخيل وقوع شر يتهددنا فى المستقبل والحزن يسببه الإحساس بألم حاضر أو تذكر ألم مضى زمانه كذلك من طبيعة العاطفة أن يحس بها ، بل إن العواطف تسمى أحيانا أحاسيس لوثاقة صلتها بحاسة اللمس ، ورغم ذلك ، ومع أن الأحاسيس تسبب وتلازم على الدوام كل عاطفة ، فإن العواطف ذاتها ليست أفعالا تندرج تحت الإدراك الحسى . فالخوف لا يدل على مجرد الإحساس بشىء ما ، وإنما يدل على موقف أو رد فعل إزاء ذلك الشىء . والعاطفة ليست عملية الإبصار ، ولكنها رد الفعل إزاء الشىء المبصر والذى يجعلنا نميل ‘ليه أو يدفعنا بعيدا عنه .
    والحيوانات العليا تمارس معظم القدرات المذكورة حتى الأن . ولكن إذا كان الإنسان أكثر من مجرد حيوان فمن المحتوم أن تكون هناك قدرة خاصة تميزه من سائر الحيوانات الأخرى . وإن إلقاء نظرة على مراتب الأحياء كفيلة بأن تقودنا إلى اكتشاف تلك القدرة .
    فنحن نلاحظ أن النباتات تتحرك من خلال النمو ، غير أنها لا تدرى إلى أين تمضى . فالشجرة تمد جذورها إلى أعماق التربة ، لا لأنها تدرك أن الماء والمواد المغذية موجودان هناك . ومن جهة أخرى ، فالحيوانات تدرك بحواسها إلى أين تمضى ، ولكنها لا تدرى لماذا . فالعصفور ، مثلا بفضل قدرته على الإبصار ، ينتقى المواد المناسبة لبناء عشه ، و غير انه لا يبنى هذا العش لأنه يدرك أن ذلك ضرورى للتوالد بل إن ردود فعل العصفور تثيرها حوافز معينة بطريقة أليه فشمس الربيع الدافئة تجعل الغدد النخامية عند العصفور تفرز بعض الهرمونات التى تحرك نشاط بناء العش والعصافير التى تحقن بهرمون الإستروجين الأنثوى تشرع فى بناء الأعشاش فى غير أوانها .
    النباتات تحرك نفسها ، ولكنها لا تدرى إلى أين تمضى والحيوانات تدرك إلى أين تمضى ، ولكنها لا تعرف السبب ولإكمال مراتب الأحياء لا بد من وجود مخلوقات لا تعرف فقط إلى أين تمضى ، ولكن لماذا تمضى ايضا ونحن البشر نشكل هذه المخلوقات ، والملكة التى تمكننا من فهم علل الأشياء تسمى العقل أو الفكر وهى تسمى كذلك سلطان العقل ( power reason ) لأننا بواسطتها نتعرف على علل الأشياء وما من قوة حسية تستطيع أن تؤدى هذه الوظيفة . فاللسان ، مثلا ، يدلنا على أن البحر مالح ولكنه لا يفسر لنا علة ملوحته .
    والعقل كذلك يمكننا من إدراك ما هية الأشياء و هو أمر لا تستطيع الحواس القيام به ولا ملكة الخيال ذاتها فإذا حاولنا مثلا أن نتخيل ما هو الحيوان فالصورة التى ترتسم فى أخيلتنا الحسية تختص بحيوان بعينه له صفات محددة من حيث الحجم والشكل واللون ومن المستحيل تكوين صورة حسية لما يشترك فيه جميع الحيوانات ومع ذلك فليس من المستحيل على العقل أن يفهم ما هو الحيوان .
    والمكان الذى يتحدث عنه أينشتاين لا يمكن تصوره يقول عالم الفيزياء الفلكية وليم كوفمان ( william kaufman ) ما نصه : ومن المستحيل عمليا أن نتصور متصل المكان و الزمان الملتوى ذا الأبعاد الأربعة فالمكان الرباعى الأبعاد لا يستطيع أن يحس به أو يتخيله حتى علماء الفيزياء والرياضيات ولكن يمكن فهمه والعقل فى مجال العلوم يسمو على قيود الخيال وهو حاسة داخلية فالعقل البشرى إذا ليس متميزا من الخيال فحسب بل هو قدرة إدراكية تفوقه بكثير والعقل لا الحواس هو الذى يصنع العلم لأنه وحده يستطيع أن يستكشف ماهية الأشياء وعللها .
    والعقل يطلق عليه أحيانا اسم الفهم ( understanding ) وهى تسمية مناسبة لأن طبيعة الأشياء تمكن تحت صفانها الظاهرية التى تفهمها الحواس ومن هنا فتسمية الفهم مشتقة من قدرة العقل على معرفة ماهيه الأشياء وعللها .
    وأخيرا هناك ملكة أخرى تفصلنا عن عالم الحيوان وهى الإرادة ومن اليسير التمييز بين الإرادة والعاطفة لأن الاثنين يمكن أن تتصادما و الأعمال الجريئة تبرهن على أن الإرادة تفرض نفسها حتى على الخوف من الموت فالعواطف تثيرها الحواس ولكن الإرادة تختار وفقا لما يراه العقل ( reason ) بل إننا كثيرا ما نقول إن فلانا من الناس قد تغلب على عاطفته لأنه كان عنده سبب وجيه للقيام بذلك فالحيوان يتبع حكم الإحساس والعاطفة ولكن الإنسان يتمتع بقدرة على الاختيار وفقا لما يفهمه عقله .
    أما وقد رأينا ما يميز العقل البشرى والإرادة البشرية من ملكاتنا الأخرى ففى وسعنا الأن أن نعود إلى مسالة ما تقوله النظرة الجديدة بشأن العقل والإرادة وفيما يتعلق بالعلاقة بين العقل والإرادة تم بعض أروع اكتشافات القرن العشرين خلال عمليات جراحية أجراها ويلدربنفيلد على أدمغة ما يربو على ألف مريض فى حالة الوعى وملاحظات بنفيلد حول وظيفة الدماغ تفوق فى حجيتها وكمالها جميع الإدلة السابقة غير المباشرة المستفادة من بحوث أجريت على حيوانات ومن عمليات جراحية أجريت على أدمغة أشخاص مبنجين وكان بنفيلد ، و الذى يعود له الفضل الأول فى ادماج مباحث الأعصاب وفسيولوجيا الأعصاب وجراحة الأعصاب ، وقد شرع فى بحوثه الرائدة فى الثلاثينات من هذا القرن غير أن الأثار الكاملة المترتبة على اكتشافه لم تتضح إلا حين نشر كتابه المسمى ( لغز العقل ) ( the mystery of the mind ) .
    إن بعض أنواع الصرع قابل للعلاج عن طريق الجراحة فبعد أن يبنج الجراح المريض تبنيجا عاما ، ويزيل بطريقة جراحية جزءا من جمجمته لتعريض الدماغ يعيده إلى وعيه ونظرا لانعدام الإحساس فى الدماغ نفسه يستطيع الجراح أن يستكشفه بواسطة الالكترود ( القطب الكهربائى ) وأن يحدد مستعينا بالمريض موقع الخلايا التى تسبب النوبات الصرعيه وأن يزيل هذه الخلايا .
    وفى عام 1993 اكتشف بنفيلد بمحض الصدفة أن تنبيه مناطق معينه فى الدماغ بالكهرباء تنبيها خفيفا يحدث استرجاعا فجائيا للذاكرة عند المريض الواعى لقد ساورت بنفيلد الشكوك أول الأمر ، ثم أخذته الدهشه فعندما لامس الالكترود قشرة مخ شاب تذكر هذا الشاب أنه كان جالسا يشاهد لعبة ( بيسبول ) فى مدينة صغيرة ويراقب ولدا صغير يزحف تحت السياج ليلحق بجمهور المتفرجين وهناك حالة مريضة أخرى سمعت الات موسيقية تعزف لحنا من الألحان ويروى بنفيلد هذا الخبر فيقول اعدت تنبيه الموضع نفسه ثلاثين مرة محاولا تضليلها وأمليت كل استجابة على كاتبه الاختزال وكلما أعدت تنبيه الموضع كانت المريضة تسمع اللحن من جديد وكان اللحن يبدأ فى المكان نفسه .ويستمر من اللازمة إلى مقطع الاغنية وعندما دندنت ، مصاحبة الموسيقا ، وكان ايقاعها يسير بالسرعة المتوقعة له .

    وكان المرضى يحسون دائما بالدهشة لتذكر الماضى بمثل هذه التفاصيل الحية ويفترضون على الفور أن الجراح هو المسؤول عن تنبيه الذاكرة التى ما كانت تتاح لولاه وكان كل مريض يدرك أن التفاصيل هى من واقع تجارية الماضية وكان من الواضح أن الأشياء التى كان قد أولاها عنايته هى وحدها التى أودعها فى محفوظات دماغه .
    وكان بنفيلد من وقت لأخر يحذر المريض أنه سينبه دماغه ولكنه لا يفعل ذلك وفى مثل هذه الحالات لم يكن المريض يذكر أى ردود فعل إطلاقا .
    ثم إن ملامسة المنطقة الخاصة بالنطق فى الدماغ تؤدى إلى فقدان نؤقت للقدرة على الكلام ( حبسه ) عند المريض ونظرا لانعدام الإحساس فى الدماغ فالمريض لا يدرك أنه مصاب بالحبسه إلا عندما يحاول أن يتكلم أو يفهم الكلام فيعجز عن ذلك ويروى بنفيلد ما حدث ذات مرة ( أخذ أحد مساعدى يعرض على المريض صورة فراشة وضعت الالكترود ( القطب الكهربائى ) حيث كنت أفترض وجود قشرة المخ الخاصة بالنطق فظل المريض صامتا للحظات ثم طقطق باصابعه كما لو كان غاضبا ثم سحبت الالكترود فتكلم فى الحال وقال : الأن أقدر على الكلام إنها فراشة لم اكن قادرا على النطق بكلمة ( فراشة ) فحاولت أن أنطق بكله ( عثة )
    لقد فهم الرجل بعقله الصورة المعروضة على الشاشة وطلب عقلة من مركز الكلام فى دماغه أن ينطق بالكلمة التى تقابل المفهوم المائل فى ذهنه وهذا يعنى أن ألية الكلام ليست متماثلة مع العقل ، وإن كانت موجهة منه فالكلمات هى أدوات تعبير عن الأفكار ، ولكنها ليست الأفكار ذاتها وحين عجز المريض عن التفوه بالكلمة لانسداد الكلام عنده استغرب وأمر بالبحث عن اسم شىء مشابه هو ( العثه ) وعندما فشل ذلك أيضا طقطق بأصابعه غضبا ( إذ إن هذا العمل الحركى لا يخضع لمركز الكلام ) وأخيرا عندما انفتح مركز الكلام عند المريض شرح تجربته الكاملة مستخدما كلمات تناسب أفكاره وقد استنتج بنفيلد أن المريض حصل على كلمات من الية الكلام عندما عرض مفاهيم ونحن نستطيع الاستعاضة عن ضمير الغائب فى عملية الاستبطان هذه بكلمة عقل فعمل العقل ليس عملا أليا )
    وتوصل بنفيلد إلى نتائج مماثلة فى مناطق الدماغ التى تضبط الحركات : ( عندما جعلت أحد المرضى يحرك يده بوضع الالكترود على القشرة الحركية فى أحد نصفى كرة دماغه كنت أساله مرارا عن ذلك وكان جوابه على الدوام ( أنا لم احرك يدى ولكنك أنت الذى حركتها ) وعندما أنطقته قال : أنا لم أخرج هذا الصوت أنت سحبته منى )
    وهذه الحركات اللااديه تشبه إجفال ساق المريض لنقرة خفيفة بمطرقة الطبيب وكلنا يدرك أن مثل هذه الحركات ليست أفعالا إرادية ويلخص بنفيلد ذلك بقوله : إن الالكترود يمكن أن يخلق عند المريض احاسيس بسيطة متنوعة كأن يجعله يدير رأسه أو عينيه أو يحرك أعضاءه أو يخرج أصواتا أو يبلغ وقد يعيد إلى الذاكرة إحساسا حيا بتجارب ماضية ، أو يوهمه بأن التجربة الحاضرة هى تجربة مألوفة أو أن الأشياء التى يراها تكبر وتدنو منه ولكن المريض يظل بمعزل عن كل ذلك وهو يصدر أحكاما على كل هذه الأمور وربما قال : إن الأشياء تكبر ) ولكنه يستطيع مع ذلك أن يمد يده اليسرى ويقاوم هذه الحركة .
    ونتيجة مراقبة مئات المرضى بهذه الطريقة ينتهى بنفيلد إلى أن عقل المريض الذى يراقب الموقف بمثل هذه العزلة والطريقة النقدية لا بد من أن يكون شيئا أخر يختلف كليا عن فعل الاعصاب اللاإرادي ومع أن مضمون الوعى يتوقف إلى حد كبير على النشاط فالإدراك نفسه لا يتوقف على ذلك .
    وباستخدام أساليب المراقبة هذه استطاع بنفيلد أن يرسم خريطة كاملة تبين مناطق الدماغ المسؤولة عن النطق و الحركة وجميع الحواس الداخلية و الخارجية غير انه لم يكن فى المستطاع تحديد موقع العقل أو الإرادة فى اى جزء من الدماغ فالدماغ هو مقر الإحساس زالذاكرة والعواطف والقدرة على الحركة ولكنه فيما يبدو ليس مقر العقل أو الإرادة .
    ويعلن بنفيلد أنه ما من عمل من الأعمال التى نعزوها إلى العقل قد ابتعثه التنبيه بالالكترود أو الإفراز الصرعى ) ويضيف قائلا : ( ليس فى قشرة الدماغ أى مكان يستطيع التنبيه الكهربائى فيه أن يجعل المريض يعتقد أو يقرر شيئا و الالكترود يستطيع أن يثير الأحاسيس و الذكريات غير أنه لا يقدر أن يجعل المريض يصطنع القياس المنطقى ، أو يحل مسائل فى الجبر بل إنه لا يستطيع أن يحدث فى الذهن أبسط عناصر الفكر المنطقى والالكترود يستطيع أن يجعل جسم المريض يتحرك ولكنه لا يستطيع أن يجعله يريد تحريكه إنه لا يستطيع أن يكره الإرادة فواضح أذا أن العقل البشرى و الإرادة البشرية ليس لهم أعضاء جسدية .
    وبناء على ما تقدم لا ترى النظرة الجديدة استحالة فى تاثر الإرادة فى المادة ويشرح اكلس ذلك فيقول : تعلمت بالتجربة الثابتة أننى بالتفكير والإرادة أستطيع أن أتحكم بافعالى إذا شئت ذلك وليس فى وسعى أن أفسر تفسيرا علميا كيف يستطيع التفكير أن يؤدى إلى الفعل ، ولكن هذا العجز يأتى مصداقا لكون علوم الفيزياء والفسيولوجيا فى وضعها الراهن بدائية للغاية وأعجز من أن تتصدى لهذه المهمة العسيرة وحين يؤدى التفكير إلى الفعل أجدنى مضطرا كعالم متخصص فى الأعصاب إلى افتراض أن تفكيرى يغير بطريقة تستعصى على فهمى تماما أنماط النشاط العصبى التى تؤثر فى دماغى وهكذا يصبح التفكير يتحكم بشحنات النبضات الناشئة فى الخلايا الهرمية الشكل للقشرة الحركية فى دماغى كما يتحكم أخر الأمر بتقلصات عضلاتى والأنماط السلوكية الناشئة منها .
    فاذا كانت الإرادة البشرية غير مادية فليس مما ينافى العقل أن تتصرف بغير طرق المادة أى بحرية اختيار ومن ثم فالنظرة الجديدة لا ترى فى الاعتراف باستقلال الإرادة فينا أى مجانبة للأسلوب العلمى ويخلص من ذلك إلى أنه ليس هناك إذا أسباب علمية وجيهة لإنكار حرية الإرادة ، والتى لا بد من افتراض وجودها إذا أردنا ان نتصرف كباحثين علميين بل إن إنكار حرية الإرادة يجعل من العلم كله أمرا منافيا للعقل فعلى العالم ألا يسأل : ما هو الصحيح ؟ بل ما هو الذى نحن مهياون لاعتقاده ويقول الفيزيائى كارل فون فايتز ساكر ( الحرية شرط من شروط التجربة فانا لا أستطيع أن أجرى التجارب إلا حين لا يكون فها فعلى وتفكيرى محكومين بالظروف والحوافز والعادات بل بحرية اختيارى )
    زد على ذلك أن النظرة الجديدة لا ترى فى قدرة العقل على توجيه انشطة الدماغ أمر مستحيلا ويصف عالم الأعصاب روجر سبرى الثورة الفكرية التى حدثت فى علم النفس خلال السبعينات من هذا القرن والتى أحدثت انقلابا مثيرا فى معالجة الوعى فيقول : ( لقد قلبت المبادىء السلوكية التى سادت طوال نصف قرن ونيف وأخذ علم النفس فجاة يعالج أحداث ذاتية كالصور الذهنية والأفكار الباطنية والأحاسيس و المشاعر و الأفكار وما إليها بوصفها عوامل ذات دور سببى حقيقى فى وظيفة الدماغ وفى السلوك وأصبحت مضامين الأستبطان وعالم التجارب الداخلية كلها مقبولة على نحو فجائى كعوامل تستطيع أن تؤثر فى العمليات الفيزيائية والكيميائية التى تتم فى الدماغ ولم تعد تعامل بوصفها جوانب منفعلة وغير موجودة .
    وينتهى سبرى من ذلك إلى أن الخواص المخية العليا للعقل والوعى هى التى تملك زمام الأمر فهى تكتنف التفاصيل الفيزيائية والكيميائية وتحملها وتهيمن عليها وهى التى تحدد الحركات وتتحكم نزوليا بحركة النبضات العصبية ونموذجنا الجديد أى المبدأ الذهنى – هو الذى يشغل العقل والخواص الذهنية ويعطيها سبب وجودها وتطورها فى نظام مادى .
    إن المعرفة والقيادة تتطلبان قدرا من البعد فلا يمكن أن يمون العقل ظاهرة ثانوية مصاحبة لألية الأعصاب إذا أريد له أن يعاين ويوجه الكل ويقول بنفيلد : ( أن العقل لا الدماغ هو الذى يراقب ويوجه فى أن معا فالعقل هو المسؤول عن الوحدة التى نحس بها فى جميع أفعالنا وأفكارنا و أحاسيسنا وعواطفنا ويضيف اكلس ( إن وحدة التجربة الواعية يتيحها العقل الواعى نفسه لا ألية الأعصاب )
    ولو كان الدماغ حاسبة الكترونية بالغة التعقيد فلا بد له إذا شأنه شأن الحاسبة من أن يوجه من قبل العقل ويقول بنفيلد ( إن الحاسبة الالكترونية و الدماغ هو كذلك لا بد من أن تبرمجها وتديرها قوى قادرة على الفهم المستقل ويحدد بنفيلد دور العقل هكذا : ( إن ما تعلمنا أن نسميه العقل هو الذى يركز الانتباه فيما يبدو والعقل يعى ما يدور حوله وهو الذى يستنبط و يتخذ قرارات جديدة وهو الذى يفهم ويتصرف كما لو كانت له طاقة خاصة به وهو يستطيع أن يتخذ القرارات وينفذها مستعينا بمختلف أليات الدماغ و هكذا فان توقع العثور على العقل فى احد اجزاء الدماغ او فى الدماغ كله ، واشبه بتوقع كون المبرمج جزءا من الحاسبة الالكترونية .
    وبناء على الأدلة سالفة الذكر لا يرى بنفيلد أى أمل فى النهج المادى للنظرة القديمة إزاء العقل فيعلن : إن توقع قيام ألية الدماغ العليا أو أى مجموعة من ردود الفعل ، مهما بلغت من التعقيد بما يقوم به العقل ، وبأداء جميع وظائفة أمر محال تماما ويوافق عالم الإحياء أدولف بورتمان على ذلك فيقول : ( ما من كمية من البحث على النسق الفيزيائى أو الكيميائى .يمكنها أبدا أن تقدم صورة كاملة للعمليات النفسية والروحية والفكرية .
    كما أن بنفيلد لا يتوقع أن يقوم علم وظائف الأعضاء فى المستقبل كما كانت تتوقع النظرة القديمة بإظهار اتبثاق العقل من المادة فيقول : ( يبدو من المؤكد أن تفسير العقل على أساس النشاط العصبى داخل الدماغ سيظل أمر مستحيلا كل الاستحالة ) ولذلك فهو يرى أنه أقرب إلى المنطق أن نقول أن العقل ربما كان جوهرا متميزا ومختلفا عن الجسم )
    ومن دواعى السخرية أن بنفيلد بدا أبحاثة بهدف اثبات العكس تماما فيقول : ( طوال حياتى العلمية سعيت جاهدا كغيرى من العلماء إلى إثبات أن الدماغ يفسر العقل فهو قد بدأ مسلحا بجميع افتراضات النظرة القديمة غير أن الأدلة حملته أخر الأمر على الإفراد بأن العقل البشرى و الارادة البشرية حقيقتان غير ماديتين ويعلن بنفيلد ياله من أمر مثير إذا ، أن نكشف أن العالم يستطيع بدوره أن يؤمن عن حق بوجود الروح وإذا كان العقل والإرادة غير مادتين فلا شك أن هاتين الملكتين على حد تعبير اكلس ( لا تخضعان بالموت للتحلل الذى يطرأ على الجسم والدماغ كليهما ) .



                  

العنوان الكاتب Date
القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 10:49 AM
  Re: القرآن برواية حفص معاوية المدير12-03-14, 10:53 AM
    Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 10:57 AM
      Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 11:20 AM
        Re: القرآن برواية حفص محمد العامري12-03-14, 12:01 PM
          Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 12:18 PM
            Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-03-14, 01:36 PM
          Re: القرآن برواية حفص عمر صديق12-03-14, 12:34 PM
            Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 12:44 PM
              Re: القرآن برواية حفص محمد العامري12-03-14, 12:49 PM
                Re: القرآن برواية حفص عبدالكريم الاحمر12-03-14, 01:06 PM
                  Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 01:10 PM
                    Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 01:12 PM
                Re: القرآن برواية حفص الصادق الخالدى12-03-14, 01:55 PM
            Re: القرآن برواية حفص قصي محمد عبدالله12-03-14, 01:28 PM
              Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 01:38 PM
                Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 01:51 PM
                  Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 01:57 PM
                    Re: القرآن برواية حفص الصادق الخالدى12-03-14, 02:14 PM
                      Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 02:16 PM
                        Re: القرآن برواية حفص الصادق الخالدى12-03-14, 02:35 PM
                          Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 02:57 PM
                            Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 03:15 PM
                              Re: القرآن برواية حفص صلاح جادات12-03-14, 03:24 PM
                                Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 03:26 PM
                                  Re: القرآن برواية حفص صلاح جادات12-03-14, 03:29 PM
                                    Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 03:31 PM
                                      Re: القرآن برواية حفص عمار عبدالله عبدالرحمن12-03-14, 03:41 PM
                                      Re: القرآن برواية حفص صلاح جادات12-03-14, 03:43 PM
                                        Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-03-14, 03:44 PM
                                          Re: القرآن برواية حفص قصي محمد عبدالله12-03-14, 06:58 PM
  Re: القرآن برواية حفص قصي محمد عبدالله12-03-14, 07:17 PM
    Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-03-14, 07:41 PM
      Re: القرآن برواية حفص ABDALLAH ABDALLAH12-03-14, 07:59 PM
        Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-03-14, 08:05 PM
      Re: القرآن برواية حفص قصي محمد عبدالله12-03-14, 08:05 PM
        Re: القرآن برواية حفص معاوية المدير12-03-14, 08:16 PM
          Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-03-14, 08:34 PM
            Re: القرآن برواية حفص معاوية المدير12-03-14, 08:43 PM
              Re: القرآن برواية حفص أيمن محمود12-03-14, 10:12 PM
                Re: القرآن برواية حفص الصادق الخالدى12-04-14, 04:21 AM
                Re: القرآن برواية حفص قصي محمد عبدالله12-04-14, 04:43 AM
                Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-04-14, 04:22 PM
              Re: القرآن برواية حفص Mohamed Adam12-03-14, 10:46 PM
                Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-03-14, 11:15 PM
                  Re: القرآن برواية حفص Mohammed Al-Khalil12-03-14, 11:38 PM
                    Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 00:13 AM
                      Re: القرآن برواية حفص Mohammed Al-Khalil12-04-14, 00:34 AM
                        Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 01:31 AM
                          Re: القرآن برواية حفص معاوية المدير12-04-14, 01:42 AM
                            Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 01:53 AM
                              Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 01:58 AM
                                Re: القرآن برواية حفص معاوية المدير12-04-14, 02:30 AM
                                  Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-04-14, 04:18 AM
                                    Re: القرآن برواية حفص ahmedona12-04-14, 05:27 AM
                                    Re: القرآن برواية حفص ABDALLAH ABDALLAH12-04-14, 05:36 AM
                                      Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-04-14, 06:46 AM
                    Re: القرآن برواية حفص ALWALEED ALSHEIKH12-04-14, 06:41 AM
                      Re: القرآن برواية حفص بريمة محمد12-04-14, 06:52 AM
                        Re: القرآن برواية حفص عمار عبدالله عبدالرحمن12-04-14, 07:15 AM
                          Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-04-14, 08:47 AM
                            Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-04-14, 08:59 AM
                              Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-04-14, 09:40 AM
                                Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 01:03 PM
                                  Re: القرآن برواية حفص أبوبكر عباس12-04-14, 01:24 PM
                                    Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-04-14, 01:35 PM
                                  Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-04-14, 01:30 PM
                                    Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 02:03 PM
                                      Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-04-14, 02:07 PM
                                        Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 02:56 PM
                                        Re: القرآن برواية حفص ABDALLAH ABDALLAH12-04-14, 02:57 PM
                                          Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-04-14, 03:15 PM
                                            Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-04-14, 03:52 PM
                                          Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-04-14, 03:58 PM
                                            Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-04-14, 04:30 PM
                                            Re: القرآن برواية حفص ahmedona12-04-14, 04:45 PM
                                              Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-04-14, 06:09 PM
                                                Re: القرآن برواية حفص ahmedona12-04-14, 07:00 PM
                                                  Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-04-14, 07:19 PM
                                                    Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-04-14, 07:25 PM
                                                      Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-04-14, 07:53 PM
                                                        Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-04-14, 09:26 PM
                                                          Re: القرآن برواية حفص Mohamed Adam12-04-14, 09:28 PM
                                                            Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-04-14, 09:59 PM
                                                              Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-04-14, 11:16 PM
                                                                Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-05-14, 00:24 AM
                                                                  Re: القرآن برواية حفص عماد حسين12-05-14, 12:14 PM
                                                                    Re: القرآن برواية حفص أبوبكر عباس12-05-14, 12:54 PM
                                                                      Re: القرآن برواية حفص ياسر احمد محمود12-05-14, 01:36 PM
                                                                        Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-05-14, 02:24 PM
                                                                          Re: القرآن برواية حفص Muhib12-05-14, 05:49 PM
                                                                            Re: القرآن برواية حفص الشفيع وراق عبد الرحمن12-05-14, 06:40 PM
                                                                              Re: القرآن برواية حفص جمال المنصوري12-05-14, 07:06 PM
                                                                          Re: القرآن برواية حفص Mohamed Adam12-05-14, 07:57 PM
                                                                            Re: القرآن برواية حفص تبارك شيخ الدين جبريل12-05-14, 08:00 PM
                                                                              Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-05-14, 09:00 PM
                                                                              Re: القرآن برواية حفص منتصر عبد الباسط12-05-14, 09:11 PM
                                                                                Re: القرآن برواية حفص منتصر عبد الباسط12-05-14, 09:16 PM
                  Re: القرآن برواية حفص منتصر عبد الباسط12-05-14, 09:33 PM
                  Re: القرآن برواية حفص منتصر عبد الباسط12-05-14, 09:33 PM
                    Re: القرآن برواية حفص هشام آدم12-05-14, 10:25 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de