الركض..والانغماس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 04:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-17-2013, 07:47 AM

محمد عبد الله حرسم
<aمحمد عبد الله حرسم
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 4492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الركض..والانغماس

    عنوان آخر للركض .. و الإنغماس

    حتى هذه النسمة القادمة من مكان لا تجدي ... وهذه الوقفة لا تجدي ... يتململ .. أعماقه تغلي وتفور .. وعيناه لا تستقر .. يتابع خط الأفق مكوناً سفناً ومنارات و أرصفة و .. و .. وصومعة غلال .. من نهاية هذا البحر تأتي ملايين الأشياء .. لماذا لا يطول النظر هذا المدى !! عاجز هذا النظر كما العقل .. كما الفعل .. يدخل وانحباس اللسان شرخ آخر .. وتدون الأشياء خارطة أشلاء للإنتماء ومحاولات التوحد .. ونافذة مشرعة تطل منها ذكريات الرحيل من هناك .. هناك حيث الأشياء بسيطة والأحلام سهلة والمكان مسور بالماء و الأمان .. الماء يروى الأرض والأرض تلد الخضرة والخضرة تثمر والثمر يجئ بعده الأمان والهدوء .. يتمعن في آخر الأفق الملتصق بالبحر .. لماذا يقف هذا البحر في هذا المكان دائماً .. ويطل سؤال خبيث .. لماذا تركت العمل بالمسرح يا مختار ؟ ..كنت تحاول أن تحدد المسافات التي تريدها و أنت تسأل عن حوجتنا لهذا الفن .. ولماذا زحام الحياة وفضاء الكلام .. كيف الوصول و الطريق كثير التعرج والتداخل والغموض ؟؟..كيف تجئ المعادلات سهلة والتشابك يبدأ بك من رأس السؤال وحتى عجز الإجابة .. و كما حجم هذا المساء كان الترقب .. لماذا اخترت السفر و الرحيل من هناك يا عم عباس ؟ كانت الأرض ملكاً لك .. و كان السياج ملكاً لك .. وكان الماء ملكاً لك .. وكان الجهد ملكاً لك . وكنت سيد نفسك .. لماذا اخترت الزحام ؟ لماذا اخترت عبودية الركض واللهاث ؟.. هذه الليلة كل الأشياء تهمس .. وتجلجل .. تلبس زينة الاحتفال .. لمبات النيون تسرق أناقة ضوء المساء .. أغلقت المتاجر والحوانيت والمقاهي .. ضاعت أصوات الباعة المتجولون .. وخلت الشوارع إلا من قط يموء .. و###### يهز ذيله لنسمة تمر .. وشرطي في آخر الشارع يتعقب الطريق ... وضع غريب آخر .. أين يختفي ضجيج النهار ؟ .. لا يستمرئ الوقفة فيجلس .. تطول الجلسة فيقف .. و تمر الدقيقة كأختها .. وتتكرر ..ولا يزال البحر واقف كما هو .. ولا يزال المدى لا يرسل غير الموج و عنف الذكريات .. تقاطع تأملاته ومداخلاته بعض مقاطع لمسرحية تعرض على خشبة المسرح الحديث خلفه .. وحالة من الصراخ و العويل مردوفة بموسيقى غربية تزيد من درجة غليانه وتبرمه .. وجع جديد / قديم يطل ..
    - سأنتظرك حتى لو ابيّض شعري .. لن أكن لغيرك ..
    - أنا مسافر في هذه الدنيا .. لا أهتم أن كان لي بيت أم لا .. ثلاجة أم لا .. عربة ..هنائي في داخلي .. أنا أزهد ..
    - و أنا كذلك .
    هراء هذا الفعل .. هراء هذا الكلام .. يضحك .. و أنا كذلك ؟ و بلا ترتيب تجئ فاطمة ذات العشرين ربيعاً .. و يضحك مختار بهستريا .. وصافرة سفينة تخترق أذنيه .. هؤلاء المخرجون يرمون بك في لج هذا الهراء لتحلم و .. تدفع .. كم كنت ساذجاً يا مختار حين كنت تظن الطريق سهل .. ماذا تجدي هذه الفرجة ؟ .. ولماذا يجئ الفعل معتلاً مهزوماً .. لماذا يجئ حلم .. ليكن الاختلاف ولتستمر الحياة يا مختار .. ولكن ما لهذا الوجه .. الوجه المرعب يزحمه .. وجه عابس و أنف ملطّخ و فم مسّور بهذه الشعيرات غير المنتظمة وعينان ترسلان شظايا تجسيك على ركبتيك تتوسل .. وتنفجر بين الأشياء تضاد غريب .. تحب حين يتوقع أنها تكره وتكره حين يتوقع أنها تحب .
    و قال الراوي : ( كانت تأتي من بين أيادي الأطفال .. وترسم للمدينة لافتاتها .. وتعلم العروس رقصة الطيور المذبوحة وكانت تحكي مصرع فنان تحت سياج الهم وبين أشيائه ) .
    كانت هناك في المحطة الأولى .. رآها تصوب النظر إليه .. نظرات جريئة وحادة .. حاول أن يزوغ منها... ولكنها كانت قد دخلته عنوة لأنه لم يعتاد مثلها .. عينا فاطمة خجلى .. وكانت عينا كاترين تقولان كل شئ بوضوح .. هيا نعبر الجنون بطقوس الوله .. كانت تريد أن تعيش لأنها تخاف الموت .. ولأنها لا تحب الهزيمة .. وكان مختار يعرف تماماً أنها تحاصره ..
    - يجب أن تسافر معي .. سنعطيك كل شيء .. كل شيء ..
    ومختار في فخ هذه الزاوية مربع لازدهار البنفسج عيون لالتقاط المسار .. وانشطار في التوجه .. الفن الذي لا يحرك أمة من مواتها ليس فناً .. و هذا الأوان أوان الثرثرة .. وقابض هذه العبارة ( أن تصمت هو أن تموت ) . كم هي المسافة بين الإفلاس و الجدوى ؟ ... تزدحم الطرق المؤدية للمطار كل صباح جديد .. لماذا يفر هؤلاء .. عم عباس كان أول المغادرين .. كان يجري مرعوباً من زحام إلى زحام اشد كلما ظن أنه وصل تتعقد الأمور ويزيد لهاثه .. ووجه ذلك الفارس المرعب يطارده .. الشوارع خاوية كما البطن .. والنفس تشتهي .. و الخضرة تلوح بعيدا خلف هذه الوجوه الهاربة ..... الـخـضرة تـمـسك بـآخر خطوات هذا الهارب و آخر المسار لا يلوح ..
    وكانت فاطمة هي الوحيدة التي تعرف ميعاد الولوج إليه .. كانت تحكيه وتحلم معه .. كانت تسفيه كأس الكتابة في زمان القحط .. وتعطيه الكلمات في زمان العسر .. أمسكت بيده يوم خرج مع عم عباس .. هو لا يدري لماذا لم يطاوعها .. يذكر الآن كيف فارقها ووجهها خارطة للألم والبكاء .. يرخي أذنيه .. موسيقى غربية تزحمه .. وهي شعرة ما بين الإمساك بتلك اللحظة وإفلاتها .. حتى المعاني صعبة كهذا الوجه المفلطح .. لماذا يطارده هذا الحارس وهذا الوجه ؟ .. وانحباس اللسان ؟ .. و كما السفينة ماذا لو سار على سطح المدينة .. اللحظة المرهونة لا تجاوز أول الذاكرة .
    - أتعرفين يا كاترين أن هذه السياحة التي تدخلين بها ضرب من الحصار ..
    - بالتأكيد لا! ..ارتقى .. فقط .. أريدك أن تكون في القمة ...
    - أعلم ذلك .. و لكنك تشوهين طريقي .
    فاطمة جاءت من رحم مشتعل بالرعب والرغبة المخنوقة .. مفتونة المواسم .. والدها مات وهي لا تزال طفلة لم تتعلم الكلام .. لا تذكر كيف كانت طفلة .. حوصرت بالوجع والإهانة .. لكنها كانت تمسك بمختار الأمل .. حاولت أن تردعه عن السفر .. كانت تدرك أن أحلامه بحجم هذا الفضاء و بيفع هذه الأرض البكر .. هي لم تكن تعرف لماذا تخاف رحيله ولكنها كانت تدرك خوفها من ذاك الوجه المرعب المفلطح .. شيء ما كان يوحي لها بذلك .. وافلت مختار من بين يديها .. كان يدميها مختار هناك على رمال البعد يمدد كتفيه حبالاً لينوم على تعبه كل الغلابة .. وتمسك في ذاكرتها بآخر مرابط هذا المختار وأنفاس مسيرته فاطمة كانت تدرك أنها تموت رويداً رويدا ً و كانت تقاوم ..
    - أريدها يا ...
    - الناس ؟
    - لا أهتم ..
    - ستعرف كل شئ ..كل شيء ..
    ( وقال الراوي : الفضاءات تتقزم ..و المساحات الخضراء تنعدم ورحل السحاب عنهم ولم يمطر رغم دعوات الشيوخ ) .
    الموسيقى الصاخبة تملأ أذنيه .. أصوات أقدام ورصاص ولهاث .. والوجه المرعب يجيء من كل مكان كما فاطمة .. يجيء من كل شيء حتى من تلك المقاهي المتكئة على أخشاب بالية خلف قطار السكة حديد .. أناس يصلون الصبح حاضراً ويأتون إلى المقهى يناقشون مباراة كرة القدم .. فاطمة تحاول أن تزيح هذا الوجه النتن .. و أصوات حشرجة تذيع المباراة .. صمت مريب .. المذيع بصوت مكرر يعلن ولوج هدف رخيص .. مكرر .. مكرر .. موسيقى .. هلع .. صراخ .. دم مراق .. كيف يجلب هذا الهلع طريق .. كيف تجلب هذه الضجة جيل ؟ .. الفزع لا يجلب عقلاً .. يا مخرج الروائع توقف .. أما آن لك تترجل عن هذا الفرس الجامح .. أن تناول القشور لا يجدي .. لماذا لا تلج ؟؟ ..
    - يا فاطمة أحبكِ ..
    - لا تسافر .
    - لا تصنعي خوازيق .
    - أنت لا تحاول أن تفهمني .
    - لماذا نسرق حتى اللقاء ؟
    كان العام يجر أذياله .. وكانت أطراف المدينة ملتهبة تضج بالصخب .. و كانت الأسواق خالية إلا من قط يموء وسط أكوام الزبالة .. و###### ينبح خلف رجل الشرطة .. و .. شبح يسير في الظلام خلفه شبح .. يقتربان .. يتماسكان لحظة ثم يندفعان .. صوت باب سيارة يفتح ويرتطم .. تختفي الأيادي و السيارة بأصحابها .
    كانت يدك يا مختار ممدودة .. إصبع في الحناجر وإصبع في ملامح ذلك المكان .. و أصبح يسد الطريق و منافذ الوصول إلى المطار .. والقرية تنزف كما فاطمة وجعاً أسود .. طفلة تبكي وثدي أمها لا يدر شيء .. غبار كثيف يحد منابت الوجع والرحيل .. وكانت كاترين لا تيأس و تلد المحاولة تلو المحاولة .. أنت هنا مقبور يا مختار ... كاترين تضع مكياجاً وتتبرج سماً .. خذ يا مختار .. اليد ممدودة والابتسامة تلد سيجارة و .. جواز سفر ..
    وقال الراوي ( كان صهيل مختار ينمو من شقوق الوجع وينمو .. كان يدور يا سحاب التمكن كن مطري و يا يدي كن الممكن .. أركض يا شمع الظلام وعلم المسار .. و أكبر يا طفلي المسروج للسفر ..أمتطي صهو الطريق .. فك الحصار .. و أقبض معي وجه النهار ) .
    تدخله العبارة من كل المسامات والشروخ .. البحر مكانه يمتد على مدى النظر .. و هذه العوالم تنعكس على صفحة الماء عكراً .. لماذا مصاب بانبهار السفر ؟ .. و تمتلكه رهبة الفرجة لا رغبة المشاركة ...و يطوف بأنفاسه أوديتها و ليلها ويتسوح فيها ... وكان شئ ما يظل يتمدد بينهما .. ويظل يكبر كالسؤال المردد الخبيث .. وصخب الموسيقي لا يزال .. وكانت خيوله المطاردة لفاطمة تتعارك مع الوجه ذو الرائحة النتنة ..
    - لو كنتِ تحتاجينني فلنتزوج ..
    - أخيراً لفظتها ..
    - و هل هناك فرق بين الحب والحوجة ؟
    - لن نصل إلى العمق و أنت بهذا العنف .
    - كنت أعتقد أنني قد فهمتك .
    - أنت عنيف وفي اتجاه واحد .
    - أنا أؤمن بأن الذي يحب لا يعرف المتاجرة ولا المناورة و لا التراجع .. أنه يفعل كل شيء .
    و يترهل النهر عند هذا المنعرج في نفس زاوية الشمس المتراجعة نحو الأفول .. ووجه الحارس على ضفتي الذاكرة .. حين سور نفسه بهذا المكياج كان يدرك سر أن تضع مكياج العظمة الغموض وهالة العلو ورماك بالعجز يا مختار .. أنه لا يعترف بالموهبة .. وكانت الأخرى مع عم عباس حين قرر الرحيل .. يا عم عباس هل كان الرحيل قدر و كان شيء ما يشدك خلفه .. و كان اشتهاؤك يا كاترين أقسى .. كانت هموم مختار أمامها على الهواء الطلق .. كان يحكى لها عن كل شيء و كانت هي ترسم تفاصيل الهجوم عليه .. هي تزرعه بالإحباط وتسقيه كأس الهروب من المواجهة وتسوره بكره البقاء .. أن تبدع في بلد شرعته خبز وماء موت .. أن تركض وحدك وهم .. الإبداع عندنا حيث الرحابة والقبول .. بيننا و بينكم مائة عام .. عندكم منابت الهموم أكثر .. و لا تلد إلهاماتكم إلا بقايا هياكل .. البناء مختل .. فكيف تعطي جائع ليأكل ثقافة ؟ لمن تبدع و الذين من حولك مصابون بضعف الذاكرة و فروسية الكلام ؟؟ متى ستجد من يحميك من هذا الوجه المرعب المدمر الذي يطاردك .. هو فقط يعرف الفرق بين العالم الأول والثاني ... و الخامس .. ويجيد اللعبة .
    و جرح يجيء عقب جرح آخر .. ويرمي مختار عقب السيجارة المائة ..أقدام تركض .. وجه واحد كان يركض نحو الخضرة ملطخاً .. وألف وجه كان يركض نحو المطار .. لم يدرك مختار سيناريو هذا الوجه المفلطح ذو الرائحة النتنة .. يجيء مرة عم حسنين الباشكاتب .. و مرة مدير المسرح و مرة شرطي ومرة جزار .. و حذاء .. و###### ينبح في ظلام مر ... و أنياب أسد و عمدة .. شرطي .. تاجر .....أينما يكون يكون سد وفجيعة.. وتتكثف أسباب السفر ..
    صافرة السفينة في أذنيه تختلط مع أصوات الركض والعويل .. ويستسلم للحدود الضيقة تطارد همومك وهي تتكثف .. أنا أعلم أنك تحاول ولكن المحاولة وحدها لا تكفي .
    - لا اهتم .
    - لكننا .
    - سيناريو آخر للهزيمة و الانكسار .. سئمت هذه المعادلة .
    - أنت تملك ما لا يملكون لكنهم يملكون المفاتيح .. أينما تركض هم أمامك ..
    - لأني أملك ما لا يملكون ..
    - و هم يملكون ما لا تملك ..
    - هذا الحوار أعمى وأصم وأخرس .
    وتتداخل موسيقى غريبة عنيفة مع المراحل الأخيرة من إتكاءة السفينة بعد رحلة طويلة ومجهدة .. والضوء الباهت حولك ينبئك بانتشار الهزيمة .. العام في لحظاته الأخيرة .. الصخب في قلب المدينة على أنغام غناء لا يعرف معناه أحد .. تذكر أمه هناك .. كان يعرف أن حركة فمها الجميل هي دعوات و أمان وابتهالات للصحة وحصاد أوفر وخضرة تمتد و بركة تحل .. كان يدرك أنها تستقبل عامها الجديد و هي على سجادة وقلبها سليم .. ويعرف مختار أن الهموم هناك صغيرة كتلك المراكب المنسابة في النيل كأشعة شمس صباحية .. كانت ظلال النخيل هي الأحضان و السلوى .. كان حاج محمد يتكئ علي تلك الرمال المفروشة يحكي عن بطولاته وصولا ته في المدن ويصدقون كل كلمة يقولها .. أدرك لحظتها فقط أنهم لا يحتاجون لمسارح بل يحتاجون لصوامع غلال .. وصوامع غلال .
    و قال الراوي :( كان الأطفال يتوغلون في انهمار ضوء القمر .. و من خلفهم تطل ألف مئذنة ومن خلف المآذن تطل منابت الروح ) .
    فجأة يتذكر مختار جواز السفر و غرفته البائسة ذات الجدران المتآكلة .. وتلك الفوضى .. كان يملك كل المدينة وهو داخل غرفته ويفقد كل شيء خارجها .. يتوه .. حتى لمبات النيون تجهره ..ويبقى الحذاء ثقيلاً رغم محاولات الهرولة ... ويجيء الوجه المفلطح من كل الزوايا .. ويعاني هو نعاس الخلاص ويدخله حنين السفر .. يداه مغلولتان وكل الطرق تؤدي إلى الإحباط .. كيف تنمو هذه الدهاليز وكيف تجيء خارطة الفرد مشوهة ؟؟ والوجه يصاهر دمه ..
    ( عزيزي مختار تعال .. تعال .. أحبك – تعال ) ..
    مزق الرسالة كما مزق جواز السفر .. ألقى القصاصات حانق الرغبة مخنوق الاعتبار .. كانت أشلاؤه تدنو ويضيق تنفسه .. الوجوه الراكضة نحو المطار تمارس معه حرفة ( *المدافرة ) .. حتى هذه الوقفة لا تجدي .. العمدة يطارد عمه عباس والأرض تتلاشى .. الوجه المرعب يطارده ..أصوات الصافرات حانقة وركض وعويل وسيجارة .. استدار .. يجب أن يسكت هذه الأعاصير .. يجب أن يعارك آخر معاقل هذا الوجه المفلطح .. واستدار وبنفس قوة استدارته كانت فاطمة في وجهه تماماً .. فوجئ و أنغمس .. هي تدخله وتزحمه .. بنفس الفستان الأزرق الجميل .. كانت فاطمة في كل شيء .. الأبواب و الشبابيك والأزقة .. تخرج من زبد البحر ومن صومعة غلال .. أقدام تركض وعويل موسيقى صاخبة وصافرة طويلة مميزة تعلن منتصف الليل .. ظلام عام ..أبواق السيارات المتراصة على الشاطئ و صافرات السفن .. ملامح تبدأ واضحة ثم تنزوي كوجه عم عباس بحياء ثم تتحول وجه مرعب وتكتم أنفاسه .. تمد يدها وتركض فيه فاطمة .. أوردته و شرايينه تنتفخ كما أوداجه .. عيناه جاحظتان .. وكما لم يستوعب اللحظة تماماً اندفع للخلف بنفس سرعة استدارته .. وتندفع معه كل المدينة ..وكان الماء المالح كالوجه المفلطح .. موج وشنبات كثيفة .. صراخه يضيع وسط صافرات السفن الراسية وأبواق السيارات .. تظهر يد تارة ومرة نصف وجه .. غرغرة الماء كصافرة السفينة .. كعنف الخطى اللاهثة نحو المطار .. و أنوار حمراء وبيضاء و زرقاء تحتل الفضاء ..ثم تضيق المنافذ .. والعام يتلاشى .. نور جاهر وظلام شديد .. ثم سواد حالك .. وتتلاشى الأشياء كما العام .. ولا يبقى إلا صمت من نوع ما .. كصمت عم عباس حين سأله مختار لماذا رحلنا من هناك ؟ لماذا ؟؟ .
    وقال الراوي :( برتابة الفعل استعمر العمدة فاطمة .. وأحتل الأرض ) .
    حين فتح مختار عينيه كان كل شيء حوله أبيض .. وأول ما تذكر طل سؤال قديم مردد .. لماذا يموت العاشقون وأشياءهم الجميلة تحت سياط الوجه المفلطح ؟
    - ي..يـ .. يا ..يا دك ..توووووو....ر
    أياد أربع تحاصره .. و إبتسامة .. حاول بجهد أن يتعرف على ملامح هذه المرأة .. فمها يتحرك .. كانت تقول له شيء ما .. هي تهمس .. يرخي أذنيه في إعياء .. لكنه لا يسمع .. يتوسل إليها أن ترفع صوتها .. بطرف عينه اليسرى يرى سجادة .. يلتفت يمنة يراها تمد له سيجارة و بخبث .. جواز السفر .
    - ستجد كل شيء هناك .. سنعطيك كل شيء .. كل شيء .

    محمد عبد الله حرسم
    جدة
                  

العنوان الكاتب Date
الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-17-13, 07:47 AM
  Re: الركض..والانغماس جورج بنيوتي03-17-13, 02:13 PM
    Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-19-13, 08:01 AM
      Re: الركض..والانغماس بله محمد الفاضل03-20-13, 08:55 AM
        Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-20-13, 07:09 PM
          Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-21-13, 08:19 AM
            Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-21-13, 06:01 PM
              Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-24-13, 10:26 AM
                Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-25-13, 05:26 PM
  Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-28-13, 11:03 AM
    Re: الركض..والانغماس محمد عبد الله حرسم03-31-13, 10:26 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de