نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 03:20 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.أحمد عثمان عمر(أحمد عثمان عمر)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-23-2005, 07:19 AM

awadharoun
<aawadharoun
تاريخ التسجيل: 09-04-2003
مجموع المشاركات: 543

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ (Re: أحمد عثمان عمر)

    المتداخلون الاعزاء
    الدكتور احمدعثمان عمر
    اسمحوا لي ان اشارك في النقاش المفتوح بهذه الدراسة المتواضعة والتي اعتقد ان لها علاقة بموضوع النقاش

    دراسة عن الراسمالية الطفيلية الاسلامية في السودان
    - تصبح الدولة في المجتمعات الثالثية هي البديل الوظيفي لمختلف الفعاليات الطبقية-الاجتماعية، بل عائقا دون تبلورها تكوينا، ووعيا، وممارسة. وإذا كانت الحركات الوطنية في هذه المجتمعات قد شكلت ما يشبه "حلفا وطنيا" حارب الاستعمار الأجنبي، ودافع عن الذاتية الوطنية والقومية في فترات الحماية أو الاحتلال، التي كان المستعمر فيها يشكل التناقض المرحلي الأساسي، فإن التناقضات الاجتماعية الثانوية بين مختلف الفئات والشرائح لم تلبث أن انفجرت بعد استلام الاستقلال الشكلي. ولما كانت بعض فصائل النخبة الوطنية هي التي تملك تأهيلات اقتصادية وثقافية وسياسية لخوض مرحلة ما بعد الاستقلال، فإنها، ونظرا لظروف نشأتها وتكونها في أحضان المستعمر، ولارتباط بعض مصالحها مع بعض مصالحه، لم تكن قادرة على دفع مد الصراع الاجتماعي إلى مداه البعيد، ولذلك كان تركيزها على السلطة، بل التسلط لكبح أي صراع، وإبعاد أي عنصر مناوئ، مختلف، أو مخالف لتوجهاتها.
    ولما كان المستعمر/الاستعمار يشكل لدى هذه النخبة النموذج المثالي، في شكله السيطري التنظيمي، إداريا وعسكريا، فقد أخذت منه شكله القمعي العنفي المتمثل في مؤسسة الدولة، التي ستحتل في هذه المجتمعات الثالثية محور الارتكاز الأساسي المستقطب لكل الفعاليات والاختلافات الاجتماعية… وستبرز الدولة في هذا الوضع كجهاز مركزي محتكر وحده للتاريخ، ومهيمن على كل الفئات والشرائح والطبقات الاجتماعية المتباينة، ومحدد لمآلها ومصيرها. هكذا، إذن، تصبح الدولة بمثابة القطب الجاذب في المجتمع رمته، وتغدو السلطة السياسية، ممثلة في أجهزة الدولة، بمثابة النقد كوسيط كوني بين الفرد ومختلف القيم الاقتصادية والثقافية. إن الاقتراب أو الابتعاد من السلطة هذه سيكون، في هذا الحال، هو المحدد الرئيسي للوضعية المراتبية للشرائح والفئات المختلفة، ولمواقفها ومواقعها وأدوارها الاجتماعية.
    "وبقدر ما تصبح المكانة التي تحتلها طبقة أو فئة اجتماعية معينة في الدولة هي التي تحدد وضعيتها الاجتماعية، وغالبا أيضا وضعيتها الاقتصادية، فإن الصراع على السلطة يصبح العامل الذي يشرط ويتحكم بكل فعالية اجتماعية فكرية كانت أم مادية. وتبدو الدولة عندئذ كمجرد رافعة للطبقات وللنخب المتجددة. وهذا ما يفسر الهشاشة الكبيرة للحياة السياسية في البلاد النامية من جهة، وسيطرة هذه الحياة المفرطة على كل نواحي النشاط الفردي والاجتماعي. إن هذه الدولة الثالثية "وعندما تتحول… إلى أداة تخدم مصالح فئة اجتماعية محددة، أو تصبح هي ذاتها إطارا لتنظيم هذه المصالح وتوسيعها حسب منطق دورة رأس المال الدولي، فإنها تبدو، بحق، من أعظم ما أنتجه التاريخ من الدول التعسفية، فتجمع القهر الفكري إلى القهر السياسي، وتدمر السلطات الخاصة والمستقلة، وتجعل من سلطتها الذاتية ومصالحها سلطة/وطنية/ومصالح/عامة/. فيصبح على الشعب أن يخدم هذه المصالح، ويدافع عنها، ويخضع لها، ويكرس نفسه وإمكاناته لتطويرها"1 – بادي (بيرتراند) – بيرنبوم (بيار): سوسيولوجيا الدولة، ترجمة جورج أبي صالح، مركز الإنماء القومي، بيروت، طبعة أولى.
    ويترافق هذا التصدر الدولوي مع بروز "بورجوازية متوسطة أو صغرى" إلى جوار الكومبرادور المرتبط عضويا بالمتروبول الأجنبي. هذه البورجوازية المتكونة أساسا من أرباب المشاريع والأعمال الصغرى والمتوسطة، ومن بعض الموظفين والمثقفين…الخ، ونظرا لما تفتقده من سند اجتماعي-اقتصادي قوي، فإنها لا تجد ما يعزز مواقعها وأوضاعها غير الارتباط المصلحي بالدولة والتعلق بها. ومن هنا نفسر العديد من حالات سقوط الكثير من الرموز السياسية والفكرية، وارتمائهم في أحضان الدولة، وتحولهم من معارضتها إلى سدنة وخدام مخلصين لها إلى حد العبادة والتقديس، ضمانا لمصالحهم الاقتصادية والسياسية، على حساب المصالح الوطنية العامة
    من هذا المنطلق يرى أغلب المهتمين بقضايا التنمية والتخلف أن ما تعانيه المجتمعات الثالثية من تخلف مركب ومستفحل يرجع، بالأساس، إلى الإخفاق السياسي للدولة القائمة في هذه المجتمعات، وارتباطاتها بفعاليات وممارسات اجتماعية تخدم، بالأساس، توجهات ومطامح لا تمت إلى مصالح وحاجات ومطامح الأغلبية الساحقة من الشعب بأي صلة، بل ترتبط أساسا بالدولة وزبانتها ومجمل السائرين وفق خطها الرئيسي في قمع ونهب المجتمع، وإحكام الخناق عليه، وإدارته عبر تسخيرها لأعوانها وعملائها من مختلف الشرائح والفئات بأقل كلفة ممكنة.
    وفي الأوضاع الاجتماعية المتردية التي تخلقها دولة المصالح الخاصة هذه، يفتح الباب واسعا وعلى مصراعيه لكافة أساليب الانتهازية والوصولية، وللعديد من العلاقات القرابية والزبونية وعلاقات الولاءات السياسية والشخصية لتحقيق الأغراض والمصالح الفردية والفئوية الخاصة والمحدودة.
    ويقع تكريس هذه الأنماط من السلوكات بقيم ومعايير هي، في عمقها، ضرب لقيم العمل، والإنتاج، والإيثار، والتسامح، واحترام الاختلاف، والنضال من أجل المصالح العامة المشتركة. وهكذا تنتشر قيم الأنانية، والتحفظ، والحذر من الآخر، وتربص المبادأة، والتكتم على المشاريع والمصالح والحاجات الشخصية…
    وغير خاف "أن الضغوط الاقتصادية الشديدة التي يتعرض لها الناس [ في مجتمعات العالم الثالث ] بفعل استغلال الطبقة البورجوازية الطفيلية للشعب، تجعل من العسير جدا على الناس الاستمرار في التمسك بالقيم الإيجابية، وتخلق بيئة مناسبة لانتشار الفساد الخلقي مما يؤثر تأثيرا بالغا على إنتاجية الفرد في المجتمع"(2). – بالاندييه (جورج): الأنثروبولوجيا السياسية، ترجمة جورج أبي صالح، مركز الإنماء القومي، بيروت، طبعة أولى، 1986
    ومن مظاهر هذا الفساد الاجتماعي والخلقي انتشار الرشوة والاختلاس والسمسرة بأشكالها المتعددة، وفي مختلف المجالات، بدءا من مجال التعاملات الحياتية اليومية العادية حتى المستويات العليا إدارية وسياسية، بل وحتى ثقافية أحيانا. ويقع، بفعل هذا كله، تدعيم كافة أنماط الممارسات الشاذة واللامسؤولة خلقيا واجتماعيا، ونبذ واحتقار كل سلوك عقلاني خلقي أو نضالي مسؤول، سواء في المجال العلمي والمعرفي، أو في المجال الاقتصادي، أو السياسي أو الاجتماعي.
    "إن التواجد وسط مناخ عام فاسد يتطلب من أي مواطن شريف قدرة خارقة على مقاومة الفساد، بل إن المقاومة قد تعرضه لأخطار التآمر عليه، علاوة على المعاناة الشديدة من الضغوط الاقتصادية التي يرى غيره يتغلبون عليها، أو يخففون من حدتها بالفساد"(3). بركات (حليم): المجتمع العربي المعاصر، بحث استطلاعي اجتماعي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، طبعة ثالثة، 1986.
    هكذا، إذن، تظل الدولة الثالثية بدون تجذر اجتماعي فعال، الأمر الذي يجعل منها، في الواقع، دولة خواء اجتماعي على حد تعبير أحد المفكرين (4) عامل (مهدي): أزمة الحضارة، أم أزمة البورجوازيات العربية، دار الفارابي، بيروت، طبعة ثالثة، 1981. وسبب هذا الخواء الاجتماعي "هو أن هذه الدولة لم تنشأ عن صراع داخلي قسم المجتمع وكتله، وأتاح بالتالي لأحد أطرافه المتصارعة أن يرسي سيطرته عبر "مسيرة طويلة" هي، فعلا، سياق تكثيف التناقضات داخل المجتمع، وسياق صوغ تاريخية جديدة بعناصرها المتعددة: أسس انقسام المجتمع، والمؤسسات التي تنظم الانقسام والتكامل، والثقافة التي تقرأ تاريخا لم تسبق كتابته. أي أن دولة مجتمعاتنا لم تشكل جهاز سيطرة انبثق من المجتمع ولو باتجاه الانفصال عنه وامتصاص "مادته". لذا ولدت هذه الدولة، بنمط سلطتها الخارجية وطاقمها وأجهزتها ومثقفيها، هامشية بالمعنى الحرفي. ولم تنجح في كسر هامشيتها حتى في أوج سطوتها، عندما بدا أنها أمسكت في قبضتها مقاليد الحكم والتنظيم السياسي ووسائل الإنتاج الرئيسية والإيديولوجية الرسمية.
    وبذلك ظلت المكونات الثلاثة الآنفة: المجتمع: ، والأمة: ، والدولة: ، في العالم الثالث، لا تجد وحدتها وتكاملها إلا على مستوى إيديولوجيا شعارية خادعة ومخدوعة في نفس الآن(5)، غليون (برهان)، الوعي الذاتي، منشورات عيون المقالات، الدار البيضاء، طبعة أولى، 1987. إيديولوجيا تتوسل، أحيانا، إلى القيم الماضوية والتراثية لدعم مقومات وجودها، تعمل دولة السلطات المطلقة هذه على إقبار كل المبادرات القاعدية المخالفة المتحفزة، وعلى إنهاك وإضعاف المجتمع المدني: بالعنف إلى حد التآمر ضده ضمانا لتأييد سيطرتها وإدامتها عوض أن تعمل على تقويته، وأن تكون سنده في تحقيق توازنه، وفض نزاعاته، وتوجيه طاقاته واختلافاته نحو الخلق والإبداع والمبادرة، وتكريسها لخوض الصراع ضد التبعية والتخلف بدل الصراع الذي تخلقه بين دولة استبعادية من جهة، ومجتمع متفكك متحلل، من جهة ثانية(6). غليون (برهان): مجتمع النخبة، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1986.
    الطفيلية الاسلامية في السودان :
    يعيش النشاط الطفيلي على الفائض الاقتصادي دون ان يسهم في انتاجه وتجديده او تعميره. ودون أن يسهم في الخدمات الضرورية التي تساعد على اكتمال دورة الانتاج والتوزيع. وتسعى الطفيلية الى الربح السريع باية وسيلة، فتعمل في المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار. وتعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة. وتستغل المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية(7)«راجع خطاب المعارضة الديمقراطية في البرلمان عام 1986». وتستورد الاطعمة الفاسدة التي تضر بصحة الناس، ما دامت تأتي بربح وفير، مثل استيراد البيض الفاسد، فالطفيلية جزء من النشاط الاقتصادي وليست جزءا منه. فالنشاط الاقتصادي يربح وفي نفس الوقت يبنى ويشيد، أما الطفيلية فتنهب .
    فعن طريق جهاز الدولة الذي ورثوه من الادارة البريطانية وأضافت عليه الحكومات السودانية المتعاقبة أجهزة قمع اضافية وضخمته ووسعت صفوفه وزادت تكلفته وأصدرت قوانين لا تعد ولا تحصى لمصلحة البيروقراطية ولمصلحة أجهزة القمع من جيش وبوليس وغيره لمصادرة الحريات. فهذا الجهاز يحكم سيطرته على القطاع العام وهو أكبر قطاع اقتصادي لايزال في السودان بحكم ملكيته لمشاريع صناعية وزراعية والبنوك وبحكم كونه أكبر مخدم وأكبر مستثمر ولهذا تملك الفئات البيروقراطية الى جانب القرار الاداري قراراً في الشأن المالي وهي بهذا تؤثر في التطور الاقتصادي ولها مصلحة مرتبطة بالرأسماليين في السوقين الأبيض والأسود.( جزماتي " نزير – في فكر محمد ابراهيم نقد " بيان الكتب – جريدة البيان الاماراتية
    كانت الإدارة البريطانية قد نأت بنفسها عن التدخل المباشر في ما يتعلق بالشئون الأسرية حتى لا تستثير غضب عامة المواطنين وما يترتب على ذلك من تهديد للأمن والاستقرار في الدولة (9)فلوهر-لوبان - المجتمع والدولة في الوطن العربي، ،1989. علي هذا النحو، أبقت المحاكم الشرعية حق تطبيق قانون الشريعة الإسلامية علي قضايا الأحوال الشخصية أمراً مستقلاً عن المحاكم المدنية وذلك منذ بداية النظام البريطاني وحتي عام 1983.
    تم النمو السرطاني للرأسمالية البيروقراطية والفئات الطفيلية المرتبطة معها في السوق السوداني، عن طريق ارتباطها بجهاز الدولة وبالاتحاد الاشتراكي ومؤسسات السلطة فقد تحول جعفر النميري فجأة الى الفكر الاسلامي وأصدر القوانين الاسلامية و«تأسلم»، فالجميع يعمل بالصيغة الاسلامية وهذا أنجب أموالا طائلة للفئات الطفيلية لأن النظام المصرفي الاسلامي يتعامل بالمرابحة والمشاركة ولا يتعامل بسعر الفائدة، وبالتالي يتعامل بالتسهيلات قصيرة المدى وهذا ما أدى الى اتساع نشاط الفئات الطفيلية في المضاربة بالسلع التموينية والمحاصيل، خاصة وان التوصية للبنك لتقديم التسهيلات لا تعتمد على الضمانات المالية أو العقارية أو الضمانات المعروفة في النظام المصرفي وإنما الضمان يتوقف على الهوية السياسية في السودان. (10) ) جزماتي " نزير – في فكر محمد ابراهيم نقد " بيان الكتب – جريدة البيان الاماراتية
    : تستخدم الطفيلية الإسلامية آليات مختلفة لمراكمة رؤوس الأموال بالاستحواذ على القدر الأعظم من الفائض الاقتصادي الذي يحققه المجتمع وكذلك اقتطاع جزء كبير من القوت الضروري للمواطنين وتحويله لمصلحتها. هذه العملية تتم باستغلال قطاع الدولة ونهب موارده وتوظيف جهازها لنهب موارد التكوينات الاقتصادية الاجتماعية الأخرى. فهي تسخر آلة الدولة لتحجيم وابتلاع الشرائح الرأسمالية الأخرى وسحب وامتصاص موارد القطاع التقليدي باستخدام الأساليب الاقتصادية وغير الاقتصادية ابتداءاً بآليات وقوانين السوق مروراً بالفساد وجباية للتبرعات القسرية وانتهاءاً بالقهر الديني والسياسي إلى درجة التصفية الجسدية.
    بهذه الأساليب تستولي الطفيلية الإسلامية على الأموال والمنشآت والعقارات والأراضي. تصادر الأراضي الزراعية والصناعية بحجة عدم استغلالها وتعيد تخطيطها لأفرادها لتصبح موضوعاً للمضاربة في أيديهم.(11) قضايا اقتصادية – العدد الخامس 1997 – الحزب الشيوعي السوداني
    السلوك الاستهلاكي الإقطاعي للطفيلية الإسلامية:

    تتبع سلوك الطفيلية الإسلامية يقودنا للوصول إلى عدد من النقاط التي يلتقي فيها مع نظيره الإقطاعي. فهذه الشريحة الاجتماعية الممسكة بزمام السلطة السياسية في السودان تستولي على الفائض الاقتصادي دون ان تشارك في إنتاجه. وأدواتها الناجعة في هذا، جهاز الدولة وتنظيماتها المختلفة. عملية مراكمة رؤوس الأموال التي تقوم بها الطفيلية الإسلامية هي أشبه ما تكون في أساليبها وشراستها بعملية التراكم الأولى لرأس المال في بلدان أوربا قبل 500 سنة، إلا ان عملية التراكم الأولى هذه شكلت إحدى المقدمات والمقومات الضرورية لتحلل النظام الإقطاعي في أوربا وتطور الرأسمالية ونجاح الثورة الصناعية التي أحدثت تحولاً كبيراً في مستوى القوى المنتجة بشقيها المادي والبشري وبالتالي زيادة إنتاجية العمل لينتقل الإنتاج من الشكل البسيط إلى الشكل الموسع ولتتطور عملية تراكم رأس المال في شكلها البدائي إلى شكلها الأرقى. هذا التطور ما كان من الممكن بلوغه لو لم يتحول هذا التراكم الأولي إلى تراكم حقيقي لرأس المال ممثلاً في الآلات والماكينات وقوى العمل والمنشآت الإنتاجية وكل الشروط اللازم توفرها لإتمام العملية الإنتاجية وضمان استمرارها وتجددها على نطاق أوسع. النتائج التي تحققت من جراء التراكم الأولى لرأس المال في أوربا – لم تكن هي نفس النتائج التي تحققت من خلال تتبع مراكمة رؤوس الأموال التي تتم على يد الطفيلية الإسلامية – وهذا ما سنبينه من خلال تتبع وجهة توظيف الفائض الاقتصادي الذي تحصل عليه الطفيلية هنا في السودان. ( 12) قضايا اقتصادية – العدد الرابع 1997 الحزب الشيوعي السوداني

    من المعروف ان الإقطاع عاش في كل مراحل تطوره على استغلال الفلاحين والاستيلاء على الفائض الذي يحققه عملهم، هذا الفائض كان يوجه لإشباع الاحتياجات الخاصة للإقطاعي وإلى تمويل وإعداد الفرق العسكرية وتجهيزها لغرض حماية النظام الإقطاعي وتوسيعه. وبالتالي فان الفائض الذي يستولي عليه الإقطاعي لم يكن عاملاً لتراكم حقيقي يقود إلى تزويد العملية الإنتاجية باحتياجاتها وشروط تطويرها، بل ان تبديد الفائض الاقتصادي في غايات استهلاكية غير منتجة كان يعني كبح وعرقلة تطور القوى المنتجة. إذ ان وجهة استخدام الفائض الاقتصادي لم تكن تضع في اعتبارها نمو وتوسيع القاعدة الإنتاجية من الزراعة أو النشاط الحرفي، أي ان الإقطاعي لم يكن مستعداً للتنازل عن جزء من دخله بالاستغناء عن قدر من احتياجاته الآنية وإعادة توظيف هذا الدخل في الزراعة أو النشاط الحرفي بغرض تطويرهما والارتقاء بإنتاجهما. ان هذا السلوك كان نتاجاً منطقياً لطبيعة العلاقات المتناقضة بين احتياجات القوى المنتجة من جهة والاحتياجات الآنية للنظام الإقطاعي من جهة أخري. سلوك هذا النظام الإقطاعي لم يكن كابحاً لتطور الشق المادي للقوى المنتجة فحسب بل شقها البشري أيضاً. حيث كان الإقطاعي يسعى لمقابلة احتياجاته المتزايدة لممارسة المزيد من الضغط على الفلاحين واعتصارهم للاستحواذ على الفائض الاقتصادي وجزء من القوت الضروري، فزرع بذلك الشعور بالغبن في نفوس الفلاحين وإحساسهم بعدم جدوى عملهم.
    الطفيلية الإسلامية تبدد قسماً من هذا الفائض الاقتصادي المتراكم لديها في الاستهلاك البزخي.
    الاستهلاك البذخي لهذه الشريحة الاجتماعية يقتطع قسماً كبيراً من الفائض الاقتصادي وجزء من القوت الضروري للمواطنين ويحول دون تحويل هذا الفائض إلى تراكم حقيقي: آلات وماكينات وشروط إنتاج، بل ان هذا السلوك الاستهلاكي البذخي أوصل أفراد المجتمع إلى حد العجز عن الحصول على أبسط احتياجاتهم من الغذاء، حيث أخذت ميزانيات الأسر تضمر يومياً ويتناقص الغذاء الذي يحصل عليه الفرد كماً ونوعاً. هذا بالإضافة إلى تخلي الدولة المعبرة عن مصالح الطفيلية الإسلامية تدريجياً عن مسؤولياتها في توفير الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات الأخرى، الأمر الذي يجعل إمكانية إعادة إنتاج الأفراد لقوة عملهم حتى على المستوى البسيط أكثر صعوبة وتعقيداً وبالتالي ينتفي شرط هام من شروط الارتقاء بإنتاجية العمل على المستويين الفردي والمجتمعي.
    وتقوم الرأسمالية الطفيلية بتهريب أموالها الى الخارج لانها لا تضمن سلامتها داخل الوطن. وفي الخارج تودع اموالها في اماكن تضمن لها ربحاً عالياً، حتى ولو كان ذلك المكان جزر البهاما، حيث تستثمر مؤسسات المال في كل مجالات الربح السريع، بداية بالمخدرات والدعارة حتى الصفقات المريبة في اعالي البحار. وهي بهذا الاسلوب تهدم بنياننا الاقتصادي على هشاشته، فتحيل حياة السواد الأعظم من اهل البلاد الى شقاء وكد وجري لاهث صباح مساء بحثاً عن ضروريات حياتهم. ولا تطيق الطفيلية العمل التنموي الصبور البناء، فهي تدرك أن دورة حياتها محدودة، لذلك تعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر. ولا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الأوضاع الديمقراطية المنفتحة، فهي تحتاج دوماً الى أداة تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة. (13)" القدال" محمد سعيد – الراسمالية الطفيلية وباء يدمر عصرنا –جريدة الصحافة - الخرطوم
    يعتبر الإنفاق العسكري والإنفاق على أجهزة الأمن والقمع أحد أوجه صرف الفائض الاقتصادي الرئيسية بهدف الحفاظ على شروط السيطرة والوجود المنظم، لذلك فان هذا الإنفاق يشكل أولويات متقدمة على توسيع وتنويع القاعدة الإنتاجية.(ان الدفاع يكلف مالاً كثيراً ولكنه مال يبذل في مكانه وموضعه وان الله يتعهد بتعويض كل إنفاق في سبيل الدفاع عن دولة الإسلام والذود عن كيان الدين. ان الدفاع في الإسلام يأخذ أولوية كبرى، ذلك انه إذا اخترقت الدولة الاسلامية عسكرياً وأمنياً فان ذلك يهدد كل شيء.( 14)من مقالة: زكريا بشير إمام "جدلية العلاقة بين المجتمع والدولة" صحيفة الإنقاذ الوطني العدد 2772 –9/5/1996). – هذه العبارة التي تعبر عن اهتمام الطفيلية الاسلامية بتأمين وجود دولتها يسوقها أحد مفكري الإسلام السياسي في السودان في إطار تعبئة الموارد لتمويل برنامج الدفاع والأمن. ولابد من الإشارة هنا إلى ان الإسلام السياسي يسوق المبررات لتبديد الفائض الاقتصادي في تقديم الرشاوى وشراء الذمم. (ولا شك ان تصور المسلمين الأوائل للدفاع والأمن كان واسعاً وكان يشمل جوانب من جمع الأحلاف وتحييد الأعداء وبذر الشقاق والاختلاف بينهم وتأليف قلوبهم بالمال والكلمة الطيبة) (المصدر السابق). ومن هذا المنطلق فان تأمين وجود نظام حكم الطفيلية الاسلامية واستمراره يشكل أحد الوجهات الرئيسية التي يتم تبديد الفائض الاقتصادي للمجتمع فيها، فيأخذ الصرف على الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية وأجهزة الأمن الرسمية وغير الرسمية نصيباً كبيراً في ميزانيات الدولة السنوية. وعلى الرغم من ندرة المعلومات في هذا الجانب فانه قد بات من المؤكد ان الصرف اليومي على آلة الحرب في جنوب الوطن يتجاوز الـ 5 مليون جنيه في اليوم وبهذا فانه يلتهم 60 من الناتج القومي الإجمالي.
    الإنفاق على الدفاع والأمن يعني إهدار قدر كبير من موارد المجتمع في قطاع غير منتج لا يسهم في خلق قيم جديدة توسع القاعدة الاقتصادية، وحتى تلك الأفكار التي تعتقد ان الإنفاق العسكري يسهم في تطوير البحوث والتقدم التقني على أساس الصناعات العسكرية المتطورة وخلق فرص استخدام فأنها، وفي البلدان المتطورة ناهيك عن النامية، بات من المؤكد ان الصرف في هذا الجانب يلحق أضراراً جمة بتطور الإنتاج المدني.
    تبديد الفائض الاقتصادي وقسم من القوت الضروري للمجتمع، يكبح تطور القوى المنتجة، ويضيف مزيداً من الأعباء والتحديات أمام التنمية الاقتصادية الاجتماعية " خلال الأعوام الثلاثة الماضية (2000 – 2003) إزدادت الإيرادات العامة (الضرائب – الجمارك – البترول الخ) من 297 مليار دينار إلى 603 مليار دينار بنسبة زيادة بلغت 103%، بينما إزداد الإنفاق الحكومي خلال نفس الفترة من 334 مليار دينار إلى 696 مليار دينار بنسبة 108%. ويتوقع لهذا الإنفاق ان يرتفع في عام واحد (نهاية 2004) إلى 999 مليار دينار. هذا الإنفاق الهائل يتزايد سنوياً بينما يزداد الفقر والتردي وبؤس الحياة ولا عجب فالإنفاق العسكري والأمني يلتهم 60% من الإيرادات العامة. والصرف على الحكم الفدرالي والحزب الحاكم وتنظيماته يصل إلى 25% من الموازنة العامة، فماذا يبقى بعد ذلك للأجور والمرتبات والتنمية والخدمات، بل ماذا يبقى لمشروعات السلام وتنمية الجنوب والمناطق المهمشة "
    ان السلوك الاستهلاكي للطفيلية الإسلامية شبيه بسلوك إقطاع القرون الوسطى ويلعب دوراً كبيراً في ان تظل مؤشرات التنمية البشرية في السودان من بين أكثر الدول انخفاضا، إذ جاء ترتيبه في المركز الـ 145 من بين 160 دولة في دليل التنمية البشرية
    … فوجود الطفيلية الاسلامية بسلوكها هذا يعتبر في حد ذاته عائقاً ومعرقلاً لعملية التنمية، لذلك يصبح ضرورياً سبر غور العلاقة التي تربط الطفيلية الاسلامية بالإقطاع ويجعل الأولى تتمثل سلوك الأخير لتكون عائقاً وكابحاً للتطور الاقتصادي الاجتماعي مثلما وقف الإقطاع حجر عثرة أمام تطور القوى المنتجة إلى الحد الذي جعل هذه القوى تتمرد عليه وتزيحه عن طريق تطورها.
    العلاقة بين الطفيلية الاسلامية والإقطاع تستمد مقومات وجودها من طبيعة المجتمع السوداني الذي لا زال يتسم هيكله الاقتصادي الاجتماعي بتعددية التكوينات والتي تشمل تكوينات ما قبل الرأسمالية ومن بينها الإقطاع وشبة الإقطاع وان لا يبدو ذلك بنفس الصورة التي كان عليها الإقطاع في مصر أو أوربا أو أمريكا اللاتينية. علاقات الإقطاع وشبه الإقطاع في السودان ارتبطت بالطوائف الدينية .. زعماء العشائر والسلاطين ورجالات الإدارة الأهلية وارتبطت بالأرض، الضيع ، الرقيق، قطعان الماشية ..الخ. وعلى الرغم من وجود بعض السمات التي تميز الإقطاعي السوداني من غيره مثل الورع .. الشجاعة ..الكرم، إلا ان هذه السمات كانت ضرورية لمن يريد ان يبقى في مركز السطوة والسيطرة. وعلى الرغم من ان هذه العلاقات قد أصابها قدر من التحلل والتلاشي إلا ان قدراً من السلوك المستمد منها لا يزال موجوداً في وعي وثقافة المجتمع، لذلك فان الطفيلية الاسلامية تستمد سلوكها من الإرث الثقافي الذي خلقه الإقطاع أو شبه الإقطاع.. يعزز من ذلك ان التعبير السياسي لهذه الشريحة الاجتماعية هو تيار الإسلام السياسي المشدود نحو الماضي في اتجاه عصر سيادة الإقطاع وقيمه في مختلف مراحل الدولة الاسلامية خاصة بعد انتهاء فترة الخلافة الراشدة. لذلك فان صور مجالس الخلفاء الأمويين والعباسيين والفاطميين والقادة والأعيان وحتى مشايخ الخليج في عصرنا الراهن كلها ترتسم في مخيلة الطفيلي الاسلامي الذي يحاول ان يتمثلها في واقع السودان ويحذو حذوها .. فيبدد الفائض الاقتصادي في إشباع ملذاته الآنية الطفيلية ولا يبذل جهداً ولا يشارك في إنتاج الفائض الاقتصادي بينما يتحصل عليه بسهولة ويسر، وهذا يتولد عنه:
    1. عدم الولاء للعملية الإنتاجية بسبب عدم وجود الإرث الإنتاجي
    2. تبديد الفائض الاقتصادي بنفس سهولة الحصول عليه وهذا يعني ان الطفيلية الاسلامية تعنى أكثر بكيفية الحصول على الفائض الاقتصادي وليس إنتاجه.

    ملاحق الدراسة
    شهادات .. شهادات عن عمايل الراسمالية الطفيلية الاسلامية :

    1/ "من بيان الحزب الشيوعي عن الميزانية" جريدة الميدان
    طوال سنوات حكم الطفيلية الاسلامية، ظلت الموازنة العامة تسخر كل موارد البلاد وثرواتها للإنفاق الأمني والعسكري وتوفير امتيازات السلطة الحاكمة في المركز والولايات على حساب الخدمات العامة والأجور والمعاشات والتنمية، ويبتلع هذا الإنفاق الحكومي المنفلت سنوياً كل الإيرادات العامة بما فيها البترول والذهب، وتباع لأجله مؤسسات الشعب التي وجدت منذ الاستقلال، واراضي الدولة بل وترهن صادراتنا للطفيلية الاسلامية العالمية دون ان يغطي كل هذا إنفاق الطفيلية الحاكمة لتتواصل سياسات فرض الضرائب وزيادتها وكل أنواع الجبايات الأخرى، ثم زيادة اسعار السكر والمحروقات البترولية إضافة للإستدانة من النظام المصرفي
    الأسعار) لأمنه وحزبه في الوقت الذي ارتفعت فيه عائدات البترول من 600 مليون دولار عام 2000 إلى أكثر ان نظام الجبهة الاسلامية يحاول استباق اتفاقيات تقسيم الثروة فيوفر موارد إضافية (عن طريق زيادات من 1800 مليون دولار عام 2003 دون ان تجد عائدات البترول هذه طريقها للموازنة العامة لتحسين حياة المواطنين وتوفير الخدمات العامة الأساسية (صحة، تعليم الخ) أو دعم السلع الضرورية.
    ان سياسة الموازنة العامة التي تقوم على موازنة احتياجات الطبقة الحاكمة مع احتياجات أمنها ومليشياتها دون الالتفات لما يهم السواد الأعظم من المواطنين، قد أوصلت الاقتصاد السوداني إلى هاوية التردي السحيق، فانهارت القطاعات الإنتاجية ليصل حجم صادراتنا غير البترولية إلى 17% منها بسبب تدهور الناتج الزراعي والناتج الصناعي، وبسبب سوء سياسات التصدير والتسويق المحتكرة لطفيلية الجبهة الاسلامية. ويتواصل اختلال الميزان التجاري (رغم وجود صادر البترول) بأكثر من 400 مليون دولار مع استمرار عجز ميزان المدفوعات. أما الدين العام فقد ارتفع من 12 بليون دولار عشية انقلاب يونيو 1989 ليصل الآن إلى أكثر من 23 بليون دولار. ولهذا كان طبيعياً ان يتمدد الفقر ليشمل 95% من السكان إضافة للبطالة مع استمرار سياسة تشريد العاملين من وظائفهم ليصل العدد الكلي من المشردين خلال العشرة أعوام الماضية لأكثر من 122 ألف من 58 مؤسسة وشركة عامة.
    الشىء الوحيد الذي نما وترعرع هو الفساد واختلاس المال العام الذي ارتفع خلال عام واحد بنسبة 100% فقد بلغت جملة الأموال المختلسة من الوحدات الحكومية عام 2002 مبلغ 80 مليار جنيه وصلت في عام 2003 إلى مبلغ 1600 مليار جنيه حيث فصل القضاء في 7 حالات فقط من أصل 137 حالة!!
    ان ارتفاع اسعار السكر والبنزين والجازولين يرفع أسعار كل السلع الأخرى نتيجة ارتفاع تكلفة النقل ومدخلات الانتاج الزراعي والصناعي مما يعني انخفاض الدخول الحقيقية للمواطنين. ولا يجدي الحديث عن زيادة الأجور والمرتبات في ظل التضخم وارتفاع الاسعار. فالحكومة التي تنوي زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 125 ألف جنيه شهرياً تعلم ان الحد الأدنى المطلوب لحياة الكفاف يفوق الـ750 ألف جنيه شهرياً.
    ان مشروع موازنة عام 2004 يواصل تعميق الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تقصف بالاقتصاد السوداني، طالما ظلت موارد البلاد وثرواتها تحت تصرف الطفيلية الحاكمة التي تنوي فوق ذلك تحويل كل القروض الأجنبية لخدمة الطفيلية الاسلامية في القطاع الخاص كما صرحت بذلك وزيرة الدولة بالمالية. أما ناتج مشروع الموازنة العامة القادمة فهو زيادة الفقر والبطالة وتضخم وتدهور أداء القطاعات الإنتاجية... والمزيد من الفساد الحكومي في المركز والولايات.

    2/ من بيان المنظمة السودانية لحقوق الانسان ( دورية حقوق الانسان السوداني – العدد 12 – 2002)
    في أقل من عقد من الزمان أطال نظام الحكم العسكرى للجبهة القومية الاسلامية من أوار الحرب الأهلية في السودان. أفزع النظام النساء والأطفال، وخصخص مؤسسات الدولة لمصلحة مناصري الجبهة القومية الإسلامية على حساب المواطنين السودانيين والاقتصاد الوطني. صادرت الطغمة العسكرية الحريات الأكاديمية، زعزعت القضاء بواسطة السلطات التنفيذية، دمّرت الجيش الوطني، وأفشلت الجهود السودانية والدولية التي هدفت لصيانة حقوق المواطنة لكل الناس على أسس معايير حقوق الإنسان الدولية والديمقراطية السوية.
    قام النظام بمصادرة الممتلكات الخاصة بمعظم المعارضين السياسيين الذين امتلك أكثرهم مقار للسكن وليس أعمال أو مشروعات اقتصادية. استخدم الانقلابيون سلطات الدولة على نحو مفرط لإضعاف الخصوم من رجال الأعمال الذين مثّلوا تهديداً للعناصر الطفيلية لمجموعة الجبهة القومية الإسلامية. هذه الفئات التي تم إقصاؤها تمثلت في التجار التقليديين من طائفة الختمية والأنصار من ملاك الأراضي المشروعات الزراعية والذين أسهموا في إدارة العمل بحزبي الاتحادي الديمقراطي والأمة، أكبر المجموعات السياسية في مواجهة حزب الجبهة القومية اللإسلامية غير الديمقراطي. امتد انتقام حكام الجبهة القومية اà1إسلامية بشكل واسع نحو صغار التجار والمهنيين مثال المحامين والأطباء الذين أرهقتهم الحكومة بالضرائب الباهظة وحظر النقابات المهنية (نقابة الأطباء واتحاد المحامين). جرى أيضاً تصعيد الهجمة على منظمات المجتمع المدني عن طريق القوانين الإستبدادية للحكومة بهدف تقييد حرية التعبير، التجمع ال_d3لمي وحقوق العمل.
    لقد تولّد الفساد في دوائر الدولة نتيجة لسياسات يونيو وممارساتها غير المسبوقة تجاه مؤسسات الجتمع المدني. نهبت عناصر الجبهة القومية الإسلامية بلايين الجنيهات من الخزانة العامة. وجرى إقصاء أمين بناني، الذي تم تعيينه في أواسط التسعينات وزيراً لديوان الحسبة الذي أريد به محاربة الفساد، بشكل مفاجيء.
    تكرر هذا المشهد مرة أخرى حينما اصطدم الهادي بشرى، وزير النقل العام، مع علي الحاج، القيادي بالجبهة القومية الإسلامية، متهماً إياه بالاستيلاء على ملايين الدولارات من موازنة الوزارة. وليس سراً تورط الكثيرين من أقارب قياديى الجبهة القومية الإسلامية في عمليات الفساد. ويعد عصام الترابي، نہcل حسن الترابي، أحد المتهمين الرئيسيين ضمن فئة أنصار النظام التي حققت ثراءً فاحشاً عن طريق استغلال النفوذ.

    3/ من مقابلة مع مسئول البجا ( " شنقراي " الامين – المجاعة في شرق السودان- السكرتير العام لتنظيم البجا – جريدة الاتحادي الدولية 1997 )
    استهل مسئول البجا بالقول بأن الأوضاع في شرق السودان عموماً تحيطها عدة اشكالات فالبنية الاقتصادية ضعيفة للغاية، والمواطن يقاسي من صعوبة الحياة. ومع ذلك قامت حكومة الحبهة القومية الاسلامية بطرد كل المنظمات الدولية التي كانت تعمل بشرق السودان، خاصة تلك العاملة في مجال الإغاثة والإعاشة . وتم ذلك الطرد تطبيقاً للسياسة الدعائية القائلة: "نأكل مما نزرع".
    بمجرد مغادرة تلك المنظمات شرق السودان توقفت برامج الإعمار والإنماء. ولئن كانت سياسات الجبهة القومية الاسلامية قد أصابت البلاد عموماً بخراب عظيم، فان سياساتها في شرق السودان خاصة قد أدت الى إفقار مواطني البجا والمجموعات الأخرى والذين كانوا يعيشون سلفاً في ظل ظروف مناخية مفقرة، لا يملكون سوى القليل من الإغنام والقليل من الأرض التي تزرع موسمياً.
    قام انقلابيو يونيو بوضع أيديهم على الأراضي الزراعية في المنطقة وتوزيعها بصورة غير عادلة علي أنصار الجبهة القومية الاسلامية والذين استغلوها في عمل مشروعات لتسمين الماشية. وفي دلتا القاش فرضت الحكومة ضرائب باهظة على المزارعين المرهقين أصلاً ما اضطر الكثيرين منهم الى ترك الزراعة. الى ذلذf عاني مواطنو البجا الذين عاشوا على بيع أخشاب شجر الدوم في أسواق بورتسودان وكسلا وهمشكوريب من الضرائب الباهظة التي فرضتها عليهم الحكومة.
    4/ القرضاوي " تلفزيون الجزيرة
    ولقد أعان الاسلام على ترجيح كفة الأمة على كفة الدولة منذ بداية تجربته في الحكم والسلطة. وأسهم في ذلك كثير من مبادئه السياسية وقواعده الفكرية. فالأمة هي المستخلفة عن الله سبحانه وتعالى، أما الدولة فهي الخليفة عن الأمة بالاختيار والخاضعة لرقابتها وحسابها. فالطرف الأصيل في نظرية الحكم والسلطة هي الأمة .. والأمة في الاسلام هي التي يتوجه إليها الخطاب في التكاليف الاجتماعية (الكفائية)، وهي أشد توكيداً من التكاليف الفردية (العينية)، حتى ليقع الإثم في التخلف عن اقامتها على الأمة جمعاء، وليس على الفرد وحده ..
    وقد قال تعالى في كتابه الكريم: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) النور/ 55.
    فالخطاب في هذه الآية المباركة لم يتوجه إلى قمة الدولة مثلاً، وإنما توجه خطاب الآية المباركة إلى الأمة كافة، مما يفيد أن مسؤولية العمل الصالح (بمعناه العام) ليست خاصة بالقائد أو السلطة السياسية، وإنما لعموم الأمة الاسلامية ..

    5/ معوقات التجربة الإسلامية السودانية: " جريدة الصحافة – مقابلة مع عبدالرحمن حسن عبد الرحمن –مدير بنك الادخار

    ويشير مدير بنك الادخار الى ان اكثر ما يعوز التجربة الاسلامية في السودان هو العكس العلمي للتطبيق، ضعف الاعلام في عكس نجاح التجربة السودانية لتطبيق النظام الإسلامي في كل الممارسات المالية سواء كانت في المصارف او غيرها .

    القصور الثاني العلة في التطبيق وليس هنالك انتقاد للشرع انما الانتقاد للبشر الذين يطبقونه ، واول الانتقادات هو عدم التقيد بالاسس الشرعية فالبيوع الاسلامية هي عبادة لابد من ان تخلص فيها النية ولا يحدث فيها ضرر من المتعاقدين في السوق .

    6/ الممارسات الربوية المغلفة: ( حسن تاج الاصفياء مدير بنك التضامن الاسلامي )
    كذلك من الاشياء المزعجة الممارسات الربوية والمغلفة بالعقود الشرعية وهذه تمحق البركة ومن ضمنها المرابحات الصورية فالمرابحة هي عقد شرعي ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يشتري الدرع مؤجلا بثمن درعين، وجمهور العلماء اجتمعوا على انه في حالة البيع الآجل يمكن زيادة السعر فاذا تم تطبيق المرابحة بالصورة الشرعية فهو سهل لكن تأتي الصورية فهنالك من تكون رؤيتهم ان يحوزوا على مال فقط ، فالاصل في المرابحة ان يمتلك البنك السلعة التي امر بشرائها من الزبون وهذا الامتلاك هو امتلاك فعلى والمرابحة الصورية هي التي كانت مدعاة لكثير من الانتقادات فليس العلة في المرابحة وانما العلة في الممارسة وظهرت العلة بوضوح في عام 1983م اذ ان التطبيق جاء بقرار فاصبحت البنوك التي تنفذ بالأمس الفائدة هي نفسها التي نفذت عقود المرابحة قال ان الاشكال الحقيقي في النظام المزدوج الذي سوف يكون سائدا في السودان يتمثل في اسس المنافسة التي ستكون غير عادلة ، فالمدرسة الاسلامية مختلفة تماما عن المدرسة الربوية ، فمبدأ الربح في النظام الاسلامي يختلف عن احتساب الربح في النظام الربوي والذي يعتمد دائما في مؤشره على سعر الفائدة وتحرك سعر الفائدة عالميا هو الذي يحدد كم تكون اسعار الاقراض بينما تحديد الربح في النظام الاسلامي ينبع من ان المسعر هو الله ، صحيح ان البنك المركزي هو الذي يخطط للسياسات ويضبط العمل الاسلامي ويعطي مؤشرات الارباح ، لكن في النهاية من ناحية اسلامية فإن الانسان هو الذي يحدد سعر سلعته والسوق هو الذي يحكم ، المصارف في شمال السودان تعمل وفق النظام الإسلامي والهوامش التي تعمل بها مهتدية بالسياسة التمويلية للبنك المركزي والتي تحدد مؤشر الهوامش وهو 10% كمؤشر للبنك تعمل حوله وهو محسوب على معدل التضخم السائد في البلد وتوقعاته خلال العام في اى مدى ،ومن خلال ذلك تم تحديد هامش الربح والذي يمكن المصارف من ان تقابل نسب التضخم وتقوم بتغطيتها والمحافظة على رؤوس اموالها وتوفر هامش ربح تستطيع من خلاله مقابلة مصروفاتها الادارية والمصاريف الاخرى وتحقيق ارباح لاصحاب الاسهم ، وهذا كله يشكل مؤشرات للهامش الذي يعمل به البنك الاسلامي فالمرابحة تكون بكم في المائة في السنة والمؤشر الاساسي في النظام الربوي هو سعر الفائدة وسعر الفائدة السائد الآن متدني شديد حيث العوائد على الودائع الخارجية لا تتجاوز (1%) في العام.
    ويضيف ان البنوك الربوية مؤشراتها هي سعر الاقتراض لمجموعة من البنوك في لندن وهي تعطيك مؤشر الاقراض ، وبالتالى سعر الفائدة ينبني على سعر الاقراض زائداً هامش معين .
    فالبون شاسع في هامش بين 1% و 2% و 10% خاصة اذا وجدتا في نظام مختلط ، كذلك بالضرورة ان يراعي النظام الربوي مسائل التضخم لكن واقع الحال ان التمويل في النظام الربوي سيكون متاحا بهذه النسب ، وهجمة البنوك الاجنبية على البلد والتي قد لا تتأثر بمعدل التضخم السائد لانها افرع لبنوك اجنبية رؤوس اموالها موجودة خارج البلد ،وامكانياتها المالىة كبيرة وتستطيع ضخ اموال كبيرة ، وبهوامش اقراض متدنية جدا مما يجعل المنافسة للنظام الاسلامي ضعيفة جدا ان لم تكن منعدمة وكل هذا العمل يعتمد على مدى تقبل المجتمع للنظام الربوي بعد ما عاش في النظام الاسلامي، هل المجتمع السوداني سيعود للتعامل مع البنوك الربوية ام لا ؟
    7/ حماية النظام الاسلامي:
    ويرى تاج الاصفياء انه في ظل النظام المختلط الذي سيسود في البلد فإننا نحتكم لمسائل عقدية تتمثل في اننا مسلمون والافضل لنا وايسر لنا العمل الاسلامي ولكن اذا تعاملنا مع النظام الربوي اقتصاديا فالمسألة ستكون صعبة جدا .
    8/بروفسير على عبد الله على- خبير اقتصادي اسلامي – مقابلة جريدة الصحافة
    هنالك عدد من الصيغ الاسلامية التي تستخدمها البنوك فمثلا منها على سبيل المثال لا الحصر المشاركة، المرابحة ، المضاربة ، السلم ، وغيرها من الصيغ الاخري لكنني شخصيا افضل العمل بصيغة المشاركة وذلك لعدة اسباب اولها :وابرزها ان هنالك حديثا شريفا معناه ان الله ثالث الشريكين ما لم يخن احدهما الآخر وثانيا :ان الرقابة عليها من الله سبحانه وتعالى

    9/" علي " حيدر ابراهيم - اشكالية الحركة الاصولية في الوطن العربي في ظل العولمة/ مقال من الانترنت
    يعتبر الاقتصاد أهم المجالات التي مثلت تحدياً للحركة الأصولية وللنظم الاسلامية الحاكمة مثل إيران والسودان وباكستان في فترات معينة وقد تأتي تركيا وأفغانستان. ولقد كثر الجدل منذ منتصف السبعينيات حول الاقتصاد الاسلامي، مع أن الفكرة أسبق من ذلك، ولكن الفورة النفطية بعد ارتفاع أسعار النفط عقب حرب اكتوبر 1973، جعل القضية تتقدم إلى صدارة البحث عن حلول متمايزة للمجتمعات الاسلامية. وبعد سنوات قليلة جاءت الثورة الإيرانية، حيث سنحت الفرصة لكي نرى نموذجاً على أرض الواقع وليس في سماء الشعارات أو ثنايا النصوص. ولكن النموذج الإيراني لم يغير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ما ورثه من زمن الشاه واكتفي بالتحديات الثقافية. وفي كل الأحوال كانت الأخلاق الحافز لحشد الناس حول قضايا يدعي النظام دينيتها وهي في جوهرها غير دينية. يحاول الأصوليون الوصول إلى فصل تعسفي بين المادي والروحي حسب تفسيرهم، فهم يقولون مثلاً إنهم مع الديمقراطية كطريقة لاختيار الحكام وتداول السلطة ولكنهم يعارضون النواحي الفلسفية التي قامت عليها. فهم ـ مثلاً ـ مع الصناعة ولكن بدون مشكلاتها الاجتماعية. لذلك يلتقي الأصوليون مع الرأسمالية في أهم أسسها مع رفض المضامين الروحية أو الثقافية. فهي تقبل الاقتصاد الآتي من الغرب، وما هو غير ذلك يقع تحت طائلة (الغزو الفكري) وقد وصل أحد الباحثين إلى هذه الحقيقة، حين قال: (الاسلاميون معادون لليبرالية الاقتصادية. لأنها حركة ذات طابع أخلاقي تخشى أن تقود الليبرالية السياسية والاجتماعية إلى الانحلال والتفسخ. بينما الليبرالية الاقتصادية قد تقود إلى القوة الاقتصادية، أما الآثار الجانبية للرأسمالية، فيمكن معالجتها بالإصلاح والزكاة والتكافل). ويسبب قبول الليبرالية الاقتصادية لايمكن القول بأن الأصوليين والحركة الاسلامية معادون في حقيقة الأمر للغرب أو بالأصح للرأسمالية العالمية. على العكس من ذلك يؤدي الخوف المرضي من الشيوعية والإلحاد إلى تنازلات في التعاون مع الغرب الرأسمالي.
    أما الدولة الأخرى والتي وصل إليها الإسلاميون إلى السلطة من خلال انقلاب عسكري وهي السودان فقد اختطت سياسة خوصصة لاتختلف عن مصر أو السودان أو تونس أو ساحل العاج. وقد قبلت السودان خلال سنوات حكم الإسلاميين من 1989 حتى الآن، كل شروط صندوق النقد الدولي (IMF) ورفع القطاع العام يده عن كثير من المشروعات الاستراتيجية مثل المواصلات والاتصالات بل رفعت الدولة الدعم عن التعليم والصحة. ويشجع النظام الحاكم القطاع الخاص والمبادرة الفردية إلا أنها رأسمالية موجهة تميز أعضاء حزب الجبهة الإسلامية القومية الحاكم.
    أما على الصعيد النظري، فتلتقي مبادئ الاقتصاد الاسلامي التي يعلنها الاسلاميون مع الرأسمالية أو الملكية الخاصة والحرية. فهم ينطلقون من فكرة الاستخلاف لأن الأصل في الملكية لله وحده أما بالنسبة للبشر المستخلفين، فالملكية لها أسباب حققتها: (فإما ناتجة عن ممارسة الانسان لنشاط معين فكانت ناتجة عن جهده وسعيه، أو يكون مصدرها إلهياً تشريعياً كملكية الإرث أو الميراث). كذلك يضع في الاعتبار الفطرة أي (الطبيعة البشرية وما فطرت عليه، فلم ينظر لغريزة التملك على ضرورة قتلها في النفس البشرية. ومن ناحية أخرى، فالربح ليس له حدود.
    رغم أن هذا المجال لايسمح بدراسة ونقد الاقتصاد الاسلامي، إلا أن ما سبق يقدم نماذج لتوجهات عامة للاقتصاد الاسلامي نوضح عدم تناقضه مع العولمة والرأسمالية العالمية بعيداً ن فلسفتها ومضمونها الثقافي. وقد صدق أحد الباحثين حين أسماه (بالاقتصاد البلاغي) نسبة للبلاغة والخطابة. من الملاحظ أن يسمى بالاقتصاد الاسلامي ركز على قضية واحدة هي الربا. لذلك ظهرت موجة البنوك الاسلامية مقابل ما أسموه بالبنوك الربوية التي تتعامل بالفائدة. هذا هو التناقض الوحيد الذي زعم الاسلاميون اختلافاتهم فيه مع الرأسمالية. ولكن عمليات المرابحة التي تقوم عليها البنوك الاسلامية تخضع لجدل واختلافات واسعة.
    .
    10/ هجين القوى الاجتماعية الحاكمة
    صعود الفئة الرأسمالية الطفيلية " دورة اغسطس 2001 – اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني"

    منهج وحيد الجانب، إن لم يكن خـاطئاً، معالجة تشكل وتطـور وهيمنة فـئة الطفيلية الإسلامية بمعزل عن المسار العام لتشكل وتطور الرأسمالية السودانية، وهي أصلاً هجين في مكوناتها وبنيتها. وعلى ما يمايز الطفيلية الإسلامية، انها حازت "مزايا تفضيلية"، لم تتوفر لبقية فئات الرأسمالية السودانية. وتتلخص تلك المزايا في :
    1- دعم رأس المال الإسلامي العالمي، كمورد ومصدر خارجي للتراكم الرأسمالي، في إطار التضامن الأممي لحركات الإسلام السياسي•
    2- دخول بنك فيصل الإسلامي، ثم أسلمة النظام المصرفي السوداني في النصف الأول من الثمانينيات.
    3- الاستيلاء على السلطة والانفراد بها – كحزب – ودمج الحزب وجهاز الدولة في كيان واحد يرمز لهيمنتها السياسية، وتبع ذلك وتفرع عنه دمج أموال الحزب وأموال جهاز الدولة في سطوة مالية اقتصادية شاملة.
    4- تشويه وظيفة النظام الضريبي من آلية لتجميع وحشد الموارد وتوزيعها، إلى أداة للنهب المباشر الفظ، بقوة القانون والأوامر الإدارية والأجهزة الأمنية، نموذجا لأبشع أساليب التراكم الرأسمالي البدائي في المراحل الأولى لنشأة النظام الرأسمالي في تاريخ العالم.
    لا نكتفي بهذه "المزايا التفضيلية"، لأنها قسمات عامة، إنما يلزمنا تطوير منهجنا الذي اتبعناه منذ الستينات في الدراسة الباطنية لتشكل الفئات والطبقات في بيئتنا السودانية، ومن خلال نشاطها الملموس، والدراسات الميدانية لشريحة أو أخرى، كيما نقترب من معرفة موثوقة، واستنتاجات سياسية نظرية سليمة، لتركيبة المجتمع السوداني الفئوية والطبقية، فلا نسقط عليه تعميمات أو تصورات مسبقة. وهذا نمط من الدراسة لا تثمر نتائجه من دراسة واحدة شاملة جامعة مانعة، إنما بالدراسات المتواصلة المتنوعة والمتجددة، والمتسعة لتعـدد الـرؤى ووجهات النظر.
    هكذا نتعامل مع الفئة الطفيلية الإسلامية المسيطرة على السلطة السياسية، بالنموذج الشمولي، في الإطار العام لهجين القوى الاجتماعية التي تداولت السلطة في ما بينها مؤتلفة أو منفردة، منذ الاستقلال.
    • الفئات البرقراطية العليا، عسكرية ومدنية، مع غلبة العسكرية التي حكمت طوال 33 عاماً من 43 عاماً منذ الاستقلال. وتشابك مصالح هذه الفئات مع فئات الرأسمالية السودانية الأخرى,‎، في السوق عبر مؤسسات القطاع العام ومشتريات ومنشآت الحكومة، وعبر الجهاز المصرفي بشقيه العام والخاص، وعضوية مجالس إدارات الشركات والمؤسسات المستقلة، وقنوات تعامل الدولة مع رأس المال الأجنبي وما يتفرع عنه من توكيلات وعمولات وصفقات.
    • رجال الأعمال، والذين يشكلون القاعدة المتسعة لرأس المال التجاري، وما يتفرع عنه دون أن يستقل تماماً، من استثمار رأسمالي في الزراعة بكل قطاعاتها، وفي الصادر والوارد، وتجارة الجملة، واستثمار في الصناعة، وفي النقل والمواصلات، وفي المصارف قطاع خاص [وهي أقرب لبيوتات التمويل التجاري منها لرأس المال المصرفي]. واستقلال نسبي لرأس مال عقاري نشط ومتنامي سواء في المضاربة في الأراضي أو شركات الطرق والكباري، أو الهندسة المعمارية والمقاولات وتشييد السكن الفاخر وعمارات الشقق السكنية والمكاتب والمحال التجارية، وكمائن الطوب ، وصناعة ناشئة للطوب الحراري، ومحاجر الرخام. وأفرز هذا الرأس مال العقاري نتائجه الأولية في إجلاء فقراء المدن ومحدودي الدخل وسكان العشوائي إلى الأطراف القصية النائية للمدينة، وتنشيط قانون نهاية الحكر في الأحياء الشعبية داخل المدينة، ولم يتبق سوى تسوير المقابر وتلجينها وتخطيط مقابر جديدة، ولن يثير الدهشة أن تفرض على القبر رسوم ودمغة‍‍. ومن إفرازات رأس المال العقاري تصاعد أسعار الأراضي السكنية في أحياء الدرجة الأولى حيث وصل سعر المتر في حي الرياض 120 دولار، وأصبح أعضاء الجبهة الإسلامية ومحاسيبها أصحاب الأسبقية في حيازة القطع السكنية، وفي تسهيلات "البدل". ومن مفارقات نشاط رأس المال العقاري انهيار البنك العقاري.
    • تتكامل مع القاعدة الأوسع، أعلاه، وتزيدها اتساعاً، فئات الكيانات التقليدية القبلية والطائفية، وبعض الطرق الصوفية، التي دخلت، ومنذ وقت مبكر بثروتها الطبيعية من أراضي زراعية وثروة حيوانية، سوق النشاط الرأسمالي ومراكمة رأس المال منذ حيازتها رخص المشاريع الزراعية لزراعة القطن على ضفـاف النيلين الأزرق والأبيض، وعلى نهـر النيل، وحـيازات زراعـة آلـية بتسهيلات مصرفية ومن شركات تمويل – باركليز، راي ايفانر – ثم امتلكت الأسهم في الشركات التجارية والمصارف وبعض الصناعات. ودعمـت وطـورت نفوذها التقليدي بنفوذها السياسي في قيادات الأحزاب والبرلمانات والوزارة وأجهزة الحكم المحلي، وسلحت ثلاثة أجيال من أبنائها وأحفادها بالشهادات الجامعية والدرجات العلمية لتحتل مواقع داخل الصفوة والقوى الحديثة.
    • سلاطين الجنوب والصفوة المتعلمة الجنوبية –لسان حال قبائلها – ومندوبوها لاقتسام جزء من كعكة السلطة مع حكومة "الجلابة" – والمعيار الجنوبي المزدوج للثراء والجاه ممثلاً في حجم قطيع الأبقار في حظيرة العائلة والعشيرة والقبيلة، مع المنصب التقليدي: مك، رث، سلطان، والمنصب الميري في الأجهزة الإقليمية والمركزية، في البرلمان ووظائف عليا في المجموعات، رتب عليا في القوات النظامية، في السلك الدبلوماسي، عضوية في مجالس إدارات شركات ومصارف، الاستيلاء المباشر على المال العام المخصص للولاية أو المحافظة الجنوبية، بيع كوتات المواد التموينية دون أدنى حرج أو خشية مساءلة، تشييد وامتلاك عقارات في العاصمة القومية، تأسيس 22 شركة تجارية وبنك آيفوري، [ واحتلال 1000 موقع دستوري أو وظيفة عليا حسبما أوردته صحيفة أخبار اليوم في عدد 7/5/97]
    طوال فترة ما بعد الاستقلال، ظلت فترات الأنظمة العسكرية القمعية، هي فترات ازدهار الفئات الرأسمالية السودانية، واتساع صفوفها، وارتفاع وتائر تراكم رأس مالها: فترة دكتاتورية عبود 58 – 64 والخطة العشرية وبرامج البنك الدولي، فترة مايو 69 – 85، وبرغم مساس مصالح وأفراد وجماعات من الرأسماليين السودانيين بالمولد أو التجنس، نتيجة للقرارات العشوائية في التأميم والمصادرة وتوسيع رقعة القطاع العام في الفترة 69 – 71، كان التراجع الجزئي من التأميم والمصادرة وتعويض المتضررين، خطوة فارقة نحو توسيع قاعدة القطاع الخاص الذي بدأ يستحوذ على شركات ومؤسسات وتوكيلات كانت بيد أجانب، وأثرت بعض الأسر الهجرة وباعت ممتلكاتها واسمها التجاري لرجال أعمال بأسعار زهيدة. وشهدت فترة مايو اتساع فئة الطفيلية المايوية كرافد - من التكنوقراط حامل الرتبة العسكرية أو الدرجة الجامعية والخبرة المحلية والعالمية، ومواقع النفوذ والقرار في جهاز الدولة – لصفوف الرأسمالية السودانية. فتنوعت وتعددت أشكال علاقات المصلحة بين البرقراطية العسكرية والمدنية، مع رجال الأعمال في السوق، وفي عضوية مجالس إدارات الشركات والمصارف المؤممة والمصادرة، وفي سياسة التوسع في حيازة رخص مشاريع الزراعة الآلية، وفي تسخير المواقع القيادية في أجهزة وتنظيمات مايو السياسية للحصول على تسهيلات مصرفية ميسرة، والتوسع في الخطط السكانية من الدرجة الأولى لرجال الدولة والمحاسيب، وبيع الأراضي والعقارات الحكومية في المدن كمورد مالي غير متكرر لتغطية منصرفات الهياكل الفضفاضة للحكم الشعبي المحلي.
    بعد ضرب الحزب الشيوعي وتوقيع اتفاقية أديس أبابا ونهاية حرب الجنوب، تشجعت الدول الغربية والولايات المتحدة للاستثمار في السودان، وتزامن ذلك مع حرب اكتوبر 1973 وتراكم البترودولار في البنوك الغربية، وتساهلها في تقديم القروض وتدوير البترودولار، كما تزامن مع استعادة صندوق النقد الدولي لنفوذه على السياسة المالية في السودان، وفرض وصفات إعادة الهيكلة وتعديل سعر الصرف، وما نتج عنها من انخفاض في قيمة الجنيه وارتفاع وتائر التضخم، ومديونية السودان الخارجية والامتثال لخيارات البنك الدولي بإلغاء علاقة الشراكة في القطاع الزراعي المروي، واستبدالها بضريبة الأرض والماء، لتسهيل الحصول على تمويل إعادة تأهيل المشاريع … وتوالت احتفالات الأثرياء الجدد بالمليون الأول وما تلاه من ملايين في منتجعات الاسترواح المتناثرة حول العاصمة … وحلت كارثة الجفاف والتصحر، وانفضح أمر المجاعة، وأعلن نميري قوانين سبتمبر وبويع إماماً، واتسع نطاق الحرب الأهلية الثانية، وأعدم محمود محمد طه، وتريفت المدن بطوفان النازحين.
    في إطار النظام المايوي، كانت الجبهة الإسلامية المتحالفة معه، المنتفع الأول، كحزب سياسي ورجال أعمال ومؤسسات تجارية، ولخص ذلك الانتفاع كادر الجبهة القيادي د. عبد الوهاب الأفندي في كتبه ومقالاته الصحفية، على النحو التالي: - " نصيب الأخوان المسلمين في اسهم البنوك الإسلامية ليس كبيراً، لكنهم يحتلون المناصب الإدارية والفنية والكتابية، ويؤثرون في توجيه التسهيلات للأخوان ومؤيديهم " هكذا أصبح الانتماء للحركة الإسلامية ونشاط الإسلام السياسي، مدخلاً للحراك الاجتماعي الصاعد، والثراء ومراكمة رأس المال، وكرت عضوية في نادي القوى الاجتماعية الحاكمة.
    عندما نفذت الجبهة الإسلامية انقلابها في 30 يونيو 89، لم تكتف بالإجراءات الاستثنائية التقليدية المصاحبة للانقلابات، مثل إعلان حالة الطوارئ، حظر التجول، تعطيل الدستور، حل البرلمان، حل الأحزاب والنقابات، اعتقال القيادات السياسية والنقابية.إعفاء مجموعة من كبار المسئولين العسكريين والمدنيين، رقابة على الصحف …أنجزت الإجراءات أعلاه ، وتجاوزتها إلى ثلاثة إجراءات جذرية شكلت القسمات الأساسية لنظامها الشمولي:
    الأول: التشريد للصالح العام، و ما أمكن حصره حتى نهاية عام 1999 بلغ 122.375 من العمال والموظفين والمهنيين والدبلوماسيين والمعلمين + 4369 من ضباط القـوات المسلحة + 14.271 من الصف والجـنود. ومازال التشريد والتسريح مستمراً، ويستمر أيضاً إحلال أعضاء الجبهة والمحاسيب والأقارب مكان المشردين (وبعـد الانقسام امـتد إعـصار التشريد والتسريح إلى منتسبي الشعبي من مدنيين وعسكريين). وكان هدف الجبهة وما يزال، تصفية الدور النقابي والسياسي للقوى الحديثة، وأردفت ذلك بتدجين النقابات وتطويق نشاط الجمعيات والأندية، ودفع المجتمع دفعاً إلى الانكماش الذاتي نحو الأسرة وشلة الأصدقاء وأحضان العشيرة والقبيلة و"الجهوية" بحثاً عن الأمان الشخصي أو للإستقواء في مواجهة القهر المادي والمعنوي.
    الثاني: السيطرة والتحكم في الجهاز المصرفي: إجراءات تبديل العملة وتحميل المودعين التكلفة بخصم 2% من أرصدتهم، وحجز20% من كل رصيد يزيد عن 100 ألف جنيه امتدت أكثر من عام، وانتهاك قانون وأعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الأعمال أمام تجار الجبهة ومؤسساتها المالية وأمام مصلحة الضرائب، في تحد سافر لقواعد السوق والتنافس الرأسمالي، ثم أصدرت قانون النظام المصرفي لعام 91، الذي ركز السلطة في يد محافظ بنك السودان على حساب صلاحيات الجمعيات العمومية للمصارف، وإطلاق حرية النشاط للمصارف الموالية للجبهة، وتقييد نشاط المصارف التجارية ومصارف القطاع العام، ريثما تكتمل إجراءات السيطرة عليها. ثم أنشأت سوق الأوراق المالية، ووجهت المصارف والشركات العامة وشركات التأمين لطرح أسهمها في تلك السوق، ليتمكن تجار الجبهة ومؤسساتها من الهيمنة على قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض. (المصدر: قضايا اقتصادية – إصدار الحزب الشيوعي – العدد الخامس – سبتمبر 2000) وانفلت عيار النظام المصرفي، فتجاوز السقوف التمويلية، واتسع التمويل قصير الأجل على حساب المتوسط والطويل الاستثماري في الزراعة والصناعة، وارتفعت فوائد التمويل الإسلامية اسماً، الربوية فعلاً، بما يفوق عشرات أضعاف متوسط سعر الفائدة في السوق العالمي. وكانت النتيجة، أن فقد الجمهور ورجال الأعمال الثقة في النظام المصرفي واحتفظوا بأموالهم ومدخراتهم في الخزن، فارتفعت نسبة العملة المتداولة خارج النظام المصرفي إلى 95% (المصدر السابق)، وعجزت المصارف عن استرداد 25% من تسهيلاتها وانتشرت ظاهرة الشيكات "الطائرة".
    الثالث: بعد إحكام قبضتها على النظام المصرفي والسوق، شرعت في تصفية القطاع العام، وكونت لجنة للتصرف في مؤسساته، بالبيع أو الإيجار أو الشراكة. فحولت ملكية بعض المؤسسات لحكومات الولايات وبعضها لمنظمات الجبهة. ثم حددت 273 مؤسسة ومرفقاً كدفعة أولى للخصخصة، نفذت منها 74 في الفترة 92 – 97 ونتج عن ذلك تشريد 8934 من العاملين، ويتوقع أن يفقد 12.164 من العاملين وظائفهم بعد خصخصة بقية مرافق الدفعة الأولى. وتدحض الأرقام إدعاء السلطة أن هذه المؤسسات والمرافق خاسرة – فوثائق اللجـنة توضـح أن عائد الخصخصة حتى نوفمبر 99 كان 2.2مليون دولار – بأسعار الدولار في مايو 2000 بينما كانت أرباحها السنوية للدولة عندما كانت في القطاع العام 14 مليون دولار في الفترة 1978 – 89 (نفس المصدر) وبعد عودة عبد الرحيم حمدي لوزارة المالية للمرة الثانية هذا العام، أعلنت السلطة أن الخصخصة تشمل كل المؤسسات والمرافق الخاسرة والرابحة!
    وهكذا، بعد ان وضعت مايو القطاع العام في خدمة القطاع الخاص، أكملت الجبهة مشوار إمامها نميري وسلمت القطاع العام للقطاع الخاص. وبما أن الأموال في يد تجار الجبهة، فانهم الأقدر على شرائه وبالأسعار التي تناسبهم. وهم يفضلون شراء المؤسسات والمرافق ذات العائد السريع ولا تتطلب استثماراً إضافيا، وعندما يستولون على مؤسسات إنتاجية، يعرضونها للبيع أو يستفيدون من الامتيازات الممنوحة لها في نشاطهم التجاري، أو يؤجرونها لمستثمر أجنبي، ويماطلون في سداد الأقساط.( بعد الانقسام بدأ الجناح الحاكم يلاحق تجار جناح الترابي لسداد أقساط المرافق التي اشتروها! ).
    ويتجلى الطابع الطفيلي للجبهة في مفارقة إنها تصرفت في مرافق ومؤسسات القطاع العام، ثم أنشأت 600 شركة تجارية تابعة لوزارات اتحادية وولائية ولجهاز الأمن ولتنظيمها العسكري داخل القوات المسلحة، وسجلتها كشركات عامة، كيلا تخضع لرقابة المراجع العام، وتتمتع بحرية الصرف خارج الميزانية، وتوفر غطاءً للنشاط التجاري للوزراء والولاة وكبار ضباط القوات المسلحة والأمن (الميدان نوفمبر 2000). وفي فترة سابقة أشارت الصحيفة الرسمية – السودان الحديث –20/6/69 – قبل أن تتوقف عن الصدور – واستناداً على معلومات من وزارة المالية، أن إعفاء تلك الشركات من الجمارك والضرائب بقرارات سيادية، حرم الميزانية من 35% من الإيرادات. وكان ذلك من أهم أسباب الأزمة التي أثارها وزير المالية آنذاك د. عبد الوهاب عثمان في جلسات المجلس الوطني عند مناقشة الميزانية. ويمكن ان نسوق نموذجا لتلك الشركات، من شركة "السوار الذهبي"، التابعة لحكومة شمال كردفان – وقد سجلت الشركة مساهمة – 200 سهم قيمة السهم 10 مليون جنيه – المؤسسون: إدارة الاستثمار التجاري بوزارة المالية 115 سهماً، الصندوق القومي للمعاشات20 سهماً، التأمينات الاجتماعية 30 سهماً، وتطرح بقية الأسهم للجمهور. أما مجلس الإدارة فيتكون من وزير المالية الولائي ومدير صندوق دعم الولايات، ومدير الميزانية بوزارة المالية. وتمارس الشركة نشاطها في تنافس غير متكافئ مع تجار السوق، وتستحوذ على توكيلات لتوزيع شركات مثل أمـان غاز وثلاجات ليبهر وأدوات فيلبس الكهربائية. وإذا كان البشير جاداً في تصفية هذه الشركات، فلا يكفي تصـريحه في المؤتمـر الصحـفي 17/6/2001، لأن تصفية الشركات العامة تتطلب إجراءات معلومة في القانون والمصفي القانوني للشركات، أو إصدار قرار سيادي ينسخ القرار الذي أباح إنشاءها وإعفاءها من الضرائب والجمارك، وقطع الطريق على التحايل بدمجها وتقليص عددها.
    في تقرير لمسجل الشركات في ديوان النائب العام، للسنوات الخمس الأولى لنظام الجبهة89 – 94 – تفشت ظاهرة تسجيل الشركات بمتوسط سنوي 569 شركة وبلغ مجموعها 2847 شركة. بينما ظل المتوسط السنوي لتسجيل الشركات في حدود 66 حتى عام 89 – وكان مجموع الشركات 4221 شركة.
    ويبقى طريق الإنقاذ الغربي، والرقم المتعاظم لاختلاس المال العام ، "الهرم الشامخ" لأسلوب النهب المباشر في عملية التراكم الرأسمالي، وما يتبعه من إفقار عام سجلته الوثائق الرسمية: التقرير الاستراتيجي لأعوام 97 و 98 و99، وتقارير وزارة التخطيط الاجتماعي، ومقالات برفسور محمد هاشم عوض المشرف على اللجنة الحكومية لدراسة الفقر. كانت نسبة الفقراء في المجتمع السوداني عام 1990= 77.5% . ارتفعت إلى 90.2%، وصرح أمين عام ديوان الزكاة عام 97، أن أكثر من 97% من الموظفين لا زكاة عليهم، لأن مرتباتهم تقل عن النصاب البالغ 935 ألف جنيه في العام. وأكد بروفسور محمد هاشم عوض إن نسبة الفقراء ارتفعت إلى 95%. ومع هذا المستوى من الفقر أصبح العلاج والتعليم مجال استثمار يحقق ربحية أعلى من الاستثمار في الزراعة والصناعة‍‍‍‍‍‍.
    انتبه الحزب في وقت باكر، خلال فترة مايو، لتشكل الفئة الطفيلية المايوية، ثم تتبع معالم الفئة الطفيلية ‎الإسلامية بعد إنشاء بنك فيصل – اللجنة المركزية دورة نوفمبر 1978 – كنتاج مستقل الاقتصاد السوداني. وتناولت الدورة في إيجاز تاريخ صراع المجتمع البشري ضد رأس المال الربوي عبر العصور، منذ إصلاحات صولون في اليونان القديمة للحد من آثاره في إفقار المنتجين واسترقاق المعوزين، ثم نصوص تحريمه جزئياً في اليهودية، ثم النصوص القطعية بتحريمه في القران الكريم كما أشارت إلى نظام الشيل في الريف السوداني وإفقاره للمزارعين، وواصل الحزب حملته السياسية والفكرية ضد الطفيلية بعد الانتفاضة، ولا يزال طوال سنوات الإنقاذ.
    من أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها تلك الدورة، أن الفئات الطفيلية مكَّون عضوي وجزء لا يتجزأ من الرأسمالية السودانية، وامتداد لنشاط رأس المال عموماً، وليست لقيطاً أو أبن سفاح. وقد راكمت سنوات حكم الجبهة وهيمنتها على الاقتصادي الوطني، شواهد ونتائج تلزمنا بدراسة أعمق، تنتقل من النقد السلبي والتحليل الوصفي للظاهرة من خارجها، إلى الدراسة الباطنية والاستنتاجات النظرية لمجمـل عملية التراكم الرأسمالي، وخصـائص التشـكيلة الرأسمالية في السودان، ومعالم وقسمات حاضرها ومستقبلها، وما هو عام مشترك مع البلدان المتخلـفة، وما هو خـاص ومتمايز. ونحن لا نبدأ في هـذا المنحى من الصفر، لكن آفتنا عدم المواصلة. فقد نشرت " قضايا اقتصادية" التي يصدرها الحزب سلسلة مقالات بعنوان: " الرأسمالية الطفيلية ومراكمة رؤوس الأموال – الآليات والنتائج" – في العددين 3 و 4. جاء في العدد 4 ص 7 – " عملية مراكمة رؤوس الأموال التي تقوم بها الطفيلية الإسلامية أشبه ما تكون في أساليبها وشراستها بعملية التراكم الأولي لرأس المال في بلدان أوربا قبل 500 سنة. إلا أن عملية التراكم الأولى هذه، شكلت إحدى المقدمات والمقومات الضرورية لتحلل النظام الإقطاعي في أوربا، وتطور الرأسمالية ونجاح الثورة الصناعية التي أحدثت تحولاً كبيراً في مستوى القوى المنتجة بشقيها المادي والبشري، وبالتالي زيادة إنتاجية العمل لينتقل الإنتاج من الشكل البسيط إلى الشكل الموّسع، ولتتطور عملية تراكم رأس المال من شكلها البدائي إلى شكلها الأرقى. هذا التطور ما كان يمكن بلوغه لو لم يتحول هذا التراكم الأولي إلى تراكم حقيقي لرأس المال ممثلاً في الآلات والماكينات والمنشآت الإنتاجية وكل الشروط اللازم توفرها لإتمام العملية الإنتاجية، وضمان استمرارها وتجددها على نطاق واسع."
    وصف ماركس ظاهرة الفئة الطفيلية في الجزء الثالث من كتاب رأس المال – ص 287 – الطبعة الإنجليزية – " بأنها مجموعة غفيرة من شذاذ الآفاق، تقتحم ميدان نشاط رأس المال، وتنافس الرأسماليين في نشاطهم، لكنها من جانب آخر، تدعم سيادة وهيمنة رأس المال نفسه، وتوسع قاعدته الاجتماعية، وتمكنه من تجنيد قوى جديدة من الفئات الدنيا في المجتمع. "
    ماركس وصف الظاهرة في تجريدها النظري العام، وهو تجريد صحيح، استناداً إلى وقائع ومعطيات مجتمع الثورة الصناعية في بريطانيا ومجتمعات غرب أوربا، وتجليات نشاط رأس المال التي مهدت لتلك الثورة. ولن نضيف إسهاما جديداً بتكرار واجترار ما قاله ماركس. إسهامنا يبدأ بالتعرف على تشكل ونشاط الفئات الطفيلية في السودان، دون إغفال ما أسهم به علماء الاقتصاد والاجتماع – على اختلاف مشاربهم – عن تلك الفئات في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والبحث والتنقيب عن قنوات محتملة أو ماثلة بين رأس مالها، ورأس مال المضاربات في سوق المال العالمية، بما في ذلك قنوات غسيل الأموال والنشاط المتنوع لرأس المال الإسلامي العالمي وواجهاته.
    الشق الثاني والأهم في إسهامنا، يتمثل في توسيع نشاطنا الدعائي والسياسي في الريف بين فقراء المزارعين والمتوسطين منهم ضد نظـام الشيل – سرطـان رأس المال الربوي الذي يمتص فائض إنتاج المزارع ويبتلع جزءً غير قليل من قوت أسرته، ويجبره على رهن أرضه أو حيواناته ثم بيعها وخروجه من الإنتاج الزراعي والبحث عن مصدر رزق. وكان ما يرسله الأبناء والبنات من المدن والاغتراب، يخفف من وطأة الشيل وكسر حلقته الشيطانية، حفاظاً على الأرض والحيوان، وحفاظاً على الذاتية الاجتماعية في القرية، لكن هذا المورد ينضب بوتائر متسارعة.
    عندما أنشئ البنك الزراعي في مطلع الستينيات، كان من بين أهدافه المعلنة محاربة الشيل وإنقاذ صغار المزارعين من قبضة التاجر المرابي. لكن سجل البنك في الممارسة العملية ظل بعيداً عن ذلك الهدف. وقد أشار نائب مدير عام البنك سابقاً، في مقال له في (الأيام) عدد 11 مايو 2000 – إلى اتساع نظام الشيل بقوله : "وربما يعجب القارئ إذا علم أن هذا النظام التلقيدي للتمويل يساهم بأضعاف مساهمات مصادر التمويل المؤسسي مجتمعة ". كما أسهم مشردو البنك الزراعي بمقالات ودراسات طوال عامي 99 و 2000 في الصحف، كشفت النقاب عن نهاية البنك على يد كادر الجبهة الإسلامية. وعندما تمت أسلمة النظام المصرفي في عهد الإمام نميري، ملأت ذات الكوادر أجهزة الإعلام ضجيجاً مبشرة المزارعين بنهاية نظام الشيل. لكن ارتفاع سعر الفائدة الإسلامي أدى بطريق مباشر وعشرات المسارب غير المباشرة، إلى مضاعفة ما يستحوذه التاجر من محصول المزارع، بل وأضاف التاجر سلعاً جديدة لقائمة سلع "الجرورة" مثل ملح السماد والمبيد.
    أفرد ماركس – في ذات الصدد – فقرات حادة قارصة عن رأس المال الربوي، ودوره السالب قي أنماط الإنتاج المتعاقبة، حيث يفقر نمط الإنتاج ويصيب القوى المنتجة بالكساح، ولا يسهم بأي قدر في تطوير أو تغيير نمط الإنتاج، بقدر ما يلتصق به كالطفيليات ويمتص دمه، ويرهقه، ويضاعف من شقائه وبؤسه، ويخلق مصاعب إضافية أمام عملية إعادة الإنتاج … لكنه مع كل ذلك يبقى أحد الآليات المولدة لرأس المال، وأحد الوسائل الفاعلة في تطوير الشروط السابقة والممهدة لرأس المال الصناعي، ويؤدي هذه الوظيفة بدور مزدوج.: الأول، تكوين ثروة نقدية مستقلة إلى جانب ثروة التاجر، والثاني، تدمير الفلاحين بتجريدهم من شروط العمل كالأرض والحيوان والأدوات.. الخ. ومن هنا حقد الشعوب على المرابين.
    ويبقى نظام الشيل هو الصيغة السودانية لنشاط رأس المال الربوي في الريف – ونحو هذه الصيغة نركز دراساتنا الميدانية للإحاطة بكافة مكوناتها وعناصرها وآثارها المحددة الملموسة في القرية المحددة في كل منطقة من الريف السوداني.ونبعث ونواصل المطالب المتقدمة التي طرحتها حركة المزارعين والتعاونيين في خمسينيات القرن الماضي لمقاومة نظـام الشيل – وكـان من بينها إنشـاء بنك زراعي يخصص سقفاً معلوماً لتمويل صغار المزارعين بفوائد زهيدة، ويرعى جمعيات للتسليف الزراعي، وإنشاء بنك تعاوني تودع فيه الجمعيات التعاونية أرصدتها ويمدها بسلفيات زهيدة الفائدة، وغيرها من المطالب التي طرحتها حركة المزارعين والحركة التعاونية في فترات نهوضها. ولابد أن متغيرات الواقع قد أفرزت مشاكل جديدة ومطالب جديدة مباشرة وآنية نتعرف عليها كلما اقتربنا من واقع المزارعين واحسنا الاستماع والإدراك لمشاكلهم ومقترحاتهم لحلها.
                  

العنوان الكاتب Date
نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-01-05, 08:32 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ nadus200009-03-05, 02:30 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ بهاء بكري09-09-05, 02:35 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أبو ساندرا09-13-05, 05:08 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-13-05, 07:58 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Abdulla Ageed09-13-05, 08:20 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ wadalzain09-13-05, 09:23 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-13-05, 09:01 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ خالد عويس09-13-05, 09:32 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-14-05, 01:13 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ salah elamin09-14-05, 03:51 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ يحيي مصطفي09-14-05, 07:40 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ awadalla agabna09-14-05, 08:42 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-14-05, 11:25 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Saifeldin Gibreel09-15-05, 01:48 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Murtada Gafar09-15-05, 02:26 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Omar Bob09-15-05, 03:27 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Omar Bob09-15-05, 01:54 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ صلاح شعيب09-15-05, 04:06 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-17-05, 02:09 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ wadalzain09-17-05, 03:26 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-17-05, 02:47 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Khalid Eltayeb09-17-05, 03:35 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ aymen09-17-05, 07:54 AM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ wadalzain09-17-05, 09:12 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Omar Bob09-18-05, 02:40 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-18-05, 07:01 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ wadalzain09-19-05, 01:51 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-19-05, 02:29 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-20-05, 03:46 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ salah elamin09-20-05, 10:35 PM
        Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-21-05, 03:56 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Khalid Eltayeb09-22-05, 02:30 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-22-05, 03:24 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ الواثق تاج السر عبدالله09-22-05, 08:40 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Asskouri09-22-05, 06:18 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Doudi09-22-05, 07:12 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ awadharoun09-23-05, 07:17 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ awadharoun09-23-05, 07:19 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ الواثق تاج السر عبدالله09-24-05, 11:18 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-24-05, 07:17 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Doudi09-24-05, 11:25 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر09-25-05, 00:08 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-25-05, 04:28 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ wadalzain09-26-05, 01:08 AM
        Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Siddig A. Omer09-26-05, 01:46 AM
          Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Doudi09-26-05, 04:29 PM
            Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ aymen09-27-05, 03:11 AM
              Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-27-05, 07:00 AM
                Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo09-29-05, 02:53 PM
                  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo10-04-05, 03:45 PM
                    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-04-05, 07:51 PM
                      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-04-05, 07:55 PM
                        Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-04-05, 08:08 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-04-05, 10:28 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Zoal Wahid10-05-05, 07:21 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ حيدر حماد10-05-05, 11:37 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-05-05, 08:59 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Doudi10-05-05, 09:48 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Abdulgadir Dongos10-05-05, 01:08 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-05-05, 10:01 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Abdulgadir Dongos10-05-05, 10:57 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-05-05, 01:31 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Abdulgadir Dongos10-05-05, 01:53 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo10-05-05, 08:27 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-05-05, 09:42 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-06-05, 06:27 AM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Doudi10-06-05, 10:31 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-06-05, 01:31 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo10-08-05, 06:00 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Murtada Gafar10-09-05, 02:31 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر10-09-05, 03:21 AM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Murtada Gafar10-09-05, 04:17 AM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Adil Al Badawi10-09-05, 05:08 AM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-09-05, 05:22 AM
        Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-09-05, 11:14 AM
          Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ هاشم نوريت10-09-05, 11:24 AM
            Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-10-05, 00:22 AM
          Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-10-05, 02:17 AM
          Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ برير اسماعيل يوسف10-10-05, 07:54 PM
          Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ محمد عبدالرحمن10-14-05, 05:11 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر10-10-05, 01:02 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-10-05, 09:32 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-11-05, 09:34 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-11-05, 10:00 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ الواثق تاج السر عبدالله10-11-05, 04:40 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Adil Al Badawi10-12-05, 01:29 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ الواثق تاج السر عبدالله10-12-05, 04:29 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-12-05, 08:17 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Suleiman10-12-05, 09:46 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Adil Al Badawi10-15-05, 02:18 AM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر10-13-05, 01:42 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ أحمد عثمان عمر10-13-05, 01:51 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Doudi10-13-05, 03:09 PM
  Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Bashasha10-13-05, 02:43 PM
    Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo10-14-05, 04:12 PM
      Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo10-14-05, 08:59 PM
        Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Mohamed Suleiman10-14-05, 10:22 PM
          Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo10-15-05, 07:47 PM
            Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ الواثق تاج السر عبدالله10-16-05, 04:25 PM
              Re: نخبة نيلية أم نخبة حاكمة؟؟ Sidgi Kaballo10-20-05, 08:10 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de