الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: الشاعر السوداني / صلاح احمد ابراهيم شعري يسير بغير رشاقة علي حبل مشدود كثيراً ما تتوارى سنبلة ما ، خلف اكمة تشكلت من الرمال .. وقد تستمر العاصفة طويلاً ، وتملك الاكمة عمراً ، لكن صدفة ، أو رغبة ، أو اصرار من الباحثين في العمق لا في السطح ، هكذا ، كان يحدث أحياناً في مساحات الادب العربي ، مع سنابل عطاء يعتبر الشاعر صلاح أحمد ابراهيم ، احدها ولكي لا يسارع قارئ ما للاحساس بالجهل او القصور ، سنسارع بدورنا ونقول له ، ان صلاح احمد ابراهيم هو شاعر سوداني ، وهو ممل ايضاً يبتعد عن ساحات ما يسمى بالاضواء الثقافية ، ملتزم واحب قضية وهذا ما يجعل الدروب نحوه وعرة .. هادئ ويتحلي بخجل الشعراء الكبار، ولكنه يملك من الصراحة والجرأة ما يجعله يقول الكثير في زاويته "قال الشاهد – مجلة الدستور " : ولصلاح احمد ابراهيم ديوانان شعريان : غابة الابنوس ، وغضبة الهبباي ومجموعة قصصية بعنوان "البورجوازية الصغيرة" كتبها بالاشتراك مع القاص السوداني علي المك . عن السودان ، والشعر السوداني ،وتجربة الشاعر ومكانها بين أصوات الشعر في السودان ، وبخاصة الفيتوري بدأ هذا الحوار : ھ س. : الفيتوري وصل الينا وكانه يحمل الصوت السوداني الأكبر . أين أنت من الفيتوري؟ ومن الصوت الأرحب لإبداع السودان ؟ ص.أ.أ: الفيتوري شاعر كبير ، اختار لنفسه في بداية مطلعه ، الموضوع الافريقي دون أن يعايش التجربه السودانية أو حتى التجربة الأفريقية ، لقد استلف فقط مضموناً أو موضوعاً عالجه بحساسية وذكاء وقوة تعبير ، ولكنه يظل علي علاقة تماس وحب بذلك الموضوع سواء فيما يتعلق بالسودان أو أفريقيا . الشعراء الذين بمكن ان نطلق عليهم سودانيون فعلاً هم الذين عبروا عن تجارب سودانية حقيقية ، والفيتوري – علي ضخامته التي لا تداني – ليس من اولئك ھ .س.: كيف مزج شعراء السودان بين أفريقيتهم وعروبتهم ؟ وكيف عكسوا ذلك؟ ص.أ.أ.: السودانيون بأكثر من غيرهم جميعاً من العرب ، هم العرب السود ، ان اختلاط العرب فيهم بأقوام اخرين يظهر علي سحنهم ، بينما لا يظهر هذا الاختلاط – وهو موجود علي اية حال لدى غيرهم ، فاحساسهم به احساس حاد ، فلا غرابة ان كنا نحن الذين عبرنا قبل سوانا حتى قبل او يولد "ايمي سيزار"والطبعة الأولي من رواد الزنجية ، نحن العرب الوحيدين الذين عج شعرهم بأكثر من سواه في الاشارات الي لونهم والي افريقيتهم ، لا أقصد الفيتوري بمثلما حمل شعرهم سمات افريقيا التي حلو بها ، ولان بوادي السودان بخاصة كانت ديارهم – وهي اشبه ببوادي جزيرة العرب سوى انها اكثر خصوبة – فقد عاشوا فيها الحياة العربية القديمة وكانوا اكثر وفاء للقيم القديمة التي فخار العربي .. اين الطفل العربي الذي يردد :" قشتي الخضراء ....افرك واطويكي ...اشوف شبابي فيكي ...شبابي نور الوادي ...ياخضرا يا ام البوادي فزاره حاربونا ...شدوا جمالهم جونا .. جمالهم بالكسارة ..الخ ..ان شعرنا الفصيح لا يبعد كثيراً عن ذلك الموروث ، رغم سمات اخرى حضريه فيه ، وتاثر وتتطور . ان شعرنا الحديث امتداد وفي لما كان لدينا بأكثر مما هو تقليد عند الآخرين رغم وعينا بما عند الآخرين . ھ .س. : نقترب من تجربتك الشعرية الخاصة ، ماذا نجد من خصوصية تغرف من هذا كله وتضيف التزاماً ونضالاً وهو الموقف الذي اخترت ؟ ص .أ.أ: لقد نشأت في جيل الخمسينات والستينات بخاصة ، وهي فترة شملت معارك النضال من أجل الطبقات الكادحة ومعارك النضال الفئوي والنقابي والتضامن مع حركات التحرر الأفريقية والعالمية وقضايا الثورة العربية ووجدت نفسي في قلب هذه البؤر كمناضل قبل كل شئ فكان لابد أن يأتي شعري معبراً عني كلما كنت مناضلاً وخادماً للشعب ، ومن وجدت نفسي في قرابة مع الشعراء السودانيين الذين كانوا يعبرون تجاربهم بصوت يحمل سمات الشعر الواقعي الثوري السوداني ، أقول السوداني لا شدد علي الموروث الشعري السوداني ، وهو شعري عربي ولكن بخصائص محلية لا تغيب ، تستلهم فيها خصوصية الشعب الذي نحن منه والبلد الذي نحن فيه . ھ .س.: هذا الاصرار من جانبك علي هذه الخصوصية يجرنا لمطالبك بإيضاح هذه الخصوصية ، فهل هي تتجاوز ما ذكرته حتى الآن ؟ ص.أ.أ: العربي الذي جاء في السودان وشكل العمود الفقري لموروثه الثقافي ، جاء وخالط أقوامه الذين كانوا سابقاً فيه ، وأخذ بطبيعة الحال منهم أشياء كثيرة ، المهم انه وجد بيئة كالتي جاء منها ، تمتاز بالانبساط ومن هنا نبع موروث الشعر الشعبي الموجود في السودان والذي يماثل في جوانب كثيرة منه سمات الشعر الجاهلي ولكن دون اقفال للملابسات الجديدة ان ما نسمية في الشعر الشعبي "بالمسدار " ، ما هو الا شبيه المعلقة الجاهليه في طوله وتنوع أغراضه ، لانه بالأصل حداء للجمل في رحلة طويله ، وفي هذه القصيدة البدوية يكثر ذكر الاسماء والأماكن ووصفها ، وقد امتزجت تقاليد هذا الشعر بشخصية قائلة التي يحلو لنا أن نسميها الشخصية السودانية فنتج منها شعراً لا يقال ترفاً أو سياحة فكرية وانما ضرورة يجد الشعر نفسه مدفوعاً اليها أو بها . ھ .س.: هل لهذا تسمون الشعر بالمصطلح الشعبي "غناء "؟ ص.أ.أ: أجل ، لان المقصود بقول الشعر أساساً أن يترنم به قائله ، بما في ذلك فضيحة . وكان هذا هو الحال حتى العشرينات .. حتي قراءتنا في الاذاعة – لقصائد العباسي أو شوقي مثلاً – كنا نسمعها بالتطريب من عبد الله عمر الشيخ أو احمد حامد العربي ، والمدائح النبوية لا سيما البردة واشعار عبد الرحيم البرعي تقال في شكل أغاني ، اذن لم يكن هناك انفصام بين الشعر والشعب ولا بين الواقعة والتاريخية والشعب . ھ . س.: الا تعتقد انه من هنا تبدأ الخشيه علي "الشعر" من ان يصبح من أجل هذه الغاية – لافته أو خطاباً، الا تجد في بعض الوضوح مثلاً "تنازلاً" من القصيدة؟ ص.أ.أ: سأقول لك شيئاً : لقد أخذ بعض النقاد علي شاعرنا العباسي انه يصف جمله وهو وهو يضرب في البند وقالوا هذا شعر تقليدي وتجربة يصطنعها شاعر متكلف ، ونسوا انه عين ما كان يعيشه شاعرنا العباسي .. من هنا ، اريد أن انطلق الي تجربتي لاقول بأن شعري يشبه بلدي وشعري يشبه شعبي وانا اشبه شعبي واذا كانت لي مكانة كشاعر سوداني فلانني اري نفسي استمرار شاعرنا او شاعرتنا القديمة الذين صلتهم بالشعب مباشرة ، بالشعب الذي هو نفسه شاعر ، لا يهمنا في المحل الاول الناقد او استجلاب اساليب فنية معقدة ورفيعة ولكنها تبعدنا عن احب قرائنا الينا ، المقصود بكامنا ، الذين كلامنا كلامهم ولب لباب قولنا لهم .. ونحن الشعراء السودانيون ابناء هذه الفترة علي الاختلاف ما بيننا ، الا اننا نتماثل في هذه السمات الاساسية : فالشاعر الذي يعتزل الجماعة لا يجد له مستمعاً مهما كانت القيمة التي في شعره ، الشعر السوداني منذ فجره ارتبط بمشاعر الجماعة ، ليس الجماعة المحلية ولكن كان الشاعر يهتز للاحداث التي تحدث في بلاد جد نائية لان حدود بلده لا تحده ، فهو جد محلي من جهة وجد عالمي من جهة اخري . الشاعر السوداني الذي هو سوداني حتي العظم ، لعله اكثر شاعر عربي انفعل باحداث مثل سقوط "بيانغ بيانغ فو" او بمثل مقتل باتريس لومبا .. وهكذا.. ھ .س.: ومع هذا فللقصيدة خصوصية وربما خصوصية صعبة .. مثلاً ذات يوم سأل أحدهم بابلو نيرودا – كان يلقي قصائده في أحد حقول الفلاحين والفلاحون يصغون له : هل يفهم الفلاحون ما تقول ؟ فأجاب نيرودا ربما لايفهمون ولكنهم يعرفون أني أتحدث عنهم ولأجلهم .. ص.أ.أ: هذا بابلو نيرودا .... ولكن شعبنا لا يصفق لنا الا اذا فهم ما نقول اني لا اتكلم عن الخطابة ولو ان الخطابة سمة من سمات الشعب السوداني ، ونعترف بذلك ، لكن الشعب السوداني لا يصفق لشعر لا يفهمه ، لقد ظل الشعر فرحته الكبرى وتسيلته التي تكون وحيدة حين لم يكن هناك موسيقى . ھ .س.: من الناحية الشكلية ، هل من خصوصية لقصيدة الشاعر السوداني ؟ ص.أ.أ: قد يهتم الشاعر أحياناً بتحديث شكل القصيدة ،أو بمحاولة الارتقاء الي ما يراه بأنه صار انماطاً عالمية ، ولكنه يبقى برغم كل ذلك بعيداً عن التعبير الحقيقي عند روح الفترة التي يجد فيها ما لم يظل علي صله وثيقة بخصائص الموروث الشعري السوداني التي ذكرتها .. ھ .س.: حتي الان استطيع ان اضع سمات ثلاث للشعر السوداني ومنه تجربتك الخاصة وهي : الشعب ، الموروث الشعبي ، والحكاية .. ولكن اليس للشعر من دور اخر . ص.أ.أ: هذا الذي يؤكد سلامة الاتجاه الذي سار فيه الشعر السوداني وهو ملازمته لانفعالات الجماعة ومشاركته الحميمة افراحهم أتراحهم ، احزانهم واعراسهم ومآتمهم ، ان الشاعر السوداني كان علي حق عندما وجد مكانه الطبيعي انساناً معبراً علي شعبه ، فالواقع الردئ الذي نعيش فيه ينادينا أكثر الحاحاً من قبل لان نضع مواهبنا في في خدمة الوعي القومي ، في تبصرة الشعب ، لان الشعر ليس ناقل مشاعر فحسب ، لكنه أيضاً ناقل معارف ليس بالضرورة أن يكون شعرنا تحريضاً دون أن نهتم بأن له دوراً اخر مصاحباً ايضاً هو رفع الذوق الفني عند حاسة الشعب وارهاف الحاسة الفنية لديه ، اما ان نسعي الي كوزموجوليتيه شعبنا يقف لاعتراف عالمي لا يمت الي موروثها المحلي بصلة اما ان نسعي الي كوزموجوليتيه شعبنا يقف امامها فأغرا فاه ، فهذا والله هو عين الاحتقار لشعبنا ولثقافتنا ولدورنا .. ھ . س.: هل تكون القصيدة الان ، هي "منفذ" النضال الوحيد في زمننا المتهم بالقهر والموشوم بالرقابة القمعية ؟ أقول ذلك وانا اضع في الاعتبار ادوات القصيدة التي يمكنها التسلل ؟ ص.أ.أ: نعم ، هذا ما يوضح تماماً اهمية الشاعر ، لانه يملك ادلة لا يمكن ان تحددها الحدود ..ينبغي الا ننسى ان الشعر ظل دائماً للعرب هو ديوانهم هو سلاحهم وهو معلمهم هو سجل تاريخهم ، هو سلواهم وعزاؤهم والمحرك لهم ، فالشعر لدي العرب يتخذ اهمية بأكثر من الشعر لدي شعوب اخري وهكذا كنا نستخدمه طيلة كل نضالنا ، في كل حادث وفي كل موقف يتلفت الناس بحثاً عن شاعرهم ، وهكذا كان الحال بالنسبة للشعر السوداني وهكذا في نظري الحالي بالنسبة للشعر في بقية الاقطار العربية ،بلغوا اكثر أو أقل من التوفيق . ھ . س.: ما رأيك بشعراء يسجنون بسبب القصائد ؟ ص.أ.أ: هؤلاء هم فخارنا وهؤلاء هم خيارنا ،يفنى ، طال الزمن ام قصر ، الحاكم ، ويفنى شخص الشاعر ويبغى شعره نجمة ساطعة في السماء الي ابد الابدين .. اننا لا نذكر اسم ذلك الذي قتله الحاكم ولكنه يظل دائماً والي الابد امثولة في ذاكرتنا لان شاعراً وفياً قال فيه : علو في الحياة وفي الممات .. ان الشاعر الذي يختار لنفسه ان يتضطهد وان يعذب لانه يؤمن بالحقيقة وهو ضمير الامة ، زات يوم قال جوردان بروند لمحاكميه قبل ان يصعد للمحرقة : ان محاكمتي تسبب ذعراً شديداً لكم لا لي ، وكما قال ايمرسون :رجل واحد شجاع يمثل اغلبية للشعراء الذين قبلوا الاضطهاد علي ان يكذبوا علي أنفسهم أو علي شعبهم ، لهم كل امتنان الامة جيلاً بعد جيل . ھ .س.: كيف يكتب صلاح احمد ابراهم القصيدة ؟ كيف تحدثي عن عملية الخلق لديك ؟ متي بدأ يتحول من نبضات الي قصيدة ؟ ص.أ.أ.: لسبب يتعلق بنشأتي أو بنفسيتي أو بميولي .. وجدت نفسي ادمن قراءة الشعر وانا في الطور الاول من النمو العقلي ، احببت الكلام بحد ذاته ، واحببت الجملة الموزونة وحفظت شعراً كثيراً وحين تجيش المشاعر وتغلي في نفسي احس برغبة شديدة لكي أصوغها في كلمات ، هذا ما صيرني شاعراً ،اذن ، وجدت نفسي شخصاً شديد الحساسية لا ينفس عن خلجاته الا ان يفصح عنها بالكلمات وادمن هذا الدواء . في سن المراهقة تعرفت علي الافكار الجديدة لأنها كانت سلاحاً نضالياً وجدت نفسي ملزماً بدراستها لأزداد وعياً وخبرة وصلابة ، ولما كانت هذه التيارات الفكرية الجديدة تيارات عقلية تستند علي اسس فلسفية وعقلية وقد شكلت تفكيري تفكيراً مبنياً علي عقلانية صارمة ، هذا هو الحبل المشدود الذي اسير عليه الشاعرية والعقلانية كالزيت والماء وكان علي ان امازج بينهما حتى يصير مزيجاً واحداً ، هذه العملية التي تكاد تكون مستحيلة هي التي تجعل شعري يسير بغير رشاقة علي ذلك الحبل المشدود . ھ . س.: ثم .. ممن ومم استقيت تأثيراتك الأولى ؟ ص.أ.أ: ساعدني علي اختيار نهجي الشعري شاعر مصري أدين له بكثير من الامتنان والحب ، شعره كان اهزوجتنا في المعارك وكان عزاؤنا في الامتحان، وكان معلماً ومرشداً وقدوة ، هو الذي قال في عيد ميلاده :ما حياتي انا ان ضيعتها دون ان ابني بناء للغد انا ان عشت وشعبي مرهق مستقل ثم لم امدد يدي لصراع الظالم المستعبد وكفاح المستقل المعتدي فانا ليست بانسان له عيد ميلاد انا لم اولد عيد ميلادي الذي اعرفه يوم كافحت واحببت الكفاح وتمشت في دمائي ثور تنسف الظلم فتذرو الرياح وتحسست جراحي وانا في قيدي فتحملت الجراح هذا الشاعر اسمه محمد كمال عبد الحليم شعره يتقني به كثير من ابناء شعبنا خصوصاً مرثيته في صلاح بشرى طالب الطب الذي قتل في سبيل المصريين ، وغير هذه القصائد التي صاغها اناشيد . نحن في تلك السن المبكرة قرأنا هذا الشعر وغيره من الشعر التقدمي الذي يعرفه العالم جميعاً وتأثرنا به فأثرى تجربتنا وأغني وأفقر شاعريتنا ولكننا كنا نسير قدماً ننفعل بالقصيدة بعد الاخرى ويستقبلها شعبنا ويحتفي بنا لأجلها ، وظللنا علي هذا الحال ، وسنظل علي هذا الحال الي ان نفارق هذه الدنيا ونحن مطمئنون علي اننا حاولنا ان نقدم الذين نحبهم حبنا الاكبر غاية ما لدينا . ھ .س.: هل تبلغ احزانك أحياناً درجة الكآبة السلبية فلا تكتب ؟ ان مبدعاً كماركيز قال ان الوصول الي هذه الدرجة رهيب ومؤذ، اذن كيف تتحكم بدرجة قلقك والمحنة تذداد . ص.أ.أ.: فيما يتعلق بي ، كلما اشتدت المحنة ، كلما شعرت بأن علي ان أضاعف من جهدي ، هذا ليس قراراً عقلياً فحسب ، بل هو يأتي عفو المشاعر ، انا استيقظ نصف الليل لان همي هم الشعب ، يطرد عني النوم ، فلا اجد سلوى الا ان احاول التعبير عن همي ذاك ، اذن الشاعر ليس مجرد مستجيب وملتقى ، كالزئبق في ميزان الحرارة بل هو ايضاً صانع الحرارة نفسها ، ان عين هذا الانحطاط هو الرماد الذي يخفي تحته النار وواجبنا نحن الشعراء ان ننفخ هذا الرماد حتى نزيله وان ننفخ الجمرة حتى تتأجج ، نحن صنَاع الحدث ، نحن الرائد الذي لا يكذبه احد ، نحن المعلم والمحرض . وكما قلت ذات يوم لو ان الشعر يطير شواظ لهب لمضيت أقول الشعر ، أقول الي أن يفنيني الكلمات لو ان القلب يسيل بحار لهب لعصرت القلب عصرت الي ان يفلت من كفى قطرات . ھ .س.: هل انت متفائل بجيل قادم للشعر السوداني ؟ هل المرحلة الان تؤشر للملامح ولادات جديدة قادمة ؟ ص.أ.أ: من يدرينا ان المبدعين الناشئين الان هم افضل موهبة واصدق حساً منا وهذا طبيعي لانهم رؤنا امامهم بكل فضائلنا وعيوبنا فتعلموا ، هنالك قمقم يحبس فيه الشعب السوداني وقمقم في داخله يحبس فيه ابداع ابنائه المبدعين ، ويوم ينفجر القمقم الاول يتفجر القمقم الثاني وعندئذٍ قد نفاجأ بأن صباح عرس جديد قد اطل فنغني جميعاً نحن بحناجرنا القديمة وهم بحناجرهم الغضة الجديدة وسيكون ذلك يوم فرحة للجميع . العلم الثقافى-العددالاسبوعى-السبت2ربيع الاول1403-الموافق18دجنبر1982 العدد636-السنه13 من ارشيف احمد محى الدين-شندى

(عدل بواسطة omer abdelsalam on 07-10-2008, 06:42 PM)