الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: المعطف المزركش لم تكن اثنان و ثلاثون سنة التي مرت على حادثة المعطف المزركش كافية لمحوها من ذاكرتي, لقد كانت قصة غريبة تلخص مفهوم الأخوة الصادقة التي كانت تجمع بينا. كان للأخ مغراوي يحيى معطف مزركش بعدة ألوان فاتحة اشتراه له أبوه من فرنسا, معلق مع الملابس بالدولاب .لبسه الأخ مسلمي الزين موسى وسافر إلى الرباط. إلى حد الآن الأمر عادي جدا, وبعد أيام من سفر الأخ مسلمي, أراد الأخ مغراوي هو الآخر أن يخرج في رحلة مع أصدقائه لكنني عارضته, وقلت له لا تذهب في هذه الرحلة المشئومة, لأني كنت أعلم أنها مشئومة حقا,(لا أريد الدخول في التفاصيل) لم يطوعني وفي الصباح الباكر, قام وحلق ذقنه وتنظف, ثم بحث عن الدراهم ليأخذها معه (المفروض أن تكون موضوعة في الدولاب مع الملابس) إلا أنه لم يعثر لها على أي أثر. قال لي ألم ترى الدراهم؟ وكان قدرها 1300درهما(المنحة كاملة : ما يعادل اليوم حوالي 3000أو 400دولار) تلعثمت ,لم استطع الرد ,قلت في نفسي سيتهمني بالسرقة ,لأنني كنت معارضا لسفره,و مع جهد جهيد قلت له: ما علمت شيئا, ولم أر أي درهم . خرج مبتسما ولم يرد عليا .عاد في المساء روى لي ملخص الرحلة ضاحكا, مبتسما ولم يحدثني عن الدراهم المفقودة, وبدأت نفسي توسوس لي: ربما لم يفقد الدرهم, أو يكون قد وجدها ولم يرد آن يخبرني, بقيت على هذه الحالة من التعاسة مدة طويلة (حوالي ثلاثة أسابيع أو أزيد ) ولم يبد الأخ مغروي ولو إشارة صغيرة قد توحي لي بتهمة السرقة .ويعود الأخ مسلمي من رحلته هذه الطويلة ويعلق المعطف في مكانه بالدولاب ,ويأتي الأخ مغراوي بدوره ليلبس المعطف, ويدخل يده بالجيب الداخلي فإذا به يخرج الدراهم (المنحة كاملة) دون أن ينقص منها سنتا واحدا ويقول: بدون أن تظهر عليه أي علامة استغراب, أو تعجب, ها هي الدراهم لقد أخذها معه مسلمي .أما مسلمي أو الإخوة الذين زارهم بالرباط ,فلم يكن لهم أي علم بالدراهم ,ولا بما يحتويه المعطف, ولم يجرأ أحد منهم أن يدخل يده في جيب المعطف , طوال تلك المدة, والتي كان فيها المعطف المزركش ينتقل من كتف إلى آخر ,ومن يد إلى أخرى .ومن يومها ازددت تشبثا بأخي مغراوي الذي نزهني عن كل شبهة, وكان المنطق والعقل يتهمني ,كما ازددت محبة لأخي مسلمي ومن ورائه كل شعب السودان, لأمانته وحسن خلقه .ولا أكتمك أخي عمر أنني اليوم عندما أسمع عن أحداث دارفور, لا أكاد أن أصدق ,لأنني طوال ثلاث سنوات التي عشتها مع الإخوة السودانيين, لم اسمع يوما أحدهم يغتب آخر, مهما بلغ الخلاف بينهم .(ما سمعت عن خلاف وقع بينهم إلا ما كان يقع بين الأخ مصطفى والأخ محمد , ولم أعرف سر خلافهما الدائم وإن كان خلافا حضاريا ) فكنت ازداد يوميا إعجابا بهم وبأخلاقهم الرائعة. فكيف يمكن لمثل هؤلاء الناس الطيبين أن يحدث بينهم هذا الخلاف الواهي الأسباب, والذي استغله أعداء أمتنا لتدميرنا من الداخل, خصوصا وأني أعرف من خلال الإخوة السودانيين الذين عاشوا بفاس أنهم أوعى الشعوب العربية سياسيا ********* عمر حيمري مدينة وجدة ..شرق المغرب .

(عدل بواسطة omer abdelsalam on 08-12-2007, 07:06 PM)