لاهوت الوردة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 05:28 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر اسامة الخواض(osama elkhawad)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-13-2006, 03:31 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20382

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لاهوت الوردة (Re: osama elkhawad)

    كنا قد تحدثنا عن خطاب درويش النثري والمتمثل في مراثية النثرية وكتبه مثل :
    ذاكرة للنسيان
    و رسائله المشهورة المتبادلة مع صديق عمره الشاعر الفلسطيني الكبير:
    سميح القاسم
    نلاحظ في حواره الأخير مع عبدة وازن في "الحياة" والذي نشرناه متسلسلا هنا,
    نلاحظ انه قد تحدث عن "ظلمه لنثره" والذي ورد في سياق حديث عن خشية التوقف عن الكتابة
    فقد سأل عبدة وازن درويش :
    هل تخشى أن تتوقف ذات يوم عن الكتابة؟

    - نعم.


    > هل أحسست هذه الخشية فعلاً؟

    - هذه خشية دائمة خصوصاً عندما أنهي عملاً جديداً. إنني دائم الخوف من هذه القضية. إنها بمثابة هاجس. وأعزّي نفسي بأنني عندما أشعر، أو عندما اعترف بجفاف الماء في تجربتي الشعرية أو في لغتي، أجد المناسبة حسنة لأكتب النثر. فأنا أحب النثر كثيراً.


    ظلمت نثري


    > لكنك لم تكتب قصيدة نثر مع انك كتبت الكثير من النثر؟

    - كتبت الكثير من النثر لكنني ظلمت نثري لأنني لم أمنحه صفة المشروع. أكتب نثراً على هامش الشعر أو أكتب فائضاً كتابياً أسميه نثراً. ولكن لم أُولِ النثر الأهمية التي يستحقها،. علماً انني من الشديدي الانحياز الى الكتابة النثرية. والنثر لا يقل أهمية عن الشعر. بل على العكس، قد يكون في النثر مساحة من الحرية أكثر من النثر. فإذا جفّ نصّي الشعري فقد ألجأ الى النثر وأمنحه وقتاً أكثر وأولية جدية أكثر. عندما كنت أكتب نثراً كنت أشعر أن النثر يسرق مني الشعر. فالنثر جذاب وسريع الانتشار، ويتحمّل أجناساً أدبية أكثر من الشعر. ويستطيع أن يهضم الشعر ويعطيه مساحة وحركة أكبر. وكنت عندما أكتب النثر انتبه الى انني نسيت القصيدة وأن عليّ أن أعود اليها. هكذا أكون بين النثر والشعر، لكنني معروف بأنني شاعر ولا أسمّى ناثراً.


    > لكنك لم تكتب قصيدة النثر، لماذا؟

    - ما دمت أكتب نثراً فأنا أكتب النثر، من دون أن أسميه قصيدة. لماذا ننظر الى النثر نظرة دونية ونقول انه أقل من الشعر؟ صحيح أن النثر يطمح الى الشعر والشعر يطمح الى النثر... يعجبني قول للشاعر باسترناك: "أجمل ما في القصيدة ذلك السطر الذي يبدو نثرياً". انني لا أريد أن أفرّق كثيراً بين الشعر والنثر، ولكن انطلاقاً من التجنيس الأدبي ما زلت أعطي للنثر اسمه وللشعر اسمه. لكن السؤال هو: كيف تتحقق الشعرية في قوام قصيدة؟ وأعتقد أن علينا أن نوقف النقاش حول الفارق أو الاختلاف أو الائتلاف أو الابتعاد أو الاقتراب بين قصيدة النثر والقصيدة. هذا السجال تجاوزه العالم. أما إذا سألتني عن رغبتي في كتابة قصيدة نثر فأرجو أن أكتب نصاً نثرياً من دون أن أسميه قصيدة نثر.


    > ولكن من الملاحظ في شعرك ولا سيما في المرحلة الأخيرة أن ثمة حواراً بين النثر والشعر، وقد عرفت تماماً كيف تستفيد من قصيدة النثر، لا سيما أنك شاعر تفعيلة، وقد استشهدت بجملة بديعة لأبي حيان التوحيدي في ديوانك الأخير "كزهر اللوز أو أبعد"! وما يميز القصيدة لديك هو هذا الفضاء الرحب، الفضاء النثري والموسيقى الداخلية القائمة على تناغم الحروف!

    - أولاً، أود أن أقول ان ليس لدي أي تحفظ على قصيدة النثر. والتهمة التي لاحقتني في انني ضد قصيدة النثر زمناً هي باطلة.

    قلت وأقول دائماً ان من الانجازات الشعرية المهمة في العالم العربي بروز قصيدة النثر، أي تأسيس طريقة كتابة مغايرة للشعر التقليدي والحداثة التقليدية. قصيدة النثر تريد أن تميز نفسها وتريد أن تطور أو أن تضيف نصاً مختلفاً عن القصيدة الكلاسيكية وعن القصيدة الحديثة التي صنعها جيل الرواد. هذا أولاً. ثانياً، أنا من المعجبين جداً بشعراء كثيرين يكتبون قصيدة النثر. وأقول دائماً إن هناك أزمة في ما يسمى قصيدة التفعيلة، وأنا أكره هذه التسمية، ولكن لا بديل لها. والأزمة أصلاً تكمن في الكتابتين.
    وأدناه مقال مهم عن بعض من خطاب درويش النثري مقارنا بكتاب لادوراد الخراط,
    والمشترك بين الكتابين هو ثيمة الموت ,والتي تتمحور حولها :
    جدارية
    فالى المقال الذي نشر في العدد السابع والعشرين من مجلة نزوى التي يشرف عليها الشاعر العماني الكبير:
    سيف الرحبي
    ******


    السيرة الذاتية وتعدد الاصوات
    السرد و الزمن و الموت
    في (ذاكرة للنسيان) و (حريق الأخيلة)

    بطرس حلاق (ناقد واكاديمي يقيم في باريس)


    --------------------------------------------------------------------------------


    يتصدى الفيلسوف بول ريكور للبنيوية في النقد الادبي، فيؤكد على أولية الزمن الحاسمة، قائلا: انه يجدر بنا أن تعتبر السرد حارسا للزمن (1)، ومعتبرا ان كل سرد يهدف الى "الانفتاح على معنى ما"، وذلك بتنسيقه الزمن الماضي وبتأسيسه فعلا في زمن قادم وبمجابته ما هو "آخر الزمن" أي لابد والموت، فأساسا يهدف السرد الى ترويض مكائد الزمن، مأساوية الزمن العابر، إن هذا المبدأ، البالغ الجلاء في الحكايات التأسيسية كالتوراة والكتب المقدسة التي تتقصى مشكلة الأصول والأخلاق والموت، ينتظم بشكل واضح السيرة الذاتية، حيث يستبين الفنان معنى حياته ويؤسس مستقبله ويصارع موته الشخصي.

    من هذا المنظور يكتسب العملان اللذان اخترتهما- وهما "ذاكرة للنسيان" (2) لمحمود درويش و "حريق الأخيلة" (3) لإدرار الخراط - قيمة نموذجية لان معناهما منوط بالزمن والموت. في "حريق الأخيلة"، الذي يجعل منه الرقم سبعة عالما شموليا مثاليا، مسكون بالموت، البادي في زوال عوالم المؤلف الداخلية والخارجية، حيث يفنى لهبا لهذا الحريق كل ما يرده المؤلف - بل يحاول أن يرده - وكأنه لايزال حيا، كيما يتسنى له أن يحتفظ بشظايا الماضي حية بحياة متوهجة.

    أما "ذاكرة للنسيان" فيهيمن الموت عليها بقدر أكبر، إذ أنها في الموت تجد منبعها: إنها تنبثق من ذلك اليوم العصيب، يوم "هيروشيما الفلسطينية"، حيث يبدو الكاتب وكأنه يحيا موته الوشيك.. يرتكز المؤلف عل هذا اليوم ليحيط بموته الرمزي الأول، الخروج من فلسطين، وبجذوره الثقافية الضاربة في التاريخ العربي، وليواجه أيضا حياته ذاتها وموته كفلسطيني وكمجرد انسان، لا يكتسب هذا العمل أبعاده الحقيقية الا في الضوء الباهر الذي يلقيه دنو الموت على الحياة. لا أسعى، في اطار هذه الدراسة، إلى الاحاطة بكافة جوانب هذين العملين الثرية، بل أتقيد، عمدا، بجانبين هامين يتعلقان بجماليات السرد، فأحاول أولا أن أتبين، انطلاقا من مفهوم تعدد الاصوات، كيف قام > الوعي الحاد بالموت بهيكلة العمل من داخله، أو بتعبير آخر: كيف انعكس هذا الوعي في النسيج السردي، ثم أتناول الجانب الآخر المتعلق بالسيرة الذاتية.

    عالم محمود درويش

    تتعدد الأصوات

    يتجلى عمل محمود درويش، لأول وهلة، وكأنه دراما قديمة حسب مفهوم المسرح الكلاسيكي الفرنسي في القرن السابع عشر، اذ يبدو منصاعا لقانون الوحدات الثلاث: وحدة المكان ووحدة الزمان ووحدة الحدث. المكان: بيروت الغربية وقد أصبحت كلها مسرحا، حدوده خطوط الحصار المحكم الذي ضربه الجيش الاسرائيلي. الزمان: يوم من أيام شهر آب / أغسطس عام 1982، تراكمت فيه أجسم الأحداث (4) الحدث: أعمال الكاتب وأقواله وأفكاره من الساعة الثالثة صباحا، أي منذ أخرجه من حلمه دوي القصف الاسرائيلي،وحتى الساعة العاشرة مساء، حيث عاد إلى نومه وحلمه بعد أن أمضى نهاره يجوب المدينة لمقابلة الناس والأماكن.

    هنا ينتهي وجه الشبه بالدراما الكلاسيكية، إذ يفترقان في الحبكة التي تتضمن، وفقا للمعايير الكلاسيكية، بداية وسيرورة ونهاية.. هذا، إلا إذا اعتبرنا بمثابة حبكة ذلك الخيط الرفيع الذي ينتظم السرد وينقل السارد- الشخصية (السارد البطل) من الرهبة امام الموت إلى نوع من السلام الداخلي الذي يتمثل الموت نفسه، بيد أن هذا الاعتبار لا يشكل إلا مقاربة ممكنة، ليست، على كل حال، بالأهم.

    أحرى بنا أن نتكلم لا عن حبكة مفردة بل عن مشاكل من حبكات، وبالأصح من اشكاليات تنبثق جميعها من لحظة حرجة واحدة، هي لحظة الاقتراب حسيا من الموت، في هذه المواجهة يلتهب كل شيء، ما عدا الجوهري، فيتكثف في اللحظة الواهنة زمن الراوي بأكمله، بل كافة أؤمنته، وتتعرى كل الأبعاد التي تكونه، من البعد الأكثر حميمية الى البعد الكوني الأشمل. فتصدح، في وعيه، الأصوات المعبرة عن هذه الأبعاد دفعة واحدة متزامنة. فلو استعمل الراوي وسيلة سينمائية لتسنى لنا أن نلتقط جميع هذه الأصوات من أول وهلة. غير أنه يتوسل الكتابة، وهي خطية بالضرورة، ولذا لا تبلغنا هذه الأصوات إلا بالتوالي. بيد أن القارئ يشعر بأن تلك الأصوات كلها تتدافع عجلي لتظهر بصورتها الطباعية. الهذا يجري السرد دفقة واحدة عفية، بلا انقطاع، بلا عناوين فصول، دون ترك بياض في نهاية الفصل للانتقال الى الصفحة التالية، ما خلا تنفسا سريعا يأتي في وقته - وأحيانا اعتباطا- يشير اليه مربع أسود من آن لآخر؟

    مع ذلك، ثمة موضوعة ذات حضور مهيمن ترمز الى تضافر هذه الأصوات - أو تعدديتها، حسب الاصطلاح (5) - الا وهي موضوعة البحر، أو الماء/ الأنواء بشكل عام. ففي هذا النهار النشوري، يشكل الماء الحيز الوحيد حيث تدور الأحداث وتتحرك الكائنات والأشياء، الماء يفعم البشر والجماد، يملأ الهواء واليابسة والبحر، بحيث أنه يمحو الحدود بين هذه العناصر. فيغدو كل شيء مائيا: القنابل والصخور والقطط والحبيبة. وقد تنعكس الأمور فيتجلى الماء بصورة الجماد أو الهواء: "السماء تنخفض كأنها سقف اسمنتي يقع، البحر يتحول الى يابسة ويقترب" (6). الماء يملأ الفضاء وكل ما يتحرك فيه، بل أكثر من ذلك: إنه يضبط الزمن ويهيمن عليه، إذ ان الزمان نفسه يصبح مكانا. فالمؤلف يضيف، بمثابة عنوان فرعي، الإشارة التالية: "الزمان: بيروت. المكان: يوم من أيام آب 1982". يتجمد الزمن بصورة مكان ويميع المكان على صورة ماء. فيصبح الماء لا رحما أموميا فحسب بل سديما نشوريا (ابوكاليبتيكيا) يشير الى نهاية عالم وولادة عالم آخر، ويحيل الى ذلك السديم البدئي الذي يقال انه أشرف على خلق الكون في بداية الأزمنة، سديم يتضمن، بالقوة، كل ما سيبزغ الى الوجود من كائنات وأشياء على نحو يكاد يكون تزامنيا. انه حيز الأصول الأسطوري. فهل هنا يكمن السبب في أن الراوي يشعر بأنه فرد وحيد، في ذلك الصباح، شأن آدم في فجر الخليقة حين لم تكن المخلوقات قد تسمت بأسمائها؟7) "خرجت للتو فلم أعرف أين أنا. لم أعرف من أنا. لم أعرف ما اسمي ولا اسم هذا المكان، لم أعرف أن في وسعي أن أمتشق ضلعا من ضلوعي لأجد فيه حوارا لهذا السكون المطلق. ما اسمي؟ من سماني؟ من سيسميني... آدم...!"(، والنصان التراثيان اللذان يخطران بباله حينئذ ويدرجهما في سرده، يعززان تلك الفكرة، فهما يتحدثان عن الماء والخلق، يشهد نص ابن سيده (9) على حضور الماء بشكل طاغ في المعجم التراثي العربي، أما النص الثاني فيتناول بنفس النفحة الماء وخلق العالم (´`) وثمة أمر ذو دلالة: الماء والخلق يرتبطان ارتباطا وثيقا بالقلم، وهو أيضا أداة خلق، بها يأتي الى حيز الوجود عالم الراوي، يتم ذلك في أن يدخل مصير الشعب الفلسطيني في لحظته الحرجة، في حالة مخاض.

    تصنيف الأصوات
    عديدة هي الأصوات المعلعلة في هذا العمل، وهي تحيل الى عوالم فكرية وشعورية شديدة التباين، لكنها تتمايز أيضا في كل عالم من هذه العوالم لتخلق كوكبة أخرى من الأصوات. وهكذا لا تترسخ تتعدية الأصوات في فئات مختلفة فحسب، بل داخل كل فئة أيضا. وسأقصر الحديث على ست فئات هي الأهم.

    1- فئة الـ"أنا" الساردة، التي تشمل الصوت الراوي للأمور الأساسية المباشرة (جو المقهى، المرأة، الاصدقاء، الخوف...) صوت الذاكرة (النزوح الأول عام 1948 الذي عرف الراوي بلبنان لأول مرة، فترات السجن، الإقامة الجبرية، الحب الاشكالي المتبادل مع اسرائيليات، الخروج النهائي من البلاد...)، صوت المناضل، صوت الشاعر..

    2- فئة بيروت، وتنقسم الي مدن عديدة: بيروت الجبانة المتمثلة بأصوات الكتائبيين، بيروت - الشعب المتمثلة بأصوات الشارع في المنطقة الغربية، بيروت المثالية التي تحلم بإقامتها مستقبلا أصوات المنضالين من فلسطينيين وعرب ومتعددي الجنسيات، بيروت المتراجعة عن جسارتها المتمثلة بأصوات المناضلين الذين هجروا النضال.

    3- فئة فلسطين، وتشمل: فلسطين - الذاكرة الكلية الحضور، فلسطين المناضلة (بمناضليها المثاليين الشجعان، وزعمائها الأفذاذ والكثيري الهفوات في آن، ومسؤوليها الماهرين في الحسابات والغش)، فلسطين التي لا تجد موقعها من لبنان، فلسطين التي يحلم بإقامتها، فلسطين التي تبدو وكأنها خسفت الى غير رجعة.

    4- فئة العالم العربي، وتشمل الحكام الذين، شأن الكواسر، ينتظرون بلذة بالغة لحظة موت الضحية، الجماهير العاجزة التي فمرفها القمع الى اهتمامات يسيرة ككرة القدم والفيديو، تراثا مزريا ورائعا في آن...

    5- فئة الصهيونية وتشمل: الفكر العتيق المتحجر الذي ينفي كل ما هو آخر (بيجين، يهوه الآمر بابادة أهل أريحا عن بكرة أبيهم، الاذاعة الرسمية..)، الوعي القلق الشجاع (مناضلو حركة السلام الآن، أوري أفنيري)، الوعي المندبق بالذات.

    6- فئة العالم الخارجي، وتشمل: العقل السياسي الصلف الميكيافيلي الذي تعبر عنه مختلف الحكومات ولا سيما الحكومة الأمريكية، الوعي الشقي عند المتعجلين الى انهاء هذا المشهد المزعج بأي ثمن كان. من المهم بمكان الا نختزل هذه الأصوات المتعددة الى تصرفات ومواقف فكرية، أو الى حالات ذهنية يسردها الراوي ويعبر عنها بشكل مسرحي، إنها كلمات تعكس عوالم مرتبطة بشخصيات وجماعات، فهي أصوات بكل معنى الكلمة. ومع انها لا تبلغ جميعها نفس الدرجة من الاكتمال، فإنها تبقى مع ذلك أصواتا حقيقية يثيرها احداق الموت الفردي، او تحيل الى موت جماعي محتمل ومخشي. أو بتعبير آخر، ان هذا العمل - حسب تعبير باختين متحدثا عن دوستويفسكي- لا ينبني وفق "وحدة وعي مفرد امتص ما عداه من أنواع الوعي وكأنها مجرد موضوعات، بل كوحدة مكونة من تفاعلات بين عدة أنواع من الوعي لم يتحول أي منها موضوعا بالنسبة للآخر". (11)

    إن كان صوت أنا الراوي يتمايز بسهولة عن الأصوات الأخرى بفضل نبرته الغنائية وبسبب من المكانة التي يحتلها الخطاب الانشائي، إلا أن الأصوات الأخرى تظل مستقلة بذاتها، آية هذه الاستقلالية تمايز الاساليب الخطابية والأجناس الأدبية المستعملة. عند دوستويفسكي، المعلم البارع في تعدد الأصوات وفق باختين، يقوم هذا التعدد أساسا على استخدام الخطاب 0 المنقول بأسلوب مباشر (الحوار) وأحيانا على استخدام المذكرات (على سبيل المثال: حياة الناسك زوسيما من خلال يوميات اليوشا، في رواية الإخوة كارامازوف). أما درويش فيستعمل الى جانب هذه الأساليب أساليب أخرى عديدة. إذ نجد الى جانب الخطاب المنقول بأسلوب مباشر، أو غير مباشر، أو غير مباشر حر، والى جانب الخطاب المستقل أو المونولوج الداخلي، السرد والحلم والبور تريه والقصيدة والمقال الصحفي، وكذلك القناص عبر استشهادات مقتبسة من الكتاب المقدس (بعهديه القديم والجديد لم ومن تفسير القرآن لم نص ابن الأثير) ومن المؤرخين العرب والأجانب.. ومن المذكرات (نص اسامة بن منقذ) ومن المعجميين (ابن سيده) ومن الأدب العالمي (سرفانتيس) ومن أعمال الشاعر نفسه. ولا ننسى شكلا من القناص أكثر رهافة مما ذكرنا، الا وهو معارضة الكلاسيكيين من عرب وغيرهم فهكذا يتراءى من خلال بورتريه "الكعب العالي" (ص 160) نص الجاحظ الشهير، "العصا"، ومن خلال الحلم الذي يظهر فيه عز الدين قلق (ص 19 يتراءى نص المعري الشهير "رسالة الغفران"، ومن خلال وصف مفعول القنابل الانشطارية التي ألقاها الجيش الاسرائيلي (ص 9 يتراءى النص الانجيلي الذي يعلن عن عودة ابن الانسان وبعض فقرات من سفر "رؤيا يوحنا".

    هذه الأساليب المتنوعة تمنح الأصوات استقلالية حقيقية، يتفاوت حجمها من حالة لأخرى. وأغلب الظن أن ذلك ما يضفي طابعا دامغا على مأساوية المصير الفلسطيني المحاصر في اعصار الأصوات المتنافرة، حيث لا يبين أي مخرج مضمون العواقب، كما لا ينتفي أي مخرج، بما فيه الانقراض التام في طيات التاريخ. ينعكس هذا الموقف في عنوان الكتاب نفسه، إذ يحار المرء الى أي صوت ينسبه: أ إلى صوت الراوي؟ في هذه الحالة - كما يلاحظ صاحب الترجمة الانجليزية في مقدمته - يهدف العمل الى تثبيت الأحداث المأساوية التي عاشها المؤلف، كي يتمكن من التحرر منها عن طريق النسيان وقد يهدف أيضا الى تثبيت ذاكرة جمعية، حكم عليها الكثيرون بالنسيان، فللحيلولة دون امحائها، أم يكون الصوت صدى لصوت آخر، هو صوت الصهيونية والعالم الخارجي، وكلاهما لا يتوقعان مستقبلا آخر سوى اختفاء فلسطين، التي لا تزال تربكهم؟ يترك المؤلف السؤال معلقا ولا ينفي أي أفق محتمل. هذا هو تحديدا معنى المأساوية النابهة من هذه الأصوات المختلفة التي يعج بها النص.

    تعدد الأصوات والكرنفال

    ان هذا الوضع الأقصى المتفجر المفتوح على كافة الاحتمالات استدعى إذن تعددية في الأصوات متفجرة هي أيضا، ليس فقط عدديا وانما أيضا في نوعية الأساليب، وفي الأجناس الأدبية المستعملة. لكن هذه الكثرة في الأشكال الأدبية أبعد ما تكون عن تحويل العمل الى لوحة كولاج (قص ولصق)، بل تعزز تعددية صوتية عضوية، يدعمها أسلوبان آخران مرتبطان بالأدب الكرنفالي- وهو الأدب المتميز أصلا بتعدد الأصوات، على رأي باختين - يعتمدان على حيز الأغورا (Agora) والثنائية. (12)

    يحيل حيز الأغورا الى الأدب اليوناني الذي خلف عصر الملحمة، والذي كان يدور عادة في مكان عام يسميه اليونان الأغورا (ما يقابل السوق / الميدان)، وهو حيز جماعي مفتوح، يعبر الفرد فيه عن اكثر أحاسيسه حميمية على مرأى ومسمع من الجميع، إذ لم يكن ثمة حاجز بين الفرد والجماعة ولا بين الفرد والطبيعة، بل كان يقوم بين الطرفين تلاؤم تام. في عمل درويش، يتخذ الحيز شكلين متمايزين، فالى جانب الحيز الأسطوري الذي تكلمنا عنه آنفا والمرتبط أساسا، على الأرجح، بصوت الأنا الساردة، يرتسم حيز آخر يتكشف عن روح الأغورا- وأقول روحية الأغورا لا ايديولوجيتها. فالأحداث كلها تقريبا تدور في أماكن عامة كالساحات والشوارع والمقاهي وردهات الفنادق الكبرى وأقبية المباني العامة.. وكأنها تخلق بين مختلف الشخوص تلاؤما تاما، لا على الصعيد الايديولوجي وتحليل الموقف السياسي، بل على صعيد الشغل الشاغل والسياق النفسي الناشئين عن مالرجتياح، كما هي الحال في جو الكرنفال الاغريقي، ولكن بالحفاظ على استقلالية الأصوات.

    وكما في الكرنفال، نجد الثنائية واختلاط النبرات، ففي خضم هذه المأساة التي تتحكم بمصير السارد ومصير الأفراد الآخرين وبمصير شعب بكامله، لا بل بمصير الحلم العربي بالتحديد، ينبثق من كل صوب التافه والفكه والسخري. فالتافه يبلغ ذررته في الكلام الشديد الإطناب عن اعداد القهوة، الذي يملأ الصفحات الأولى من النص. لا غرر أن السارد، حين يطيل الحديث عن فن إعداد القهوة وعن نفسية من يعدها وعن دوره في حياته الشخصية، فانه يهدف أولا إلى تبليغ المعتدي المقتدر رسالة تحد. غير أن هذه الرسالة تتجلى بالتحديد في الأهمية المعطاة للقافه. نجد هذا التافه أيضا في النشيد الذي يتغنى بالكعب العالي والمقحم في غير موقعه. أما الفكه، فيبدو في جلسات النميمة واختلاق الاشاعات، وفي وقائع عيد ميلاد الراوي الأربعين التي تشبه الى حد ما طقس أضحية قديم (تقديم القرابين البشرية). أما السخري فيملأ أرجاء النص: الحي الذي يفرغ من سكانه خوفا من طرد ملغوم داخل سيارة واذا باللغم فأر يقرض الحديد الصدئ، المسؤولون في منظمات فلسطينية الذين يحصون عدد شهدائهم ويبالغون في العدد لرفع شأن منظماتهم تجاه المنظمات الأخرى، الفتاة البورجوازية الكتائبية التي تسقط خيالات حبها لفرنسا على جندي اسرائيلي، شلو مو، يتضح أنه يمني الأصل لا يفقه كلمة فرنسية واحدة ويبول كما يحلو له عند كل منعطف، كلها أساليب تنتمي الى الكرنفال وتخلق إطارا مثاليا لتعدد الأصوات، إذ أن شبح الموت يفجر المأساوية والكرنفالية.

    السيرة الذاتية وتعدد الأصوات

    هذا إذن عمل شديد الغنى بتعدد الأصوات، يوظف عددا من الأساليب الانشائية والاجناس الأدبية. فما هو موقعه من السيرة الذاتية، التي يفترض أنها تتجسد، بالتراث الغربي، في سرد يسوده الراوي- المؤلف؟ لكن قبل أن نجيب على هذا السؤال الجوهري، علينا أن نستوضح جانبا آخر ذا طابع تاريخي. فالنقد الخارجي يبرز بعض الخلل في النص: الأحداث المروية لم تتم، تاريخيا، في نفس اليوم (فمثلا لم يتم تدمير عدة مبان بالقنابل الانشطارية في نفس اليوم الذي استقبل فيه ياسر عرفات أوري افنيري في قبوه). والواقع ان السرد يكثف بيوم واحد مجمل ما وقع من أحداث في عدة أيام متقاربة. غير أن التنويه بذلك لا يؤدي الى نتائج حاسمة، إذ من الممكن، مثلا، عزو ذلك إلى وهن اصاب ذاكرة الراوي، واعتبار أن الأمانة التاريخية لو اعتمدت، لما انتقصت شيئا من بنية النص ونبرته.. ولذا فاننا نعتمد فرضية منهجية تتجاوز هذا الخلل، الذي لا يلحظه إلا المؤرخ، لننظر في النقاط الأساسية عن كثب، فقد يعدل ذلك من مقار بتنا لجنس السيرة الذاتية كما يبدو في طرح فيليب لوجون في كتابه "ميثاق السيرة الذاتية" (13)، الذي يعتبر، حتى اليوم، الدراسة الأشمل والأمتن في هذا الميدان.

    يميز لوجون، في تحديده، هذا الجنس الأدبي، مستويين اثنين، أعرفهما بالمستوى المعنوي والمستوى الشكلي. يعتبر المستوى الأول ان مفهوم العقد الذي يعقده الكاتب مع القارئ هو أساسي، فوحده هذا العقد، المتمثل في أغلب الأحيان بكلمة "سيرة ذاتية" المدرجة على الصفحة الأولى، يضفي على العمل حكمه القانوني الذي يميزه عن النص التخييلي الذي قد يحقق كافة مقتضيات المستوى الشكلي للسيرة الذاتية دون ان يدخل في خانتها. فان لم يظهر هناك عقد صريح أو لم يكن هناك عقد على الإطلاق، وجب البحث عن توقيع بالاسم الشخصي، وينبغي أن يتطابق إذاك اسم الراوي- الشخصية مع اسم المؤلف المدون في الصفحة الأولى. في العمل الذي نعرض له، حيث لا يقترح المؤلف أي عقد، نجد أن توقيع المؤلف واضح للعيان، إذ يستشهد الراوي- الشخصية بمقالات وقصائد ينسبها الى نفسه مع أنها مقتبسة من دواوين منشورة باسم محمود درويش. (14) ومعترف له بها، كما اننا نلقى الراوي، أقله مرة، يسمى باسمه الشخصي، محمود، في سياق لا يدع أي شك في اسمه الكامل (15)، من الواضح إذن أن العقد المعنوي ملتزم به التزاما كاملا. أما المستوى الشكلي فيثير مشاكل حقيقية، فلننظر في تحديد لرجون للسيرة الذاتية: "إنها سرد يستعيد ما مضى، نثري، يدونه شخص واقعي عن وجوده الخاص، مركزا على حياته الفردية، لا سيما على تاريخ شخصيته". ثم يفصل القول فيضيف: "يعتمد التحديد على عناصر تتعلق بأربع مقولات مختلفة:

    1- شكل الكلام

    أ- سرد

    ب- نثري

    2- الموضوع المعالج: حياة فرد، تاريخ شخصية.

    3- وضع المؤلف: تماهي المؤلف (على أن يحيل اسمه الى شخص حقيقي) والراوي.

    4- موقف الراوي:

    أ- تماهي الراوي والشخصية الرئيسية.

    ب- منظور النص استعادي".(16)

    تنطبق العناصر المذكورة على عمل درويش تماما، مع تحفظ واحد، يكمن في أنه لا يوجد تطابق كامل بينه وبين هذا التحديد. يبقى بينهما ما يشبه فجوة يتعذر ردمها. وهذه الفجوة بالذات هي موضوع تساؤلنا، إذ أنها تتصل أساسا بنقطتين أساسيتين: شكل الكلام، ثم هوية الراوي والشخصية الرئيسية. فلو كانت مخالفة هذا العمل للتحديد المعطى، حول هاتين النقطتين، مخالفة تامة، لأنزل هذا العمل، وفق معايير لرجون، في خانة السيرة الذاتية الشعرية أو البور تريه أو السيرة (البيوغرافيا)، غير أن هذه المخالفة نسبية فيما يخص النقطة الثانية وملتبسة في الأولى.

    إن هذه المخالفة نسبية الى حد كبير فيما يتعلق بتماهي الراوي والشخصية الرئيسية. صحيح أن الأحداث التي تكون الإطار الفذ للحدث السردي لا تتحكم فيها على الاطلاق إرادة الراوي، إذ أنها منوطة مباشرة بقرارات المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين، وبشكل غير مباشر باللعبة الاقليمية والدولية. فليس للشخصية الساردة أي تحكم فعلي في مجرى الأمور كما هي. غير أنها لا تستسلم لهذه الأحداث بسلبية. بل انها تنشط، وبشكل مكثف، على المستويين النفسي والرمزي، لتفرض ذاكرة وتفتح آفاقا وتبدل موقع الإشكالية بحيث تؤمن لنفسها دورا ومكانة في هذا المخاض عن عالم مرتقب، مع ما فيه من رهبة. ولكن لا يبدو أن الإشكال يكمن في هذه النقطة. بل في الطريقة التي يتصور فيها الراوي مكانه الشخصي. إذ أنه لا يتصوره على أنه فردي محض، بل يربط البعد الفردي بالبعد الجماعي ربطا محكما فهو ليس فقط ذلك الفرد المهووس بذاتيته الفردية - مع أن هذا الجانب جلي في سرد ما مضى من حياته وفي القلق الذي يعتصره في اللحظة الواهنة - انه مسكون أيضا بمصير شعب بل ومصير أمة. الواقع أن ما يثير الإشكال ويربك معيار السيرة الذاتية العادي يكمن في العلاقة فرد/ جماعة، يتجاوز هذا الأمر الميدان الأدبي ويضعنا تجاه مشكلة انثربولوجية خطيرة: هل الإنسان هو بالأحرى فردية متمايزة أم فردية تعانق الجماعي، لا سيما في اللحظات الحاسمة في تاريخ الشعوب؟ في صياغته للمعايير المؤسسة للسيرة الذاتية على نحو ملزم، يعتمد لرجون على ما أنتجه الغرب منذ قرنين، أي منذ أن اعتمدت الحداثة الغربية الفرد، الفاعل الفردي، محركا للتاريخ، فهل ينبغي، انطلاقا من هذا، تجاهل صيغ أخرى من الحداثة، تدرك الأمور بشكل مختلف، خاصة في اللحظات الحرجة من وجودها، وعلى الأخص عندما تجد نفسها مهددة بشكل من أشكال هذه الحداثة الغربية إياها؟ إن الرد على هذا السؤال بالايجاب يؤدي الى اعتماد التحديد الغربي للانسان بشكل مطلق، والى اختزال عبقرية درويش التي يشكل البعد الفلسطيني فيها جانبا أساسيا، والى بتر أدب السيرة الذاتية بترا خطيرا، لا أجيب على هذا السؤال الخطير، بل أكتفي الآن بطرحه.

    أما الخروج الثاني عن المألوف فيتعلق بشكل الكلام، فبدل السرد النثري الخالص، نجد هنا خليطا من الأجناس، يسيطر عليها السرد في المحصلة، حتى وان استعار من الشعر بعض رجعاته. فهذه الأجناس التي فصلناها أعلاه لا تشكل كيانات مستقلة تشبه قطع كولاج، بل تندمج في السرد لتمنحه أبعادا أخرى ولتضفي عليه سمة جماعية متشظية يفرضها الدنو الحسي من الموت، وذلك أيضا لا يتفق والمعايير التي يستخلصها لرجون، غير انه لا يمسخ مشروع السيرة الذاتية، بل على العكس، أيجوز لنا، والحالة هذه، أن نجمد شكل السيرة الذاتية في قالب محدد، فيما نحن نطالب للجنس الروائي، واليه تمت السيرة الذاتية بنسب، بإمكانية الا يثبت ويستقر في شكل محدد؟ هنا أيضا اكتفي بطرح السؤال.

    ختاما مؤقتا لهذه المشكلة، أشير الى أن التناقض بين العمل المدروس والسيرة الذاتية، ضمن الفرضية المنهجية المطروحة آنفا، يكمن بالتحديد في تعدد الأصوات. ذلك العنصرين اللذين يخرقان نظام السيرة الذاتية - وهما الشكل الأدبي وتماهي الا راوي مع الشخصية الرئيسية - يشكلان العنصرين الأساسيين في تعدد الأصوات، فهل السيرة الذاتية وتعدد الأصوات ينقض كل منهما الآخر؟

    عالم إدوار الخراط

    إن عمل إدوار الخراط المرتبط ارتباطا وثيقا بالموت وتعدد الأصوات يطرح مشكلة السيرة الذاتية من وجهة نظر مخالفة لوجهة نظر محمود درويش، لكنها لا تقل عنها أهمية.

    مصارعة الموت

    إن الموت طاغي الحضور في هذا العمل وان كان أقل مشهدية مما هو عليه عند درويش. ففي كل فصل نصادف جثة علي الأقل: صديق يتوفى في سن مبكرة (كامل الصاوي، الفصل الأول)، صداقة تقضي نحبها لأسباب تافهة (وفيق راقم، الفصل 1)، غياب وجه أثر في طفولة الراوي تأثيرا بالغا (يني سالم، ناظر المدرسة، الفصل 5)، تلاشي إحساس كان قويا في الماضي، أو حيز مدينة أو ريف انطويا إلى الأبد(17)، ويقوم مشروع العمل بأكمله على إقصاء شر هذا الموت أو تدجينه، على الأقل، فحيث تقوم مجموعة من النصوص، التي تحمل نفحة السيرة الذاتية، يرصد تلاشي الماضي رصدا موضوعيا على حد ما، وتسعي إلى استخلاص العبر لأجيال القادمة، أو إلى تدوين تاريخ ما، يكرس الخراط جهده ~ بعيدا عن كل إدعاء علمي أو ايديولوجي- للحفاظ على هذه الشعلة التي الهبت حياته، لا سيما في سني الطفولة والشباب. ويعرض له ان يعترف بمشروعه صراحة، بالتأكيد على ديمومة هذا الماضي: "لم يكن هذا الماضي جميلا، بل هو جميل الآن، مازال وسيظل، انه ماثل، لم ينقص (...) كم من مرة خرجت لكم قائلا: يا ناس، هذا كله ليس الماضي، بل الآن، لكنكم أسرى التواريخ"(1، وفي سبيل هذا الفرض يستعمل حيلا وأساليب متعددة.

    أولى هذه الحيل لعبة الرياضيات، فها هو عدد الفصول المعبر عن الكمال - وهو الرقم 7- يحيل الى عالم مثالي، أي الى عالم لا ينال منه الزمن العابر. أما القياس الذي يقيس به عدد صفحات كل فصل، بحيث تبلغ حوالي الثلاثين في كل مرة، فيستحضر كمال النظام والعقلانية الذي تحكم قديما في الحمارة والنحت عند الا غريق فحماهما من شرفتك الإله كرونوس (وكذلك فعل الفراعنة)، انها بنية رياضية، واعية وارادية بجلاء، تضمن اللازمنية. وذلك مما يتيح للراوي أن يذرع السنين والعقود، ذهابا وايابا، دون مجازفة وكأنه في عالم مكتمل مغلق.

    وثمة حيلة أخرى: استعمال التماري (من: مرآة) الخادع للبصر. وتتخذ هذه الحيلة عدة أشكال أخص منها اثنين بالذكر. أولهما ذلك التساؤل البريء الساذج الذي كثيرا ما يتكرر بعد استدعاء الذكريات: الا أمارس التوهم في نقلي لهذا الحدث (19)؟ ثم تلك الصورة الرائعة التي يتبدى فيها الراوي على شكل بجعة عجوز تحلق فوق المياه وتتمارى فيها وترى في أعماقها هيكلها العظمي العتيق(19). أهو ميت في هذه البيئة المائية التي تحافظ عليه حتى بعد الموت؟ أهو حي، وان تشنج كميت، في ذلك العنصر الهوائي؟ المهم هو الحفاظ على الحياة، وان عن طريق توهمها.

    حيلة أخيرة: التوهج الشعري، توهج يصرح به العنوان نفسه، "حريق"، ويستمر طوال النص بفضل كتابة متوترة، متحفزة على الدوام، ذات غنائية حادة وان تحامت الرومانسية، شعرية تعززها رمزية بلفت كمالها من خلال أعماله السابقة، تشمل آلهة المصريين والبجعة ورامة (21) دائما وأبدا. ودون أن أتوقف عند التحليل النفسي للعناصر الأولية، على طريقة باشلار، يلفت انتباهي وجود متزامن ومتواتر لعنصرين نقيضين، هما النار والماء، إن تزاوج النقيضين يحافظ على الحياة حتى في الموت. الا يبدو هذان العنصران في نظرة الراوي كما في نظرة الآخر اليه، ذلك الآخر الحاضر بشكل واضح في النص؟

    التحكم بالتعددية الصوتية

    بالرغم من أن التعددية الصوتية أقل منها صراحة هنا منها عند درويش، إلا انها تبقى عنصرا يمحور هذا النص في صراعه ضد الموت. أكثر الأصوات وضوحا هي الأصوات التراسلية وأصوات الأنا الانشائية التي تقابل الأنا الحبرية، المجموعة الأولى واضحة بينة، إنها ترتبط بمختلف الرسائل، حقيقة كانت أو متخيلة، التي تعبر عن رؤى، أو أقله مواقف، متباينة، إلا أننا نلفت الانتباه الى هذه الازدواجية المرتبطة بصوت وفيق، والتي تحيل أيضا الى لعبة التماري المشار اليها سابقا. ووفيق هذا صديق يراسل الراوي الذي تشير القرائن الى أنه المؤلف - الراوي، ومن هذه القرائن: أشخاص بعينهم (سامي، جمال شحيد...) أو تفاصيل معروفة في حياته، أو أعماله الأدبية المنشورة. بيد أن هناك شكا يحوم حول هوية ذلك الذي يراسل وفيق راقم، المرسومة ملامحه بوضوح في الفصل الأول. إلا أن وفيق هذا يزدوج فجأة ويبدو وكأنه يتماهى مع الراوي نفسه. فوفيق، والحالة هذه، هو نفسه وهو آخر، وذلك الآخر قد يحيل الى أكثر من شخص، فيما وفيق نفسه قد يحيل الى الراوي السارد قصته أو الى شخصية الراوي (التاريخية) المسرود عنها. أهي الدائرة تكتمل وتنغلق أم هي لعبة التماري التي تمتد إلى ما لا نهاية ؟ يصرح النص بهذه اللعبة أحيانا حين يتساءل الراوي حول هذه الرسائل: "أكتبها، أو تكتب لي؟" (حريق، ص 160).

    أما المجموعة الثانية من الأصوات الصريحة، فتتبدى على المستوى الطباعي (بين البنطين السميك والرفيع) مما يقيم تقابلا بين أنا الراوي- المؤلف وأنا الراوي- الشخصية المتكلم عنها، أو بين الراوي الذي يسرد والراوي الذي يعلق على السرد وهكذا يظهر ازدواج صوتي آخر على المستوى الإنشائي.

    تتجسد هذه الأصوات، كما عند درويش، في أساليب وأجناس أدبية متنوعة: السرد، الخطاب، الرسالة، اليوميات الحميمة، القناص... وان طغى عليها صوت الأنا الراوي المتأجج. إلا أنها تعبأ لمقاومة الموت، بينما يكمن فيها نفسها، عند درويش، خطر الموت هذا. السيرة الذاتية وعبر النوعية

    بالرغم من وجود عناصر سير ذاتية واضحة، فان الخراط يقترح على القارئ عقدا روائيا صريحا يفصح عنه في الصفحة الأولى ثم يؤكده الراوي في متن النص: "وليست هذه سيرة ذاتية، بمعنى ما، وانما أريدها أن تكون رواية، يعني" (حريق، ص 26). فمنذ أن صاغ فردريش فون شليجل، الممثل العام لمدرسة "يينا" الرومانسية"، مبدأه الشهير- "إن الراوية لا تزال في صيرورة، وجوهرها الحميم يقضي الا تكون إلا في صيرورة لا نهاية لها، دون أن تتكون أبدا" (22)- لم يعد أحد يدعي وضع قانون للرواية. فالخراط إذن مطلق اليدين في ارتياد أشكال روائية جديدة، وهو لا يحرم نفسه من ذلك، منذ ما يقارب ثلاثين سنة، ولكن من حقنا أن نتساءل عن خلفية رؤيته أو فيما يتعلق بهذا العمل، عن الايهام الروائي المتعمد.

    إن قارنا هذا النص بالتعريف الشكلي. الذي يقدمه لرجون للسيرة الذاتية، لاحظنا ان فيه عنصرين شاذين، فمن جهة، هناك الطابع التخييلي في بعض الرسائل - خاصة تلك التي يوجهها وفيق الراوي الانشائي إلى صنوه، الراوي المخبر عنه، فهذه الرسائل أكثر واقعية من الرسائل الحقيقية، ويمكن أن تندرج في إطار سيرة ذاتية حقيقية. ولكن هناك، من جهة أخرى، ذلك الخطاب الانشائي، الذي يقابل السرد، ويشغل حيزا من النص مهما نسبيا، يمثل هذا العنصر دورا أساسيا في تشكيل العمل، وهو الذي يبرر كون العقد المعنوي المقترح على القارئ مختلفا بشكل واضح عن عقد السيرة الذاتية. ولكن لماذا حرص إدرار الخراط على أن يضيف هذا التصريح المباشر لم بأسلوب إنشائي) حول العقد، إلى نص يقوم بذاته دون تعليق؟ ولماذا فرض العقد الروائي، في حين كان باستطاعته أن يتركه مبهم المعالم، أو أن يقترح عقدا أقل تحديدا، كأن يضع مثلا: نص، محاولة...؟

    على هذه التساؤلات، اقترح اجابتين تتفاوتان في القيمة، الأولى أقل أهمية وترتبط بميدان علم النفس. فقد يكون الخراط، مزاجا وثقافة، من الحياء بحيث أنه يحجم عن أن يتخذ من تاريخه الحميم الخاص موضوعا محوريا لنصه، ولذلك يلجأ إلى حيلة تخوله أن يكشف من حياته ما حلا له، دون أن يعطي الانطباع انه يتعرى للقارئ، فالقضية هنا لا تتعلق بالعلاقة فرد/ جماعة (كما عند درويش) بل بالعلاقة جوانية / برانية.

    أما الاجابة الثانية، وهي الأهم، فذات طابع أدبي، إذ أنها تكشف اللثام عن موقف أساسي لديه، نستطيع تلمسه في القسم الأكبر من أعماله الأدبية. فمنذ "رامة والتنين" الصادر عام 1979، بدأ الخراط يخلط الأوراق، فترك ناشره يقترح على القارئ عقدا روائيا لعمل كان هو ليعتبره مجموعة قصصية، وليس بالامكان قبول العذر الذي تذرع به آنذاك لتبرير هذا التناقض قائلا إن ما حدث هو مس ء تفاهم بينه وبين الناشر، فلو كان الأمر كذلك فعلا، لما أعاد الكرة.

    الواقع أن الخراط يهجس بكتابة مختلفة عن الشائع، ومنشغل بما يسميه هو نفسه الكتابة عبر النوعية (23). وللتبسيط، لنقل إنها الكتابة النقيض لكتابة محفوظ، ليس بمعنى انه يحاول التصدي لذلك الفنان الكبير، وبعد ان بسط ظله، بل انه لا يعدو أن يؤكد على عالمه الخاص، الذي بدأت ترتسم ملامحه، على كل حال، في مجموعاته القصصية الأولى التي صدرت قبل أن يصبح محفوظ ما هو عليه، بسنين طويلة، كان هاجسه أن يتجاوز الكتابة الواقعية التي كانت تطغى على الرواية العربية، ليبحث عن شكل يعبر عن تعقيد عالم متشظ وعن الذاتية الخلاقة. وهذا، على الأرجح، ما دفعه مبكرا الى المزج بين الأجناس الأدبية، وهو مزج شمل في حينه الواقعية والفانتاستيك والرمزية والنفسانية، باعتماد لفة تخالها كلاسيكية بينما هي تعج بتراكيب نحوية تخالف القوانين. وقد قاده هذا المنطق فيما بعد إلى المزج بين السرد وقصيدة النثر، مما أدى به مثلا إلى إنشاء أشكال من الزمنية السردية، لم يبوبها جيرار جينيت، وهو المرجع المأذون في هذه القضية (24). وهذا الهاجس نفسه هو الذي حدا به في نفس الفترة إلى الإشادة بالقصة الشعرية عند منتصر القفاش وبكتابة بدر الديب. والأغلب أن في رغبته بكسر الأجناس الكلاسيكية ويخلق هذا النوع "العابر للأجناس" ما يفسر إلى درجة كبيرة طابع العمل الذي نحلله. مربط الفرس هنا أيضا هو التجديد وابداع سيرة ذاتية مغايرة، إن لم تكن رواية مغايرة.

    انطلاقا من عمل محمود درويش الذي تعتمل فيه التعددية الصوتية، طرحنا تساؤلين، الأول يتعلق بمضمون لا يخلو من مسحة انثروبولوجية: هل العلاقة بين الفردي والجماعي، وهي علاقة يستحيل أن تتشابه في مختلف الثقافات وعبر كافة العصور، قد اتخذت شكلا ثابتا على نحو نهائي انطلاقا من الحداثة الأدبية الأوروبية؟ أما الثاني فمرتبط بالتقنية الشكلية: هل السرد القصصي هو الجنس الوحيد الملائم للسيرة الذاتية ؟ ثم ترافد التساؤلان في طرح قضية أشمل حول التنافر بين تعدد الأصوات والسيرة الذاتية. وأما انطلاقا من عمل ادوار الخراط، فقد انعقدت الإشكالية حول رفض السيرة الذاتية وبشكل أعم رفض كل جنس أدبي يقنن. ولكن ما يتضح في كلا الحالتين، وبغض النظر عن القيمة الأدبية للعملين المذكورين، هي إرادة الابداع وشق مسارات جديدة، استنادا الى اختبار الموت اختبارا احتداميا. بهذا يرقى كاتبنا الى مستوى العالمية.. واللافت للانتباه هو أن هذه المحاولة تصدر عن كاتبين لا اصعب من ترجمة أعمالهما، وتلك آية على أن بلوغ العالمية لا يقوم على الاطلاق بالتنكر للذات أو بتقليد الآخرين، فعل القردة، لا يبلغ المرء العالمية إلا انطلاقا من موقعه الخاص، أي من الخصوصية.. بذلك يقوم محمود درويش وادوار الخراط شاهدين على حيوية الأدب العربي المعاصر.

    الهوامش
    1- راجع كتابة: "الزمن والسرد"، جزء 3، دار سوي، باريس، 1985، ص 475.

    -Paul Ricoeur: Temps et Recit III, Seuil, Paris, 1985.

    وفي كتابه "من النص الى الفعل، محاولات في التأويل".

    De texte a laction, Essais d'hermeneutique II, Seuil, coll, Esprit, 1986

    يوضح المؤلف: "إن فرضيتي الأساسية في هذا الصدد هي التالية: إن الطابع المشترك في التجربة الإنسانية، وهو طابع يسمه ويمفصله 0 ويوضحه فعل السرد بكافة أشكاله، إنما هو طابع زمني".

    2- نحيل إلى الطبعة الأولى الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1987، ولها ترجمتان فرنسية وانجليزية هما:

    - Une memoire pour I1oubli, Actes Sud, Paris, 1994, traduit par Y, Gomzalez- Quijano et F. Mardam Bey.

    - Memory for forgetfulness, August, Beirut, 1982, University of California Press Berkeley, 1995, by Ibrahim Mhawwa.

    3- منشورات دار المستقبل، الفجالة، الأسكندرية، 1994.

    4- كل الإشارات تدل على أن اليوم المعني هو يوم 4 آب / أغسطس.

    5- كان ميخائيل باختين أول من صاغ واستخدم هذا المفهوم، polyphonie الذي يعبر عنه أحيانا بكلمة "الثنائية الصوتية" (dialogisme) وأحيانا أخرى بكلمة "التنافرية الصوتية". (heteroligie) راجع كتابه المترجم إلى الفرنسية تحت عنوان. et theorie du roman (Gakkumard, Paris 197 Esthetique أيضا كتاب تودوروف:

    - . Mikhail Bakhtine et le principe dialogique, Seuil, Paris, 1981 T. Todorov

    6- راجع: ذاكرة للنسيان، ص 15.

    7- راجع الفصل الأول من سفرا لتكوين، في العهد القديم من الكتاب المقدس.

    8- ذاكرة للنسيان، ص 54.

    9- نفس المرجع، ص 46، ابن سيدة معجمي اندلسي من القرن الحادي عشر الميلادي.

    10- نفس المرجح، ص 54، والنص لابن الأثير، المؤرخ المعروف الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي، وهو مقتبس من "الكامل في التاريخ" ويشير إلى نظرية شيقة عن خلق العالم، انطلاقا من المقولات القرانية.

    11- انظر "شعرية دوستويفسكي" لباختين، ص48 من الترجمة الفرنسية:

    - Bakhtine: La Poetique de Dostoievski, Seuil, 1970. Mikhail

    12- انظر دراسة باختين عن "أشكال الزمن والزمكانية في الرواية" وهو فصل من "جمالية الرواية ونظريتها"، ودراسته الأخرى "خصائص التأليف والجنس الأدبي في أعمال دوستويفسكي" وهو فصل من "شعرية دوستويفسكي" ثم كتابه "أعمال فانسوا رابليه والثقافة الشعبية في العصر الوسيط وفي عصر النهضة".

    M. Bahjtine: Formes du tems et du chronotope dans le roman”. In Esthetique et theorie du roman; “les particularites de composition et de gerne dans les oeuvres de de Dostoievski, de Dostoievski, L´oeuvre de Francois Rablelaiset la culture in La Poetique

    Moyen Age et sous la Renaissance, Gallimard, Paris, 1970. populaire au

    13- العنوان الفرنسي:

    Lejeune, Le Pacte autobiographique, Seuil, Paris, 1975 Philippe

    14- راجع: ذاكرة ص 74، 80، 180، 191.

    15- راجع السؤال الذي يوجهه الى محمود، الراوي، شخص عن موضوع البحر في إحدى قصائده، ص 224.

    16- راجع الكتاب المذكور في الإشارة رقم 13، ص 14.

    17- هذه الأمكنة تملأ جنبات الكتاب، إلا أن حضور الإسكندرية، كما عهدها الراوي سابقا، يطغى على ما سواه.

    18- راجح: حريق ص 26، ويمكن أيضا مراجعة مقاطع شبيهة في ص 128، 151، 160.

    19- هذه مقاطع نموذجية: أم أن ذلك كله من محض خيالي والتباس ذكرياتي وتخليط أوهامي؟ (ص 45). "أتخونني الذاكرة أم تصور لي خيالاتي شيئا أكثر واقعية من أي "واقع، فعلي أم أن هذا ما حدث فعلا؟" (ص 91).

    20- راجع: حريق ص 169.

    21- "رامة والتنين" هو عنوان رواية الخراط الأولى، ولم تكف هذه الشخصية عن معاودة الظهور في أعماله اللاحقة.

    22- راجع كتاب "المطلق الأدبي، نظرية الأدب في الرومانسية الألمانية"، ص 112.

    - Labarthe et Jean- Louis Nancy: L'absolu litterairre, Philippe Lacoue-

    de la literature du romantisme allemand, Seuil, Paris, 1978 theorie

    23- راجع كتابه "الكتابة عبر النوعية" دار شرقيات، القاهرة، 1994.

    24- خاصة في عملية "خطاب السرد" و "خطاب السرد الجديد".

    - du recit)), in Figures III, Seuil Gerard Genette: ((Le discours veau discours Paris, 1972; et Nouveau discours du resit, Seuil, Paris, 1983.
                  

العنوان الكاتب Date
لاهوت الوردة osama elkhawad08-03-05, 06:36 AM
  Re: لاهوت الوردة أبو أحمد08-03-05, 06:46 AM
    نصي الشعري هذا ليس نص مناسبات-ارجو ان تراجع نفسك osama elkhawad08-03-05, 06:59 AM
    Re: لاهوت الوردة mutwakil toum08-03-05, 06:59 AM
      Re: لاهوت الوردة osama elkhawad08-03-05, 07:09 AM
      Re: لاهوت الوردة Osman M Salih08-03-05, 07:11 AM
        Re: لاهوت الوردة mutwakil toum08-03-05, 07:29 AM
      Re: لاهوت الوردة حاتم الياس08-03-05, 07:22 AM
        Re: لاهوت الوردة-محاولات تجتهد ان تبقى نافعة للناس osama elkhawad08-03-05, 07:28 AM
          Re: لاهوت الوردة-محاولات تجتهد ان تبقى نافعة للناس Osman M Salih08-03-05, 07:32 AM
          بين البستاني والوردة-المحبة واحدة osama elkhawad08-03-05, 07:37 AM
            هل تتذكر "ايفان خايدجسكي" اول سوسيولوجي ما ركسي بلغاري??? osama elkhawad08-03-05, 08:14 AM
              Re: هل تتذكر "ايفان خايدجسكي" اول سوسيولوجي ما ركسي بلغاري??? Osman M Salih08-03-05, 08:19 AM
              لست من كتاب ادب المناسبات-نص عن المحبة بين رجل وامراة osama elkhawad08-03-05, 08:32 AM
                افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة osama elkhawad08-03-05, 08:43 AM
                  Re: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة osama elkhawad08-03-05, 02:57 PM
                    Re: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة Omer Abdalla Omer08-03-05, 03:10 PM
                      عزيزي عمر osama elkhawad08-03-05, 03:38 PM
                        اسف .. انه سحر النص .. ودرملية08-03-05, 04:47 PM
                          ارجو معك ان يكون "لاهوت الوردة" هو "لاهوت الانسانية القادمة" osama elkhawad08-03-05, 08:39 PM
                            Re: ارجو معك ان يكون "لاهوت الوردة" هو "لاهوت الانسانية القادمة" عبد المنعم ابراهيم الحاج08-03-05, 10:19 PM
                              هذا النص الشعري لا علاقة له برحيل قرنق,فهو قصيدة في المحبة بين رجل وامراة osama elkhawad08-03-05, 10:59 PM
                                Re: هذا النص الشعري لا علاقة له برحيل قرنق,فهو قصيدة في المحبة بين رجل وامراة عبد المنعم ابراهيم الحاج08-03-05, 11:23 PM
                  Re: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة عبدالماجد فرح يوسف08-10-05, 02:43 PM
    Re: لاهوت الوردة حسن الطيب يس11-07-05, 07:19 PM
  Re: لاهوت الوردة نادر08-03-05, 11:31 PM
    Re: لاهوت الوردة mazin mustafa08-04-05, 02:25 AM
      Re: لاهوت الوردة عبد المنعم ابراهيم الحاج08-04-05, 09:08 AM
        Re: لاهوت الوردة عبد الحميد البرنس08-04-05, 11:11 AM
          Re: لاهوت الوردة osama elkhawad08-04-05, 12:47 PM
  Re: لاهوت الوردة Luay Elhashimi08-04-05, 11:42 PM
    مجابدات المبدعين الذين يعتمدون فقط على القوة العمياء للموهبة-الحوار الذي يفتح اسئلة osama elkhawad08-05-05, 00:36 AM
  Re: لاهوت الوردة عبدالماجد فرح يوسف08-05-05, 08:23 AM
    Re: لاهوت الوردة osama elkhawad08-05-05, 01:13 PM
      Re: لاهوت الوردة حاتم الياس08-05-05, 01:33 PM
        Re: لاهوت الوردة mazin mustafa08-07-05, 00:07 AM
          Re: لاهوت الوردة mazin mustafa08-07-05, 00:42 AM
            Re: لاهوت الوردة salah elamin08-07-05, 01:44 AM
  Re: لاهوت الوردة أيزابيلا08-07-05, 02:10 AM
    Re: لاهوت الوردة mazin mustafa08-08-05, 01:06 AM
      صلاح وحاتم وايزابيلا ومازن osama elkhawad08-08-05, 02:36 AM
        Re: صلاح وحاتم وايزابيلا ومازن أيزابيلا08-08-05, 05:32 AM
          الأساطير المؤسسة لسيرة العائلة الخواضية-اعادة كتابة ميثولوجيا الخواض الكبير osama elkhawad08-08-05, 10:34 AM
            Re: الأساطير المؤسسة لسيرة العائلة الخواضية-اعادة كتابة ميثولوجيا الخواض الكبير osama elkhawad08-09-05, 05:29 AM
              عزيزتي ايزابيلا جئت -الى سقف الوردة- "مشاءة" osama elkhawad08-09-05, 05:44 AM
                Re: عزيزتي ايزابيلا جئت -الى سقف الوردة- "مشاءة" على عجب08-09-05, 07:58 AM
                  عزيزي على عجب osama elkhawad08-09-05, 12:15 PM
                    الصديق مازن osama elkhawad08-09-05, 11:44 PM
                      Re: الصديق مازن osama elkhawad08-10-05, 00:32 AM
                        Re: الصديق مازن newbie08-10-05, 01:05 AM
                          مرحبا بك تحت "سقف الوردة" osama elkhawad08-10-05, 02:24 AM
                          Re: الصديق مازن mazin mustafa08-10-05, 02:55 AM
                            Re: الصديق مازن mazin mustafa08-10-05, 03:27 AM
                              Re: الصديق مازن حاتم الياس08-10-05, 06:16 AM
                                عبد الماجد فرح: "ما لي أراه من الغائبين"؟ osama elkhawad08-10-05, 09:25 PM
                                  أنا هنا أشارك الفراشات* رحيق الوردة عبدالماجد فرح يوسف08-11-05, 07:54 AM
                                    اسرار الصنعة الاسفيرية التعتيلية osama elkhawad08-11-05, 01:00 PM
                                      المتنبّي أكثر حداثة منكم جميعاً-break Shazali08-11-05, 11:14 PM
                                        Re: المتنبّي أكثر حداثة منكم جميعاً-break osama elkhawad08-12-05, 00:00 AM
                                          الامتاع والمؤانسة تحت سقف الوردة--موتان وحياتان-الاديب\الكاتب-المتأكدم\المجسر osama elkhawad08-12-05, 11:17 PM
                                            Re: الامتاع والمؤانسة تحت سقف الوردة--موتان وحياتان-الاديب\الكاتب-المتأكدم\المجسر mazin mustafa08-13-05, 02:27 AM
                                              "خاتف لونين" osama elkhawad08-13-05, 11:43 AM
  Re: لاهوت الوردة Adil Osman08-13-05, 12:06 PM
    Re: لاهوت الوردة mazin mustafa08-14-05, 04:26 AM
  احد الكتبة عن تنسيق جديد للصفحة الشعرية osama elkhawad08-15-05, 06:13 AM
    الكويتب:خاتف لونين؟؟؟الاتفاق في الذهنية وفي الانتماء الى نفس القطيع osama elkhawad08-15-05, 03:33 PM
      كويتب قدم من مناطق الموهبة العمياء-الكويتب الذي تعلم الحجامة النقدية في رؤوس النصوص اليتام osama elkhawad08-15-05, 09:03 PM
        Re: تخريمة ونرجع.. mazin mustafa08-16-05, 00:24 AM
          ساعود اليك للرد على "تخريتمك", ب"تخريمة" أحسن منها osama elkhawad08-16-05, 09:36 AM
            التخريب الثقافي الذي تقوم به جماعة "المستجدين" من الادباء:"كويتبنا" نموذجا osama elkhawad08-16-05, 10:10 AM
              Re: التخريب الثقافي الذي تقوم به جماعة "المستجدين" من الادباء:"كويتبنا" نمو عبد الحميد البرنس08-16-05, 10:30 AM
                التقلياسفيريين: حقوق النشر محفوظة لسجيمان osama elkhawad08-16-05, 10:35 AM
                  سيميولوجيا النص الشعري osama elkhawad08-16-05, 05:37 PM
                    Re: سيميولوجيا النص الشعري mazin mustafa08-17-05, 01:29 AM
                    "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين المليك نموذجا osama elkhawad08-17-05, 01:35 AM
                      Re: "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين الملي عبد الحميد البرنس08-17-05, 02:00 AM
                        الادهش منه osama elkhawad08-17-05, 08:22 AM
                          Re: الادهش منه osama elkhawad08-17-05, 11:08 AM
                            منين أجيب أكاديميين؟؟؟المهم ان الذهنية واحدة osama elkhawad08-17-05, 11:57 AM
                        Re: "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين الملي عثمان البشرى09-01-05, 09:09 PM
                        Re: "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين الملي mutwakil toum09-04-05, 11:04 AM
  Re: لاهوت الوردة Adil Osman08-17-05, 11:52 AM
    احمد لك انك اثرت مسالة تنسيق الصفحة الشعرية-مفهوم بعض المتاكدمين السودانيين لسيميولوجيا الصفحة osama elkhawad08-17-05, 01:58 PM
      ما المشترك بين الدكتورين???? osama elkhawad08-17-05, 04:08 PM
        لا في 'العير" النقدي, ولا في "النفير العلمي", osama elkhawad08-17-05, 05:46 PM
          المشترك بين الدكتورين الفاضلين osama elkhawad08-17-05, 08:04 PM
            Re: المشترك بين الدكتورين الفاضلين osama elkhawad08-17-05, 10:22 PM
              Re: المشترك بين الدكتورين الفاضلين mazin mustafa08-18-05, 05:57 AM
                وانت وبقية التشكليين : خالد كودي واحمد المرضي و الباقر موسى مطلوبين بشدة لما نجي نناقش الكويتب osama elkhawad08-18-05, 11:12 AM
                  لست في حاجة لكشف تهافت الدكتور المليلك في حديثه عن سيميولوجيا الصفحة الشعرية عند محمد عبد الحي osama elkhawad08-18-05, 04:13 PM
                    concrete poetry osama elkhawad08-18-05, 04:20 PM
                      Re: concrete poetry newbie08-19-05, 04:57 AM
                        Re: concrete poetry Adil Osman08-19-05, 11:24 AM
                          Re: concrete poetry عبد الحميد البرنس08-19-05, 12:15 PM
                            Re: concrete poetry محمد خليفة محمد جميل08-19-05, 01:48 PM
                              نرحب بصديقنا محمد جميل وهو يتبوأ مقعده تحت سقف الوردة osama elkhawad08-19-05, 02:30 PM
                                "الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة????? osama elkhawad08-19-05, 03:15 PM
                                  Re: ;الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة????? osama elkhawad08-19-05, 03:35 PM
                                    Re: ;الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة????? osama elkhawad08-19-05, 05:24 PM
                                      وهل كان "الكويتب " أوف بوينت؟؟؟؟Off point osama elkhawad08-19-05, 06:44 PM
                                        عداء الموت-تشابه ما بين أمل دنقل ودرويش في علاقتها بالموت osama elkhawad11-24-05, 11:52 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de