" اللمسات الاخيره " .. حفل علاج " غــــــاده نوري "

Quote: باب الامل ترى كيف ارسم بالكلمات هنا .. احساسي الذي لازمني منذ مساء البارحة بعد ان قمت مع الاخت نادية السر بزيارة غاليتنا الاخت / غادة محمد عثمان نوري - والتي تقطن الكلاكلة القبة . وصلنا منزلها وطرقناالباب . انتظرنا بضع لحظات وسرعان ما ظهرت فتاة شابة تبتسم بحفاوة بالغة قالت وهي تفتح لنا الباب : انا غادة وتستقبلنا بأشواقها كأنها تعرفنا من قبل. دخلنا منزلها العامر واستضافتنا بغرفتها والتي عايشت معها المرض لحظة بلحظة .. غرفتها والتي قالت لي غادة عنها بأنها حفظت الخطوط على سقفها عن ظهر قلب بعد ان لازمت الفراش لمدة ثلاثة سنوات بعد الحادث التي تعرضت له. لا ادرى كيف اصف لكم لحظاتنا الاولى ونحن معها .. خاصة وان عمر معرفتنا بها لم يطل ولكنها فتاة رائعة حقا .. لم تسمح لاي احساس دخيل ان يفصل بيننا وبينها . ابتدرت الونسة بدون تكلف وكانت بسيطة في كل شيء. ثم غادرتنا لبضع وقت لتعود بكأسين من العصير اللذيذ ، حكت لنا عن انشغالها في الايام الفائتة عن مشروعها المنزلي الصغير الذي كانت تقوم به بعد ان تركت العمل بسبب المرض. ثم عرفتنا بوالدتها اللطيفة قائلة : ديل يا امي المتضامين معاي والتي اضاف وجودها معنا جو اسري رقيق. اثناء وجودنا اتصل الاخ النذير حجازي من امريكا بخصوص تحويل مبلغ لحساب غادة .. وحين عرف اننا معها طلب ان يسلم عليها ويطمئن على صحتها. شرحت لغادة اسباب زيارتها لنا الى جانب الاطمئنان الى صحتها اننا اردنا ان نعرف وضعها الصحي بالكامل والعلاجات التي تحتاجها لحين التوفيق باجراء العملية باذن الله تعالى. وماهي الادوية التي تحتاجها بصفة مستمرة وكيف تتحصل عليها ؟ وما هي الصعوبات التي تواجهها للحصول على الادوية ؟ وايها متوفر او غير متوفر ؟ عندها فتحت غادة باب دولابها لتخرج لنا منه مجموعة من الاكياس المليئة بالادوية الفارغة والممتلئة . سالت غادة عن العملية المرتقبة وكيف يؤثر التاخير على صحتها ؟ قالت ان الاطباء في الاردن كانوا قد حددوا لها اجراء العملية خلال ثلاثة اشهر كحد اقصى وكان ذلك قبل عام واكثر ولكن نسبة لتكاليف العملية الباهظة هاهي تنتظر ان تعبر باب الامل الى باب السلامة والصحة التامة. وقالت بعد ان اصبحت الكبد لا تقوم بوظائفها اصبحت تعاني من امراض عديدة منها هشاشة العظام وامراض الدم والكلى . هذا الى جانب التاثيرات الجانبية للعقاقير التي تاخذها والتداخلات الدوائية العديدة. اخذت منها روشتات من عينات من الادوية التي يصعب عليها الحصول عليها حتى نحاول ان نوفر لها بعض الادوية ممن يستطيعوا ارسالها لها من خارج السودان . سألت غادة ونحن على وشك مغادرة منزلها : عندك اي رسالة تحبي توصليها للمتضامين معاك من البورداب . قالت لي : ما عارفة اقول شنو ؟ لكن انا عندي قصة عاوزة احكيها ليكم .. قالت لي انا حاحكي وانت صيغيها .. رغم اني يا هبة بعرف اكتب كويس بس ما بقدر امشي النت واقعد مدة طويلة والنت في الكلاكلة عندنا سيء شديد الا امشى الخرطوم . بدت تحكي قصتها وقالت : وانا صغيرة كان اليوم يصادف عيد ميلادي وكان اهلي محتفلين بهذه المناسبة فقد كنت البكر ، من تورتات وجاتوهات وعصائر والاطفال من اقاربنا ينتظرون اطفاء الشمعة لينهالوا على الكيك والحلويات .. نادوني لاطفاء الشمعة .. وسألوا اها يا غادة تتمنى شنو قبل ما نطفى الشمعة ؟ يلا قولي يا غادة .. تتمنى شنو ؟؟ قلت لهم : انا عاوزة كل الناس تحبني !! ضحكوا مني وسخروا .. ولكني اصريت انني لن اطفيء الشمعة حتى يحبوني كلهم .. قالوا لي بسخرية بالغة اطفيها .. يا غادة .. الناس دي كلها حتحبك .. يلا يلا .. اطفيها ..!! اطفأت الشمعة وضحكاتهم الساخرة مازالت ترن في اذني .. !! ويا هبة .. انا دايما ما كنت اشعر انني احتاج ان يحبني كل الناس منذ ان كنت في المدرسة كنت كلما شعرت انني محبوبة .. كلما شعرت انني احتاج لحبهم اكثر !! انتهت قصة غادة !! وانتهت زيارتنا لها ... وعند الباب .. اصرت غادة ان ترافقنا للشارع حتى نجد المواصلات .. خوفنا على صحتها ولكن امام فرحتها بنا ومعنوياتها العالية لم نستطيع ان نقنعها وخرجت معنا . اقتربت من والدتها واصبحت تحدثني بخوف الام عن مصير غادة والايام التي مرت عليهم وكيف كانت هي عندما يشتد المرض بغادة تختبيء بالحمام وتبكي بحرقة ! وقالت لي ان غادة تردد دوما لوالدها .. يا ابوي الشجر بموت واقف .. عشان كدا انا ذاتي حأموت واقفة !! وقالت الام ان غادة صبورة جدا وتحتمل المرض بدرجة كبيرة .. وطلبت مني ان ندعو لها كما تفعل هي ووالدها الذي تعرفنا عليهو ايضا اثناء وجودنا هناك والذي اصبح يخصص بعد صلاة الصبح وقت طويل للتوسل لله سبحانه وتعالى اللطف بابنته . ثم ... جاءت حافلة المواصلات وودعنا غادة .. بعد ان وعدناها بالعودة مرة اخرى .. واننا سنبذل قصارى جهدنا للوقوف معها .. وغادرت بنا الحافلة .. وشعرنا بالمسؤولية والحزن والامل والخوف !!