يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 12:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة حافظ خير(farda)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-01-2004, 06:03 PM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه...

    *
    أرسل لي هذه المساهمة الأستاذ الشاعر سيد أحمد بلال : (فصل من كتاب THE RIGHT TO BE NUBE الصادر عام 2001م ، تحرير سليمان موسى رحال. كتب هذا الفصل يوسف كوَّة علي وقام بترجمته الأستاذ سيد احمد على بلال ووزع خلال حفل تأبين الكاتب.)
    لطول هذا الفصل من الكتاب آثرت أن أنزله هنا كصفحة قائمة بذاتها ، ولكن أود التنبيه أيضاً الى الصفحة التي إبتدرها بشرى سليمان وتحتوي أيضاً على عدد من الحوارات والمعلومات الثرية ويمكنكم الوصول لها هنا: غدا الذكرى الثالثة لوفاة القائد/يوسف كوه مكى


    لم تعد الأمور كما كانت عليه في السابق
    يوسف كوّة مكي
    (في30 ديسمبر 1999)


    والدتي تدعى زينب سومي توتو ووالدي كوّة مكي. كان والدي يعمل جنديّاً أيّام الاستعمار فقد اعتادت السلطات تجنيد الشباب من جبال النوبة للعمل كجنود، خصوصاً إبان الحرب العالميّة الثانية. ولقد حارب أبي في أثيوبيا، أو بالأحرى في كرن بأريتريا، ثم نقل للعلمين في الصحراء الغربية حيث شارك في القتال هناك، ثم أعيد مع غيره من الجنود إلى السودان. وكان الجنود يستخدمون أيضاً في قمع ثورات النوبة في الجبال.

    أخبرتني والدتي أنني ولدت عند عودة أبي من تلوشي ، وكان ذلك عام 1945. وهذا ما يدفعني للاعتقاد بأنني ولدت في ذاك التاريخ. الشيء الآخر الذي أخبرتني به والدتي هو أنني ولدت في منتصف موسم الأمطار، وذلك قد يصادف شهر أغسطس، لذلك فأنا من مواليد شهر أغسطس 1945 إلاّ أنني بالطبع لا أعرف في أيّ الأيام ولدت.

    تتكون أسرتنا من خمسة أبناء وبنتين. أنجبت والدتي تسعة أطفال، توفى اثنان منهم وبقينا سبعة. ولدت في مكان يسمى الأخوال بمنطقة ميري. هناك جبل يسمى الأخوال لكنا لا نعلم ما إذا كان الجبل قد أخذ اسمه من اسم القبيلة التي تسكنه أم أن القبيلة أخذت اسمها من الجبل. وهكذا فإن الجبل والقبيلة يحملان اسم الأخوال. وبالمثل حين نقول ليمون فإننا نعني جبل ليمون كما نقصد سكانه من قبيلة ليمون، وهذه هي الحال في الجبال.

    ينتمي والدي ووالدتي إلى قبيلة ميري، وأنا اعتبر ابنهم البكر ومولودهم الاول. ونحن في الجبال نسمي المواليد حسب ترتيبهم في الولادة فإذا كنت المولود الاول تسمى كوكو وإذا كنت المولودة الأولى تسمى كاكا.

    أعتقد أن الإسلام بدء في الانتشار بجبال النوبة في زمن جدّي إذ أن اسم مكي هو اسم عربي، وأنا لا أعرف اسمه النوبي لكن الأمر الغريب أن أبي كان يسمى هارون لكنه في ما بعد ، عندما صار جنديا أسقط اسم هارون قائلا"لماذا يجب عليّ أن استخدمه؟ يجب أن استخدم إسم كوّة"، وهكذا كرّس استخدام كوّة اسما له بينما أطلق عليّ هذا الاسم العربي يوسف. في البدء كان يريد أن يطلق عليّ اسم محمد لكن والدتي عندما لم تحبل لفترة طويلة ذهبا معاً لزيارة قبر أحد الأولياء واسمه يوسف، وتوسلا بالدعاء من خلاله أن ترزق أمي بمولود. وحدث أن حبلت بي والدتي بعد ذلك. وهكذا بدلاً من تسميتي محمد أطلق عليّ اسم ذلك الشيخ الذي زارا قبره وهو الشيخ يوسف أبوشرا. هذه القصة حكاها لي والدي وقد اعتادت إحدى عماتي أن تطلق عليّ حتى اليوم إسم أبوشرا، يوسف أبوشرا.

    ألحقت منذ سن الطفولة بالمدرسة. ومن المثير للاهتمام تقصي بدايات مراحل تمردي. أذكر حينما كنت بالمدرسة الأولية، على ما أعتقد في الصف الرابع، كان لنا ناظر مدرسة، أعتقد أنه من الشمال. وكان هذا الناظر يردد مرارا القول"لماذا يجب تعليم أبناء النوبة هؤلاء؟ يجب أن يتركوا للعمل خدما في المنازل، أو لأي عمل آخر"، لأن العديد من أبناء شعبنا اعتادوا الذهاب إلى الشمال والعمل في المنازل ، أو في مثل هذه الأنواع من الوظائف الوضيعة. لذلك كان الناظر يردد مرارا"لماذا يجب تعليم أبناء النوبة؟". وكان الجانب الأسوأ ، على ما أذكر، أن ذلك الناظر يذهب عادة، بعد أن يقرع الجرس معلناً بداية اليوم الدراسي، ليجلس تحت ظل شجرة في الوقت الذي يفترض فيه أن يقوم بتعليمنا. وكان نادراً ما يأتي إذ يقضي معظم وقته جالساً تحت الشجرة، أو يقوم بأيّ نشاط آخر يحلو له عدا تدريسنا. وهذا السلوك جعلنا، بالطبع، غير راضين عنه وعن طريقته التي اعتاد بها أن يردد العبارات التي تسيء للنوبة. وفي ذات يوم ردد ذلك الناظر قوله"لماذا يجب أن نقوم بتعليم أبناء النوبة؟" وصادف أن سمعت قوله هذا. وكانت العادة قد جرت في المدرسة بأن يقف التلاميذ عند قدوم الناظر أو أحد المعلمين، لذلك حين قدم الناظر في اليوم التالي، كما أذكر ، كنت أجلس على أحد المقاعد وعندما وقف كل التلاميذ لم اقف. لقد رفضت الوقوف وفي ذهني الإساءة التي سمعتها في اليوم السابق فناداني الناظر قائلا" تعال يا يوسف" فذهبت اليه، فسألني"هل أنت مريض؟" فأجبته بالنفي، فأردف سائلاً"لماذا لم تقف؟" فلم أجبه، فنظر إليّ ثم أمرني بالانصراف دون أن يعاقبني. أعتقد أن هذا كان أول تمرد لي.

    تلقينا تعليمنا في المدارس باللغة العربية. وما زالت إحدى الأشياء العالقة بذاكرتي جيداً هي أنه حين قبلنا بالمدرسة كان يقال لنا ألاّ نتحدّث بلغتنا الأم، وهكذا بدأنا بالطبع في تعلّم الثقافة العربية.

    عندما كنا نعيش في جبال النوبة في ذلك الوقت كان أبي يعمل جنديّاً في الجيش السوداني. أذكر أن والدي كان في مدينة ملكال عندما جلست أول مرّة لامتحان الدخول للمدارس الوسطى. كنت قد بدأت الدراسة الأولية في مدرسة "ميري قوة" ثم أخذونا لمدينة الدلنج للجلوس لامتحان الدخول للمرحلة الوسطى. وبالطبع لم يكن من المتوقع نجاح أيّ تلميذ في الامتحان في ظل وجود ناظر مثل ناظرنا الذي اعتاد على عدم القيام بأعباء التدريس. وهذا ما حدث بالفعل إذ لم يستطع أيّ تلميذ من مدرستنا إحراز درجة النجاح في الامتحان. لذلك ركبت شاحنة من مدينة كادقلي عبر الليري وتونغو، ومن هناك توجهت إلى ملكال حيث كان أبي يعمل هناك.

    حينما وصلت إلى ملكال وجدت أبي وأفراد كتيبته العسكرية يتهيأون للعودة للشمال. وكانت العادة أن يرسل الجنود إلى الجنوب لمدة سنتين ثم يعادون للشمال مرّة أخرى وهكذا دواليك. كانت تلك الفترة هي مرحلة الانياينا. لهذا حين ذهبت إلى ملكال وجدت والدي في طريقه إلى شرق السودان فصحبته وذهبت معه إلى جبيت حيث يوجد مقر القيادة العسكرية. وهناك أعدت دراسة السنة الرابعة الأولية ثم جلست لامتحان الدخول للمدارس الوسطى وقبلت بمدرسة سنكات الوسطى. ولم تكن مباني المدرسة حينذاك قد شيّدت لذلك ذهبنا إلى مدرسة كسلا الوسطى حيث قضينا هناك عامين دراسيين ثم عدنا إلى سنكات بعد اكتمال مباني مدرستها وأكملنا دراسة المرحلة الوسطى فيها.

    في تلك الفترة كان كل شيء يسير بطريقة سلسلة مع فارق أننا حينما كنا في سنكات كان معلمونا جيّدون للغاية وكنا نخوض دائماً منافسات مع مدرسة كسلا الوسطى، وأذكر أن فرقتنا الدراسية كانت متفوّقة على الفرق(الفصول) الأخرى. وكان الأساتذة يكيلون كثيرا من الثناء على فرقتنا. وأذكر أنني كنت من الطلاب النجباء في مادة الرياضيات، لذلك كان من المعتاد أن يستدعي أحد ثلاثة من فرقتي، وأنا من بينهم، في أيّ وقت تواجه فيه إحدى الفرق الأخرى معضلة في الرياضيات. وكان المقصود بذلك إهانة تلاميذ الفرقة الأخرى. وعلى العموم، لم أواجه في المرحلة الوسطى أيّ مشكلة ما عدا الشعور بأني اسود مما مثّل مشكلة هناك. لأنه ، وبالنسبة لأصدقائنا الهدندوة، فإنك إن كنت أسوداً بشعر مجعد يسمونك "كشياب" وتعني عبد. وبالطبع لم يكن ذلك مما يؤبه له. لكن عندما قبلت بالمرحلة الثانوية في مدرسة التجارة الثانوية بالخرطوم بدأت الأمور تختلف.
    أذكر أنني خلال المرحلة الوسطى كنت مسلما جيّداً، أواظب على أداء الصلوات خصوصاً صلاة الجمعة. وكنت أتردد على الجامع بصورة دائمة. واستمر الحال كذلك حتى حين أتيت إلى الخرطوم. لكن عند دخولي السنة الثانية من المرحلة الثانوية وقعت حادثة هزتني كثيراً. وكما نعلم ففي الخرطوم أو في السودان عموماً ينعتونك بلفظة عبد إذا كان لونك أسوداَ وبالطبع يمكن تقبل كلمة كهذه من زملاءك على سبيل الدعابة لكن حينما تصدر عن أشخاص متعلمين فإنها تترك في نفسك شعوراً بالمرارة.

    أذكر أن الحادثة الأولى وقعت حينما كان أستاذ مادة الدين يشرح أحد الموضوعات الدينية التي تتعلق بمصير الإنسان بعد الموت. قال الأستاذ" عندما تموت ، ويحمل المشيّعون جثمانك إلى المقابر وتوارى الثرى يأتيك إذا ما كنت مسلماً ملكان أبيضان جميلان يسألانك ما اسمك وما دينك وغير ذلك من الأسئلة ثم يفتحان لك نافذة على الجنة. لكن إذا لم تكن مسلماً فسيأتيك ملاك أسود محمر العينين من العبيد بدلاً عن الملاكين الأبيضين". فقلت، دون تفكير، وكرد فعل على قوله"حتى السود من الملائكة يعتبرون عبيد؟". قلت ذلك في صيغة رد، لم أفكر فيه، وقد كان له فعل الصدمة وسط الجميع في الفصل الدراسي لكن أحداً لم يتفوّه بكلمة. واستمرت تلك المرحلة.

    في عام 1964، وبعد ثورة أكتوبر الشعبية منحت النساء في السودان حق التصويت والترشيح لعضويّة البرلمان. أذكر عندما تم انتخاب الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم في ذلك الحين، كانت أول امرأة تنتخب في البرلمان. وقد أحدث انتخابها حواراً عاصفاً حول الموضوع، وكان أن سأل معلم مادة الدين في المدرسة التلاميذ عن آراءهم حول الموضوع على النحو التالي:"ما هو رأيك في منح النساء حقوق الانتخاب؟". ولقد عبّر الطلاب عن آراء متباينة حول الموضوع، فوقف بعضهم مع حقوق النساء في الانتخاب والترشيح وبينما وقف البعض الآخر ضدها. وأذكر أني كنت من المؤيّدين لحقوق النساء في التصويت والترشيح فأنا من جبال النوبة حيث لا توجد فوارق بين الرجال والنساء. وبعد أن أدلى الطلاب بآرائهم طلبوا من الأستاذ ان يقول رأيه في الموضوع فقال"أنعطي النساء حقوقهن! إن النساء لا يعملن حتى في منازلهن، فأولاد النوبة هم الذين يقومون لهن بالعمل" وهكذا لم أتحمل ما قاله.

    بعد مضيء بعض الوقت وقع حادث ثالث.وساعتها تدهورت الأمور إلى أقصى مدى. بعد الحادثة الثانية صرت حين أشعر بالكآبة أشرع في الرسم. أذكر أنني كنت في قاعة الدرس وبدأت أرسم بالطباشير على درجي(مكتبي). كنت أرسم وجهاً أفريقيّاً، وبالطبع عند رسم الرأس لا بد من وضع نقاط على الرأس مما سبب بعض الضوضاء. في ذلك الأثناء كان الأستاذ يقوم بالتدريس فيما أنا مستغرق تماماً في الرسم دون أن أنتبه لما عداه. وفجأة سمعت صوتاً يقول:" يوسف كوّه أخرج من الفصل". جمعت أشيائي وخرجت من الفصل وكانت تلك هي المرّة الأولى في حياتي التي أطرد فيها إلى خارج قاعة الدرس. وفي الحقيقة كنت طالباً جيّداً وطالباً مثاليّاً في ما يتعلّق بالأكاديميّات والسلوك، ولا أعتقد أنه كانت لي ثمة مشاكل مع أيّ أحد. وهكذا، حين طلب مني الخروج من الفصل شعرت بالتعاسة. ثم شرعت أفكر في أنه ما كان يحق للأستاذ أن يطردني من الفصل. لكن في نهاية الأمر فكرت بأنني قد ارتكبت خطأً وأيًّ كان نوع العقاب فيجب عليّ أن أذهب وأعتذر للأستاذ وأقول له أني آسّف ولم أكن أعني شيئاً. وحينما قرع الجرس معلناً نهاية الدرس ذهبت للحديث مع الأستاذ والاعتذار له. وعندما رآني الأستاذ صاح بي"أبعد عني…أنت طالب سيئ للغاية" فقلت حسناً ربما يكون ما قلته في المرة السابقة عن النوبة الذين يعملون في المنازل ما زال عالقاً بذهنه، لذلك قال ما قال فعدت للفصل ولم أحاول الذهاب له مرّة أخرى.بالطبع، في الحادثة السابقة التي تحدث فيها عن أن أبناء النوبة هم الذين يعملون في المنازل أغضبني حديثة غضباً شديداً فأخذت كتبي وركلت الدرج(المكتب) وقلت"لماذا إذن أبقى أنا هنا؟ يجب أن أذهب وأعمل مع النوبة"، وخرجت من الفصل.

    بدأت أتساءل، وأطرح كل شيء على محك التساؤل:"ما هو الإسلام؟"، الشيء الوحيد الذي توصلت إليه هو أن هناك إله، وبالنسبة لي كان ذلك التساؤل بمثابة نعمة إذ أنه دفعني لإعمال الفكر بدلاً من التسليم بالأمور دون تمحيص. وهذا ما جعلني أيضاً أطيل التفكير حول الكجور والديانات الأفريقية التقليدية وغيرها. وبالإضافة لذلك فإن الإساءة لي كإنسان من النوبة منحني وعياً سياسيّاً يضيء تساؤل لماذا يكون النوبة هم الذين تسند لهم كل هذه الأعمال الوضيعة في السودان، وغيره من التساؤلات. ومنذ ذلك الحين صرت أتعمق في التفكير أكثر من ذي قبل. وعلى الصعيد الديني صرت، على نحو ما، شخص حر التفكير، لكن صاحب ذلك شعور بعدم التناغم في ما يتعلق بالجانب الروحي حتى أطلعت على كتاب جعلني أشعر بأن لنا نحن كأفريقيين بعدنا الروحي.

    أسميت إبني البكر نايريري لأن نايريري هو أحد الذين ساعدوني حقيقةً في طريقة تفكيري بوصفي أفريقي. ولقد ساعدني حتى على الصعيد الديني، لأني وبصفتي مسلم كنت أشعر بأني غير سعيد، وكأن هناك شيئاّ ما لست على يقين بشأنه إذ أننا كمسلمين مطالبون بأن نؤمن بأشياء لكن كأفريقيين نرى أشياء مختلفة. كنا نرى الكجور، وكنا نرى بعضنا يقوم ببعض الأعمال أمام أعيننا يرفضها المسلمون بحجة أنه لا معنى لها أو بوصفها من عمل الشيطان. وكان هذا الوضع يخلق نزاعاً داخل الفرد إذ أنك مهما كانت درجة عدم اعتقادك في هذه الأعمال فإنها تجري وتحدث أمام ناظريك لكنك كمسلم تتبع ما قيل لك بالاَ تعتقد في ذلك وأن ترفضها بوصفها من أفعال الشيطان. لذلك تحس بدرجة من الخواء الروحي إذ ليس هناك انسجام بين معتقداتك وروحك.

    عندما أتيت للجامعة قرأت كتاباً لنايريري إسمه"دعنا نعدو ونحن نسير". والنقطة التي أشعرتني بالارتياح هي قوله بعد استقلال تنجانيقا، عندما هم التنجنيقيون بممارسة التفرقة العنصرية ضد البريطانيين "هؤلاء هم ضيوفكم ، يجب عليكم أن تحترموهم حتى ولو كانوا مستعمرينا السابقين، إنهم الآن جزء لا يتجزأ منا". وقال إن المجلات والصحف الأجنبية أثنت على ما فعله لكن عندما أعلن عن قيام دولة اشتراكية عادت نفس هذه الصحف تقول"لقد صار نايريري أحمر". ثم استطرد في كتابه يقول"نعم أنا مسيحي لكنني صرت مسيحيّاً بعد أن بلغت سن الثانية عشر. ومع أني مسيحي، فأنا أعتقد، بصفتي أفريقي، أن لنا روحانيتنا التي نعتقد بها". وأورد نايريري قصة قال فيها أنه كان لوالده زوجات عديدات وحدث أن وقعت وفاة تخص إحدى زوجات أبيه ووجب ذهابها للعزاء فبعثه والده معها لمكان العزاء وقضيا هناك بضعة أيام. وفي رحلة العودة منحت للمرأة هدية حسب التقاليد الأفريقية التي تحتم تقديم هدية للزائر عند مغادرته. وكانت الهدية معزاة . وعندما حاول نايريري أن يقود المعزاة إلى الأمام جذبته إلى الخلف، فرأى أحد الأقارب عملية الشد والجذب بين نايريري والمعزاة صاح قائلاً له"المعزاة لا تريد الذهاب معك".وقام الرجل بقص بضع شعرات من رأس نايريري وبعض صوف المعزاة وفعل بهما شيئاً ما. وقال نايريري أن المعزاة تبعته بعد ذلك من مكانها إلى منزل والده دون أدنى مقاومة. ومضى نايريري في كتابه "هل هناك أيّ شخص يستطيع أن يخبرني أو يشرح لي دلالة ما حدث دينيا كان ذلك أم علمياً؟". وحقيقة أراحتني هذه النقطة. ومنذ تلك اللحظة بدأت اشعر بأنني لم أعد أشكك في معتقداتي. لذلك قرّرت أنني إذا رزقت إبناً سأطلق عليه اسم نايريري وبالفعل رزقت بابني الأول نايرري لكن، للأسف، توفى بعد عامين ونصف، وكان هو إبني كوكو(إبني البكر).ّ

    تجمّع النوبة لأول مرّة عام 1964 وكوّنوا اتحاد عام جبال النوبة، وبدءوا في الحديث عن المظالم في جبال النوبة. وقد انضممت أنا إلى الاتحاد عام 1965 . وبعد مضيء بعض الوقت عملت معلماً لمدة سبع سنوات ثم عدت للدراسة في جامعة الخرطوم حيث بدأت في الاطلاع وفي تطوير أفكاري. وفي الجامعة التحقت بقسم الدراسات السياسيّة والاجتماعية في كلية الاقتصاد. خلال مرحلتي الوسطى والثانوي كنا ندرس الأدب العربي، فدرسنا أشياء لم تكن جزءً من نسيجنا، ثم عثرت على كتاب شينوا أتشيبي"Things Fall Apart" وشرعت في قراءته. يبدأ الكتاب بمصارعة، وبالطبع تعتبر المصارعة جزءً من ثقافتنا. وعندما قرأت الكتاب ، شعرت، رغم أنني كنت في الخرطوم، وكأنني أتنفس روائح جبال النوبة، وأحسست بأنني هناك في الجبال. حتى الثقافة كانت هي نفسها، فمثلاً في نيجريا يوجد في كل قرية ملعباً، كما في جبال النوبة، حيث لا تجد شباباً في البيوت منذ السادسة مساءّ إذ يذهبون لحلقة اللعب والرقص خصوصاً حين تكون الأمسيات مقمرة.

    حين أكملت قراءة الكتاب شعرت بأنني عثرت على جزء من ذاتي بين طياته. وقد دفعني ذلك لقراءة كتب الأب الافريقي. ومن هناك بدأت أرى الفرق بين أن تكون أفريقيّاً وأن تكون عربيّاً، وبالطبع وجدت نفسي أفريقيّاً. لقد كنت حتى المرحلة الثانوية أشعر باني عربي، لقد لقنوني ذلك. ثم بدأت أفكر بأن ثمة خطئ ما في السودان يجب تصحيحه. أذكر أنه، منذ المرحلة الأولية وحتى دخولي الجامعة لم يكن يرد أيّ شيء حميد في كتب التاريخ عن النوبة. لا يوجد شيء غير أن الأتراك أتوا إلى السودان وأخذوا العبيد من جبال النوبة والجنوب. وهكذا فنحن في هذه الكتب دائماً عبيد. ولم نقرأ أيّ شيء يجعلنا فخورين بكوننا نوبة. ولهذا تجد كثيرين منّا، نحن النوبة، خصوصا المتعلمين، يكرهون أنفسهم لأنهم نوبة. وإذا سألت أحدهم من أنت؟ تجدهم يغيّرون أسماءهم من"كوّه" و"تيّه" إلى أسماء عربيّة. وإذا سألتهم أيضاً عن أماكن ميلادهم يقولون لك أنهم ولدوا في العباسية بأم درمان أو كوستي أو أيّ مكان آخر منكرين حقيقة أنهم قدموا من جبال النوبة. وإلى اليوم فإن عقدة الدونيّة هذه تجعل الكثيرين من أبناء النوبة يشعرون بأنهم لا ينتمون لإثنية النوبة، ولا يطيقون إطلاق صفة نوبة عليهم.

    لقد كنت أنا مثلهم حتى المرحلة الثانويّة، لكن فقط عندما بدأ اتحاد جبال النوبة نشاطه جعلني أشعر بذاتيتي وأقول"هذا أنا، ولم لا؟ فيجب أن أكون فخوراً بهويتي". وفي أحد أيام شهر رمضان كنت صائماً، وعندما تكون صائماً تفقد الاهتمام بالكتب المدرسيّة، فذهبت إلى مكتبة الجامعة (جامعة الخرطوم)، وبدأت ابحث في كتب قسم السودان بالمكتبة،وسالت نفسي"لماذا لا أبحث عن الأشياء التي كتبت عن النوبة؟"، وظللت أبحث فوجدت كتاباً كبيراً عن النوبة من تأليف سيغفريد ناديل يرجع تاريخه إلى عام 1947، ومنذ ذلك الحين بدأت أدرك الكثير عن النوبة وثقافتهم الغنية. وكان الأمر غريباً بالنسبة لي لأنّني طوال كل ذلك الوقت لم أكن أعرف أيّ شيء عن النوبة: من هم؟ وغير ذلك من الأسئلة عنهم. لقد وجدت، أيضاً، عدداً آخر من الكتب في المكتبة عن النوبة وعن أصولهم. وهنا انبثق سؤال كبير وهو"لماذا لم يقدموا لنا هذه المعارف في مدارسنا؟" أنه تاريخ جيّد إذ أنك تجد مملكة كوش كما تجد حضارات كبرى كان قد أنشأها النوبة عبر التاريخ. والنتيجة بالطبع، هي أن ثمة خطئ ما في السودان يجب تصحيحه. وموضوع أن السودان بلد عربي يضع في الحقيقة أساساً خاطئاً لتأسيس مفهوم الهوية السودانية. وبتبلور هذه الفكرة في ذهني بدأت أفكر بأنه لا بد لنا من فعل شيء بهذا الخصوص.
    أذكر في عام 1977 عندما كنت أدرس في الجامعة كان هناك عدد كبير من طلاب جبال النوبة بالجامعة. وعقدنا سمناراً ودعونا إليه طلاب جبال النوبة الذين يشعرون بأن للنوبة قضية. وقد أجرينا حوارات امتدت لأربعة أيام انتهينا بعدها إلى حل مفاده أن هناك شيئين يفرقان بين الناس هما القبليّة والدين. ثانياً، من أجل خدمة أهلنا يجب العمل في خلال النظام. وكان ذلك خلال حكم نميري ، وكان معظم أهل جبال النوبة لا يقبلون على التعاطي مع الأمور السياسية. لذلك قررنا أن نقوم بعمل ما، لكن قبل ذلك علينا أن نتوحد كنوبة. وكانت تلك بداية تجنيد العناصر الشبابيّة. ولقد ركزنا اهتمامنا على الشباب لأن معظم شباب النوبة في ذلك الحين لم يكونوا منظمين تحت لواء أيّ حزب سياسي، وبالتالي تسهل عملية تجنيدهم. وهذا ما أتى بمنظمة كومولو إلى حيز الوجود.

    كان قليلون منا في الجامعة أعضاء في منظمة كومولو، مثل عبدالعزيز آدم الحلو وكوكو جقدول وآخرون غيرهما. وكان في الجامعة اتحاد لطلاب كردفان، وفي ما بعد قسمت كردفان إلى محافظتين: شمال كردفان وجنوب كردفان. لذلك قسمنا الاتحاد إلى قسمين وبدأنا العمل في هذا الاتجاه. أذكر أننا نظّمنا أسبوعاً للنوبة في جامعة الخرطوم، وكان أسبوعاً رائعاً إذ قدمنا فيه أنواع من طعام جبال النوبة فأعددنا وجبات من البليلة والعصيدة وغيرها. وبدأنا نناقش بعض الموضوعات التاريخية، وعقدت مقارنات بين النوبة في الجبال والنوبيون في الشمال على صعيد اللغات وكان ذلك أمراً جيّداً، وعلى كل حال كانت تلك بدايتنا.

    أكملت دراستي الجامعيّة عام 1980 ثم عملت معلماً في مدرسة كادوقلي الثانويّة لمدة عام واحد، هو عام 1981. ثم أعلن نميري عن سياساته الإقليميّة المتعلقة بإنشاء حكومة إقليمية وبرلمان إقليمي وغيره. وبما أني خريج جامعي في مجال العلوم السياسيّة فقد كانت هناك العديد من المشاريع في ذهني انوي القيام بها.. لكن أول ما فكرت فيه هو تأهيل نفسي بالزواج ثم ، بعد ذلك، أشرع في الانخراط في العمل السياسي. وبالطبع، بعد أن أنهيت دراستي الجامعية تزوجت.

    كنت(قبل دخولي الجامعة) أعمل في دارفور لمساعدة أسرتي في معيشتها، وكان أحد أبناء عمومتي يعيش في الدلنج. وقد اعتدت حين آتي من دارفور عبر الدلنج إلى كادوقلي أن أقضي معه بعض الوقت، يومين أو ثلاثة، ثم أواصل طريقي إلى كادوقلي. وفي أحد الأيام سألني لماذا لا أتزوج؟ فقلت له لا أريد الزواج. فأعترض عليّ قائلاً"لا..لا"، وذهب وحرّض شقيقاتي للضغط عليّ، ثم أخبرني بأنه يعرف فتاتين هنا في الدلنج، وهن بنتان جيّدتان ينحدرن من قبيلة ميري رغم أنهنّ لسن ميراويّات خالصات، وطالبني بأن اختار إحداهن. ولقد ظللت لمدة عام كامل ابعث رسائل فقط. وذات يوم قرّرت أن أذهب لأرى ما عرضه إبن عمي. وهكذا حدث أن وقع اختياري على فاطمة. ولم تقل هي نعم في الحال. وهذا هو السبب في أنني تزوجتها بعد أن أكملت دراستي الجامعيّة.

    عملت في التدريس لمدة عام في مدرسة كادوقلي الثانوية(تلاو). وكنت في الامسيات أعمل في تدريس ما نسميه "اتحاد المعلمين" والتي تتبع نظام الدراسة المسائية. وبالطبع فإن ذلك قد ساعدني في دفع الأموال التي استدنتها لتغطية تكاليف الزواج. وكمعلم لم تكن لي مشكلة على الإطلاق مع مهنة التدريس. واعتقد أنها مهنة جيّدة أحببتها. لكن ، فقط، عندما طرح موضوع برلمان كردفان تغيّرت الأمور.

    لم يكن عندي أيّ نزوع لخوض الانتخابات في ذلك الوقت. لكن أحد المعلمين واسمه أحمد الحاج جاءني ذات يوم قائلاً أن هناك برلماناً إقليميّاً وستجرى انتخابات لاختيار أعضائه. وقال أحمد"فكرت كثيراً خلال هذه الفترة، وتوصلت إلى أنك أنت الشخص الأنسب لخوض هذه الانتخابات". واستطرد احمد يقول" ان النوبة منقسمون بين معسكرات: هناك معسكر محمود حسيب الذي كان محافظاً لكردفان وهناك معسكر عبد الرحمن إدريس. وحين يعزم أحد المعسكرين على خوض الانتخابات يتصدى أفراد المعسكر الآخر لخوضها أيضا. وفي نهاية المطاف تكون الجهة الرابحة من ذلك هي الجلابة في كادوقلي. وخلال كل الانتخابات التي جرت كانت أصوات النوبة تتوزع ولا أحد منهم يحصل على الفوز". وقال أحمد"لقد كنت خارج المنطقة طوال هذه الفترة(كنت معلما بدارفور) لذلك فأنت لست طرفاً في ايّ معسكر، ولذلك أعتقد أنك الشخص المناسب لخوض الانتخابات". فقلت له بصراحة أنني ومنذ تخرجي من الجامعة كانت تراودني مثل هذه الأفكار السياسيّة والتي أرغب في ممارستها على أرض الواقع لكنّني لا أستطيع التقدم للانتخابات الآن لأنني لا أملك مالاً. فأجاب قائلاً"حسناً، ومن من النوبة يملك أموالاً؟ وإذا لم نكن نملك المال فهل هذا يعني أن نستسلم ونعطي الفرصة للجلابة ليقرروا مصيرنا؟" وعلى كل حال ناقشنا الموضوع وأقنعني أحمد بالتقدم لخوض الانتخابات.

    ذهبت بعد ذلك إلى منظمة كولومو، وكان أحمد الحاج نفسه أحد أعضائها، وأخبرتهم بما حدث وطلبت رأيهم وتساءلت عن فرص النجاح مع الوضع في الاعتبار أننا لا نملك مالاً ولا أيّ امكانيات. فقالوا: نحن قادرون على خوض الانتخابات وبكل ما نملك. وهكذا بدأنا. أتذكر أنني ذهبت إلى الخرطوم للحصول على بعض المال من الزملاء هناك، من الذين كانوا معنا في الجامعة، فجمعنا من هذا عشر جنيهات ومن ذاك خمس، وهكذا، لكي نستطيع أن نصرف على الحملة الإنتخابية. وعلى أيّ حال كانت هذه هي البداية. وكنت قد اعتدت التنقل بالدراجة للإتصال بالناس، واستطعنا في نهاية الأمر أن نحرز الفوز.

    بالطبع، كان الجلابة في كادوقلي يملكون كل الامكانيات. كانوا يستخدمون السيارات بينما لا أملك أنا سوى دراجتي. وهكذا بدأت أتحرك لإخبار الناس بأني نويت أن أخوض الانتخابات، لكن قلت لهم بكل صراحة"أنا لا أملك مالاً وتعلمون أن والدي لا يملك مالاً أيضاً، وأنا لست سوى معلم لكني أعتقد أنني أستطيع أن أقوم بتمثيلكم، وأستطيع أن أتحدث بالنيابة عنكم". واتفقنا على القيام بالآتي: قلت لهم"إذا أتاكم الجلابة لا تردوهم. سيحاولن تكوين لجنة وضمكم لها فوافقوا على ذلك، سيطلبون منكم أن تؤدوا القسم فاقسموا وإذا أقسمتم فعليكم أن تبرّوا بقسمكم وتصوتوا لهم، لكن نحتاج مقابل كل صوت تعطوه لهم أن تكسبوا لنا عشرة أصوات. يجب أن تطلبوا من عشرة أشخاص التصويت لصالحنا مقابل كل صوت يذهب لهم. هذا هو المطلب الأول. ثانياً، سيعطيكم الجلاّبة مالاً، خذوا المال لكن اطلبوا منهم توفير سيارة وإذا أعطوكم السيارة يجب أن تكونوا أنتم من يستخدمها، أو على الأقل واحد منكم. سيضعون رمزهم الانتخابي على السيارة لكن لا تنشغلوا بما يحدث داخل السيارة. وهذا بالضبط ما حدث. كانت السيارات تمتلئ بأفراد الجمهور تحملهم من مناطقهم إلى مراكز الاقتراع. كانت المنافسة ساخنة للغاية. كنا عشرة مرشحين، ثمانية منهم من النوبة رفضوا كل المحاولات بدعوتهم للانسحاب لصالح مرشح واحد، وهكذا تنافس 8 مرشحين من النوبة ومرشحين من الجلابة. لكن المنافسة الحقيقيّة كانت بين ثلاثة مرشحين: إثنان من الجلابة وأنا ثالثهم. وهذه هي بالفعل قصة كيف فزنا في الانتخابات. وكان ذلك الفوز بمثابة صدمة للجلابة. ومنذ ذلك الوقت بدأت مشاعر الإحساس بالثقة تقوى بين شعبنا. واعتقد أن مشكلة الجلاّبة هي أنهم آمنوا بقوّة أموالهم أكثر من أيّ شيء آخر في الوقت الذين كان عليهم أن يستنتجوا أن الأمور لم تعد كما كانت عليه في السابق.
                  

العنوان الكاتب Date
يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... farda04-01-04, 06:03 PM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... Raja04-01-04, 06:38 PM
    Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... شريف محمد ادوم04-01-04, 06:53 PM
      Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... farda04-01-04, 07:33 PM
    Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... farda04-01-04, 07:00 PM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... Raja04-01-04, 07:00 PM
    Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... شريف محمد ادوم04-01-04, 07:20 PM
      Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... Raja04-03-04, 01:27 AM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... Roada04-01-04, 07:09 PM
    Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... farda04-01-04, 09:18 PM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... nada ali04-01-04, 08:08 PM
    Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... farda04-01-04, 09:22 PM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... esam gabralla04-01-04, 10:25 PM
    Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... farda04-02-04, 04:21 PM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... Raja04-01-04, 10:47 PM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... Bashasha04-03-04, 02:37 AM
  Re: يوسف كوّة: لم تعد الأمور كما كانت عليه... farda04-03-04, 06:01 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������ ������ �� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������

� Copyright 2001-02
Sudanese Online
All rights reserved.




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de