في "الأحداث" :
[align=center]ياسر عرمان فى حوار ماقبل الاستفتاء
بدرية سليمان تصمم القوانين على نسق الأزياء
صراع أبيي يهم الحركة والوطني ويجب عدم زج القبائل فيه
الدم أغلى من النفط .. ولجنة ترسيم الحدود ستحسم خلاف هجليج[/align]حوار: عمار عوض
ياسر عرمان، نائب الامين العام للحركة الشعبية في السودان، ومن القلائل الممسكين بجميع خيوط اللعبة في السودان وفي جنوبه بالذات التقته (الأحداث ) هنا في القاهرة وتحدثنا اليه عن آفاق الوحدة والسلام في ظل الأوضاع والمناكفات الحالية بين الشمال والجنوب، حدثنا عن «ابيي» وعن سلاح المسيرية، وعن مؤتمر جوبا لقوى المعارضة الذي دعت له الحركة الشعبية واكد على شرعية الحكومة في مقابل دعوى المعارضة بعدم شرعيتها، اصدرت المحكمة قرارها حول منطقة (ابيي) وكال الكثير من الانتقادات لرئيسة لجنة التشريع بدرية سليمان بجهة تأخير قانون الاستفتاء, وقال إن الوحدة الجاذبة مهرها مؤتمر دستورى يراجع من خلاله الدستور الحالى , فالى مضابط اللقاء .

أبيي .. كيف تنظرون لنتائج وطبيعة الصراع الدائر حولها ؟
ماحدث هو انتصار لارادة التوافق , اراده حل القضايا العالقة , حتى وان أتى من جهة خارج السودان لكن متفق عليها , والقضية الرئيسيه التى بحثت فى (لاهاي) هى اين تقع العموديات التسعة (لدينكا نقوك) ؟ , والتى تم تحديدها من قبل فيما عرف بتقرير الخبراء, الذى رفضه المؤتمر الوطنى, وهناك خلط كبير فى قضية (ابيي) بتصنيفها على انها قضية نزاع يدور بين قبائل , وهى فى الحقيقة قضية بحثت فى نيفاشا, على انها قضية تهم الحركة الشعبية وحكومة السودان, ثم تحولت لاحقا فى (لاهاى) الى قضية بين الحركة الشعبية-حكومة الجنوب , والحكومة القومية, ولذا يجب علينا ألا نزج بين المسيرية والدينكا فى هذه القضية لان المسيرية مصالحهم ابعد من ابيي حيث يذهبون الى التونج فى قلب ولاية واراب ويذهبون حتى (بانتيو) ولذلك المسيرية تصل مصالحهم فى المدى البعيد مع الجنوب ولذلك المسيرية والدينكا يجب ان يكونوا عوامل التقاء بين الجنوب والشمال فى حال انفصال الجنوب او الوحدة.

لكن هناك ردود أفعال صاحبت صدور القرار؟
ردود الفعل بعضها ايجابى, ويكمن فى قبول الطرفين بالقرار ,وبعضها سلبي , عندما وضح أن المؤتمر الوطني له خطان , خط رسمي يقول إنه كحكومة يقبل القرار, وهناك أصوات أخرى من داخل الحكومة نفسها , وتحت دعاوى مختلفة حاولت ان تنقلب على الاتفاق وبطرق متعددة , ولكن السلبية الكبرى تظهر فى تصاعد أصوات قيادية فى حكومة الوحدة الوطنية وتمثل المؤتمر الوطنى وصفت هذا القرار بأنه نصر للشمال , فالحكومة المركزية لاتمثل الجنوب ولا الشمال بل هى حكومة لكل السودانيين , كذلك يجب ان تعمل على تقريب كل القبائل من بعضها البعض, ولاتنحاز لأي جهة كانت , وهو مالايخدم , ومايخدم هو ان تظل مؤسسة الرئاسة تمثل البعد القومى, وانها تمثل الاقاليم كافة, وليس إقليما دون الآخرين , ونؤكد من جانبنا على ان القرار ملزم ويجب تنفيذه من كل الأطراف .

لكن الواضح أن هناك تباين كبير للغاية حول منطقة (هجليج) ؟
نعم ظهر تباين فى الآراء حول (هجليج) لكن هنالك مفوضية لترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وهى المختصة بالفصل فى هذا التباين , السودان يحتاج الى دماء السودانيين التى هى أغلى من النفط , ايضا السودان الموارد الطبييعية به هائلة , وتكفى كافة مواطنى السودان , وهذا التباين محله ليس الصحف ولا الاعلام ولكن يحسم فى مفوضية الحدود .

أنتم تقبلون بالقرار ولكن ماهي الآلية التى بحوزتكم ويمكن بها تطمين المسيرية بأنهم سيعبرون نهر(بحر العرب) فى طريقهم للجنوب بأمان, خاصة وأن القتال دائما ما كان ينشب فى المرات الفائتة, نتيجة إصرار (المسيرية) على عبور النهر بأبقارهم وأسلحتهم فى آن واحد؟
حقوق المسرية فى الرعي مكفولة بموجب برتكول أبيي وهو امر مفروغ منه , وانا ذهبت مع النائب الاول سلفاكير ميارديت الى (المجلد) وهى المعقل الرئيس لقبيلة المسيرية , واعجبت للغاية , بالنظرة البعيدة والثاقبة لقادة قبيلة المسيرية الذين اوضحوا لنا ان مايقلقهم ليس هو قرار تحكيم ابيي, وسألوا عما سيحدث اذا ما انفصل جنوب السودان , لأن قضية المسيرية أبعد من ابيي وحتى اذا ما اختار المسيرية الانضمام الى الشمال لن يحل هذا قضيتهم , لأن مصالحهم مرتبطة اكثر بالجنوب الذى توجد به مساراتهم ومراعي ماشيتهم , والحل النهائي والشامل لقضيتهم يكمن فى ان تكون مناطق الحدود والتماس بين قبائل مناطق للتكامل والتمازج فى حال ماانفصل جنوب السودان لتصبح مناطق للتماذج كما كان يفكر لها د.جون قرنق.

هذا حديث وحلول جيدة , لكنها تفتقر لآلية لمعالجة قضية حمل رعاة المسيرية لأسلحتهم الشخصية أثناء ترحالهم نحو الجنوب ؟
نعم فى الماضى برزت مشاكل نتيجة لهذا السلوك , خاصة وان حكومة الجنوب كانت تريد نزع سلاح المواطنين الجنوبيين المدنيين ومن المعلوم ان سنوات الحرب جعلت السلاح مبذولا لكل مواطن جنوبى وهى من افرازات الحرب , ونزع سلاح المدنيين فى الجنوب كان لابد له ان يتزامن مع نزع سلاح المدنيين المنتمين لكافة قبائل المنطقة بما فيهم المسيرية , حتى لاتكون الغلبة لقبيلة دون الاخرى , وانا اعتقد ان هذه الرغبة مازالت متوفرة وسنسعى لها من الآن , ومن مصلحة حكومة الجنوب ان تضع هذه الآلية وهى قضية ممكنة وواجبة وضرورية.

عدم شرعية الحكومة هى السمة السائدة فى تصريحات قيادات المعارضة كيف تنظرون لهذا الطرح ؟
الحركة الشعبية تعتقد ان الانتهاكات التى تمت للدستور لم تبدأ اليوم , وبدأت منذ وقت طويل بعدم تنفيذ كثير من بنود الاتفاقية والدستور, مثل قوانين التحول الديمقراطى والتعدي على حقوق الانسان وغيره , فى نفس الوقت لا يمكن قراءة الدستور قراءة منعزلة , بأن تأخذ نصا دستوريا واحدا وتهمل النصوص الاخرى, لذلك الحركة الشعبية تقول إن الحكومة شرعية, لكنها فى نفس الوقت تقول ان مطالب المعارضة التى قدمتها شرعية ايضا , ولهذا فإن اللغة التى يجب ان تسود مع المعارضة هى لغة الحوار وليس غيره .

كيف تقام الانتخابات فى ظل رفض الحركة الشعبية لنتائج التعداد السكاني وهو الأساس الذى تنبنى عليه الانتخابات ؟
الحركة ليست وحدها التى ترفض نتائج التعداد السكانى , بل معظم القوى السياسية فى البلاد إن لم يكن كلها , ترى ان التعداد السكانى زور, والمؤتمر الوطنى هو الوحيد الذى يقف موقف معاكس ويتيم . ويحتاج للاتفاق مع القوى السياسية كلها وليس مع الحركة الشعبية وحدها .

سبق للمبعوث الأمريكي سكوت غرايشن أن طرح تسوية لقضية التعداد هذه , بأن تقبل الحركة بنتائج التعداد وتحصل من المؤتمر الوطنى على تنازلات فى مواضيع خلافية أخرى للعبور الى الانتخابات وماهو مستقبل هذه التسوية ؟
نعم قدمت ورفضت المقترحات التى تقدم بها غرايشن ولم يتم الاتفاق حولها .

فى ظل انسداد الأفق هذا تعالت أصوات داخل دوائر قريبة من صنع القرار فى أمريكا مثل منظمة الأزمات الدولية ترى أن حل هذه القضية يكمن فى تمديد الفترة الانتقالية الى العام 2013 بدلا عن 2011 لإنجاز النقاط العالقة بين الطرفين ؟ وهل طرح عليكم مثل هكذا اقتراح فى محادثاتكم الأخيرة بواشنطون ؟
(بسرعه) لا لا لم يقدم مثل هذا الطلب والذى نعتبره من الخطوط الحمراء التى لا نقبلها , والاتفاقية حددت العام 2011 موعدا للاستفتاء فى الجنوب ولايمكن تجاوز هذا التاريخ بأي حال من الأحوال ويجب الذهاب الى حق تقرير المصير لأنه قضية رئيسية وحق مكتسب لجنوب السودان كما يجب إنهاء الفترة الانتقالية التى حددت بتنفيذ الاتفاقية ومن ثم تسليم السلطة للشعب السودانى ولايمكن للحركة الشعبية بأي شكل من الاشكال ان تسمح بطرح تمديد الفترة الانتقالية لأنها مضرة وتضر بكامل عملية السلام التى وضعت لكي يصل جنوب السودان الى أهداف محددة ومعلومة عبر تفاوض مارثونى فى نيفاشا وعلى رأسها تقرير المصير عام 2011 وقضية التأجيل هذه لم تطرح ولم تناقش ولم تقدم من الجانب الأمريكي وليس لنا أي علاقة بمن يطلقها .

ترفضون تمديد الفترة الانتقالية وتأجيل تقرير المصير هل يمكن ان تقبلوا بعدم قيام انتخابات وان تقوم الحكومة الحالية بتنفيذ الاستفتاء على حق تقرير المصير ؟
هذا ليس قرارنا لوحدنا هناك شركاء لنا فى الحكومة وهناك قوى سياسية لايمكن تجاهلها , ولم تطرح أي من هذه القوى مثل هذا الاقتراح ونحن من جانبنا نسعى لكي تقوم الانتخابات فى مواعيدها.

عقدتم جولة لتسوية المواضيع العالقة بينكم والحكومة فى واشنطون بخصوص القضايا المتعثرة فى اتفاقية السلام فى واشنطون , وأنهيتم جولة أخرى فى الخرطوم حضرها مبعوث الرئيس الأمريكي سكوت غرايشن الى أين وصلتم وما الاختراق الذى أحدثتموه؟
لم ننجز شيئا ومازالت القضايا الرئيسية تراوح مكانها وسنذهب الى جولة جوبا ولايوجد تقدم ملموس الى الآن.

دعوتم قوى المعارضة من أحزاب وحركات مسلحة لاجتماع يعقد على مستوى عال , مالذى ترمون اليه من خلال هذه الدعوى ؟
الحركة الشعبية تريد أن تصل الى شكل من أشكال الإجماع هناك قضايا هامة يجب ألا تحتكر لأي قوى سياسية دون الأخرى , ونريد أن نشرك الآخرين معنا فى قضايا كبرى تهم السودانيين جميعا , وتريد الحركة ان تسمع بصورة مباشرة رأي الأحزاب السياسية فى هذه القضايا , ونحن الآن فى طريقنا لتحديد موعد لهذا اللقاء .

قانون الاستفتاء والأمن الوطنى يدور حولهما جدل كبير ويتخوف البعض من ألا تتم إجازة أي منهما حتى بعد تمديد أجل البرلمان الى شهر سبتمبر القادم ؟
هناك مناورة ومراوغة من المؤتمر الوطني , والأسوأ فى هذا مايتم فى قانون الاستفتاء وتقرير المصير وهو قانون حيوي سمعنا حوله آراء مضرة بالجميع بما فيهم المؤتمر الوطنى الذى يقول إن القانون يجب أن تحوي بنوده مايصعّب الانفصال على جنوب السودان , وأنت إذا أردت تصعيب الانفصال من البداهة ومن الذكاء ان لا تجاهر برغبتك هذه , وللأسف فإن رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر المنتمي لحزب المؤتمر الوطنى قد صرح بمثل هذا الحديث مرارا وتكرارا ومعه الاستاذة بدرية سليمان رئيس لجنة القوانين بالبرلمان والحقيقة الاستاذة بدرية سليمان عبرت عن رأيها هذا بأسوأ عبارات يمكن أن يستخدمها سياسي او حزب حيال قضية حيوية وإستراتيجية مثل حق تقرير المصير حينما قالت "سنجعل الوحدة جاذبة بالقانون ) وهو مايفهم صراحة انهم يريدون فرض الوحدة بالقهر وبالشمولية وهى وسائل جربت من قبل ولم تجعل الوحدة جاذبة فى أي وقت من الأوقات وأوصلتنا الآن الى (لاجاذبية الوحدة ) وأساليب القهر التى تتبعها بدرية ورئيس البرلمان ومن سايرهم لن تأتى بالوحدة , وبدرية معروف عنها أنها مصممة قوانين على نسق مايحدث فى بيوت الأزياء وعليها أن تعلم من قبل أنها شاركت من قبل فى قوانين أضرت كثيرا بالوحدة (قوانين سبتمبر) , والآن موضوع الاستفتاء ليس بالموضوع الهين ولايحتاج الى تصريحات من بدرية بمثل هذه (الخفة ) وعلى الذين أفسدوا وحدة السودان فى الماضى ألا يفسدوا مستقبله.

مالذي يأتي بالوحدة إذن؟
الوحدة الجاذبة تحتاج الى إرادة والى توجهات جديدة , وماتبقى من زمن اضحى غير كاف الآن حيث يفصلنا عن موعد الاستفتاء الآن 500 يوم فقط , وعلى السودانيين ان ينتبهوا وان لايضحوا (كترزية يوم الوقفة ) نحتاج الى عرض سياسي واسع المدى من شمال السودان, ومن السلطة المركزية فى الخرطوم تحديدا أن تقدم عرضا جديدا قائما على حقوق المواطنة المتساوية وقائم على نظام دستوري وقانوني موحد وهو ماليس موجودا الآن , ونظام تشريعي موحد .

تحديدا، ماهي الإجراءات التى اذا فعلتها الحكومة فى المركز يمكن أن تقود الى اختراق فى قضية الوحدة فى المتبقى من هذا الزمن ؟
الاجراءات كثيرة ولكن نعدد منها أن اتفاقية نيفاشا دعت الى مؤتمر للمراجعة الدستورية على أساس أصول نيفاشا وعلى أساس تحسين نيفاشا ويمكن ان نستخدم هذا النص لمراجعة دستورية مستقبلية لتحديد ماهو الدستور الذى يحكم السودان ليتم الاستفتاء على وحدة السودان على أسس جديدة . وهذا الامر يسنده أن مفوضية المراجعة الدستورية حدد عمرها بست سنوات وهى عمر الفترة الانتقالية نفسها.

هل يمكن أن تعلن الحركة الشعبية انفصال جنوب السودان من داخل البرلمان ودون الذهاب الى الاستفتاء وهو ما طالب به نواب فى برلمان جنوب السودان قبل أيام ؟
هذا الكلام غير مقبول ولايمثل وجهة نظر الحركة الشعبية التى تتمسك بتنفيذ الاتفاقية بحذافيرها روحا ونصا وليس من بينها أي نصوص تعطى الحق لبرلمان الجنوب فى أن يعلن الاستقلال من داخله.

كيف ترى مستقبل الوحدة بين الشمال والجنوب فى ظل المعطيات السياسية التى بين أيدينا ؟
أنا رجل وحدوي، وأدعو الى الوحدة لكن على اسس جديدة وليست الوحدة القديمة , ادعو الى وحدة تحترم الانسان وآدميته , وتحترم الآخرين كون انهم آخرين , وحدة تستفيد من تجارب الماضى الأليم , لتعيش بها فى المستقبل , السودان مشروع إنساني كبير يحل كثيرا من قضايا إفريقيا والعالم العربى وأنا لا أقنط فى أن تأتي لحظة ويوحد السودانيون بلدهم وحتى اذا تم انفصال لندعه يكون انفصالا يحمل فى أحشائه الوحدة.
عن صحيفة "الأحداث"