الشعبية نجمة تزين سماء مدينة الخرطوم بحري (الجزء الثالث)

Quote: From: [email protected] [email protected] To: [email protected] Subject: كلمة وفاء للأستاذ / مصطفي لياقة Date: Mon, 24 Jan 2011 23:14:02 +0400 أخي الكريم الأستاذ الجليل / مصطفي حسن الشيخ ( لياقة ) سلام من الله عليك ورحمات وبركات ترددت كثيراً قبل أن أكاتبك ... ووجدت نفسي وأنا استجدي قلمي لكلمات ٍ تنا سب مقامقك الرفيع في القلوب ، بعدم أهليتي لهذه " المغامرة " ، فجلست أياماً أهز بجزع نخلة الآداب علّها تساقط عليّ حرفاً ندياً فأكتب به إليك .. ثم لتقر عيني بعد ذاك إذا مارايتك يوماً تهلّ عليّ فأمتّع ناظريً برؤياك البهية ، .. ولكنّ النخلة أبت أن تجود ونافست في بخلها ( الحطيئة وحميد الأرقط ) .. ثم تذكرت في لحظة ما فعله " يوسف عليه السلام " حين استخزن حنطة اليسر لسنوات العسر فعدت للذاكرة استخرج بعض المخزون فوجدت أن كل حروفي قد تلفت ولم تعد تصلح لصياغة كلمة لأنسان عادي ، فكيف مقالي هذا .. أمام مقامك ؟ . وأدركت لحظتها فداحة خطأي حينما لم أدع الحرف كما فعل يوسف في سنبله . ووصل بي المسير الي نهاية درب القناعة التامة ، وعلمت علم اليقين بأن مقام العارفين بعيد المدي ؛ وأن ادراك سر المرتقين لذري المجد غاية لا يدركها مثلي ، ورأيت أنه ليس من " اللياقة " أن أتحدث عن مصطفي لياقة .. لهذا استميحك العذر اخي مصطفي إن رأيت فيما اقول أنّه غير مستوفي لحقك ، أو جاءت كلماتي باهتة أمام زهوك وأزدهارك فما أسخف " السهي " وهي تخاطب الشمس بقولها " أنت ِ خفية " وما أشدّ سفاهة الأرض وهي تحاول أنّ تطال السماء.. وما أرعن الدجي وهو يعّير الصباح بشفافية لونه . ولكنها مجرد محاولة من شخصي الضعيف للمشاركة في ثورة الفرح العارمة التي اجتاحت ذلك الحي الأنيق " الشعبية " مّما أفاق الخيال ليطوف بي في رحلة طويلة وأنا استرجع ماضي الذكريات عبر تلك اللقطات الفريدة التي صاحبت عرس الوفاء لشباب ٍ وشيوخ ٍ وآباء ٍ وأمهات وأخوة ٍ واصدقاء ، طالما لبسوا عمائم الأفراح وجلابيب الفخر والأعزاز ، فزانوا الشعبية حلاًّ وترتحالاً ، بأستثناءآتهم وتفردهم ، غير أن نجمك الوضاء استاذي مصطفي ظلّ متلألئاً في شتي سماوات المحافل فكنت زينة الكواكب . نعم أخي واستاذي الجليل مصطفي ، منذ أن تعرفت عليك ونحن في مطلع الشباب ، شاهدتك بدءاً علي ملاعب ٍ ( لو سار فيها سليمان لسار بترجمان ) كيف لا وقد كنت واحداً من الأسا طين في عالم المجنونة ، حيث احتار " جنّة وإنس المستديرةّ " أمام صلابة متاريس كأنما شيدت بزبر الحديد ، ووقفوا مشدوهين وهم يحاولون أن ينفذوا من خلال بوابتك الفولاذية عابرين لمرمي ً تقف ُ أنت أمام حارسه (ذلك القصير العملاق محمد الحسن ) فكانوا يحاولون معك بالترغيب تارة وبالترهيب تارة اخري ، حتي اذا مايئسوا منك " ولم ينالوا مرماهم " رموك بحجر وولوا مدبرين . فكنت ُ استشهدُ بك دوماً عندما اراك وانت تقاتل بهذه الشراسة مدافعاً عن " نجوم الشعبية " في رابطة ديوم بحري قبل انتقالك لنادي (العامل ) ( وتلك ملحمة أخري) وابتسامتك الوضيئة تزين وجهك الصبوح فاستذكر عندها "عنترة " وهو يستحضر" عبلاه " في اشد ساعات الوغي ليلبسها درراً منظومة من أبهي الكلمات . ما رأيتك يوماً مقطب الجبين ، ولعل هذه واحدة من اسرار " اكسير الشباب " المستدام ( خسئت عين لم تذكر الله عليك ) ، ما رأيتك يوماً في موقف لا يحب احد أن يُري فيه ، ما رأيتك يوماً وفي يدك " لفافة تبغ " وهي أدني المنكرات ، فحاشا لك من الكبائر . كنت ومازلت وستظل ذلك الأنسان الفنان المترف بالجمال ، والمتشبع بالحسن والخلق القويم ، ولن أنسي ابداً تلك الريشة الأنيقة التي كنت تمنح بها لوحاتك الفنية روعة وحسّاً تكاد تستنطق بها التصاوير العصية . اذن فلا غرو أخي مصطفي أن يكون انسان مثلك .. خلقه الباريء من " طينة العلماء " الممتزجة بكل ألوان ماء الجمال إلا رجلاً كتب الله له السعادة "رغم شقاء المهنة" وهيأه لأعظم وأنبل الرسالات الأنسانية وغسل وجدانياته من ينابيع الصفاء ليكون مصطفاً من بين رجالات العلم في بلادي ، فقد عرفتك ايضاً مربياً قبل أن تكون معلّماً من طراز فريد يكنّ لك كلّ اقرانك وطلابك من التقدير والأجلال ما قد يرقي "إن لم أبالغ " مرحلة " التقديس" وليس هناك اعظم تقديراً وأرقي شهادة من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم للمعلم حين قال ( الأ أخبركم بأجود الأجواد قالوا بلي يارسول الله قال : الله أجود الأجواد وأنا اجود ولد آدم ومن بعدي رجل علّم علماً فنشره ) فلله درّك من معلّم ، ولله درّ المعلمين . وليس في الأمر عجب إن جاء تكريمكم أخي مصطفي من شباب الشعبية فهم اكثر الناس دراية وعلماً بأستاذهم المنار .. وابنهم البار .. وعلمهم الذي علي راسه النار . ولا عجب ايضاً أن يكون علي رأس هذه الكتيبة التي قادت " ثورة الأفراح " ذلك الشاب الألمعي ، ذو الهمة والمعرفة بالناس ‘ خفيف الظل ، زاهي الحضور ، الممتليء نبلاً وإحساساً، والذي لازمته في غربة طويلة امتدت فوق العشرين كان فيها كما رأيته أول مرة في ذلك الحي الوديع لم يغرره بريق الأغتراب الزائف ، ولم تلهه اضواء الشهرة بالتواصل الحميم .. والتساؤل المستديم عن الصغير قبل الكبير، انه هو ..... صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو ) ولن اتحدث عنه كثيراً لأني أعرف طبعه جيداً فهو لايحب اللعب في مثل هذه " الخانات " وإن كان من اسف ولوعة بعدم تمكني من المشاركة في ذاك اليوم الأغر ، فلن يكون تأسفي وحسرتي أكبر من لوعة وحسرة كل ابناء الشعبية لغياب صديقك وحبيب الجميع أخي (عبد الهادي كوكو ) يرحمه الله ، فقد تخيلته وهو يطوف ارجاء الحفل يوزع ابتسامته البرئية بكل اريحيته وصفاء قلبه الطفل لكل الحضور في زمن عزّت فيه الأبتسامة . لك حبي وتقديري وعظيم امتناني أخي مصطفي . أخوك / صلاح الدين عبد الرحيم كوكو