محطة المظلة ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 08:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة جلال داوؤد(ابو جهينة)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-31-2006, 03:55 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محطة المظلة ...

    تبقى محطات الإنتظار كلافتة إندثرتْ معالمها ..
    تقف بمحطة البص غير بعيدة عن المظلة و هي تتأبط كتباً و دفاتر دون حقيبة ..
    تنتظر ( البص ) بإتجاه مدرستها الجديدة ..
    تنبثق أفكار مشوشة عن الطريق و ركاب المركبة و زميلات المدرسة.
    تتحسس ( ضفائر شعرها ) للتأكد من ثباتها..
    و تتحسس مصروفها في جيب زيها المدرسي..
    تحشر جسدها النحيل بين الركاب و تجلس مبهورة ..
    تبحلق من النافذة تراقب بيتهم و هو يبتعد رويداً رويداً
    يدخل مرمى بصرها منظر آخر..
    ها هي الأيام تلوك تروس حياتها الرتيبة و تمضغها بين طياتها لتلفظها في صفحة جديدة من صفحات الحياة ..
    يتداعى إيقاع حياتها منذ أن عرفتْ هذا الشارع و قبل أن تقوم المظلة منتصبة في منتصف الشارع ..
    تقطع الشارع مسرعة و هي تتلفت يمنة و يسرة عملاً بنصيحة أمها ..
    لم تكن تعلم بأن مظلة ( المحطة ) هذه ستكون جزءاً من حياتها يوماً .. بل و ستشكل إطار أيامها القادمات.
    تعتبرها كبيت العرس ..
    يجتمع الناس .. مثرثرين .. ثم تختفي كل الشخوص .. و لا يبقى منها ما يحفز الذاكرة لإسترجاعها ..
    تتعفر ساقاها بتراب السابلة و العربات ..
    مشاويرها بين بيتها و بين ( الدكان ) و ( الطاحونة ) و ( الفرن ) يجعلها تمر جيئة و ذهاباً على الواقفين في إنتظار البص.
    يتصالح لون بشرتها مع لون الشارع ..
    تنزلق كل حبات الغبار تحت مياة ( الماسورة ) التي تتوسط الحوض في فناء منزلهم ..
    تطأ بقدميها الحافيتين حبات الحصى هنا و هناك .. غير عابئة ..
    تتقافز و كأنها تلاعب صديقاتها لعبتهن المفضلة ..
    تقف متفرجة على تزاحم الواقفين للصعود على متن ( البص ) المتهالك ..
    بفضول زائد تتوقف لتعرف من ينزل من البص ..
    ( حجة سعاد .. شايلة قفة )
    ( قريب ناس نهلة شايل كيس فواكه )
    ( عمة صاحبتي نوسة المجنونة نازلة تحدث في روحا )
    و تراجع أسماء الأطفال في سرها ..
    تلَوِّح غير مبالية عندما يوليها البص ظهره
    نفس الوجوه كل يوم على محطة ( المظلة ) ..
    ( عم سالم ) بحذائه الرخيص تتسلل منه موجات الحرارة من سطح الأرض الملتهبة بأشعة الشمس التي ما فتئتْ ترسل لهيبها منذ بواكير الصباح .. يتصبب عرقاً لا يفلح منديله القطني القصير من جلْب الهواء المعدوم أصلاً .
    يقف وحيداً في إنتظار ( البص ) الذي لا تبدو أي بارقة أمل في وصوله.فيستند على حافة المظلة الأسمنتية .. تلسعه حرارة الإسمنت فيبتعد عنها ينظر إلى جهة قدوم البص كمن يبحث عن مواساة بالبحلقة بعيداً..

    يرفع رَجُلُ تكتنف أساريره موجة من القلق رأسه إلى ما تبقى من المكتوب على طرف المظلة :
    ( مظلة المرحومة الحاجة …………… ) و يتمتم بكلمات غير مسموعة و كأنه يترحم على روحها ..
    تلاشتْ بقية الحروف ..تماماً كدعوات الذين يقفون يومياً تحت المظلة إتقاء الهجير و القيظ .. فهي قد إندثرتْ منذ أن واروا جثمانها الثرى و نفضوا أيديهم عند الإنتهاء من تدشين هذه المظلة ..

    ( حاجة أمينة ) تحمل ( قفة ) فارغة .. و بيدها اليمنى ( مطْبقة ) تطبق عليها بقوة بيدها اليسرى...
    نفس الوجوه تتْرَى على المكان ..
    الغريب عن المكان يبدو كالوشم في ظاهر اليد.

    عجوز تتسارع وتيرة ما بين ( سفته ) الملفوظة و إخراج كيس ( الصعوط ) ليرمي بأخرى أسفل لسانه ..

    سقف المظلة لا يقي من زخات المطر المتلاحقة .. لا ينقذهم إلا قدوم ( البص ) يطلق صافرة كأنها آتية من جسم آخر .. يتمايل و كأنه سيرتاح طويلاً في ظل المظلة الذي لا يكفى الواقفين.
    أحكمتْ رباط الحزام و تأكدتْ من لمعان الحذاء ..
    تفرستْ في الوجوه ..
    لا غريب إلا شاب واحد تعتقد أنه يسترق النظر إليها ..
    ظلتْ تسمع يوماً بعد يوم صوتاً كانت تتخيله شخصاً يراجع دروسه هنا في العراء .. أو كمن يقرأ من ( جريدة ) ..
    لا تعير الصوت إهتماماً .. و لكنه كان كالذي يُلح عليها بأن تلتفتْ لترى المصدر ..
    بحذر إلتفتتْ نحو مصدره ...
    فوجدته يبتسم لها و يكرر نفس الكلمات ..
    تفحصته بسرعة من قمة رأسه إلى أخمص قدميه ..
    كان متأنقاً رغم ملابسه الرخيصة.. يعج شعر رأسه بسائل لامع .. ينحدر سائلاً قليلا على جبهته بفعل الشمس.
    فإيتسمتْ و هي تتذكر بقايا زجاجة ( الكريم ) الفارغة التي دلقتْ بداخلها بعض الماء هذا الصباح ليجود عليها ببعض ما تعلق بأركانه التي لعقتها أصابعها يوماً بعد يوم..
    تمادى الشاب قليلاً .. فرمى لها بورقة جرفتها نسمة هواء مباغته بعيداً .. فتبعها بناظريه و هو يتحاشى نظرات الواقفين الممتعضة..
    وجدته يوماً جالساً بقربها مبهور الأنفاس في مقعد البص..لا يكاد يجرؤ على النظر في عينيها ..
    عندما حاول أن يدفع عنها ثمن التذكرة عاجلت ( الكمساري ) بالثمن بنظرة إحتجاج صامتة .... فلامست ذراعها وجهه ..
    أحستْ بإنتفاضته و تبعثر كيانه .. و العرق يتصبب منه ليبلل ياقة القميص .. و يزدرد ريقه ...
    نهضتْ .. فأفسح لها المكان و هو لا يجرؤ على النظر إليها ..
    إنزلقت هابطة في محطة وُجْهَتها .. و هي تكتم ضحكة تعربد بدواخلها ..
    ظلت المحطة كما هي .. و الباص يلفظ فوجاً من البشر و يبتلع في جوفه كتلاً أخرى من الركاب ..
    و الشاب في حيرة بسبب غياب الفتاة كل هذه المدة.
    لا يدري من يسأل ....
    تقدم من العجوز .. و سألها بصوت خفيض : البت ال كانت بتمشي المدرسة كل يوم .. غايبة ليها كم يوم .. إن شاء الله هي بس طيبة ؟
    رمقته العجوز و هي تصلح من طرف ثوبها و قالت بإمتعاض : وكت إنت شفقان عليها ما تمشي تسأل عليها في بيتا..؟؟؟
    و لم تكمل .. و رمته بنظرة جعلته لها مغزى ، يتراجع إلى الخلف يلوك حيرته و إمتعاضه...
    البص يتهادى متمايلاً كعادته ...
    يلفظ و يبتلع ..
    تتسارع بقايا أوراق من الصحف القديمة و أكياس النايلون على أسفلت الشارع المتآكل .. يقف بعضها ليرتاح بالقرب من الكتل البشرية المتراصة في لا مبالاة و تواصل البقية ركضها كأنها على موعد في مكان آخر..
    يمر ( لوري تراب ) فيهيل على الواقفين زخات من ( السفاية ) ..
    و تمرق عربة مكشوفة يتكدس بصندوقها عدد من أفراد الشرطة يرمقهم المنتظرون بنظرة خاوية لا معنى لها ..
    بين مرور عربة و أخرى .. يخيم صمت مطبق .. كلٌّ غارق في دنياه و أمورها ..
    تتهادى سيارة فارهة تسير على مهل و كأنه متعمَّد ..
    إنفتح زجاج السيارة مع هبة هواء ساخنة من السموم .. ذكرته بالورقة التي رماها لفتاته ..
    لمحها على مقعد السيارة .. هي بعينها ..
    رمته بنظرة سريعة و سرعان ما تحولتْ مبتسمة إلى سائق العربة الفارهة ..
    أحس بأن سقف المظلة قد إمتد ليغطي الشارع كله .. و أنه هو الوحيد الواقف في المحطة ..
    تبعها بعينيه بنظرة بلهاء .. حتى توارت عن الأنظار ..
    إنتابه شعور لا هو بالغضب أو الإمتعاض .. و دخل في نوبة خواء شامل...
    أحس بأن أحداً يتفحصه خلسة ..
    فإلتفت .. ليرى العجوز التي سألها عنها تنظر إليه و في عينيها سؤال يكاد يفصح عن نفسه ...
    عندما أتى البص ..
    كان أول المندفعين إلى داخله يشق صفوف الزحام ..
                  

العنوان الكاتب Date
محطة المظلة ... ابو جهينة10-31-06, 03:55 AM
  Re: محطة المظلة ... انعام عبد الحفيظ11-08-06, 06:33 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-08-06, 09:02 AM
      Re: محطة المظلة ... انعام عبد الحفيظ11-08-06, 09:38 AM
        Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-11-06, 03:35 AM
  Re: محطة المظلة ... عمر الفاروق11-11-06, 04:06 AM
  Re: محطة المظلة ... معتصم دفع الله11-11-06, 04:37 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-12-06, 05:06 AM
  Re: محطة المظلة ... أبو الحسين11-11-06, 04:41 AM
    Re: محطة المظلة ... garjah11-11-06, 04:45 AM
      Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-14-06, 02:18 AM
  Re: محطة المظلة ... عمر الفاروق11-11-06, 05:25 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-11-06, 05:39 AM
      Re: محطة المظلة ... عماد محمود علي11-11-06, 06:19 AM
        Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-14-06, 04:25 AM
  Re: محطة المظلة ... بدرالدين شنا11-12-06, 07:23 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-13-06, 05:23 AM
      Re: محطة المظلة ... دورنقاس11-14-06, 02:37 AM
        Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-18-06, 03:45 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-15-06, 07:18 AM
  Re: محطة المظلة ... mamkouna11-14-06, 02:49 AM
    Re: محطة المظلة ... Mohamed Abdelgaleel11-14-06, 04:02 AM
      Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-19-06, 05:05 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-18-06, 01:49 PM
  Re: محطة المظلة ... Ishraga Haimoura11-14-06, 05:10 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-20-06, 04:37 AM
  Re: محطة المظلة ... Haytham Abdulaziz11-14-06, 12:24 PM
    Re: محطة المظلة ... Mutwali Malik11-14-06, 12:40 PM
      Re: محطة المظلة ... عبد الحميد البرنس11-18-06, 02:05 PM
      Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-22-06, 07:57 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-21-06, 04:08 AM
  Re: محطة المظلة ... محمد فرح11-22-06, 09:49 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-25-06, 06:59 AM
    Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-26-06, 03:12 AM
      Re: محطة المظلة ... ابو جهينة11-27-06, 03:03 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de