أماندا و الأبنوس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة جلال داوؤد(ابو جهينة)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-15-2003, 01:07 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أماندا و الأبنوس

    جنيف ،،، 1988
    فندق البوريفاج العتيق
    بموقعه الخرافي ،، يطل على بحيرة جنيف الجميلة ، و على أطول نافورة في العالم
    أقبع في غرفتي أطالع صحفا قديمة
    تعج المدينة بالبشر من كل أنحاء أوربا ،، عيد الزهور على الأبواب
    أتيتها من باريس برا
    قاد مرافقي المغربي السيارة من باريس إلى جنيف
    رحلة ستظل قابعة في قاع ذاكرتي ،، تقفز للمقدمة كلما سافرت برا بالسيارة من سواكن إلى الخرطوم بعد فصل الخريف
    الريف الفرنسي يكاد يجعلك لا تركز نظرك في إتجاه واحد
    تتلفت يمنة و يسرة حتى لا يفوتك شيء من هذا الجمال المستمر
    الخضرة في كل مكان
    الهواء العليل ( يرد الروح )
    عندما وصلنا جنيف ،، أوقفنا سيارتنا في مكان لم ننتبه إلى أنه ممنوع الوقوف فيه
    بكل لباقة خاطبنا العسكري الذي لا يلبس زيا رسميا :
    بنجور مسيوز ،، أنتم تقفون في الممنوع ،، من لوحة السيارة يبدو أنكم ضيوف ،، هل تريدون أي خدمة ؟
    شكرناه
    و إبتسم إبتسامة تشع لباقة و أدبا و أنصرف
    أنطلقنا نحو الفندق
    هذا الهدوء المخيم على المدينة الجميلة ،، يدخل السكينة و الطمأنينة إلى قلبك
    أكشاك صغيرة تملأ أطراف البحيرة
    تلوح هناك جبال الألب السامقة في إنتظار زخات الجليد و جموع السواح
    جسر خشبي صغير يفصلك عن السوق الذي يعج بمحلات الساعات و الأنتيكات و المشغولات
    المنازل الفاخرة ترقد على الضفة الأخرى من البحيرة
    أدمنت الجلوس على إحدى المقاعد و أطعام البط فتات الخبز
    نفس المقعد كل يوم و في نفس الوقت
    النظر للبحر يجعل عقلي يتمدد بإمتداد البحر و يربت على شعوري بالوحدة
    خلفي يقبع كشك صغير يبيع الآيس كريم
    فتاة في عمر الزهور ، بزيها الريفي تقف خلف طاولته
    بشرتها تحاكي لون الشفق في بداية الغروب
    وجه وديع مستدير ،، يذكرني بصورة فتاة مرسومة على علبة حلويات ( بوند ستريت ) التي كنا نشتريها أيام زمان في عطبرة
    شعر أشقر مجدول ينساب إلى ما أسفل خصرها ،، تلمع ضفيرتيه في ضوء الشمس كرقائق النحاس المجمر
    تحدق في ،، أحس بنظراتها تخترق ظهري
    ألتفت نحوها فتنشغل بعملها و نصف إبتسامة ترقد على جانب شفتيها
    ترمقني بعينين زرقاوين ،، يزيد من روعتهما لون بشرتها
    أجلس على المقعد ،، ألقي بفتات الخبز ،، و أستمتع بعراك البط عليه
    النظرات إياها أحس بها على ظهري تلسعني كشمس الظهيرة
    إلتفت بسرعة
    وجدتها تنظر إلي ،، لم تستطع أن تحول بصرها ،، تسمرت عيناها علي و كأنني أمسكتها بالجرم المشهود
    تقدمت نحوها و عيناى لا تفارقان عيناها
    صباح الخير
    فردت أولا باللغة الألمانية ،، ثم بالفرنسية
    أنت سويسرية طبعا
    قالت و هي تتلعثم : أمي ألمانية و أبي سويسري ثم أردفت : من أين أنت ؟
    هل يمكنك أن تخمني ؟
    أفريقي ،، أليس كذلك ؟ ،، و لكن من أين ؟
    سوداني
    فشخصت ببصرها بعيدا كأنها تستحضر خارطة العالم في مخيلتها ،، و حركت كتفيها دلالة على جهلها بمكان السودان
    ناولتني كوبا من الآيسكريم
    إسمي أماندا
    تحملق مبهورة ،، تتفرس في ملامحي بعناية
    قلت لها : إلام تنظرين ؟
    لونك جميل
    و أنا أعتقد أن لونك أجمل ،، و عيناك في زرقة البحر ،، و ....
    إحمر وجهها خجلا و أطرقت تتشاغل بعملها ،، توقفت عن وصفها
    قلت : هل هناك مانع لو دعوتك لتناول العشاء معي ؟
    ضحكتْ بعفوية طفل ،، لم أعرف إن كانت ضحكة موافقة أم إعتذار
    أعذريني لجرأتي
    قالت : لا عليك ،، أود ذلك
    أحاطها جو من الإلفة و الإطمئنان
    تتحدث معي ،، المشترون لا ينقطعون
    قلت لها : سأشغلك عن عملك ،، أراك فيما بعد
    أصرت على بقائي
    مدت يدها الصغيرة و تحسست يدي و كأنها تريد أن تتأكد من أن لوني حقيقي
    تركتها على سجيتها
    لغتي الفرنسية ضعيفة ، و إنجليزيتها أضعف ،، لذا كانت تتحدث و كأنها تلوك الكلمة قبل أن تنطقها
    أصححها فتبتسم فينفرج خداها عن غمازتين بحجم نبقة سدر
    دعتني للإحتفال معها بعيد الزهور في منزل أسرتها
    تسكن في منزل بأعلى الجبل ،، تطل منه على جنيف فتبدو لك المدينة كقطيع يرعى في واد زاهي الإخضرار
    أسرتها و بعض المعارف ،، الكل يحملق في طويلا ،، ثم ينقلب الإنبهار إلى عفوية و ترحاب و الكل يريد أن يقدم لك مشروبا
    عرفت أنها يتيمة الأبوين ،، تقوم عمتهاو زوج عمتها بتربيتها
    شربوا نخبي أكثر من كأس
    لا أدري ما كانوا يقولونه عند كل نخب ،، أغلبهم يتحدث الألمانية التي تشابه صهيل الخيل
    رقص كرقصة الدبكة اللبنانية ،، و الكل يرقص ،، و الوجوه في حمرة الجمر بفعل المشروب و الضحك و الإبتهاج
    أتابع المنتشين ،، فأجدها تتابعني بنظرات فاحصة لم أستطع ترجمتها
    عيد الزهور عالم ثان في هذه المدينة
    يختلط حابل الزهور بنابل خليط البشر ،، كرنفال من الألوان و إحتفالية تضمخ الجو بعبق فواح
    أقفلتْ المحل ،، و هرعت إلي و أنا أمارس هوايتي مع البط على البحيرة ،، جذبتني من يدي و أمسكت بها بقوة ،، و إنطلقتْ بي وسط الجموع
    قالت و هي تنضح بالفرح و تضج بالسعادة : هذا يوم عيد ،، دعنا نمرح
    كانت فرحة جزلى و كأنني ذلكم الفارس الآتي على صهوة جواد كى يختطفها و ينطلق بها إلى عالم منسوج من الأحلام
    ( إيه أيتها الأقحوانة الجبلية ،، عالمي غابة تعج بلأفاعي و الذئاب ،، أتتركين هذه الجنة لصحرائي لتذوبي بين حبات رمالها الحارقة ؟ لم تسأليني حتى عن حياتي و عن سيرتي ،، )
    ببشرتي السمراء ،، و يدي التي تمسك بها صبية في لون الورد،، شعرت و كأنني عصفور أغبش يحلق فوق غابة من زهور الأوركيد و البنفسج
    إنغمست في الأيام التالية في مهمتي التي أتيت من أجلها
    تسارعت وتيرة عملي
    توقفت حتى عن هوايتي مع البط عند البحيرة
    شيء ما في دواخلي يدعوني للإبتعاد عنها
    أخافني تعلقها بي
    وجدت أكثر من رسالة لي منها في غرفتي
    إستغرقني العمل تماما
    رأيتها تقف حزينة عند باب الفندق
    أمسكتها من يدها الصغيرة الباردة
    قالت و حزن عميق يغلف صوتها : لم تهرب مني ؟ هل أغضبتك في شيء ؟
    لا ،، و ألف لا ،، لم أهرب ،، كل ما في الأمر أنني مشغول
    و لكن لديك وقت للراحة ،، لم تعد تأتي
    أعذريني ،، سأسافر بعد غد إلى مدريد
    قالت و هي تركز عيناها في عيني و تزدرد ريقها : سآتي معك.
    لا يمكن أن تأتي معي ،، فأنا في رحلة عمل ،، لن أجد متسعا من الوقت لك
    قالت متوسلة : سأسبقك إلى مدريد في كل الأحوال
    أوعدك وعدا صادقا بأنني سأعود
    متى ؟
    ربما بعد ثلاثة أشهر ،، أنا أعرف أين تسكنين ،، سأزورك
    هل ستحادثني و تكتب إلى ؟
    بالطبع
    لقد وعدتني
    وجدتها تنتظرني في بهو الفندق لتودعني
    أحس بنظرات ملأى بحب الإستطلاع و الفضول ترمقني و أنا ممسك بيديها
    إلى اللقاء
    عيناها مفعمة بدمعات تتساقط متقطعة
    خلت للحظة أن دموعها ستنزلق زرقاء كلون عينيها
    أعطتني علبة ملفوفة بعناية
    نظرت إلي مطولا بصمت فصيح
    ودعتني ،، و هرولت مسرعة دونما إلتفاتة أو كلمة
    وددت أن أناديها ،، أحجمت لسبب لا أدري كنهه
    وقفت أحدق في الزحام و هي تتوارى فيه
    ندمت أنني أهملتها كل هذه الفترة
    أرهقني إخلاصها و صدقها
    عذبني هروبي
    و في الطائرة فتحت العلبة
    كانت ساعة جميلة و أنيقة،، حفرت خلفها إسمها و تاريخ لقاءنا
    إحتضنت الهدية مطولا في راحة يدي ،، و كأنني أحس فيها بأنفاسها المتلاحقة و نبض قلبها ،، وضعت الساعة على أذني ،، دقاتها تردد صدى ضحكاتها العفوية
    مال زميلي ليراها ،، فدسستها في جيبي
    من نافذة الطائرة ،، كانت كل قمم الجبال كأنها رؤوس تماثيل تحاكي وجهها الطفولي ،، و في أذني يرن صوتها المتلعثم يلوك كل كلمة قبل أن تنطقها
    ما زالت عقارب الساعة تذكرني بها ،، و بخفقات أجنحة البط على البحيرة ،، و بموسيقى الريف تلك الليلة في أعلى الجبل

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 11-16-2003, 02:55 PM)
    (عدل بواسطة ابو جهينة on 11-18-2003, 01:36 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-15-03, 01:07 PM
  Re: أماندا و الأبنوس tabaldy11-15-03, 02:07 PM
    Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-15-03, 02:23 PM
  Re: أماندا و الأبنوس aba11-15-03, 02:24 PM
    Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-15-03, 02:27 PM
  Re: أماندا و الأبنوس بلدى يا حبوب11-15-03, 03:13 PM
    Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-16-03, 09:42 AM
      Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-16-03, 09:41 PM
  Re: أماندا و الأبنوس 3mak Hasabo11-17-03, 00:54 AM
    Re: أماندا و الأبنوس haneena11-17-03, 03:16 AM
      Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-17-03, 09:47 AM
        Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-17-03, 09:49 AM
      Re: أماندا و الأبنوس انا بنت النيل11-17-03, 10:08 AM
        Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-17-03, 10:18 AM
          Re: أماندا و الأبنوس انا بنت النيل11-17-03, 10:39 AM
  Re: أماندا و الأبنوس ودقاسم11-17-03, 10:53 AM
    Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-17-03, 11:31 AM
      Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-17-03, 11:35 AM
  Re: أماندا و الأبنوس بدرالدين شنا11-17-03, 07:04 PM
    Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-18-03, 10:54 AM
      Re: أماندا و الأبنوس إسماعيل وراق11-18-03, 10:59 AM
        Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-18-03, 11:17 AM
          Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-22-03, 11:46 AM
            Re: أماندا و الأبنوس bunbun11-22-03, 12:35 PM
  Re: أماندا و الأبنوس حمزاوي11-22-03, 01:01 PM
    Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-22-03, 01:20 PM
      Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-22-03, 01:21 PM
        Re: أماندا و الأبنوس nassar elhaj11-22-03, 03:15 PM
          Re: أماندا و الأبنوس إيمان أحمد11-22-03, 07:32 PM
            Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-23-03, 10:23 AM
              Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-23-03, 10:26 AM
                Re: أماندا و الأبنوس nassar elhaj11-27-03, 05:14 PM
                  Re: أماندا و الأبنوس ابو جهينة11-29-03, 10:01 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de