الشريط ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة جلال داوؤد(ابو جهينة)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-28-2005, 04:46 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشريط ...

    بعد عدة رسائل إلى زوجها كان يكتبها لها شقيقها الصغير .. إعتقدتْ علوية إلى حد الإقتناع بأنه ربما كان شقيقها لا يستطيع التعبير كتابةً عن ما تمليه عليه ، أو من المحتمل أن يكون لا يكتب كل شيء و يقوم بإختزال تعابيرها.

    ( و قول ليه نحن كلنا مشتاقين ليك شوق شديد ما بتْوصف .. و راجين يوم رجعتك و بنعاين ليك زى هلال رمضان ).

    و تصر عليه بأن يكتب كل شاردة و واردة من كلامها ، ثم تجعله يقرأ ما كتب ، و رغم هذا فهي تعتقد بأنه ربما يكون قد أخطأ في نقل أحاسيسها بكل عمقه.
    تشرح له و هي لا تفصح عن كل مكنوناتها و كأنما تريده أن يفهمها و من ثَم يقوم بتفصيل و تشريح مقاصدها.

    أطلقتْ آهة و زفرة طويلة : العرس كان ملحوق يابوى الله يرحمك .. التعليم كان أهم.

    توشحتْ ( توب الجيران ) الوحيد و ذهبتْ لست سعيدة المعلمة و هي تنوي أمراً حسمته في لحظة حنق و ضيق.
    شكتْ إليها هواجسها من تقصيرٍ مزعوم من شقيقها حيال نقل كلماتها بصدق إلى زوجها ، و طلبتْ منها إعارتها ( المسجل و شريطاً فارغاً ) ..
    إبتسمتْ ( ست سعيدة ) و مازحتها : يللا روحي كُبي كل ال في قلبك الليلة في الشريط.
    ليلتها و بعد أن أكملتْ كل أعباءها المنزلية .. دلفتْ غرفتها و أغلقته من الداخل و إنبطحتْ على بطنها على السرير الخشبي .. ثم تنحنحتْ و تلفتتْ متوجسة و كأن هناك من يسترق السمع.
    قرَّبتْ فمها من المسجل و قالت : ألو .. ألو .. شريف .. إزيك .... إنت سامعني ؟
    ثم أعادت الشريط من أوله و إستمعتْ إلى كلماتها و هي سعيدة كما لو إكتشفتْ عالماً مجهولاً تطؤه بقدميها لأول مرة. فهي لأول مرة تسمع صوتها ينبعث من جهاز أصم.
    ثم بدأتْ حديثها ذي الشجون.
    بدأته بشوقها .. و بلياليها الطوال وحيدة تحدق في السقف .. و رسائلها التي تشك في صياغتها و في وصولها إليه أصلاً. ثم تخلل شوقها المبثوث مقاطع من أغنيات جديدة لم يسمعها شريف من قبل .. ترنّمتْ بها بكل خلجة من خلجاتها ... يمازج غناءها مشروع ضحكة على محاولاتها.

    ( ما تضحك على صوتي يا شريف .. أوعدك إنو أرسل ليك الأغاني دي في شريط ) ..

    و تواصل التسجيل و هي تفرك قدماً بقدم مستلقية على بطنها تداعب ( مسايرها ) المعطونة ( كركاراً ).

    ( فاطنة سافرت لي راجلا .. و كمان بتول .. ديل كلهن إتزوجن بعدي .. إشمعنا أنا دي القاعدة هني .. يا تعال يا رسل لى أجيك يا شريف .. ) ..

    و إختتمتْ الشريط بقائمة طويلة من الطلبات .. بدأتْها بأنواع ( التياب ) و الروائح و إنتهاءاً باللبان اللادي و بخور الند و سجاد الصلاة و مسابح من تلك التي ( تنور بالليل).
    ثم أخرجت الشريط و قبلته من الجانبين .. و لفته بقطعة من القماش و خاطته بخيط متين.
    و في الصباح الباكر إنطلقتْ به إلى الحاج (نورالدين) المسافر لأداء العمرة ليسلمه إلى زوجها.
    وقف الحاج نورالدين يلوح بيديه للمودعين و المركب الشراعي ينطلق بهوادة على صفحة النيل للضفة الشرقية ليستقل منها اللوري المتجه شمالاً في بداية رحلة تتنوع فيها سبل التنقل و السفر براً و بحراً و جواً.
    لولا حياءها لهتفتْ بالحاج نورالدين من وسط الجموع أن يضع الشريط جنباً إلى جنب مع ( الباسبورت الخاص به ) إمعاناً في أن يكون محفوظاً و مصاناً.
    و ظلتْ تترقب الرد .. إما شريطاً مماثلاً .. أو أحد القادمين يبشرها بأن أوراق سفرها في معيته و حوزته.
    كلما راحت للسلام على أحد القادمين من السفر .. تتوقع أن يأخذها منفردة و يهمس لها بالأمل الذي يرقد كجذوة نار في دواخلها.
    ( الله يسامحك يا شريف .. الناس بقتْ زى ال بتعرف أنا راجية شنو ) ..

    تحاول أن تتذكر كل كلماتها التي سجلتها بالشريط.
    تتأسف أحياناً على كلام لم تقله .. و أحياناً على لوم لم يكن ضرورياً.
    و ظلتْ تنتظر. و عجلة حياتها رتيبة رتابة أيام القرية و سكانها.
    و ذات صباح لن تنساه ...
    و من آخر القرية .. أتى خبر زلزل كيانها فرحاً ..
    فقد بشرها شقيقها بأن ( إسماعيل) أتى البارحة و قال له بأن لديها أمانة معه من زوجها.
    لم تنتظر حتى تكمل بقية أعباءها المنزلية.
    حشرتْ قدميها في أقرب ( شبشب) ثم إنطلقتْ لا تلوي على شيء.
    سلمتْ على القادم و هي تستحثه بعينيها لكى يعطيها الأمانة.
    و رغم أنها كانت تتوقع خبراً عن سفرها إليه .. إلا أن الشريط في يد إسماعيل كان كالكنز النفيس.
    إستلمتْ الشريط و لم تنتظر حى تكمل كوب العصير المقدم لها.
    إستلفتْ المسجل مرة أخرى من (ست سعيدة).
    هرعتْ إلى غرفتها و أغلقتها من الداخل بعد أن قالت لأمها : يمة .. إتغدوا أنا ما دايرة آكل حسع .. باكل بعدينك.
    إبتسمتْ أمها إبتسامة ذات مغزى و هي تشيعها بنظراتها إلى باب غرفتها.
    إحتضنتْ المسجل و حشرتْ فيه الشريط .. و جلست القرفصاء وسط غرفتها على برش مهتريء.
    و بد لها الوقت دهراً حتى إبتدأ الشريط يلفظ حديث زوجها :

    ( حبيبتي و نور عيني و شمعة ظلام غربتي .. )

    إلى هنا رقص قلبها طرباً و تفتحتْ كل مساماتها لتستقبل هذا البوح الذي يهدهد كيانها الملتاع.
    و إبتلعتْ ريقها مراراً ..
    ثم أعادت الشريط من أوله لتستمع إلى هذه الكلمات الست. فهمستْ : أنا شمعتك يا شريف و مخليني الزمن دة كلو ؟
    ثم واصل صوت زوجها :

    ( سلام كتير و شوق ما بقدر أوصفو .. شوق حراق يحرق حشاى ليل نهار .. بشوفك في الشغل و في السكة و في البيت و في السكن و أنا باكل و أنا بلعب كوشتينة مع العزابة ال معاى .. أما الأحلام بالليل .. خليها على الله .. لو قلت ليكي كل يوم بحلم بيكي يمكن ما تصدقي ) ..

    إلى هنا إستطاعت أن تسمع دقات قلبها بوضوح تام تسابق الشريط في جريانه .. فتمتمتْ في سرها : ما قلنا كدة ما صدقتونا .. يادوبك عرفت الشوق دة شن بيسوي ؟
    ثم واصل زوجها عبر الجهاز القابع في حضنها :

    ( طبعاً ما حأقدر أجي السنة دي برضو .. صاحب الشغل مبسوط مني و زاد لى المرتب و حيديني بدل الإجازة قروش و يعوضني عنها .. عشان كدة ما بقدر أجي .. سامحيني .. )

    غاص قلبها بين ضلوعها .. و لكنها واصلت الإستماع:

    ( قلت لصاحب العمل أنا ما بقدر أقعد هنا عزابي أكتر من كدة . عشان كدة لو سمحت أنا بستقدم زوجتي تعيش معاى هنا عشان شوية الغربة تبقى هينة و لينة ) ..

    كادت علوية أن تزغرد .. و لكنها واصلت الإستماع :

    ( الخبر الجميل يا حبيبتي إنو وافق .. و حسع قاعد أعمل ليكي في الإجراءات ) ..

    قبلتْ المسجل عدة مرات و إحتضنته ليلاصق وجنتيها المحمرتين فرحاً و سروراً.

    ثم واصل : ( شوفي يا ناهد .. أهم حاجة إنو التوكيل ال مع إسماعيل تسلميه لخالك سليم عشان يقوم بكل الإجراءات .. العقد و إستخراج الجنسية و جواز السفر و لما أرسل ليكي التأشيرة برضو هو يقوم بالإجراءات في الخرتوم .. )

    إتسعتْ حدقتا علوية .. بدا لها المسجل و كأنه حيوان له أنياب و أظافر يكشر عن وجه قبيح لينقض عليها ..
    أعادت المقطع من جديد و هي في ذهول : ( شوفي يا ناهد .................................. ) ..
    ناهد ؟
    إن كان قد أخطأ في إسمها .. فما حكاية التوكيل و العقد و الخال سليم ؟
    أعادت الشريط من الأول لتتأكد من أن الصوت هو صوت شريف ..
    ضربتها كلمة ( ناهد ) في قاع نافوخها بمطارق عنيفة .. فتحول كل ذلك الكلام الحلو الذي في المقدمة إلى شيء كفحيح الأفاعي .. فسحبتْ الشريط مرة أخرى إلى المقطع الذي أطلق عليها رصاصة الذعر ..
    ظلتْ تستمع إلى المقطع حتى حفظته و هي تنظر إلى لا شيء ..
    أفاقت على الطرق المتواصل على باب غرفتها و صوت أمها يقول : علوية أفتحي الباب .. إسماعيل عاوزك.
    هرعتْ إلى الباب و هي تؤمل أن يكون الشريط ليس من شريف ..
    قال لها إسماعيل و هو يبدي قلقاً واضحاً : معليش يا علوية أنا أديتك شريط ما حقك.
    قالت بلهفة يشوبها الأمل : بس دة صوت شريف.
    قال إسماعيل : معليش يا علوية أديني الشريط .. أنا موصل بس .. و ما على الرسول إلا البلاغ ..
    ظلت علوية تردد كمن أصابتها هلوسة من جراء الحمى : بس دة صوت شريف .. بس دة صوت شريف يا خواني. صوت شريف ما بغباهو.
    دخل إسماعيل و أخذ الشريط و هو يضع في حسبانه المشاكل التي تنتظره هنا من أهل ناهد الذين سيعتقدون أنه أراد أذكاء نار القتال مبكراً بين علوية و ناهد .. و التقريع الذي سيناله من شريف عند عودته فقد يظن أنه أعطى علوية زوجته الشريط عن قصد حتى يفسد عليه موضوع محبوبته ناهد ..
    علوية .. من يومئذ .. كرهتْ هذا الإختراع المسمى ( مسجل ) .. و تنفر جافلة إن رأت شريطاً حتى و إن كان مترعاً بأغانيها المحببة.

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 09-28-2005, 05:01 AM)
    (عدل بواسطة ابو جهينة on 09-28-2005, 11:45 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
الشريط ... ابو جهينة09-28-05, 04:46 AM
  Re: الشريط ... إسماعيل حميم09-28-05, 06:53 AM
    Re: الشريط ... عبد الله عقيد09-28-05, 07:13 AM
      Re: الشريط ... sharnobi09-28-05, 10:05 AM
        Re: الشريط ... ابو جهينة09-29-05, 03:22 AM
  Re: الشريط ... صديق الموج09-28-05, 10:08 AM
    Re: الشريط ... manubia09-28-05, 10:22 AM
      Re: الشريط ... ابو جهينة09-28-05, 11:07 AM
        Re: الشريط ... ابو جهينة09-28-05, 11:56 PM
          Re: الشريط ... ايهاب09-29-05, 03:35 AM
            Re: الشريط ... ابو جهينة09-30-05, 05:12 AM
      Re: الشريط ... ابو جهينة09-29-05, 04:55 PM
    Re: الشريط ... ابو جهينة09-29-05, 10:22 AM
  Re: الشريط ... قرشـــو09-29-05, 04:11 AM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-01-05, 00:40 AM
  Re: الشريط ... ابو مهند09-29-05, 04:28 AM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-01-05, 03:06 AM
  الشريط ... Ahmed Daoud09-29-05, 05:58 AM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-01-05, 04:39 AM
  Re: الشريط ... DKEEN09-29-05, 06:54 AM
    Re: الشريط ... waleed50009-29-05, 10:41 PM
      Re: الشريط ... ابو جهينة10-02-05, 01:21 AM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-01-05, 12:25 PM
  Re: الشريط ... بدرالدين شنا09-29-05, 11:29 PM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-02-05, 01:26 AM
  Re: الشريط ... عزاز شامي09-30-05, 08:08 AM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-02-05, 04:54 AM
  Re: الشريط ... ShiningStar09-30-05, 02:35 PM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-02-05, 05:54 AM
  Re: الشريط ... كوليل09-30-05, 03:30 PM
    Re: الشريط ... عبد الحميد البرنس09-30-05, 07:41 PM
      Re: الشريط ... ابو جهينة10-02-05, 11:26 PM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-02-05, 11:03 AM
  Re: الشريط ... بدرالدين شنا10-01-05, 01:43 AM
  Re: الشريط ... أبوذر بابكر10-02-05, 01:32 AM
    Re: الشريط ... صلاح الدين عبدالله محمد10-02-05, 05:22 AM
      Re: الشريط ... ابو جهينة10-03-05, 07:10 AM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-02-05, 11:24 PM
  Re: الشريط ... مصدق مصطفى حسين10-02-05, 05:20 AM
    Re: الشريط ... ابو جهينة10-03-05, 01:17 PM
      Re: الشريط ... ابو جهينة10-04-05, 01:25 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de