تطرقت في أعداد سابقة وتحت هذا العنوان لحلقات من السرد التاريخي المر والذي لم يكن منه بد إذا أريد للعلاقة الوطيدة والأزلية بين الشعبين الشقيقين أن تستمر وتزدهر على أسس من التقدير والإحترام المتبادل وحرص كل طرف على مصالح الآخر بعيدا عن ما يحاول البعض إثارته من إدعاءات بحق تاريخي في أرض أو سيادة خاصة وأن الحكومات الوطنية المصرية التي تعاقبت على حكم مصر بعد ثورة 23 يوليو إلى هذا العهد لم تتبني هذه الأفكار أو تنتهج نهجا يدعو للإنتقاص من إستقلال وسيادة السودان وحري بهذه الأقلام والأصوات النشاز أن تحترم موقف مصر الرسمي والشعبي وتوظف جهدها وفكرها لما يخدم العلاقة التاريخية بين الشعبين ويدفع بها إلى آفاق أرحب وإجدى في عالم ملئ بالتكتلات الإقليمية والدولية تحقيقا للمصالح الوطنية لكل دولة.
مثل هذه الدعاوى البالية لا تلقى أي رواج عند الشعب المصري الذي أستطيع القول جازما وتلك حقيقة لا ينكرها إلا مكابر..أن الشعب المصري دونا بقية الشعوب العربية لا يعرف العنصرية ولا يمارسها ضد أحد ولا يعرف القبلية والتعصب بل أنه الشعب الوحيد الذي يتقبل كل جنسيات الأرض ويتعامل معها باحترام فلا الإنسان المصري ولا القوانين المصرية تنحاز إلى المواطن المصري في مواجهة الأجنبي بل إن العكس هو الذي يحدث في غالب الأحيان ومن يقول بغير ذلك فما عليه إلا أن يتمشي في شوارع القاهرة وحواريها ليجد كل ألوان وأعراق وإنتماءات الشعب السوداني تعيش في قلب المجتمع المصري وتتفاعل معه دون أن يسمع أحدا منم كلمة ( يا أجنبي ) ، وبالطبع فهنالك تواجد آخر يمثل جميع جنسيات قارتي أفريقيا وآسيا فتحت لهم المؤسسات التعليمية أبوابها دون تمييز.
خصوصية العلاقة بين الشعبين المصري والسوداني تتجلي واضحة في سهولة إندماج المواطن السوداني في المجتمع المصري وسهولة تعامله مع الإخوة المصريين وعلى كل الأصعدة..لن تجد حيا واحدا من أحياء القاهره أو في غيرها من مدن ومحافظات مصر إلا وبه عدد لايستهان به من الأسر السودانية تعيش في جيرة متناغمة وحميمة مع الأسر المصرية التي تجاورها ويتشارك الجميع أفراحهم وأحزانهم ومامن مدرسة واحدة في مصر من شمالها إلي جنوبها ومن شرقها إلى غربها إلا وبها أبناء السودان من الجنسين يعاملون على قدم المساواة مع أقرانهم من المصريين والجامعات المصرية لا تخلو واحدة منها من طلبة وطالبات السودان الذين يحظون دونا عن سائر الجنسيات الأخرى بمعاملتهم معاملة الطالب المصري..وتعال إلى السودان فستجد أن المواطن المصري يلقى نفس المعاملة من أشقائه في السودان كل هذا يبرهن على أن عوامل التقارب والوحدة متوفرة أكثر من عوامل الفرقة والقطيعة ولو إرتقت الأجهزة الرسمية والإعلامية في البلدين إلى مستوى تعامل الشعبين لكان لمصر والسودان شأن آخر .
كمواطن سوداني أعي تماما أن تنامي عدد السكان في مصر لا يتناسب مع مساحة الأراضي المناسبة للزراعة أو إنشاء تجمعات سكانية منتجة الشئ الذي ستزيد معه معاناة مصر على المدى المتوسط والبعيد ففي أي إتجاه ستبحث مصر عن فك ضائقتها وإيجاد مخرج لتوسيع رقعتها الزراعية لضمان أمنها الغذائي وبالتالي خلق فرص عمل للأعداد المتزايدة الباحثة عنها؟؟ قطعا لن نقول لهم أذهبوا شمالا حيث البحر الأبيض المتوسط..المخرج الوحيد هو أن تصفو النيات الرسمية ويمكن الشعبان من ضم جهودهما لإنشاء مشاريع زراعية ومشاريع إنتاج حيواني ضخمة بصناعاتها المصاحبة في السودان وهذه بدورها ستصاحبها تجمعات سكانية من أبناء البلدين من شأنها أن تشكل أياد عاملة ومنتجة لخير البلدين والشعبين. كل هذا بل أكثر يمكن ان يتم ولكن..في ظل علاقة تقوم على الإحترام المتبادل ومراعاة مصالح الشعبين بعيدا عن الشعارات الجوفاء والإدعاءات البالية التي لا تجلب غير الحساسيات والجفوة والقطيعة..فهلا سموتم معشر الرسميين والإعلاميين والمثقفين إلى مستوى العلاقة والتراحم بين الشعبين وشمرتم سواعدكم وشحذ أصحاب الأقلام عقولهم قبل اقلامهم متخلين عن التركة الفكرية الإستعمارية الموروثة ليتقدم الجميع خطوة حقيقية على طريق الوحدة الإقتصادية ؟؟؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة