الاستاذ شوقي بدري يكتب/ النسخة الامدرمانية من ريا وسكينة / قضية الشنطة الشهيرة

Quote: الانجليز لا يفوتوا لا يموتوا نحن نحسب ان كل الانجليز الذين اتوا للسودان كانوا متغطرسين استعمارين اتوا لمص دماء السودان و نهب خيراته . هذا قد يكون حقيقه فيما يختص بالبعض و لكن الكثيرين احبوا السودان و احترموا اهله و اعجبوا بهم و كتبوا الكتب و المواضيع عن روعة السودانيين . و كما ذكر مزمل غندور في كتابه امدرمان ان امراه تقدمت بعريضه لمفتش امدرمان المشهور برمبل لكي يعطيها رخصة دكان لان والد اطفالها قد توفي . و هذا اثناء مروره اليومي في امدرمان . فصدق لها برمبل بالرخصه مباشره و عزاها في زوجها و ادخل يده في جيبه و اعطاها من ماله جنيها ( كعادة الكشف في البكاء ) فقالت السيده ( الانجليز لا يفوتوا ، لا يموتوا ) . سمعت عن الاخ امير الصاوي الذي كان سفيرا في لندن و احد رجال السلك الاداري في السودان قديما ان القانون لم يكن يسمح بان يمر اكثر من اسبوعين لتنفيذ حكم الاعدام علي اي مسجون . و في نهاية الاربعينات او بداية الخمسينات حكمت محكمه كبري مكونه من قاضي مديريه و نائبه الانجليزي و العمده الزين في الابيض علي قاتل بالشنق . و قبل التوقيع علي الحكم ، انطلق العمده الزين الي الباديه و تاخر التوقيع ثم ارسل الامر الي قاضي القضاة في الخرطوم لان كل احكام الاعدام تصدق من الخرطوم . و القطار كان مره في الاسبوع . و عندما استلم قاضي القضاة البريطاني امر الاعدام ارسل برقيه الي الابيض يوبخهم علي ( العمل الغير انساني ) و معاناة المحكوم عليه بالاعدام و يقول ( ارجو تبليغ السجين بانه لن يشنق . و سارفع انا الامر للحاكم العام ) . في كتاب دفع الافتراء للاستاذ محمد عبدالرحيم ذكر ان بدوي اتي للمفتش الانجليزي حاملا خطاب . و كان الخطاب امرا بشنق حامله لعدم وجود مشنقه في مكان المحكمه . و دهش المفتش الانجليزي عندما عرف بان الرجل يعرف محتوي الخطاب ، فضن به علي الموت . و اتصل بالحاكم العام و كل من يهمه الامر الي ان عدل الحكم الي السجن . و في احد المرات تعرض سجين في سجن كوبر الي ثلاث محاولات شنق و لم يمت السجين و عندما اراد مامور السجن البريطاني اعادة الكره ، وقف احد الضباط الانجليز بينه و بين المسجون قائلا ( لن تشنقه بعد هذا ، لقد تعذب بما فيه الكفايه ) ، و تغير الحكم الي السجن . عمنا عمر عبدالله الكارب من اول السودانيين الذين عملوا في مشروع الجزيره ، و له كتاب وثائقي اسمه الجزيره قصة مشروع و رحلة عمر . تحدث فيه عن تجربته و سيطرة الشوام علي المشروع و عند وداع زميلهم رزق الله السوري الذي نقل الي تفتيش اللعوته ودعه العم الكارب بقصيده منها : بعد زمنا قريب تترقي احسن كاتب و كل الناس تقول رزق الله يا باشكاتب فاستدعاه مستر رايت و ساله عن امر القصيده فقال عمنا الكارب ان فيها تظلم لحالة السودانيين مقارنه بزملائهم الاجانب الذين هم في نفس مستواهم او اقل . مثلا امام حاج عمر تعين في سنة 1925 بثلاث جنيهات و هو الان بعد سبع سنوات ياخذ عشر جنيهات . و مقارنه بجبرا عبجي الذي تعين بعشرين جنيه في سنة 1930 و بعد سته سنوات صار مرتبه 30 جنيه و شقيقه يوسف وضعه مميز . و النتيجه ان عبجي فصل و تقدم شقيقه يوسف باستقالته . و منحنا امام و انا منازل افضل بفرندا اماميه و اخري خلفيه و حمام و مرحاض داخل المنزل ، و صار امام مديرا لمكتب المدير . لم يدر بخلدي ابدا ان تلك القصيده الهزليه التي ودعنا بها صديقنا رزق الله سيكون لها هذا الاثر . الاستاذ محمد حمزه طيب الاسماء كان ظابط مدرسة الاهليه في امدمان و هو من سكان توتي . و عدما اراد الانجليز تخطيط توتي ، رفض سكان توتي و كان الاستاذ طيب الاسماء علي راس اهل اتوتي في نقاشهم مع المفتش . و عندما احتد النقاش صفح الاستاذ المفتش الانجليزي حتي القاه ارضا . و لم يتعرض لاعتداء او اهانه و حكم عليه ببضعه شهور في السجن بتهمة التهجم علي موظف اثناء تادية الواجب . و عندما سجن نفس الاستاذ في ايام الحكم العسكري الوطني وجد كل انواع الاهانه من بني وطنه . ابن عمتي محمد عبدالمجيد علي طه الذي كان من الاولاد ( الشفوت ) في المدرسه و اتعب اهله . و اخيرا عمل ككاتب في الحصاحيصا . و لم يكن ادائه جيدا و عندما قرعه المفتش الانجليزي رفع ماكينة الكتابه و ضربه بها علي راسه . و كانت ماكينه الكتابه وقتها ثقيلة الوزن و كان من الممكن ان الامر يعتبر شروع في القتل . و تقبل المفتش الوساطات و حكم علي محمد بسته شهور في السجن لم يقضي الا بعضها . عندما هاجم فتوات المورده المفتش الانجليزي جري امامهم و دخل منزل الخاله كيكونه والده لاعب الكره بنضر . و هي سيده مهابه حباها الله ببسطه من الجسم ، فخبأته و خرجت لهم بالمرق . و حكم علي المطاردين بالغرامه و بضع اسابيع في السجن . ماذا كان سيحدث الان اذا تعدي الانسان علي احد رجال الانقاذ . في نفس كتاب عمنا الكارب و في صـ124 نجد كان المزارعين يعرفون انني في المدرسه و ادرس الانجليزي فقال لي احدهم مشيرا للمفتش الانجليزي ( كلم البومه ده ، عاوزين تقاوي للرقاعه ) و لما اخبرته بطلباتهم باللغه الانجليزيه و عرف انني طالب بمدرسة ودمدني الوسطي كان يحضر لي كلما تازمت الامور . و اصبحت صداقه و اهتمام و كان يحضر لي الجرائد و الكتب الانجليزيه . هذا المفتش مستر ساندرس اشتبك مع سائس . و كان السائس من اولاد الجعليين الذين حضروا من الزيداب و ضربه بالسوط . فلم يكذب السائس و اخذ عصاه و اخذ يضرب المفتش و روي ان المفتش جري و بكي و استغاث الي ان ادركه بعض عمال المكتب . و حكم علي السائس بستة اشهر سجنا لانه اخطا و اخذ القانون بيده . و غرم المفتش لانه اخطأ في البدايه . و اختفي المفتش باعادته الي بلاده . و من هذه الاحداث حادثة في قسم الحوش ، عندما ضرب احد المفتشين مزارعا و سبب له جرحا . و تجمع المزارعو ن و هرب المفتش الي مكتب رئيس القسم . و تولي الرئيس و العمده و الناظر و اهل المزارع الموضوع ، و قدمت شكوي لمدير المديريه ( مستر بيدن ) . و تم تغريم المفتش حسب قرار الطبيب . و اعتذر المفتش للمزارع و سلم علي راسه ، و قبل المزارع الاعتذار و تسلم التعويض بحضور العمده و الناظر . و استقال المفتش . بشري محمد سعيد طالب من الحلاويين كان في زيارة بعض معارفه في محطة وزن القطن بمكتب كاب الجداد . و كان المفتش وقتها ( ماكمونس) ، و وجد المفتش العمل متوقفا فصاح باعلي صوته . فجاء الوزان و الكاتب و البقيه من داخل الراكوبه ، و لاحظ المفتش ان هناك شخص يلبس الجلابيه و العمه بالداخل ( فحسبه احد العمال ) فضربه . فما كان من بشري و كان بيده بسطونه الا و اخذ يضرب المفتش الذي جري و ركب حصانه لاحضار البوليس . و حكم علي بشري بسته اشهر في السجن . و عندما فتحت كلية غردون و سمع مدير الكليه مستر يودال بالخبر استشاط غضبا و اوصل المساله الي الحاكم العام الذي امر باطلاق سراح الطالب بشري محمد سعيد ، الذي تعين مفتشا للغيط بعد تخرجه و يرسل الي كاب الجداد و يجد ( ماكمونس ) الباشمفتش . ليس الغرض هو الدعوه لاعادة الاستعمار و لكن لنعرف تقصيرنا و عدم المحافظه علي القانون و تعدينا علي العداله . و الان يقول البشير ان رجال الشعبي سيقدمون الي محاكمه عادله . لاحظ عادله . يعني حاله استثنائيه . قبل اكثر من مائه سنه عندما كون العمال في ايطاليا جريده باسمهم ، اقترح احدهم اسم العداله . فاحتج احد العمال قائلا ( و لكن العداله كل الوقت ضد العمال ) . قبل معركه التل الكبير خارج القاهره و ضرب الاسكندريه لان المصريين قد بدؤوا في ترميم الطوابي و التحصينات البحريه . و طالب الانجليز بايقاف هذه النشاطات . و رد المصريين بانهم لا يبنون اي استحكامات جديده بل يرممون القديمه . احتج كثير من اعضاء البرلمان البريطاني احدهم العضو ديس الذي قال ( كأن تري شخص مشبوه سئ النيه يحوم حول دارك ، فتقوم بقفل الشبابيك و الابواب . فيقوم هذا الشخص سئ النيه بتحطيم دارك بدعوي ان تصرفك هذا تصرف عدواني نحوه ) –لوتسكي تاريخ الدول العربيه - . و نواصل شوقي (عدل بواسطة shawgi badri on 08-10-2004, 04:20 ص)