ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 11:51 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر عبد الإله زمراوي (عبدالأله زمراوي)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-01-2007, 04:20 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي (Re: هشام هباني)

    لأي نِسَاء العاَلِم أَعِلفُ خَيْلي وأُسافرْ!


    لأي نِساء العالمِ
    أعلفُ خيلي وأسافرْ..؟
    لأي نساء العالم أحملُ قوسي..
    وتَر الموتِ،
    كالطيِر أُهاجرْ؟
    أَتعلقُ بالسُحبِ الملأى بالأَنواءِ أُخاطر..!

    صَدْقني يا محَبوبي
    أنَ العشَقَ جنونُُ سافرْ
    "شبقُ" غجريُُ خاسرْ
    والعاشقُ مثل القوسِ يُسافرْ..
    في القَشِة يتَعلقُ،
    يتَجّردُ في شِخصِ الساَحر
    يتأرجحُ معشَوقكِ
    يا محبوبي ما بين القدرةِ والقادر!

    تسألني...؟؟
    عن أيِ نساَء العالمَ تسألنُي
    فأجيبَكَ ياجبَل الأحزان..؟
    عن عين المَحبْوبِة تسَأُلنيُ:
    هل للمحبوبةِ عينُُ أم عينان؟
    قلبُُ أم قلبان؟
    شفةُُ أم شفتان..؟
    أم تسألني يا جبل الأحزان:
    عن سوقِ السلطان.
    دعني يا محَبوبي
    إني أخشَى بطش السلُطان!

    ما ضرك يا محبوبي "أنَي ميتُُ"
    إنَّ الموتَ ضميُر الحي
    إن الموتَ ختامُ العشق
    إن الموتىَ كالطودِ الشامخِ
    يسترقَون السَمع كما الإنسان!
    وحكيمُ الموتى يقضي ما بين العُشاق
    والشاهدُ والقُبر يجيبان عليه
    بأن ختامي يا محبوبي
    وجَدُُ وهُيام!
    يتقطَّع قلَبي صدقني
    ما بين اللَّهفِة والوجدان!

    صدقني يا محبوبي
    أني هذي الليلة "أتسكْع"
    أترنمُ حزناً "أتقَطعْ"
    بالرهبةِ مأخوذُُ كُلّي، للخَالقِ أتضرعْ
    صدقني: إني أتوهجُ هذَي الليلَة
    شيخاً درويشاً
    في غاري أتشَفْع!

    أبصق للظلمةِ والجسد المسِجي
    و أهُشُ أنيني الموجعْ
    صدقني يا محبوبي
    إني أضعفُ من تختاَرُ حبيباً
    إني أقسى من تعشق!

    في قَلبي شئُُ أُخفِيه

    (المقطع الأول)
    بمدينتي الغَبرْاء
    مُتْربَة الجبينْ.
    تتصارعُ الأضدادُ في شبقٍ عجيب!
    تموءُ قطتي الصغيرة،
    تحملُ شِرياناً وتاَجْ،
    تُصافحُ شيطاناً غريب!
    ********
    يَهبطُ الوِحي عصّياً
    فوقَ هاماتِ الكَدر
    يُطْحن الحبُ شقياً
    في مسافات السَفر!
    وأنا
    ما زلتُ أبحثُ في ظلامِ الناس
    عن سِر السَهر!
    عن زمنٍ برئ الطلِ
    عن طفلٍ
    يبدد ظُلمَة التابوتِ في جوفِ السَحر!

    (المقطع الثاني)
    كانت أوهاماً يا قلبي
    أن يسَقُطَ سِجنُ مدينِتنا
    حجراً .. حجراً ..
    أن يرقَُصَ وحُي مدينِتنا
    طرباً .. طرباً ..
    ألحاناً تشُجي السجَّان
    أنغاماً تحكي فيروز الشطآن!

    (المقطع الثالث)
    ترتدُ بفكري الأوهَامُ
    فأموتُ بقلبي ولهانْ!
    ما أيسَر أن تحِفر قبراً
    ما أعسر أن توجِد تِبرا
    التِبرُ الإنسان!
    في قلبي شيُُءُ أُخفيه
    يَأخذُني مِثلَ الأكلاَن!
    يُصارعُ فكري وأينني
    يجَعْلنيُ مِثلَ الحيوان!
    ******
    يؤِّرقني أن يُصبح ربُ سفينتنا
    إنساناً مثل الإنسانْ
    من يأخذ من عمري عَامْ؟
    يؤرقني..
    من يسرق من لوحي أعَوامْ
    لأعيش بصوتي كالجِرذَان!
    *******
    في قَلبي شئُُ أُخفيه
    يأخذنُي مِثلَ الأَكلانْ!
    يصُارع فكري وأنيني
    يجعلنُي مِثلَ الحيوانْ!
    الخرطوم
    فبراير 2007م

    صهوة العمر الشقي

    في ليلِ القَمَرْ
    وفوقَ صَهوة العُمر الشقي
    يسُافرُ القلبُ
    الذي ما انَفَك مصلَوباً
    على الدَمعِ العِصًي!

    ياَ منْ تحُركِّه الرياَحُ
    الهُوجُ هوناً
    مِثل عصفورٍ صغَير.
    ليلي وليلُكِ أُقْحوانْ
    بدَرْي وبدرُكِ أُرْجوانْ
    بدَرْي يطُالُع نجَمةَ السَعدِ الوريف
    حُبي وحبْكِ
    مثَلُ غيثٍ دافقٍ
    مِثلُ الخريف!
    "الآنَ" مثلَ الأمِسِ ضُمْيِني
    خذُيني في خشوعٍ بصفاء
    ثمُ ألجْم أحْرفُي الملتاعةُ
    الثكَلَي بأسراَرِ اللقاء!
    ولكِ التفردُ حيَن تُنْصَبُ
    قامتي بعد ألتواء!
    أو دعَيني هذَه الليلةَ درويشاً،
    يغُازلُ فجَره
    وَيشدُ أوتَار السماءْ!

    ياَ مَنْ تساَرعَ عمُره المشدودُ
    من عَصب الرياح السَابلة!
    ياَ مَنْ تدثَّر بالفضاءاَتِ الرحيبةَِ
    والأماني الغابَرة!
    يا من تداَرك
    وقعْ أقدام الأماني الثَاكلَِة!

    الفتنةُ السمراءُ تأخَذُ
    من تلابيبي العنيَدةَ،
    ثم تَفضحُني حكَايا الأُغنياتْ!
    الرَغبةُ الهَوجاءُ تحَصْدُ
    في شَراييني المدَيدةِ،
    ثم تجلسُ في جبيني الأُمنيات!

    خدُُ أسيلْ
    والخدودُ الناعماتُ
    أخَذَنْ مني كُلَ اشعَارِى الحزينةِ،
    بعَضُ قلبي،
    و"الأماني المُسْرجات"!

    عندما كنتُ صغيراً
    مُترْعاً بالدهَشةِ الأولى
    و َمأخوذاً بسِحر الأندِهَاش!
    كنتُ أغَرقُ في
    صباَحاتي البريئةِ
    أزرعْ الأفراحَ في الأرضِ اليبَاب!



    لكنني ما كنَتُ أُدْركُ،
    كيفَ يغدو الحبُ مثَل البرَقِ
    يُجلِّي بعَضَ أحزاَنِ السحَّابْ
    ماَ كنتُ أدَركْ كَيفَ ينبوعُُ من الأحلامِ
    يَسْرِج خَيله فوقَ الضَبابْ!



    الخرطوم فبراير 2007

    قائد الجنود والفيالق الحزينة!

    ...وذاتَ ليلةٍ
    مددتُُ بالبصر...
    من شرفة مُطِلة على المدينة!
    مدينتي،
    صامتةُُ وديعة.
    يلِفهُا الظلاُم والسَكيِنة!

    ويا لهولِ ما رأيتُ في مدينتي.
    رأيتُ قائَدَ الجنودِ والفيالِق الحزيَنة
    يُساق من أرجله.
    والقومُ صائحون!
    أكادُ لا أمدُ بالبصرِ من هَولِ ما رأيتْ
    والقومُ صائحون!
    بالعقلِ بالجنونِ سائرون..
    في الغي والنبيذ والشِواء ساَدرون..
    وخَطْوهم موقعُُ مُنّغمُُ مُضَّرجُُ مُسَرَّجُُ
    تِرمْ تِرمْ تِررمْ تِررمْ
    تِرمْ تِرمْ تِررمْ تِررمْ

    كمثِلهم غدوتُ في مدينتي
    أصافَح الظَلامَ والمجون.
    كمثلِهم يا أخوتي غدوتُ كالجنون!

    وقائدُ الجنودِ والفياَلقِ الحزينة
    يمدُ راحتيه.
    ويبصقُ الشهودُ والمكان في كتفيه!
    وكُلنا على هواه:
    نشتاق للثمنْ
    ويبطىء الزمن ونحن قادمون!

    أليِكِ يا متاَجرَ اللآلىء الثمينة.
    أليكِ يا شوارعَ المدينةِ الحزينة..
    أليِك سائرون..
    وخَطْونا موقعُُ مُنّغمُُ مُضَّرجُُ مُسَرَّجُُ

    تِرمْ تِرمْ تِررمْ تِررمْ
    تِرمْ تِرمْ تِررمْ تِررمْ

    وحين صاَح قائدُ الجنودِ في المدينة:
    تصافَحَ الشهودُ
    والأطفال والجنودُ بُغْتةً.
    وساَر جمَعهُم يسَيرُ في مواكبٍ حزينة!

    كمثِلهم غدوتُ ساَئراً سجيناً!
    وجثتي.... تتبعني..
    وحيثما أنخَتُ راحتي،
    أشاهدُ الظَلام والجنود والغنيمة!
    وكلناُ يُساَرعُ الخُطَى..
    ونَحنُ سُائرون،
    عيونُنا تجوسُ في الفضاءِ مُدبْرة!

    وحين داَر قائد اُلجنود دورتين
    تغير المكان والزمانُ.
    تصافحَ الجنودُ والشيطاُن!
    وحينذاَك أدركَ الجميعُ هولَ ما رأيت.
    تسارعتْ أقدامُهم تُسابق الرياَح للسفينة
    لنأخذَ الثَمنْ.
    ويبطىءُ الزمنْ.
    يسودهُ الوهنْ والخوفُ والضغينة!

    وحيَنَ مدَّ قائدُ الجنودِ راحتَيه:
    ليبصَق الشهودُ والأطفالُ في كتفيه،
    فررتُ مسرعاً وجثتي تتبَعني
    تتبعني كذلك السهولُ والبقاعُ،
    والهوامُ والدوابُ،
    والخيلُ المسوَّمةُ السمَينة!
    لكنني..
    لكنني لا أعَرف المدينة
    تغَيرت معالمُ الطريقِ والمدينة!
    أدركتُ هَا هُنا
    بأنني من أُمٍة حزينة
    لأنني خسرتُ كُلَ شىء
    فقدتُ جثتي وضَاعتْ الغنيمة
    وضَاعتْ الغنيمة!

    «®°•.¸.•°°•.¸¸.•°°•.¸.•°®»
    صوت قدومُك مِثل حفَيفْ الريح


    قادمُُ أنتَ إلينا
    عبَر أزمنةٍ، تتوَضأ بمَاِء البخور
    ويُجلّى صدَاها بلونِ الحنْظل البري!
    وعيونُ شرفاتنا تتهاَدى إليك
    تفَتحُ نُهديَها
    وتموجُ لقدومِك الميمون
    ترقصُ على حافِة الموت البطىء!

    وأنت قادمُُ إلينا،
    تبدَو كظلِال الرؤىَ البنفسجَية
    كالتمرةِ المعتقَّة البلدية!
    ومنذُ أزمنةٍ غابرة،
    تبدو لناظرينا

    كفارسٍ بدوي يعَتلي،
    فرسَة مُسَّرجةً بدوية!

    وصوتُ قدومك مثْل حفَيف الريح!
    وآهٍ من شرفاتِ مدينتنا العتيقة
    حين تمد أذْرعها إليك
    تبدو شحيحة.
    تبدو كأشجارِ العتمورِ
    أوراقُها تنمَو وتنمَو
    وتسَقط متهالكة!

    كأغنياتِ الطفولة، يبدو قدومُك
    فنملأ عيون جداولنا منكَ بالصباحِ الجميل
    وتغني الصبايا لك أغنيات الرحيل!

    والأناشيدُ تُرتَّل
    بأريجِ خُطى القادم إلينا
    عبَر أزمنةٍ، تتوضأُ بماءِ البخور
    ويجلَّى صداها بلونٍ الحنظل البري!


    ودمدني سبتمبر 1988

    * في نهاية صيف 1988، قدم ألينا الأستاذ محمد وردي لقضاء بعض الوقت بالاستراحة المخصصة للقضاة بمدينة ودمدني . فعقدت العزم أن أحييه بسلامة وصوله شعرا، فولدت هذه القصيدة -
    !«®°•.¸.•°°•.¸¸.•°°•.¸.•°®»














    خَبئِنْي ما بيَن دفاتِركَ الثَوْرية!

    (1)
    ونقودُ اليوَم سُراةَ الليَلِ
    بضَحكةِ أقدارِ الخيلِ
    وظُلمة أنْجمِنا الوردية
    فالخيلُ مسوَّمةُُ عندي
    تتجشأ "سُفرْ التكوين"
    والنوقُ تسافرُ، تتجملْ
    في حضَرةِ أشواَكِ
    الصحرَاء النوبية!

    (2)
    وأنا مأخوذُُ كلي
    مستبقُُ شبقُُ
    مشدودُ للأنَجمِ
    والغزواَت الثورية
    ناجيتُ ملوكَ الصحَراء ملياً
    وناجيتُ سيوفَ المهَدية!
    وأنا مغمورُُ بنجومِ الصحراءِ الأبدية
    راحَ القلبُ يُقبل جبهَة ثوري
    كانَ يسُمى "عبدالخالق"
    عبدالخالق
    مذْ صاَر أميراً للثوريين
    ما فتئَ يردُد تعَويذة "حُبٍ" للشعب
    "ممزوجاً" برؤىَ العُشاق الوردية
    وينسَجُ من حَبْل الردةِ والأشواقِ
    أشعاراً وملاحمَ ثوريةَ!

    "أدبني" حِزبي
    "علّمني" شعبَي
    كيفَ أسافرُ في
    قلَبٍ التأريخ
    كيف أحطُ رحالي
    في قلبِ المريخ
    كالسيَلِ الجارفِ
    أحُطَّم كلَ النكَسْات
    أحُطِمهُا بسيوفي القُزَجية!
    (3)
    الوعيُ الصارمُ
    فوقَ جبينُكَ
    يا عبدالخالق!
    يا مُرعبَ مشنقَةِ
    الظُلمِ الغجَرية
    يا عبد الخالق!
    يا مِشمشَ نسَمات
    الوجدْ الصوفية
    يا عبدالخالق!
    خبئني باللهِ عليَكْ
    خبئني ما
    بين دفاِتركَ الثورية!

    (4)
    فأنا أعدو منذ ولدتْ
    ولدتَني أمي بقلبِ
    رمالِ الصحراءِ الذهبية!
    أعوي كيهودِ التأريخ
    أُفتشُ عن هيكل دني
    وطناً مَسْروقاً منَي
    مدفونُُ في غَسِق عيوني
    مخبوءُُ في مدنِ الجان المَخفْية !

    ولا أجدُ سِجالاً طبقياً
    ما بينَ الأيامِ
    وخرقةُ سيفي
    صهوةُ خيلي
    ووضوئي والُّلغةُ
    الدافئةُ الوردية!

    (5)
    عَاهَدتُكَ يا عبدالخالق
    منذ رأيتُكَ بدراً تتوهجُ في فلكي
    في سِدر الأيامِ تَسيرُ حفياً
    وتجّمل وجه التأريخِ
    الداعرٍ بالروحٍ الأممُية
    أنَ أرفَعَ زندي
    أن أحمَلَ سيفي
    قُدّامِ الثوريين
    وضَد فلولِ الرجعية
    وجوعي المألوفْ
    تتأججُ فيه
    صهَوات خيول المهدية!

    (6)
    وأنا يا عبدالخالق
    مأخوذُُُ كلُي
    مِسَتبقُُ، شبقُُ، مشدودْ
    دَعوِتكَ ودعَوتُ
    مُلوكَ الصحراءِ
    ورأيِتُ الثورةَ تمشي
    في البيداءِ
    وفوقِ قباب البلداتِ المنسية!
    ورأيتُ "عَلَّيا"
    رأيتُ نياشينَ العزةِ
    تخطَو نحويِ مثلَ لآلئ وردية!
    وبقلَبِ التِل هُناك
    شاهدتُ الماظ يُرددْ
    في حلقِ الثوار جلياً
    أشعاراً فوق المدفعٍ ثورية
    لا يعَبأُ لزخَاتِ رصاصٍ
    تخرجُ من خلَفِ بساتين
    الورد الطينية!

    (7)
    ورأىَ قلبي في تلك اللّحظة
    "مهديِ الله"
    يتجَّملْ بالراتَبِ
    قُبيلَ صلاة القَجرْ
    في وجهِ الأعدَاء
    ويهيمُ غَراماً بالأشياء
    والثوَرةُ ضد الظَلمِ العاهرِ
    وضدَ فساَد التركية!

    والراياتُ تزّين
    من ليلِ الخُرطومِ المنَسية
    رأيتُ المهديَ في تلك الحضرة
    يستسَقيِ الله
    فيُسقيه الله سحاباً
    وتمطرُ مدنُ الله رمِاحاً
    في حَلقِ الاستعمار الغاشمْ
    وفوق جبين الباشا الطاشمْ
    المثُخنِ بجراحاتٍ
    حِراب المهدية!

    (8)
    يا عبدالخالق
    يا روح النخِل
    الحالمِ باللّيلِ القَمري
    المكتملِ شعُاعاً وردياً
    كنتُ أمازَحُ مِثلُك
    هذي اللَّيلةَ
    رَوحَ الثوارِ
    في ليلةِ وجدٍ صوفيةّ

    ورأيتُ الله بقلبي
    يُقّبلُ "محموداً" بنقاء
    العارفِ بالأسرارِ المخفية
    والقمرُ السِاطعُ مثل
    جفوني يلدَغني
    يُلقي دوماً باللَّوم
    على الزنزاناِت الشرقية!

    (9)
    رأيتُكَ في تلكَ الليّلة
    مثلَ عيونِ التأرّيخ الجاحظِ
    وفانوس العشاقِ
    وليّل التقُابةِ والأشَواقِ
    فبكى قلبي طرباً
    ورقصَ العمُرُ العامُر فَرِحاً
    على ضوءِ فراشاتٍ نارية!

    ورأيتُكَ في تلك الحضَرة
    تحملُ لوحاً
    من خَشبِ الأبنوسِ
    وبيدك اليُسرى
    تحَملُ مِشكاةِ
    الأبطَالِ بكرري الثورية!
    وللفلاحين زرعتَ
    الحنِطَة بالنشَوةِ
    من نُطفِة مطَر الليلِ
    بأرضِ السودان المروية!



    (10)
    خَيلُك قُدامَى تعَدو
    مثلَ "برُاق" نبيُ الله!
    وتصَعدُ كالشَفقٍ الوردي
    نحو سمَاءِ الأُعشابِ
    المسكونةِ في جسدِ المحبوبة
    ورؤىَ الأحلام الليلية!
    يا عبَدالخالق
    علّمنا كيفَ
    تكون "الثروة" ضد "الحظوة"
    عّلمنا كيفَ
    تصيرُ القبضَةُ "كالسطَوة"
    في وجهِ زُناة التأريخ
    رمِاحاً وسهاماً نوبية!

    (11)
    إني أشهدْ قدُام الله
    وقُدامَ رفِاقي
    بأنَ حروفي من عسَجْد
    لا تنبضُ إِلا للثَّوارِ
    ورِفاقِ المشنقة الوردية!

    أني إسْتَحلفتُكَ يا عبَدالخالق
    أن تدعو كل
    ظنوني،
    وجنوني المطُلقْ
    تأخذُني لحقوَلِ النعنَاعِ المسجية!

    فحينَ وقفتَ وحيداً
    قُدَّامَ طُغاة العصَر
    تشَدو أشعَار الطبقية
    إرتَدَ البصرُ إلى رمشِ عيوني
    ومذَّاك تعَلَّق قلبي
    بالأفكاِر النيرةِ الثورية!


    (12)
    وأماَمِ طغُاة العصرِ
    رأيتُ الوجَه الباسمَ
    في جبهَة "محمود" القُدسية!
    مثِلُك كانَ يبُشرُ بالثورةِ
    ويدعو للثورةِ بالوُحدانية!
    مِثلُكَ كانَ لطيفاً وحيياً
    مِثلُك كانَ مَلاكاً ربانياً!

    وبروحٍ تُبصْرُ
    في الزمنِ الغيهْب
    صار "المحمود" يُحِّلق مثل "الحلاَّج"
    وكان الحَجَّاجُ الوطنيُ المخصيِ
    يَحثُ قضُاةَ السوءِ
    ويوقوَقُ عبرَ المذياع
    نشيد الردِّة
    من بين ثنايا
    المشنقة الدينَية!
    وصَعدَتْ في يَومٍ مشهودٍ
    روحُ الثوري المُتخْمِِ
    بالوجد وبالجُبَّة
    "وما في هذي الجُبّة"
    نحو الملكوتِ الرباني
    ما فرّطَ في الدعَوةٍ يوماً
    ما فرّطَ هذا الشيخُ الثوري
    الضَالعِ بالأسرارِ
    بالثورة ضد الأفكار الأموية!

    (13)
    يا عبدالخالق
    إصفَعهُم بِنِعالِك
    أعدَاء الشعَبِ
    إصفَعهُم لا تعَبأ
    إصفَعهُم بنعِالِك
    أولاد قُراد الخيل
    وأعداء الحرية!
    وأذكرني دوماً
    عندَ الثوريين
    فالثورةُ تأخذُ مني
    أيامَي وشهوري القمرية!


    شلالات نياجارا
    6 أبريل 2007م




    أحلام الصوفية

    كالوَردةِ قلبُ حبيبكَ ينمو
    يذَبلُ حيَن تموَت الأشياءُ
    الضاحكةُ المنسية!
    تالله الحزنُ الجاثمُ في قلبِ حبيبي
    يخفقُ حيناً للفرحِ القادم
    يمازح دوماً اشجارَ العتمورِ المسجية!

    صحراءُُ قلبُ حبيَبكُ
    حين يمَدُ الغيثُ جناحيه
    تورقُ أشجاري،
    تثمرُ أشعاري،
    عنباً صيفية!

    ويعيش القلبُ الآن أسيَر الجدب
    ذليلَ الطرفِ
    يُطارد أوهاماً وظنوناً مخفية

    والعمرُ الشبقُ العامرُ بالضجةِ
    ذبُلَ العمرُ سراباً
    ذابَ الأملُ غريباً منسياً!
    والقلبُ الجاثم في صدرِ حبيبي
    لا يعرفُ قلبي
    لا يُدركُ أحلام الصوفية!

    في غد ألقاك


    في غدٍ ألقَاكِ ام بعدُ غدِ
    يا له عَهداً طويَل الأمِد!

    عندَما صافحَتِني يَوم النوَّى
    خُلَسةً أحسستُ قلبي في يدي!

    أخنقُ الزَفرةَ في الصدر جُوى
    وأواري في نعيمٍ سرمدي!

    يا حبيبي والهَوى يعصفُ بي
    تهتُ في مسراي هلَّا أهتدي؟

    يا حبيبي باَحَ طرَفي وفمي
    لم يزل كاتماً سر الحلُم



    كُلمَّا هْدهَدتُه في خاطري
    ألهبَ القلبَ بسرٍ مبهم!

    يا حبيبي أتئدْ إن الهوَى
    لذةُُ تُشوى بخمِر الألمِ

    قوةُُ تبعثُ في النارِ الندَى
    ووجوداً عارماً من عدمِ!


    فاس-المغرب
    يوليو 1979





    مقْطعين لحبيَبي

    المقطع الأول
    أخونُ حبيبي.
    لا لن أخون!
    يهونُ حبيبي..
    لا لن يهون!
    أُحبُ حبيبي...
    أُحب العيون!
    بغير حبيبي...
    لا...لن أكون!

    المقطع الثاني
    لا تَلمني يا حبيبي
    لا تُقِمْ حرباً عليَّ
    فأنا قَد صمتُ دهري
    لم أذقْ طعماً ندياً
    وهجرتُ الحُبَ حتى
    يأذنِ القلَبُ الأبيا
    فِلمَ النجَوى حبيبي
    ولم الشكوى الحمَية؟
    حبُكِ المكتومُ أضَحى
    يقذفُ النار اللِّظية!



    فاس – المغرب
    صيف 1981







    شِعريَ الحلُو من عينيِك يأتيني!


    جمَالُ عينيكِ بالألهامِ يُغريني
    وبالمحبِة والأشواقَُ يسليني

    لكي أطير مع الأطيارِ أسألهاُ
    عن طائرٍ بجميِل الَّلحنِ يرويني

    لأعَزفَ الشِعر ألحاناً مُشعشَعةً
    تُشجي أحَبة أشعاري وتُشجيني

    والشِعرُ في الأفِق يا حسناءُ مسكنُه
    وشعري الحلو من عينيِك يأتيني

    لا تحرمي الناسَ من شمسٍ ومن قمرٍ
    يشعُ نورهما في القلبِ والعيِن

    والناسُ لوَلا سَوادُ السِحر يأسرهم
    لم يقطفَوا الورَد من فُلٍ ونسرين

    لكَنني ولهيبُ الحب يحرقُني
    أستعذبُ النار إنْ كانت لتحييني!



    الرباط يوليو 1981



    عيناكِ غيمتَانِ بالدُجى

    كنت وما زلت مغرما بالشاعر العراقي العظيم "بدر شاكر السياب" فقلت لنفسي ذات يوم قبل عشرون عاما ان أقترب قليلا من رائعته الخالدة "عيناك غابتا نخيل ساعة السحر"!

    عيناكِ...
    غِيمَتان بالدُجى
    أراهما تُعربدان في دواخلي
    كما الخريفِ والمطر!
    صغيرتي تداعبينني
    كما النجوم والقمر
    في ليلةٍ طويلةٍ..
    طويلة العمر!

    حبيبتي
    أحببتُكِ رغَم مخاطرِ السفر
    والرمَلُ فُي قريتِنا
    يكتم حُبنَا كما الشجَر!
    لكنني حبيبتي أُصيح ثائرا:
    أحُبكِ... أحبُكِ ... أحبُكِ...
    فتملأ الآفَاق بالصَدى
    والنوَاحِ والسهر!

    أتَعلمين قريتي الوديعة؟
    وعمي هناكَ ينسجُ الخطر
    وطفلةُ بجنبها تئنُ
    تحتَ وطأَةِ العدم
    وأمهُا تُصيح قائلة:
    إحذري كل الحذر!

    حبيبتي أحِسُ في دواخليِ
    كأنكِ القَدر
    مُسطَّرُُ لعمري الشقي
    وعمركِ الأغر!



    صغيرتي: هل تعلمَين حبناُ أنتَشرْ؟
    أطفَالنُا وزرعنا وضرعنا
    ريحنا، تأريخنا الملىء بالعبر؟
    يجاَهرون بينَهم في هَدأةِ القمر
    فلاَّحةُُ صبيةُُ تصيح قائلةً:
    ما أَجمل القمر.
    ما أعَظم القمر..
    تباركَ الآلهُ
    خاَلق القَمر!

    اليَوم عُرسُك يا عصَفورة الجبل


    لِنشرعْ الأبوابَ والنوَافذ القديمة
    بخطوةٍ... بهمسةٍ...
    نراقصُ الأحبابَ
    نطردُ العناكَب السقَيمة
    بقوةٍ وثورةٍ
    نداعبُ السفوَحَ
    ننقش القِباب بالحجارةِ العظيمة

    فاليوم عُرْسكَ يا حجرْ
    اليوم عُرسكَ
    يا عصفورة الجبلْ!

    لنبدأ السَباقَ للسفرْ
    نَصوغُ من حوافرِ الخِيولِ
    حِدْوةً تزَين الحجرَ

    تضُارعُ السِماءَ قامةً
    تماثلُ النجوَم والقمرْ

    فاليوم عُرْسكَ يا حجر
    اليوم عُرْسكَ
    يا عصفورة الجبل!



    الذكرى الثانية لانتفاضة الحجر بفلسطين المحتلة
    أبوظبي ديسمبر 1989







    يا حَبة لؤلؤةٍ في زمنِ العِشق الحجري!



    يا شَعْراً ينسدلُ بعنفٍ غَجَري
    يا حبةَ لؤلؤةٍ في زمنِ العِشق الحجري!

    يا من تَنسْابيَن رويداً في شِعري
    صفحاتي، صَدر كتابي..
    صولاتي، جولاتي..
    وعمري القَسري!

    يا قيثارةَ ليلي!
    عشَقتكِ أوطاَناً
    وبلادًا ثائرةَ،
    يَهيمُ بنوَها وجداً وصفاء!
    سأعود إليِكِ معلِّلتي
    كالطيفِ أزوركِ في الأحلام
    كالجمرِ أعُشعش في الأعماق
    كالنيلِ الخالدِ أرتاد الآفاق!

    عِشْقي وحنيني أحلامُُ ثكلَى
    في معَمعِة الأحَزانِ الأبدية

    وبَرغمِ الآمالِ المقبورة،
    وشعاعِ الآفاق المجهولة،
    سأظل أُرددُ أشعاري
    أتوشحُ باقةَ صفحاتي
    وسأُلهبُ صَهوةَ جولاتي
    وستُذكر يوماً صولاتي
    يا قاتلتي،
    يا ريحان حياتي!


    الرباط يونيو 1981




    بسمْ اللَّه وبسمْ الشَعب

    (1)
    أنبعثَ الخوفُ
    يدُندنُ في الأعماقْ
    إنبلَج الحزنُ
    يعُربدُ في الآفاقْ
    السرُ الأعظمُ
    لاحَ على البعُدِ سرابْ
    يحترقُ القلبُ
    يذوبُ الصمامُ
    يُغيبُ الوعي الإنساني!

    (2)
    فلول الودِ المنهزمة،
    كالطيِف تُدغَدغُ في الأحلامْ
    دروبِ الأملِ المنعرجة،
    ذابتٍْ، غابتْ،
    نامتْ في الأوهامْ!
    (3)
    أَيتامُُ، أنَتمْ أيتَامْ؟
    وكلابُ الحي الشرسة
    بالطرقاتِ،
    لبسوا خوذات،
    جلبَوا الأحقادْ؟

    (4)
    أَيتامُُ، أنتم أَيتامْ؟
    أفرانُ النازيةِ
    عادتْ
    سياطُ الفاشيةِ
    سادتْ
    نقيقُ الضَفْدَعةِ المنسَّية،
    يشُقُ الليلَ،
    يدقُ على الأجفان!

    يِركُُ مهترئة.
    نيرانُ مشتعلة.
    قامتْ أَعمدةُ الخرصَان.
    تتحدى الأيمان..
    وتثورُ على الأوطان!

    (5)
    ويلاتُ الجوعِ
    تُعشعشُ بالطرقاتِ!
    تنسجُ ويلاً أبدياً،
    ما بين
    البركة والنيران.
    أََقربانُُ أبنائي
    أنتم قربانْ؟

    صوفيُُ رُاحَ يدندن
    بسم الله،
    وباسم الشعب!
    راحَ الصبيةُ يلتحفونَ
    الجوع على الطرقات!
    مؤتمرُُ تمهيدي
    مؤتمرُُ قومي..
    لا...
    سنحلْ المؤتمر الوطني
    وآهٍ،
    سننَسى العهَد الرجعي!

    جَلست أمي تسَألْ:
    تَعاوُدني،
    تلدغني،
    تسألْ:
    أقُربانُُ أبنائي
    أنتم قربانْ؟

    (6)
    الصمتُ الأبدي
    يُجلجلْ
    الرهبةُ آتيةُُُ
    هاك المِنجلْ.
    إغرسْ
    في قلبِ النخَلة
    أَجملْ
    أو في قعرِ النخلة
    أعظمْ
    تسقيها
    بالذعرِ الأكبر
    ترويها
    بشاَرة يومٍ أكبر!

    جيوشُ النَملِ تئن تُصيح:
    تباً نيرونَ السودان.
    تباً نيرونَ السودان..
    تباً للحبَر الأشتْر!

    الخرطوم يناير 2007م

    حول ملحمة زمراوي الجديدة
    دراسة بنيوية
    بقلم سيف الدين عيسى مختار*

    توضأ في شلالات نياجرا، فأوحى له خريرها أن يخلص النية ويصيخ بأذنيه ويحدق بعينيه عله يرى أمواج النيل تنداح ما بين كرمة وجزيرة بدين، لكن المياه تشكلت أمامه شاشة بلورية عملاقة يخرج منها طهراقا وبيده نبيذ نوبي، وعثمان دقنة متكئا على الدفوفة وعلى سيفه بقايا من كرري، وحكماء النوبة يوقعون اتفاقية سلام مع المسلمين (البقط) ، والشيخ زمراوي منهمكا مع حاشية الجزيري في الفقه المالكي، والدرويش في حلقات الذكر ينادي (شيخ منور ولدك على ، ويا شيخ زمراوي الولي) والنوبي لقمان يخير ما بين النبوة والحكمة فيختار الحكمة، حتى إذا استغرقت الدهشة مولانا القاضي عبد الاله زمراوي وأخذت منه اللباب، خلع سترة القاضي وسار أمام الجميع في موكب احتفالي عبر ملحمته الجديدة للوطن:

    كَأنَّ القادِمَ في ظُلَلِ غَمَامٍ،
    كصلاة الفجر، بهاءً وحُضُوراً
    كالقاشِ الصّاخبِ حينَ تَجِفُّ الوديانْ
    كجبالِ التَّاكا وسواقِي توتيلْ،
    كالمارِدِ طُوكَرَ، حين تغازِلُها الرِّيحْ.
    كجبينِ الشَيْخِ الخَتِمِ الصُّوفِي،
    كأنَّ القادِمَ نحوك يمضي ليشقَّ تلال الشَرْقِ بسيفٍ قُرَشِيّ!

    عبد الاله زمراوي ، الطالب المتفوق أكاديميا، حين جاء إلى مدينة فاس في نهاية السبعينات، كان خجولا وودودا جدا، يعشق الكلمة الجميلة لكنه يخاف إظهار ما ينظم إلى الناس. وحين أدرك أن كيل الشعر قد طفح أطلق لسجيته العنان، ثم انطلق ماردا يحطم كل القيود، ينظم الشعر ويخاف من لظى الكلمات، يصرح إذ هو يرمز ، ويرمز إذ يصرح، فإذا الوطن هو المعشوق والعشيقة معا، وإذا هو القاتل والضحية في آن واحد، وإذا هو زمراوي المحامي يحسن عرض القضية ، وإذا هو القاضي يحكم فيها، فماذا تبقى للنقاد أن يقولوا:
    لا تَحْزَنْ مثلى يا مولايْ
    لا تَحْزَنْ من صحراءِ التِّيهِ وجورِ السلطان!
    اضْرِبْ بعصاكَ اللْحظَةَ جوفَ البحرِ
    خُذْنا مُقْتَدِرا كالبرقِ الخاطفِ، أخْرِجْنَا من هذا الكابوس
    خَبِّئنا بين النهرِ وبين الوَرْدِ وغاباتِ الريْحانْ!

    في ملحمة زمراوي صدى أغنيات قديمة تخيم على جرس الملحمة من أولها إلى أخرها، وبقايا أمنبيات دفينة وذكريات بعيدة وأحلام كما المسافة ما بين كرمة وسواكن، أو كما الأيام بين الولادة وأعتاب الرجولة، تمتد عبر المسافة ما بين تازا ومكناسة الزيتون، أو الدفوفة التي قهرت الزمان لتبقى فوق قباب الأزمان، ثم ها هو زمراوي يستخدم مفردات ظلت ترتسم طقوسا عصية المنال في ذاكرته التي اختزنتها كمفردات لغوية دون أن يكون لها أية أصداء في الممارسة الحياتية (النبذ، العشق الصوفي، الشبق

    ما ضَرَّكَ يا مولايَ إذا جاءتْ مِلِّيطُ تُغَنِّي
    خَرَجَتْ من تحت عباءتها أُنْثَى
    تَنْتَقِشُ الحِنَّاءَ بيُمْناها
    وبِيُسْراها تُخْفِي قَلْبَ حبيبْ،
    سَاَفَرَ عصراً كالشَّفَقِ الأَحْمَرَ
    نحو بلادٍ لا تعرفُها، ومدائِنَ أخْرى غَرْقَى في الأحْزَانْ
    صور شتى للوطن تدفع بها الملحمة دفعا، أهم ما فيها أنها تتجاوز حدود الزمان فيختلط فيها الحاضر بالماضي والمستقبل في وحدة شعورية مستمدة من نفس قلقة متأرجحة ما بين الواقع والمتخيل، الثابت والمتحول، الحقيقة والخرافة.التاريخ والجغرافية في بسطة من القول وسعة من الخيال الجامح، ذلك لأن عشقه للوطن كان صادقا . وكأني بالشاعر الكبير مصطفى سند يشير إليه في قوله (ديوان مصطفى سند شفرة البحر الأخير، ص 29

    تتوهج النيران في صدري
    لهب
    وأنا أسافر من دماك إلى دمي
    للموت والعشق نافذتان
    من جوع ومن حمى
    ومن ورد التعب
    ماذا أقول
    أشاكس الكلمات
    لا أدري فلا خيل لدي ولا ذهب
    وطني على رمل اتساع بصيرتي
    فرس وحفنة ذكريات
    وطني كتاب من صدى عينيك
    يولد في المسافة
    بين صوتك واحتراق الأغنيات
    وطني بقية كبرياء
    إن صادرتني النار من صوتي
    نقشت على حبيبات المطر لوحي القديم
    وأنني شيخ تألق في الدم المسفوك
    بين مطالع العام الجديد
    وبين أيام الغضب

    عبد الاله زمراوي راح يعطّر قوافيه من حريق الصندل، ومن نقشة حناء على أنامل حسناوات مليط، أو من ايحاءات قصيدة العباسي (حياك مليط) ، من الذكريات المسكوبة عموديا على عتاقة نوبية مدرارة، تطل بسخاء من شاهق الدفوفة الراسخة على قباب الزمان ، ذكريات تتقاطع أفقيا مع مستويات الدهشة الموغلة في أطلس المليون ميل في تلك المساحة ما بين سواكن والجنينية، فهل تلعثمت التفعيلة في أوزانه، أم انهارت قوافيه وقد عاد وسمه جليا في مدارات الخيال الذي ظل يتجول في تخوم الكلمات المترعة بالأسى ، النابضة أبدا بالتفاؤل العريض، الكلمات التي قال عنها (لو ألقاك وحيدا تقتلني الكلمات)، عبد الاله زمراوي طيب إلى حد الدروشة، ينطبق عليه تماما قول الشاعر سيد أحمد الحاردلو: ديوان الحاردلو بكائية على بحر القلزم ص 51

    كان حييا
    ونبيلا جدا
    وبسيطا
    وودودا جدا
    ومحبا جدا
    ذات مساء
    حدق في الدنيا ونظر
    فإذا الدنيا من أدناها تأتيه
    وإذا الدنيا من أقصاها تدنيه
    وتناغيه
    فرأى فيما ينظر عجبا
    واشتعلت عيناه من الدهشة وتداعى
    وانجذب

    فمن مرارات يحسها في حلقه، من نار تتأجج في صدره، للفوضى وأرصفة الشوارع، لصدى مدينة فاس يلملم زمراوي شتات قاموسه الشعري ويغني للوطن على هواه، ويدخل في مدارات القصيدة/ النضال، يطلق في سماء الوطن صاعقة أغنياته، أو أغنيات صاعقته، لكن الأصوات والصور التي تتردد في ملحمته مترعة بالتفاؤل والأمل، نابضة بالحيوية والدفء،

    لا تَحْزَنْ مثلى يا مولايْ
    لا تَحْزَنْ من صحراءِ التِّيهِ وجورِ السلطان!
    اضْرِبْ بعصاكَ اللْحظَةَ جوفَ البحرِ
    خُذْنا مُقْتَدِرا كالبرقِ الخاطفِ، أخْرِجْنَا من هذا الكابوس
    خَبِّئنا بين النهرِ وبين الوَرْدِ وغاباتِ الريْحانْ!

    ملحمة زمراوي الجديدة من بحر المضارع (فعولن فعولن) حرة القافية في أبياتها، لكنه أحكم مقاطعها الخمسة بحرف روي واحد هو حرف النون الساكن، وتشكلت صوره الشعرية المبثوثة في مقاطع الملحمة من تاريخ وجغرافية السودان، يستلهم فيها زمراوي سيرة شخصيات سودانية عريقة بكل زخمها التاريخي ويوزع مجدها على كافة مناطق السودان رامزا إلى تلك السمات العامة التي توحد هذا البلد العربي الأفريقي، أنها ملحمة تدعو إلى التفاؤل، والى عشق هذا الوطن، غنائية في معظم أجزائها، ذات جرس جميل وإيقاع داخلي ينظمها من أولها إلى أخرها، لتبقى من النصوص الجميلة غير المتقيدة بعصر معين أو إطار محصور، فهي مفتوحة على كل الحقب، تتميز بشفافية رؤاها، تدعو إلى الأمل الذي سيأتي كما قال محمد الحسن سالم حميد (قصيدة حميد قلت أندهك نشرت كاملة على موقع سودانيز أون لاين وتعتبر من أجمل ما قال حميد:
    بالاربل الواسوق أيدي
    أمشط رؤايا
    أسرحك
    بعرق شقايا أريحك
    فوق أنت سمحة أسمحك
    برهق لقايا أريحك
    أدهشني فيك المحتوى
    أجهشني كيف خاويتي
    بين برد الصحارى
    وبين هجير الاستواء
    وكيفن أريجك كالرؤى
    فاح ينتقل عكس الهوا
    يا بت
    عشان ريقة وطن
    تنفك
    كم باتت قوى
    ما ضاعت الأحلام سدى
    وآمالنا ما شالها الهواى
    لا بد يجمعنا الزمن
    ما هو اللى فرقنا
    واذن
    لابد وان طال الزمن
    ترحل صهاديب المحن
    ينبض على القلبين مكن
    يطيب خلانا الامكن
    تضحك عتاميرو البكن
    يخضر حشاها الانشوى
    ودى للرعية يعشبن
    تلد السعية يجي اللبن
    لى جملة أطفال الوطن
    صفر قمح .. دندح دخن
    بدع صمغ.. فقع قطن
    ودن سفن .. جابن سفن
    لا صرمة لا بيتة قوى
    ليل التجاريح وانطوى
    حسّن قرى .. ورقصن مدن
    أبنوس ونخلة سوا سوا
    لا بندقية تقوم سوى
    تحرس ضهرنا من الفتن
    أنا وأنت لا خوف لا حزن
    يملانا تاني ولا جوى
    مهما المحل
    مهما المطر
    ظلم الرياح
    حمّى الخطر
    تتمقّى فيك وتنبحك
    بتحتحت أغصانك جراح
    لكين محال
    أن تطرحك
    انه نفس الرجاء الذي يحمله زمراوي لهذا الوطن الذي يتغني بأمجاده، بالأنثى أم درمان أول مدينة سودانية تشرب من مياه النيل الموحد لتبقى دائما رمزا للعزة والشموخ، ثم ها هو ذا الوطن قد انطلق يحمل البشريات يبشر بالأمل الذي سوف يتحقق، والخير الذي سيتدفق بإذن الله، عندها سيكون لهمس أمواج النيل وهي تداعب (الجروف) المنتشية باللوبيا، واقعا فعليا يعيشه زمراوي كل صباح قبالة الدفوفة، لا أملا متخليا أمام شلالات نياجرا في أقصى الدنيا.
    ما ضرّك يا مولاي
    إذا أقبلْتَ علينا ذات صباحٍ
    مؤتلقَ الوجْهِ سليمَ الخاطرِ مُتّسِقَ الوجدان
    وطفقْتَ تُغنِّى للخرطوم
    تَتَغَزَّلُ في الأنْثَى أم درمانْ!


    الشاعر:
    سيرة ذاتية

    عبدالاله زمراوي
    • مواليد 1959 بكرمة البلد، شمال السودان.
    • تلقى تعليمه الجامعي بجامعتي الخرطوم والملك محمد الخامس بالرباط
    • عمل قاضياً بمختلف المحاكم بالسودان حتى أحيل للصالح العام بعيد انقلاب يونيو 1989م.
    • يعمل حالياً مترجماً ومستشاراً قانونياً بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
    • متخصص في القانون الدولي وقانون الهجرة.
    • مقيم حالياً بشلالات نياجارا.
                  

العنوان الكاتب Date
ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي سيف الدين عيسى مختار10-29-07, 06:41 AM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي محمد على طه الملك10-29-07, 09:01 AM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Alsadig Alraady10-29-07, 10:20 AM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي omer abdelsalam10-29-07, 06:40 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي بركات بشير نجار بشير10-29-07, 06:50 PM
  ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي خالد حاكم10-29-07, 07:05 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Mustafa Mahmoud10-29-07, 07:13 PM
      Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي10-30-07, 01:52 PM
        Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني10-30-07, 02:37 PM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي الرفاعي عبدالعاطي حجر10-30-07, 04:40 PM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي bushra suleiman10-30-07, 04:46 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني10-30-07, 04:58 PM
      Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني10-30-07, 05:01 PM
        Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني10-30-07, 05:02 PM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي تماضر الخنساء حمزه10-30-07, 05:05 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي سيف الدين عيسى مختار10-30-07, 05:18 PM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي الطاهر ساتي10-30-07, 05:32 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي سيف الدين عيسى مختار10-31-07, 06:48 AM
      Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني10-31-07, 03:21 PM
        Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي ابراهيم على ابراهيم المحامى10-31-07, 03:26 PM
          Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي محمد على حسن10-31-07, 04:08 PM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي sharnobi10-31-07, 07:20 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي صلاح شعيب10-31-07, 07:39 PM
      Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي محمد على حسن10-31-07, 08:06 PM
        Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Haydar Badawi Sadig11-01-07, 01:20 AM
          Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Osman Musa11-01-07, 02:38 AM
            Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني11-01-07, 04:14 AM
              Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني11-01-07, 04:20 AM
                Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي سيف الدين عيسى مختار11-01-07, 10:07 AM
                  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Mustafa Mahmoud11-01-07, 10:18 AM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي حمزاوي11-01-07, 10:19 AM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي خالد الطيب أحمد11-01-07, 12:22 PM
      Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي سيف الدين عيسى مختار11-01-07, 01:49 PM
        Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-01-07, 09:55 PM
          Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Salah Musa11-01-07, 10:26 PM
            Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي السر عبدالله11-02-07, 12:48 PM
            Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-02-07, 12:57 PM
              Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي هشام هباني11-02-07, 01:02 PM
                Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي السر عبدالله11-02-07, 01:29 PM
                  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي abdulhalim altilib11-02-07, 02:37 PM
                    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-02-07, 10:46 PM
                  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي محمد على حسن11-02-07, 03:23 PM
                    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي ABDALLAH ABDALLAH11-02-07, 03:42 PM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي الرفاعي عبدالعاطي حجر11-02-07, 04:45 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-02-07, 11:01 PM
  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Atif Makkawi11-02-07, 05:43 PM
    Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي سيف الدين عيسى مختار11-02-07, 06:15 PM
      Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Salah Musa11-02-07, 11:43 PM
        Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-03-07, 01:42 PM
          Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Salah Musa11-04-07, 04:13 PM
          Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي Mohamed Elgadi11-04-07, 04:17 PM
            Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-04-07, 07:55 PM
              Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-08-07, 01:49 AM
                Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-30-07, 03:43 PM
                  Re: ديوان (صهوة العمر الشقي) باكورة الشاعر عبد الاله زمراوي عبدالأله زمراوي11-30-07, 03:57 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de