أيها الغائب سلاما...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 11:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-06-2003, 10:57 PM

rummana
<arummana
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 3537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيها الغائب سلاما... (Re: rummana)

    كانت رحلة العودة كالمعتاد طويلة ومملة، نلف فيها كثيرا من الاحياء قبل أن نصل الى الحي الذي أسكن فيه، فقد كنت من أوائل الركاب صباحا واواخر النزول ظهيرة . كانت شمس اليوم تستعرض لنا انموذجا من نهار مايوي قادم فكنت أحس بالحر والعطش . وعندما توقفت الحافلة لانزال محمد التوم بالقرب من منصور بائع البطيخ قبـيل شارعنا ، أحسست برغبة شديدة في الارتواء ببطيخة. فطلبت من السائق انتظاري لاشتري واحدة ، فلحقني ليشتري هو الآخر 0

    كان منصور من أكثر خلق ربي لؤما ، طماع بخيل ويحس بأهمية قصوى. فهو يعتقد أنه عالي الفهم و الثقافة لأنه درج على مشاهدة نشرة اخبار التاسعة في التلفزيون عند جاره ، كما كان له راديو يلازمه دوما كقطعة من جلده . انا في قرارة نفسي لا اظنه قد اشتراه من سوق الحرامية كما قال احد ركاب الحافلة بل اظنه قد رآه في مكان ما واوصى احدا بسرقته خصيصا له ولولا خوف المسؤلية لتبجح بذلك علانية. وهو يمدح بطيخه ويباهي بجودته وكأنما زرع في تبر وسقي بانهار من خمر ولبن وعسل ، مع أنه للؤمه لا يبيع منه الا القليل 0

    نزلت وأنا اتأبط شرا كعادتي كلما توقفت عنده لأشتري بطيخة ، فهو لا ينفك يثير أعصابي باسلوبه الاستعلائي الذي لا يناسبه مطلقا ولا انصرف عنه سواء اشتريت او عزفت عن الشراء الا بعد أن اتشاجر منه واطاعنه بالكلام وابذل جهدي لامسح بلؤمه كل بطيخاته ثم احشو ما تبقى منه في فمه . خلاصة القول اني كنت امقته لوجه الشيطان. كأني بنفسي قد اتخذته مصبا او على الأصح (بالوعة) اتخلص فيها مما قد تجمع في قاعي من مستنقعات احقادي القليلة واحباطاتي الدنيوية المختلفة.. فما ان احس برغبتي في الافراغ حتى تنفتح شهيتي للبطيخ 0

    عندما وقفت أمامه وسلمت عليه، كان منصور يمسح العرق من صلعته أو شعره المحلوق بطاقيته التي لا يتخلى عنها أبدا مع انه لا يرتدي الا الملابس الأفرنجية. انحنى بحركاته المتعجلة والتقط بطيخة صغيرة ثم قام بالطرق عليها وجسها وخاطب ابراهيم سائق السيارة : " دي مخصوص ليك يا ابو خليل..وعشانك خليناها ليك بــ..." ... أها!! ليس صعبا أن أجد مدخلا للشجار. هو يريد فرض البطيخة على ابراهيم حتى قبل أن يفتح ابراهيم فمه بكلمة ويتظاهر بكرمه عليه بتخفيض ثمنها.. مع ان شكلها يوحي بـ.. بــ ..بالقدم 0
    قلت منازلة له وأنا أدحر ابتسامة ماكرة تتراقص على شفتي ، وكنت أنظر الي البطيخة التي يحملها بين يديه ويمدها لابراهيم وقد تدلى كم قميصه ذو الكاروهات الخضراء الباهتة قرب معصمه في واحدة بينما ظل الكم الآخر مكفكفا في الذراع الأخرى.
    - "هسه نضمن كيف انها دي حمرا كان ما فتحتها لينا؟ "
    - "ماهو يا استاذة البطيخ القدامك ده كله ممتاز درجة اولى.."
    تراقصت خطوط الكاروهات أمام عيني وتداخلت وامسك بعضها بخناق بعض واحسست بشي في عقلي كالأكلان 0
    رفعت عيناي أنظر الى وجه منصور، معقول؟ نفس الملامح اليوسفية للزائر الصباحي؟
    قاطعته بعذوبة " يعني على ضمانتك يا منصور؟" واتبعت قولي بنظرة هائمة. "طيب خلاص خلي تمنها علي أنا...وأنا تختار لي شنو؟؟" ء
    بهت الرجل وتلفت للتأكد أنه هو المقصود ، ثم تماسك ونظر بسرعة الى بطيخاته المكومة واختطف واحدة منها وبدأ ببعض الارتباك يعدد محاسنها. قاطعته بعذوبة اكثر وغير قليل من غنج : "طيب خلاص.. اختار لي واحدة تانية كمان لناس أختي بس تكون حلوة زي السكر" ء
    كانت هذه اكبر من احتماله فوقف حائرا من تصرفي ، فتبرع ابراهيم الذي احتضن فريسته المدفوع اجرها بقوة ، ربما خوفا من أن اتراجع عن كلامي واحرد البطيخات كلها، وأشار الي احدي البطيخات الماكنة حيث كانت عريضة القامة، ملحمة. وقتها انتبه منصور من حيرته، وتجاهل تنبوء ابراهيم بجودة اختياره واختار أخرى مؤكدا انه منذ قليل اشترى نائب المحافظ شخصيا توأمها. سألته عن ثمنهم وأنا أفتح محفظتي وناولته الثمن دون أي نقاش وفوقه أحلى ابتسامة وأنا اشكره برقة متناهية وارنو للعينين آخذ منهما زادي قبل أن استقل الحافلة 0
    اتجهت للسيارة ومنصور وابراهيم خلفي وأنا أحس بالحبور . وما أن دلفت الى الداخل حتى تبينت ما كان منصور يردده خلفي : "والله ألف مبروك ..ألف مبروك يا استاذة..ربنا يتمم بخير يا استاذة..." جلست على المقعد وانا مندهشة انظر لمنصور بقميصه ذي الكاروهات الباهتة وطاقيته المبلولة بالعرق ووجهه الخشن واقفا بتردد بعد أن وضع البطيخات في السيارة ولسانه يتلعثم بالدعاء . عبست باستياء وقلت منتهرة "الف مبروك شنو وربنا يتمم شنو؟؟" ء
    وما أن سمع ابراهيم تلك الحدة في صوتي حتى زأر بالسيارة وانطلق 0

    *****************

    كنت في حالة مزرية عندما وصلت الى الدار ولم أشغل بالي مطلقا بالبطيخات. لمست صفحة خدي فلسعتني حرارتها. اسرعت الي غرفتي وأنا ألهث ونبشت بجنون عن عظمة دولابي التي دفنتها في حقيبة يدي صباح اليوم بعيدا عن متناول يدي بنت أختي وغرزتها بكل رعبي في قلب القفل وفتحت الدولاب. كانت شريحة المرآة متكئة في استرخاء على قفا مصراع الدولاب . نظرت اليها بلهفة وهتفت: ء
    "ميرور ميرور... من هذه الغريبة التى تقف أمامك؟؟"
    فأجابتني متأففة "هاي بس!!" ثم تمطت متثائبة 0
    لم يثرني ردها فقد كنت مشغولة بتأمل سحنتي المعكوسة عليها . كانت عيناي جاحظتان مع هالة من الفقاعات الصغيرة تحفهما ثم تنفقأ فيتطاير منها شرر احمر وكانت تتدلي على وجهي سحائب من قوس قزح...يااااه ! هذا وجه مريض! أنا قطعا مصابة بحمى ربيعية استوائية وارد هاواي..والا ما كل هذه الألوان!!؟؟
    وذلك الرجل المعتوه الذي لاحقني بالمباركة ..لاشك انه ظن أني قد خطبت لأخاطبه بذلك المزاج الغنج السعيد.. يا الهي! منصور بائع البطيخ ؟ ..كم أحس بالصغر والفضيحة!! ء

    لحقتني والدتي الي الغرفة قلقة بعد أن لاحظت ما بي . قلت لها انني أحس بالمرض وأعتقد أن الملاريا التي ودعتني بالأمس القريب قد تذكرت انها نسيت أن تدمر ما تبقى من مراكز الدفاع عندي فعادت بدون حوجة لقرار دولي أو مفتشين لتكمل العمليات. ما أن سمعت والدتي اسم الملاريا حتى شدتها في سيدي الحسن .. وما لها لا تشدها في سيدي الحسن ! فهذا هو عنان ما يفعله العاجز أمام المارد. ولم تقتنع بأني لا أريد تناول طعام الغداء وأفضل عليه الاغتسال من الحمى والجنون، فأكلت ارضاءا لخاطرها 0
    دخلت الحمام بعد ذلك واخذت حماما طويلا ، ليس فقط لأني كنت حريصة علي ازالة كل ما علق بي من ذرات الجن الأصفر والمرض ، بل لأن الماء في الحنفية كان عصيا متمردا وينزل على مضض ولم يكن لدي مزاج لاستحم بماء السطل . بعد الحمام أحسست بأني أفضل حالا ولم يمض وقت طويل حتى استغرقت في نوم عميق امتد لأكثر من ساعتين لم يوقظني منه الا صوت مها الصديقة الحميمة لأختى الكبرى 0
    يالله! نسيت أني كنت متفقة معها لمرافقتها لزيارة احدى صديقاتهما . كانت اختي ومها تترافقان دائما في زياراتهما حتى تزوجت أختي وسافرت خارج الوطن، فصارت مها تلجأ الي أحيانا لمرافقتها في بعض تلك الزيارات 0
    لم اكن أحس مطلقا بالرغبة في زيارة أحد أو حتى مغادرة سريري، لكن مها اصرت على الزيارة لأنها لا تستطيع أن تجد وقتا مناسبا آخر، كما انها جاءت من مكان بعيد ولن تستطيع القيام بنفس الرحلة ثانية. دعوت في سري أن تشغلها الوالدة بأصناف الطعام والشراب حتى يتأخر الوقت وتغير رأيها ، لكن هيهات . وعندما عجزت عن اقناعها بالغاء الزيارة قمت متكاسلة وغيرت ملابسي 0

    ***************

    فضلنا أن نستـقل (تاكسي) لتوفير الزمن حتى تستطيع مها أن تعود مبكرة الي بيتهم وتدحرج بنا التاكسي حتى وصلنا الي حيث تسكن الصديقة. لكن سائق التاكسي رفض الدخول بنا في الزقاق حيث يقع البيت فاضطررنا للنزول . ولم اتحمس كثيرا للاصرار على دفع الاجرة فقد كنت لا أزال احس بحرقة ما دفعت لذلك المخبول منصور دون مناقشة 0
    كنا نسير في الزقاق مجتهدات في تفادي الحفر الصغيرة العديدة التي تصادفنا ، يشغلنا اقتلاع كعوب احذيتنا التي تـنغرس من حين لحين في الارض، عندما سألتني مها عما اذا كنت قد غيرت رأي بخصوص رفضي لطلب شقيق صديقتها تلك الزواج مني 0
    فصحت: " ووووب علي كان لقينا اخوها السغيل داك قاعد في البيت" ء
    احتجت مها قائلة: " غايتو ياخواني جنس كضب..بهتي الراجل..والله لا سغيل ولا حاجة بالعكس والله راجل محترم ومهذب والناس ديل كلهم بشكروا في" واستطردت معاكسة: "انت بس قولي الفؤاد شاغلنو غيرو" ء
    نكرت بشدة أن يكون فؤادي مشغولا بأحد، قلت: "والله يا مها بغيظني شديد خلاس وما بريدو اصلي" ء

    في قرارة نفسي كنت أعلم أنني لا املك سببا واحدا معقولا لتبرير رأي فيه واحساسي تجاهه. هو طلب مني الزواج وأنا رفضت ، فلم يؤثر رفضي له على طريقة تعامله معي أبدا . كان يتلقاني كلما أقابله هاشا باشا مبتسما طيبا، بينما أقابله أنا بطريقة جافة جافية و...حانقة . ربما ..ربما لو تجاهلني أو غضب وعاملني بطريقة مختلفة لما احسست تجاهه بما احس.... لكنت أقل حنقا وعدائية ...حسنا، اعترف : كان الرجل يفوقني خلقا ورزانة وأدبا. لكن هل يجوز كما قالت مها أن بفؤادي بقايا من أبخرة الآخر؟ هل حقا ما زال بعض منه متشبسا بأنسجة قلبي!؟ ... ربما ، والا كيف أني لا أحس بخطورة وضعي وأنا في هذه السن!؟ أعني لم يتبقى لي شيء لأحمل لقب عانس ، ولا يقلقني الأمر مطلقا ولا أشعر بأي رغبة حقيقية في الزواج 0

    وجدنا باب البيت مفتوحا فدخلنا وسلمنا على الصديقة وبعض أفراد اسرتها الجالسين بفناء البيت. أكثرت الأم الالحاح علي أن نمضى داخل البيت فرضخنا. في الداخل كانت احدى اخوات الصديقة تتأهب لاستقبالنا لدى سماعها حركتنا واصواتنا بينما كان ...يووووه ، ذات الرجل الذي وددت ألا أراه هناك، جالسا على كرسي ممسكا بكوب من الشاي وأمامه صحن لقيمات 0
    نهض الرجل واقفا عند دخولنا ، وتعلقت عيناي بأكواب الشاي وصحن اللقيمات. احسست بتموج غريب يجتاح بدني كله ويرتفع الى رأسي . تريثت لثواني وأنا اتقدم تجاهه للسلام قبل أن ارفع عيني ببطء وبحذر شديد لأنظر الي وجهه وأنا أدعو الله في سري بحرارة أن (يكذب الشينة) ، ثم توكلت عليه ونظرت. كان يقف هناك وقد انتشر شاربه الكثيف فوق شفتيه المبتسمتين ورماني بعينيه العسليتين فانجرف عقلي وتكسرت مجاديفي في خضم العيون وفي ثوان انهارت جميع متاريس مقاومتي وكأنها برج مركز التجارة الأعظم 0
    كان خدرا لم اسعى لنفضه ذاك الذي احتواني فرددت عليه التحية بأفضل مما كان سيحلم به وهو في امتع سياحات الخيال. تجاهلت الارتفاع الطفيف في الحاجب الأيمن المندهش خاصة وأن الرجل تعامل معي بطريقته البشوشة الاريحية التي اعتدتها. كان وجهه يزداد وسامة عند كل ابتسامة فيزيد تعلقي به وتحلق روحي طربا. حقيقة لا أذكر الآن تفاصيـل ما كنت أقول أو أفعل فقط أذكر ذلك الخدر اللذيذ . أذكر أيضا أنه في لحظة من اللحظات التقت عيناي بعيني مها فصرت لي سرا عينيها وهي عابسة. بعد أن تجاذبنا أطراف الحديث الممتع الشجي استأذن الرجل للخروج فودعته وأنا على وشك الذوبان 0
    وبقيت أنا بعد ذلك هادئة ساكنة لكن بداخلي كانت تتناوبني بقايا الاحساس بالخدر والتحليق في آفاق وردية ، ودهشتي المخلوطة بالهلع من تصرفي الارعن 0
    لم يمض وقت طويل بعد خروجه حتى وقفت مها تستأذن مودعة متحججة ببعد منزلها وتأخر الوقت 0

    كان احساسي بالتموج قد بدا ينكمش ويزحف مكان فراغاته ذلك القلق الملح . ودعنا أهل البيت عند باب الشارع وما أن ابتعدنا قليلا حتى انفجرت مها ضاحكة وهي تتشهد وتتحوقل: ء
    - "ده شنو السويتي ده يا مجنونة لاااا حول... أنا فـ حلم ولا فـ علم ؟ .. من متيييين ده كله؟؟
    مد التموج رجله اليمني واتبعها باليسري وانسل خارجا من بدني وتحكر القلق بارتياح مكانه وملت للصمت وقلة الحديث 0

    ************
    كنت مرهقة جدا عند وصولي للبيت وأحس بالصداع . تناولت مسكنا للألم وقلت لوالدتي انني لا استطيع حتى الكلام وذهبت للنوم مباشرة. لم يكن من السهل أن أنام بعد كل الذي مر علي في هذا اليوم غير العادي . رقدت على جنبي في سكون وأنا اتوسد ذراعا واغطي وجهي بالاخري. كنت أخشى حتى التقلب في فراشي. ماذا سيحدث لو أني انقلبت ووجدت والدي أمامي وقد تقمصته صورة ذلك الرجل العسلي المجهول!؟ واخجلتاه!! وامصيبتاه!! ء

    مرت بذهني أحداث اليوم كله واختلطت الصور والأحداث في رأسي ..هل كان رئيسي هو الذي يلبس قميص الكاروهات أم كان هو من حملق في محدقا بعينين متفحصتين؟ ومن فيهم الذي كان يتناول الشاي؟؟ واخوفي لو كانت هذه اعراض مرض انفصام الشخصية!!..رباه ، هل يظهر المرض هكذا فجأة ويتفاقم في يوم واحد؟ أم هي مباديء انحراف حاد؟
    أذكر وأنا صغيرة شاهدت فيلما عربيا تحكي أحداثه عن مصابة بانفصام الشخصية. كانت تنام بعد احساسها بالصداع ، ثم تستيقظ منتصف الليل وترتدي فستانا أحمر. كان جزءه العلوي يبدأ من فوق خاصرتها بقليل وكان مشطورا من الجوانب حتى أعلى.....لا أدري أين. وتتزين وتتعطر ثم تسلل من البيت لتشرب وترافق الرجال..... ويلي!! ترى هل سأنام الليلة وأخرج مثلها منتصف الليل وأفعل ما تفعل!!؟
    قلبت اضبارة الذاكرة فلم أجد عندي فستانا أحمر عاري الصدر مشقوق الجوانب. حمدت الله وشكرت نعمته. على الأقـل ان خرجت سأخرج مستورة! لم أنسى أن أدعو الله أن تكون الخمر مرة شديدة المرارة ذات مذاق بغيض كريه لا اطيقه ، ينفرني من تجربتها 0
    شممت رائحة بخور ، كانت والدتي تدير مبخرا حول رأسي وتهمهم ببعض التعاويذ 0
    تنحنحت ثم تجرأت وسألتها: ء
    -"الراجل الجا الصباح يأجر الدكان عملتي معاو شنو؟؟"
    ردت: "العريبي الداير يأجر الدكان برماد وشو؟؟؟ هو ما ود عم حمدان الراجل الجبار سيد الدكان الجنب ناس أختك. انا مما قالوا لي ود عمو عرفتو ما بدفع الرمادة.. فلاحة قال شنو؟ قال مرته عند اهلا دار تلد، (ثم قلدت صوته) عليك الله يا خالة ما عندك لينا اوضة تسكنينا فيها معاك..... يخلخل ضروسك يا يابا" ء
    ..
    .
    احسست بقدر من الارتياح وحمدت الله سرا ... هذا يعني أنني لن أرى هذا الجن الأصفر مرة أخرى. أنت لا تدرين يا حياة أي لعنة أصابني بها هذا الرجل السحار الذي يتعامل مع الجن ويسعى لهتك ستر حياء البنات ويمحق عقولهن. سأكنس لعنته بفروع الشجر الأخضر عند الفجر وأرمي عليه المعوذتين ثم أقرأ ياسين علها تخرجنى من تلك اللعنة. تنهدت بعمق وبدأت أستجدي النوم مرة أخرى

    دسست في يده يوما وريقة كتبت فيها: ء
    ء "عندما كنت صغيرة حكت لي جدتي
    ان الأحزان تغزونا متتسللة مع خيوط القمر
    وكنت كلما تمددت تحت السماء وداعبني الوجه الباهي المستدير
    أشيح بوجهي خوفا من هجرة الأحزان الى روحي دون أن أدري
    حتى صادفتك في خيالي، قبل الحقيقة
    فعشقت الليل
    وعشقت الحزن
    وعشقت القمر..." ء
    قرأ ما كتبت ونظر الي مليئا وعوضني عن الكلام بابتسامة قلقة 0

    **************
    تقلبت في فراشي مسهدة ونظرت الى السماء الصافية. كانت هناك جالسة في شموخ بين حاشيتها تنظرالي في رثاء . أحسست بالغيظ ومددت يدي وجذبتها من ضفائرها حتى كان وجهها يلامس وجهي
    سألتها: هل حقا أنا مجنونة؟؟
    لم تجبني بل حلحلت ضفائرها برفق من قبضة يدي وعادت الى عرشها والنجوم حافات بها يزدنها ألقا 0
    أغمضت عيني في حزن وقرأت آية الكرسي ثلاث مرات واستسلمت لمداعبة النوم .... ء
    ..
    .
    تمت ختمت
    ونامت المسحورة في تبات...
    وليس معروفا ان خلفت صبيان وبنات
    وتصبحون على خير
                  

العنوان الكاتب Date
أيها الغائب سلاما... rummana07-06-03, 10:47 PM
  Re: أيها الغائب سلاما... rummana07-06-03, 10:57 PM
    Re: أيها الغائب سلاما... waleed50007-06-03, 11:45 PM
  Re: أيها الغائب سلاما... الفاتح يسن07-07-03, 07:57 AM
    Re: أيها الغائب سلاما... ابو جهينة07-07-03, 08:59 AM
      Re: أيها الغائب سلاما... rummana07-07-03, 11:07 AM
        Re: أيها الغائب سلاما... ابو جهينة07-07-03, 04:01 PM
          Re: أيها الغائب سلاما... rummana07-07-03, 08:26 PM
            Re: أيها الغائب سلاما... فتحي البحيري07-07-03, 09:02 PM
              Re: أيها الغائب سلاما... عبدالله07-07-03, 10:12 PM
                Re: أيها الغائب سلاما... rummana07-08-03, 08:36 AM
  Re: أيها الغائب سلاما... Tabaldina07-08-03, 03:17 PM
    Re: أيها الغائب سلاما... rummana07-09-03, 08:47 AM
  Re: أيها الغائب سلاما... MaxaB07-12-03, 02:06 AM
    Re: أيها الغائب سلاما... rummana07-12-03, 09:01 AM
  Re: أيها الغائب سلاما... MaxaB07-14-03, 09:29 PM
  Re: أيها الغائب سلاما... MaxaB12-09-03, 03:26 PM
  Re: أيها الغائب سلاما... MaxaB12-10-03, 10:15 AM
  Re: أيها الغائب سلاما... Ahlalawad12-10-03, 10:53 AM
    Re: أيها الغائب سلاما... MaxaB12-12-03, 03:25 PM
      Re: أيها الغائب سلاما... عبدالله12-12-03, 03:33 PM
        Re: أيها الغائب سلاما... dreams12-12-03, 08:24 PM
  Re: أيها الغائب سلاما... MaxaB12-12-03, 10:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de