|
Re: ومات الحمار !! (Re: هشام آدم)
|
أخي هشام،
تحيّة عطِرة من لبنان.
أعجبتني جدًّا قصّتُك القصيرةُ ذاتُ الصِّياغة الجميلة والمغزى العميق. واسمح لي، في هذه المناسبة، أن أشاركك وبقيةَ الأخوات والإخوة في مقالة ساخرة كتبتُها قبل نحو أربعةَ عشر عامًا عن "حمير لبنانَ المظلومة."
بكلّ تقدير ومودَّة.
غسّان ---
مؤتمرٌ استثنائيّ لِحَمير لبنانَ المظلومة: احتجاجٌ ومناشَدةٌ وسلسلةُ توصيات!
غسّان غصن
شهِد العالمُ قبل أيامٍ معدودة حدثًا لم يسبق له مثيل، حتى في الأحلام أو الأفلام! ومع إدراكي التام أنّ نشْرَ المعلومات المذهلة الآتية سيحمل الكثيرين على اتّهامي بالجنون أو "الهَلْوَسة"، ويجعلني هدفًا لِحَسد الإعلاميّين وحِقْدهم (كيف لا، وقد انفرَدْتُ بتسجيل هذه الوقائع المثيرة الفريدة)، فإن ضميري المِهْنيَّ وتعاطفي مع المظلوم والمُهان فرَضا عليَّ عدمَ إبقاء هذه التفاصيل التاريخية الخطيرة طيَّ الكتمان. وأجزم للقارئ، وأنا في كامل قِوايَ العقلية، أن محتويات هذا المقال حقيقيةٌ وصحيحةٌ مئة في المئة .... وليست من صُنع الخيال أو نتيجة "ضرْبة شمْس"! كما أنها ليست مقتبَسةً من كتاب "عليلة ودِملة" للمفكِّر الشهير ابن المُقَوْقَع.
مؤتمرُ الحمير
عقدت الجمعيةُ التأسيسيّة لِحمير لبنان مؤتمرًا استثنائيًّا لم يتضمّن جدولُ أعماله إلاّ بندًا واحدًا، هو بحثُ مشكلةٍ عَويصةٍ مزمنة، وكيفيةِ معالجتها والقضاءِ عليها. وبرز في الجلسة الماراثونية، التي استمرَت من الفجر حتى منتصف الليل، موقِفانِ متعارِضانِ ومتضارِبان ... لا بالنسبة إلى جوهر المشكلة، الذي أجمع عليه الحاضرون، بل بالنسبة إلى الأسلوب المطلوب للحلّ. ففي حين دعا ممثلو التيّار الأول إلى اتّخاذ اجراءاتٍ جَذْريّةٍ وحاسمة، حِفاظًا على ما تبقَى من عزَّةٍ وكرامة ... لأن الكَيْل طفَح، استسْخفَ (أرفضُ كلمة "استحمَرَ") أصحابُ الرأي الثاني – الذين يمثّلون أكثريةَ حمير لبنان – هذه الفكرة ... لأنها ليست منطقيّةً أو عمليّةً أو مُجدِية، ولن تؤدي بالتالي إلاّ إلى تَفاقُم الأوضاع. وبرَّر هؤلاء موقفَهم من مُنطَلَق أن اللبنانيَّ بطبيعته ... "عنيد"، يرفض الاستماعَ أو الاستجابة إلى مطالب أخيه – حتى المحقّ والعادل منها – فهل يَعقلُ أن يُعير مطالبَ الحمير أيَّ اهتمام!
وبعد مناقشاتٍ ومُداولاتٍ حاميةِ الوطيس، وتبادُلِ الاتهامات واللَّعنات، وارتفاع أصواتٍ مُنكَرة، وافقت الجمعيةُ بالإجماع على اقتراحِ من رئيس جمعية الرِّفْق بالإنسان يقضي بشرْح المشكلة، ومناشدة اللبنانيين مساعدتَهم على حلِّها ...من مُنطلق لعلَّ وعسى! وتضمَّن البيانُ الختاميُّ الذي أعلنه الناطِق – عفْوًا – الناهِقُ الرسميّ باسْم الحمير، عددًا من النقاط والتوصيات المُهِمة (قرّرت الجمعيةُ حذْفَ عددٍ من الملاحظات والتعليقات، خَشْية التعرُض للمُلاحقة أو امتناع وسائل الإعلام عن نشْر هذه الوثيقة الخطيرة). وإذْ أنقلُ الآن هذا البيانَ بِحَرْفِيَّته، أكررُ ما قلتُه للحمير في مؤتمرهم من أنني أتحفَّظ عن بعض ما ورَد فيه من اتِّهاماتٍ قاسية.
البيان
"... إنّ الشتائم التي نسمعها والضرَباتِ التي نتلقّاها أحيانًا في أثناء العمل، تقتصر على نفرٍ من قُساة القلوب، ولذا فإننا لا نعتبرها جزءًا من المشكلة الكبرى. فهل نتوقّع من هذا القاسي الفَظِّ، الذي يشتم زوجتَه ويَضرب أولادَه، أن يكون معنا أفضلَ ممّا هو مع أفراد عائلته؟ لكنَّ التصرُّف اللبنانيَّ العامَّ الذي لا يمكن بعد اليوم قَبولُه أو التغاضي عنه، هو توجيهُ الإهانات التحقيرية إلينا "عالعِمّال وعالبِطّال" ودونما أيِّ سببٍ أو مُبرِّر، عبْر اتِّهام كلِّ غبِيٍّ وأحمقَ وجاهلٍ ... بأنه حمارٌ أو جحْش، كأننا "حرْفٌ ناقِصٌ أو ساقِط". وتَظهر هذه العنصريةُ المُغرِضةُ والحاقِدة ضدَّنا في القطاعات والطبقات المختلفة، وعلى المستويات كلِّها؛ بِغَضِّ النَّظر عن الفئة، أو الطائفة، أو المنطقة، أو المركز، أو العُمر، أو حتّى سلامةِ العقل (يا ليتهم يتوحَّدون هكذا، في الأمور الإيجابيّة لا السلبيّة). وهذه بعض الأمثلة، وهي غَيْضٌ من فَيْض:
1. السائقُ الأرعن الذي يقود سيّارته عكْسَ السَّيْر، أو يقودها ليلاً بِضَوْءٍ واحد (وأحيانًا من دون ضَوْءٍ على الإطلاق) ... حمار. الأخرقُ الذي يقف أو ينعطف فجأةً بلا إشارةٍ أو تحذير لِمَن هم وراءه ... جحْش، وهكذا الذي "يَفلق" الآخرين بِبُوق سيارته المزعِج، أو يَدخل من طريقٍ فرعيّة إلى طريقٍ رئيسيّة من دون الالتفات يسارًا. الرَّقيعُ المُتَهوِّر الذي يندفع من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين عندما يرى راكبًا محتمَلاً، أو شبْرًا فوق الرُّكبة ... حمار، كذلك الذي يتحدّث مع صديقه غيرَ آبِهٍ بالصفِّ الطويل وراءه، أو الذي يترك سيارتَه أمام مدخل مدرسة على أساسِ "لحظة" ويَغيب ساعة!
2. الأحمقُ الذي لا يعرف حدودَه ... حمار! والفارغُ الرأس الذي يدّعي المعرفةَ وهو لا يعرف ثُلثَ الثلاثة ... جحْش! نحن لا نطلب من مالكنا الفقير بَرْدَعةً من الحرير، ولا نبقى جائعين أسبوعًا كي نتناول وجْبةَ عشاءٍ في نادي الجِياد! لم يَزعم أيٌّ منّا مرَّةً أنه أسرعُ من الجواد الأصيل، أو أقوى من الفيل. ثمَّ ... هل سمعتم حمارًا يعِظ دجاجةً في كيفية إنتاج البَيْض، أو يُقدّم للكلْب المسمّى "الراعي الألماني" اقتراحاتٍ تتعلَق بأفضلِ وسائل الحراسة، أو يُعلّم القِرْدَ كيْف يَرقص ويُقلّد؟ معاذ الله، فنحن نعرف قدراتِنا وطاقاتنا.
3. المستهلِكُ الغَبيُّ المغرور الذي لا يعرف شيئًا عن النَّوعية، ويدفع ثمنَ التِّبْر للتراب ... حمار! والمستهلكةُ (بِكَسْر اللاّم أو فتْحِها، لا فرْق) الحديثةُ عهدًا في النِّعمة، أو حتى البعيدةُ منها، التي تشتري التنُّورةَ "المُوَقَّعة" (بتشديد القفا - عفوًا - القاف، و"فتْح" العَيْن)، المصنوعةَ في جُزُر "واق واق"، وتدفع ثمنَها ما يجنيه زوجُها في ثلاثة أشهر ... حمارة و"نِصْ" أيضًا.
4. شرطيُّ السير الذي يقف في الظِّلّ يُدخِّن سيجارة، بينما "العَجْقةُ ضارِبةٌ أطنابَها" عند مُفْترق الطُّرُق، حمار! مُوظَّف شركة الكهرباء الذي يترك أنوارَ الشوارع مضاءةً في النهار, حتى في الأزمة الحاليّة للكهرباء، حمار!
5. المُهمِلُ الذي لا يَهتمُّ بِصِحَّته ... حمار! هل رأيتم حمارًا في حياتكم يَستحِمُّ بالماء الحار، ويَخرج للتحدث مع الجار ... في "الهوا الشمالي"؟ هل شاهدتم حمارًا يُعرّض نفسَه أيام الإجازة، لأشعّة الشمس الحارقة وسرطانِ الجِلد ... بسبب "البْرونْزاج" ("بَلا أوزون بَلا بلُّوط، شُو هالعُلَما الحمير"!)
6. السَّطحِيُّ والفارِغُ الرأس الذي لا يعرف كيف يَصون لسانَه أو يَحفظ سرًّا ... حمار! هل أفْشَيْنا سرًّا واحدًا في تاريخنا الطويل؟ ألمْ نُصبح على مَرِّ الزمن رمزًا لِكَتْم الأسرار؟ ألا تعرفون ما يقوله الرجالُ ذوو الحظِّ السيئ من أنّ الصديقَ الوَفِي ... كلْب، وكاتمَ الأسرار ... حمار، والعدوَّ ... زوجة؟
7. "الأخْوِت" الذي يتزوَّج (كما يقول ظريفُ لبنان نجيب حنكش وكثيرون غيرُه) ...حمار - "ليش في غير الحمير بْيتزوجوا، يا تُقْبر بيَّك"! والذي لا تحظى زوجتُه بإعجاب كلِّ أهله وأقربائه وجيرانه وزملائه إلخ. ... حمار، لأنه يركبها (بضَمّ الياء وكسْر الكاف المشدَّدة، طبعًا) على ظهْره .. "وتارِكْها تْهزّ إجْرَيْها كمان". لماذا هذا التجنّي والظُّلم؟ هل شاهدتم في حياتكم حمارةً تَركب على ظهْر حمار؟ حرامٌ هذا الكلام!
8. الفاسدُ الأخلاق الذي يُقامر بِماله وعِياله ... حمار! هل سمعتم بِحِمارٍ يُجازف بمِخْلاته، أو حتى بجزءٍ قليل من عليقه، لِمُجرّد "لذّة" المقامَرة؟ عيبٌ عليكم، أيّها الناس!
9. الخاملُ الكسول ... حمار، كذلك النَّشِطُ المجتَهِد ... "بْيشتغل كلّ النهار، متل الحمار"! الذي لا يتعلّم ... حمار، والذي يُمضي حياته في البحث والدَّرس ... حمار، "مشْ عايِش"!
10. الصّادق حمار، لأنه لا يدري أنّ الكذِبَ مِلْحُ الرِّجال؛ "ولازِمْ يْكون... مْلَوْفِكْجي حتى يْعيش"! الصَّريح ... حمار، "ما عندو شي منِ السِّياسي أو الدِّبلوماسيِّي"! الأمين ... حمار، "البلد كلّو عايِش عالسِّرْقة والنَّهب"! اللطيفُ الخجول ... حمار، والمخلِصُ حمار، و"البَيْتوتي" حمار، والعاقلُ حمار، والآدَمي (صفةٌ لأي إنسانٍ من أبناء آدم) حمار. أما الكذّاب، والحرامي، والفَظّ، ونزيلُ عُلَب الليل والخمّارات، و’الأزعر‘، و.....، "حَرْبوق وفِهْمان وعايِش تَرْخَني".
سُبحان الله، أيّها اللبنانيّون، كيف قلبْتُم موازينَ الأخلاق والفضيلة!
التوصيات
1. ندعو اللبنانيّين كافَّةً إلى القيام بِحَملةِ تَوْعيةٍ مُكثّفة في البيت والمدرسة وعبْر وسائل الإعلام العامَّة والخاصَّة (وما أكثرها)، لتربية الأجيال الجديدة على الامتناع عن استخدام اسْمنا وصِفَتنا في معرِض الذَّمّ والقدْح والشتيمة. ونتمنّى على مُخرِجي المُسلسَلات المكسيكية والإرجنتينية وغيرِها مساعدتَنا في هذا المجال، عبْر تضمين الحلقات المئةِ الأولى من كلِّ مُسلسَلٍ رسائلَ مبطَّنَةً تدعو إلى الكَفّ عن إهانتنا آلافَ المرّات في اليوم القصير. ونَخصُّ هؤلاء المخرجين الكبار بالذِّكر، لأنّ برامجَهم ذاتُ شعبيةٍ مُذهِلةٍ في لبنان… خصوصًا لدى العَرَبيّات … المثقَّفات الواعيات!
2. مطالبةُ مَن بَقِي من المثقَّفين الحقيقيين لا الزائفين (أو أشباهِ المثقّفين، وهُم كُثُر)، بتخصيص بعْضٍ من عُصارة "أفكارهم" لتحقيق هذا الهدف النبيل. فكتاباتُهم عن القضايا "المصيرية" تذهب هباءً منثورًا (رايْحَه ضِيعانْ).
3. مطالبةُ المسؤولين بمُلاحقة كلِّ مَن يَستخدم اسْمَنا بِعُنْصُريّةٍ تحقيرية ... أكثرَ من عشر مرّاتٍ في اليوم (كخطوةٍ أولى). ونأمل في أن ينجح هذا القرار، كما بالنسبة إلى منْع التدخين في الأماكن العامة!
4. مناشَدةُ حمير العالم العربي – وقبرص أيضًا – التضامنَ مع إخوتهم في لبنان، لنتمكّن جميعًا من القضاء على هذه الآفة "البشريّة" (سندعو لاحقًا إلى عقْد مؤتمرٍ عالمي، نَخرج منه بقراراتٍ حاسمة وبإجراءات جَذْرية).
5. إبقاءُ الآذان مفتوحةً (لا يمكننا إبقاءُ الجلساتِ مفتوحة)، وإعطاءُ اللبنانيين قرْنًا (من الزَّمن) أو ربما قَرْنَيْن، ليعودوا عن غِيِّهم وضَلالهم، ويبدأوا في معاملتنا بالاحترام الذي نَستحقّه!
حاشية
نتوَجَّه بالشُّكر والامتنان العميقَيْن إلى اللبنانيِّ الوحيد الذي تبنّى قضيّتَنا بِصِدْقٍ وإخلاص لا مثيلَ لهما، ووافَق على طرْحها أمام العالم بجُرْأةٍ وشجاعة لم نشهَدْهما في تاريخنا كلِّه. ونأمل من اللبنانيين كافَّةً الإحجامَ عن وصْفه – علَنًا أو سِرًّا (لنا آذانٌ في كلِّ مكان) – بأنه "...."! كما نَلفت الانتباهَ في الختام إلى أنَّ مَن أنْصَفَنا هو أحد أبناء "المُنْصِف"، من منطقةٍ، أطلقَ عليها بعضُكم زُورًا وبُهْتانًا اسْمَ .... "بْلاد الدّابِة" [جُبَيل]!
("نهار الشباب"، "النهار"، 11/1/1994)
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-05-07, 05:23 PM |
Re: ومات الحمار !! | غادة عبدالعزيز خالد | 11-05-07, 08:46 PM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-06-07, 12:32 PM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-19-07, 08:41 AM |
Re: ومات الحمار !! | Ammir Mohamed | 11-19-07, 09:09 AM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-19-07, 09:53 AM |
Re: ومات الحمار !! | Ghassan Ghosn | 11-20-07, 10:12 AM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-20-07, 12:48 PM |
Re: ومات الحمار !! | Ghassan Ghosn | 11-20-07, 02:23 PM |
Re: ومات الحمار !! | معتز تروتسكى | 11-20-07, 02:34 PM |
Re: ومات الحمار !! | معتز تروتسكى | 11-21-07, 10:09 AM |
Re: ومات الحمار !! | almulaomar | 11-21-07, 01:27 PM |
Re: ومات الحمار !! | Ghassan Ghosn | 11-21-07, 08:31 PM |
Re: ومات الحمار !! | almulaomar | 11-20-07, 02:58 PM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-20-07, 06:50 PM |
Re: ومات الحمار !! | almulaomar | 11-21-07, 07:40 AM |
Re: ومات الحمار !! | showgi idriss | 11-21-07, 01:29 PM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-22-07, 08:41 AM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-22-07, 09:00 AM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-22-07, 09:11 AM |
Re: ومات الحمار !! | معتز تروتسكى | 11-22-07, 09:41 AM |
Re: ومات الحمار !! | هشام آدم | 11-22-07, 11:02 AM |
|
|
|