نقد الانتلجنسيا السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 08:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-24-2007, 05:33 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقد الانتلجنسيا السودانية (Re: هشام آدم)

    ________________________

    حوار مع عاطف خيري

    أجرى الحوار: الصادق الرضي

    منذ أن بدأ يقرأ قصائده بالمنتديات الثقافية المختلفة بالجامعات والمعاهد العليا - نهايات ثمانينيات القرن المنصرم - بدأ جمهور عريض يلتف حول أعماله الشعرية والتي حققت قدرا كبيرا من الذيوع والإنتشار واطراد طفق الشاعر عاطف خيري يطور أدواته الإبداعية ويفاجئ جمهوره ونقاده بنقلات جديدة في سياق تجربة لم تخل من مغامرات كبيرة تضمنها كتابه الأول (سيناريو اليابسة- طبع ثلاث مرات) وكتابه الثاني (الظنون) . صدر ديوانه الجديد (تشجيع القرويات) في مارس الماضي عن (منشورات الشريف الأكاديمية) وهو في مهجره الاسترالي حيث يعمل ويقيم هناك منذ عدة سنوات بالاضافة الى إسهاماته الثقافية الاخرى من خلال عمله ضمن فريق تحرير صحيفة (المهاجر) وإشرافه على القسم الثقافي على وجه الخصوص إضافة إلى تأسيسه ضمن آخرين أول إذاعة سودانية باستراليا وقد تمكن - كذلك - من تكوين فريق مسرحي مكون من مهاجرين أفارقة يعمل على إعدادهم لمستوى إحترافي في تقديم العروض المسرحية هناك.
    من خلال البريد الإلكتروني كانت معه هذه المقابلة



    الشعراء الذين يعتقدون في النقد ينصرفون إلى كتابة نصوص مغلقة الخروج عن أفق ( سيناريو اليابسة) الى (الظنون) هل هو انتقال من لغة الى اخرى حقا ـ كما تبدى لكثيرين ـ أم ان هناك حيثيات اخرى ؟!

    - يبدو لي أن هنالك حلقة مفقودة خاصة بالنصوص التي كتبتها قبل كتاب سيناريو اليابسة، وهي نصوص لو تـمّت قراءتها لذهب السؤال مذاهب أخرى، حتى أن بعض الأصدقاء والذين شهدوا معي تلكم الفترة، أيام النصوص المبكرة، قالوا فيما بعد بأنهم يجدون مشقة في التعامل مع نصوص سيناريو اليابسة والتي يرونها وعرة بل وغريبة على مفردتي وعالمي الشعري، ولكنك ترى كيف جلس السيناريو مطمئناً على أرفف المكتبة وكأنه بداية فعلية لمشوار طويل بدأ في الحقيقة مبكراً جداً وخلّف وراءه نصوصاً كثيرة لم تقع عينُ القارئ عليها ولو فعل لكنتُ مطالباً بالإجابة على السؤال الأصعب. إذن السيناريو أيضاً، تمشياً مع مزاج السؤال، يبدو انتقالاً من لغة إلى أخرى. من واجبي أن أقول إنه أثناء كتابة السيناريو وأثناء ذيوع نصوصه في المنتديات والليالي الثقافية كنتُ أعالج نصوصاً أخرى ستشكّل فيما بعد كتاب الظنون، لكنني لم أجد الحيلة والشجاعة معاً، لمراجعتها ولإعتمادها نصوصاً يمكن قراءتها ونشرها بطريقة لائقة آنذاك، ربما لأنني كنتُ أرقب إكتمال ونضج الصوت داخل موسيقى المفردة العربية الفصيحة بإعرابها وحمولاتها الشعرية المتشابكة. المنابر والقراءات الشعرية ساهمتْ أيضاً في خفوت صوت تلك النصوص، حيث أنني كنت مطالباً في أكثر الأحوال بقراءة نصوص بعينها، تحديداً نصوص السيناريو، والتي بدتْ في عين وأذن جمهور الشعر آنذاك، طقساً شعرياً يستحق الإحتفاء ، وما كنتُ بمفسد ذلك الإستقبال، وما كنتُ بغافل، في ذات الوقت، عن الكائنات الشعرية الوليدة التي بدت تتشكّل أمامي جراء الظنون. تلكم هي القصة، لكنني لم أقل الفكرة بعد، ففي تصوري الخاص والذي ظللتُ أردّده دائماً ولم أفلح بعد في صياغته بشكلٍ مكتمل، إن بإمكاننا إنتاج الشعر و العثور عليه في كلتيهما: دارجية وفصحى، ناهيك عن بقية اللغات واللهجات: انظر إلى الشعر المترجم عن لغات أخرى مثلا، وكيف نستمتع بمعظمه ونعثر على الشعر فيه من قراءة أولى فحسب. أخيرا، وهذا هو لب الأمر: القلق، عدم الإطمئنان لما تمّ إنجازه ثم الرغبة في المغامرة تحتم على الشاعر أحياناً أن يحتقب أهوالاً كثيرة، أقلها فيما أرى: الظنون .



    تضمن كتاب الظنون، معالجات شعرية مختلفة، في متنه. نص كتاب الحنان غير نص الجلوس على سبيل المثال، بينما نجد (تشجيع القرويات) على ما تحفل به نصوصه من تنوع نسبي، كأنما هو نص واحد بعناوين فرعية، هل هو اتجاه جديد في سياق تجربتك الشعرية ؟!

    - نعم. في الظنون كنتُ نهباً لقراءات كثيرة ومتنوّعة، هذا هو قدر الكاتب فيما أعتقد، ولعل عنوان الكتاب يدلّك على طعم تلك التجربة، فالظنون لم تكن سوى ظنون أدبية محضة، بمعنى أنها كانت أقرب إلى التأمل الشرس في أجناس الكتابة الشعرية من نثر وتفعيلة إلى غنائية وعرة ثم مزج بين كل ذلك. كنتُ، مثلي مثل كثيرين، شاهداً على مدارس واتجاهات - شعرية ونقدية - متنوّعة و خاصة بإنتاج القصيدة: بناؤها وموسيقاها وحتى توزيعها وتحريرها جغرافيا على بياض الصفحة. ظهرتْ هذه الهموم بشكلٍ لافت في كتاب الظنون لكنها، من وجهة نظري، نجتْ بأعجوبة من التشويش والبلبلة، كما أنها خلت من الغموض الذي عادةً ما يرتفق مثل هذه التحولات. كنتُ بحاجة إلى إبراز بطاقة شخصية، شخصية جداً، تدل على تاريخي مع هذا الجنس من الكتابة، لذلك قد تعثر في الظنون على طفولات شعرية وتجاريب ناضجة وخلاف ذلك كثير. ربما ظلّ وسيظل ذلك بالنسبة لي واحداً من أسرار هذا الكتاب والتي تدعوني دائماً إلى النظر إليه بعين الإمتنان كونه التجديفة الأولى في محيط غويص. أما تشجيع القرويات فهو التفرغ بعناية إلى صوت ارتطام الإناء الذي تحطم إثر السيناريو والظنون والعمل بدأب على مزج وتركيب ذلك الصوت، وليس الإناء. هذا ما منحه هذا التماسك الهش والذي يليق بقصيدة واحدة طويلة. وهذا أيضا ما منحنى دروبا، يبدو أنني سأسير فيها طويلاً، وهي الدروب التي ينبغي فيها الإحتفاظ بصوت تهشم الأشياء وليس بالأشياء نفسها.



    لأول مرة يصدر لك كتاب، وأنت خارج الوطن، لم تتحسس براءة قدومه الاولى في الناس والحياة، كيف تحسستها الان وأنت هناك ؟!

    - مقالب الهجرة لا تنفد أبداً، والغريبة يا أخي هي تشبه مقالب المكوث أيضا مع اختلاف طفيف في اللغة والضرائب. خذ مثلاً الكتاب الأخير من جهة التصميم والإخراج، ساهم ضيق وقتي وغيابي مثلا في خروج الكتاب بالشكل الذي لم أتوقعه أبداً. أما هنا في ملبورن وعلى كثرة السودانيين فالأمر لم يتعد مناولة بضعة أصدقاء نسخاً من الكتاب الجديد ثم حلّ بعد ذلك الصمت المطبق والذي يليق، كمكافأة متجهمة، بكاتبٍ ترك أهله وأصدقاءه وقراءه وانضم إلى قبيلة المهاجرين : القبيلة التي ستضيف إلى تراجيديا القبائل السودانية - على كثرتها وشربكاتها - دمعة هائلة. الوحيد الذي اكترث كثيراً بأمر الكتاب الجديد كان شاعراً أسترالياً، لم يفهم منه حرفاً واحداً لكنه انفعل بالفكرة: فكرة الشغف بالكتابة داخل اللغة الأم ثم طباعة كتاب شعري أثناء مزاولة أعمال هامشية لكسب العيش ومزاولة أعمال أخرى تطوعية لكسب الهواية!!! تتويجاً لهذا الإهتمام بدأنا في طرق دروب ربما أفضتْ إلى كتابٍ جديد وربما أسفرتْ مستقبلاً عن ترجمة محترفة لبعض الأعمال الشعرية.



    كيف تتعاطى مع الاطروحات ذات الطابع النقدي التي تحوم حول الانتاج الشعري المعاصر، من لدن (قصيدة النثر) (الشعرية الجديدة).. الخ، والى أي مدى تمتح تجربتك من هذا الفضاء ؟!

    - الشعراء الذين يعتقدون في النقد أكثر مما يجب ينصرفون في الغالب إلى كتابة نصوص مغلقة، والحريف فيهم ربما انصرف إلى كتابات ذات طابع نقدي وهذا مكسب كبير كما لا نعلم. في إعتقادي أن هنالك هماً شخصياً، محلي للغاية ، دارجي وبسيط ينبغي الاعتناء به أثناء كتابة القصيدة ، كيف ؟ لا أدرى، لكن ذلك في تصوري ما سيمنحها اختلافها، حياتها وحيويتها. المشكلة تبدأ حين يتم التعصب لشكلٍ شعري أو لمنهج نقدي واحد ويتم تعاطيه كأنه الوصفة السحرية لكتابة نص ما. قصيدة النثر مثلاً كانت حاضرة بشكل أو بآخر و باستمرار في الشعر العربي وغير العربي، نعم بدرجات متفاوتة وبتقنيات أقل، لكن المجزرة بدأت حين بدأ بعض النّقاد وتبعهم بعض الشعراء يتعصبون لهذا الشكل الشعري دون غيره وبدأوا يروّجون لهذه القصيدة كأنها القياس الوحيد لشاعرية الكاتب. ضمن هذا التشويش يظل العثور على نقد جيد يشبه كثيراً العثور على ناشر أمين ومحترف. نعم أنا مهموم، مثلي مثل غيري من الكُتّاب، بهذه الأطروحات لكنني أبحث فيها عن كشوفات يظل آخرها: كيف تكتب قصيدة معاصرة؟. النقد الذي يقول مثلاً بعدم جدوى الشعر القديم، والذي يقلل من قيمة الشعر الغنائي لا أحفل به مطلقاً. النقد المبصر أحيانا يرفد الشعر بفضاءات رحيبة مثلما تفعل اللوحة، السينما، القصة والقصيدة وأنا أنظر إليه كما أفعل ناحية الحقول من نافذة القطار.



    الاقامة قليلا في القاهرة، ملامسة جانب من المشهد الثقافي المصري عن كثب وجوانب من المشهد السوداني بالقاهرة، أيضاً المكوث باستراليا والنظر الى العالم من هناك، بلغة أخرى (ملامح أخرى؟!) إضافة الى نمط ـ أنماط مختلفة من الحياة، ماذا أضاف أو بالاحرى، كيف وجدت المنفى (بينهما) لأول مرة؟!

    - القاهرة عندي هي صحيفة أسبوعية اسمها أخبار الأدب تصدر صبيحة كل جمعة، هي الجلوس في المقهى دون الشعور بالذنب، حلمي سالم، عبد المنعم رمضان، إذاعة القرآن الكريم، سوق الكتب في الأزبكية، لوحات حسان على أحمد، صيام شهر رمضان كلّه وبجروحٍ نادرة، الكتابة يومياً في الصباح وتمزيق المسودات في المساء، مطعم الخرطوم: بعضهم يقول إن الفيتوري يغشى ذلك المكان من وقتٍ لآخر، صوصل يقدم عرضاً مسرحياً بمفرده مستخدماً بضعة مواقف ومشاهدات مرّت به قبل ساعات من العرض ويقوم بإضحاك المصريين شخصياً، ندوة عن كتاب الظنون نظّمها وأدارها حلمي سالم، القاص أحمد الشريف وشغفه بالروائي السوداني إبراهيم اسحق، مثابرة عفيف اسماعيل في تأسيس شموس الثقافية، جمع وتحرير بضعة كتب ومجلة، (في طريق الليل ضاع الحادثُ الثاني وضاعتْ زهرةُ الصبار) بصوت صابر عبد الهادي، حي عابدين ومقاهي عابدين، مكتبة المحروسة، هل قلتُ عين شمس؟ هذه هي القاهرة التي تنتابني والتي أعشقها بحذرٍ شديد. أما استراليا فهي درس قاس في الجغرافيا: قارةٌ مدهشة بتنوّع ناسها وطقسها وكائناتها فقط لو تركتها أمريكا في حالها وتركتنا هي في حالنا. وجدتُ مثلاً أن ما تحاول أن تفعله الدولة هنا وتصرف عليه الملايين سنوياً من احتفال بالتنوّع الثقافي والتعدد الإثني فعله السودان ببساطة وبتكلفة أقل قبل عقود من الزمن ودون أي آلة إعلامية هادرة كالتي نشهدها هنا. لكن السودان كالعادة ضيّع ذلك وتلك وأولئك. المنفى، ومن دون مبالغة كائنٌ هنا وهناك وفي كل مكان كما ترى، ذلك وبشكل رئيسي ومن دون حاجة إلى بصيرة شعرية ناتج، مرة أخرى ودائماً، عن موت الأطفال والأبرياء يومياً بسبب الحرب، الجوع، المرض، التعصّب، حكّام أفريقيا، الملوك والأمراء، الظلم واسرائيل.



    في ز يارتك الاخيرة للخرطوم جرى الاحتفاء بك في منابر الشعر ومنابر أخرى هل الوطن بخير، هل الشعر في الوطن وجمهوره بخير- كيف وجدت الأمر؟!

    - الجميع بخير، لكن من هم الجميع وما هو الخير؟ هنالك كتابة حقيقية قادمة وشعراء حقيقيون في الطريق، فقط علينا البحث عن وسيلة للتواصل مع جمهور الشعر وإن استدعى ذلك تغيير طريقتنا في كتابة الشعر نفسها، والأهم أن نعلم أنه لا وجود لقصيدة قديمة وأخرى حديثة، هذا مقلب نقدي يجب أن نتفاداه بكل السبل، هنالك شعر أو لا شئ. كما أنه ليس بالضرورة أن يكون كل الشعراء مغامرين كبار، هذه الأمنية أفقدتنا عدداً لا يستهان به من الشعراء، المغامرة الحقيقية هي أن نكتب قصيدةً ما تحفزنا وتحفز آخرين إلى هذا الفعل، أثناء ذلك بالطبع يجب أن ننظر إلى تاريخ الشعر كله بجحودٍ جميل. أما الإحتفاء فهو بعضٌ مما ابتدرناه نحن قديماً ومن دون كلل: فلو تذكر يا عزيزي، ظلننا وعلى مدار أكثر من عشر سنوات خلت، أنت وبضعة أصدقاء وأنا، نقدّم كل أسبوع ندوة شعرية في مكان ما بالسودان. ما من جامعة، جمعية، كلية، منظمة، رابطة ونادٍ إلا واستجبنا لرغبتهم في الاستماع الى الشعر، فعلنا ذلك بمحبة ومن دون أن نطلب شيئاً سوى الإنصات. سأظل ممتناً للذي طيّبوا خاطري والذين عكّروه أيضا، أرادوا، كل بطريقته، أن يقولوا مرحباً بعد غيبة.


    نعتقد أن المثقفين والمبدعين السودانيين لم يتمكنوا من خلق حراك ثقافي بمهاجرهم كما حدث مع مثقفين ومبدعين مغاربة كيف ترى الأمر- من واقع تجربتك؟!

    - هذا صحيح وإلى حد بعيد، رغم أنني لا أنظر إلى الأمر من هذه الزاوية. ثم هل سمعت ولوقت طويل شيئاً عن المغرب، باستثناء الجزائر، في نشرات الأخبار؟ حاول أن تفعل ذلك ستجد بصعوبة خبر ولو صغير عن المغرب، لكننا يوميا في نشرات الأخبار تسطع صور أطفالنا ونسائنا ورجالنا وهم يموتون لأسباب غريبة: حروبات، سوء تغذية، سوء فهم، ثأرات، حقارة، عطش وملاريا. ذلك هو حراكنا إلى حين إشعار آخر. المغرب بلد منظم وجميل به جامعات، مؤسسات أكاديمية، ودوائر معرفية عريقة لم تطلها قبضة المهووسين بعد، ديكتاتورية ملكية راسخة، سياحة ومكتبات، مقاهٍ وأزقة، شعوذة، ساحات كرنفالية، وفرنسا. أعتقد أننا مطالبون بخلق حراك ثقافي داخل السودان أولاً، بمعنى لا بد من رد الإعتبار للآدمي السوداني دون تمييز أولاً، لا بد أن يأكل ويشرب، يتعلم ويتعالج، يعمل ويتفسّح بعيدا عن هذه البشتنة. وفيما يخص العمل الثقافي لا بد من خلق، دعم ورعاية منظومة البحث العلمي والأدبي: جامعات، معاهد، منظمات، مطابع، دور نشر، توثيق، تراجم وبحوث. لو كنا تابعنا ما بدأه على المك مثلاً من جمع، تحقيق، تحرير وتقديم خليل فرح وأردفنا ذلك ببقية العقد الفريد من كتاب ومبدعي السودان لكان من السهل الحديث عن تواصل ثقافي خارج السودان. هذا بالطبع لا يجحد ما يتم انتاجه من تواصل مشرق قام ويقوم به قلة من المهاجرين السودانيين وواحدة من ثماره الحديثة مثلاً تلك البذرة الواعدة والتي بدأ سقايتها: حافظ خير وأنت.



    قد مارست العمل الثقافي، بصورة أو بأخرى إبان تواجدك بالقاهرة، وابتدرت انشطتك الثقافية في استراليا بتأسيس اذاعة سودانية إضافة الى العمل مع فريق مسرحي مكون من اقطار مختلفة وأخيراً تعمل ضمن طاقم تحرير صحيفة المهاجر لأي مدى كانت هذه الانشطة خصماً على الشعر لأي مدى أثرت تجرتك الشعرية؟!

    - أضف إلى ذلك كوني إجتماعي إلى حد بعيد. قصائدي وهجرتي تدفعانني لذلك، أعتقد في الناس وفي التواصل معهم وأسعى من وراء ذلك إلى تبادل وإلتقاط المعادلات الماكرة والبسيطة التي يبتكرونها في حلهم لمشكلة الحياة: اليومية، العميقة والعابرة أيضا، وكيف يحاربون الملل واليأس والرحيل. أرى الناس قصائد غيّبتها لجنة نصوص جائرة. لم أعد أكتب لأنني قارئ جيد فقط، ولكنني أكتب لأتفادي هذا الارتطام المهول بالآخرين ونصوصهم المجهولة. في القاهرة عملت مسؤولاً عن جمع وتحرير وتقديم اصدارة من مجلة (اركي) تبع المركز النوبي للدراسات والتوثيق، عملت مع فريق تحرير لإصدارة من كتابات سودانية تبع مركز الدراسات السودانية الذي يطرح الآن فيما أعتقد واحدة من أجمل المبادرات الثقافية في تاريخنا المعرفي، شاركت في عدد من الندوات الشعرية وعملت على جمع، وتحرير، وتصميم كتاب شعري وآخر قصصي، أكملت تدوين كتابي تشجيع القرويات كان ذلك بين عامي 2001 ونهايات .2002 في أستراليا وبمساعدة عدد من المهتمين تم تأسيس الإذاعة السودانية التي أردتُ لها أن توثّق في المقام الأول لتجربة المهاجرين عامة إضافة إلى بعض الإهتمامات الأدبية خاصة في محاولة لخلق معبر صغير ناحية المجتمع الأسترالي وحياة الغرب الضاجة، ذلك تمّ ويتم عبر حوارات وبرامج تعتمد الحوار والحكي وتحتفي بقرى ومدن سودانية كما تسهم في كسر طوق العزلة والصمت الذي يحاصر المهاجرين وذلك بالتوثيق لتجاربهم في بلادهم وهي غالباً ثرة وتجاربهم في مهاجرهم وهي لا محالة مؤلمة وصار لدينا مكتبة متواضعة تعثر فيها على أصوات شيوخ ونظار قبائل، موظفين ومحاربين قدامي، فنانين، أطفال، أكاديميين، خريجين، عتّالة، تلاميذ، شذاذ آفاق ومحترفي سفر يحكون عن قراهم ومدنهم وعن ذكرياتهم وتجاربهم في السودان ويستعرضون السؤال الصعب الذي يواجههم هنا كلاجئين ومهاجرين ثم يطلبون أغنيات مفضلة ومدائح. الإذاعة أيضا كانت حاضرة أثناء مأساة دارفور وأدارت عدداً من الحوارات مع مختصين في هذا الشأن، كانت حاضرة أثناء احتفال السودانيين هنا باتفاقية السلام وعودة قرنق، ثم هنالك عدد من الحوارات عبر الهاتف مع كتاب وفنانين وأكاديميين كلها موثقة ومحفوظة مع عدد من التمثيليات والمعالجات الدرامية ثم تغطيات لمهرجانات ومناسبات دينية وإجتماعية وسياسية تمت وتتم هنا في ملبورن. لدينا أيضاً توثيق لحوارات مع أستراليين وتغطيات لمهرجانات أفريقية وجاليات أخرى. في المسرح بدأت أؤسس مع شبيبة نابهة لفرقة مسرحية من جاليات القرن الأفريقي تقدّم عروضاً بلغة انجليزية بسيطة وهي عروض قصيرة نسبياً نعالج فيها بعض الهموم الخاصة بالمهاجرين ونستعد الآن لمعالجات مسرحية أكثر احترافاً. في صحيفة المهاجر وضمن طاقم التحرير أعكف على إعداد وتحرير ستة صفحات ثقافية إضافة إلى بعض المهام التحريرية الأخرى، نعم نواجه بعض الصعوبات الخاصة بالطباعة مما استدعى صدورا شهريا للصحيفة، لكن المستقبل واعد، خاصةً بعد استكتابنا لعدد من الأقلام خارج استراليا وبعد دمجنا لملحق انجليزي داخل الصحيفة مما قد يغري بعض المؤسسات والمنظمات بالإعلان عندنا حينها أتوقع لصحيفة (المهاجر) صدوراً أسبوعياً أو على الأقل بصورة نصف شهرية مما يمنحها خطوات أكثر وثوقاً واحترافاً. كل ذلك يزاحم علاقتي بالقصيدة، لكن لم يكن بالإمكان تجنبه، وكما ترى كان لا بد من تأسيس مناخ فيه شبهة من الشعر وله وشيجة بما أحبه وأسعى إليه، ولعل ذلك يمنحني مهلة، إن كان هنالك مهلة، قصيرة عن الشعر ويجنبني كتابة نصوص متشابهة كثيرة، ثم أنت تعلم كيف يكون المرء معرضاً للقصيدة بعد مشاهدة أو إنتاج عرض مسرحي مثلاً، فقط أخشى وبعد كل هذا التأسيس والتحضير أن أعود للقصيدة فلا أجدها!! أخيراً تبقى أن أقول إن كل ذلك على كثرة مطباته وتعبه، جماله وثماره المرجوة، هذا كلّه، صدّقني، لا يساوي أمسية أدبية في واحدة من أندية السودان المهجورة.


    المصدر : صحيفة السودان الدولية
                  

العنوان الكاتب Date
نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-19-07, 02:24 PM
  Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-19-07, 03:32 PM
    Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-19-07, 05:19 PM
      Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-19-07, 05:31 PM
        Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-19-07, 07:34 PM
          Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-20-07, 09:03 AM
            Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-20-07, 10:55 AM
              Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-20-07, 11:05 AM
                Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-20-07, 11:10 AM
                  Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-20-07, 11:43 AM
                    Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-20-07, 11:50 AM
                      Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-20-07, 12:09 PM
                        Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-23-07, 10:17 AM
                          Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-23-07, 10:51 AM
                            Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-23-07, 10:59 AM
                            Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-23-07, 11:06 AM
                              Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-23-07, 01:09 PM
                                Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 08:56 AM
                                  Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 09:01 AM
                                    Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 05:15 PM
                                      Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 05:33 PM
                                        Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 05:43 PM
                                          Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 05:52 PM
                                            Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 06:40 PM
                                              Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 06:46 PM
                                                Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 06:52 PM
                                                  Re: نقد الانتلجنسيا السودانية هشام آدم06-24-07, 07:05 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de