|
Re: الموت ..... فنتازيا (Re: هشام آدم)
|
__________
المشهد الرابع: (البوابة الثانية)
بطريقة جنائزية يتقدمون بك إلى البوابة الثانية، حيث يبدو المشهد أكثر جديّة. وفيما يقرأ الحُراس "سورة الدخول" يُداهمك خِلسةً "الشعور بالوحدة" يملأك من صدقك حتى كذبك، من حقيقتك حتى آخر الأمنيات! وفجأة يُفتح الباب دون صرير. لتقف أمامك غيمةٌ بحجمك تماماً! تبتلعكَ ثم تتجسّدك. تأخذ منها لون شفافيتها والكثافة الحسيّة، وتأخذ منك الحيزّ والنزعة المادية. وها أنت ذا في جسدٍ سماوي. تحتاج لبعضٍ من الوقت حتى تعتاد على جسدك الجديد. أنت أكثر من يحتاج هذا الجسد الآن. البوابة الثانية (السماء الثانية) حيث المكان يضجّ بالحركة. تدخل أولاً لتجد آلاف الأجساد الشفّافة، تعرف – بمجرد النظر – أنهم مثلك أرضيّون منتقلون. كلهم في حالة من الترقب. لا أحد يسأل الآخر. الجميع يتحركون في حركة دائرة لا نهائية. وعلى الجانب الأيمن من هؤلاء الغيميين بركةٌ يحرسها سبع عشرة من الملائكة الذين لا أجنحة لهم. إنها "البركة المُبجّلة" اقترب لترى في هذه البركة آخر لحظاتك الأرضية، يا إلهي، ... هؤلاء هم العيون الست! نفس الطاولة، الستائر، خِزانة الملابس، المجلات الشهرية، ومعطف المواسم الماطرة، نظارة القراءة، علبة السجائر. إنها بركة التأريخ، حيث أنت وجميع البقية هناك، في طيف من التصوير الحِسّي. هنا كل الأشياء يُمكن أن تترجم إلى غير لغتها، حتّى تلك المشاعر التي كانت تنتابك لحظة خروجك القسري.
أنت هنا عارٍ ومكشوف تماماً فلا تتظاهر بغير ما تُحس. اللحظة التي ترى فيها كل ما يخصك على البركة سترى ألف يد تمتد لتأخذ شيئاً ما من جانب ما في نفس البركة. يُمسكونها بحذر ثم يوشوشون لها شيئاً ما ويُعيدونها. يأخذك الفضول لتترك متعة المشاهدة، وتذهب لتلقي نظرةً عن كثب. إنهم يُمسكون بطينة لزجة لونها طحلبي (تقريباً)، كيف يرونها في عتمة البركة وعتمة اللون؟ كُل ما عليك هو أن تُدخل يدك فتأخذ المادة الخضراء بالالتفاف حول راحتك في شكل حبة المانجو، تأخذ حجمها بحجم عمرك الأرضي. الشيفرة الوحيدة هي رائحة الخطوط التي لا يمكن أن تتشابه. لا يعترفون بالشكل، ولا اللون ولا الكلام ولا حتى البصمات. هنا أنت رهن لرائحتك. وعلى الجانب الآخر من البركة يجلس شيخٌ عجوز، ترتسم على وجهه قسمات الوقار، وتزحف على جبينه سنواته الثمانون "تراجيديا الكهولة" يجلس متكئاً على شجرة ليست ذات ظل. ولكن جلوسه يوحي إليك بالدفء. وترى أن نوعاً ما من الرمل الأزرق يحاصره بهدوءٍ يُضفي على الجلسة طابع الخصوصية. هو الوحيد الذي ما زال محتفظاً بزيّه الأرضي (الجسد). يجلس لا ينظر لأحد، فقط يتابع الرمال وهي تتحرك في شكل أمواج صغيرة لترسم عند قدميه شيئاً أشبه بالنافذة ثم تتلاشى وتعيد الكرّة مرة أخرى. لا يملُ الرمل من التكرار، ولا يمل الرجل من الدهشة في كل مرة. ولا يُساوره النعاس!
يهبط البعض ويصعد البعض الآخر. ولكن عبادة النظر إلى الأعلى هي القاعدة العامة في هذا المكان. وعلى بُعد رهبةٍ وغيمتين، تلمح شيئاً يُشبه الريح. لكنّه مُختزلٌ في قنينة بكف أحدهم. وعندما يفتح الزجاجة، تسيل المادة الهوائية كالزئبق، تتدفق حتى تلامس اللحظة المناسبة "كيمياء التحوّل" فتأخذ الشكل الطبيعي الذي تعرفه. ثم تُربط الأرواح الشريرة بطرف ذيل الريح ويُطلق العنان للريح أن تسافر المكان، أن تلمس الأرض بشكلها التجردي. أن تأخذ منه كل شيء، أو ربما بعض الشيء. لتعود بعد ألف عام وهي في عقدها الأخير. هنا تعرف نشأة الريح، وتعرف أن البركة شيء من خصوصية السماء، الخيط الذي يربط الـ(هنا) بالـ(هناك). ومازالت السماء الثانية مليئة بالمفاجآت. ولكن انتظر!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 01-22-06, 02:23 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 01-24-06, 12:44 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 01-31-06, 02:14 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | محمد خالد ابونورة | 01-31-06, 02:34 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 01-31-06, 02:46 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | showgi idriss | 01-31-06, 02:47 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 01-31-06, 03:03 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | معتز تروتسكى | 04-04-06, 09:21 AM |
Re: الموت ..... فنتازيا | محمد عبد المنعم عمر | 04-04-06, 09:27 AM |
Re: الموت ..... فنتازيا | alsara | 04-04-06, 09:02 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | Adil Al Badawi | 04-05-06, 00:38 AM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 04-11-06, 03:30 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 04-14-06, 01:33 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 04-14-06, 01:36 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 04-14-06, 01:40 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 04-15-06, 01:16 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 04-15-06, 02:43 PM |
Re: الموت ..... فنتازيا | نجوان | 04-16-06, 02:09 AM |
Re: الموت ..... فنتازيا | هشام آدم | 04-16-06, 09:37 AM |
|
|
|