مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 11:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة اشراقة مصطفى(Ishraga Mustafa)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-24-2008, 11:43 AM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! (Re: EXORCIST7)

    Quote: عـوالـم الـجـسـد والـمـرأة لـدى الـكـاتـبـة الـفـرنـسـيـة كـولـيـت فـي ذكـرى غـيـابـهـا الـخـمـسـيـن

    "أفضل لي أن أكتب". عبارة كهذه تختصر بلا ريب مسار الكاتبة كوليت. ففي الكتابة استطاعت أن تحوي حريتها وشهواتها بلا خفر، مثلما عاشت.

    خمسون سنة على وفاتها، لم تغيّب ذكراها بل ظلّت كوليت نابضة في مؤلفاتها، في ذاكرة "قارئاتها"، في هواجس ترسّخت كالدبق من آثار بعض من كتبها "القمح الأخضر"، "القطة"، "عزيزي"، "الشاردة"، "الساذجة الفاسقة". وفي كل رواية ألمحها ترسم مراحل حياتها باحثة عن توازن بين الطبيعة والأشياء والحيوانات.

    في سن المراهقة كانت بعض مؤلفات كوليت بدءاً "من كلودين في المدرسة" الموقعة باسم زوجها ويللي الذي انتحل عمداً كتاباتها، تعتبر من الممنوعات. سراً شاهدت في سينما غومون بالاس فيلم "القمح الأخضر" الذي تروي فيه يقظة مراهق على رعشات الشهوة مع امرأة في سن والدته. من الكتاب الى الشاشة صار لكوليت في فضولي الأدبي مساحة كبرى.

    وفي ذكرى غيابها الخمسين، المحتفى بها في عالم الأدب في فرنسا، لا بد لكل امرأة قرأت كوليت وتفاعلت بها كأنثى اهتمام لما يقال عنها في أوساط الفن والمجتمع، من أن ترجع في الزمن الى عمر الاكتشاف حين كانت كوليت تعبث بخلايانا المتفتحة عشباً أخضر على الحياة، وتزرع بين سنابلنا اليانعة زؤاناً لذيذاً.

    "الكتابة - الجسد لدى كوليت"

    لدى أديبة متعددة الموهبة والشخصية كتبت ومثّلت وعشقت الرجال والنساء، نوافذ مختلفة مشرعة عليها للنفاذ على عالمها الغامض والاباحي، المستتر والمكشوف. ولعل العمل الشامل الذي تناول هذه المرأة الكاتبة، برؤاها الكونية وتكوينها الانثوي - الذكوري، خارقاً مشاعرها الجسدية والنفسية، هو بلا ريب الدراسة التحليلية التي قامت بها الدكتورة كارمن بستاني استاذة الادب الفرنسي في الجامعة اللبنانية والاختصاصية في الرواية النسائية الفرنكوفونية تحت عنوان: "الكتابة - الجسد لدى كوليت". كأننا نقرأ عالم كوليت بشموليته، ولا سيما في التحليل الدقيق لأحاسيس كوليت، لذوقها، لألوانها، لأقمشتها، ولكل العناصر التي جعلت منها امرأة فوق العادة. ففي فصل "ملذات الجسد" كتبت كارمن بستاني ان كوليت تعبّر في شهوانية خاصة عن ملذات الحب في تبادله واختيار الحبيب وان تكون المختارة منه. استندت الى معرفتها بالجسد وهو قبل كل شيء معرفة الرغبة. وتركّز بستاني على الناحية الغرائزية لدى كوليت: "الغريزة اطلت كدليل ماهر لذا ينبغي ألا نعاكسها".

    ما قرأناه في ريعان الصبا لدى كوليت بعد "كلودين"، حيث الرقابة الذاتية ترمي على الصفحات بعض ظلالها، تلقي عليه كارمن بستاني ضوء الباحثة المحللة التي دخلت عالم كوليت السحري مستنبشة، متأنية، في فك كل قطبة من هذا النسيج المدهش لادراك ما يخفى وراءه.

    تجرأت كوليت على كشف رغبات امرأة، وتلتقي في هذا المجال مع الشاعرة لويز لابيه. ترفع القناع عن لذة الأنثى التي كان للرجال فقط حق الكلام عنها، ونجدها اليوم في الخطاب النسويّ المعاصر. وراحت أبعد من ذلك في سبر أعماق اللذة، إذ تشرح في أية لحظة لا تعود الدعابة بريئة لتغدو فعلاً جنسياً.

    في بساطة غريبة - تقول بستاني - تصف كوليت مشاعر المرأة أمام وجه الرجل الجذاب. تصفه بعيني "ذئب عاشق" مشتعلتين بشياطين الرغبة، وفم طفلي ماكر، يكتنز كل مهارات الحب ودهائه. في توقفها عند ساحة الجسد، تترجم كوليت حق المرأة في التنقيب داخل مساحتها الذاتية. وكاتبة "كوليت الكتابة - الجسد" تعيدنا في كتابها التحليلي الأكاديمي هذا الى سنيّ إدماننا روايات كوليت، انما بفكر ناضج وابتعاد راشد عن ضفة الشهوات. تقدم الينا نصاً نتذوق فيه ذاك السفر الى مشهد جوّاني، اطاره الرغبة والمؤثرات والمشاعر الآتية من المخيلة والذكريات. تمسك بستاني بطرف الخيط، كخيط أريان، دليلها الى كوليت المرأة والكاتبة، وفي بحثها الدؤوب عن حنايا هذه الأديبة تبدو لنا كوليت امرأة تطالب بأنوثتها وكاتبة تعبر اراضي الرغبات لتعيد كتابة اللغة.

    في مقدمتها تقول الباحثة والناقدة بستاني: "كان هدفي من كوليت ان التقط معنى حركة الكتابة. حركة شقية، متنوعة الخصال. كرستُ اكثر من عشر سنين لكوليت وانتاجها بدءا من اطار الحرب في بيروت. في هذا الجحيم عشت الهول وفظاعة البربرية ومن عبثها وجدت في الأدب سبيلاً للبقاء. كوليت كانت رفيقتي في الملجأ. كتبها اصبحت [الكتاب]، فحين يجد الانسان نفسه على هذا الخط الفاصل بين الحياة والموت، لا بد من ان يعي ما للكلمات من سلطة ونفوذ". وتذكر كارمن بستاني في مقدمة كتابها الصحافي جان بول كوفمان الذي إن هزم الموت المحتم فبفضل الكتاب. ففي ليالي اعتقاله الرهيبة كان يقرأ "الحرب والسلم" لدوستويفسكي، الى كتب سارتر، والكتاب المقدس. مما جعله يقاوم طوال اشهر الجنون والاحباط. ولكارمن، كانت كوليت حصنها. كتبها اضحت لها مرآة. تقول: "كوليت فتحت لي باب الحريم حيث اسرار ووصفات حياة، وايقاع وجود تارة محطم ومضطرب، تارة اخرى ملطف بالنكتة والطرافة". دخلت كوليت ملجأ كارمن بالكلمات. كلمات مبتكرة، جديدة كأشياء هواجسها وخيالها: "كوليت تلوّن الكلمات، تلمسها تلاعبها، تسمعها بعفويتها الحيوانية".

    ستة وخمسون فصلا تحت عشرة عناوين كبرى تبدأ من ولادة كوليت الكاتبة من كنف زوج سلطوي يدعى ويللي، يمارس سلطته على كتابات كوليت، يصححها، يدون ملاحظاته على هامش الصفحات وبمراقبته الضيقة لها يستملكها ويوقعها باسمه. واكثر من ذلك، يقوم ويللي بدور المصحح القدير مزيناً اسلوب كوليت بألوان متعددة من دون ان يهمل الايحاءات المنحرفة والفاسقة".

    بالمخطوطات المحفوظة في المكتبة الوطنية استنارت كارمن بستاني لاختراق حقيقة تلك العلاقة الغريبة حيث قلم ويللي يتدخل مزخرفاً، مبالغاً، حتى قطعت علاقتها به فتحوّل ذوقها الأدبي الى تجريد واختصار. راحت تحذف ما تسميه "النقوش الفائضة". حطمت القالب الذي قيدها ويللي فيه لتغدو أناها. ومن هذا الانفصال ظهرت اولى كتابات كوليت الحرة من كل وصاية، ولم تكن ثمة مسافة بين بيتها الزوجي وبيت ميسي التي استضافتها ووجدت لديها عذوبة صداقة حنونة. كتابها "النقي والفاسد" يروي امرأة شحذت ملذاتها لدى النساء كما الرجال. ثم في كتابها "الشاردة" شاءت تلقين ويللي درسا وتظاهر باللامبالاة حيال صداقتها لميسي قائلا: "امرأتان متعانقتان لا تجسدان صورة علاقة مؤثرة وضعيفة". كاتبة ومتمردة، بداياتها الفنية بدأت على مسارح صغيرة قبل ان تبدأ كايمائية في مسرحية "الرغبة والحب والخيال" لفرنسيس كرواسيه.

    لكن الفضيحة الكبرى كانت تنتظر كوليت في عرض "حلم مصر" الذي أدته مع ميسي في "مولان روج" حيث أدت الماركيزة دو بلبوف. كان الجمهور يرصد انفعالات ويللي الحاضر في القاعة. ولم يرحمه بل استدار نحوه مردداً: مخدوع! مخدوع! وانتهى العرض بتدخل الشرطة لتفريق المشاغبين وإيقاف استعراض "حلم مصر"، وكفّت يد ويللي إثر هذه الفضيحة من عمله في "صدى باريس". وبقيت العلاقة مكشوفة بين كوليت وميسي الى أن آثرت كوليت عليها الاريستوقراطي هنري دو جوفنيل والمسؤول عن الجريدة اليومية "الصباح" التي دخلتها كمحررة عام 1910 ومن زواجها منه أنجبت ابنتها بل غازو (كوليت) وكانت في الاربعين.

    في حياة كوليت المضطربة الى كتاباتها المتداخلة في نسيج حياتها تلج كارمن بستاني الشق الأصعب لدى كوليت، "الأنا الجمع"، حيث تحاول في تحليل دقيق استنباط هوية كوليت والأنا المتكررة في نصوصها. تقول: "كوليت تميل الى أن تتقسم فقرات، تذكرنا ببذور النبات في تشتتها الطبيعي"، فكوليت تعبّر عن أزمة الأنا في مجموعة الريبات المحيطة بها قائلة: "كيف عساه يدرك هذا الرجل أناي وأنا عاجزة عن إدراكها".

    ونتابع قراءة هذه الدراسة الشائقة، الاكاديمية غير الجافة، السلسلة تنقيباً في اماكن كانت مخفية فبانت تخترق ارض كوليت الى جوف جذورها وتشرّشها في تربة المرأة - المثال. ومن المرأة العاشقة، الحرّة، الفاسقة والطاهرة في آن واحد، نستدل على الكتابة المجبولة أنثى وذكراً. ففي نص "الشاردة" تتأمل كارمن بستاني في المشهدية الادبية لدى كوليت وفيها مثال الكتابة الانثوية: "إن موهبة كوليت صارخة في تصوير الكلمة وتحويل التجريد الخام الى صور وجودية. كوليت ساهمت في هذا التحول البطيء للكلمة التي تبدأ أولاً في زخرفتها حروفاً واشارات لجعلها أكثر جاذبية. كما ساهمت في تطويرها بلجوئها الى شبكة لغوية من افعال حيّة: "خدش"، "عضعض"، "انتفش"، أفعال تبرز الوجع المرافق لهذا التطور.

    خمسون سنة بعد رحيلها تقدم مؤلفات كوليت مادة لنصيرات المرأة لحراثة ارض هذا الواقع العميق، المتكرر الشكل عن الكتابة الانثوية. وتنهي بستاني فصل "مؤثرات المؤنث في القالب الادبي" مستشهدة بقول جان ماري لو كليزيو: "كوليت، هي الحياة. إنها المرأة المرأة. حياة وامرأة، أليستا مترادفتين".

    كوليت ورافيل

    بين رافيل وكوليت ولدت معجزة صغيرة اعتبرت منذ اليوم الاول لعرضها عام 1925 تحفة فنية موسيقية: "الطفل والسحر".

    ما الذي كان سيجمع بين هذين الكائنين المتناقضين لو لم يفرض السحر تعاويذه على رافيل ليلقي نفسه مأخوذاً بنص كوليت "مشهدية مسلية لابنتي"، مستوحياً من عالم الغابات والحيوانات قصيدته الموسيقية الفاتنة. ولعل "الام" والدور المميز لكل من أم كوليت وأم رافيل في حياة ولديهما كان الخيط السري الذي ربط بينهما دون ان يتقاربا طوال فترة مشاركتهما في إنجاز رائعة موسيقية مسرحية، اكتفت سهواً باسم رافيل عرّاباً ومؤلفاً لها. "ماما!" هي الكلمة الاخيرة التي نسمعها في هذه الملهاة المغناة والراقصة. الطفل الشريد والسيىء لم يبق شريرا. اكتشف الرأفة وهو يضمد جروح سنجاب جريح امام أعين الحيوانات والاشجار. فهل ثمة مقاربة لسيدو (سيروني) والدة كوليت ومدام جوزف رافيل والدة موريس رافيل، تبرر هذا التعاطف مع دور الام في "الطفل والساحر"؟

    فصل من "الكتابة - الجسد لدى كوليت" خصصته كارمن بستاني لسيدو والدة كوليت، وتتعمق الباحثة في تلك الروابط بين سيدو وكوليت: "صوت عفوي آت من الباطن يرسم حولها ايقاعاً آخر. صوت ام مثقفة، قارئة، نقلت اليها شغف المطالعة، من لابيش الى الفونس دوديه فبروسبير ميريميه وهوغو. امتصت كوليت الأدب وشغفت ببلزاك على خط واحد من أمها. صورة سيدو تلاحق خيالها. ذاك الرابط مع "الام - الالهة" أضحى رباطاً مع الكتابة. كوليت بعثت امها من الموت في كتاباتها. اما مدام رافيل فشخصيتها الفذة، الحصرية، فكانت بلا ريب السبب في عدم اقبال ولديها ادوار وموريس على الزواج. عام 1919 كتب موريس رافيل الى صديقته إيدا غوديبسكا يقول: مذ عدت الى التأليف وذكرى هذه ا لانسانة الصامتة التي كانت تغمرني بحنانها لا تبارح فكري. كانت أمي سببي الوحيد في الحياة".

    سيدو كانت مختلفة. أمضت طفولتها في بروكسيل بين قوم من الصحافيين والثوريين. من زواجها بالكابيتان أنجبت كوليت صبيين وبنتاً. متحررة، جبلت ابنتها في طينتها، كانت تردد لها: "انظري، اسمعي، تنفسي (...)". عاشت كوليت حلم طفولتها اللذيذ بين ام واب غمراها بالحب وشقيقين كانا يعزفان لها مقطوعات لشوبرت وبيزيه.

    وفي سن الصبا والزواج والانفصال، لم تنتقد سيدو تصرفات ابنتها الصاخبة في باريس. كتاباتها الإباحية كانت تقرأها في اهتمام وتعلق عليها قائلة: "الاسلوب جيد". ولم ترتد كوليت ثوب الحداد على والدتها وصدمت محيطها، بيد أنها فعلت ذلك احتراماً لمشيئة امها التي لطالما حذرت ابنتها من ارتداد الاسود، فاللون الزهري وحده، كما بعض تنويسات الازرق، تليق ببشرتها".

    والحياة بطبيعتها تطرد الموت. في الاربعين انجبت كوليت ابنتها من زوجها الثاني البارون هنري دو جوفنيل. ولادة كوليت بيل غازو لم تغير حرفاً من سيرة البارونة. صدور كتابها "الاعاقة" الذي انبهر به مارسيل بروست، كرسها كاتبة من الدرجة الاولى. ثم كانت بطلب من جاك روشيه مدير اوبرا باريس تحفتها الخيالية "مشهدية مسلية لابنتي" التي قدر لها ان تصبح تحفة رافيل الخالدة تحت اسم "الطفل والسحر". قائد الاوركسترا الياباني سيجي أوزاوا قال في هذا العمل: "لفهم هذه التحفة ينبغي التعمق في كامل أعمال رافيل". وذكر جاك روشيه امام كوليت ان عدة موسيقيين يسعهم ان يصنعوا من تحفتها النصية موسيقى. وكانت صامتة لا تبدي اهتماماً الا حين صرخ قائلا: وماذا تقولين لو اقترحت عليك رافيل؟ ورد فعلها السريع:

    "خرجت في صخب على لياقتي لأعبّر عن هذه الأمنية على طريقتي".

    كانت كوليت ذواقة موسيقى، محصّنة بما لقنها إياه شقيقاها، وكان زوجها الاول ويللي ناقداً موسيقياً. كانا معاً في جميع المناسبات الموسيقية والليريكية والكوريغرافية، ولاسيما في بابروت، مهرجان فاغنر السنوي. اما معرفة كوليت برافيل فتعود الى "سهرات الجمعة" في صالون مدام سان مارسو الادبي المشهور. تقول عنه: "في هذا المكان الرنّان، إنما الداعي الى التأمل، التقيت للمرة الاولى موريس رافيل. خجول، بدا لي متحفظاً، جافاً. لكن حين سمعت موسيقاه ولد في داخلي فضول اولاً، ثم اعتناق لذاك النغم الشهواني، الحذق، النافذ في مسامي جديداً لم اسمع مثله من قبل. هذا كل ما عرفته منه ومضت سنوات لم أقابله خلالها".

    لكن ما كان رأي موريس رافيل في كوليت؟ كان من قراء بودلير وإدغار ألن بو ومالارميه، ويوم تسلّم ملهاتها كان يعلم أنها كاتبة معروفة وان باريس تحوك حولها شائعات كفضيحتها في "المولان روج" وهي تقبّل على الخشبة سحاقية مشهورة اسمها ماتيلد دي مورني من عائلة دوق دو مورني. وكان سمع ايضاً انها ساكنتها وأضحت ماتيلد (ميسي) حاضنتها، تغمرها بالمجوهرات. لكن الشائعات توقفت عند هذا الحد فلم يبلغ مسامعه أنها كانت تخون زوجها البارون دو جوفنيل مع ابنه القاصر، وكانت بينهما علاقة ملتهبة تخيلها في روايتها "عزيزي". ولائحة مغامراتها غنية بالطيش والمجون. ولم يستجب رافيل فوراً لكوليت، لا لأسباب اخلاقية. كانت الحرب، ثم وفاة والدته، وفي 27 شباط 1919 كتب لها يقول: "سيدتي العزيزة. خلال أسفك لصمتي حيال جاك روشيه كنت أفكر من عمق ثلوجي هل ما زلت تريدين لقصتك معاوناً خائر القوى. حالتي الصحية هي عذري الوحيد. اما اليوم فأنا على ما يرام وشهية التأليف تراودني مجدداً. حالما أعود في مطلع نيسان سأباشر عملنا الاوبرالي الذي كنت بدأت فيه، مع بعض الاقتراحات. فهل يمكنك ان تطوري قصة السنجاب. تخيلي ما في وسع سنجاب أن يقوله عن الغابة وما يصدر عن ذلك من موسيقى".

    رسالة رافيل هذه بتنويسات معانيها، أشعلت كوليت حباً وعرفاناً. أدركت أنه شعر بانتمائه الى سنجاب صغير جريح. المقطع الاخير يدل بلا ريب على أن السنجاب ورافيل يتكلمان لغة واحدة، ولهما احاسيس ومخيلة مشتركة. الطبيعة والحيوانات تمثل المكانة الرئيسية، معبّرة بلا تكلف، في حيوية واحتشام.

    ومضت خمس سنين. وذات يوم خرج رافيل على صمته حاملاً التوليفة كاملة الى كوليت التي عبّرت عن هذا اللقاء قائلة:

    "رافيل لم يتصرف معي كانسانة مميزة. لم يطلب مني تعليقاً ولا دعاني الى سماع ما ألفه، ولو فقرات منه. كان همه الاكبر الحوار الموائي بين الهرتين طالباً مني في جدية ابدال مواو بموان. السنون عرّته من عجرفته. قصير القامة، بدا لي شعره الموشح بخصلات بيضاء وسوداء مثل ريش عصفور. كانت نظرته المسرعة على كل شيء كنظرات السنجاب".

    علاقة متينة ربطت بين هذين العبقريين قامت على هوس واحد: حبهما للقطط. وتمنى رافيل على كوليت ان تبدّل عنوان مغناتها "مشهدية مسلية لأبنتي"، "فأنا ليست ابنة"، قال لها، كأنه بهذا الطلب تملّك العمل وحده. ليست له ابنة، ولم تبق له ام. سببان دفعا به الى تحويل النص الى موسيقي، كتعزيم لآلامه. عام 1923 تأكد رافيل من انه يكتب تحفة حياته. واثر النجاح الهائل الذي حصدته اوبرا "الطفل والسحر" عام 1925 في مونتي كارلو، بقيادة فكتور ساباتا، عبرت كوليت عن تأثرها قائلة: "لم اتوقع من موجة اوركسترالية مزينة بالحساسين والحشرات ان ترفع نصي المتواضع عاليا". ويجيب رافيل والغصة في حلقه: "الحيوانات بتلك الهمسات السريعة، المهجأة بومضة، انحنت فوق الطفل، مؤاسية متصالحة".

    لعل المفتاح الغامض الذي جعل شخصين من عالمين مختلفين يلتقيان في عمل عميق وحسي كهذا، كان رابطهما مع الطفولة. فرافيل كان يجمع الدمى، ولم يقدم على الزواج كي لا يخرج من سحر السنين الأولى من حياته. وعن موسيقاه قال رولان مانويل: "كطفل يتنقل من لعبة الى اخرى". هو مثل كوليت التي لم تتوقف عن اللعب وفيّة لتربيتها المخالفة للأعراف، واضعة الجنس عنواناً سيدا لحياتها.

    كانا مقدّرين لهذا اللقاء، وليس لدى احدهما ما يقوله للآخر. تبادلا اللعب في مسافات، في جدية الاطفال المستسلمين لخيالهم وصمتهم.



    مي منسى - "النهار" - الاربعاء 31 آذار 2004


    http://www.alimbaratur.com/All_Pages/Ta2_Stuff/Ta2_29.htm
                  

العنوان الكاتب Date
مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 06:40 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 06:41 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 06:42 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 06:43 PM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 06:44 PM
          Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 06:46 PM
            Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Kostawi06-19-08, 07:01 PM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Kostawi06-19-08, 07:07 PM
                Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! rosemen osman06-19-08, 07:14 PM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 07:52 PM
                Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 09:11 PM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-19-08, 09:52 PM
            Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! EXORCIST706-23-08, 01:36 AM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-23-08, 10:16 AM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! د.نجاة محمود06-23-08, 11:00 AM
                Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! EXORCIST706-23-08, 04:31 PM
                  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-24-08, 11:43 AM
                  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-24-08, 07:18 PM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-24-08, 11:25 AM
                Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-24-08, 07:23 PM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-20-08, 11:08 AM
          Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! rosemen osman06-21-08, 01:04 PM
            Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-21-08, 02:38 PM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! rosemen osman06-21-08, 02:52 PM
                Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 01:53 PM
              Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-21-08, 06:37 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! ناهد بشير الطيب06-21-08, 03:49 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 07:11 AM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! مهند الجيلي بادي06-22-08, 11:21 AM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! ابوحراز06-22-08, 11:51 AM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! ابوبكر يوسف إبراهيم06-22-08, 01:00 PM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 08:25 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 10:31 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 02:04 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Safia Mohamed06-22-08, 12:19 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 04:10 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! طارق جبريل06-22-08, 12:29 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! صلاح أبودية06-22-08, 12:58 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 08:24 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 08:18 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! مهند الجيلي بادي06-22-08, 07:59 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 08:08 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! rosemen osman06-22-08, 10:48 PM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-22-08, 10:59 PM
          Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! د.نجاة محمود06-23-08, 01:56 AM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! حنين للبلد06-23-08, 02:06 AM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! ابوبكر يوسف إبراهيم06-23-08, 05:28 AM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! mansur ali06-23-08, 06:12 AM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! صلاح أبودية06-23-08, 07:18 AM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-23-08, 07:45 AM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! عبدالكريم الامين احمد06-23-08, 01:28 PM
          Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-23-08, 01:56 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! حنين للبلد06-23-08, 02:56 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! EXORCIST706-23-08, 05:35 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! اساسي06-23-08, 05:41 PM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! الطيب شيقوق06-23-08, 08:14 PM
          Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-23-08, 08:41 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-24-08, 07:21 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-24-08, 07:28 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! emad altaib06-23-08, 08:46 PM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! عمر التاج06-24-08, 08:54 AM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! rosemen osman06-24-08, 11:04 AM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! ابو عثمان06-24-08, 09:20 AM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! بكرى الخليفة الكتيابى06-24-08, 09:52 AM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! امير عوض الجمري06-24-08, 10:03 AM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! salah elamin06-24-08, 12:48 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! tayseer alnworani06-24-08, 03:34 PM
        Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-25-08, 03:28 PM
    Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! Ishraga Mustafa06-24-08, 07:10 PM
      Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! ابوبكر يوسف إبراهيم06-25-08, 07:33 AM
  Re: مابين {سروال الحديد} وكمنجات الجسد تصدح بلاد ياروزمين!!! شهاب الفاتح عثمان06-25-08, 03:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de