|
حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية
|
فوانيس
{أغسلونى من عذاباتى وأوجاع تفاصيلى
أعيدوا لي ذاتي المشروخة
أعيدوني لفردوس عشقي القديم
لذاكراتي التائهة
أعيدوني لسماء ينبت في رحمها وطن لي
لميرى
لمندى
ولفاطمة السمحة
أعيدوني حيث تنطلق النهارات مزهوة وممتشقة
كأغنية الوطن الذي نحلم}
طالما أصابتني حرقة العقل محاولة التفتيت في الذهنية الذكورية التي تسيطر على السياسة السودانية منذ مهدها الأول والذي لم تتجاوزه كثيرا، فالوقائع ودلالتها تؤكد أن السياسة السودانية مازالت على ذات المهد.لان القرارات الجسيمة تصنع ناقصة وتبقى حبر على ورق. أن أصحاب القرار يدركون تماما آلية سلب الروح من كل مايهم الوطن.
اجتمعوا في نيفاشا
ليالي طوال
{ لن تتحملها ذوات الضلع المعوج}
نهارات عجاف { حرنت} في استنكار لغياب المرأة
اجتمعوا لوحدهم
وانفضوا بعد أن نالوا شهادة السلام النازف الآن في غرب البلاد
انهم.. صناع السياسة السودانية
يدبر اغلبهم الانقلابات
يعتقلون شرفاء الضمير
يقتلون في الشهر الحرام
يصنعون الحرب
يخربون البيئة
يشردون الأجيال
والوطن تحاق به المخاطر من كل حدب
ونصف المجتمع من النساء والبقية المهمشة من الرجال الطيبين يغيبون من قرارات السياسة والاقتصاد والثقافة
زغروده { نايصه} انطلقت يوم اتفاقية السلام وتساءلت حينها بحرقة.. هل كل ما تستطيعه المرأة السودانية ذغروده لتصنع بها السلام؟ سيقولون بان المرأة هي ألام، الأخت، الزوجة والحبيبة وكل هذه المسميات تصبح مجرد طنين إذا لم تنصهر في قضايا الوطن وهمومه.
هل غابت المرأة السودانية أم غيبت من مراكز صنع القرار؟ متى نخرج من ثكنات العقول المتحجرة التي لا ترى فينا سوى أدوات للتفريخ وغسل الأواني. هل سيبقى هذا حالنا والسياسة السودانية تحركها آليات الرجل بكل { الامتيازات} التي حظي بها منذ الصغر؟ الرجل المقصود في هذا السياق ينتمي لأولئك الأوصياء ليس على نصف المجتمع وحسب وإنما على السواد الأعظم من الرجال المهمشيين.
فأين المرأة السودانية في السياسة السودانية؟ وبماذا نبرر استلابنا للعقلية ألذكورية؟ هل هو ضعف فينا أم قهر تمارسه هذه الذهنية علينا؟ كم مره ترأست امرأة وفد وزراي داخل و خارج السودان؟ هل حلمت إحداكن أن تصبح يوما ما أول رئيسة للسودان؟ عفوا آن قفزت بأسئلتي من مواقع الحلم و أطرحها عليكن في الواقع. هذا الواقع يطفح في صور نيفاشا التي غابت عنها المرأة فعلا، فهل شاركن نساء من الجانبين الحركة والحكومة في لجان المفاوضات؟ أم مشاركتهن كانت لزوم الديكور؟ إن اشد ما يحزن ويصيب بالغبينه هي الممارسة السياسة للمثقفين داخل كل الأحزاب السودانية، أين كانوا حين حددت الأحزاب عددية النساء اللاتي ينبغي أن يشاركن في التجمع؟ هل سجلوا مواقفهم بوضوح من فقرتهم رقم خمسة الملفوفة حبل مشنقة على رقبة ثورة التغيير الاجتماعي؟ الا تحمل مفاهيم السودان الجديد النهوض بالمرأة ودفع عجلة التطور ؟ إذا افترضت حسن النية فبماذا يبرر قادة الحركة الشعبية مواقفهم من المساهمة الفعالة للنساء عموما وخاصة عضوات الحركة داخل لجان المفاوضات التي زينت{بزغرودة} حين استلام دبلوم السلام؟
هذه الحفريات التي بدأتها قبل فترة مازالت تختمر آلياتها في عقلي { الغير ناقص} وبعين وحاسة لا تستطيع فصل الهواء عن السياسة بدأت في محاولة لتحليل الذهنية ألذ كورية التي صنعت السياسة السودانية. فالشأن السوداني شأن حياة وموت، ينبض في دمى وينزع الطمأنينة من يومي النازف بسبب الصور المتلاحقة التي يعانى منها الوطن، نساء يغتصبن ولا من مجير، بل مازال البعض يكابر وينفى، قرى تهجر تاريخها وصدى أغنيات النساء وهن يزرعن في موسم المطر يرتد في صحارى العطش والجوع التي تقتل صغارنا. العالم ينظر بعين الحذر والترقب لصومال جديده ولرواندا مازالت صورها ترعبنا ومجلس الأمن الدولي يحسم عاجلا أوان التدخل والكوابيس تتلاحق { والعين مفتحه}، صور العراق وأفغانستان مازالت راكضة في العصب اليومي.. أذن لماذا تلاحقنا اللعنات؟
مرة أخرى وبعد أن دق ناقوس الخطر يجتمع السياسيون { وجلا ليبهم البيضاء المكوية} عكست بوضوح { الحميمية} التي عقبت اتفاقهم الأول وعفا الله عما سلف! الحكومة والمعارضة تتقارب وجهاتهم، قرروا كعادتهم واجتمعوا وكالعادة دون امرأة واحده، يا للعجب، ألا يدعو هذا إلى الجنون وهؤلاء لم يعوا بعد أن سلامة الوطن لا يمكن صناعتها دون نصفه المهمل. ربما كنت أحلم بان تشارك امرأة في وفد التجمع وكنت واهمة إذ كيف تسنى لى آن أنسى مقررات اسمرا وحبرها المندلق في الرهاب. تابعت صدى هذا اللقاء بين التجمع والحكومة واستوقفني خبر جاءت صياغته فى صحيفة الأنباء في عددها الصادر يوم 31/8/2004 عن فرحة الوفد من الجانبين والتى لم تنقصهاه الا { زغاريد السودانيات}. جاء هذا التصريح على لسان الأستاذ فاروق أبو عيسى، المعروف بمساندته المبدئية لحقوق الإنسان وقضايا المرأة. أنتظر ربما كغيري من بعض الناشطات أن ينفى الأستاذ أبو عيسى هذا التصريح الذي لا يشبه مواقفه تجاه هذه القضايا المصيرية. أن ما ينقص هذا اللقاء ليس زغاريد السودانيات بل تنقصه رؤيتنا وتحليلنا، ينقصه موقفنا المبدئي من وطن تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة بين نسائه ورجاله.
ذكرني هذا الخبر وطريقة صياغته التحفيز الذي قدم قبل فترة للرجل المصري الذي يتزوج من سودانية، جاء ذلك عقب لقاءات التقارب بين الحكومتين السودانية والمصر يه. لم تكن الفكرة تحفيز المرأة السودانية والمصرية في إطار تلك الاتفاقيات بتوسيع فرص التدريب والتأهيل والانخراط في مواقع القرار. من المسئول عن هذا؟ ولماذا صرنا كرت الرهان الرابح في قسمة مياه النيل؟
إن الثمار التي تجنيها محادثات السياسة السودانية تصبغ مرارتها في الحلق لأن ثمارها غرست في تربة اعتراها الجفاف، فهذا الغرس لن يؤتى أكله من غير فعل إيجابي من النساء.
هل المرأة ضحية للذهنية الذكورية؟
الضحية.. أرفض هذا المصطلح المخدر ضد تفعيل العقل، فالمرأة الناشطه في المجال العام والسياسي ينبغي عليها أن ترفض هذا الدور المرسوم لنا او الذى رسمناه لانفسنا دور{ المظلومة}، لان الواقع يؤكد أيضا دورنا السلبي في الرضوخ لهذه الذهنية ومحاولة تفتيتها، فالحقوق لا تهب بل تنتزع وهكذا تعلمنا منذ.أعلنا وجدونا الإنساني.
دعونا نضع أصابعنا على مواقع الجرح، دعوها تنزف إلى آخر قطره آن كان الهدف مقاومة قمعنا، ولنسأل أنفسنا، خاصة اللاتي ينتمين إلى { الانتلجنسيا} عن أسس تواصلهن مع النساء المهمشات في خارطة التعليم، العمل والنشاط العام؟ ماذا نعرف عم احتياجات وهموم المرأة في ام كداده ، طوكر او صراصر ؟ بماذا يحلمن النساء في أطراف الخرطوم؟ أن لا تصادر { الكشات} اللعينة رزق يومهن في هذا العمل الهامشي وهن يبعن الشاي في هجير شمس حارقه؟
أسئلة أواجه بها نفسي و أواجه بها كل المهمومات بوطن { خير ديمقراطي}.
النساء داخل أحزابهن مطالبات بالموقف الواضح من قضايا المرأة والوطن، بالنقد البناء لدفع المرأة إلى صفوف القيادة الأولى وأن يرفضن هذا الدور الديكورى، أن يعلو صوتهن بمطالبنا المشروعة لنبنى معا هذا الوطن المنهك بفعل الفقر والعسكر والهيمنة الدولية التي تسحقنا ضمن { عالمنا الثالث} وضمن { أفريقيتا السوداء}. وعلى كل حال ينبغى ان لايطول انتظارنا الى ان تصحو نساء الاحزاب من سباتهن العميق، فناشطات المجتمع المدنى قادرات على دفع دفة مطالبنا المشروعة حين يستطعن نفض حالات التناوم بسبب الاحباطات المتكرره فى تاريخنا الحديث.
هذا يتطلب تغيير الموازيين والأدوار لكسر قوقعة الاستكانة التي ساهمنا في لفنا داخلها، يتطلب حوارات اعمق بين كل الفصائل النسائية والنسوية، الوصول إلى المهمشات من النساء ليصل صوتهن، ليعبرن وباللغة التي يستطعنها عن همومهن، أحلامهن وهواجسهن، أن نستمع لصوت النساء المعاقات ولتصل مطالبهن عنان السماء وقلب الواقع حينها يمكن أن نعبر عن فرحتنا بكل أشكال التعبير التي اكتسبناها في إطارنا الثقافي المتعدد.
فانوس أخير:
وتستمر الحفريات لحين خروجنا من قواقع الصمت
إشراقه مصطفى حامد
جامعة فيينا/ كلية العلوم السياسية [email protected]
نقلا عن سودانايل --------------------------------------------------------------------------------
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | Ishraga Mustafa | 09-03-04, 07:39 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-03-04, 08:41 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | Ishraga Mustafa | 09-03-04, 01:57 PM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-08-04, 08:35 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-08-04, 11:33 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-08-04, 03:21 PM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-09-04, 00:53 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-09-04, 08:41 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | Zoal Wahid | 09-03-04, 09:13 PM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | Ishraga Mustafa | 09-05-04, 03:43 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-05-04, 06:56 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-07-04, 08:42 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-05-04, 09:49 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-05-04, 08:48 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | Ishraga Mustafa | 09-05-04, 09:59 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-05-04, 03:12 PM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | خالد عمار | 09-05-04, 08:47 PM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-06-04, 02:57 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-07-04, 11:52 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-07-04, 05:39 PM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | Tumadir | 09-08-04, 02:59 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-08-04, 03:38 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-08-04, 04:37 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | عارف الصاوي | 09-09-04, 09:38 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-09-04, 11:42 AM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | برير اسماعيل يوسف | 09-09-04, 06:02 PM |
Re: حفريات في الذهنية الذكورية للسياسة السودانية | Ishraga Mustafa | 11-13-04, 01:05 PM |
|
|
|