الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين.........

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 06:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة منصور عبدالله المفتاح(munswor almophtah)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-22-2010, 01:31 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... (Re: munswor almophtah)

    البروفيسور عبد السلام نورالدين: 2ــ3:
    دولة ما بعد الاستقلال السودانية كانت جوادا هزيلا تمطى عليه تاجر المحاصيل والمواشي
    الأحزاب تتوكأ على الطائفية والمناطقية والقبائلية في غدوها ورواحها ان لتصوغ نفسها في تنظيمات سياسيه
    ورطة الحركات المسلحة أنها أعادت أنتاج الداء الدوي الذي استكن في جسد الاحزاب
    غياب الكتلة التاريخية في المجتمع السوداني قد يقودنا إلى جرف الإنهيار
    تحول إستقلالنا إلى غنيمة تتجاذبها وتتنازعها النخبه التي تمثلها الفئات

    *كيف تنظر إلى المستقبل السوداني؟

    (ــ) لا جدال ان الدولة التي انتزعها من قبضة الاحتلال من تحقق الاستقلال السياسي على أيديهم في 1956 تقف بعد مضي أكثر من نصف قرن من الزمان علي رفع علمها 2009على منحدر قد تهوى منه الى هاوية لا قرار لها وذلك هو الفشل الذي أفضى بها ان تصنف من قبل مواطنيها ومن قبل المؤسسات الدولية المعنية بمراقبة احصائية لاداء الدول بأنها عاجزة ومتهرئة وتهدد الجميع بتلاشيها علي منوال الصومال الذي يراه الذين ينقصهم الخيال بعيدا عن السودان.
    إذا تجنبنا النظر إلي مستقبل السودان بعيون التفاؤل أو التشاؤم رغم مشقة ذلك، إذ أن التفكير بالرغبات والتوقعات سيما في لحظات الخطر الجسيم يحمل قدرا من تخفيف الألم وقبل ذلك اكثر إغراء من أعمال منطق الوقائع وإستقراء مجراها بشجاعة العقل البارد وأخضعنا فشل دولة الاستقلال الذي تخطي سجال الإعتراف والإنكار الي استقصاء المقدمات منذ نشأة الحركة الوطنية ونظرنا بنفاذ في البنية العشائرية والمناطقية والطائفية للاحزاب السياسية التي انجزت الاستقلال ثم تساءلنا– هل كان لأحزاب الاستقلال التي تولت مقاليد الدولة مشروعا مكتوبا ما؟ وما هو؟ لم فشلت الاحزاب الكبري؟ هل لغياب أي مشروع لها أم لهشاشة في بنية تكوينها الحزبي الذي يخضع السياسة للامامة والقاعدة الجماهيرية العريضة لمصالح القمة في الاسر الطائفية ؟. لم أقتصر الطريق الي البرلمان الأطروحة الكبري للسيد إسماعيل الازهري(1900-1969) أستاذ الرياضيات بكلية غردون التذكارية - اول رئيس لمؤتمر الخريجين 1938 وأول رئيس للوزراء في السودان 1956 علي طرائق الانتخاب في الجمعيات والاتحادات والمؤسسات في النظام الديمقراطي ولم يتضمن نهجا او تصورا أو حتي مجرد ذكر للتنمية او عمران السودان؟ هل كانت دولة الازمة التي تولت وادارت بها الجبهة الاسلامية القومية السلطة والثروة والسكان في البلاد منذ الثلاثين من يونيو -1989 من مقدمات الفشل الحالي أم تجسيدا مرعبا لنتائج وتداعيات كامنة في مقدمات سابقة لتشكلها ما يقارب خمسين عاما (1938-1985) لوجودها؟

    *إذن كيف تنظر لمقدمات دولة الاستقلال والنتائج والتداعيات؟

    (ــ) لقد عجزت الحركة الوطنية في السودان التى أعلنت وجودها المنظم بمؤتمر الخريجين فى 1938م وشكلت لها أحزاباً سياسية ومؤسسات مدنية – من نقابات واتحادات وروابط وجمعيات منذ عام 1945م وتحقق على يدها الاستقلال في 1956م - أن تقدم مشروعا شاملاً للنهوض والتنمية البشرية المتواصلة والشأن كذلك تحول الاستقلال إلى غنيمة تتجاذبها وتتنازعها النخبه التي تمثلها الفئات التالية : قيادات الطائفية والصفوة من المتعلمين في احزابها، قيادات الخدمة المدنية والعسكرية، رجالات الإدارة الاهلية، بيوتات الطرق الصوفيه، رأسمالية تجارة الصادر والوارد وملاك مشاريع القطن في النيل الابيض والزراعة الالية في القضارف . بررت الحركة الوطنية التى آل اليها الاستقلال عزوفها عن التصدى لقضايا البناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الشامل في وطن متعدد القوميات والاديان والأعراق والثقافات واللغات - أن المرحلة تقتضى تحريراً من الاستعمار والقضاء علي عقابيل مخلفاته وليس تعميراً أو تنمية وقد شجعها وغرر بها آنئذ 1956 ان عدد السكان كان صغيراً (13 مليون) فى بلد متعدد الموارد كبير المساحة ( واحد مليون ميل مربع- عاشر قطر في العالم) - إذ كان السودان جزءاً من الاقتصاد العالمي وقد عزز الازدهار – الاقتصادي BOOM إرتفاع اسعار القطن في البورصات العالمية نتيجة الحرب الكورية 1953 وقد واكب ذلك صعودا في الحركة الوطنية (الاتفاقية 1952) وتراجعا من قبل البريطانيين فى وجه التقدم المتصاعد لقوي الاستقلال، الامر الذي ثبت انطباعا خاطئا لدي قوي الاستقلال– بتلازم ما بين حركة التحرير ودوام تلقائية الازدهار الاقتصادي الذي يضرب بأسبابه في الخطوط الحديدية ذات الكفاءة العالية – ومشروع الجزيرة والزيداب واروما ومؤسسة جبال النوبة الزراعيه في جنوب كردفان بإدارات مستقلة ويرعى كل ذلك جهاز رفيع للخدمة المدنية – ونظام تعليمي يسير مسترشدا بمقررات التعليم العام فى بريطانيا .

    *وماذا عن دور السيد إسماعيل الأزهري والذي دائما ما يكنى بأبي الوطنية؟

    (ــ) لم يكن السيد اسماعيل الازهري في حاجة الي الغوص في متون العلم الحديث للبحث عن المصادر الطبيعية والبشرية والتمويل والاطارالزمني اللازم لإعمار السودان بعد خروج البريطانيين إذا بدا له كل ذلك تحصيل حاصل وفي طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل أما الذي ينقص السودانيين حقا كما قد بدا لحفيد السيد المكي ساعتئذ فهي المعرفة بأصول الإقتراع التي تمكنهم من نصب الرجل المناسب في المكان المناسب وفق اللوائح والمضابط في مجلس العموم والشيوخ البريطاني ولسد ذلك النقص المريع في ثفافة السودانيين الديموقراطيه صدر للسيد أسماعيل الازهري كتابه "الطريق الي البرلمان". الحقيقة أنه أفضى شد التجاذب والتنازع الملحاح للفئات الآنفة الذكر في تداخلها تحالفاً وتضاربا مع بعضها البعض ومع قوى المجتمع المدني- صغير الحجم- وضده في آن واحد الى سباق مبادلة أعمي للهيمنة علي السلطة والثروة فى السودان وكانت النتيجة دورات محمومة من الانقلابات العسكرية تعقبها انتفاضات مدنية عارمة تطيح بها من جديد ذات الانقلابات ببيانات تعيد انتاج نفسها بديباجات ذات طابع هلامي.

    *كأنك تحاول هنا تحميل غالب النخب مسؤولية هذه الدورة السياسية التي تتجاذبها تدخلات المؤسسة العسكرية والإنتفاضات الشعبية؟

    (ــ) نعم..كانت محصلة تنازع النخبة وسباق مبادلتها صوب السلطة والثروة ان قد خرج السودان من خارطة الاقتصاد العالمي واهملت مرافق ومؤسسات الانتاج الاساس: الكهرباء- الخطوط الحديدية- المشاريع الزراعية الكبري والمصانع التي تنشأ عادة مع بداية كل دورة عسكرية جديدة وانتفاضة مدنية ثم تذوي رويدا لتموت بعد حين.
    لم يعرف السودان منذ الاستقلال 1956 تلك التي يطلق عليها التنمية المتواصلة وتركزت خدمات الماء والكهرباء والتعليم والصحة والمواصلات ووسائط الاعلام والبنوك والحراك الثقافي في مثلث دنقلا – كوستي – سنار لتوفر البنية التحتية والقاعدة الانتاجية ( مشروع الجزيرة – توليد الكهرباء – الطرق - والخطوط الحديدية – والتعليم والتجانس الاثني والقومي ) واهملت بدرجات متفاوته – بعداً وقرباً من ذلك المثلث كل اقاليم السودان اقصى الشمال - الشرق – الغرب – والجنوب وكانت النتيجة اقصاءا وحرمانا شبه كامل لكل اقاليم السودان الشمالي المسلم الذي يقع خارج المثلث المختار ثم اندلعت الحرب مع جنوب السودان فى عشية الاستقلال 1955 لتستنزف موارداً بشرية ومادية كانت كافية لتنمية ذلك الاقليم، الجدير بالتسجيل ان قد اصاب " الخدمات فى المثلث المختار نفسه " تدهورملحوظا حيث ضجت واحتجت فئات العاملين في حاضرة البلاد والمدن الكبري من تدني معيشتها واسلوب حياتها.

    *إلى أي مدى إنعكس هذا التدهور على مستوى بنية الدولة؟

    (ــ) كان من النتائج الوخيمة التي ترتبت علي ذلك العجز والاهمال في تداخل مع سباق المبادلة المحموم لفئات الصفوة شطر السلطة والثروة ما يمكن إيجازه في التالي: -إغفال كامل لحماية البيئة الطبيعية وتنميتها مع التخلي في ذات الوقت عن مكافحة آفات الزراعة والحيوان سيما في اقاليم الري المطري في شمالي كردفان وشمال دارفور مما افضي إلي مزيد من التصحر والجفاف مع تدهور للتربة بوتائر عالية وكان طبيعيا ان تتقلص مساحات الرعي والزراعة والتحطيب وان يختل التوازن البيئي والسكاني وان يؤدي ذلك في سياق مجتمع تحوز فيه القبائل الارض والكلأ ومساقط المياه ان تتفجر النزاعات والحروب حول ملكية الارض والمراعي وموارد الماء والنفوذ في سياسة الديار وكان ذلك جليا في جنوب النيل الابيض وشرق النيل الازرق وشقيق الماجدية وجنوب كردفان وجنوب دارفور وشرق السودان كما قد أشارت مرارا وتكرارا تقارير مصلحه المراعي والعلف في مطالع عقد السبعين 1970. لم تك الدوارات المتسارعة للمجاعات التي تخلف مواسم الجفاف المتعاقبة واكثرها دمارا وسوءا في الصيت مجاعة 1985-1993 سوي التعبير المأساوي عن الخلل الذي اصاب البيئة الطبيعية ومجتمع المنتج الصغير وعموم السكان في غياب خدمات الدوله ومسؤوليتها .

    "....................................................."

    (ــ) من عجائب دولة ما بعد الاستقلال السودانية أنها قد كانت جوادا هزيلا تمطى عليه تاجر المحاصيل والمواشي والفحم ومالك المشروع الزراعي مستعينين بخبرات السائس ـ الافندي المتخم بوجبة السودنة الدسمة ثم لحق بهم ضابط الجيش الذي كان يتلمظ لتبطن السلطة، وعلى الطريق إلتقي بهم رجل الإدارة الأهلية ليتحفهم بمفارقاته وطرائفه وشواء ذبائحه والعلف المجاني الذي يتملق به جوادهم الذي قصموا ظهره بتداولهم عليه جميعا مرة ونصفهم تارة أخرى ـ تلك الدولة قد سقطت منها الذاكرة التي ورثتها من بريطانيا ولم تعد تذكر حتى واجباتها الاولى في كردفان ودارفور والبحر الاحمر التي شبت عليها في المهد منذ 1898 كمكافحة الآفات الزراعية من ابابيل الطير والجراد والفئران وحماية الحيوانات الوحشية ووقاية النباتات وصيانة التربة وانشأت لها المصالح والادارات والوزارات وكلها تجري لتصب في حماية البيئة والتصدي لزحف الصحراء".
    2-أطلقت الدوله يد تجارها في كردفان ودارفور وشرق السودان فعاثوا نهبا في الموارد( المحاصيل بانواعها والثروه الحيوانيه والتمباك في دارفور والكروم والمعادن في شرق السودان)، أما ملاك مشاريع الزراعة الالية في القضارف، الدالي والمزموم، جنوب كردفان، جنوب دارفور فقد قدموا شهاده حية ان دمار البيئة وصناعة التعاسة لمئات الآلاف من السكان المحليين كان مصدرا لثرائهم وسعادتهم علي المستوي الخاص.
    لم تكتف الفئات التي آل إليها الاستقلال ان تنصرف عن تنمية البيئة واقتصاديات المجتمع فحسب ولكنها انكرت أيضا هوية السودان التعدديه( مجتمع متعدد الاعراق- متعدد القوميات-متعدد الاديان- متعدد الثقافات- متعدد اللغات- لغه130) وابتسرت كل ذلك في دين واحد ولغة واحدة وثقافة واحدة- الاسلام والعروبة.
    تفاعلت مآزق غياب التنمية المتواصلة مع الدمار الذي لحق بالبيئة والزراع والرحل مع النهب التجاري المنظم تحت الحماية المباشره للمركز وافضت إلي إنهيار مجتمع المنتج الصغير في شمال كردفان وفي شمال دارفور حيث لم تبق سوي خيارات جد محدودة وكلها تعيسة لسكان تلك الاقاليم كالهجرة الداخلية والخارجية والنهب المسلح او الانضواء في جيوش الارتزاق التي تمولها الدول المجاورة ولما كان ذلك قد تم في سياق إلحاق وإبتسار كل القوميات والثقافات والاديان واللغات السودانية في لغه وثقافة ودين وقومية المركز العربية الاسلامية التي لاتتجاوز وسط شمال السودان فقد قاد ذلك الي أزمة عامة في الهوية والمواطنة والوجود الاجتماعي انتظمت كل السودان افرادا وجماعات واعراق وقوميات وشرائح وفئات وطبقات اجتماعية واقاليم.
    في هذا السياق والاطار النظري يتسني لنا النظر الي أزمة كردفان والحرب في دارفور وفق خصوصياتها في التاريخ والجغرافيا والبيئة و حركة السكان في مجري الاستقرار والترحال والانتاج ونظام ملكية الارض والعلاقة مع المركز وقبائل وطموحات دول الجوار وتفشي تداول السلاح وإنبعاث ثقافه النزاع والحرب.
    ثم أتت الحركة الاسلامية بإنقلابها في الثلاثين من يونيو1989 لتسير بتلك الازمة العامة إلي نهايتها المنطقية والتي عبرت عن نفسها في كل أقليم طبقا لخصائص المكان والزمان.
    ظل السودان ومنذ اليوم الاول في الاستقلال بخطي ثابتة قد تبطئ احيانا ولكنها ماضية شطر جرف الانهيار وذلك قد يعزي "لغياب ما يمكن ان نطلق عليها ـ الكتلة التاريخية في المجتمع السوداني، تلك القوة الاقتصادية والاجتماعية الضاربة التي كان من المتوقع منها في حال وجودها بالفعل وليس بالقوة، ان تستجيب بجسارة لتحديات التنمية البشرية الشاملة، كجزء اصيل من تكوينها البنيوي، لترقية ذاتها وشرائحها وفئاتها وطبقاتها الاجتماعية ذات الطابع المدني. وان يتأتى لها في سياق ذلك ان تستقطب كل مؤسسات المجتمع الاهلي من طرق صوفية وطوائف دينية وتجمعات اقليمية وقبلية لتسهم قدر إستطاعتها في ذلك النهوض التنموي .

    *وكيف ترى صراع دارفور؟

    (ــ) السؤال هو لماذا نجحت الحركات المسلحة في دارفور والبحر الاحمر ان تقسر دولة الانقاذ التي أعلنت باستعلاء أضحي" ماركة مسجلة" لها أنها لا تعترف بمعارضيها إلا في ميادين القتال ان تجنح صاغرة للسلم وأن تجلس معها حول مائدة المفاوضات ثم تعجز تلك الحركات ان تحقق الحد الادني من مطلوبها في الخدمات والتنمية التي دفعت بها الي حمل السلاح في المقام الاول ثم يكتفي بعض قادة الحركات المسلحة من محصول مفاوضات الحرب وحرب المفاوضات ان ينقل مقراته من تلال البحر الاحمر ووادي هور أو حسكنيتة الي داخل القصر الجمهوري علي أن يتقاضي علي ذلك اجرا ولا ضير ان يستصحب الانسان في ردهات ذلك القصر الذي تبوأه يوما غردون باشا من لا يلائمه .
    إن ورطة الحركات المسلحه في شرق السودان ودارفور علي وجه أكثر مأساويه أنها أعادت أنتاج الداء الدوي الذي استكن في جسد الاحزاب التي آل إليها الاستقلال وتحول علي مدي ستين عاما الي عدوي مزمنة قضت عضوا فعضوا علي كل ضروب المناعة في بدن الاحزاب المتهالك ويتمثل في الغياب الكامل لأي مشروع مدروس ينهض باعباء التنمية البشرية الشاملة مع فوارق جد جديرة بالاهتمام.
    إن احزاب دولة الاستقلال استندت إبان تشكلها علي نهوض سياسي محلي سودانى وآخر عالمي بعد نهاية الحرب العالميه الثانية وأن قد تأتي لها رغم الطائفية والمناطقية والقبائلية التي تتوكأ عليها في غدوها ورواحها ان تصوغ نفسها في تنظيمات سياسية جماهيرية مفتوحة وان تطرح نفسها علي المستوي القومي الواسع أما الحركات الاقليمية المسلحة فلم تتخط اعتاب التنظيمات العسكرية التي تدافع في أحسن الاحوال عن ألارض والقبيلة والدار بأفق الانتماء العرقي وطموحاته

    "........................................................"

    (ــ) لقد ورثت احزاب دولة الاستقلال إدارة إستعمارية رفيعة الخبرات والتجارب ولها قوة دفع ذاتي عاشت عليها سنين طوال أما الحركات المسلحة فقد ورث بعضها تقاليد النهب المسلح وأخري دوامات الحروب الاهلية في تشاد وتشربت كلها من أمواه فقه الضرورات لدولتي ليبيا وارتريا . قد أعاق التشتت والتشرذم والانطواء العرقي والمناطقي نمو الحركات المسلحة وحاصرها بفوهات بنادقها في معاقرها وسد عليها المنافذ واضحي سياجا شائكا أمامها كلما تطلعت ان تتحول إلي احزاب سياسية مفتوحة لها برامج ومشاريع ورؤي علي مستوي الاقليم والوطن وقد تكفل وضع البندقية امام السياسة ووضع القبيلة امام الاقليم ووضع العربة امام الحصان بهزيمة الحركات المسلحه علي مائدة المفاوضات مع وفد الدوله المركزيه .
    لابد ان قد تكشف لدولة الانقاذ التي تناسخت بفضل إتفاقية نيفاشا في المؤتمر الوطني أن تتربص بصبر محسوب لتشن الحركات المسلحة حروبها العشوائية لزمان طويل ليصاب قادتها بالرهق وشيئا من اليأس ثم تبعث لهم دولة المركز وسيطا منها ومنهم يدعوهم الي مائدة المفاوضات التي سقطت عليها من السماء- وهناك تتعامل الانقاذ مع قاده الحركات المسلحة كما يتعامل الاطفال مع طائر السمان الذي يقطع المسافات الطويلة من شمال البحر الابيض المتوسط الي مدينة الاسكندرية في الجنوب بجولة واحدة من الطيران المتصل حتي إذا حط بسيقانه في الارض عجز تماما عن الحركة من الوني فيصبح صيدا سهلا وسائغا للاطفال الذين ينتظرون دائما حلول الخريف بفارغ الصبر لتنمية مصروفاتهم المدرسية من مطاعم شواء السمان وعشاق لحوم الطيور في المدينه التي بناها الإسكندر المقدوني .

    *وكيف ترى الفرصة لتحقيق سلام دارفور؟

    (ــ) يبدو عسيرا النهوض بأعباء السلام في أقليم دارفور دون أن يتصدي لذلك أبناؤه وفي مقدمتهم الذين كابدوا ويلات الحرب وبنفس القدر يشق أعادة ما دمرته الحرب والتصدي للتحديات الاولي التي تبادلت مع تداعيات نتائجها المواقع دون ان تكون هنالك رؤي وبرامج واطروحات شاملة ومتواصله تنهض بها حركات سياسية ذات طابع جماهيري واسع وذلك يفترض كخطوة أولي ان تتحول الحركات الاقليمية المسلحة في دارفور إلي احزاب سياسية مفتوحة لكل ابناء الاقليم ولكل ابناء السودان من الجنسين .

    انتقل الى الاعلى


    صلاح شعيب



    --------------------------------------------------------------------------------


    البروفيسورعبد السلام نورالدين:3ـ3:
    أغمضت النخب عيون أقلامها وأحزابها عن إجلاء الحقيقة التي يشق إنكارها
    توفرت في بشير محمد سعيد كل مواصفات المثقف المؤهل أكاديميا وحرفياً
    يعد النظر الي تاريخ الممالك النوبية القديمة ضلالا مقدسا لدي بعض الأميين
    لم يك لهذا السودان وجود قبل مئتى عام
    لا نبارح المربع الأول كلما حاولنا مقاربة الهوية السودانية



    *المثقف السوداني:ماهي حسناته وعيوبه وهل يتحمل بعض الوزر في فهم كيفية العلاقة بين السلطة والمثقف مابعد فترة الاستقلال؟

    (ـ) يفترض هذا السؤال الذي لا يخلو من ظلال أخلاقية، كما تشير دلالات " العيوب والحسنات والاوزار" أن قد كان المثقفون السودانيون جسما واحدا وأن الذين شاركوا في السلطة منهم قد لعبوا دورا وسيطا بين السلطة وجمهور شريحتهم الاجتماعية. يبدو أن هذا الافتراض لن يصمد كثيرا للجس الفاحص إذا لم يك المثقفون السودانيون يوما جسما واحدا، ولم ينتموا جميعا إلي شريحة واحدة، أو إلي جيل واحد وقد لعبوا أدوارا سياسية جد متباينة إلي حد التقابل بالتناقض فإسماعيل الازهري ومحمد عشري الصديق وعبدالله عشري الصديق وعبدالخالق محجوب والصديق المهدي وعبد الوهاب زين العابدين عبد التام ومحمود محمد طه وابراهيم بدري وعلي طالب الله والدكتور آدم أدهم قد خاضوا بدرجات متفاوتة من مواقعهم المذهبية ومواقفهم السياسية وإنتماءاتهم وتحيزاتهم الاجتماعية كمثقفين نالوا قدرا من المعرفة والعلم لم يتوفر لغيرهم وكأفراد يتمايزون في المواهب والقدرات والمهارات خاضوا معترك الاستقلال ولكل ذلك ليس عدلا أقحامهم في سلة واحدة.
    أرجو ان نتوقف قليلا قبل الاستشهاد بلسان العرب أو معجم أكسفورد في تعريف الثقافة وتصنيفها لدي نماذج محلية سودانية مثيره للنظر والاعتبار بمعيار الحد الأدني للحس السليم الذي يفضي بصاحبه إلي الوقوف الي جانب الحقيقة كما تحدث عنه عبدالخالق محجوب وبنهج ونمط آخر للمنقذ الصغير الذي لا يماثله أحد في اداء دوره الهام. .

    *ولكن دعنا في الأول نعرف ماذا قال عبد الخالق؟

    (ـ) إعتلي الأستاذ عبد الخالق محجوب (1927-1971) ــ ولم يك يوم ذاك في كامل وسامته المعتادة التي لم يتخل عنها حتي في الحالكات من أيام محاكمته التي قضت بإعدامه في يوليو عام 1971م ــ منصة المتحدثين بمقر إتحاد جامعة الخرطوم في تلك الأيام العاصفة من عام 1965 حينما تدبرت أحزاب الأمة والوطني الإتحادي وجبهة الميثاق الإسلامي أمرها وقر قرارها علي إسقاط عضوية الحزب الشيوعي من الجمعية التأسيسية وطردهم بالكلية من الحياة السياسية وتحدث الأستاذ عبد الخالق بأسى وغضب وتحدٍ في تلك الليلة قائلا :
    "إننا نواجه هجمة همجية شرسة ولكني على ثقة أن كل سوداني يعني بغسل ملابسه الشخصية ويقوم بكيها وقد سمع بنا وعنا ومنا سيقف معنا في هذه المحنه التي لا محالة زائلة. وفي مكان جد بعيد من مقر إتحاد جامعة الخرطوم لم يكن لأحد رؤساء المحاكم الأهلية بإحدى صغرى المدن النائية إحساسا قويا بحركة الزمن، ويبلغ ذلك التشويش الزماني في دماغ رئيس المحكمة الأهلية حدا يشق معه أن يتحكم احد في فورة الغضب التي تعتريه إذا لم يصدع احد المتخاصمين ظالما او مظلوما داخل محكمته لأمره أو تجرأ أحدهم فتخطى الآداب المرعية في التخاطب معه أثناء الترافع أمامه آنئذ لا يتورع رئيس المحكمة الذي يشتاط غيظا ان يصدر في الحال أحكاما رادعة بالسجن علي من قل الادب عليه، قد تمتد لآلاف السنين كأن يقول مثلا لمن يعنيه الخطاب ــ حكمت عليك المحكمة بخمسة آلاف سنة او سبعين ألف سنة وقد تمتد السنين إلى أي رقم يتدافع الي فمه مع إرتفاع موجة إستبداد الحنق في أعصاب رئيس المحكمة، آنئذ يجتاح طوفان الرعب قاعة المحكمة ويضطر بعض الأعضاء الذين لا يحلو لهم النوم العميق إلآ في أثناء انعقاد المحكمة إلى التيقظ فجأةً فلا يعرفون من أين يلتقطون حبل ما فاتهم، أما الذي ينقذ الجميع في تلك اللحظة ابتداء من رئيس المحكمة والأعضاء والمغضوب عليهم والشهود والمارة الذين يتوقفون بدوافع حب الاستطلاع فيعثرون علي أنفسهم طرفا أصيلا في ما يجري فهو كاتب المحكمة الذي يحول بهدوء تام كل الاصفار التي تقع على يمين الأرقام التي نطق بها رئيس المحكمة إلى شمالها فإذا كان الحكم 100000 مائه الف سنة مثلا تصبح يوما واحدا وإذا كانت 300000 سنة إلي ثلاثة أيام وإذا كانت 8000000 إلي ثمانية ايام، وهكذا دواليك مع كل الاصفار العديدة التى تقع علي يمين الأرقام، أما إذا كان الحكم الذي نطق به رئيس المحكمة في إطار الايام والشهور فستبقي على ما هي عليه مادامت في مدار السلطات الممنوحة له والتي لا ينبغي لها أن تتجاوز عاما واحدا للفرد الواحد.
    حينما أصابت حمى الملاريا كاتب المحكمة وظل طريح الفراش بمزله لوقت غير قصير أضطر رئيس المحكمة لإغلاقها حتي يمن الله علي كاتبه بالشفاء إذ تراكمت أثناء غيابه الإحكام المطلقة وعمت الفوضى المدينه الصغيره حين مرض المهدي المنتظر - اللقب الذي أطلقه المواطنون على كاتب المحكمة . ألا يدخل مثل ذاك الذي يعني بغسل جلبابه وكيه ويناصر بفطرته السليمة رؤي العقل في السودان وله علي قدر ما تتمرأي له الحياة مواقف منها وذاك المهدي المنتظر " كاتب المحكمة" الذي يُعِمل حكمته ومعرفته بسيكولوجية الولاة فينقذ سكان مدينته من مغبة بطش الحاكم ومن سوء سياحة الأرقام بلا دليل في دماغه ألا يدخلون في باحة الاستناره بجداره؟.

    *نعود إلى أمر المعاجم التي تعرف المثقف، ولكن هل المعاجم وحدها تكفي؟

    (ـ) يستدعي المصطلح "المثقف" والثقافة" والمثقفون" إيراد اكثر من مرجعية نعتمدها في المصادر المتجاورة التي ترفدنا حينما نلجأ اليها وكثيرا مانفعل ذلك. قد ورد الفعل:
    ثقف: ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه. ورجل ثَقْفٌ (قوله «رجل ثقف» كضخم كما في الصحاح، وضبط في القاموس بالكسر كحبر.) وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم، وأَتبعوه فقالوا ثَقْفٌ لَقْفٌ. ابن السكيت: رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ إذا كان ضابِطاً لما يَحْوِيه قائماً به. ويقال: ثَقِفَ الشيءَ وهو سُرعةُ التعلم. ابن دريد: ثَقِفْتُ الشيءَ حَذَقْتُه، وثَقِفْتُه إذا ظَفِرْتَ به. قال اللّه تعالى: فإِمَّا تَثْقَفَنَّهم في الحرب. وثَقُفَ الرجلُ ثَقافةً أي صار حاذِقاً خفيفاً مثل ضَخُم، فهو ضَخْمٌ، ومنه الـمُثاقَفةُ. وثَقِفَ أَيضاً ثَقَفاً مثل تَعِبَ تَعَباً أَي صار حاذِقاً فَطِناً، فهو ثَقِفٌ وثَقُفٌ مثل حَذِرٍ وحَذُرٍ ونَدِسٍ ونَدُسٍ؛ ففي
    حديث الهِجْرةِ: وهو غلام لَقِنٌ ثَقِفٌ أَي ذو فِطْنةٍ وذَكاء، والمراد أَنه ثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه. وثَقِف الرجلَ: ظَفِرَ به. وثَقِفْتُه ثَقْفاً مِثالُ بلِعْتُه بَلْعاً أَي صادَفْتُه؛ وقال: فإمّا تَثْقَفُوني فاقْتُلُوني، فإن أَثْقَفْ فَسَوْفَ تَرَوْنَ بالي وثَقِفْنا فلاناً في موضع كذا أَي أَخَذْناه، ومصدره الثِّقْفُ. وفي التنزيل العزيز: واقْتُلوهم حيثُ ثَقِفْتُموهم. والثَّقاف والثِّقافةُ: العمل بالسيف؛ قال: وكأَنَّ لَمْعَ بُرُوقِها، في الجَوِّ، أَسْيافُ الـمُثاقِفْ) والثِّقافُ إلى أَن تقوم الساعة، يعني الخِصامَ والجِلادَ. والثِّقافُ: حديدة تكون مع القَوَّاسِ والرَّمّاحِ يُقَوِّمُ بها الشيءَ الـمُعْوَجَّ. وقال أَبو حنيفة: الثِّقافُ خشبة قَوية قدر الذِّراع في طرَفها خَرق يتسع للقَوْسِ وتُدْخَلُ فيه على شُحُوبتها ويُغْمَزُ منها حيث يُبْتَغَى أَن
    يُغْمَزَ حتى تصير إلى ما يراد منها، ولا يُفعل ذلك بالقِسِيّ ولا بالرماح إلا مَد هُونةً مـمْلُولةً أَو مَضْهوبةً على النار مُلوّحة، والعَدَدُ أَثْقِفةٌ، والجمع ثُقُفٌ، والثِّقافُ: ما تُسَوَّى به الرِّماحُ؛ ومنه قول
    عمرو: إذا عَضَّ الثِّقافُ با اشْمَأَزَّتْ، تَشُجُّ قَفا الـمُثَقِّفِ والجَبِينا)

    ........................................................؟

    حسناً ، إذا كانت الثقافة تعني في التراث العربي ــ الحاذق ــ المشذب والمهذب فهل كان السيد عبد الرحمن المهدي (1885-1959) مؤسس المهدية الجديدة ــ الذي نهض كطائر الفينيق ــ بنفسه وبأسرته من رماد العوز والإدقاع وطار بأجنحة من فضة وبحمولة من ذهب وحط بساقيه على شماريخ جبل يعصمه ويعصم بنيه وأحفاده جيلاً بعد جيل من الفقر الذي أقسم الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه أن لو قد برز إليه في صورة رجل لخضب حسامه شعر مفرقة- وقد كان هذا السيد كما سارت الأمثال ــ بذكره مشذباً مهذبأ وقد علم السودان كله أنه الحاذق الذي يجري ولايجري معه إلا البريطانيون فهل كان بذات القدر مثقفاً ووسيطا يدخل في عٍداد الذين يتحملون بعض الوزر في القطيعة بين السلطة والمثقف التي وقعت بعد الاستقلال؟ وهل ينطبق علي السيد عبدالرحمن المهدي كما يفيد السؤال ترسيم المثقف بحدود دلالته التي وردت في السؤال الآنف الذكر أم كان السيد عبدالرحمن أميرا يتحلق حوله المثقفون من أمثال الشاعر البنا وعبدالرحمن شوقي وأحمد محمد صالح عضو مجلس السيادة بعيد الاستقلال ومحمد احمد محجوب رئيس الوزراء. ما هي الفواصل بين الامير المثقف ومثقف الامير؟ وأين يقع في خارطة الثقافة السودانية الحسيب النسيب على الميرغني 1885-1968م الذي لم يكد يراه من أتباعه قبل الاستقلال وبعده إلا خلائف الخلفاء وعلى بقية المحبين إقتناء قوارير عطر "الشبراويشي" من شمال الوادي إذا رغبوا في التمتع والتبرك به وبصورته وبما تضوع منها وفاح ولا جناح عليهم إذا إكتفوا من غنيمة المشاهدة بتلاوة مولد اجداده البرزنجي، وقد كان السيد على الميرغني ايضا مهذباً مشذباً نادر الكلام حاذقاً أقرب في تلثمه وخفائه إلى الأئمة المستورين في العقد المنضد للشيعة الإمامية الأثني عشرية في النجف الأشرف والعتبات المقدسة بقم ومرغن من بلاد آسيا الوسطي- فهل ينضوي السيدان على الميرغني وعبدالرحمن المهدي مع أبو آمنه حامد وصلاح أحمد أبراهيم ومحمود حسيب وبدرالدين مدثر وعبدالله زكريا وخليل عجب الدور في سلك الافندية المثقفين بتبنيهم المشترك بأختلاف المسالك والمعارج للآديولوجية الاسلامية العربيه؟.

    *............................................................؟

    وإذا كان لمصطلح الثقافة (وما اشتق منها المثقفون) الذي أستقر في العربية المعاصرة دلالات جد مختلفة في اللغات والمجتمعات الغربية (Intellect، Intellection،Intellectual intellectualism، intellectual، property، Intelligentsia) إذ يشتق المصطلح من العقل وإعماله بإبداع وخلق في النظر والتطبيق ويقتضي بالضرورة وحدة التفكير والتنفيذ في مجتمعات الحداثة أو مابعدها سواء كان الفضاء عمرانا بشريا أو طبيعياً ويتباعد بدرجات لها حساب من الثقافة بدلالة التهذيب والتشذيب والحذق التي تشتق من العزق والفلاحة واكثر إلتصاقا بما ترسب من المعرفة في السلوك فإلى ايهما إذن تنتمى تلك الشرائح ؟ الاجتماعية التي أطلق عليها السودانيون منذ نشأة المدارس الحديثة على يد حكم الثنائي – 1898- 1956 : أسماء ونعوت مختلفة : الأفندية - المتعلمون - الأساتذة - متفرغ سياسي - الدكاترة - المهنيون - المشايخ - المولانات ( جمع مولانا ) وأين ينضوي بجدارة أمثال الشيخ بابكر بدري، وبابكر التليـب، ومحمد سعيد العباسي؟، وكيف نصنف هؤلاء الذين اسهموا في البناء التعليمي الموازي للمدارس التبشيرية والكمبوني والأقباط المصرية والانجيليات في شمال السودان، هل هموا رواد للحداثة في مجراها الديني؟ أم دعاة للتقليد في سياق الحداثة – كالأستاذ الشيخ مولانا أحمد محمد الصادق الكاروري بمعهد كريمة العلمي ونوري، شيخ آدم بمدني - والشيخ عباس الفكي على بالنهود والشيخ محمد أحمد سوار بالفاشر والشيخ محمد عبد الباقي بالاُبيض والأستاذ الشيخ صديق عمر الإمام من أم درمان.

    *........................................................؟

    (ـ) يبدو أن مفهوم الثقافة الذي يستقي مصادره من إشتقاقات وردت في لسان العرب والقاموس المحيط ومختار الصحاح أو يستمد التعريف والتوصيف الحرفي من اللغات والحداثة الغربية ومعاجمها لا يتسع إلآ بتعسف وإقحام ليشمل كل بانوراما الحراك الثقافي السوداني الذي يتمدد بأطرافه ليدخل في رحابة كل من أشعل شمعة لإنارة البيت السوداني - من مدرسي ومدرسات الابتدائيات والمساعدين الطبيين والقابلات وكتبة المحاكم الاهلية في الاقاليم إلي معلمي اللغة العربية والدين الذين لايلمون باي لغة أجنبية ولم يتزودوا إلا بالنذر القليل من العلوم الطبيعية.

    *........................................................؟

    ليس في نطاق هذا الحوار إستقصاء العلل والمعلولات في مجري المقدمات والنتائج التي تشابكت وتداخلت وتضافرت فقعدت بالمجتمع السوداني أن يكون والداً وولداً لكتلة تاريخية ذات بنية حديثة صاعدة تخرج به من حمأة التحيزات العرقية والمناطقية والطائفية والدينية الاصولية التي طفحت ببشرته منذ اليوم الأول في الاستقلال إلي رحاب المجتمع الواسع الذي يحمل في باطنه كل مقومات نهوضه. عزونا العجز والقعود إلي غياب المشروع السياسي الشامل – (كما قد تلمسنا ذلك في الحلقة الثانية) الذي (عجن و خلق- بتشديد الجيم واللام ) بدوره ظواهر ومظاهر تتناسخ من العجز والقعود لتتمرأي بها في كل أوجه الحياة في السودان ويبدو ذلك دون مواربة في كل باب يطرقه المواطن من توفير الماء الصالح لشرب الانسان والحيوان إلي خفاض البنات فيتفتح عليه الجحيم باللهب والشظايا ليطارده وإذا لم ينجو بنفسه إلتهمه ثم تربص بأخيه وصديقه وجاره. ملحاحا ذاك السؤال الذي يبدؤ نفسه ويعيد - لم ظلت نخب الأفندية - المتعلمين - المثقفين – بتعدد الشرائح والفئات والأجيال التي ينتمون إليها ومنذ ان اصدر محمد احمد محجوب وعبدالحليم محمد كتابهما" موت دنيا " وحتي إتفاقية نيفاشا 2005 لا تبارح المربع الأول كلما حاولت مقاربة الهوية السودانية وهي من مقولات المواطنة في سياق التنمية المتواصلة - فتحصرها في تنازع سؤال الثنائية العقيمة :- أجب بلا أو نعم أعربي أنت أم لا؟ - أكافر أنت أم مسلم ؟.
    لم يطف بخلد هذه النخب يوماً أن تضع في مقدمة أجندتها البحث عن الشروط والمقومات لنهوض ثقافي شامل لأمة حديثة التكوين متعددة الثقافات واللغات والأديان وان ليس من اليسر التعرف على المقومات الروحية للامة السودانية دون البدء بكتابة لغاتها - للتعرف على آدابها على الأقل - كتابة الكبرى منها كخطوة أولى كالتبداوية – الدينكاوية ولغة الشلك والنوير والآشولى، اللغة الدنقلاوية، لغة الفور والزغاوة والمساليت والزاندي والميدوب.
    ومن أعاجيب لف ودوران نخب "الأفندية" - "المتعلمين" - "المثقفين" العربية الاسلامية حول نفسها رغم تهوسها بتفوق العربية السودانية على كل العاميات العربية الأخري بحسبانها الأقرب إلى الفصحى التي نزل بها القرآن لم تبذل جهداً ما - ولم تشرع أبداً - في مشروع يؤسس لأطلس لغوي للعاميات العربية في السودان ليكون سنداً موثقا لمعاجم لغوية قادمة - تبدو تلك النواقص التي حاول العالم عون الشريف قاسم رغم جهده العملاق إستدراكها في كل طبعة جديدة لمعجمه أنها تتصل بغياب ذيالك الأطلس اللغوي للعاميات السودانية.

    *..................................................؟

    أغمضت النخب عيون اقلامها وأحزابها عن إجلاء الحقيقة التي يشق إنكارها – أن السودان الحديث لم يك شيئاً موجودا- كوحدة إقليمية مستقله قبل غزو جيش محمد على باشا 1820م. كان ينبغي ان يترتب علي تبيان تلك الحقيقه المركزية التي مست بعجالة العابر الساهم من قبل المتعلمين ان ينظر السودانيون الي ذواتهم كأم’ تحت تشكل عسر في مجري تقاومه الاعشاب والرياح بضراوة وعلي الجميع مراعاة فروق الأعراق واللغات والاديان والثقافات ليتسني لهم اللقاء بطواعية في منتصف الطريق بصدر واسع وافق مفتوح علي كل الاحتمالات لبناء دولة قومية.
    تحولت الكذبة حول وجود السودان عبر القرون تحت جنح الظلام الذي لم تبدده النخبة الي معتقد ثقافي سوداني ثابت يرجعه الجميع بوقار يصل حد القداسة وينبثق عنه ذلك السؤال الذي ظل يطرحه ضابط الجوازات بوزارة الداخلية السودانية منذ اول يوم في الاستقلال علي حاملي إستمارات الجنسية للحصول عليها: متي قدم اجدادك الي السودان فيجيب حامل الاستمارة بجدية كامله: منذ قدوم العرب إلي السودان. يتضمن هذا السؤال في باطنه تدليسا متعمدا يطالب فيه ضابط الجنسية من طالبها الكذب مع سبق الاصرار والترصد. أما لو تمادي ضابط الجنسية في طرح اسئلته العبثيه تمشيا مع روح السؤال: ومتي قدم العرب الي السودان؟ لأجاب المتقدم إلي الجنسية: لا أعرف علي وجه التحديد متي كان ذلك ولكن دون شك قبل مئات السنين. إذا حصرنا تلك المئات من السنين في مئتي عام فقط قبل الاستقلال (1956-200=1756) فلن ينال تلك الجنسية عبدالفتاح المغربي عضو مجلس السيادة بعد الاستقلال، ولن ينالها بالطبع الحسيب النسيب علي الميرغني الذي قدم جده محمد عثمان الكبير مع جيش محمد علي باشا 1820، ولن ينالها ايضا السيد عبدالرحمن المهدي الذي قدم جده حديثا من النوبة المصرية، ولن ينالها من اقربائه عبدالله خليل، أو أحمد السيد حمد، ولن ينالها الفريق ابراهيم عبود ابن الباشا التركي حاكم سواكن محمد عبود رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة بدرجة رئيس جمهورية 1958-1964، ولن ينالها سليل المماليك جعفر نميري، ولكن سينالها بجدارة عمر أحمد البشير بوصفه اول سوداني إستقر أسلافه قبل مائتي عام يتولي رئاسة الجمهورية في السودان الحديث.
    إذن ما هي الحكاية؟ ببساطة لم يك لهذا السودان وجود قبل مئتى عام. كانت هنالك شعوب تمتد من السنغال غربا الي البحر الاحمر شرقا يطلق عليها بلاد السودان.المدهش حقا أن قد ألحق البريطانيون دارفور الي حكمهم الثنائي عام 1916 ثم انضمت دار المساليت بمحض إختيارها إلي السودان الانجليزي المصري عام 1923 وهكذا كان عمر السودان الحقيقي في اليوم الاول للاستقلال ثلاثون عاما فقط -1923-1956. ويعد النظر الي تاريخ الممالك النوبية القديمة –بوصفها أساس الدولة القومية في السودان ضلالا مقدسا لدي بعض الأميين الذين تخرجوا من المدارس العليا كما أطلق عليهم البروفيسر عبدالله الطيب.

    *قلت إن النخبة أغمضت عيونها عن إجلاء الحقيقة، ولكن ألا ترى أن هناك دراسات أكاديمية حاولت الوصول للحقائق التي تعنيها؟

    (ـ) الاكاديميا السودانية ايضا أغمضت عيونها عن الحقيقة التي تقول لم يكن السودان يوما جزءاً أو امتداداً للحضارة العربية الإسلامية إبان ظهورها في القرن السادس الميلادي او ازدهارها في القرن الثامن والتاسع والعاشر الميلادي وحتى سقوطها في القرن الثالث عشر، لكل ذلك لم يعرف للسودان الشرقي ( سودان اليوم ) مدرسة في الفقه أو التفسير أو التوحيد أو اللغة أو العلوم الطبيعية كما هو الحال في كل أقطار العالم العربي والإسلامي في آسيا وأفريقيا ولا يزال السودان أكثر بلدان أفريقيا جنوب الصحراء المسلمة فقراً في المخطوطات والنقوش والآثار الإسلامية. ليس خبراً جديداً أن يقال إن أول مصدرٍ لكاتب سوداني على وجه الأرض هو طبقات ود ضيف الله في القرن الثامن عشر الميلادي وإذا عن لنا ان نحصى المؤلفات التي تعود لمؤلفين سودانيين المخطوطات منها والمنشورة ولها فهارس بدور الكتب منذ دخول العرب السودان وحتي سقوط الدولة المهدية فلا تزيد على اصابع اليد الواحدة ولا ينافس السودان في هذا الفقر الفضائحي في مضمار التراث المكتوب بالعربية سوى الصومال التي لا تتحدث العربية ولا تزعم لنفسها دوراً رياديا او رساليا في قيادة الأمة العربية.
    كيف نفسر تهيب الاكاديميا السودانية من تبيان الحقائق التاريخية التي اكتنفت تشكل السودان الحديث. يبدو انه يشق تفسير كل ذلك دون الاهتمام بالنتائج والتداعيات التي ترتبت على غياب الكتلة التاريخية ومشروعها السياسي والثقافي. هل يصح في الافهام أن نستخلص من خلو السودان من الآثار والمخطوطات والمدارس الفكرية ذات الجذور الضاربة في الحضارة العربية؟.إن السودان يعاني فقراً في الآداب والتاريخ والتراث المادي والروحي؟ إن الذي نحاول إضاءته في هذا السياق – أن قد تجاهلت النخب التي تحدثنا عنها بتفصيل في الحلقات السابقة - الثراء الواسع الذي تتمتع به - الأمة السودانية – والكامن في التليد والطارف من ثقافاتها الحية ولغاتها التي تتواصل بها ومنها العربية – وأديانها ومنها الإسلام واعتصمت بتاريخ شامخ وحضارة باهرة - لا تمت له ولم يشاركوا في بنائها ولم يدافعوا عنها وهي تتراجع - بكلمة واحدة - لا يمتون إليها كما يمتون إلى الثقافات والحضارات واللغات والآداب التي يهربون منها لعجزهم عن مواجهة تحديات بناء امة جديدة في أمس الحاجة إلى عقل جسور ووجدان عامر بالطموحات التاريخية وعيون مشرقة.

    *قلت إن هناك غيابا للكتلة التاريخية التي كان يمكن أن تخلق التسوية من أجل مشروع سياسي متكامل للنهوض، هل أثر هذا الغياب في ضعف نهوض أجيال المثقفين التالية والتصدي للتنمية الثقافية والإجتماعية؟

    (ـ) لقد غاب حقا المشروع الكبير للنهوض الشامل ومع ذلك لم يستسلم المتعلمون المتعلمات والمثقفون والمثقفات الذين ظلوا يبحثون عن معني لوجودهم الفيزيائي والروحاني في هذا الوجود للفراغ الثقافي بوصفه المعادل الذاتي لغياب التنمية المتواصلة فوثقوا الصلات بحركة الحياة الفاعلة لشعوبهم وبجديد الحداثة الذي يمكث في الارض وينفع الناس- فتسنى لهم جهد المستطاع رغم التحديات التي تدفع بهم إلى الخلف في كل الجبهات - أن يصوغوا – على المستوى الفردي - واجباً منزلياً - ينبغي إنجازه كمشروعات يعملون لها طيله حياتهم - ينجحون أحيانا ويخفقون كثيراً لأنهم لا يتحكمون في نواصي الضرورة التي تحيط بوجودهم المحفوف بالمكاره.
    الجدير بالذكر أن لا ينتمي أصحاب المشروعات إلى جيل واحد أو إقليم واحد او مدرسة فكرية واحدة ولا يعرف جلهم بعضهم البعض ولكنهم دائما يلتقون في البحث عن المعنى من خلال إنجاز مشروع عقلي يفضي في نهاية المطاف إذا تحقق – بدفع عجلة الحياة في السودان ومحيطه على الأقل خطوة إلى الأمام ويمكننا ان نذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر الاستاذ بشير محمد سعيد في الصحافة- سعد الدين فوزي في دراسات الإسكان الشعبي، صلاح هاشم في الترجمة، عون الشريف في معجم العامية في السودان، منصور خالد في الفكر السياسي - محمد سعيد القدال في التاريخ الحديث، فرانسيس دينج في الهوية والسياسة، أحمد الطيب زين العابدين في السودانوية، أسامة عبدالرحمن النور في الاثار، محمد الامين التوم-علي عبدالله عباس- مهدي امين التوم في التعليم العالي، حيدر ابراهيم علي في علم الاجتماع الديني، محمد سليمان محمد محمد في نزاعات الهوية والموارد، فاطمه بابكر الرأسمالية السودانية، محمد أحمد محمود الفكر الديني، أحمد سكنج، الرق في السودان، علي جماع عبدالله –الادارة والرحل، علي دراج وسليمان حسين في المراعي، الباقر العفيف في الهوية.

    *أراك أشرت للأستاذ بشير محمد سعيد، هل تضعه في إعتبارك بأنه نموذج لمثقف كان يحمل مشروع المؤسسة المدنية (الأيام) ضمن أولوياته، أم تنطلق في تقييمك له من خلال رؤاه ومواقفه السياسية؟

    الحقيقة أن الأستاذ بشير محمد سعيد يجسد شخصية مثقف سوداني من طرازٍ فريدٍ إذ ظل طوال سني عمره ومنذ أن دخل عالم الصحافة والسياسة والفكر حتي أيامه الأخيرة، منسق الأفكار، متكامل الشخصية، شجاع العقل، حريصا على موقفه المستقل، يفصل بدقة وصرامة ووضوح بين علاقاته في العمل وآرائه في السياسة وصداقاته في الحياة ومجاملات المجتمع. وقد خلت شخصيته من تلك النتواءات والإضطرابات والمنحنيات التي عصفت ولا تزال بعدد ليس قليلاً من المثقفين الذين يهبون النصف الأول من حياتهم الزاهرة دفاعاً وتثبيتاً لفكرة ما أو قيمة آيديولوجية ما، ثم يندفعون في النصف الثاني من حياتهم وبنفس القوة والحماس للبرهان في الاتجاه المعاكس تماماً أن تلك الفكرة وذلك الموقف ، وتلك الآيديولوجيا التي كرسوا لها النصف الاول من عمرهم كانت باطلة تماماً، ولا تساوي الحبر الذي كتبت به، أو ذلك النموذج الآخر من المثقفين الذين يستهلون حياتهم بالعقلانية والتنوير ثم يختمونها بالدوران في حلقات الشعوذة والتجوال في العالم السفلي والاقتران بإحدى سواحر الجنان ونموذج ثالث له يوم للسعد وآخر للشقاء، يوم الخميس للتبطل والتبذل وخم الرماد ويوم الاثنين والجمع للحوبة والنوبة واللالوبه. ونمط رابع يمزج بين البداوة والتحضر وبين الحداثة والتقليد كما تمزج الخمرة بالماء الزلال ، على حد تعبير الحسين بن منصور الحلاج وطراز خامس من المثقفين السودانيين ليس كمثله أحد في كل العوالم اذ يجمع في شخصه كل الانماط السالفة بجدارة وليس علي الله بمستنكر ان يجمع العالم في واحد لتتفتح أمامه كل الابواب دفعة واحدة: القبة والمرأة والرجالة والعبارة والنضارة والتهذيب والشطارة والتجارة والوزارة.

    *ولكن ألم يكن الاستاذ بشير نموذجا لطبقة الأفندية، وما هي الظروف التي قادته لإسهامه النوعي في التثقيف السوداني بينما قلت أمثلة إسهاماته؟

    (ـ) الأستاذ بشير محمد سعيد وفي وقت باكر تخلى عن عقلية وطموحات الأفندي الذي ينتشي ويحلم بالميري: العربة وبيت الحكومة والمكتب وكل ما قدمته السودنة للأفندي الذي حول إستقلال السودان إلى مجد شخصي وغنيمة، وتحالف مع الشيطان لتبقى تلك الغنيمة خالصة له - وتحالف مع شيخ القبيلة رجل الإدارة الأهلية، ومع الفكي شيخ الطريقة، ومع الضابط الذي أدى القسم ليكون حارساً أميناً فأقام نفسه ولياً ووالياً.
    تخلى الأستاذ بشير عن كل ذلك، وابتعد نهائياً عن امبراطورية الأفندي وحلفائه، واتجه لبناء مؤسسته "الأيام" في عام 1954، بعد تدريب وتأهيل في السودان والمملكة المتحدة أما الذي يميز الأستاذ بشير محمد سعيد فإنه قد قدم إلى عالم الصحافة كمثقف تخرج من مدارس السودان العليا آنذاك ، تتوفر فيه كل قسمات ومواصفات المثقف المؤهل أكاديميا وحرفياً سواء كان في السودان أو في أي مكان آخر، صحيح لم يكن الأستاذ بشير محمد سعيد عصامياً كأحمد يوسف هاشم أو عبد الله رجب، كان مثقفا يحمل عقلاً حديثاً يعرف قيمة الوقت والانضباط في السلوك والعمل، ولنفس الأسباب تسنى له أن يؤسس داراً متكاملة للطباعة والنشر والتوزيع تحكمها اللوائح وقوانين الشركات وجهاز للرقابة المالية والإدارية. كما إجتذب مؤسس (الأيام) جهاز الخدمة المدنية سيما بعد السودنة ، صفوة المتعلمين والمثقفين في الخمسينات حيث تحول إلى مرقى جد رفيع يقود مباشرة إلى خزائن الثروة وإلى بيوت أزياء الوجاهة الاجتماعية بمفاتيح الإدارة، أما الصحافة فقد تٌركت لمن فاتهم قطار التعليم المنظم ، أو لأولئك الذين تستهويهم متعة البحث عن المتاعب، أما التوجه إلى ميدان جديد بإنشاء مؤسسات مدنية مستقلة عن الأحزاب يستطيع من خلالها المثقف الفرد أن يحقق وجوده العقلي والاجتماعي، وأن يعيش كريماً، وأن تكون في ذات الوقت إحدى مراكز التنوير والتعبير لكل المواطنين، فذاك هو الطريق العسير الذي سار فيه الأستاذ بشير محمد سعيد بركنيه - محجوب عثمان ومحجوب محمد صالح .

    *ألا ترى إسهامات نوعية للمثقفين في جانب العمل السياسي؟

    (ـ) لقد انصرف المثقف السوداني إلى الوظيفة ليكون أفندياً، ولم يلتفت في وقت باكر إلى دعم الاستقلال بإنشاء مؤسسات مدنية للثقافة والعلم، ولم تتقدم المدارس الأهلية ومشاريع الاكتتاب التي نمت في سنوات عصر الأربعين والخمسين لتصير تكأة للتعمير والتنمية المستقلة، بل مضت قدماً إلى الخلف. وظلت الجبهة المتفردة التي تحظى بالحضور والتقدير والحماس – هي السياسة في إطارها الحزبي التنظيمي الضيق، فغٌمرت الثقافة، وتراجعت المعرفة العالية، لغياب مؤسسات لها مستقلة عن الدولة والأحزاب، إلى مواقع من يحصرها ويحاصرها في الدين.
                  

العنوان الكاتب Date
الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-22-10, 01:19 AM
  Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-22-10, 01:31 AM
    Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... صلاح شعيب01-22-10, 02:40 AM
      Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-23-10, 00:26 AM
    Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-23-10, 12:07 PM
      Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-24-10, 11:00 AM
        Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-26-10, 01:28 AM
          Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... Khalid Kodi01-26-10, 02:43 AM
            Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... عبد الحميد البرنس01-26-10, 04:02 AM
            Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-27-10, 00:04 AM
              Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-27-10, 00:15 AM
                Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... أحمد أمين01-27-10, 02:34 AM
                  Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-27-10, 11:38 PM
                    Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-28-10, 09:33 AM
                      Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... Mohamed Abdelgaleel01-28-10, 12:21 PM
                        Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... Souad Taj-Elsir01-28-10, 12:54 PM
                        Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-28-10, 06:00 PM
                          Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... صلاح شعيب01-29-10, 00:21 AM
                            Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... Souad Taj-Elsir01-29-10, 00:32 AM
                              Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-29-10, 02:32 AM
                                Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... يحي ابن عوف01-29-10, 07:46 AM
                                  Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-29-10, 10:23 AM
                                    Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-29-10, 07:10 PM
                                      Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... عبد الحميد البرنس01-29-10, 10:27 PM
                                        Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-30-10, 04:29 AM
                                          Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah01-31-10, 02:22 AM
                                            Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah02-01-10, 03:24 AM
                                              Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... Mohamed Abdelgaleel02-01-10, 09:14 AM
                                                Re: الهوية...البروفيسور عبد السلام نورالدين......... munswor almophtah02-03-10, 04:22 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de