قصص قصــــــــــــــيرة.........

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 04:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-05-2008, 05:23 AM

rani
<arani
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 4637

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قصص قصــــــــــــــيرة.........



    أم دَغْـش

    قصة قصيرة، بقلم: مجدي محمود جعفر
    .................................................

    (1)

    بدت لنا على غير عادة النساء العربيات - و البدويات على وجه الخصوص - ممصوصة كعود قصب ، يابسة كعود حطب ، كادت الرياح أن تذروها - لولا أن اتكأت على جدار البيت و راحت تتفحصنا واحداً تلو الآخر بعينيها الضيقتين من خلف " البرقع " !
    00 لم تزل آثار السفر على وجوهنا ، و الحقائب أثقلت كواهلنا ، و العرق ينز من جباهنا ، و أنوفنا .. تنظر لنا بعينين حادتين00
    - " مصريون " ؟
    = نعم
    - " و لماذا جئتم " ؟!
    = بحثاً عن لقمة العيش يا خالة .
    زامت ، و ضيقت ما بين حاجبيها ، و تمتمت بكلمات لم نتبينها ثم قالت :
    - " من خرج من داره قل مقداره " !
    ألجمتنا عبارتها ، و كدنا ننسحب ، لولا أن تذكرنا أن أصحاب البيوت يرفضون " العزاب " سكاناً ، و كل من سألناه دلنا على " أم دغش " .
    قادتنا إلى غرفة فوق السطوح - أقامتها بجوار برج للحمام - ضيقة الغرفة كزنزانة ، ارتفاعها لا يتجاوز المترين ، شباك صغير ينفذ منه الضوء بصعوبة ، نصف معتمة ، رغم قربها من الشمس ، فالشمس تكاد تلامس سقف الغرفة المصنوع من الصاج القديم الصدئ 00
    ما كادت أقدامنا تطأ عتبات الغرفة حتى هب هواء ساخن ، راكد ، و رائحة عفنة ، انكوت وجوهنا ، و نفرت أنوفنا 00
    قالت :
    - " بالماء و الصابون تنظفونها " !
    قال أحدنا :
    = ولا نهر النيل ينظفها !
    نظرت إليه و قالت :
    - " النيل " 00 النيل ما عاد يجرى " ! 00
    قال ضاحكاً :
    = و الله العظيم تركناه - و هو يجرى !!
    نظرت إليه ، و شردت قليلاً ، ثم قالت :
    - " النيل توقف من عشرين سنة " !!
    00 و ما كادت تنصرف ، حتى نزعنا ملابسنا ، و فتحنا صنبور الماء ، و رحنا نغسل أرضية الغرفة و جدرانها و نغنى " مصر 00 مصر 00 مصر هي أمي ، نيلها هو دمى 00 شمسها في سمارى ، شكلها في ملامحى ، حتى لونى قمحي ، لون خيرك يا مصر " !
    ( 2 )
    ما كدنا نفرغ من تنظيف الغرفة ، و صب الماء على أجسادنا ، حتى جاء ولد صغير دون العاشرة أو أزيد قليلاً 00 و قال :
    - أمي تقول لكم لا تقربوا الحمام ، و أيش جبتم معاكم من مصر!!
    = أنت دغش ؟
    - نعم 0
    راح كل ينقر على ما معه و نغنى 00
    = دغش 00 يا دغش 00 حلو يا دغش 00
    أخذ الولد يضحك ، و يغنى معنا ، و لكنا وجمنا ، و سكتنا فجأة ، حينما رأينا أم دغش على بُعد خطوات منا ، فلم نشعر بوقع أقدامها على الأرض ، و أسرعنا إلى حقائبنا نفتحها ، و نخرج مافيها 00
    : فطير ، عسل نحل ، جبنة قديمة ، 00
    نظرت إلى الفطير و الجبنة القديمة ، و أطالت النظر إلى الفطيرة المستديرة كقرص الشمس وقت الغروب و قالت :
    - " من وين أنتم في مصر " ؟
    = من الشرقية !
    ضحكت ، لأول مرة - نراها تضحك 00 و قالت :
    - " أنتم اللي عزمتم القطر " :
    ضحكنا و قهقهنا ، و قلنا :
    = من قال لك يا أم دغش ؟ !
    تناولت الفطيرة ، و بعض العسل و الجبنة القديمة ، و آنستنا بإبتسامة رضا بدت في عينيها ، و ريثما انصرفت رحنا نغنى :
    = أنا المصري - كريم العنصرين 00
    ( 3 )
    مع قرآن الفجر تصعد أم دغش إلى السطوح ، تدخل برج الحمام ، و تبقى مع الحمام حتى شروق الشمس ، و لا ندرى إن كانت تنوح أم تهدل ، يأتي صوتها همساً أحياناً ، و زعيقاً أحياناً ، أوقاتاً تبكى و أوقاتاً تضحك ، تناغى الحمام و تلاغيه ، يقف على راحتي يديها *، و فوق رأسها ، و على كتفها ، يحلق حولها ، منظر جميل و بديع يبدو لنا من الشرفة الصغيرة 00
    00 أم دغش تلتقط حبات من الحبوب بفمها أو قطرات ماء و تلجه في منقار فرخ الحمام الصغير 00 و قبل غروب الشمس تجلس معه لساعات ، و لا ندرى متى نمت العلاقة بينهم و لا كيف فقهت لغة الطير ؟!
    00 فما يكاد الحمام يشعر بقدومها حتى يحلق حولها ، و يتقافز طرباً ، كأطفال صغار - يستقبلون أمهم بعد غياب ، أو كعاشق يقابل محبوبته 00
    00 كنا نحترم تلك العلاقة ، و نحاول ألا نزعج أم دغش و حمامها ، ففي حال وجودها لا نصدر أصواتاً - و نلتزم الصمت المهيب ، و أم دغش - كشفت لنا الأيام - عن عصبيتها - و مزاجها الحاد ، تشتمنا أحياناً بلا سبب 00 و لا يجرؤ أحد منا على الاعتراض ، و أم دغش لا تكون في حالة سوية إلا وقت وجودها مع الحمام 00
    تهدأ نفسها الثائرة و تستكين ، يمتص الحمام ثورتها ، و يشيع في نفسها البِشر و السرور ، و كنا إذا أردنا منها شيئاً أجلناه لبعد قعدتها مع الحمام ، ففي هذا الوقت لا ترفض لنا طلباً و لا تؤخر لنا أمراً و لا تبخل علينا بشيء ، و تكون طيعة ، لينة ، هادئة 00
    00 أقسم أحدنا أنه رأى - أم دغش - تصنع جناحين كبيرين من ريش الحمام ، و تقيسهما على ذراعيها - و تحدانا - أن نتسلل إلى البرج في الليل - و سنرى الجناحين معلقين على الحائط ، و قال أنه لا أثر لريش أو لزغب في المكان ، و أم دغش رأيناها أكثر من مرة تنتف ريشاً و تنزع زغباً ، و قادنا زميلنا إلى صندوق الزبالة بجوار البرج - فلم نر أثراً لريش أو لزغب - هل صدقتم ؟!
    قلنا :
    = من يدرى 00 عباس بن فرناس أول من حاول الطيران و فشل و قد تنجح أم دغش !!
    ( 4 )
    ما كدنا نضع رؤوسنا على الوسائد حتى نهضنا فزعين على صراخ الولد دغش و طرقاته على الباب
    - الحقوا أمي تضرب أبويا !!
    صكت الكلمة آذاننا ، و تلاقت أعيننا في استنكار ، و نهضنا ، حفاة - عدونا و بسرعة البرق وصلنا للدور الأرضي - لنرى أم دغش مُمسكة برجل مُسن ، كنا نظنه أباها - كشفت عن مؤخرته ، و أطلقت عليها خرطوم الماء ، و كانت تقرعه عليها و تشتمه و تلعن الأيام السوداء 0
    و الرجل المسن منكمش كالطفل ، و عندما حاولنا أن نتدخل ، هبت فينا كالمسعورة ، و أطلقت خرطوم الماء في وجوهنا ، و راحت تسبنا ، و لا ندرى لماذا أخذت تسب المصريين و تجرى وراءنا كالمجنونة 00
    عرفنا فيما بعد - أن الرجل العجوز - أو الشايب كما يقولون - هو زوجها - و على هرمه لا يفيق من سكر و لا يتحكم في عملية الإخراج ، و يعملها على نفسه في الشارع أو في الفراش !!
    ( 5 )
    كل يوم يمضى نكتشف فيه شيئاً ، و نعرف عنها جديداً ، و الجديد و المدهش هذه المرة - أن أم دغش مصرية !!
    رحنا نضرب كفاً بكف - و ما كنا لنصدق أنها مصرية - لولا أن أكد لنا دغش أنها مصرية مائة بالمائة و أننا أخواله !
    00 انتظرنا أم دغش قبل أن تدخل البرج و قلنا لها :
    = لماذا تكرهين المصريين و أنت مصرية ؟ !
    كان الحمام يحلق حولها ، و يحط على رأسها و كتفيها ، كعادته عندما تهل ، أمسكت بحمامة ، و راحت توشوشها بكلمات لم نتبينها ، ثم أطلقتها ، فانطلقت الحمامة ، و استدارت إلينا و قالت:
    - كل يوم - من عشرين سنة - و أنا أحمل حمامة رسالة أبعث بها إلى مصر ، و كل يوم أنتظر ، لا الحمامة تعود و لا الرد يصل !!
    و تركتنا أم دغش و دخلت ، و أغلقت الباب ، جلسنا بجوار البرج نحاول أن نصغي لبوح أم دغش للحمام 00
    سرب من النمل يحمل كسرة خبز جافة و يتحرك صوب البرج ، سمعنا تحذير النملة لزملائها من سليمان و جنوده في قرآن المغرب الذى يُتلى بالمسجد القريب ، و حديث الهدهد ، و الجان ، و الرجل الذى عنده علم ، و أبداً 00 أبداً لم نتبين حديث أم دغش للحمام !
    ( 6 )
    قالت أم دغش :
    -" باعوني أولاد الـ 000 "
    =000000000
    -" أبويا ، و العمدة ، و المأذون ، ، و طبيب الصحة ، و شاهدا العقد 000000 و 000000000 " !
    = 00000000
    -" قبضوا الثمن ورموني للقيظ و الحر والصحراء والبداوة والحياة القاسية ، ورجل مزواج، فارغ العينين، يكبر أبى سناً، ويقارب جدي في العمر " !
    = 00000000
    -" عشرون عاماً عشتها معه ، ما شفت فيها راحة " !
    -"كنت أتمنى أن آكل يوماً و أجوع يوماً في مصر، أرقد في عشة على النيل مع بائع فجل أو سائق عربة حنطور أو أعيش عمري كله عانساً بدون زواج" !
    = 00000000
    -" امرأة جاهلة مثلى ، إذا خرجت أبعد من ها الشارع تتوه " !
    = 0000000
    - " كانت رسائلي - عبر الحمام - فلولاه لمت كمداً - ما تركت أحداً في مصر إلا بعثت له رسالة - حتى أولياء الله الصالحين " 00
    مرة نمت - و دموعي على خدي - حلمت أنى حمامة طايرة - ظللت أطير و أطير ، حتى شفت النيل ، نزلت فرحانة - أبل ريقي ، صحوت - على صوت الولد دغش و هو يبكى حضنته ، و قعدت أبكى ، و خلعت غطاء رأسي و دعوت على اللّي كانوا السبب - و من ذاك اليوم - و أنا عندي أمل أروح مصر و أشرب تاني من النيل !!

    ( 7 )

    على غير عادتنا رجعنا من الشغل مبكرين ، لنسمع و نحن في أول الشارع صراخ أم دغش ، و نحيبها و عويلها ، ارتعدت فرائصنا ، ووجلت قلوبنا لما رأينا الولد دغش ملقى على الأرض يغوص في دمه ، شقت جلبابها ، و لطمت خدها و عفرت وجهها بالتراب 00
    قال صبى صغير للعسكري :
    - التقطت أرقام السيارة.
    قالت امرأة :
    -كان السائق هندياً يقود بجنون !
    بصعوبة بالغة خلصنا الولد دغش من أمه آلتي احتضنته بهستريا ، و حمله أحدنا إلى الداخل ، و حملنا أم دغش عُنوة ، و صعدنا بها إلى السطوح 00 أدخلناها برج الحمام و أغلقنا عليها 00 سمعنا نوح الحمام و بكاءه 000
    وفى اللحظة آلتي كان يخرج فيها دغش مُحملاً في النعش 0 كانت أم دغش تقف على قمة البرج ، تلبس الجناحين ، يغطى الريش و الزغب مناطق كثيرة من جسمها العاري ، و حولها الحمام يحلق و ينوح - و بينما الناس تتأهب للسير بالنعش - صحنا فيها :
    = ارجعي 00 ارجعي يا مجنونة!

                  

العنوان الكاتب Date
قصص قصــــــــــــــيرة......... rani05-05-08, 05:23 AM
  Re: قصص قصــــــــــــــيرة......... مجدي عبدالرحيم فضل05-05-08, 06:34 AM
    Re: قصص قصــــــــــــــيرة......... rani05-07-08, 10:59 PM
      Re: قصص قصــــــــــــــيرة......... مجدي عبدالرحيم فضل05-08-08, 06:53 AM
        Re: قصص قصــــــــــــــيرة......... rani06-26-08, 01:07 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de