|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: كنت أحس بفرح غريب و أنا في داره..لم يطب لي طعام في ود مدني الا عند سعيد..كانت له جازبية من نوع خاص جدا!!تشعر وأنت معه أنك في المكان الصحيح وفي الوقت السعيد..لا تريد أن تفارقه أبدا...كان طاقة من حب وفرح غامر للجميع...بسمته كانت تمسح عني العنى و النكد وأحس ببرد السعادة يملأ جوانحي..يا لهم من سعداء الذين عرفوا سعيدا.. عليك الرحمة يا سيدى من الكريم العزيز |
أستاذي العزيز مسعود،
تحيتي ومحبتي، وغامر شوقي، عندك أيضاً يحس المرء بسعادة غامرة. لا يخلو مجلس أنت فيه من الفكر أو الذكر، أو كليهما معاً. وربما لا يعرف كثيرون هنا أنك أنت من أهديتنا الحبيب الدكتور الباقر العفيف، يوم درسته في الثانوية وأهديته كتاب "القرآن ومصطفي محمود والفهم العصري للقرآن." بفضل الله، ثم بفضلك، وقع الباقر في شباك المحبة الخصبة الخلاقة، محبة الأستاذ محمود، الشجرة الوارفة، طيبة الثمر، التي تؤتي أكلها كل حين.
كيف لا يسعد مثلك عند الأستاذ سعيد، وأنت السعيد بذكر الأخيار ومعية الأخيار حيثما حل الأخيار. معروف عنك أنك رجل لدارك وأهلك، ولا تخرج للزياة إلا لمن يستحق وقته ممن أفاض الله عليهم بألسنة رطبة وأفئدة ذاكرة وعقول تفلق الحب والنوى، لا تسمع في حضرتها لاغية.
أخبرك، والقراء الكرام، يا أستاذي الحبيب أنني رأيت الأستاذ سعيد، أو ما رأيته، في وفد كبير من الجمهوريين جاء إلى كوستي، مدينتي الحبيبة، التي عاش فيه الأستاذ محمود دهراً من الزمان. كانت تلك الزيارة في العام 1977. يومها كنت في السادسة عشرة من عمري، أخطو أولى خطواتي كجمهوري يغالب نفسه ليترك ضوء المسارح، مع مفالبات المراهقة الصاخبة. وقتها كنت عرفت في مخيلة أبناء جيلي في كوستي كمغنٍ يشق طريقه سريعاً نحو عالم الفن. وهو عالم، كما تعلم، فيه المبدعين الأصلاء وفيه السفهاء، خفاف الأحلام. كنت وقتها أصلي صلاة العشاء، ثم أعتلي خشبة المسرح لأغني "ياقلبي توب واستغفر الله، "يا نجوم الليل أشهدي،" و "شذى زهر،" "قلت أرحل،" وغيرها من الأغاني، بعضها لوردي، بعضها لزيدان، وأخرى لعبد العزيز المبارك، وغيرهم. ولكن لأمر ما كان جمهوري من المعجبين يحب "يا قلبي توب واستغفر الله." يبدو أن حسي الديني كان يقول لي بأن الغناء سكته محفوفة بالمخاطر.
وسط تلك الأجواء، لم أترك خشبة المسرح، حتى وأنا جمهوري، على الرغم من نظرة بعض الجمهوريين للغناء باعتباره "غفلة." وقد كان بالفعل كذلك، بمعنى أن معية غير الجمهوريين لم تكن بعمق معية الجمهوريين وحضرتهم في مجالس الفكر والذكر، التي تملؤك من كل أقطارك. ضف على كل ذلك صخب المسرح والأضواء وسحر الشهرة في تلك السن، التي كانت تختلج فيها مشاعر المراهقة مع قوة الفكر الجمهوري وميل نحو اليسار من جهة واليمين من جهة أخرى. كنت أقرأ جريدة "الميدان،" التي كانت تصدر من تحت الأرض. وكان بعض الشيوعيين الناشطين في التجنيد يحرصون على أن أحصل عليها. وكنت بالفعل استحسن قراءتها، على الرغم من تديني بحكم ميراث الأسرة. وكنت وسيد قطب، وأستطيبه ولا أستطيبه، حيث كانت تقربني منه بعض أرائه، وتبعدني منه بعضها. وكنت أقرأ لزرادشت وسيد سلامة. كل ذلك مع "طريق محمد،" و"تعلموا كيق تصلون،" و "الإسلام والفنون،" من كتب الجمهوريين.
كل هذه الأجواء كانت يمكن أن تأخذني في أي من الاتجهات الثلاثة باستثناء سكة الأستاذ محمود، أم السكك. كان يمكن أن أصبح مغنياً، لأنني كنت "حيدر كوستي،" في نفس الفترة التي بدأ فيها نجم "حيدر بورتسودان،" يسطع من الشرق. وقد كان سلوكي لتلك السكة في حكم المؤكد عند كثيرين من المعجبين والمعجبات!! وكنت مزهواً بذلك الأعجاب بطبيعة الحال. وقد زهوي زهواً فوق زهو بعد أن إذيع أدائي في برنامج "ساعة سمر،" في استضافة الأستاذ عمر عثمان. لكل ذلك لم يكن هناك أمر أشق علي في التزام الفكرة الجمهورية مثل ترك الغناء. والغناء ليس منهي عنه عند الجمهوريين، لذلك لم يطلب مني أحد تركه. ولم أترك الغناء في المسارح إلا بعد أن اقتنعت بنفسي أنه يجب علي تركه. ولم يكن ذلك إلا بعد أن رأيت أستاذ سعيد على رأس الوفد الكبير الذي زار كوستي في ذلك العام، 1977.
وكان يمكن أن أصبح شيوعياً لأن مزاجي الصوفي، وميراثي المشاعي منه، كانا يدعواني إلي الشيوعية بلسان إشتراكي مبين. وكان يمكن أن أصبح أخاً مسلماً لأنني كنت أحب ثورية سيد قطب واستشهاده في سبيل قناعاته، كما كنت معجباً بأفكار حسن البنا، على نفور مني عن أرائهم السلفية. ثوريتهما كانت تأخذ مني اللباب. أما سلفيتهما فكان تتنفرني عنهما نفوراً غلب في نهاية المطاف ميلي إليهما. وكدت أن أصبح شيوعياً، لولا لطف من الله عظيم! وشاءت قدر الحكيم أن أصبح جمهورياً حيث وجدت ثورة علمية حقيقية عند الأستاذ محمود ووجدت عنده صوفية أهلي الختمية والعركيين، ووجدت عنده مفهوم الإشتراكية بعمق ناقد للفكر الماركسي. فتلاقت عند فكر الأستاذ محمود تطلعاتي الفكرية العلمية وتطلعاتي الدينية، حيث يمكن أن أكون إشتراكياُ ومتديناً في آن معاً. ولم تفلح محاولات الإخوان المسلمين ولا الشيوعيين في تجنيدي بعد ذلك، وقد كنت قاب قوسين أو أدني من أحدهما أو الآخر.
كان بصحبة أستاذ سعيد في ذلك الوقت كبار المنشدين الجمهوريين، مثل عبد الكريم على موسى (كرومة)، وكان معه من كبار الجمهوريين الأستاذ جلال الدين الهادي، والأستاذ الباقر الفضل، والدكتور عبد الله النعيم وغيره من كبار القيادات الوسيطة، وعدد لا يقل عن خمسين من كافة قطاعات الجمهوريين والجمهوريات. كانت زيارة مهيبة. أنشد فيها عبد الكريم على موسى، كما لم ينشد من قبل. وقد استمتع الوفد بكوستي وأمتع أهلها، وأمتعني جمهورياً جديداً أقول مع القائل "وإني خلفكم أعدو أنادي آخر الركب، قفوا لي لا تضيعوني فإني طالب القرب." وكنت قد سمعت هذه القصيدة الجميلة، أو ما سمعتها، من الأخ المنشد الهميم أحمد خالد، الذي يؤديها بأداء متفرد لا ضريب له. استمع الوفد بضيافة أهل كوستى، عمنا محمد الحسن الطاهر عليه الرضوان، وعمنا عباس الحلو، أطال الله عمره، وعزيزنا الطيب محمد الحسن، وغيرهم من جمهوريي كوستي الأفاضل.
في تلك الزيارة بدا لي واضحاً بأن سعادتي بالإنشاد لا تعدلها أي سعادة على خشبة المسرح. وأن معاني الإنشاد لا تضاهيها أي معانٍ في الغناء. وأن ألحان الإنشاد مموسقة بدرجة عالية من التطريب الكورالي الذي لا يضاهيه أي نسق من الأغاني أو المدايح التي سمعتها. أما ألق الأستاذ سعيد الطيب الشايب فقد مان طاغياً، يدفع بأصوات المنشدين إلى رحاب رحيبة. فكأنه كان يبث فيه نفساً من أنفاس الرحمن، وكأنه عازف المزامير للمنشدين. وكان عزفه المهيب، في إدارته لجلسات الإنشاد، وجلوس د.عبد الله وغيره من الجمهوريين على الأرض، مستمعين ومستمتعين، عزفاُ كما العزف المنفرد. كان آسراً ومهيباً لدرجة لا تحويها العبارة. كانت سعته الواسعة في التخاطب وتسيير الحال في، أريحيه وتواضع ومحبة غامرة للغير، كأنها الموسيقى، تجعلني أفكر، وأشعر، لا بعقلي وحده، ولا بقلبي وحده، بل بكل خلجة من خلجاتي وكل ذرة من ذرات جسدي، وكأن جسمي كله قد صار قلباً ينبض بالحياة من كل الأقطار.
هناك، في كوستي، قررت أن أترك الغناء في المسارح (وأبقيت عليه في الجلسات الخاصة). وقررت أن أقاطع لمن واصلت أيام غفلتي، لأنه لا يواصل العزال إلا مقاطع!!
وللحديث بقية، "والقلم لهيو رافع!"
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Yasir Elsharif | 02-25-07, 07:21 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | عبدالله عثمان | 02-25-07, 08:55 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Abureesh | 02-25-07, 11:22 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | عبدالله عثمان | 02-26-07, 00:35 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | عبدالله عثمان | 02-26-07, 00:36 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 02-26-07, 01:00 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Masoud | 02-26-07, 05:56 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Omer Abdalla | 02-26-07, 06:07 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Yasir Elsharif | 02-28-07, 06:18 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Omer Abdalla | 02-26-07, 06:28 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | بدر الدين الأمير | 02-26-07, 10:29 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Yasir Elsharif | 02-26-07, 12:39 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Dr. Ahmed Amin | 02-26-07, 08:42 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | عاطف عمر | 02-26-07, 08:57 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | عبدالله عثمان | 02-26-07, 10:32 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 02-27-07, 04:42 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | عبدالله عثمان | 02-27-07, 03:14 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | مريم بنت الحسين | 02-27-07, 01:10 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | عبدالله عثمان | 02-27-07, 03:14 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 02-27-07, 09:40 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | معتصم الطاهر | 02-27-07, 10:42 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | بدر الدين الأمير | 02-28-07, 10:07 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Yasir Elsharif | 03-01-07, 01:02 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 03-01-07, 05:20 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 03-01-07, 10:20 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | مامون أحمد إبراهيم | 03-01-07, 10:45 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 03-02-07, 03:44 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | ابو خالد | 03-02-07, 10:16 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Yasir Elsharif | 03-02-07, 01:48 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Sabri Elshareef | 03-02-07, 01:57 PM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 03-03-07, 02:16 AM |
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! | Haydar Badawi Sadig | 03-06-07, 05:24 AM |
|
|
|