قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.ياسر الشريف المليح(Yasir Elsharif)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2006, 01:39 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد (Re: Yasir Elsharif)

    سلامات يا مامون.. شكرا على المرور..



    Quote: قد رأيت الناس في قلب الملايو (5 من 5)

    د. النور حمد
    [email protected]

    بنموذجها الذي تخطى المشكلات الهيكلية التي تعانى منها أغلبية الدول النامية، تطرح الدولة الماليزية، التي يغلب على سكانها المسلمون الناطقين بغير العربية، تحديا للدول الإسلامية التي يغلب على سكانها النطق بالعربية. ويشمل هذا التحدي كل الدول العربية، ما ارتبط إسمها بالثروة، مثل دول الخليج النفطية، وما لم يرتبط إسمها بالثروة، من تلك التي تحقق دخولا سنوية أقل، معتمدة على إقتصاد شحيح متنوع المصادر، تقابله كثافة سكانية عالية نسبيا. وعموما، فإن الثراء العربي المزعوم ثراء نسبي. فالتقرير الذي أصدرته إحدى المنظمات الدولية، قبل فترة قصيرة، يقول إن الناتج القومي لكل الدول العربية مجتمعة، بما في ذلك الدول النفطية، أقل من الناتج القومي لأسبانيا وحدها. مع ملاحظة أن أسبانيا تعد واحدة من دول أوروبا الغربية الأفقر نسبيا!



    التحدي الذي تطرحه ماليزيا على الدول العربية لا ينحصر في كونها دولة وفرت العمالة لحوالي 97% من سكانها، وبلغت من الإنجاز حدا وصفتها معه بعض التقارير بكونها دولة نجحت في استئصال الفقر. وإنما يتعدى ذلك بكثير. خاصة إن نحن استصحبنا ما حققته ماليزيا من إنجاز مذهل في محو الأمية، وفي إنشاء قاعدة عريضة لتعليم حديث، أهلها لكي تصبح دولة ذات بنية صناعية متقدمة أغرت كبرى الشركات من دول الإقليم الصناعية مثل اليابان، وغيرها من الدول الصناعية الأخرى، التي تبحث عن عمالة أرخص نسبيا، أن تنقل تصنيع بعض منتوجاتها للشركات الماليزية وللعامل الماليزي. فبفضل المهارة، ونظم العمل الحديثة المرتبطة بالمنظومة الغربية، إضافة إلى أخلاقيات العمل، والإنضباط الشديد جذبت ماليزيا الصناعات الجنبية، خاصة صناعة الإلكترونيات. يضاف إلى ذلك حالة الإستقرار السياسي المستدام الذي هو مفتاح النمو كما نوه بذلك كثيرا الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابقوأحد مهندسي النهضة الماليزية الحديثة. والتعليم الجيد أصبح في حد ذاته ثروة قومية تجلب العمل إلى البلدان، كما هو ظاهر في تجربة الهند وعديد دول شرق آسيا. فبعد ظهور شبكة الإنترنت، شرعت الشركات الغربية التي تبحث عن عمالة أرخص، في تصدير العمل إلى الدول التي تسمح بنيتها التحتية التقنية ونظام تعليمها باستقبال فرص العمل المهاجرة بحثا عن الأرخص.



    أيضا يتمثل تحدي ماليزيا للدول العربية في ما أنجزته في مشوار التحديث والتكامل مع الحالة الكوكبية الراهنة، ومجمل قضايا الإرتباط بنبض العصر. فماليزيا دولة إسلامية محافظة، ولكنها دولة معتدلة، لا تمارس ذلك النوع من التزمت، أو الإرتباك تجاه الزائر الأجنبي، مما يجعله يحس بالإختناق، لحظة الوصول. كما يتمثل تحدي ماليزيا للدول العربية أيضا، في نجاحها الباهر في خلق حياة حضرية حديثة مضطردة الإتساع، يقل فيها التباين كل يوم بين المدينة والريف. هذا إضافة إلى تحويل ماليزيا إلى إسم محبوب لقطر مستقر، بديع القسمات، بلغ من الحسن حد اجتذاب عشرين مليون سائحا كل عام!

    ليس بخاف فتون مروجي مشروع الدولة الدينية في الشرق الأوسط بالدولة الماليزية. فهم كثيرو الحديث عنها، كثيرو الزيارات لها، وكثيرو تبادل المنافع معها، كما في حالة السودان، على سبيل المثال. فقد عاشت كثير من كوادر إسلاميي السودان في ماليزيا. بل ولا يزال بعضها يعيش هناك. والفتون بماليزيا، من أيٍ جهة جاء، فهو فتون في محله. فماليزيا دولة ترمز إلى الكثير في عالم يبحث الناس فيه عن رأسمالية إنسانية السمات، منفتحة على أفق الحلم الإشتراكي المضيع. غير أن قومنا في السودان، رغم فتونهم بماليزيا، لم يبد منهم ما يدل على أنهم قد درسوا نموذجها بعناية كافية، ليتمثلوه كما ينبغي. فهم قد فتنوا بها، كمنجز جاهز، تشكل الهوية الإسلامية عنصرا مهما فيه. غير أنهم تنكبوا جادة نموذجها، فيما يتعلق بتحقيق الإنفراج السياسي، والإستقرار السياسي، والتعايش السلمي الإثني، ومس حياة أغلبية المواطنين باتساع الفرص، وانفتاح الأبواب للنمو الفردي، إقتصاديا ووجدانيا، وللإزدهار الأسري المتسع. فالذي طبقه أهل الإنقاذ، في السودان، حتى هذه اللحظة، شيء مختلف.



    استهدفت ماليزيا القطاع الأوسع من شعبها، بالتعليم الممتاز الذي يأخذ بافضل ما في النموذج الغربي. ثم زادوا على ذلك بخلق قاعدة للتوظيف الواسع، واتاحة فرص العيش الكريم للقطاع الأكبر، مستهدفين رفع أحوال الشرائح الدنيا. واستهدف أهل الإنقاذ ـ فيما ظهر لنا من تجربتهم ـ ذواتهم، وذويهم، ومحاسيبهم، وسائر إخوتهم في مركب "التمكين"! فأثاروا الضغائن وانعزلوا عن هموم عامة الناس وتطلعاتهم، حتى أضحوا مثارا للتندر وسط عامة الناس. وها قد مضت على عهد الإنقاذ سبعة عشر عاما، وكل الشواهد تقول، إن ما يحدث من تغيير ومن تحسين أمر لا يزال يخص القلة، وليس فيه لسواد الناس كبير حظ.



    لايحتاج النمو الإقتصادي إلى دليل، اللهم إلا إذ احتاج النهار إلى دليل. فتضخم العاصمة السودانية بالشكل التي هي عليه الآن، ونزوح أهل المدن الكبيرة القريبة مثل ود مدني، وعطبرة، وكوستي، وغيرها إليها تمثل دليلا قويا على إستمرار تدهور أحوال الريف وبوتائر أكثر إفزاعا مما مضى. وكأني بنا نعود إلى التاريخ إرتدادا نحو صورة "الدولة المدينة" City State ، التي لا يهتم فيها الملك بما هو خارج الحصن، إلا بوصفه فضاء لفرض القنانة وجلب الإتاوات، وبلا نصيب يذكر في الثروة والأمن لمن هم خارج الحصن.



    بدأت الهجرة من الريف إلى المدينة بصورة مكثفة في عهد الرئيس الأسبق، جعفر نميري. غير أن تلك الهجرة أخذت أكثر أبعادها مأساوية في عهد الإنقاذ الحالي. فقد أسهمت الإضطرابات السياسية الواسعة والتي لا شبيه لها في تاريخ السودان الحديث، في تزايد وتائر النزوح. وأصبحت الخرطوم جاذبة أكثر، رغم جحيم حياتها المرهقة. فقد دفع تدهور البنى الخدمية في الريف أهل الريف إلى نزوح جماعي غير مسبوق. كما وفد من أهل الجنوب الملايين بسبب الحرب. وعلى هذه الخلفية من التدهور، دخل عنصر المغتربين في الصورة. فهم حين رأوا خواء الريف من كل شيء، وساءهم حال أهلهم فيه، شرعوا في شراء العقارات في العاصمة، بما يكسبونه من مال خارج البلاد. وبدأ نوع جديد من الهجرة اتسم فيه المهاجرون باقتدار اقتصادي نسبي، سببه جيوب المغتربين. ومهاجرو هذه الفئة لا يتجهون للسكنى في أحزمة الفقر حول العاصمة، وأنما ينضمون إلى الشرائح الأفضل وضعا، نسبة لما لهم من قدرات مالية نسبية سببها العمل في الخارج. وهكذا شهدت العاصمة السودانية، تضخما غير مسبوق، وشهد سوق العقار فيها ـ شراء وإيجارا ـ غلاء لم يشهد له السودان مثيلا. وقد أسهم وجود المنظمات والهيئات الأجنبية وقدوم بعض المستثمرين الأجانب في رفع حرارة سوق العقار في الخرطوم. الأمر الذي سبب ضربة أخرى قاضية للطبقة الوسطى المدينية التي كانت تحتضر أصلا، ومنذ وقت غير بالقصير.



    الشاهد أن ما يحدث الآن في السودان، نادر الشبيه. وهو قد جاء نتيجة لسلسلة متصلة الحلقات من الأخطاء القاتلة، والتقديرات القاتلة، والثقة المفرطة بالذات عند أهل القرار. يضاف إلى ذلك التعامل بانفراد مع قضايا لا يصلح معها إهمال الخصم السياسي، وإهمال العالم الناصح. فالدولة في السودان اليوم تبدو كمن أدركه اليأس، نتيجة للانخفاض المريع في مدى الرؤية. فاتخذ الأداء الحكومي نهج التداوي الوقتي الذي نبت فوق تربة هذه الأوضاع الكارثية. ونهج التداوي الوقتي لا يتجه بطبيعته إلى إصلاح البنى، بقدرما يتجه لمجرد تخفيف الوجع النفسي لدى القائمين على الأمور. فالدولة لم تعد قادرة، أو مهتمة من الناحية العملية، ومن منظور تنموي حقيقي، بشيء يجري خارج الخرطوم.



    وجهد الدولة في الخرطوم نفسه، جهد لم يتجاوز سفلتة بعض الطرق وإنارتها، وفك بعض الإختناقات المرورية، هنا وهناك، بإنشاء بعض الطرق البديلة، وإنشاء بعض الجسور، بطريقة غير مدروسة. ولايبدو أن ما يجري يدل على كونه جزءا من خطة كبيرة شاملة. ومع إقرارانا بأهمية تعبيد الطرق وتوسيعها وإنارتها كجزء لا يتجزأ من مشروع النهضة العامة، إلا أن ما يحدث الآن لا يلمس في حقيقة الأمر حاجات السواد الأعظم من المواطنين، إلا لمسا هامشيا. فالنمو الحقيقي يجب أن يتمثل في مزيد من الوظائف، ومزيد من زيادة الدخول، ليس في العاصمة وحسب وإنما في كل مكان بتوسيع القاعدة الإقتصادية، ونشر أنماط الإقتصاد المتقدم في كل مكان. فهذا وحده هو ما يجعل الريف جاذبا ومغريا بالسكنى. وهو ما يمكن أن تبدأ معه الهجرة المعاكسة نحو الريف الخاوي الذي لا تزال أغلبيته ترقد في ظلام العصور الوسطى. فالعاصمة اليوم أضحت رأس عملاق على جسد قزم. وأصبح من المتعذر تماما إدارتها بطريقة عصرية.



    ما يميز التجربة الماليزية على تجربتنا هو عيار القيادة. وأعني بعيار القيادة، المعرفة بما هو مطلوب من الدولة النامية في عالم اليوم. ثم توفر القامة الأخلاقية اللازمة لمنع الإنحراف أو التقاعس عن تحقيق ما هو مطلوب. فالتغيير لا يتم بالأماني، وإنما هو علم وعمل بمقتضى العلم. ومن العلم تجنب مزالق الآيدولوجيا وتجنب الخطاب الديني المغلق والمتزمت. ومن العلم أيضا، تجنب أفكار التوسع الإقليمي عسكريا أو آيديولوجيا مما يلقي بالبلاد في منزلق مناطحة الجيران ومن ورائهم القوى الكبرى، وجلب العداء الدولي. فمن المهم جدا وضع الشعب في المقام الأول، ووضع النخب المتنفذة في المقام الثاني. ومن العلم ومن الأخلاق خلق دولة مؤسسات، لا دولة نزوات فردية وقتية، تكرس الموروث السلبي في الحياة السياسية السودانية المستمر منذ فجر الإستقلال.

    تتشكل ماليزيا من ثلاث إثنيات هي: الملايو والصينيون، والهنود. فهي إذن دولة متعددة الثقافات، متعددة الديانات، متعددة الأصول العرقية. ومع ذلك نجحت في أن تحقق وحدة وطنية مكنتها من تحقيق قدر كبير من الإستقرار السياسي انعكس في نمو اقتصادي مذهل، وفي نهضة شاملة غطت كل أطراف البلد. حتى أصبحت دولة يشار إليها بالبنان. والنظام السياسي في ماليزيا نظام ملكي دستوري، شبيه بالنظام البريطاني ولذلك فإن إسم رئيس الوزراء يطغي فيه على إسم الملك. وخفوت صيت الملك يمثل في حد ذاته دلالة على صحة الديمقراطية، وعلى الشفافية، وعلى تجنب عبادة الفرد التي تمثل أبرز سمات أنظمة الحكم في عالمنا العربي.

    كان عزاءا لي وسلوى، في غيهب الفوضى التي أحاط بنا سرادقها في منطقة الشرق الأوسط، وحالة تضعضع الأمل، واضمحلال مدى الرؤية في مسار التحولات لدينا، أن رأيت الناس في قلب الملايو. وحين رأيتهم، رأيت بشرا سعداء تنضح وجوههم بشرا، وينثال نور الأمل من جباههم الناطقة بالحرية، وبالأمن، وبستر الحال، وبالعزة والكرامة. وقد ملأني كل ذلك شعورا بأن في نهاية هذا التيه التاريخي الذي ضعنا فيه، وهذا النفق المظلم الطويل الذي حبسنا أنفسنا فيه، بصيص من نور الأمل المبشر بدنو ساعة الخروج.

    (انتهى)


                  

العنوان الكاتب Date
قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Yasir Elsharif12-02-06, 02:07 PM
  Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد nassar elhaj12-02-06, 02:44 PM
    Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد mansur ali12-02-06, 05:54 PM
  Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Yasir Elsharif12-02-06, 07:59 PM
  Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Yasir Elsharif12-03-06, 03:11 AM
    Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Dr.Elnour Hamad12-03-06, 03:37 AM
  Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Yasir Elsharif12-07-06, 05:29 AM
  Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Yasir Elsharif12-11-06, 05:17 AM
    Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Abu Eltayeb12-11-06, 10:25 AM
  Re: قد رأيت الناس في قلب الملايو! د. النور حمد Yasir Elsharif12-12-06, 01:39 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de