انتقل الى الرفيق الاعلى الاسبوع الماضى الاب فليب غبوش الرجل الذى يمارس السياسة بذكاء ودهاء منقطع النظير .. وعرف عنه مناكافاته السياسية المحرجة للكثير من السياسيين فى مختلف العهود وانتقاداته للاهمال الكبير الذى كان يلف قطاع جبال النوبة وهو من ذكر السودانيين بهذا الاهمال وحمل لواء المظلومين هناك وصوتهم العالى الذى اخجل القادة والسياسيين ممن يدعون الى الدين والعدل والشريعة والوطنية .. وكان باشاراته الذكية لاهله ولابناء النوبة ما جعلهم يلتفون حوله ويؤازرونه فى كل مواقفه الى ان استطاع ان يكون حزبا سياسيا كبيرا هو الحزب القومى السودانى وكان ممثلا لثمانى نواب فى اخر برلمان منتخب اى الحزب الرابع بعد الامة والاتحادى والجبهة الاسلامية ونائبه كان من الشمال اسمه عمر الماحى واتخذ من من الطاقية الافريقية المصنوعة من جلد النمر شعارا له وكان ونائبه عمر الماحى يميزان شخصيتهما بها .. فى اخر انتخابات برلمانية حرة فى عهد ديموقراطى فاز فى الخرطوم بحرى عن دائرة الحاج يوسف بخطاب سياسى ذكى تم اتهامه فيه بالعنصرية وما اكثر اتهامه بها .. ولكنه اجتاز التجربة وفاز فوزا ساحقا وكان ممثل المهمشين بحق وحقيقة فى السودان المتنوع الاعراق والثقافات .. عندما قصده جعفر نميرى واراد ان يريح الناس منه كما كان بدعى استخدم ذكاءه وطلب الصفح ان كان قد اخطا مستفيدا من تربيته المسيحية فى التعامل مع الاشرار فكسب الجولة وعفا عنه .. وحكى قصته معه بعد ذلك ...ثم زكاه الشعب بعد الانتفاضة نائبا عنه ليرى نميرى وامثاله انهم لا علاقة لهم بالشعب وانه لا يصدقهم فيما يقولون .. وهنا اورد مثالا لذكائه المعهود فيه عندما حاصر الترابى وهو يقدم مشروع الدستور الاسلامى ..نقلا عن موقع الفكرة اقرا ..
(لقد سقط الدستور الإسلامي الكامل في اللجنة القومية للدستور الدائم للسودان !! وعن بعض ملابسات سقوطه يحدثنا محضر مداولات هذه اللجنة في مجلده الثاني على النحو التالي :- ((السيد موسى المبارك : جاء في مذكرة اللجنة الفنية نبذة حول الدستور الإسلامي في صفحة (7) أن يكون رأس الدولة مسلما ، أود أن أسأل هل لغير المسلمين الحق في الاشتراك لانتخاب هذا الرئيس ؟)) ((السيد حسن الترابي : ليس هناك ما يمنع غير المسلمين من انتخاب الرئيس المسلم ، الدولة تعتبر المسلمين وغير المسلمين مواطنين ، أما فيما يتعلق بالمسائل الاجتهادية فإذا لم يكن هناك نص يترك الأمر للمواطنين عموما ، لأن الأمر يكون عندئذ متوقفا على المصلحة ، ويترك للمواطنين عموما أن يقدروا هذه المصلحة ، وليس هناك ما يمنع غير المسلمين أن يشتركوا في انتخاب المسلم ، أو أن يشتركوا في البرلمان لوضع القوانين الإجتهادية التي لا تقيدها نصوص من الشريعة .)) ((السيد فيليب عباس غبوش : أود أن اسأل ياسيدي الرئيس ، فهل من الممكن للرجل غير المسلم أن يكون في نفس المستوى فيختار ليكون رئيسا للدولة ؟)) ((الدكتور حسن الترابي : الجواب واضح ياسيدي الرئيس فهناك شروط أهلية أخرى كالعمر والعدالة مثلا ، وأن يكون غير مرتكب جريمة ، والجنسية ، وما إلى مثل هذه الشروط القانونية .)) ((السيد الرئيس : السيد فيليب عباس غبوش يكرر السؤال مرة أخرى .)) ((السيد فيليب عباس غبوش : سؤالي يا سيدي الرئيس هو نفس السؤال الذي سأله زميلي قبل حين – فقط هذا الكلام بالعكس – فهل من الممكن أن يختار في الدولة – في إطار الدولة بالذات – رجل غير مسلم ليكون رئيسا للدولة ؟)) ((الدكتور حسن الترابي : لا يا سيدي الرئيس )) هذه صورة مما جرى في بداية معارضة اقتراح الدستور الإسلامي الكامل .. ويلاحظ محاولة الدكتور الترابي التهرب من الإجابة مما أضطر معه السيد رئيس الجلسة أن يطلب من السيد فيليب عباس غبوش ليعيد السؤال ، بغية أن يتلقى عليه إجابة محددة ، لأنه سؤال في حد ذاته ، محدد .. فلما أعاده ، لم يجد الدكتور الترابي بدا من الإجابة ، فأجاب ب "لا" !! ومن تلك اللحظة بدأت المعارضة التي انتهت بهزيمة اقتراح الدستور الإسلامي الكامل ، وهي معارضة قد رصدت كلها في محاضر مداولات اللجنة القومية للدستور )
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة