خالد الكد .. ( بورتريه )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 04:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عماد عبد الله (Emad Abdulla)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-18-2007, 07:15 PM

Elmuez

تاريخ التسجيل: 06-18-2005
مجموع المشاركات: 3488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) (Re: Emad Abdulla)

    هاك فاتحة الشهية دي يا عماد:

    عن أرشيف:
    http://www.alsudani.info/

    العدد رقم: 429 2007-01-17

    خــــالد الكد.... فارس من الزمن النبيل
    التوأم حسن وحسين أحمد حسين عثمان الكد من أعلام المعرفة والثقافة في أم درمان، تركا أعظم الأثر في الحياة الاجتماعية والثقافية في بيت المال وأبي روف ومجالس ام درمان، وكان حسين الكد أكثر انفتاحاً على كل المجتمعات وغشي كل المجالس، واسع الثقافة، كثير الاهتمام بالشعر والأدب. أما حسن فكان صفوياً محباً للقراءة والكتابة ومجالسة صفوة المجتمع المثقف متحدثين حول الفلسفة والفلاسفة وغاية الثقافة والأدب.



    بيت الأدب والعلم هذا أنجب أعظم الأبناء عثمان وكمال حسن وطه وخالد حسين والحديث عنهم يطول ويتشعب، وأصدقاؤهم وعارفو فضلهم وعلمهم كثر.. ولكني هنا أتحدث عن من عرفت منهم خالد رحمة الله عليه.. ملأ الدنيا وشغل الناس، كان أمة، وسيرة حياته تحتاج كتاباً بل كتباً.. بدأ حياته عسكرياً محترفاً وانتهى رجل علم وثقافة وسياسة وكاتباً وأديباً لا يشق له غبار.. الدكتور خالد الكد الأستاذ الجامعي ودكتوراة في الأدب من جامعات المملكة المتحدة، وما بين الملازم والأستاذ الجامعي حياة واسعة عريضة حافلة بالأحداث والمصادفات والعجائب.. حياة ذاخرة بكل معاني الحياة وحب الوطن والمغامرة ومصادفات وأحداث قل أن تمر على أحد وإن طال به العمر.. لكنه خالد.. مات والده يوم تخرجه من الكلية الحربية وقبل أن تكتمل الفرحة في المنزل صادته عربة فمات في الحال.. وخالد أيضاً مات في عاصمة الضباب قتله سائق عربة باكستاني وهو يعبر الطريق عن طريق ممر عبور المشاة Zebra Line!!! يا لسخرية الأقدار وعبثها!!



    الملازم خالد الكد من أشهر عسكر السودان، ملازم في عشرينياته يقود انقلاباً لوحده بعساكر مستجدين من مركز تدريب المستجدين.. اسمعه يقول (لم أجد ما يمنعني من القيام بهذه العملية نيابة عن الآخرين لانقاذ البلاد من أخطار محدقة بها). لاحظ كلمة انقاذ!! أُحبط الانقلاب بوشاية من أحد الشاويشية الذين اعتمد عليهم وعند القبض عليه مساء 28/12/66 وجد في جيبه أسماء أعضاء مجلس الثورة الذي اختاره.. العقيد جعفر نميري، والرائد مصطفى عبادي، والرائد الرشيد نور الدين، والرائد الشريد ابو شامة، والرائد بابكر عبد الرحيم، والنقيب هاشم العطا! وما كانوا يعلمون... فقط كان يجمعهم تنظيم الضباط الأحرار وكان قد جنده للتنظيم الرائد مصطفى عبادي وكان لهم أثر كبير في إنجاح ثورة أكتوبر 1964م وتلك قصة أخرى!!



    صلة القرابة بالأستاذ عبد الخالق محجوب (ابن خالته) أُستغلت كثيراً واعتقلت كل قيادات الحزب الشيوعي وقتها وكان خالد لوحده المخطط والمنفذ وحوكم بالسجن وظل سجيناً حتى انقلاب مايو 1969م، ولعب معه القدر فصلاً فعاد للقوات المسلحة معززاً مكرماً لكن سرعان ما أحيل للمعاش بأمر (ثوار مايو الأحرار)...



    وثانية وكأنها دراما عبثية أعاده انقلاب هاشم العطا للخدمة العسكرية.. الرائد خالد الكد.. وسرعان ما خبأ انقلاب منتصف النهار وانهزم واختفى خالد.. ونجا من الاعدامات والمجازر.. وتاني دخل السجن.. (والانجليز مرقوا خلاص.. وتاني اخوي الخير دخل السجن.. لمتين الخير في السجن!! ناس أبوي ما فهموا شي)... أين أنت يا صديقي حدربي محمد سعد!!



    وبدأ خالد حياة جديدة وتزوج من الأستاذة فاطمة سالم (ابنة عمتي) وكتب شقيقه طه حسين في صحيفة (الأيام) وقتها عن رحلتهم للقرير لزواج خالد الكد.. وكان خالد في وسائل الاعلام وقتها.. أمراً يمكن أن يطيح بكل طاقم الصحيفة لكنه طه الكد.. وأنجب خالد وفاطمة ابنتهم عزة... غادر بعدها لانجلترا بعد الكثير من المضايقات والملاحقات.. وبدأ الانقلاب الكبير في حياته... الدراسة الجامعية حتى الدكتوراة في الآداب والزواج الثاني من بريطانية أنجب منها اخوات لعزة (بعد وفاته حضرت زوجته برناديت وحاولت اعزازاً لخالد وتكريماً له أخذ عزة لتتربى مع اخواتها ببريطانيا.. لكن فاطمة... أحسنت تربية عزة حتى صارت طبيبة وتزوجت).



    وعاد دكتور خالد بعد الانتفاضة ليعمل في كل الجامعات وقتها أستاذاً للآداب ليملأ الساحة الأدبية والسياسية... والاجتماعية.. والصحفية.. من غير خالد يمكن أن يفعل ذلك؟!



    وبعد الانقاذ أعتقل في شالا حتى نهاية عام 1991م وبداية عام 1992م وقبل مغارته لبريطانيا بيوم أو يومين دعاني وصديقي مرتضى وراشد للعشاء (في بيت أخوي كمال) -أنظر كم هي عذبة وحنينة وصادقة أخوى كمال- والتقينا وكنا آخر من جالسهم قبل سفره الذي ما عاد منه.. وسألناه وسألناه والحديث معه متعة.. والتاريخ هو من صناعه، هذا رجل غير عادي.. سمعنا منه رواية انقلابه ووشاية الشاويش به وتحدث حديثاً طيباً عن فاطمة سالم.. من أنها زوجة ممتازة لكنه زوج فاشل مثلما هو انقلابي فاشل! وحدثنا عن أيام الاختفاء بعد يوليو 1971م.



    وحدثنا عن أنه قضى نهار الخميس 29/6/1989م ومساء نفس اليوم حتى قبل منتصف الليل انتظاراً في منزل صديقه صلاح مصطفى ولم يلتقه ذلك أنه لم يحضر للمنزل!! ترى هل كان تاريخ السودان سيتغير لو أنه قابل صديقه قائد الاستخبارات العسكرية يومها!!



    خالد المثقف البشوش المحب لأم درمان الذي كتب عنها بمحبة وتوق وعشق وسجل أعظم الذكريات عن طفولته وعن بيوت ام درمان وأهل ام درمان وحتى عندما سألته كيف سمح له بالمغادرة.. قال إن التأشيرة عملها ابراهيم أحمد عمر، وعندما لاحظ دهشتي قال: هذه علاقات أم درمان!!



    كتب خالد عن أعلام ام درمان وعن الناس والشوارع.. وغير ذلك كتب عن عماته وخالاته وجيرانه وخلانه وعن بحر ابو روف والمراكبية والسماكة وشاي الصباح والنفاج وعلاقات الزمن الجميل وعن عشقه لام درمان الذي لا يدانيه إلا عشق علي المك لها ولأهلها..! كتب بلغة راقية رائعة... سهلة خالدة.



    مات خالد.. وهمى الدمع غزيراً من عيني وأعين الكثيرين ووري الثرى في مقابر أحمد شرفي ويا للحسرة لم يؤبنه الرفاق القدامى ولا خاطب الجمع أصدقاؤه ولا أقيمت الأيام والليالي لتأبينه.. أين نادي الزهرة وابو روف.. أين مركز عبد الكريم ميرغني.. جامعة الأحفاد والجامعة الأهلية.. رجل نادر.. كتاب مفتوح.. يبحث عن مؤلف يا أبناء ام درمان الأوفياء.. رحم الله خالدا وأحسن إليه فقد أحب هذا التراب وعمل مخلصاً له وفقد السودان علماً وابناً نادراً.



    (خالد ما مات خالد في عزة وأخواتها... وهل مات أبناء الكد؟!)


    عبد القادر سيد أحمد التويم
    -------------------------------------------------------------------------

    نفس الأرشيف..نفس الصحيفة:
    العدد رقم: 429 2007-01-17

    الأفندية ومفهوم القومية في الثلاثين سنة التي أعقبت الفتح في السودان 1898-1928 الحلقة الأولى





    خالد حسين الكد



    * المكونات والمؤثرات:



    (إن الموضوع متشعب جداً، وفى هذا الخضم الهائل من الأفكار التى يزدحم بها ذهني أجدنى اكثر ميلاً الى الاهتمام بترتيب الأشياء من الاهتمام بالأشياء نفسها، ولذا فإننى مضطر للتحول ذات اليمين وذات اليسار حتى أتمكن من التقصي واكتشاف الحقيقة.)



    (مونتسكيو: روح القوانين، الكتاب 19)



    أحاول فى هذه الدراسة أن أتتبع تطور مفهوم (القومية السودانية) منذ بداية الحكم الثنائى فى السودان 1899- 1956، وهو الوقت الذى أعتقد أن البذرة الأولى لمفهوم القومية انغرست خلاله. احاول أن أتتبع المساهمات والآثار الإيجابية والسلبية لكلا الشريكين فى دولة الحكم الثنائى (بريطانيا ومصر) فى تطور مفهوم القومية. ولعل أهم مساهمات إدارة الحكم الثنائى هى خلق (طبقة الأفندية)، اى تلك الجماعة التى وفرت لها الإدارة البريطانية مناهج تعليمية جديدة ووضعاً اقتصادياً واجتماعياً متميزاً أثر فى تكوينها الثقافى والنفسى وفى تكوين مفاهيمها لقضايا القومية.



    و(الافندية) جمع لـ(أفندى) وهى كلمة يونانية الأصل، وكانت تعتبر من ألقاب التعظيم، وقد أخذها الأتراك البيزنطيون ونقلوها للبلدان العربية التى كانت خاضعة لنفوذهم. وفى السودان أطلقها البريطانيون على الموظفين السودانيين للتمييز بينهم وبين الموظفين البريطانيين. ويشكل الموظفون السودانيون مجموع الشبان الذين علمتهم الإدارة الجديدة فى مدارسها التى أنشأتها على نمط معين ثم استخدمتهم فى الوظائف الدنيا فى سلك الإدارة الاستعمارية. وربما تكون كلمة (أفندية) قد اكتسبت لاحقاً معاني وإيحاءات مختلفة، ولكنها فى تلك الفترة ـ موضوع الدراسة ـ كانت صفة لتلك الجماعة التى ذكرت، وبذلك الفهم استخدمتها فى هذه الدراسة.



    ورغم أنى أنوى أن أركز فى دراستى هذه على (الأفندية) الذين أوجدتهم الإدارة الاستعمارية، فإننى لا استطيع ـ لإيفاء هذه الدراسة حقها ـ تجنب الخوض فى كثير من المؤثرات الداخلية والخارجية على الجوانب المختلفة لنمو هذه الطبقة. وهذه المؤثرات تحتوي بالضرورة على جوانب اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية. كما تحتوى على الضغوط الإدارية والقبلية والوشائج الإقليمية. وفى مثل هذا الخضم الهائل من المواضيع أجد نفسى فى موقف مماثل لموقف مونتسكيو الذى أوردته فى صدر كلمتي هذه فيما يتعلق بالمواضيع وترتيبها. وللخروج من هذا المأزق فإننى سأحذو حذو مونتسكيو فى التجول ذات اليمين وذات اليسار لاكتشاف الحقيقة.



    لقد شهدتْ الأيام الأولى للحكم الثنائى عدة حركات تعبر عن رفض الحكم الأجنبى، ولعل هنالك اتفاقا على ان كل تلك الحركات كان على ذلك النمط الذى يسميه البروفيسور هودجكن (الخلاص المسيحى). ولما كانت فكرة المهدية ما تزال فى ذلك الوقت عالقة بالأذهان فقد انتقى كل الذين عارضوا الحكم الثنائى فى اول عهده أسلحة دينية، فمنهم من واصل دعوة المهدية، ومنهم من ادعى انه نبي الله عيسى الذى يأتى حسب معتقد بعض الفرق الإسلامية ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً. وكل هذه الحركات، باستثناء حركة ود حبوبة، كانت طفيفة الأثر. اما عبد القادر ود حبوبة فقد كان أنصارياً من قبيلة الحلاوين التى كان لها شأن كبير فى تأييد المهدية ونصرتها، ولذلك لم يستسغ عبد القادر فكرة اندحار المهدية كلية، ووجد رفض الإدارة الجديدة السماح له باستعادة اراضى أسلافه سانحة للتمرد عليها. فجمع حوله بعض الأهالى وأعلن الجهاد على الكفار وهجم على المركز فقتل المفتش والمأمور. وعملاً بمنشور كتشنر حول الأمن والنظام العام فقد خفت قوة عسكرية وسحقت الحركة (بقوة وحسم) وألقى القبض على عبدالقادر ودحبوبة ونفذ فيه حكم الإعدام شنقاً.



    لقد كانت حركة ود حبوبة هذه اكبر تلك الحركات ذات طابع (الخلاص الدينى)، وآخرها إذا استثنينا حركة نيالا سنة 1922م والتى لم يكن لها اثر كبير. ومنذ ذلك الحين صارت معارضة الحكم الأجنبى تتخذ اشكالاً اخرى تنمو فى مهد مختلف. لقد بدأت كما يقول هودجكن (تتخذ المدن الحديثة مهداً لها) فى أواسط المتعلمين الذين علمتهم الإدارة الجديدة واستخدمتهم فى الوظائف الدنيا فى سلك الإدارة.



    بالرغم من أن الإدارة الجديدة والتى كان للبريطانيين اليد العليا فيها، عمدت الى تعميم هذه الموجموعة وفق النسق الغربى، كما جاء فى توجيهات كتشنر، فقد فشلت فى تحقيق هذه الغاية. ومرجع ذلك، كما يورد ريتشارد هل (لأن البريطانيين أقاموا الحكم الثنائى بعد الفتح، ولكنهم لم يتجهوا الى المؤسسات البريطانية لاتخاذها نموذجاً للإدارة الثنائية. وبالطبع فهم لم يستلهموا الإدارة المهدية وإنما نظروا فى بادىء الأمر الى ما خلفته الإدارة التركية من هياكل فأقاموا عليها بنيان ادارتهم. فالحاكم العام كان اشتقاقاً من الحكمدار عموم، لقب الحاكم التركى، ورغم انتشار نمط الحكم المحلى المستمد من النظام الإنجليزى، فقد بقيت كثير من الصلات بين الشكل الجديد والأشكال التى كانت سائدة أيام الحكم التركى).



    وحقل التعليم لم يكن استثناءً، فقد عمدت الإدارة الى هياكل التعليم فى العهد التركى واتخذتها أنموذجاً للتعليم الجديد لسد الفجوة التى خلفتها المهدية. وبالإضافة الى ذلك فإن حقل التعليم على وجه الخصوص كان مساحة لم يستطع فيها البريطانيون، لا سيما فى السنوات الأولى، من غل يد شريكهم الأضعف – المصريين، فلغة التعليم لتلاميذ يتحدثون العربية ما كان من الممكن أن تكون غير العربية. وبالتالى كان لا بد أن يكون المدرسون مصريين أو من يتحدثون العربية. هذا الشرط، بالإضافة الى الموروث العربى الإسلامى الذى كانت التركية والمهدية، على ما بينهما من خلاف في روافده، جعل المصريين أطول باعاً فى حقل التعليم فى المراحل الأولى. يصف ذلك محمد عمر بشير قائلاً (..... ومع انتشار الإسلام ازدادت الحاجة بين القبائل للتعليم الدينى باعتبار أنه من الاحتياجات الضرورية فى المجتمع الإسلامى. فالمعرفة بالقرآن والمقدرة على قراءته وبالتالى المقدرة على القراءة والكتابة لتمكين العقيدة صار ضرورياً. ولما كان تعلم القرآن فرضاً على كل مسلم فقد صار لزاماً على الآباء توفير الإمكانات لأبنائهم لتعليمهم. وقد حرص المهاجرون على تعليم أبنائهم ليحافظوا على السيطرة الثقافية وبالتالى السياسية على سكان البلاد الأصليين..... والخلوة مرتبطة بالصوفية، والطرق الصوفية هى التى تولت نشر الإسلام فى السودان، فلذلك فقد كانت الخلوة هى المؤسسة الأساسية لتعليم القرآن فى السودان).



    هذا النوع من التعليم انجب كما يقول جعفر محمد علي بخيت (جيلاً كان جل اهتمامه منصباً على التراث الإسلامى، وكانت اهتماماته فى تنظيم المهرجانات الأدبية التى تمجد الماضى الإسلامى). وقد جاءت معارضتهم للحكم الأجنبى ومفهومهم للوطنية والقومية منسجماً مع هذا التكوين الثقافى والنفسى. ونجد فى كتاب محمد محمد علي (الشعر السودانى فى المعارك السياسية)، وكتاب صلاح الدين المليك (شعراء الوطنية فى السودان)، نماذج توضح هذا المزاج الذى يعبر عنه محتوى وأشكال قصائد شعراء تلك الفترة التى جاءت صدى للشعر العربى الكلاسيكى القديم. وبالرغم من ان اشعارهم عبرت بدرجات متفاوتة، عن رفض للحكم الأجنبى إلا أن ذلك الرفض كان كله يدور فى فلك العودة الى التراث الإسلامى وأمجاد الأمة الإسلامية وفى ماضيها التليد، والتحسر على العهود الخالية، عهد الخلفاء والأمراء التى سادت فيها الأمة الإسلامية العالم. وقصيدة البنا فى مطلع العام الهجرى والتى يستهلها بقولهِ:



    يا ذا الهلال عن الدنيا أو الدين



    حدث فإن حديثاً منك يشفينى



    والتى يتحدث فيها عن ماضى الأمة الإسلامية فى عهودها العظيمة وأمرائها وخلفائها تصلح مثالاً لذلك. وفى ابيات عبدالرحمن الضرير تحديد واضح لمفهوم الوطنية والقومية لدى أبناء ذلك الجيل:



    فليس سوى الإسلام من وطن لنا



    ولا غير اهليه أعد صحابا



    كفى بقبيل الله جنساً ومذهباً



    وبالله رباً والكتاب كتابا



    هذا الرفض الرومانسى للحكم الأجنبى الجديد وهذه الرؤية للهوية كانا سمة مميزة لذلك الجيل الذى يعانى من انفصام؛ بين رفضه للحكم الأجنبى، وحقيقة وجودهِ كطبقة جديدة هى فى حد ذاتها نتاج نظام اقتصادى واجتماعى جديد استقدمه هذا الحكم الأجنبى. فهم يعملون فى سلك الإدارة الأجنبية التى عزت بلادهم واستولت عليها، ما لم يكونوا واثقين منه هو ما إذا كان استيلاؤها على البلاد بهدف إنقاذهم من قسوة الخليفة عبدالله التعايشى، أى الأسباب الإنسانية التى زعمت الإدارة؟ أم أنه كان لتمارس عليهم شروراً أبشع من التى مارسها الخليفة عبدالله؟ هل يحكمهم البريطانيون والمصريون؟ أم ان البريطانيين كانوا ينفردون بالحكم؟ كان ذلك سؤال لم يجدوا له إجابة. وثمة سؤال آخر: هل كان هؤلاء فى ايام الحكم التركى وهؤلاء المصريون الذين تربطهم بهم روابط اللغة والدين، هل كانوا جزءاً من الحكم؟ أم كانوا هم انفسهم ضحية للسيطرة الأوروبية المسيحية على المسلمين؟ وهل ينتمون هم والمصريون الى الأمة الإسلامية فى مواجهة الحكم البريطانى المسيحى؟.



    كل هذه الأسئلة لم تبقَ فقط دون اجابات، بل انها ما كانت تطرح صراحةٍ. وذلك التوجه الإسلامى الذى اعتبره بعض الباحثين المهتمين بدراسة تلك الفترة توجهاً تم اختياره بواسطة أولئك الشبان كمعَبر عن مشاعرهم ومفاهيمهم القومية لم يكن فى الواقع سوى ملاذ متاح لمجموعة من الشبان محدودى المعرفة قليلى الخبرة مضطربى العواطف.



    فالهُوية والقومية كمفهومين ـ بما فى ذلك الهُوية العربية الإسلامية ـ لم يتم طرحهما كقضية حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى التى تعتبر معلماً بارزاً فى مسار مفهوم القومية فى البلدان المستعمرة ومن ضمنها السودان. والأفندية، من ناحية، كانت اعدادهم قد تضاعفت حين اندلعت الحرب، ومن ناحية أخرى فقد كان التطور فى التعليم وأساليبهِ قد اتاح لهم فرصة أوسع للاتصال بالعالم الخارجى. والنقاش الذى ابتدأ قبيل الحرب وأثناءها ولمدة طويلة بعدها عن (الأمم) و(حق المصير) أثار انتباه الافندية الذين كانوا قد بدأوا يتمتعون بوضع اجتماعى واقتصادى جعلهم ينظرون الى انفسهم كطبقة اجتماعية مميزة عن التركيبة الاجتماعية التقليدية. وقد عَبر عن ذلك بصورة واضحة علي ملاسي الذى كان قد تخرج عام 1914م وعَين افندياً فى مصلحة البريد والبرق والذى انضم لاحقاً الى جمعية اللواء الأبيض. يقول ملاسى: (منذ 1914م على ما اذكر ونحن شبان صادفنا الحرب العظمى الأولى سنة 1914م، وكانت تلك بادرة يعني أدتنا نشاط لنتابع حوادث تلك الحرب، وفى الوقت داك كان فى شئ اسمه رويتر يطلع هذا الرويتر كل اربعة وعشرين ساعة ثلاث مرات، فنحن موظفين البريد والبرق وبالذات كنا نأخذ هذه النسخ ونقرأها ونستخلص منها الواقع. أول شئ فهمنا إنه هناك فى وطن وهناك فى ناس بيحاربوا عشان وطن يعنى أدتنا فكرة).





    (عدل بواسطة Elmuez on 01-18-2007, 07:21 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla01-18-07, 06:47 PM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Elmuez01-18-07, 07:15 PM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) سفيان بشير نابرى01-18-07, 08:48 PM
  خالد الكد Emad Abdulla01-18-07, 10:01 PM
  خالد الكد Emad Abdulla01-18-07, 10:25 PM
    Re: خالد الكد Saifeldin Gibreel01-18-07, 10:33 PM
      Re: خالد الكد Saifeldin Gibreel01-18-07, 10:47 PM
        Re: خالد الكد Marouf Sanad01-18-07, 11:06 PM
          Re: خالد الكد abdalla elshaikh01-19-07, 01:36 AM
  خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla01-19-07, 04:26 PM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Ibrahim Algrefwi01-19-07, 04:30 PM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) بدر الدين الأمير01-19-07, 09:29 PM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Marouf Sanad01-23-07, 06:30 AM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) عبدالوهاب همت01-23-07, 05:14 PM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Sidgi Kaballo01-25-07, 03:54 AM
      Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Sidgi Kaballo01-25-07, 03:56 AM
        Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Sidgi Kaballo01-25-07, 03:58 AM
          Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Sidgi Kaballo01-25-07, 04:00 AM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Masoud01-25-07, 05:25 AM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla01-25-07, 07:04 AM
      Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) عواطف ادريس اسماعيل01-25-07, 07:22 AM
        Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla01-25-07, 12:01 PM
          Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla01-25-07, 12:59 PM
            Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Sidgi Kaballo02-02-07, 05:09 PM
              Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) السنجك02-02-07, 05:34 PM
                Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-10-07, 06:33 AM
              Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-06-07, 06:01 PM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Dr Salah Al Bander02-03-07, 00:55 AM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-10-07, 06:53 AM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) أحمد طه02-03-07, 02:13 PM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-10-07, 07:39 AM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) عبدالوهاب همت02-05-07, 02:12 PM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) حبيب نورة02-05-07, 02:23 PM
      Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Amin Mahmoud Zorba02-05-07, 10:27 PM
        Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-06-07, 03:14 PM
          Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-06-07, 03:35 PM
        Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-10-07, 08:56 AM
      Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-10-07, 08:26 AM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-10-07, 08:06 AM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) عبدالوهاب همت02-06-07, 09:13 PM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) عبدالوهاب همت02-06-07, 09:28 PM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) عبدالوهاب همت02-06-07, 10:39 PM
    Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla02-22-07, 11:50 AM
      Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) nadus200002-22-07, 01:50 PM
        Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla03-10-07, 01:19 AM
          Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla03-10-07, 01:23 AM
        Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) Emad Abdulla03-10-07, 01:48 AM
  Re: خالد الكد .. ( بورتريه ) سلمى الشيخ سلامة03-10-07, 02:21 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de