بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 08:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة أحمد طه(أحمد طه)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-19-2004, 09:53 AM

Ali Mahgoub

تاريخ التسجيل: 08-10-2003
مجموع المشاركات: 156

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر (Re: أحمد طه)

    تعذيب الشهيد الشفيع احمد الشيخ :

    مساء الاحد ۲٥∕٧ خرج الشهيد الشفيع احمد الشيخ من المكتبة حيث كانت تجرى محاكمته، فوجد الشهيد جوزيف قرنق ودكتور مصطفى خوجلى جالسين علىالتربيزة المخصصــة للتحقيق فى البرندة. وقف بضع دقائق مع دكتور مصطفى، وقال له : " تصور أن شاهد الاتهــام ضدى هو معاوية إبراهيم سورج . سمعت انه سيحضر شاهد إتهام ضدك". وكانت شهادة معاوية كما ارادها السفاح نميرى وزمرته تنصــب على اثبات أن الشهيد الشفيع عضو سكرتارية الحزب الشيوعى وبالتالى فأنه يعرف التنظيم العسكرى للحزب ومكان إخفاء أسلحة الحزب.
    بعد قليل تم إستدعاء الشفيع مرة اخرى للمحكمة داخل المكتبة. وحوالى الساعة العاشرة إلا ربع خرج من المحكمة وجلس على الكرسى امام البرندة. حضر الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم مخموراً وفى حالة هياج شرس. وقف أمام دكتور مصطفى وسأله: أين مكان عبد الخالق، لأننا علمنا أنه شوهد معك مساء يوم الثلاثاء الماشى. نفى دكتور مصطفى علمه بمكان عبد الخالق. هدده أبو القاسم بقوله : أمامك ۱۰ دقائق لتخبرنا بمكانه. ثم اتجه نحو الشهيد جوزيف قرنق وكرر عليه نفس السؤال. نفى جوزيف علمه بمكان عبد الخالق. هدده ابو القاسم بقوله : امامك ٥ دقائق لتخبرنا بمكانه.
    ثم نزل من البرندة واتجه نحو الشفيع الذى بادره بالتحية. ولكن ابو القاسم عاجل الشهيد الشفيع بلكمات متتابعة على وجهه ورأسه، وبصق على وجهه وواصل عدوانه ضرباً بقبضته ورفساً بأقدامه. تجمع حول الشهيد الشفيع اثنا عشر شخصاً من جنود وضباط وصف ضباط المظلات المشرفين على التعذيب والأعدام. وكان بينهم الرائد على حسين اليمانى والنقيب محمد إبراهيم الشايقى والرائد عبد القادر جنى وشاركوا ابو القاسم رقصة وحوش الغاب. عندما شعروا بأن عيون كثيرة تنظر اليهم فى استنكار، سحلوا الشهيد سحلاً لمسافة ٤۰ ياردة خلف شجيرات صغيرة وواصلوا التعذيب. استخدموا سنان السنكى للطعن، ومؤخرة البنادق، والاحذية ذات الكعب الحديدى، وابو القاسم يقودهم ويتقدمهم.
    رغم كل ما حدث، كان الشهيد الشفيع عندما أعادوه لغرفة الإعتقال يكتم اَلامه بصبر. كان على وجهه جرح غائر سالت منه الدماء على حاجبه، وجروح اخرى تنزف على جسده، وفى محسنه نزيف داخلى وعلى رأسه دماء وجلد تسلخ. نظر اليه أحد الضباط فى فزع - فجمع كل قوته ليطمئنه بقوله : ولا يهمك. نتقابل فى كوبر – حمل حقيبة ملابسه الصغيرة، وأتجه نحو الحمام وإستبدل ملابسه وهو لا يسطيع الحركة الا فى عناء.
    أعادوه الى غرفة المعتقلين حيث عاد المعتقلين من التحقيقات والمحاكم. أخبر المعتقلين وهو يجاهد ليحافظ على ابتسامته المشرقة على وجهه : " عذبونى ابو القاسم وجماعته. لكن المعنويات عالية وانا ما متوقع شئ غير الأعدام ولا يهمكم". وقد رد عليه بعض الضباط المعتقلين : " طبعا انتو ما ليكم دخل بكل الموضوع دا، وما حتجيكم حاجة." رد عليه بقوله :" يا أبنائى نحن من سنة ۱۹٤۸ نتوقع الموت فى أى لحظة. ولو نحن متنا الحياة حتمشى."
    كان الشهيد بعد التعذيب يرفع عينه بصعوبة لمن حوله من الضباط يسألهم عن الذين اشتركوا فى تعذيبه، وعندما يحددون له اسماء من شاهدوه منهم يسجل اسمه فى ورقة صغيرة ويقول لأحد الضباط : باله بعدين كلم الاخوان.
    بعد عودته من الحمام، ومحاولته مواصلة الحديث مع الضباط المعتقلين استلقى ونام نوماً عميقاً.
    كان الشهيد خلال وجوده فى المعتقل، يصحو مبكراً وطلب من الحرس مكنسة وأصر حتى حصل عليها، فقام بنظافة بلاط الغرفة، وطلب من المعتقلين المحافظة على نظافتها وكان يباشر ذلك اكثر من مرة فى اليوم. وعندما احضروا الملازم صلاح بشير وجراحه تنزف، باشر الشهيد مهمة تمريضه والعناية به – طعامه وشرابه ومحاولة تنظيف جراحه.
    طيلة حديثه مع الضباط كان يكرر : نحن لم نرتكب خيانة ضد الوطن وشعبه. وقفنا مع التقدم ومصالح الناس. واذا رحنا المهم ان يحافظ الناس من بعدنا على التنظيمات الجماهيرية التى اشتركنا فى بنائها مع اَلاف الناس.
    انتهت محاكمة الشهيد يوم الاثنين ۲٦∕٧∕ ١٩٧١ ، وساقوه الى كوبر مساء ذلك اليوم وهناك اعدم شنقاً.

    * * * * * *
    الشهيد هاشم العطا :

    فى غرفة قرقول سلاح المدرعات قضى الشهيد هاشم الساعات الأولى لإعتقاله موثوق اليدين، مستلقياً على ظهره. كان رغم الارهاق ثابتاً، هادئاً ومبتسماً كعادته. وعندما حانت منه التفاته نحو بعض الضباط المعتقلين ، خاطب أحدهم – الملازم هاشم مبارك – فى مزاج قائلاً: " هارد لك يا هاشم ." وبعد لحظات دخل الغرفة الملازم كمال سعيد صبرة وبدأ يستفز الشهيد الذى نظر اليه فى سخرية واستخفاف. فوطأ الملازم نظارة الشهيد التى كانت ملقاة على الارض بجانبه وحطمها.
    ... حاول السفاح نميرى أن يبدأ التحقيق مع الشهيد هاشم، فرفض واعلن انه لن يدلى بأى أقوال الا أمام محكمة علنية " لأنكم ستشوهون أقوالى وتحرفونها." واضاف:" أنا أتحمل كل المسئولية وليس لديكم حجة فى محاكمة الضباط والجنود والصف." وعندما حاول السفاح نميرى ان يستفز الشهيد، زجره واوقفه عند حده، وقال له :" لست نادماً على ما قمت به، وأن كان لى أن أندم، فأننى تركتك ثلاثة أيام وعاملتك معاملة كريمة."
    كان الشهيد هاشم خلال الساعات التى قضاها قبل اعدامه، وفى طريقه الى الاعدام، يردد مقطعاً من نشيد الشهيد صلاح بشري،ويضيف الى المقطع : جاءكم هاشم اعدوا المقصلة ........ وظل المعتقلون من الضباط يرددون المقطع خلفه.
    زجر هاشم كل الضباط والجنود الذين حاولوا الاعتداء عليه، وكان مهاباً شجاعاً وهو فى قبضتهم. كان يضحك وهو فى طريقه الى ساحة الاعدام، فسخر منه أحد الجنود قائلاً : وتضحك كمان. فضحك هاشم ضحكة عالية وقال له :يا أبنى الميت ما ببكى.
    اتجهوا بالشهيد هاشم نحو دروة المورس لتنفيذ الإعدام، ولكنهم كانوا – جميعاً – فى حالة فزع واضطراب، فلم ينتظروا وصوله للدروة، بل عاجلوه ومن الخلف باطلاق ٨۰۰ طلقة على ظهره حتى أنفصل نصفه الأعلى قبل أن يسقط على الارض. وظلوا يطلقون الرصاص عليه حتى بعد استشهاده. وواصلوا اطلاق الرصاص على جثته وحولها وفى الهواء حتى افرغوا اربعة صناديق من الجبخانة (الصندوق يحوى ألف طلقة) من بنادقهم الاربعمائة بما فيها المدافع الصغيرة.
    حدث هذا والسفاح نميرى يترنح من الخمر وهو يقف على سطح عربة لاندروفر، والعميد احمد محمد الحسن رئيس فرع القضاء العسكرى والمسئول من إعلان الأحكام وتنفيذها يشرف على التنفيذ، ومحترف القتل النقيب احمد إبراهيم من سلاح المظلات يوجه ويقود مجموعات الغوغاء وحثالة المجتمع – يعاونه الملازم عبد العزيز عوض والملازم الهادى محمود جمعة من سلاح المظلات، وظل اطلاق الرصاص متصلاً بغير توقف حتى اقتنعوا أن الشهيد قد تحول الى كومة من شرائح اللحم والعظام المهشمة وانه لن يعود للحياة ليلحق بهم الهزيمة!

    * * * * * * * * * *



    الشهيد عثمان حاج حسين ابشيبة:

    تردد المقدم اسماعيل يعقوب لأكثر من ساعة قبل أن يقدم على اعتقال الشهيد عثمان، الذى استقر فى غرفة من ميز الحرس الجمهورى، واخيراً خرج الشهيد وسلم نفسه.
    تجمعت مجموعات من جنود المظلات والمدرعات محاولة الاعتداء على الشهيد، بعضهم بالسباب والإستفزاز وبعض اَخر بالايدى. وعندما استقبله السفاح نميرى قال له ضمن ما قال : " كل المسئولية مسئوليتى وعبد المنعم ومعاوية عبد الحى. نحن قادة القوى التى تحركت، بقية الضباط والجنود نفزوا الأوامر. هاشم العطا نحن الذين اشركناه معنا فهو ليست له قوات يحركها".
    لم يقدم لمحكمة، بل اكتفوا بالتحقيق الذى جرى معه وعلى اساسه صدر الحكم.
    دخل على مجموعة الضباط المعتقلين، ونصحهم : ما فى زول يجيب سيرة زول. ما ليكم دخل. ثم ضحك وقال : تصور نميرى سألنى : لماذا عملت كده يا عثمان، فرديت عليه : ما ممكن امثل سنتين". اكد للضباط المعتقلين أنه سيعدم وأشرف للانسان أن يموت كرجل من أن يعيش ذليلاً. وكان الشهيد قد زجر محى الدين صابر – وزير التربية اَنذاك – الذى حاول أن يتوسط لدى النميرى للابقاء على حياته ورفض الشهيد وصاطته.
    قضى الشهيد بقية الوقت مع المعتقلين هادئاً، وكان يتناول وجبة الافطار عندما استدعوه لساحة الاعدام. فترك بقية الساندوتش ونهض مودعاً زملائه فى مرح وشجاعة، وبعد قليل سمعوا ازير الرصاص الذى وصفه احد الضباط بأنه كان يكفى لأبادة كتيبة كاملة.

    * * * * * *
    الشهيد عبد المنعم محمد احمد :

    انقض عليه جنود اللواء الثانى دبابات، ونقلوه الى زنازين اللواء مع عدد من الضباط المعتقلين. وعندما استعاد وعيه صرح لضباطه : " أعفو عنى يا جماعة، أنا بتحمل كل المسئولية. خلصوا انفسكم وارموا المسئولية كلها على، وما عليكم إلا التمسك بأنكم نفذتم اوامر عسكرية واضحة ما عندكم يد بمعارضتها."
    ثم ارسل لمقابلة مامون عوض ابوزيد، وقال له : " ارجو تقديمى للمحكمة قبل كل الضباط لأننى اتحمل كل هذه المسئولية لأنى صرفت تعليمات التحرك." وظل يردد طيلة بقائه مع الضابط أنه يتحمل كل المسئولية.
    لم تعقد له محكمة، واصر فى التحقيق أنه المسئول عن الحركة. وانه تحرك لأسباب سياسية واضحة بسبب تردى السلطة وفسادها والتدخل الاجنبى والانهيار الاقتصادى والسير فى ركاب ميثاق طرابلس الخ وانه تحرك لينقذ البلاد وان تقوم فى البلاد سلطة وطنية ديمقراطية.
    ظل يهتف فى طريقه الى ساحة الاعدام بحياة الشعب السودانى والجبهة الوطنية الديمقراطية. وقف لحظة ليودع ضباطه وجنوده، طلب من أحدهم سيجارة، واتجه فى ثبات الى مكان الاعدام، ولكن الغوغاء – بتوجيه نميرى واحمد محمد الحسن - اطلقوا على ظهره سيلاً طويلاً متصلاً من النيران، وقال شهود عيان انه تمزق ارباً وسقط على الارض قبل ان تسقط السجارة التى القاها من يده بعيداً. ولاحق جثته الغوغاء يركلونها ويسحلونها قبل حملها على عربة عسكرية الى مكان الدفن.
    الشهيد بابكر النور :

    تمت محاكمته فى البداية برئاسة العميــد تاج السر المقبول، واصدرت المحكمة حكمها عليه ١٢ عاماً سجناً. رفض السفاح نميـري نتيجة الحكم واعاد الاوراق مرة اخرى. ثم اعيدت المحاكمة وصدر الحكم ٢۰عاماً.وعندما اعاد السفاح نميرى الحكم للمــرة الثالثة رفض العميد تاج السر أن يتــرأس المحكمة. ورفض كل الضباط الذين كلفـوا
    برئاسة المحكمة على اعتبار أن السفاح نميرى يريد فرض حكم الاعدام، لأنه كان كل مرة يعيد الاوراق قائلاً: "دا رئيس مجلس ثورة تحاكموه كدا."؟ ثم اتصل السفاح نميرى بالمقدم صلاح عبد العال تلفونياً، فحضر وتسلم اوراق المحاكمة، وحكم على الشهيد بالأعدام. عندما اقتيد الشهيد لتنفيذ حكم الاعدام، كادت كلماته وخطبته فى الجنود ان تعطل حكم الاعدام حتى تدخل النميرى وزمرته. وفى ساحة الاعدام تراجع بخطواته الى الوراء كيلا يطلق الرصاص على ظهره.
    وكان الشهيد قد أرسل قبل يوم من اعدامه خطاباً صغيراً فى علبة سجاير لأسرته يؤكد فيها أن النميرى سيعدمه.

    * * * * * * *
    الشهيد محمد احمد الريح :

    كان يقود المقاومة داخل القيادة العامة، ثم احتمى بأحد مكاتب سلاح الطيران وظل يقاتل من خلف استحكام اقامة فى المكتب. ثم حاصرته قوات الردة بقيادة المقدم عبد القادر محمد احمد الذى طلب منه تسليم نفسه فرفض وظل يقاتل، حتى اطلقوا على المكتب دانة ثقيلة نسفت المكتب بما فيه وصوبوا نحوه الرشاشات. فأستشهد وهو ممسك بسلاحه وقد اخترقت الشظايا صدره.

    * * * * * *

    الشهيد فاروق عثمان حمد الله :

    عندما نزل من الطائرة فى مطار الخرطوم، وحوله الحرس الليبى، قال للضباط والجنود السودانيين الذين حضروا لإستلامه : " ازيكم يا شباب، الغريبة اللبيين حاقدين علينا اكثر منكم. " ثم ضحك ونقلوه الى معسكر الشجرة. وخلال حديث نميرى معه قال للنميرى :" يا نميرى انت فى ٢٥ مايو دورك كان صفر، وما كان عندك دور. نحن النظمنا ۲٥ مايو وجبناك عشان رتبتك وكان ممكن نجيب غيرك. وكنا حا نجيب احمد الشريف الحبيب او مزمل غندور. لكن وزير دفاعك خالد حسن عباس الجالس جنبك ده، قال يا جماعة مزمل غندور طموح وحيسيطر علينا أحسن نجيب نميرى لأنه بليد ونقدر نمشيه زي ما عايزين. وحاول النميرى أن يساومه ليتبرأ من صلته بجماعة ۱٩ يوليو فرفض. طلب منه أن يدلى له بما لديه من معلومات فرفض.
    وعندما اقتادوه الى منطقة الحزام الاخضر لأعدامه استفزه النقيب محمد إبراهيم وقال له يا جبان. فرد عليه الشهيد بقوله : " انت كمان تقول لى يا جبان ؟ شوف الرجال بموتوا كيف الليلة، ولما يجبوك لمحل الموت اثبت زيهم. ثم التفت للجنود وقال لهم الراجل ما بضربوه فى ضهره، وانا ما بديكم ضهرى، وظل يتراجع فى خطوات ثابتة للخلف فاتحاً ازرار القميص كاشفاً صدره للرصاص وهو يهتف بحياة الشعب السودانى وسلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية.

    * * * * * *

    الشهيد محمد احمد الزين :

    بعد انتهاء المقاومة فى ام درمان، اتجه الشهيد الى الخرطوم. وهناك عرج على منزله بحى الامتداد. ودع والده ووالدته، وقبل طفله الوليد الصغير واستغل عربة اجرة الى حى الشجرة، واتصل تلفونياً بمعسكر الشجرة واخبر مامون عوض ابوزيد انه فى طريقه اليهم.
    حاول السفاح أن يساومه ليقف شاهد ملك فى المحكمة ويضمن له سلامة عنقه فرفض. ودامت المساومة ثلاثة ايام متصلة. واخيراً أنعقدت محكمته برئاسة محمود عبد الرحمن الفكى وعضوية العقيد فضل المولى إبراهيم واَخر. وحكم عليه بالأعدام. وبعد صدور الحكم جدد السفاح نميرى محاولته فى المساومة. ولكن الشهيد رفض.
    وقبل اعدامه دخل على غرفة المعتقلين. وجلس الى جانب صهره من الضباط يوصيه ببعض ما يخص اسرته. ولما سأله المعتقلون عن الحكم قال فى هدوء: حكموا على بالأعدام. ولكنهم أمهلونى حتى صباح الغد لكى اوافق على طلبهم بأن اكون شاهد ملك. ولكنى ارفض هذا الطلب. واضاف : الحياة فعلاً مغرية ولذيذة، لكن لو قبل الانسان أن يكون شاهد ملك سيعيش معذباً طول حياته. أوعى اى واحد فيكم يقبل اى عرض من هذا النوع. الجماعة ديل قرروا يعدموا ۲٥ واحد مننا."
    ثم قال للضباط انه شاهد العميل معاوية إبراهيم يشهد ضد الشفيع ومصطفى خوجلى، وأن العميل معاوية كان قد ارسال برقية تأييد طويلة لهاشم العطا ومجلس الثورة ........... واتفق معهم بشأنها."
    وقال للضباط من حوله : ما فى واحد يدلى بأى معلومات او حقائق. لأن الواحد لو اعترف او ما اعترف حيعدموه. وحيجى يوم الناس تقرأ المحاكمات تعرف الحقائق.
    كان ثبات الشهيد ود الزين فى ساحة الأعدام مضرباً للأمثال وحديث الجنود لفترة طويلة.

    * * * * * * *

    الشهيد معاوية عبد الحى :

    سلم الشهيد معاوية نفسه فى القيادة العامة للمقدم عبد القادر محمد احمد، الذى سلمه للملازم حسب الله نوج من جنود المظلات. وقد قام هذا الملازم مع بقية جنود المظلات بتعذيب الشهيد تعذيباً وحشياَ، ومزقوا ملابسه ونقلوه الى معسكر الشجرة بالملابس الداخلية فاقد الوعى مكتوفاً تسيل منه الدماء والقوا به فى غرفة قذرة. ثم حملوه الى المحكمة وقد تهشمت عظام رأسه، ومنها الى ساحات الأعدام بعد لحظات وجيزة.

    * * * * * *

    الشهيد محجوب إبراهيم :

    عندما كان الشهيد محجوب بغرفة القرقول مع المعتقلين، حضر السفاح نميرى وبدأ يستفزه، وخاطب الضباط قائلاً : ما غشوكم الصعاليك ديل، ديل عملاء. الشارع بطالب بأعدامكم وأنا حأعدمكم كلكم." لم يرد الشهيد على عبارات السفاح البلهاء، بل التفت لأحد الضباط وقال له : " نميرى وجد فرصته فينى وحيعدمنى ويعدم اكبر عدد من الناس. وأنا بالذات لو اشتركت فى الحركة أو ما اشتركت حيعدمنى لأسباب شخصية. ودى فرصته وما ممكن يضيعها."
    وفى هذه اللحظات وصلت وصية من الشهيد ابشيبة للضباط : " اثبتوا، لا تذكروا اسم اى شخص معتقل أو غير معتقل فى التحقيقات. وكل واحد يحافظ على كرامته ولا يقبل اى مذلة من انســان. ولو اعــدم اى مــنكم يعــــدم بكل شــــــــرف وكرامــة."
    وتناول الشــــهيد محجوب وصية أبشيبة مع بقية المعتقلين. وعندما دخل الرائد فتحى ابوزيد وبدأ يســـتفز بعض الضباط زجره الشهيد محجوب " ما تســتفز الناس، الناس ديل لســـع المحـاكم ما ادانتهم."
    وعندما استدعوا الشهيد لساحة الاعدام ودع زملاءه وأخرج مــالديه من سجائر وكبريت وقدمها لهم قائلاً " هاكم سجائر وكبريت بنفعكم هنا، بس ادونى ســـجارة واحــدة اصل بيها الدروة" وقف الشــــهيد مبتســماً واصلح هندامــه ومســـح حـذاءه وخـرج وهـو يهتف بحياة الشعب السودانى وثورته.

    الشهيد احمد جبارة مختار:

    فى معســـكر الشــجرة اقتادوا الشهيد احمد جبارة الى مكتب السـفاح نميرى بادره بقوله " ياجبان" فلم يســـكت الشــهيد بل اجاب السفاح فى شجاعة وسط الجنود المتحفزين "اسكت يابليد ياحمار أنت مجرد تور بس، وتاكد انك حتمــوت وحيجى يومك." وقام الســـفاح بصفع الشــهيد، فهجم الشــهيد على احد الجـنود لينتزع منه مدفعاً رشـــاشاً يجيب به على الســفاح. فأنقض عليه الجـنود وهو مشـتبك مع الرائد كمال خضر، فأوســـعوه ضرباً وركـلاً حتى لطخت دماءه جـــدران الغرفة.
    بعد التحـقيق معه اقتيد الى غــرفة مــجاورة لغــرفة المعتقلين، ومن خلال الباب ســـألوه عن الحـكم، فأجابهم بالاشــــــارات ان الحــــكم اعــدام. وفى تلك الحـظة دخل خالد حســن عباس ومعه شـرذمة من جنوده، فأستفز الشـهيد بقوله "ايه يابطل" فرد عليه الشهيد مما جعل جنود خالد يهجمون من جديد على الشهيد، وبدأ الملازم فضل شريف يوجه لكماته للشهيد الذى كانت يداه مقيدتان من الخلف.
    عندما اخذ الشهيد لســـاحة الاعدام، ظل يهاجم ويفضح النقيب محمد ابراهيم ومجموعة المــظلات المشرفة على تنفيذ الاعدام واتجه نحو الجنود وقال لهم "غشــوكم وحتعرفوا الكلام ده فى المسـتقبل. ونحن ماحاقدين على اى واحد فيكم !
    بدأوا يطلـقون عليه مـجموعات مـــتصلة من الرصاص، ورغم ذلك ظل واقفاً لفـــــترة مــن الزمن حتى ذهلوا وتوقــفوا عن الضـرب.ثم عاودوا الضــرب حتى سـقط على الارض وهو يهتف ويتكلم بأعلى صوته. وهنا تقدم منه احمـد محمـــد الحسن واخـرج مسدسه واجهز عليه.
    وقد بدأ القلق يســاور نميرى وزمرته بسب تغيير الجـــو بين الجنود الذين تأثروا ببســـألة الشــهداء وصمـــودهم بعد اعــدام احمد جبارة مما ادى الى استعجال ببقية المحاكم وتنفيذ حكم الاعدام.


    الشهيد احمد عثمان عبد الرحمن الحردلو:

    قدم للمحاكمة وصدر ضده الحكم بالسجن ثلاث سنوات ولكن السفاح نميرى كان مصراً على إعادة المحاكمة وأصدار حـكم الإعدام ضده بتهمة أنه أطـلق النار على الضباط المـعتقلين فى بيت الضيافة. لهذا حشـــدوا عدداً من جنود المظلات والمدرعات الذين لم يكونوا اصلا فى بيت الضيافة وشــــهدوا زوراً انه أطـلق النيران على الضباط المعتقلين. حــدث هذا رغم أن ضابطين مـن بين الذين كانوا معتقلين فى بيت الضيافة أكدا انهما لم يشـاهدا الحردلو فى منطقة الضرب ولم يشاهداه يطـلق النار على اى مــن الضباط المعـتقلين.
    وعــندما اعيدت محاكمته من جديد قال لأعضاء المحكمة "انتو عايزين تدينونى بأى طــريقة ،وانا زهجت من
    أمش وتعال،خلصونا بقى."
    وعنــــــدما رجــــع للضباط المعــتقلين كـــان يسخر من المحكمة والمحاكمات. والتفت لأحــد اصدقاءه مـن الضباط وقــال له " بالله لو أى واحد منكم طلــع وده ما اظـن يحصل يمشى يزور الجمـاعـة
    فى البيت." ثم ســـــأل بقية المعـــتقلين ضاحكاً عن عـــدد الطلقات التى سيــــعدمونه بها فرد عليه احد زملائه " والله عاد انت وحظك امكن يمشى معـــاك صف وامكن تمشى معـــاك كتيبة كامــــلة واى واحد حــــــيفرغ فيك الخـــــــزنة. فضـــحك الشــهيد ومعه بقية المعتقلين.
    تناول الشـــــهيد عشــاءه بشهية عادية مع زملائه ونام مبكراً. وكان الشــــهيد ود الزين قد اخبر المعتقلين انه ســـيعدم ومعه الحردلو فى الصاح الباكر.
    وفى صباح الاحـــد ۲٦/۷ اســـــتيقظ الضاط المعتقلين غلى صوت وازيز مجـــموعات الرصاص فعلموا ان الحردلوا قد تم اعدامه كما علمـوا انه عندما جاء الحرس لاســـتدعائه قـال لأحـد زملائه " قول للجماعة لما يصحوا مع السلامة، خليهم نايمين وياخــذوا راحتهم ما تزعجهم."

    * * * * *


    الشهيد بشير عبد الرازق:

    دخل الشــــهيد بشير الى غرفة المعتقلين بالقيادة العامة وهو مصاب بجروح فى رأســه. كان ثابتاً متماســـكاً. أعلن للمعتقلين انه سيتحمل مســـئولية تحريك كتيبة المدرعات فى القيادة العامة وطلب منهم بحزم " خليكم ثابتين، مافى زول يجيب ســــيرة زول، موتوا رجال، وكل زول يقول الحاجات العملها بس."
    بعد لحظات وصل بعض الجنود يســـــوقون الشـــهيد الحردلوا وهو مــــكتوف ومــــوثوق بالحبال. فأنفجر فيهم الشـــهيد بشير وقال لهم بصوت حاد "فكوه رابطنو كده اصلو حيوان؟"
    وعندما تم توصيله لمعسكر الشجرة، اشاع جوا من المرح فى غرفة المــعتقلين، وظل يردد "الجــوه جــوه والبره بره." ثم التفت لأحـــد زملائه وخاطبه مـــداعباً "انت ما بتسلم على عمك ليه؟"
    قبل ان يـقـــــتاد لســـاحة الاعـــدام توضأ وادى الصــــــلاة، ولكنهم لم يمهلوه لكتابة وصيته.
    * * * * * *
    الشهيد الجندى احمد ابراهيم:
    اعتقل مع عدد من الجنود من الحرس الجمهورى والذخيرة ومدرسة المشاة كانوا يحرسون منطقة بيت الضيافة وســـلموا اسلحتهم بكامل ذخيرتها. وخلال المحاكمات قضى الفترة فى معســـكر الشجرة. وقد تعـــرض مع زمــلائه الجنود لضغوط وتهديد من جنـــود المـظلات ليشــــهد ضد الضابط مدنى على مدنى بأنه اطلق النار على الضباط المعتقلين فى بيت الضـــيافة. ولكنه فى المـحكمة وفى كل التحقيقات اصــر هـو وزملائه ان الدبابات المــهاجمة هى التى اطلقت مدافعها على بيت الضيافة وان ضباط يوليو لم يقتلوا المعتقلين.
    بعد ذلك ارســـــــل الى كوبر حيث قضى قرابة الاسبوعين. ثم اعلن واشـــــيع ان احد الضاط تعــرف عليه وبدأ معه تحقيق لم يصل الى نتيجة. وعندما زار الســـفاح نميرى ســجن كوبر، سأل عنه وحاول تهــديده وقال له انت ســـــفاح بيت الضيافة. فغضب الشــهيد وهاجم الســـــفاح نميرى وقال له "انت السـفاح والقاتل وتتحمل مسؤلية كل ماحدث." فأمــر الســـفاح نميرى بتقديمه للمحاكمة. وتعرض الشهيد لتعذيب قاس وضغــط ليعـــلن انه مع بقية الجــــنود تلقى اوامر بقتل الضباط او شـــــاهد احد الضباط يطـلق النار على المعتقلين ليضمن النجاة من حكم الاعدام فرفض.
    ومن ابشع صور الاسـتهتار والتلفيق، ان زمرة السفاح اخذت الشهيد لتعرضه على العقيد سعد بحر ( قائد لواء المدرعات الثانى الذى نجا من بيت الضيافة وكان جريحاً فى المستشفى العســـــكرى ) وعندما احضروا الشهيد امامه قال له قول "ودالكلب".
    وكان القصد من ذلك ما ذكره ســـــعد بحر من قبل انه خلال اطلاق النار على بيت الضيافة ســــمع احد الجــنود ينطق هذه الفقرة بلهجة ابناء غرب الســــودان حيث يدغمون حرف اللام فتصبح "ودالكب"
    وبما ان الشـــهيد من ابناء الغــرب نطــق هذه الكلمــات وبكل براءة بلهجته. وهنا قال ســــعد بحر هذا هو الجندى. وهكذا وبلا ادى جهد حكموا على الشـهيد بالاعدام – واعدموه شنقاً خلافاً للعرف والتقاليد والقانون العسكرى-.
    وعندما اقتيد الشهيد الى المشنقة، ضرب على لوحتها الخشبية بقدمه وقال "يامشـــنقة جال راجل، انا ما قتلت زول وحقى مابروح!"
    * * * * *
    الملازم صلاح بشير عبد الرحمن:
    بعد توقف القتال فى كتيبة جـــعفر فى جنوب غـــرب ام درمان كان الملازم صـــلاح مــصاباً بجرح، فأتجه تحو منازل قشـلاق المنطقة العســــكرية لأســعاف جرحه. ولكن الجندى صاحب المنزل كان قد سمع نداء السـفاح نميرى من راديو ام درمان بضرب كل من اشترك فى الحركة وســحق الشـــــيوعيين. فحاول ارغام صلاح على تسليم نفســــه، ولما رفض صـــلاح بدأ صاحب المنزل يتصرف بحركات متشنجة فـزعة. فحمـــل بندقيته الخــــرطوش وخــرج من داره وبدأ يصيح باعلى صــوته بضرب الخــونة المتمردين والشيوعيين. وبدأ صلاح فى مقاومته فأطـلق عياراً من بندفيته اصابة صلاح فى فخذه الايمن، وقبل ان يطــلق العيار الثانى هجــم عليه صلاح وبدأ يقاومه رغم جراحه فأمســك مــوخرة البندقية، ولكن الطـلقة الثانية اصابت صـلاح فى ذراعـه الايمن ففقد وعيه. بعد ذلك تعاون الجـــــندى مع بعض المــارة وجنــــود الردة وحملوه الى المستشفى العسكرى فى السلاح الطبى. وعندما استعاد وعيه صباح الجمعة ۲۳∕۷ ســأل احد الممرضات المشرفات على علاجه عن تطور الاحـداث فأخبرته ان السفاح نميرى عاد للسلطة وتم ضرب الشيوعيين.
    حتى تلك الحــظة كانت قوات الـردة لا تعرف مــن هو صــلاح لهذا اعتنوا بعـــلاجه وحـولوه الى عنابر الدرجة الاولى فى غرفة واحدة مع مــــزمل غندور الذى كان معتقلاً قبل ۱۹ يوليو. واســتمر علاج صـــلاح بعناية فائقة طــــيلة نهار الجمعة والسبت. فعندما جاء خالد حسن عباس ومجمـوعة من بطانته لتفقد الجرحى هنأ صلاح بالنجاة ظنا من انه من قــواته وقال له " مــــــبروك مايهمك برضو راجل"
    طيلة هذه الفترة كانت قوات الردة تعلن عن بحثها عن صلاج بشير. وفى الخامســة من مســاء السبت حضــر للمستشفى عدد من ضباط الصـــف بالمدرعات وتعـــرفوا على شــــخصية صلاح بشير. وفى الســـــابعة والنصف احاطوا الحجرة بحراســة مشددة من احد عشر جندياً من المــدرعات يقفون على مــدار الســــاعة وعلى كل ابواب الغرفة ونوافــذها. حتى ذلك الوقت كان الغيار يتم كل نصف ســاعة و٢ حقنة مضــادات حيوية على رأس كل سـاعة مع استمرار عملية نقل الدم المستمرة.
    فى الســــاعة التاسعة مســاء حضر الضاط خالد الامين الحاج – اخ اللواء السابق مقبول الامين الحاج وقريب خالد حسن عباس - ومعه الرائد شرف الدين احمد مالك من الاستخبارات بالمهندسين، والرائد فتحى ابوزيد، والرائد تاور، وحفنة من الجنود، واحد ضباط الصف يحمل قيداً حديدياً للايدى وحبل تيل. وهجم خالد الامين على صلاح وقال "عــلاج كمان؟ قــوم على حيلك" وانتزع الدرب الموصل بين زجاجة الدم ووريد صلاح بعنف وقســـــوة. تتدخل الممرض واخبر خالد الامين ان صلاح واهن القـــوى لأنه مــصاب اصابات خطيرة ولا يســــتطيع الحـــركة. فامر خالد الجنود بقـوله "كتفوه"! فأوثقوا الحبل حول رجليه ووضعوا القيد على معصمه. ثم امرهم "شــيلوه" ! وبدأ الجند بلا رحمــة او شـــفقة فى تنفيذ الامـــــر وبصورة قبيحة ومشينة ، فحمـلوا صلاح كألخروف المذبوح عارياً حتى من الغطاء الابيض ، والقوه فى قاع عربة عســــكرية على فخذه المصاب حتى فقد وعيه. واستيقظ فى اليوم التالى وعلم أنه بغرفة فى سلاح المهندسين. وكان خالد وجنوده قد انزلوا صلاح من العــربة بنفس العنف امام جمــهرة من الجند والقوا به فى غرفة القرقول مما تســـبب فى نزيف حاد ثم فكــوا القــيود عنه وتركــوه ينزف. وكان فى الغـرفة فى ذلك الوقت الصول المعتقل عثمان بشير من الحرس الجمهورى.
    مرة اخــرى حضر خالد الامــــين ومعه زبانيته. وبدون مقدمات بدأ يرفس صلاح بقــــدمه وبضربات قاسية ( خالد الحاج فى حجم اخيه المــــقبول – اى فى حجــم فـــرس البــحر – القرنتية ) وكان يوجـه ضـــــــرباته نحـــو الجرح، ثم على الراس والوجه حتى اغمى على صلاح وفـقــد وعيه مرة اخرى. وعندما استعاد صلاح وعيه قال له خالد "شــــــــوف ياابن الكلب حتلاقى نفس الضرب والتعذيب واسوأ مـــن ذلك اذا ما اجـــبتنا على الاسئلة الحنســالك لها فقال له صلاح "انت اســأل وحاجاوبك على ما اعرفه". وكانت اسئلة خالد مثل كل اسئلة تلك الايام تدورتنظيم الضباط الاحرار، والخلايا الشـــيوعية فى الجيش، كيفــية تنظيم الحــــركة، الســــلاح المفقود من كتيبة ام درمان وســلاح المظلات، المصير الذى حدده قادة الحركة لأعضاء مجلس ۲۵ مايو الخ. فأجــاب صــلاح بأنه ليس عضـــــواً فى تنظيم الضباط الاحرار وانه فصل من القوات المسلحة بدون اسباب يعلمها قبل فترة وانه لا يعــرف شيئاً عن الخلايا الشــيوعية ولا يعرف كلمة خلية . اما كيفية تنظيم الحـــــركة فأنا لست قائد الحركة لأعرف كل تفاصيلها. انا اعادونى للقوات المســــلحة وكلفونى بواجب عسـكرى معين نفذته كعســـكرى. والســـلاح المفقود لابد ان يكون قد اخـــــذه مدنيون من الشــوارع. اما مــصير اعضاء مجلس ۲۵ مايو فقد كان معروفاً لكل الناس انهم سيقدمون لمحاكمة مفتوحة للشعب، ولو كان هنال اتجاه لأعدامهم كان من الممكن لأى جندى ان يطلق رصاصة على كل منهم منـذ الســـــاعات الاولى بعد ۱۹ يوليو. وعندما انتهى صلاح، قال خالد "يعنى ما عاوز تقول الحـــقيقة، طيب" وبدأ يكرر الرفس والضــــــرب والتعـذيب حتى اوقفه الضباط الذين كانوا معه وقالوا له "سيبو كفاه خليهو لينا" فخرج من الغرفة وهو يهدد صلاح بقوله " تانى الشـــمس ماحتشــوفها بعينك". بعد ذلك اخرج الضباط احذيتهم الثقيلة وبـدأوا يضـــربون صــلاح حتى اصيبت اذنه اصابة خطـــيرة . وكان الضابط شـــــرف الدين يقف بعـيداً ولا يشترك فى الضرب فقالوا له " تعال هنا يا شـــرف اتسـلى". اشتد التعذيب على صلاح ، صاح فيهم اوقفوا الضرب عشان اتكلم. فتوقفوا. ولكن بعد ان استعاد صلاج انفاسه قال لهم"شوفوا انا عارف كل حاجة لكن ما حاتكلم ، اشوف حتعملوا شنو؟" فخرج احد الضباط واحضر بندقية ج ۳ وضعها على جبين صــــلاح وراح يضـغط بشدة مهدداً صلاح بالضــرب اذا لم يتكلم فقال له صـــلاح "اضرب عشــان نموت ذى الرجال الاستشــــهدوا". ولكنهم قالوا له "لا ما حنكتلك بالسرعة دى لازم تتعذب وتموت موت بطيى". ثم خرجوا متوعدين بالعودة مرة اخرى.
    ثم قام أحد ضباط الاستخبارات بمحاولة جديدة ناعمة، فقال لصـــلاح انهم مســتعدون لتقديم ضمان كتابى من نـمـيرى وخالد حسن عباس بالبرأة واحتلال منصب كبير، شــريطة ان يقدم مالديه من معلومات ويصبح شاهد ملك. شـــــكره صلاح على ذلك وقال له "ضع نفاسك فى مكانى، فهل يمــكن ان ترتكب مثل هـــذه الخيانة لكى تعــيش؟".
    عادت مجموعة من صف الضباط مرة اخرى تحمل الحبال والـقـــيد الحـــديدى، كان صلاح فى هــذه الفترة قد فقـــد كمـية هائلة من دمه وتحولت الملابس البيضاء التى تستر جسده الى قطعة حمراء لزجة، وبقع الدم على بلاط الغرفة اشبه بالسلخانة. اوثق الجند الحبال حول قدمــيه والقــيد على يديه وطلبوا منه ان ينقلوه للعــــــربة العسكرية. فرفض واكد لهم انه لن يتحرك مالم يرتدى ملابســــه العســكرية او المــدنية وســـوف يقاوم حتى المـــوت. فأنصاعوا لرغبته واعادوا له ملابسه العسكرية وحملوه الى معســـكر الشـجرة، ووضعوه مع بقية المعتقلين. ورغم حالة صلاح المتدهورة، اصر السـفاح نميرى على تقديمه للمحاكمة. وبالفعل بدأت المحاكمة بان احضروا ثلاثين جندياً كشـــــــهود أتهام وكان صلاح واثقاً من حكم الاعدام. فأستجمع قواه وقال لهيئة المــحكمة "لا داعى لكل هولاء الشـهود وقد قمت بدورى فى الحركة وفى المقاومة ورفضت الاستســـــــلام. وكانت المحكمة تطمع فى اســـتخلاص بعـض الحقائق مما جعلها تستمر لمدة يومين۲۵ و۲٦/۷. وتحت الحاح الضــباط المــــــعتقلين، وتعفن الجــروح والنزيف المتواصل، اضطرت المحكمـــــة التى كان تحاكــم صلاح وهو محمـــول على النقالة، أو مســنوداً على كرسى، ان توافق على ارسال صــلاح للمستشفى العســـكرى ولكنه لرفض طالباً ان يعرف نتيجة الحكم اولاً فان كانت اعــدام فليعدم على حالته تلك، وان كانت ســجناً فليذهب على نفس الحالة للسجن ويعالج بعدها كسجين. ولكن استــــمرار النزيف والارهاق فى المحــكمة وانعــدم العلاج والعناية الطــبية جعل صـلاح يدخل من جديد فى حالة الاغماء وفقد الوعى، وقد نقلوه الى الســــلاح الطبى وهو فاقد الوعى، فوضعوه فى غرفة القـــــرقول واقفلوه عليه دون عــلاج او اكل لفترة من الزمن، حتى تدخل بعض الاطباء فأوصوا له بســـــرير وانتظام الغذاء والعـــلاج . ولكن شــيئاً من ذلك لم يحــدث. واستمر على هذه الحالة حتى قرر طبيب جراح اجراء عمــلية للجــراحة، ونقل الى غـــرفة العمليات . وبعد لحظات حضر اربعة اطباء يرتدون الروب الابيض ووجوههم مقنعة بالكمــامات الطبية وقـالوا لصلاح "عايزين نتكلم مع الضمير الداخلى بتاعك عشــــان تورين بعض الحـاجات لانك فى المـــحكمة ماقلت اى حاجه خاصة عن السلاح المفقود وتنظيم الضباط الاحرار الخ." ثم بدأ صلاح يشعر بالدوار، فسألوه "هل شـــعرت بانك عاوز تنوم ؟" فقال نعــم فقالوا له طيب جــاوب على اسـئلتنا فقال لهم "ان ثورة ۱۹ يوليو،" وقبل ان يتم حديثه قاطــعوه بقـولهم "لكن هل هى ثـــورة ام انقــــلاب؟" فقال لهم "فى وجهة نظرى هى ثورة، وطبعاً الثورات خشم بيوت وتوقف عن الحديث.
    بقى صلاح٦۵ يوماً فى غرفة قذرة مليئة بالفيران والحشرات دون ان تنظف الغرفة او جســـم المـــريض. اتصل صلاح بقائد الســلاح الطبى وطلب منه ان يتصل بالجهات المختصة لتبلغه الحكم لينفذ ان كان اعداماً او سجناً بدلاً من الانتظار على تلك الحالة غير الانسانية وانه يرفض مواصلة العلاج بذلك المستوى.
    واخيراً حضر احمد محمد الحســن واخبر صلاح ان الحكم قد صدر عليه بالاعدام ولكنه طلب من نميرى تخفيضه الى ۲۰ سنة سجناً الا ان نمــيرى رفض لان صــلاح لم يدلى باى معـــلومات عن الحركة والســـــلاح المفقود والخلايا الشــــيوعية فى الجيش وتنظيم الضاط الاحرار. فطلب منه صــــــــلاح ان يعجل بتنفيذ الحكم لأنه لن يتكلم . فقال له احمد محمــــد الحســـن "سوف نعطيك فرصة ثلاثة ايام " فرفض صلاح. وظل احمد محمـــــد الحســن يتردد عليه طيلة الايام الثلاثة، ولكن بلا جدوى.
    اعــلن صـــلاح بالحــكم ۲۰ ســنة، ونقل الى سجن كوبر فى اواخر سبتمــــــبر ۱۹۷۱، وظل يعانى من الجــــروح الثلاث وبقايا شظايا الخرطوش فى فخذه واصابه اذنه.
    * * * * *
                  

العنوان الكاتب Date
بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر أحمد طه07-18-04, 11:42 PM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر أبو ساندرا07-19-04, 00:48 AM
    Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر عاطف عبدالله07-19-04, 01:38 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر mahdy alamin07-19-04, 01:44 AM
    Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر shawgi badri07-19-04, 01:57 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر خضر حسين خليل07-19-04, 01:51 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر أحمد طه07-19-04, 05:58 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر أحمد طه07-19-04, 05:59 AM
    Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر elsharief07-19-04, 07:39 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر أحمد طه07-19-04, 08:02 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Ali Mahgoub07-19-04, 09:47 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Ali Mahgoub07-19-04, 09:53 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Ali Mahgoub07-19-04, 09:54 AM
    Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Adil Ali07-19-04, 03:01 PM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Amjed07-19-04, 03:34 PM
    Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Abureesh07-19-04, 04:56 PM
      Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر معتز تروتسكى07-19-04, 07:24 PM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر أحمد طه07-20-04, 00:32 AM
    Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر ebrahim_ali07-20-04, 00:53 AM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Ali Mahgoub07-20-04, 12:48 PM
    Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر ناجى الزبير الملك07-20-04, 03:27 PM
  Re: بمناسبة 19 يوليو ,,هكذا استشهد هاشم..وفاروق ..وبابكر Abdalla Hussain07-21-04, 04:26 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de