الـصـور لا تــكـذب أبــــداً ...

Quote: ينفرد الإسلام بالترغيب لبناء الأسرة المسلمة بناءً صحيحاً، فالإسلام دين جماعة، ونواة تلك الجماعة.. الرجل والمرأة.. قال تعالي: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون} [الروم:21] وهذه خلاصة العلاقة الزوجية وسعادتها في آية من كتاب الله.. مودة ورحمة. ولا نعني بالأسرة السعيدة هي التي تعيش العمر بدون مشكلات.. ولكن الأسرة التي بيدها مفاتيح حل المشكلات. فهل تصنع السعادة؟ ومن يصنعها؟ هل من الممكن شراء السعادة؟ أو إنها بأيدينا؟ السعادة رمز للزواج، فالله عندما وصف المؤمن وهو يدخل الجنة ذكر الأزواج فقال تعالى: {أدخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون} [الزخرف:70] سؤال تحتاج إجابته لوقفة صادقة مع النفس.. تحتاج إجابته للكثير من النقاط المتعارف عليها، ويكاد يشترك المتزوجون جميعهم فيها.. ونقاط أخرى في غاية الدقة وهى خاصة بعلاقة كل زوجين مع بعضهما البعض فما يصلح لزوجين أو عدة أزواج لا يصلح لسواهما نتيجة متغيرات وسلوكيات وظروف مختلفة.. فهيا بنا نحاول ضبط الطريق للسعادة الزوجية، والتي نعلم جميعاً أهميتها للأسرة وبالتالي للمجتمع.. لابد أن نعرف هل السعادة من الداخل أم من الخارج؟ السعادة ليست بالمال، ولا الأولاد، ولا المجوهرات.. السعادة في القناعة والرضا.. فزوجة لديها أكثر من قصر.. وكل ما تتمناه المرأة.. لكنها تكثر من أف.. زوجين يفترشا بساط الفقر.. لكن الابتسامة والسعادة لا تفارقهما.. إنه الرضا.. من الممكن صنع هذه السعادة أو محاولة صنعها بالنقاط التالية أو ببعضها أو بغيرها الذي لم تواتيني الذاكرة به أولاً: فهم نفسية الآخرين واضعين في الحسبان أن الأولوية في حياة الرجل.. للعقل والتخطيط.. والعمل.. والكد.. فالرجل يحب أن يثبت نفسه بما ينتج.. أما المرأة فهي فيض من العاطفة لا ينضب مع الزمن.. تحب أن تثبت نفسها باعتمادها علي الرجل.. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.. عائشة رضي الله عنها تسأل الرسول: كيف حبك لي؟ ماذا قال صلى الله عليه وسلم؟ حبي لك كعقدة الحبل.. قالت:وكيف هي العقدة الآن؟ "يا عائشة العقدة كما هى، والله لا يضرني متى مت.. بعدما علمت أنك زوجتي في الجنة" أنجد فهم نفسية واستيعاب للحبيبة التي تتمني كلمة حب من حبيب عمرها وضياء لياليها؟ ورقة متناهية وعطف وحب كهذا الحب؟ ثانياً: الاحترام بين الزوجين فالاحترام قضية هامة جداً فهو سر دوام العشرة، وهو حاجة نفسية.. فالإنسان يميل إلى من يحترمه ويقدره، فإذا لم تحترم المرأة زوجها يهرب إلى أصدقائه أو امرأة أخرى.. فالاحترام فيه معنى التقدير والاهتمام، وهذا يعطى معنى للحياة، وهو من علامات الحب. ثالثاً: الحب والاستجابة للمشاعر ويؤكد أخصائيون في العلاقات الأسرية أنه لا يشترط وجود الحب قبل الزواج كما يعتقد البعض.. فالحب ممكن بعد الزواج.. الحب الذي يقوم على العشرة السمحة والتفاني والتضحية.. فهو يقوى مع كل يوم.. وهو الذي يواجه المشاكل.. قبل أن تواجهه.. المرأة السعيدة من تجد رجلاً يحبها وتحبه، وكذلك الرجل، فلا تصور لعشرة وعلاقة بين زوجين تخلو من الحب؟ الحب هو إكسير الحياة.. الحب هو أنفاس يتنفسها المحب من أنفاس حبيبه.. فالحب الخالص ومشاعر الحب والشوق لابد وأن تكون حاضرة في أعماق الأعماق.. وأراها الأساس والأكثر أهمية في أي علاقة، والمرأة تحتاج من رجُلها أن يهمس لها بحبه في كل لحظات حياتهما، يهمس لها بلمسة.. يهمس لها بلفتة.. يهمس لها بنظرة.. والرجل يحب أن تشعره المرأة دائما بحاجتها له.. يحب يسمع كلمة أنا في حاجة إليك.. دائما في حاجة للعاطفة التي لا مصدر لها سواك.. أنت الواحة لحبيبك.. أنت المستراح الذي يهون عليه ويلطف ما يعانيه من كد وإرهاق لكي يوفر لك، ولأولادكما الحياة الكريمة.. فكم من رجال يشقون طوال النهار ومعظم ساعات الليل ولا يجدوا كلمة تقدير وحب واحدة؟ في أشد لحظات الإنسان حزناً وألماً يجد نفسه يحتاج إلى من يقف بجانبه ويواسيه.. يبحث.. يتلفت.. لا يكون هذا الشخص إلا حبيب العمر.. حبيب عمره وأيامه.. وآه المسكين.. آه إن لم يجده؟، ووجد حبيبه تاه في زحام الحياة.. ولم يعثر عليه؟؟ رابعاً: الأهداف المشتركة لكل إنسان هدف في الحياة، وأصبحت الحرية في هذا الزمن تتيح للمرأة أن تستقل بأهدافها في الحياة، ووجود الهدف المشترك شرط أساسي لبناء علاقة ناجحة.. وكثيرٌ من الأزواج يعيشون فراغاً رهيباً، فيحاولون تحقيق الذات بالجري وراء وسائل لهو وترفيه وبذخ تسد هذا النقص، فتتحول الحياة لتفاهة وتعاسة.. لكن تحديد الهدف يجعلنا نسمو فوق المشكلات ونجتازها. خامساً: فن الحوار والتواصل بين الزوجين اختيار أفضل الأوقات مع مراعاة الحالة النفسية للطرف الآخر، فلا تتلقف الزوجة زوجها عند عودته من عمله بعد يوم شاق وهو يحتاج لتناول طعامه ثم راحته، ولا الزوج عندما يجد زوجته مجهدة أو لديها عذر شرعي والذي يغير غالبا من مزاجها، ولابد أن يكون للحوار هدف الوصول للقرارات المشتركة واستخلاص الأسباب المعينة على مواصلة الحياة، وتكون تعبيراً لكل منهما عن نفسه.. وألا يحضر هذا الحوار أحد بينهما.. ولا يكون بمسمع الأولاد.. ويتسم بالهدوء وخفض الصوت.. وألا يخجل أحدهما من الاعتراف بخطأه لو تبين ذلك.. وعند اختلاف وجهات النظر التي غالباً لابد منها.. علينا بمبدأ - أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية- والحوار لابد منه فإذا خلت العلاقة منه كان الزواج أكثر ضعفاً ومشاكل وسوء تفاهم، وسيحل الصمت ضيفا علي البيت.. وهذا هو موت العلاقة ببطء. ويصبح الوصول للسعادة سراب مستحيل.. ويسيطر الملل.. وتتحجر المشاعر.. وتتأثر العلاقة الخاصة بينهما التي هي من أكثر الأمور تدميراً للزواج. وإذا ران الصمت على حياتهما افتقدت البهجة.. وأصبحت كالصحراء بدون حياة جافة قاسية، فالصمت يولد أزمة لا مجال لانفراجها.. والحوار ينير الظلام.. ويعطى الأمل في نجاة السفينة. وعدم الحوار بين الزوجين له أسباب عديدة: ضعف الشخصية.. طبيعة معظم الرجال الصمت.. اختلاف الثقافة بينهما.. انشغال كلا منهما عن الآخر بشئونه، فمن وقف في نفسه على أحد هذه الأسباب فعليه أن يعالجه ويغالبه حتى يسعد مع زوجه، ويجلب السعادة للأسرة. سادساً: طاعة الله ورسوله والتوكل عليه حق التوكل ويبدأ الزواج السعيد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي. وهكذا يبدأ الزواج السعيد بالاختيار الصحيح، والتعاون على طاعة الله تعالى يتوج التفاهم بين الزوجين. ويهيب الرسول صلى الله عليه وسلم بالزوجين إعانة كلا منهما الآخر على بلوغ الإخلاص الديني: "رحم الله رجلا قام من الليل، فصلى، وأيقظ امرأته، فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء" رواه أحمد وأبو داود والنسائي. سابعاً: تعليم الأولاد احترام الوالدين إذا رسخ في نفوس الأولاد أن احترام الوالدين واجب، ورأى الشاب والده يحترم أمه ويقدرها أمامه، فالأمل معقود بأنه سيكون زوج مستقبل يحترم زوجته ويقدرها، والبنت إذا رأت والدتها تعامل أباها باحترام وتقدير وطاعة.. فستكون زوجة مستقبل صالحة تحترم زوجها وتقدره. ثامناً: الدفاع عن الأخر يكون الزوج المحامى لزوجته.. والعكس.. فإذا ذكر إنسان أحدهما بسوء تجد الآخر يسارع يدافع عنه ويرد غيبته، ويثبت احترامه وتقديره له، فلا يجب أن يقف أحدهما موقف سلبي ولو في غيابه. تاسعاً: الرضا والقناعة والصبر على كلا الزوجين أن يرضى بما قسم الله له.. فلا تذمر ولا شكوى.. فالحياة لا تخلو من المنغصات والمشقة، وليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فلا بد من التجمل بالصبر.. ولنا عبرة في موقف أم سليم حين وفاة ولدها.. وما كان من أمرها تلك الليلة.. وأعظم من ذلك موقف السيدة خديجة رضي الله عنها في وقوفها بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم، حين واجهته قريش، وأنها أول من آمن برسالته!! قال صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" رواه مسلم، لا يفرك: أي لا يبغض، وأنتِ أيها الزوجة، تذكري له الصفات الطيبة قال صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" رواه الترمذي، فكلنا فينا ما يحبه وما يكرهه الآخرون.. فالصبر الصبر. وما أجمل قول الشاعر: خذ من خليلك ما صفا * وذر الذي فيه الكدر. عاشراً: روح المبادرة فإذا صار سوء تفاهم أو مشكلة ما بينهما.. فليبادر أحدهما سريعا للآخر حتى لا تتفاقم المشكلة.. وابتسامة الزوجة وقت الأزمة لها لون ومذاق مختلف.. الزوجة تبادر تمدح رجُلها، فالرجل يحب المدح وفى قرارة نفسه له فضل على الزوجة، والمرأة تحب من الرجل الكلمة الحلوة.. اللمسة الحنون.. ولا عيب من يبدأ؟ بعض الرجال يعتقد أنه لو بدأ بالصلح أو الكلمة الحلوة، فإن الغرور قد يصيب المرأة أو أن ذلك يقلل من شأنه وهيبته؟ الحادي عشر: التفاؤل مشكلة هذا الزمان أن معظم الناس متشائمين.. لكن القضية أبعد من ذلك.. تفاءلوا بالخير تجدوه! التفاؤل يجعل المحنة منحة.. والشر خير.. والعسير يسير.. فنظرة الإنسان هي التي تتحكم في حياته وقد قال صلي الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير - وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن – إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم. الثاني عشر: توطيد العلاقة بأهل كلا من الزوجين والحرص علي صلة الأرحام من الأسباب القوية لسعادة الزوجين حرص كلا منهما على معاملة أهل الآخر المعاملة التي ترضى الله تعالى، وخاصة الوالدين فكلا منهما يحفظ للآخر معاونته على بر والديه وحرصه على رضائهما، والبشاشة في استقبالهم وتقديم حق الضيافة لهم، ومد يد المساعدة لهم عند الحاجة.. وكما تحمل الجميل لزوجتك ببر أهلك.. ستحفظه هي قبلك.. وسيحفظه أولادكم من بعدكم ببركم. الثالث عشر: الثقة المتبادلة والتقدير لا توجد أسرة سعيدة بدون الثقة بين الزوجين، ولا معنى للحب والتفاهم بدون ثقة متبادلة، فالثقة تحفظ كرامة الأسرة وراحة قلبي الزوجين. ولا مجال للثقة بدون شعور كلا منهما أن الآخر هو كاتم أسراره.. فيكون الزوج منح زوجته الطمأنينة إذا ما أسرت له بكل ما في قلبها، وكل ما يثقل نفسها وروحها، والزوج لابد أن يشعر بأن هناك من تحمل أسراره.. بكل ما فيها من مشاكل مادية أو معنوية، وحسن الظن بينهما يجعل كلا منهما في حالة اطمئنان ورضاء تام.. وكل إنسان لديه رغبة للشعور بأهميته وتقدير شريك حياته وحبيب لياليه له. أيتها الزوجة امنحي زوجك الثقة في قدراته ونفسه، وستجدي منه أروع ما تتوقعي من إبداع في كل حياته.. ومعاملته وحبه لك.. وأنت أيها الزوج.. أنت قادر علي بناء سفينة المحبة والأمان.. وليكن كلا منكما الصخرة الصامدة الصابرة التي تحتضنها الأمواج بكل الحب والحنان.. وتكون المستراح لكلا منكما. لقد جعل الإسلام للزوجين حقوقاً وواجبات.. لها طرح منفصل إن شاء الله تعالي لو مازال في العمر بقية؟ فهيا نبدأ صفحة جديدة من السعادة.. هيا نتسامح.. هيا نتغافل.. وكما قال الأمام أحمد بن حنبل: "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل". فلا يوجد إنسان يخلو من نقص.. فلتستمتع بالسعادة، والطمأنينة، ولتكن بنظرة: قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه، نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما" الجامع الصغير للسيوطي. ولندع المقولة المشهورة بأن الحب واللهفة ينقضيا بعد شهور أو سنوات قليلة من الزواج.. فالود والاحترام والتفاهم والإخلاص، وأخيراً الدعاء للطرف الآخر يبقى على العشرة الطيبة والسعادة الحقيقية بفضل الله تعالى