ما ذكرت مورتانية إلا وذكرت الشيخة المعلومة بنت الميداح المطربة المعروفة وعضو البرلمان الموريتاني
Quote: ولدت المعلومة بنت الميداح في كنف عائلة تتمتّع بإلمام قديم بالموسيقى، لجهة والدها كما والدتها. احتكاكها الأول كان مع الموسيقى الشعبية الموريتانية وتأثراتها الأفرو ــــ مغاربية. وتعود بداية مسيرتها الفنية إلى أواسط الثمانينيات، يوم بدأت أغنياتها بالانتشار، ملتزمة قضايا الناس وحقوق المرأة. صحيح أن الفنّانة الموريتانيّة صاحبة الصوت الجميل، لم تكن تعاني في صغرها الطبقيّة والعبوديّة على أشكالها، إذ كان منزل العائلة يقع في منطقة مسكونة من غالبية ميسورة. إلا أن حِسّها اليساري وشعورها بمعاناة الكادحين والمحرومين في بلدها «ورثتهما» عن أخيها الأكبر الذي كان ناشطاً إلى جانب كادحي المدردرة، الضيعة التي كانت موئلاً للحركات الاحتجاجية ضدّ التمييز العنصري والطبقي. عهد إليها المناضلون اليساريّون توزيع مناشير كانت تُقرأ من عنوانها: «صيحة المظلوم». هكذا نشأ عند بنت الميداح وعيٌ سياسي لطبيعة مجتمع يمزّقه الفقر والعبودية، فقامت بأولى خطواتها الثوريّة حين أقنعت أمها بوجوب تحرير «العبيد» الذين كان يستخدمهم أهلها. ثم راحت تشارك في التظاهرات الاحتجاجية إلى جانب القوى المعارِضة في عهد معاوية ولد طايع. وقد دعمت الزعيم الأبرز في المعارضة الموريتانية أحمد ولد داداه، من خلال المشاركة في مهرجاناته الانتخابية التي لم تأتِ به رئيساً، لكنّها أسهمت في خلع معاوية. إلى تلك الفترة تعود إحدى أشهر أغانيها الملتزمة «حبيب الشعب» التي جعلت من صاحبتها فنانة الشعب بامتياز... وانتشرت أغنياتها على نطاق واسع، على رغم الحصار الإعلامي الرسمي، إذ جهدت السلطة لمنعها من الوصول إلى الجمهور، ومنعتها من إقامة الحفلات، أو اشترطت عليها التصريح بالبرنامج لشطب هذه الأغنية أو تلك.
الا أنّ لقبها هذا لا ينسحب على موسيقاها التي ـــ وإن اتّخذت من الشعبي أساساً (الأفريقي تحديداً) ـــ فإنّها لم تتقيّّد بالتقاليد الفنّية المحلية، بل تطوّرت في قوالب جديدة، منها غربية كلاسيكية، ومنها ما راح يحاكي الحداثة بشقّها الإلكتروني. عملت المعلومة بنت الميداح على عَصرَنَة الشعبي الموريتاني ـــ عبر المزج كما يحصل مع تجارب معظم الفنانين في ثقافات أخرى ــــ وسعت إلى توظيف اطّلاعها على عناصر موسيقى البلوز (غير البعيدة أصلاً عن النَفس الأفريقي لناحية خماسية نغمتها)، والجاز والروك وغيرها في الموروث الموسيقي الأصلي، لتعود وتقدمه منتَجاً عالميّ اللغة، موريتاني المنشأ (والهوية).
إنّه الاتجاه الصحيح وغير المدّعي في التطوير غير الاستغلالي لكل فنٍّ شعبي: اتجاه ضلّه كثيرون من الفنانين العرب، ممن باتوا من أصحاب المقامات الرفيعة في الوسطين الجماهيري والإنتاجي في الغرب. لهذا السبب، عانت المعلومة كثيراً قبل أن تتمكّن من إيصال صوتها في وطنها... إذ حوربَت من حماة التراث المتزمتين، وكذلك من أقرب الناس إليها في العالم العربي، علماً أنها غنّت معاناتهم. بل إن انسداد الأفق أمامها، دفعها ذات يوم إلى طرْق باب «روتانا» التي رفضت بلسان مستشارها الفني إلياس الرحباني، إنتاج أغانيها «لأنّها أميركية»! بمعنى أنّها تنتمي إلى موسيقى البلوز التي لا تستهوي الجمهور العربي (أو جمهور «روتانا»؟). لكنّ الرحباني عرض عليها عملاً من ألحانه، فرفضته لأنّه يلغي الخصوصية الموريتانية التي تريد إيصالها إلى الجمهور العربي، كما صرّحت في حوار أجراه معها الزميل سامي كليب على قناة «الجزيرة». في هذه المقابلة، قالت أيضاً إنّ السيدة فيروز اتصلت بها إلى الفندق لتهنئتها بُعيد إحدى اطلالاتها. هذه الحادثة التي يعرف كلّنا فرادتها، ستصبح لاحقاً حافزاً أساسياً في استمرارية الفنانة الموريتانية، فهي كلّما خطرت في بالها فكرة التخلي عن مشروعها الموسيقي تقول: «لا، فيروز اتصلت بي يوماً وقالت إني أتمتّع بميزة يندر وجودها اليوم عند أي فنّان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة