منتدى السمندل.. سؤال و جواب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.نجاة محمود احمد الامين(د.نجاة محمود&bayan)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-23-2003, 06:48 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب (Re: almohndis)

    الاخ الكريم المهندس
    شكرا لك
    وهذا ما طلبته


    محمد عبد الحي .. حياته وأدبه

    محمد عبد الحي .. حياته وأدبه


    المبحث الأول: سيرته

    عندما نقف على حياة أديب أو شاعر ما نجدها في مجملها حافلة بالتجارب، قد تكون تجارب إيجابية، وقد تكون كذلك تجارب سالبة، ولكن كل هذه التجارب حلوها ومرها، هي التي تكوّن روح ذلك الشاعر أو الأديب، وبالتالي عندما يكتب إبداعه حتى لو لم يشر إليها مباشرة نجدها تشكل وعيه بالأشياء ورؤيته الخاصة، ولذلك قال البعض إن الأديب "مرآة عصره" ومن ثم إذا كان عمل الأديب أو الشاعر يحل في عالمنا "الموضوعي" إلا أنه عصارة "ذاتية" ما وقد يرى البعض غير ذلك.
    ومن هذا المنطلق أرى أن نقف أولاً على حياة الشاعر محمد عبد الحي، حتى يتأتى لنا أن نفهم بعض ما يغيب عنا من شعره، فمحمد عبد الحي ليس شاعراً عادياً في السودان، وحتى في الوطن العربي، فهو قبل أن يكون شاعراً فهو مثقف، ومفكر، وأستاذ جامعي، استخدم موهبته الخلاقة وإبداعه، ليشكل عالمه ويطرح قضايا فلسفية عميقة، فلا غرو أن كثيراً من الناس يرون أن شعره صعب على الفهم، ولذلك نجده قد ملأ قصائده بالحواشي والشروحات، ولكن أيضاً هذا لا يعني أنه شاعر متعالٍ أو شاعر صفوة، لأنه كتب عن أشياء مألوفة، وهو شاعر كوني يتحدث في شعره عن البحار، والزواحف، والحيوانات الوحشية، والأليفة والخرافية، فهو ينظر إلى هذا الكون "بكلية" فنجده يبحث عن علاقة الإنسان بالكونيات وليست بتجاربه الإنسانية فقط.
    ومن ثم ارتأيت أن أقسم حياته إلى ثلاث مراحل، هي:

    المرحلة الأولى (1944 ـ 1967):
    تبدأ منذ الميلاد، مروراً بمرحلة الدراسة التي تدرج فيها إلى قمة التعليم، كما ذكرت أن محمد عبد الحي مختلف عن جيله، فهو ينتمي إلى أسرة ثرية وعصرية ذات أصول تركية، فوالده الجيل الثاني من مهندسين تلقوا تعليماً حديثاً، وبالتالي تلقى محمد عبد الحي تعليمه في النظام الحديث، ومن المعروف أن هذا النوع من التعليم هو تعليم علماني، فهو قد درس في مدارس حكومية انتهت بجامعة الخرطوم مروراً "بحنتوب"* ولهذا نرى أنه كان متفوقاً في دراسته وإلا ما سنحت له الدراسة في هذه المؤسسات التي يعد الانتساب إليها مفخرة فهو مقارنة بغالبية الشعراء السودانيين نجده مختلفاً جداً في نشأته، إذ أن غالبيتهم نشأوا نشأة دينية تقليدية، على سبيل المثال الشاعر محمد المهدي مجذوب نشأ نشأة دينية نجده يتحدث عن ذلك في مقدمة ديوان (نار المجاذيب) قائلاً:
    "رأيت طفولتي الباكرة على ضوء هذه النار المباركة نار المجاذيب، ونفرت إليها وسمعت حديثها، وتحكمت وانتشيت وغنيت دفع بي أبي إلى ضوء هذه النار فرأيت وجه شيخي وسيدي شيخ الفقراء الورع الحافظ، الفقيه محمد ود الطاهر".
    وكذلك الشاعر "تاج السر الحسن" والشاعر "التيجاني يوسف بشير" وغيرهم
    كلهم ينتمون إلى أسر سودانية تقليدية وكذلك درسوا في بداية حياتهم في الخلاوي المنتشرة آنذاك. ولذلك نجد أن عبده بدوي قد ذكر في كتابه (الشعر في السودان) أن التصوف والتدين ظاهرة في الشعر السوداني ولذلك لا يتأتى الكتابة عن شاعر سوداني دون إفراد فصل كامل عن أصوله الدينية.
    بعد أن تخرج الشاعر في جامعة الخرطوم سنة 1967 ذهب إلى إنجلترا للدراسات العليا حيث نال درجة الماجستير سنة 1969 من جامعة "ليدس Leeds" ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد في سنة 1972م.

    المرحلة الثانية:
    تبدأ هذه المرحلة برجوعه إلى السودان وعمله أستاذاً مساعداً في كلية الآداب جامعة الخرطوم سنة 1972 إلى أن مرض في سنة 1980.

    المرحلة الثالثة:
    تبدأ بعد مرضه في عام 1980 إلى أن انتقل رحمه اللَّه إلى الرفيق الأعلى سنة 1989م. لقد ذكر سعد عبد الحي أنه كان يكتب وقدم ندوة في إنجلترا بعد مرضه، ولكني أشك في ذلك لأني بمراجعة بعض الرسائل الإخوانية لأصدقائه، لاحظت الكثير من الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية* ولذلك لا أعتقد أنه كتب شعراً بعد ذلك. والجدير بالذكر أنني كنت قد قابلته في عام 1983 إثر نشر مقالة كتبتها عن "العودة إلى سنار" نشرت في مجلة الزرقاء لرابطة سنار الأدبية - وكان قد اطلع عليها - وعرفت فيما بعد أنه مغرم بقراءة ما يكتب عنه، عندما قابلته كانت آثار المرض ظاهرة في طريقة حديثه فهو يستجيب ببطء للحديث وعندما أبديت هذه الملاحظة للصديق عبد الرحمن عبد اللَّه* الذي صحبني له قال لي إنها عادته في الكلام فهو لا يتكلم دون أن يفكر. واللَّه أعلم.

    المرحلة الأولى:
    1 ـ الميلاد:
    ولد الشاعر محمد عبد الحي في الخرطوم بتاريخ 11/4/1944م وتوفي رحمه اللَّه في مستشفى سوبا الجامعي إثر نكسة صحية في 23/8/1989م وهو في السادسة والأربعين من عمره.

    2 ـ النشأة:
    كان والد الشاعر يعمل مهندساً في المساحة، حيث تنقل كثيراً في أقاليم السودان المختلفة مثل: "جبل أولياء"، و"الرنك" و"جبال النوبة"، ومناطق النيل الأزرق، "ودمدني"، "كورتى" و"أبو حمد" في الشمالية. وقد كان الشاعر يرافق والده في تنقله مما مكنه من معرفة الثقافات السودانية المختلفة، واستيعابها ومن ثم إسقاطها في أشعاره وفي ذلك يقول والد الشاعر:-
    "لا شك أن تجوالي في مناطق السودان المختلفة الشاسعة الواسعة أسهم بصورة كبيرة أساسية في تكوين شخصية ابني محمد ... حيث كنت أصطحبه معي ضمن أفراد الأسرة إلى المناطق التي أستقر فيها طويلاً، وعلى سبيل المثال في مناطق جبال النوبة تنقلنا في جبال الداير ثم هيبان .. أبو جبيهة كودة، تقلى عباسية .. كادقلي، الدلنج تلودي، جبال الليري، تيرة، كل هذه المناطق شاهدها محمد معي وعاش مع أهلها، شهد الطبيعة الخلابة وبساطة الناس التي
    تصل إلى حد البدائية في بعض المناطق في ذلك الأوان".
    والدته السيدة عزيزة إسماعيل فوزي من مواليد 1924 ابنة مهندس في المساحة كان يكتب الشعر مما حدى بابنه سعد إسماعيل* أن يتأثر به ويكتب الشعر أيضاً.
    وتقول السيدة عزيزة في نشأة ولدها:
    "ابني منذ نعومة أظفاره كان مولعاً بقراءة مجلة الصبيان ومجلة الأطفال التي ترد من الخارج .. وكان أيضاً يكتب في صحف الحائط وحينما صار صبياً كان يكتب بعض الأبيات المتفرقة عن الحياة والطبيعة إلى أن عرف والده ونهاه عن كتابة الشعر حتى لا تؤثر على مستواه الدراسي ولكن محمد كان يخفي كتب الشعر في كتبه المدرسية" ، وعلى الرغم من معرفتها بذلك إلا أنها أخفت هذه المعلومة عن والده.
    وذكر والده أنه سمح له بالكتابة بعد أن زارهم جمال محمد أحمد** صديق الأسرة الذي كان يعمل سفيراً في لبنان، وأخبرهم أن عدداً من المثقفين اللبنانيين يسألون عن محمد عبد الحي، وأن كتاباته تثير ضجة في الأوساط الأدبية هناك.
    ولكن بدأ يمارس كتابة الشعر بجدية عندما كان يدرس في مدرسة حنتوب الثانوية، وفي عام 1963م كتب قصيدة لأخته في يوم عرسها قائلاً فيها:
    ماذا أرى في يومك الذهبي، داعي السرور يطوف بالطرب
    ليل به الأنوار ساطعة
    والقلب يقفز من بشرى ومن طرب
    روحي على الأيام هانئة
    لترفلي في العز والنشب يا زينة النسب
    كما أنه كان قد كتب قصيدة عريس المجد في رثاء الشهيد القرشي حيث قرأت أثناء دفنه حسب علم والدته.
    وفي عام 1963 نشرت قصيدته العودة إلى سنار حيث أثارت ضجة كبيرة في جريدة الرأي العام السودانية ثم نشرت في مجلة "الشعر" المصرية ومجلة شعر اللبنانية لتعرف على مستوى الوطن العربي، وكذلك لتكون من اللبنات الأولى لتيار الغابة والصحراء في الشعر السوداني . وكتبها وهو في حوالي الثامن عشرة مما يدل على النبوغ المبكر والفكر الثاقب الذي يتجلى في كتابات الشاعر.
    ومنذ دخوله جامعة الخرطوم في 1962 كان من أشهر شعراء الجامعة يقرأ شعره في المحافل والندوات داخل وخارج الجامعة، كما كان يكتب في الصحف والمجلات الحائطية وكذلك في الصحف السودانية خاصة الرأي العام صفحة الجامعة.*
    وبعد تخرجه في 1967، في قسم اللغة الإنجليزية بمرتبة الشرف الثانية العليا عين مساعد تدريس في قسم اللغة الإنجليزية حيث بعث للدراسات العليا لإنجلترا في جامعة "ليدس Leeds" أعد رسالة الماجستير عن شاعر بريطاني اسمه أدوين مويير حيث طبعت في كتاب بعنوان: (الملاك والفتاة: الضرورة والحرية عند أدوين مويير)** ، ثم نال درجة الدكتوراه عن بحثه (التفكير والتأثير الإنجليزي والأمريكي على الشعر العربي الرومانتيكي) في سنة 1972 من جامعة "أكسفورد".
    ورجع الشاعر إلى السودان ليعمل أستاذاً مساعداً في قسم اللغة الإنجليزية يدرس الأدب المقارن والأدب الإنجليزي، ثم انتدب للعمل مديراً لمصلحة الثقافة 1976 ـ 1977 في عهد الرئيس جعفر نميري، وكان في ذلك الزمن يحاول النظام أن يؤكد على استفادته من كل الكفاءات ويحقق انفتاحاً بعد أن كان مغلقاً، ودخل محمد عبد الحي الاتحاد الاشتراكي مما أثار عليه كثيراً من اللغط والتساؤلات مما أورثه الحزن إذ أنه كان يعتقد أنه يحقق أحلام جيله بعمله مديراً لمصلحة الثقافة وبالفعل لقد كانت فترته تلك من أعظم الفترات التي مرت على الثقافة السودانية حيث أنشأ مركز ثقافة الطفل والثقافة الجماهيرية وكذلك بدأ مهرجانات الثقافة التي دعا فيها كبار شعراء الوطن العربي مثل محمود درويش وأحمد عفيفي مطر ونزار قباني ووإلى جانب ذلك نشاطات في كل أضرب الثقافة من مسرح ومعارض وتشكيل فقد كانت بالفعل مهرجانات عامرة، ولكن كل هذا لم يعفه من تبعة وضع يده مع نميري وفي ذلك يقول عبد اللَّه علي إبراهيم:
    "فعبد الحي مثلاً عين مديراً لمصلحة الثقافة واضطرته المداراة لأن يدخل الاتحاد الاشتراكي وكان ذلك مثار أسئلة ونقد من بعض الأصدقاء وكنت أقول لهم إن عبد الحي يريد أن يخلق مصلحة ثقافة وهي حلم من أحلام جيله من خلال مصالحة ربما كانت فادحة".
    وبعد رجوعه إلى جامعة الخرطوم قام بتأسيس مجلة الآداب الخاصة بكلية الآداب وكان أول رئيس تحرير لها. وكذلك في بداية سنوات السبعين قام هو ويوسف عيدابي بتحرير الملحق الثقافي لصحيفة الصحافة وكان بحق ملحقاً منفتحاً على كل الكتاب والأدباء باختلاف اتجاهاتهم الفكرية ولكن تم إيقافه لادعاء البعض أنه لا يتناسب وسياسة الدولة آنذاك.
    وفي عام 1980 والشاعر في أوج شبابه وعطائه أصيب بجلطة دماغية ناجمة
    عن مرض القلب عطلت مناطق اللغات في الدماغ ومحت كل اللغات التي يعرفها بما فيها اللغة الأم وكذلك أعاقت جسده، وأجريت له عملية قلب في أكتوبر 1980 في لندن حيث شفي بنسبة 85% وبدأ في تعلم القراءة والكتابة من البداية بفعل إرادته القوية وصلابته استطاع أن يتجاوز إعاقته ورجع إلى وظيفته في الجامعة مرة أخرى.
    ومرضه هذا غير فيه الكثير إذ أصبح أكثر تديناً إذ كان يعتقد أنه سيشفى إذا ذهب إلى العمرة، وبالفعل ذهب إلى العمرة وبعد ذلك ذهب إلى لندن.
    "في السنوات الأخيرة من عمره تغير محمد كثيراً وأصبح أكثر تديناً وكان يقول بعد أن شفي في عام 1980 إنني شفيت بسبب تلاوة القرآن".
    وفي عام 1987 أصيب مرة أخرى بالجلطة وكان في "مانشستر" حيث رجع إلى السودان وهو مشلول وكان يستخدم كرسياً طبياً، وقد كتب في ذلك الوقت رسالة إلى صديق عمره عمر عبد الماجد رسالة حزينة وقال فيها الشاعر ذهبت إلى لندن بساقين وعدت بأربعة عجلات، ويقول أيضاً:
    السماء فتحت مرة ثم أغلقت
    وأخذت الأشياء تلم نفسها فالعالم حزين
    وفي منتصف شهر يونيو 1989م مرض الشاعر حيث نقل إلى مستشفى سوبا الجامعي حيث بقي تحت العلاج إلى أن أسلم روحه إلى بارئها في 23/8/1989م وهو في أوج شبابه وعطائه وبموته فقدت البلاد سمندلها المغرد عليه رحمة اللَّه.
    كان محمد عبد الحي متزوجاً من عائشة موسى وله منها أربعة أطفال.
    فكره وثقافته:
    لقد اهتم محمد عبد الحي بكثير من القضايا الفكرية والأدبية منذ صباه، وحمل هموم الثقافة السودانية وتساؤلات الهوية والانتماء وثنائية الشخص السوداني، وكان من الرواد الذين كتبوا في الهوية والقومية تنظيراً وتطبيقاً.
    ولقد حسب على اليسار، ولكن هل كان محمد عبد الحي حقاً يسارياً؟
    لم ينتم محمد عبد الحي أبداً إلى اليسار والانتماء المعروف هو محاولته للانتماء لحزب الأمة، حيث رفض طلبه، فسارع بالانضمام إلى الوطني الاتحادي، يدلل على ذلك ما ذكره الشاعر نفسه إلى عمر عبد الماجد ..
    "يا عمر إن بي شيء في صدري حسبتها لمدة بعد أن (أصابتن) لكمة معنوية عنيفة، ورفضت معية حزب الأمة القومي رفضاً باتاً (بأنلا)* أكون عضو بينهم لقد كانت إهانة ثقافية بالغة ليس لي وحدي ولكن لكل الجيل الجديد الذي يقرأ ويمزق ويكتب ويحاول أن يبني بناءاً ثقافياً مفيداً في هذا الوطن الممزق".
    ومن جهة أخرى ذكر عبد اللَّه علي إبراهيم الذي ينتمي إلى الحزب الشيوعي السوداني "أن محمد عبد الحي ترك الحزب الشيوعي في أوائل الستينات".
    ولكن المتتبع لكتابات الشاعر الإبداعية لا يجد فيها أي نزوع مادي في أعماله بل نزعة صوفية إيمانية عميقة (معلقة الإشارات - اللَّه في زمن العنف - العودة إلى سنار) كما ندلل على ذلك بقوله هو نفسه:
    "كشاعر أعتقد أني أختلف عن شعراء العصر في السودان - وفي العالم العربي - بإيماني العميق بهذا الجوهر الديني للوجود الإنساني وبإيماني الأعمق منه بأن هذا الجوهر بلغ أقصى نقائه وجماله الشكلي في الإسلام وهذا الإيمان إيمان خلق لا تحجر".
    وقد ذكر لي الشاعر مصطفى سند أن محمد عبد الحي كان قد نفى انتماؤه لـ"أبيداماك"* والذي نشر في صحيفة الرأي العام.
    وخلاصة القول أن محمد عبد الحي كان رجلاً شجاعاً في إبدائه لآرائه والإعلان عنها دون مواربة أو خشية لومة لائم وأكسبه ذلك الكثير من الأعداء وأيضاً كان بسيطاً متواضعاً مما أكسبه حب الكثير من الناس. ولو كان يسارياً لما أخفى ذلك.

    ثقافته:
    آمن محمد عبد الحي منذ بداية شعره بفكرة الهوية السودانية، وكان يرى أن الشخص السوداني عبارة عن هجين عربي - زنجي، وأن من المفترض أن نعي ونعترف بهذه الثنائية في تكويننا دون أن نتنكر لأصولنا العربية، أو نتنكر لأصولنا الزنجية من جهة أخرى، وكان يرى أن رأب الصدع في السودان ولم شمل هذا الوطن الممزق لا يكون إلا بالحل الثقافي وليست بالحرب وأنه من المهم أن يفكر في بعث الإنسان السوداني العربي - الزنجي دون تغليب واحدة من الثقافتين على الأخرى أو اضطهاد واحدة على الثانية، ولذلك استلهم رمز سنار ليرمز للسوداني العربي الزنجي وكتب (العودة إلى سنار) التي سنتحدث عنها لاحقاً بالتفصيل في الفصل الثالث ممثلاً فيها رؤيته لهذا الجزء من العالم الذي يسمى السودان.
    ووقف عبد الحي عند مروى وهي حضارة سودانية عظيمة ولكن تجاوزها إلى
    رمز سنار باعتبارها الأكثر حضوراً في الذات السودانية.
    ولكن يجب ألا نفهم من ذلك أن محمد عبد الحي كان يدعو إلى نظرة شوفينية سودانية ضيقة، أو دعوة انعزالية شبيهة بالحركات الانعزالية الأخرى التي قادها بعض الشعراء في الوطن العربي، مثل أدونيس (الفينيقية)، ولويس عوض (الفرعونية)، ولكن يدعونا أن نستبصر واقعنا السوداني، وثنائيتنا الفريدة، التي بدورها تشكل إضافة وليست نقصاناً.
    "العودة إلى سنار لا تشبه أي دعوة انعزالية أخرى في الوطن العربي هي إدراك للخصوصية السودانية ضمن إطار عربي ممتد في العمق الإفريقي".
    ونجد أن محمد عبد الحي يرى للشعر وظيفة وللشاعر أن يخلق وعياً من محيطه وأن يفصل ويؤطر لثقافته.
    "المتأمل لشعر محمد عبد الحي منذ قصائده الأولى المنشورة في صحيفة (الرأي العام) السودانية أوائل الستينات ومجلة الشعر المصرية ومجلة شعر اللبنانية يجدها تلقي تفسيراً للشعر عند التيجاني والمزيد من الضوء حول الشاعر الناضج الذي يحمل مسئوليته وتاريخه الإنساني والكوني وثقافته القومية وشعبه وسياسته وطبيعته".
    وقد ذكر كثير من مؤرخي الأدب السوداني مثل عبد الهادي صديق، سلمى خضراء الجيوشي، عبده بدوي انتماء محمد عبد الحي إلى ما يسمى تيار الغابة والصحراء (سنعرض له بالتفصيل في الفصل الثاني) ولكنه تنصل عن ذلك ونفاه عن نفسه في التذييل الذي كتبه لمقال كتبته سلمى خضراء الجيوشي عن العودة إلى سنار قائلاً:
    "الأمر عندي هو أنني لست شاعراً من شعراء الجماعة فأنا أتكلم بصوتي الخاص بي الذي أعمقه وأثقفه حتى يتزاوج فيه الخاص بالعام والعام عندي هو
    تجربة الإنسان الواحدة المتكررة الباطنية الأعمق أو الأعلى من الزمن التي لا تتغير في جوهرها بل تتشكل في أشكال جديدة كل عصر".
    وقد ادعى بعض النقاد أن محمد عبد الحي كان متأثراً بالأدب الغربي وأن قصائده أشبه بالمترجمات ولكنه نفى ذلك عن نفسه قائلاً:
    "أصولي الفكرية في كتاب الفتوح المكية لشيخي محي الدين ابن عربي وفي رسائل إخوان الصفاء لا في الشعر الإنجليزي".
    وفي الختام فإن المتتبع لأعماله يرى هذه المسحة الصوفية المميزة، والعمق الديني يتجلى في غالبية شعره ولكنه مثقف درس في الغرب واطلع على الآداب الأجنبية الأخرى نجده يتحدث عن رموز عالمية مثل: لير وأوديب ليحقق بذلك أن الأدب لا وطن له ولكنه نتاج إنساني جمعي.
                  

العنوان الكاتب Date
منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 02:45 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 07:55 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-23-03, 12:56 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب almohndis08-23-03, 01:39 PM
      Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 06:44 PM
      Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 06:48 PM
        Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 03:04 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب Agab Alfaya08-24-03, 05:08 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 08:50 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 09:04 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب Modic08-24-03, 01:46 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 02:50 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 03:04 PM
      Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب Modic08-24-03, 04:12 PM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-25-03, 04:49 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-25-03, 05:15 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-25-03, 05:31 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب sentimental08-26-03, 08:54 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-27-03, 02:49 PM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-28-03, 11:33 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-28-03, 11:43 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب الجندرية09-20-03, 12:43 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب ابو جهينة09-20-03, 02:29 PM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق12-13-03, 08:25 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de