منتدى السمندل.. سؤال و جواب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 09:34 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.نجاة محمود احمد الامين(د.نجاة محمود&bayan)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-24-2003, 09:04 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب (Re: Agab Alfaya)

    الشاعر محمد عبد الحى شاعر تجريبى
    ولقد كتب الشعر بأنواعه
    من القصيدة العامودية الى قصيدة النثر
    و استخدم اساليب متعددة
    وكنت قد افردت فصلا كاملا عن الشكل الشعرى عنده سأدرجه هنا لتعميم الفائدة بصورة منهجية





    ويحتوي على:
    1 ـ اللغة الشعرية
    2 ـ الصياغة الشعرية والموسيقى
    قد قسمت الشكل إلى اللغة والصياغة الشعرية والموسيقى وقد يقسم إلى أكثر من ذلك كما فعل الناقد محمد حمود عندما قسم شكل القصيدة الحديثة إلى الصورة والظاهرة الرمزية والأسطورة واللغة. ولكنني قسمتها إلى هذا التقسيم لأنني أرى أن أهم ما في شكل القصيدة الحديثة بنوعيها المرسلة الحرة والنثرية. اللغة الشعرية والصياغة الشعرية والموسيقى.

    أولاً ـ اللغة الشعرية:
    إن اللغة هي الأداة التي يطوعها الأديب ليحملها أفكاره. إذن اللغة هي بمثابة الوعاء الذي يحمل أفكار ذلك الأديب. فلكل أديب قاموسه الخاص الذي يستخدمه، ويعرف به. فإذا كان أديباً متفرداً، أتت لغته مميزة، دالة عليه، وبذلك يتميز بلغته الخاصة، وهذا قمة ما يسمو إليه أي أديب.
    والشاعر عبد الحي اخترع لغة خاصة به، لغة مدهشة وعجائبية تلفت النظر في شعره وتأسرك بسحرها الذي لا يمكن الفكاك منه، فهي لغة منعتقة من ربقة التقليد والتكرار، ونجد أن عبد الحي قد كوّن قاموسه الخاص فأتت لغته رنانة، وعالية
    تحمل أفكاره بصورة منظمة ليست فيها اختلال ولا زيادة ولا نقصان.
    فلا غرو فمحمد عبد الحي قد تحدث عن اللغة الشعرية بعامة كثيراً واهتم بها كثيراً. وعن لغته الشعرية بخاصة نجده يتحدث عنها في كثير من المقابلات قائلاً:
    "أبحث في اللغة العربية، وأنحتها (على حسب مقدرتي) وأبرزها قصيدة، الشعر لغة، لا خطرات نفسية أو آهات غرامية، فمن يكبح جوهر اللغة يكبح الشعر فجوهر اللغة - وهي جوهر الشعر - وحي من اللَّه".
    فاللغة الشعرية عند محمد عبد الحي مختلفة عن اللغة القاموسية وأيضاً تختلف عن اللغة العامية، وفي هذا يقول:
    "فالشاعر يطمح في أن يكتب شعراً لا يعبر عن شيء، ولا يتأمل في موضوع، وتتفجر فيه أكثر وأكثر القيمة المطلقة للكلمة في موسيقاها وشكلها وشخصيتها وتضمحل قيمة الكلمة القاموسية، شعراً، وإنشاء، ونظماً أو لونا خاصاً به تكتسب فيه الكلمات دلالاتها من علاقتها داخلة يفسر بعضه بعضاً ولا يفسر بالارتداد إلى أي نظام لغوي أو غير لغوي مثل اجتماعي وسياسي وديني خارجه".
    كما أن اللغة لا يمكن أن تتحول إلى غاية، وحتى يكتمل الفرض يجب أن يصاحب اللغة هذه وعي واستيعاب، وألا تكون مجرد زخرف قد يعني شيئاً أو لا يعني شيئاً، وبهذا التزم شاعرنا عبد الحي. فاللغة عنده لديها هدف واضح وجدوى لنقل إحساسه ووعيه بالأشياء.
    "وعبد الحي لا يفعل في شعره زخرفة أسلوبية بل تكون هناك علاقة بين الشكل واللون الفني المستعاد ومضمون موضوع صورته الشعرية".
    ومن ثم فإن عبد الحي لديه فهم خاص للغة ووظيفتها المحدودة، فاللغة بالنسبة له كالسحر، الذي يخفى شيء ويظهر شيئاً آخر، فهي لغة تنقل مفاهيم عليا فقد كان الشاعر يردد دائماً "أن الشعر جحيمي أكابده باللغة"، وفي هذا يقول كاتب:
    "عبد الحي لديه فهم لوظيفة اللغة فاللغة عنده لها وظيفة السحر".
    ولكن إذا كانت اللغة بالنسبة له "كالسحر" هل هي سحر فقط؟!
    أم أن هناك تداعيات لهذا السحر، وهنا يقول أحد المهتمين بأعمال محمد عبد الحي:
    "إن اللغة "السحر" عند محمد عبد الحي سحراً ساكناً، بل هي حركة للتوتر بين اللغة القديمة والجديدة، اللغة السحرية واللغة التي تعبر عن واقع الحياة اليومية للناس".
    كما أن محمد عبد الحي نفسه يؤكد ن المفردة يجب أن تكون دالة على المضمون ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أنها لا يمكن أن تخلق الواقع وفي هذا يقول:
    "إن المفردة في حد ذاتها شكل جميل ذو مدلول لا يتم إلا عبر سياق".
    ومن ثم إن اللغة هي شيء في واقعنا وهي تتكون من مفردات غير متناهية، وأحياناً قد تعجز عن نقل ما في دواخلنا. ولكن الشاعر المميز هو الذي يعيد كشف هذه اللغة وتجليتها ليحملها أفكاره ورؤاه الخاصة. ولقد كان محمد عبد الحي في حالة كشف ذاتي للغة ليكون قاموسه الخاص. ولعل أبلغ ما قيل عنه في
    هذا الشأن قول أحد الشعراء:
    "لقد صرح لي ذات مرة بأنه يبحث عن لغة خاصة، لغة تنظر إلى واقع هذا القطر الفسيح، القارة المتنوع المناخات الجغرافية، لغة تشتمل البحر والاستواء والبرق والفهد والزرافة. والجبل والنار والشلال، والجيشان، والعنف، التصوف، والانقطاع، والحلول والسياحة في ملكوت (للَّه) وقيومية الدين والطوطم والوثن .. الخ .. الخ".
    وفي عرضنا لبعض نماذج من شعره تظهر لنا غرابة لغته وتفردها كما تظهر إمكانياته الشعرية العالية يقول:
    زرافة النار ترعى النعنع القمري
    يعلو ويرتفع في اللازورد
    صحراؤك احترقت عنادلها
    هل ظنتها رحم الأبدية
    فالأصداف في الماء مرايا
    اقرعي في عتمة الصمت المدوي
    يكتنزها بين سقوف القمر الزمردي تحت ماء وجهه الجميل
    أقاليمك المسحرات قلب السمندل ما ذال في لغة
    آه يا ضحك الشمس الخرافي على خوف الجماهير الحزينة
    اللغة الأقدم من مجادلات النصر والهزيمة
    حين تعري الأرض فرجها اللَّهيبي
    يتلوى ويغيب عبر أمواج السديم
    أواه: أيتها الدروب التي تصل المنفى بالوطن
    أواه: هل لي بقدرة شاعر أصف بها كل ذلك العذاب
    الوردة الإلهية تتفتح في رحم العذراء

    النماذج السابقة هي مختارات رأيت فيها بعض الاستخدام للغة بصور خلاقة وساحرة وأردت بها فقط أن أبرز نموذج اللغة عند محمد عبد الحي وسنحلل نماذج شعرية له بصورة نقدية في الفصل الثاني والثالث ولذا وجب التنويه.

    الصياغة الشعرية وموسيقى الشعر:
    صاغ محمد عبد الحي شعره على ثلاثة أنواع:
    1 ـ القصيدة الحرة
    2 ـ القصيدة النثرية
    3 ـ القصيدة الموزونة
    وتتراوح أطوال هذه القصائد من قصيدة إلى أخرى. فنجده قد كتب قصائد مطولة مثل العودة إلى سنار التي تقع في خمسة أناشيد. وقد يتجاوز النشيد الواحد المائة بيت. كما نرى قصيدة أقل من سابقتها طولاً مثل قصيدة "الشيخ إسماعيل صاحب الربابة" وللشاعر مقطوعات قصيرة تسمى بالقصيدة الومضية لا تتجاوز الأربعة شطرات لتكتمل فيها صورة أو فكرة وهذا نموذج للقصيدة الومضية يتحدث فيه عن الموت.
    نواقيس الرياح الأربعة
    اقرعي من عتمة الصمت المدوي
    يا نواقيس الرياح الأربعة
    على ذاك الميت يصحو ويغني
    تحت شمس مبدعة

    أولاً ـ القصيدة الحرة:
    المتأمل لشعر محمد عبد الحي يكتشف أن غالبية قصائده، كتبها على أوزان الشعر الحر أو شعر التفعيلة، لا تحكمه قافية وإنما تحكمه الموسيقى الداخلية، الناجمة عن التفعيلات، ونقول عن شعره:
    "أن إيقاع الجملة وعلائق الأصوات والمعاني والصور وطاقة الكلام الإيمائية والذيول التي تجرها الإيماءات وراءها من الأصداء المتلونة المتعددة هذه كلها موسيقى وهي مستقلة عن موسيقى الشكل المنظوم وقد توجد فيه وقد توجد دونه".
    كما أن شعر محمد عبد الحي الحر يمتاز بتقنية عالية حيث استخدم فيه كل الأدوات الشعرية مثل:
    1 ـ المنلوج
    2 ـ الحوار
    3 ـ الإضاءات النثرية
    4 ـ التكرار
    5 ـ علامات الترقيم
    6 ـ التضمين للأساطير والحكايات الشعبية والشعر الشعبي
    كل هذه الأدوات والتقنيات الشعرية استخدمها ليكثف الرمز واللغة، وكذلك بالإضافة إلى ما ذكرنا آنفاً نجد تعدد مستوى الخطاب عنده فنجد أحياناً الأنا تتحول إلى نحن وكما أحياناً يستخدم الخطاب المباشر.

    1 ـ نموذج المنلوج:
    وهو أن يسترسل في حديث مع نفسه وهو عكس "الدايلوج" أو الحوار الذي يشترك فيه شخص مع آخرين.
    في القفز وحدي تحت شمس "مروى" اقرأ في حطام أحجارها السوداء والرخام
    أنصت للعصفور
    بين بساتين النخيل والرمال الصخور
    مغنياً عبر العصور
    المس بالكف جبين صاحبي وملكي
    أمر بالأصبع فوق ثنية الحاجب والعيون والشفاة
    ليس لنا سوى القبول
    ليس لنا سوى القبول
    2 ـ نموذج الحوار:
    وهي بين شخصين أو بين شخص وأكثر من شخوص وهو عكس "المنلوج" الذي فيه صوت واحد مع النفس.
    من ذلك الراقص فوق المجزرة
    يقلق أمن المقبرة؟
    أقاتل أجير؟
    أم هارب قد جاء يستجير
    أنا السمندل
    يعرفني الغابر والحاضر والمستقبل
    مغنياً مستعزا صبين مغاني العلم المندثرة
    وزهرة داهية في بطن أنثى في الدجى منتظرة

    3 ـ نموذج الإضاءات النثرية:
    وهي قطعة نثرية مكتوبة بلغة شاعرية. تقوم بتسليط الضوء على النص الشعري وكشفه. ويري بعض النقاد مثل نازك الملائكة أن استخدامها يسيء للشعر أكثر مما يفيده. ولكن غالبية شعراء الحداثة يستخدمون هذه الإضاءات:
    الملكة جانشاه! كنت أبصرها تخرج ليلة منتصف الصيف تقيم عرشها على جذر المرجان النائية تحرق قطعة من شجر البحر في مجمرة من محار البحر وتتحكم بثغره القديم فيطلع الدخان الأخضر العظيم، ويزبد البحر ويضطرب، ثم يجيء الموج يرفع ما تحته ويسيح على الساحل:
    ثعابين الماء والكواسيج والدلافين والحيتان والسرطانات، وكرارنك وذوات الأصداف والغلوس وعلى رأسها الضفدع، زعيم حيوان الماء، راكب خشبة
    الملك السمندل في قميص النار يشع بالنقاء ذاته والنورس الملاك، وعائلة الأسماك وجمهور الزواحف الرخوة وحشرات في عقيقها وزمردها سلاحف، تروسها المقيتة، وعناصر بلا أسماء نشر ذخائرها فوق الرمل
    وتبدأ الرقصة في ظهيرة الفضة العميقة على حدود المياه الخطرة
    آه يا جانشاه! بعض المخاطرة على جسدك نجاه، ولكن من هلك على نيران الموج الهائلة بين فخذيك الممتلئين بظلال الشهوة الكثيفة صار لما هلك فيه.

    4 ـ نموذج التكرار:
    وهو أن نكرر مفردة وحيدة أو مفردة في بيت نقصد به تكثيف المعنى أو للصورة الذهنية المراد طرحها أو للقافية والموسيقى وقد تكون هناك أسباب أخرى.
    وهنا نورد نموذجين واحد لمفردة واحدة والثاني لمفردة متبعة بجملة شعرية من قصيدة التنين:
    وسرى في الصمت شيء كالغناء
    بعضهم قال: علامه!
    "النهاية … النهاية … النهاية
    البداية … البداية … البداية

    من قصيدة الشيخ إسماعيل في منازل القمر:
    "اسقني" ويغيب وجهه في السراب
    اسقني وتجره سلسلة طولها سبعون ذراعا
    اسقني لا تمطر السحب سوى نار السراب
    5 ـ علامات الترقيم:
    وهي علامات تضع في الكتابة لتفيد الوقف حيناً والتعجب والتأهب وهكذا ، - . - ؟ - !-:
    هم ما رأوا غير السقوط:
    هنا سقوط
    أو هناك،
    وكان بالأمس السقوط
    وفي غدٍ حتما يكون:
    ورأيت سوى توهج حرمة التفاحة الأولى
    وقد رجعت إلى بيت الغصون المزهرة.

    6 ـ نموذج التضمين للأساطير والحكايات الشعبية والشعر الشعبي:
    وهي استخدام التراث الأسطوري والشعبي لإبراز صورة ما تم استلهامها للتعبير بالتراث عن قضية معاصرة. وقد أكثر شاعرنا من هذا التضمين فقصيدة العودة إلى سنار والشيخ إسماعيل صاحب الرابة عبارة عن تضمينات تراثية قديمة لطرح مفاهيم وأفكار الشاعر العصرية:
    الفرس البيضاء
    الفرس البيضاء
    تميس في الحرحر والأجراس
    على حصى الينبوع يستفيق طفل الماء
    ويفتح الحراس
    أبواب "سنار" لكي يدخل موكب الغناء
    تضمين الشعر الشعبي
    "الشم خوخت بردن ليالي الحرة"*
    الرمل يرسب من قرارة بحبة الخمرة
    نوع وأوراق ميبسة
    تخشخش حين دفعها الهواء،
    وقطرة في إثر قطرة
    الضو يفرغ
    والنهار يفوتني
    والليل حتماً سوف يقضي في أمره

    ثانياً ـ قصيدة النثر:
    قصيدة النثر ترجمة حرفية لمصطلح غربي هو “Poemen Prose” تكتب كما يكتب النثر تماماً، التي هي في تقدم مستمر وجدت بالتحديد، في كتابات رامبو النثرية الطافحة بالشعر كموسم في الجحيم، إشراقات، ولها أصول عميقة في الآداب كلها لا سيما الديني منها والصوفي.
    لقد عالج محمد عبد الحي هذا النمط من الكتابة الشعرية، ونجد أن هذا النمط من الشعر النثري، لم يعالجه الشعراء في السودان، لأن هذا النمط من الشعر ينظر إليه بدونيه، ولكن هذا الضرب من الشعر لا يقدر عليه إلا شاعر ذو مقدرة عالية في الكتابة إذا أنه لا تحكمه تفعيلة لتجعل له موسيقى شعرية بل موسيقاه تأتي من فكرته.
    وتحارب الشاعرة نازك الملائكة هذا النوع من الشعر ولا تعده شعراً على الرغم من أنها أول من كتب قصيدة بالشعر الحر.
    "ما نكاد نلفظ كلمة الشعر حتى ترن في ذاكرة البشرية موسيقى الأوزان، وقرقعة التفعيلات ورنين القوافي واليوم جاءوا في عالمنا العربي ليلعبوا لا بالشعر وحسب وإنما باللغة أيضاً وبالفكر الإنساني نفسه. ومنذ اليوم ينبغي لنا، على رأيهم، أن نسمي النثر شعراً والليل نهاراً لمجرد هوى طارئ وقلوب بعض أبناء الجيل الحائرين الذي لا يعرفون ما يفعلون بأنفسهم".
    وكذلك نجد الكاتب صبري حافظ يرى نفس هذا الرأي قائلاً:
    "حركة قصيدة النثر التي تنقض بمعاولها على كل أساسيات الشعر وتخرج تماماً عن نطاقه".
    ويقف في طرف النقيض كثير من الأدباء الذين تبنوا هذا الضرب من الشعر ونظروا له ونكتفي برأيي يوسف الخال وأدونيس الذين هما من الرواد الأوائل في هذا النمط من الشعر وهو يقول في الرد على نازك وآخرين:
    "إذا كانت الدعوة إلى قصيدة النثر دعوة (ركيكة فارغة من المعنى) كما تقول نازك الملائكة فكل ما كتبه شعراء كبار كلوتر يامون وبودلير ورامبو وفلوديل وهنري وأرنو وسان جون بيري (الفائز بجائزة نوبل) ورينه شار وموتوفوا من نوابغ الشعراء المعاصرين كل ما كتبه هؤلاء من قصائد نثر هو فن ركيك فارغ من المعنى!".
    وبالمقابل يذكر أدونيس (على أحمد سعيد):
    "إنه من غير الجائز أن يكون التميز بين الشعر والنثر خاضعة لمعيارية الوزن
    والقافية، فمثل هذا التميز كمي لا نوعي، كذلك ليس الفرق بين الشعر والنثر فرق في الدرجة بل فرق في الطبيعة".
    ومن ثم نرى ولوج محمد عبد الحي لهذا الضرب من ضروب الشعر، ينم على انفتاحه على العالم، وإيمانه بأن الأدب هو إرث إنساني، لا وطن له، وهو يرفض الانغلاق وبذلك نعتبره الرائد الأول في كتابة القصيدة النثرية في السودان، وهو كان قد كتب قصيدته الطويلة بعنوان: "حياة وموت الشيخ إسماعيل صاحب الربابة" في قالب القصيدة النثرية.
    ونجد أن الشاعر نفسه ـ وهو مولع بشرح شعره بعمل إضاءات وحواشي ـ لم يشرح مسوقات استخدامه لهذا الضرب من الشعر في هذه القصيدة بعينها، ولكن الشاعر مصطفى سند يحاول أن يوضح لنا أسباب استخدام محمد عبد الحي لقصيدة النثر في قصيدة إسماعيل صاحب الربابة قائلاً:
    "نجد أنه ولسبب لم يفصح عنه حتى الآن صاغ ملحمته عن الشاعر الأسطوري الشيخ إسماعيل صاحب الربابة صياغة تخلو من الإيقاع الشعري ومن الأوزان والقوافي".
    ثم أضاف سند بعد أن أثنى على لغة الشاعر الجميلة ومقدرته الشعرية الغالية التي تتجلى في مطولته (العودة إلى سنار) أن الشاعر لا يخلو من موهبة شعرية وفي ذلك قال سند:
    "في اعتقادي الخاص أن عبد الحي أراد أن يحول تجربة الشيخ إسماعيل صاحب الربابة إلى عدم تماماً أول الأمر فجردها من الأوزان".
    ويستدرك متسائلاً:
    "ولكن لماذا؟"
    ويحاول سند أن يبرز أسباب استخدام هذا الضرب من الشعر فيربط بين إسماعيل صاحب الربابة الحكاية الشعبية السودانية وأرفيوس في الأسطورة الإغريقية، فكلاهما شاعر وكلاهما لديه قيثارة ذات قدرات خارقة، فيقول سند: "هنا يجد عبد الحي نفسه في حل كبير من ربط هذا بذاك غير رباط شعري متين بكل أحماله وأبعاده وإسقاطاته الموجودة في العروض العربي، وهو في ذات الوقت يبحث عن الشمول ويتحدث عن اتصالات الحضارات".
    فرأى محمد عبد الحي أنه إذا كتب هذه القصيدة متمسكاً بقوانين الشعر العربي فإنه بتقمصه (محمد عبد الحي) للشاعر إسماعيل صاحب الربابة (الخلاف بينهما واضح) سيحمل الشيخ إسماعيل فوق طاقته وينزعه من عصره.
    "إذن فليكن ـ هذا رأي محمد عبد الحي ـ أن تأتي الحكاية شعرية ولكن عبر صياغة خفت عنها قيود الوزن لكي تسهل ترجمتها ـ ولكي تعطي الشخصية ـ إضافة ـ البعد الإنساني المطلق ـ أو العالمي الكبير".
    وهذا نموذج لقصيدة النثر:
    الشيخ إسماعيل يشهد بدء الخليقة
    1 ـ الفهد
    وفجأةً رأينا الفهد مسترخياً في ظلمة الأوراق
    الخضراء، في الفوضى الجميلة بين الغصون.
    النحل يعسل في شقوق الجبل.

    والأرنب تستحم على الصخرة في الشمس
    وهي تحرك أذنيها مثل شراعين موسيقيين صغيرين.

    لم تحلق هذه الصقور باكراً؟

    الغابة في سفح الجبل وبين فخذيه أنثى أقدم
    من كل الإناث.
    نساء الشجر تعرّي نفسها
    السماء تدق طبلها الأزرق الجلد
    وما زال بريق سيف البرق عالقاً بالهواء الحديد.
    والأرض ميثاء وداكنة باللغة الأزلية.

    هذا الرحم جدرانه الأمطار، والنباتات المتسلقة.
    وثمار الباباي والمنقة الذهبية.

    وكتابه القصيدة النثرية لقراء سودانيين، مهما كانت الأسباب لا تقبل بينهم وتخلق عزلة للكاتب إذ أن غالبية السودانيين يرون أن هذا النوع من الشعر يدل على عقم المقدرة الإبداعية لدى الشاعر وأنه فشل في كتابة الشعر المألوف، لذلك لجأ إلى هذه الزخارف اللغوية.

    ثالثاً ـ القصيدة الموزونة ذات القافية:
    كتب محمد عبد الحي أيضاً بعض القصائد الموزونة التي تلتزم بقوانين الخليل بن أحمد لينقل ويصور بها أفكار حداثية ومن هذه القصائد نورد القصيدة التالية:
    سمعت صوتك
    سمعت صوتك يا اللَّه يهتف بي
    أدرك قصيدك من فوضى تلاحقه
    في الليل والبدر تم غير محدود
    فالعصر عاهرة سكرى بتجديد


    لن تدرك البرق إلا أن تراوده
    في النار من بين تطريق وتجويد

    ونموذج آخر:
    رحيل الطاووس
    بكرت سعاد وهجرت طاووساً
    والربع كان بوجهها مأنوسا

    الآل غرق أهلها دكتائباً
    لو يبقى إلا حلية مكسورة
    وجه المدينة نخلة منخورة
    حملت بدوراً غصنه وشموسا
    في الرمل تلمع حبوه وطقوسا
    الفأر يولمها ويدعو السوسا

    وخلاصة القول أن الشكل عند محمد عبد الحي هو شكل حداثي ومتجدد على حسب أفكاره التي يطرحها.
    ونجد أن محمد عبد الحي يعي إشكالية الشكل والمضمون وأنهما لا ينفصلان في القصيدة الحديثة.
    والمتأمل لأعمال محمد عبد الحي يرى أنه شاعر تجريبـي وجريء في طرحه الجديد هذا لعله واثق من مقدرته الشعرية، ولكن التجريب سلاح ذو حدين فغرابه وتجريبية شعر محمد عبد الحي في التجربة الشعرية السودانية جعلت شعره محدود الانتشار والتداول.
                  

العنوان الكاتب Date
منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 02:45 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 07:55 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-23-03, 12:56 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب almohndis08-23-03, 01:39 PM
      Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 06:44 PM
      Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-23-03, 06:48 PM
        Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 03:04 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب Agab Alfaya08-24-03, 05:08 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 08:50 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 09:04 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب Modic08-24-03, 01:46 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 02:50 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-24-03, 03:04 PM
      Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب Modic08-24-03, 04:12 PM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-25-03, 04:49 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-25-03, 05:15 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-25-03, 05:31 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب sentimental08-26-03, 08:54 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-27-03, 02:49 PM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب bayan08-28-03, 11:33 AM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق08-28-03, 11:43 AM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب الجندرية09-20-03, 12:43 PM
    Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب ابو جهينة09-20-03, 02:29 PM
  Re: منتدى السمندل.. سؤال و جواب فتحي الصديق12-13-03, 08:25 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de