ماذا افعل بجثتي؟

Quote: الأمر الآخر الذي أرعبني جدا هو مصير جثتي بعد الموت فقد كنت اخطط لطريقة أعتبر إنها الطريقة المثلى للتخلص من الجثث عوضا عن الطرق الغير جميلة المتبعة في كل الدنيا,فليس من الممتع أن احشر في مساحة شبر على عمق مترين في باطن الأرض وفوقي أثقال من الطوب والحجارة وأطنان من التراب لتتولى أمري بعد ذلك الديدان القميئة تنهش لحمي حتى أصبح نثار عظام بيضاء ,وليس من المستساغ أيضا أن يتم شوي جثماني في الهواء الطلق. كنت وما زلت أتمنى إذا مت أن يتم إلقاء جثماني في وسط المحيط فتتلقفني الأسماك الجائعة فيضيع دمي بينها فلا يعرف لي آكلا..هداني لهذه الطريقة الرومانسية صديق اسمه (حميده) وهو رجل يحمل ثلاثة شهادات معتمدة في الجنون واحدة منها من مستشفى أوربي وبجانب جنونه فقد كان سكيرا من الطراز الأول ..تعرفت عليه عندما كنت اعمل في محل بقالة في شارع (الصحافة ظلط) كنت كل مساء إذا أغلقت المحل احمل صندوق بيبسي فارغ واجلس عليه مع صديقي حميدة في مجلسه العتيد أمام حديقة منزلهم..كان صديقي حميدة والذي اعتبره احد مثلي العليا في هذه الحياة كان بحارا طاف معظم بحار الدنيا التحق وهو بعد يافع بسفينة تجارية عمل (ماسح) ثم ترقي الى (مزيت) واتخذ من اليونان مقرا ثابتا له ينزل من سفينة ليلتحق بأخرى.. كان يحكي لي كيف كان يغيب شهورا في البحر ,ينام بملابس العمل يستيقظ ليملأ رئتيه اكسجينا نقيا ,يستمتع بمنظر الشمس والقمر وهما يخرجان من مياه المحيط .ويحكي لي عن وصولهم إلى المواني العاهرة ,وكيف كانوا يعبون من شرابها ونسائها وما طاب من طعامها, إلى أن يحين موعد الرحيل مجددا..كان يحكي ويحكي وأنا باسط ذراعي بالوصيد شاخصا إليه محلقا في تلك العوالم السحرية.. حكي لي ذات يوم أن احد البحارة مات أثناء إحدى الرحلات الطويلة فقاموا بإلقاء جثته في عمق المحيط والحق يقال فقد أعجبتني هذه القصة كثيرا وأخذت احلم بان أصبح بحارا وان أحظى بنهاية شبيهة بنهاية هذا البحار .. لا زلت احلم أن اعمل بحارا ذات يوم ولكني لا أعرف كيف يصبح الناس بحارة واكتفيت من حلمي بنهايته السعيدة في بطن اسماك القرش.أما صديقي حميدة فلا يزال يجلس كل مساء على كرسيه العتيد أمام حديقة منزلهم يحلم بالعودة للبحر ولكن لا احد يقبل أن يوظف مجنونا..لا اعلم هل حظي بعدي بصديق يستمع إلى حكاياته الرائعة كما كنت افعل أم انه اكتفي بأصدقائه الأبدييين زجاجة الخمر.. والليل والجنون.. بالطبع لم أمت وإلا لما كنت بينكم الآن