إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 09:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة البروفسير على المك
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-09-2003, 06:44 PM

Elmekki

تاريخ التسجيل: 09-27-2003
مجموع المشاركات: 25

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ

    إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ

    فوجئت تماما بالشباب الذين كتبوا عن على المك..فقد تحدثوا عنه بثقة وحب وعن معرفة شخصية ما بين دارس تلقى العلم على يديه وقاريء طالع آثاره المبثوثة ومستمع لم ينس صوته العميق وبلاغته التي تليق بأمير من أمراء البيان. والواقع انني سعدت بذلك فقد علمنا من وراء القبر درسا آخر في أن يكون الانسان محبا محبوبا ،وأن ينتشر في كل الاعمار والطبقات ولا يقتصر على أبناء جيله دون غيرهم من الناس.

    كان البروف يتقدمنا في الجامعة بثلاث سنوات..دخلناها وهو يتأهب للخروج منها فلم ننعم بمعرفته الا فيما بعد.ولكنه كان ملء العين في الجامعة وأشهر من أن تخطئه العيون،فقد كانت له مغامرة سياسية في الجامعة كانت آخر ما أقدم عليه في شأن السياسة من مغامرات ، وبعدها ظل بعيدا عن "ساس يسوس" بشكل ملتزم وبطريقة تأثرت بها شخصيا في ابتعادي عن كل الحزبيات والعصبيات..وكانت له "جوغة" تقدم أغاني الحقيبة قبل ان يلتفت الناس الى الحقيبة ويهيموا بها كل هذا الهيام. والواقع ان الثقافة السودانية تدين لعلي المك بأمرين:تعظيمه من شأن مدينته أمدرمان ونشره تذوق الحقيبة بين الناس.

    أول تخرجه من الجامعة تنافست عليه عدة وزارات وكان قصب السبق من نصيب وزارة الخارجية التي التحق بها لبضعة أيام ثم حدث ما بغّضه فيها فهجرها الى وزارة المالية وتملص منها الى ديوان شئون الخدمة الذي ابتعثه الى الولايات المتحدة في أطول فراق بينه وبين معشوقته امدرمان ولعله فراق عامين او أكثر وبعدها رفض مغادرة السودان في ايما اتجاه.

    يقال ان الدكتور منصور خالد عرض عليه السفارة فشكره رافضا لها.وظل الدكتور خالد يزوره من حين لآخر في مكتبه بدار النشر الذي صار محجا لكل مثقفي السودان ومبدعيه ويسأله ماذا لقي من السودان ليتمسك به كل ذلك التمسك ويداعبه طالبا منه ان يكشف له عن السر. والواقع ان مكتبه كان محجا لكل المثقفين والفنانين والساسة، فما يعود أحدهم من سفر او بعثة الا هرع الى ذلك المكان لينعم برؤيا صاحبه ويتفق معه على برنامج اذاعي او تلفزيوني او نشر مقالة او كتاب. وكان رحمه الله سخيا كريما قصدته مرة وفي معرض الحديث اطلعته على تبرمي بصديق لنا مقيم اسمه الافلاس فقال لي ليس صاحبا لك فان لك عند دار النشر مئات الجنيهات فقد اعدنا طباعة ديوانك"بعض الرحيق" واصبح لك في عنق الدار حق مستحق" ثم نادى اهل الحسابات عنده وفي مدى ساعات كانت جيوبي مثقلة بالذهب.

    لا يتبرم بضيوفه على كثرتهم ويعجب المرء كثيرا اين يجد الوقت لينجز اعباء وظيفته ويؤدي وظائفه كرجل مجتمع ثم من فوق ذلك يطالع ويّطلع ..و ..ينتج أدبه الرفيع..وكان زواره من مدمني الزيارة ففي كل يوم تقريبا يأتي عبد العزيز داود وعثمان حسن احمد والفنان حسين شريف وأناس آخرون لا تعرف اسمائهم وفي ايامه الأخيرة كان الشاعر عتيق من زواره الدائمين.ويوم عقدنا زواج شقيقتنا الصغرى جائني في اول الناس واستأذن منصرفا قبل كتابة الكتاب وقال لي:"جاء عزيز(ابو داوود) من نيالا بملاريا فظيعة ويجب ان اذهب اليه..والله ما كنت استطيع ان اغادره ولكن قلت احضر واجاملك".وفي اليوم التالي خيم الحزن على سماوات الوطن فقد هوى نجمه العظيم عزيز داوود وتركنا في الحداد.

    كنت موجودا بالسودان حين جاء نعي على المك فانقلبت الدنيا وانكسفت الشمس وخيم الحزن والذهول.ولم أر في حياتي مأتما صامتا متفكرا كمأتمه ففي عادة السودانيين الترفيه عن اهل المأتم بالأنس والضحك وإزالة اجواء الحزن.ولكن مأتم على المك كان حزنا كله وألما صادقا من أحبابه الكثيرين.
    هرعوا جميعا الى المطار لاستقبال حبيبهم وبهجة ايامهم عائدا اليهم في صندوق مغلق وزوجه تطل على الجمع من سلم الطائرة منتحبة صائحة..وكانوا ينتظرون عودته من البوكيرك بنوادر رحلته وأقاصيصه التي لا تنتهي عن الكاوبوي والهندي الأحمر وهما مما احب في زمن الصبا وبقي على فضوله نحوهما حين غدا باحثا دارسا في اساطير الهنود.

    كان ذلك في ساعة مبكرة من ساعات الصباح فغص شارع النيل بسيارات المشيعين والتقت بهم سيول اخرى في امدرمان حيث اوصى بأن يودع جثمانه في ثراها في مقابر البكري.ومن عجائب الصدف ان مرقده كان تحت هجليجة ظليلة سامقة وكان احبابه يتناوبون النحيب مجهشين بالبكاء.

    حفلة كبرى من حفلات البؤس..مدينة كاملة تتنهد وتطلق الزفرات..مراثي بلا عدد وكلمات جللت الصحف السودانية بالحزن والسواد.وتنادى أصدقاؤه الى اجتماع بقاعة الشارقة ليتدبروا أمر تأبينه وفي دقائق انهالت التبرعات ولم يعودوا بحاجة الى مليم احمر من الدولة القبيحة التي نصبت نفسها لمعاداة الفكر والثقافة والتي كسرت لعلى المك قلبه الرقيق بجلافتها وغلظتها في التعامل مع زملائه في الجامعة ورفاقه حملة الاقلام من كل اتجاه.

    أقيمت له ثلاث حفلات تأبين ما بين الخرطوم وامدرمان وظني ان الأقاليم الأخرى أخذت من ذلك بنصيب.ثم تقدمت لجنة التأبين الى سلطات المعتمدية طالبة اطلاق اسمه الكريم على احد شوارع المدينة.وكان من رأيي ان الأنسب لذلك هو شارع ابروف الممتد من المحطة الوسطى بأمدرمان الى شاطيء النيل، فعلى مبعدة امتار قليلة كان منزله ومرتع شبابه في زقاق العصاصير..ولكن الدولة غمغمت بكلام غير مفهوم عن سياستها في تسمية الشوارع وخلاصة القول انها رفضت اقتراحنا بالصمت والسكوت.

    غاظني ذلك كثيرا ولكن فش غلى وشفى نفسي ما قام به مواطنو امتداد ناصر ..ففي احد الأيام وانا أجوس شوارع ذلك الحي متلمسا الخروج منه الى مكان ما،وجدتني في شارع واسع أنيق يحمل لافتات زرقاء عميقة الزرقة محاطة ببرواز ابيض رفيع وقد بدا عليها الجدة وحداثة الصنع وكانت تحمل عبارة:شارع على المك.

    هكذا في لامعقول السودان انتقل شارع على المك من ابروف ليشق حارات امتداد ناصر..ولا أدري هل بقي الاسم ام انتاشته أيدي الاخشيديين ورفعته من مستقره..ولكننا نرجع ونقول ان ذلك كله مسألة وقت وان اسم الراحل الكريم سيعود قريبا ويحتل مكانه الصحيح في الموضعين-الاثنين معا.

    في رثاء على المك تحسرت على عادة قديمة عند شعراء العصور الغابرة هي مدح بعضهم البعض في مجال السمر الاخواني وقلت انني من اسف لم اكتب فيه الشعر.ثم ذكرت مداعبة قصيرة كتبت ببيتها الأول وكنت أردده عليه كلما التقينا قائلا له:
    إن عليا مكُّ
    وليس فيها شكُّ.
    ولم أذهب أبعد من ذلك فتلك القافية الصعبة النادرة لا تصلح الا للمهاجاة وذلك ليس من ديدني.وقد أخذت من ذلك درسا إذ امتدحت صلاح احمد ابراهيم ببضعة ابيات من الشعر المنثور أخجلت بها تواضعه قبيل رحيله السريع بعد صفيه الحبيب.وحين كتبت "آخر العنابسة "امتلأت بعظمة المك نمر في تاريخ الرجال وأوجدت صلة بين لقبه الرفيع (المك) وذلك العلم الكبير على المك، كما اتخذت لقبه الآخر-الارباب- علما على الطيب صالح.
    ان عليا مك وليس فيها شك.(بالتشديد والضمة على الكاف)
                  

العنوان الكاتب Date
إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Elmekki10-09-03, 06:44 PM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ حسن الجزولي10-09-03, 08:07 PM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ فتحي البحيري10-09-03, 09:04 PM
      Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Elmekki10-10-03, 03:41 AM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Elmekki10-09-03, 09:17 PM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Elmekki10-09-03, 09:17 PM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Remo10-09-03, 09:00 PM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Elmekki10-09-03, 10:11 PM
      Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ دورنقاس10-09-03, 11:59 PM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ SAMIR IBRAHIM10-10-03, 03:43 AM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Agab Alfaya10-10-03, 06:22 AM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Elmekki10-10-03, 11:26 AM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ omdurmani10-10-03, 10:05 AM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ محمد عبدالقادر سبيل10-10-03, 12:02 PM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Elmosley10-10-03, 12:19 PM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ hala guta10-10-03, 01:07 PM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ عشة بت فاطنة10-10-03, 08:33 PM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ منعمشوف10-10-03, 10:01 PM
      Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ قرنفل10-11-03, 00:51 AM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Sidgi Kaballo10-11-03, 01:23 AM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Yasir Elsharif10-11-03, 07:28 AM
    Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ Giwey10-11-03, 12:13 PM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ waleedi39910-12-03, 08:41 AM
  Re: إنّ عليا مكُّ وليس فيها شكُّ بلدى يا حبوب10-12-03, 03:38 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de